إستقصاء الإعتبار - ج ٧

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٦

يفيد كونه عن أبي عبد الله في البعض. وعبد الله بن سنان لم يذكر في أصحاب الرضا عليه‌السلام ليكون سأله عليه‌السلام أيضاً ، وكذلك إسحاق بن عمار ، لم يذكر في أصحاب الرضا عليه‌السلام ، وسماعة بن مهران كذلك. وعلى هذا فيمكن عود الضمير في « سألناه » إلى كلّ إمام ، وفيه ما لا يخفى.

والثالث : فيه محمّد بن جعفر بن بطة ، وقد قدّمنا احتماله (١) سابقاً بقرينة : ذكره هنا ، وقد ذكر النجاشي أنّه كان كبير المنزلة بقم ، كثير الأدب والعلم والفضل ، يتساهل في الحديث. ونقل عن ابن الوليد أنّه قال : كان محمّد بن جعفر ضعيفاً مخلطاً (٢). وأمّا محمّد بن الحسين ، فالظاهر أنّه ابن أبي الخطاب لروايته عن ابن سنان في الرجال (٣). وأمّا المفضل بن عمر ، فهو ضعيف.

والرابع : فيه إبراهيم بن إسحاق ، وهو ضعيف أيضاً. ومحمّد بن سنان معلوم الحال ، ( ولا حاجة حينئذٍ إلى النظر ) (٤) في طريق الشيخ إلى إبراهيم في المشيخة وغيرها.

المتن :

في الأوّل : واضح الدلالة ، وهو صريح في الاكتفاء بالمائتين في الليلتين ، والخمسون المذكورة فيه يراد بها الفرائض والنوافل المرتبة في اليوم والليلة ، وفيه دلالة إمّا على سقوط الوتيرة أو على عدّها من المائتين.

__________________

(١) راجع ص ٣٤٢.

(٢) رجال النجاشي : ٣٧٢ / ١٠١٩.

(٣) رجال النجاشي : ٣٢٨ / ٨٨٨.

(٤) بدل ما بين القوسين في « رض » و « م » : ولا وجه حينئذٍ.

٣٦١

وما تضمّنه من قوله : « وأكثر من قراءة إنّا أنزلناه » إمّا أنْ يراد به في الصلاة ، أو فيها وعلى الانفراد ، أو على الانفراد.

والثاني : واضح الدلالة على أنّ فعل الزيادة بعد نافلة المغرب والوتيرة ، كما أنّ فيه دلالة على أنّ المائة ركعة في ليلة تسع عشرة بعد الوتيرة ، وكذلك في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، وحينئذٍ يقيّد غيره وهو الأوّل ، ولا يبعد أنْ يكون ذكر الخمسين فيه لأنّها الكاملة المبحوث عنها ، أو لأنّ الوتيرة ليست من الرواتب.

وفي الخبر المبحوث عنه دلالة على وقت الغسل في الليالي المذكورة.

والثالث : لا خفاء في دلالته إلاّ من جهة قوله : « وتصلّي ليلة الجمعة في العشر الأواخر » فإنّ جدّي قدس‌سره في الروضة فهم منها الجمعة الأخيرة (١) ، وفيه تأمّل غير خفي.

وقوله : « وتصلّي في عشية » محتمل لأنْ يراد عشية الجمعة الواقعة في العشر الأخير احتمالاً ربما كان ظاهراً ، ويحتمل غيرها ، فقول جدّي قدس‌سره أيضاً في الروضة : يصلّي آخر سبت (٢) ؛ محلّ تأمّل. وقد ذكرنا وجهه في حواشي الروضة ، هذا.

وفي التهذيب زيادة في آخر الرواية بعد قوله : « إخوانك » : « هذه الأربع والركعتين ، فإنّهما أفضل الصلوات بعد الفرائض ، فمن صلاّها في شهر رمضان أو غيره انفتل وليس بينه وبين الله عزّ وجلّ من ذنب » ثم قال : « يا مفضل بن عمر تقرأ في هذه الصلوات كلّها أعني صلاة شهر رمضان الزيادة فيها بالحمد وقل هو الله أحد ، إنْ شئت مرّة ، وإنْ شئت ثلاثاً ، وإنْ‌

__________________

(١) الروضة ١ : ٣٢١.

(٢) الروضة ١ : ٣٢١.

٣٦٢

شئت خمساً ، وإنْ شئت سبعاً ، وإنْ شئت عشراً ، فأمّا صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنّه يقرأ فيها بالحمد في كلّ ركعة وخمسين مرّة قل هو الله أحد ، ويقرأ في صلاة ابنة محمّد عليهما‌السلام في أوّل ركعة بالحمد وإنّا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة ، وفي الركعة الثانية بالحمد وقل هو الله أحمد مائة مرة » الحديث (١).

وفيه دلالة على أنّ الخبر السابق الدال على الإكثار من إنّا أنزلناه محمول على غير الصلاة إنْ عملنا بالجميع.

وأمّا دلالة هذا الخبر على صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام بالكيفية المذكورة فهي موقوفة على الصحة ، والصدوق في الفقيه قال : باب الصلاة التي يسميّها الناس صلاة فاطمة ويسمّونها صلاة الأوّابين. روى عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من توضّأ فأسبغ الوضوء وافتتح الصلاة يصلّي أربع ركعات يفصل بينهن بتسليمة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمسين مرّة انفتل حين ينفتل وليس بينه وبين الله عزّ وجلّ ذنب إلاّ غفره له ».

وأمّا محمّد بن مسعود العياشي ، فقد روى في كتابه عن عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن السماك ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من صلّى أربع ركعات فقرأ في كلّ ركعة بخمسين مرّة قل هو الله أحد كانت صلاة فاطمة ( سلام الله عليها ). وهي صلاة الأوّابين ».

وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد يروي هذه الصلاة وثوابها ويقول : إنّي لا أعرفها بصلاة فاطمة ، وأمّا أهل الكوفة فإنّهم يعرفونها بصلاة‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٦٦ / ٢١٨ ، الوسائل ٨ : ٢٨ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ١.

٣٦٣

فاطمة (١). ( ولا يبعد أنْ يكون علي عليه‌السلام فعلها مع فاطمة ( سلام الله عليها ) فصحّ الإسناد إليهما عليهما‌السلام ) (٢).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ استفادة ما ذكره الأصحاب الذين رأينا كلامهم من صلاة ألف ركعة في شهر رمضان بغير ما في رواية المفضل (٣) لا يخلو من تأمّل ، فقول الشهيد رحمه‌الله في الذكرى : إنّ الألف رواها جميل بن صالح ، وعلي بن أبي حمزة ، وإسحاق بن عمّار ، وسماعة بن مهران (٤) لا يخلو من غرابة ؛ لاختلاف مدلول الأخبار وعدم المطابقة لمراده ، إلاّ أن يدعى أنّه يستفاد من مجموعها ما ذكره ، وفيه نظر بيّن لمن تأمّل الأخبار.

وأمّا الرابع : فهو أوضح من أن يبيّن ، والله تعالى أعلم بالحال.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي قال : سألته عن الصلاة في شهر رمضان ، فقال : « ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الصبح بعد الفجر ، كذلك كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنا كذلك أُصلّي ، ولو كان خيراً لم يتركه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

عنه ، عن حمّاد ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة في شهر رمضان ، قال : « ثلاث‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٥٦ / ١٥٥٩ و ١٥٦٠ و ١٥٦١ ، الوسائل ٨ : ١١٢ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ١٠ ح ١ و ٢ و ٣.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) انظر الكافي في الفقه : ١٥٩ ، المعتبر ٢ : ٣٦٨.

(٤) الذكرى : ٢٥٤.

٣٦٤

عشرة ركعة منها الوتر و (١) ركعتان قبل صلاة الفجر ، كذلك كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي ، ولو كان فضلاً كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعمل (٢) وأحقّ ».

علي بن الحسن بن فضال ، عن محمّد بن عبيد الله الحلبي والعباس بن عامر الثقفي جميعاً عن عبد الله بن بكير ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلّى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه ، لا يصلّي شيئاً إلاّ بعد انتصاف الليل ، لا في شهر (٣) رمضان ولا في غيره ».

فالوجه في هذه الأخبار وما جرى مجراها أنّه لم يكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي صلاة النافلة جماعة في شهر رمضان ، ولو كان فيه خير لما تركه ، ولم يرد أنّه لا يجوز أن يصلّى على الانفراد حسب ما ذهب إليه قوم ، والذي يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة وابن مسلم والفضيل ، قالوا : سألناهما عن الصلاة في

شهر (٤) رمضان نافلة بالليل جماعة فقالا : « إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا صلّى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد ، فيقوم فيصلّي ، فخرج من أوّل ليلة من شهر رمضان ليصلّي كما كان يصلّي فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته و (٥) تركهم ففعلوا ثلاث‌

__________________

(١) ليس في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٥.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٥ زيادة : به.

(٣) ليس في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٦.

(٤) ليس في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٦.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٧ : فَ.

٣٦٥

ليال ، فقام في اليوم الرابع على منبره ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال (١) أيها الناس إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان في النافلة جماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة ، ألا فلا تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلّوا صلاة الضحى فإنّ ذلك معصية ، ألا وإنّ كلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار ، ثم نزل وهو يقول : قليل في سنّة خير من عمل (٢) كثير في بدعة ».

أ لا ترى أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) أنكر الاجتماع فيها (٤) ولم ينكر نفس الصلاة ، ولو كان نفس الصلاة منكراً بدعة لأنكره كما أنكر الاجتماع فيها ، وقد استوفينا ما يتعلق بهذا الباب في كتابنا الكبير ، فمن أراد الوقوف عليه وقف عليه من هناك.

السند :‌

في الأوّل : واضح الحال بما كررناه في رجاله من المقال (٥) ، والإضمار فيه لا يضر ؛ لما قدمناه ، وبتقدير الشك فالصدوق في الفقيه صرّح بأنّ المسئول أبو عبد الله عليه‌السلام (٦).

والثاني : كالأوّل ، والريب في عبد الله بن المغيرة مضى دفعه (٧).

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٧ زيادة : يا.

(٢) ليس في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٧.

(٣) في « رض » و « فض » زيادة : لما ، وفي الاستبصار ١ : ٤٦٨ زيادة : لمّا أنكر. وما أثبتناه من « م » هو الأنسب.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٦٧ / ١٨٠٧ زيادة : فنهى عنه.

(٥) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ١٤١ ، ١٤٦ ، ٦٢ ، ١٩٦ ، ٢٥٧ ، ج ٢ ص ٢٣.

(٦) الفقيه ٢ : ٨٨ / ٣٩٥.

(٧) راجع ج ١ ص ١٣٣ ١٣٤ ، ج ٣ ص ١٧ ١٨.

٣٦٦

والثالث : فيه علي بن الحسن والطريق إليه وقد مضيا (١). ومحمّد بن عبيد الله الحلبي لم أقف عليه الآن في الرجال ، وفي النجاشي ذكر آل أبي شعبة وأنّ جميعهم ثقات (٢) ؛ فيحتمل دخوله فيهم. وعبد الحميد الطائي ثقة ، وغيره معلوم الحال.

والرابع : لا ارتياب فيه على ما قدّمناه (٣).

المتن :

في الجميع ما ذكره الشيخ فيه وإن بعد لا بُدّ منه عند العامل بالأخبار من الطرفين ، أمّا جواب العلاّمة في المختلف عن بعض الروايات بجواز كون السؤال عن النوافل الراتبة هل تزاد أم لا؟ لا عن مطلق النافلة ، فمن البُعد بمكان ، لكن نقل عن ابن الجنيد أنّه قال : وقد روي عن أهل البيت عليهم‌السلام زيادة في صلاة الليل على ما كان يصلّيها الإنسان في غيره أربع ركعات (٤). وهذا قد يقرّب جواب العلاّمة.

ونقل في المختلف عن سلاّر دعوى الإجماع على استحباب ألف ركعة زائدة عن نوافل الشهر ، وعن ابن بابويه أنّه قال : لا نافلة زيادة فيه على غيره (٥). والذي تقدم من عبارته في الفقيه لا يعطي المنع رأساً. وحكى العلاّمة نوع اختلاف في الترتيب (٦) ، والأخبار قد سمعت القول فيها.

__________________

(١) راجع ج ١ ص ١٤٠ ، ج ٢ ص ١٦٠ ، ٣٦٢ ، ج ٣ ص ٤٠٣.

(٢) رجال النجاشي : ٢٣٠ / ٦١٢.

(٣) راجع ج ١ ص ٥٦ ، ٦٩ ، ج ٤ ص ١٨٧ ١٩٠ ، ج ٦ ص ١٩١.

(٤) المختلف ٢ : ٣٤٦.

(٥) المختلف ٢ : ٣٤٥.

(٦) المختلف ٢ : ٣٤٦.

٣٦٧

قوله :

أبواب الصلاة على الأموات‌

باب وجوب الصلاة على كلّ ميّت مسلم

مقتولاً كان أو ميتاً حتف أنفه شهيداً كان أو غيره‌

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ابن سويد ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : شارب الخمر والزاني والسارق يصلّى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : « نعم ».

سعد ، عن أيوب بن نوح ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم ابن مهزم ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام (١) قال : « صلّ على من مات من أهل القبلة ، وحسابه على الله ».

عنه ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن أبي همام إسماعيل بن همام ، عن محمّد بن سعيد بن غزوان (٢) السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه : ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صلّوا على المرجوم من أُمّتي ، وعلى القتّال نفسه من أُمّتي ، لا تَدَعُوا أحداً من أُمّتي بلا صلاة ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه : « إنّ علياً عليه‌السلام لم يغسّل عمار بن ياسر ولا هاشم بن عتبة وهو المرقال ، دفنهما ( في‌

__________________

(١) في « م » : عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، في « فض » : عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وما أثبتناه موافق للتهذيب ٣ : ٣٢٨ / ١٠٢٥ ، والاستبصار ١ : ٤٦٨ / ١٨٠٩ و « رض ».

(٢) في التهذيب ٣ : ٣٢٨ / ١٠٢٦ ، والاستبصار ١ : ٤٦٨ / ١٨١٠ زيادة : عن.

٣٦٨

ثيابهما ) (١) بدمائهما ، ولم يصلّ عليهما ».

فما تضمّن هذا الخبر من أنّه لم يصلّ عليهما وهم من الراوي ، لأنّا قد بيّنا وجوب الصلاة على كلّ ميت ، وهذه المسألة إجماع من الفرقة المحقّة ، وقد ذكرنا في أحكام الشهداء ما فيه كفاية في كتابنا الكبير ؛ ويجوز أنْ يكون الوجه فيه حكاية ما يرويه بعض العامّة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فكأنّه عليه‌السلام قال : إنّهم يروون عن علي عليه‌السلام أنّه لم يصلّ عليهما ، وذلك خلاف الحقّ كما بيّنّاه.

السند :‌

في الأوّل : لا ارتياب في صحّته بناءً على ما قدّمناه في رجاله (٢).

والثاني : فيه إبراهيم بن مهزم ، وهو ثقة في النجاشي (٣) ؛ وفي الخلاصة : ابن مهزم بفتح الزاي (٤). إمّا طلحة بن زيد فقد تقدّم عن قريبٍ وبعيد أنّه عامّي أو بتري ، لذكر الشيخ الأمرين (٥) ؛ وفي الفهرست : إنّ كتابه معتمد (٦). وهذا وإنْ لم يثمر فائدةً لعدم العلم بكون الخبر من الكتاب ، إلاّ أنّه ربما يقال : إنّ الشيخ يبعد منه نقل الخبر من غير الكتاب مع ما يظهر من كلام الشيخ في مواضع من مصنفاته ، وقد يشكل الحال هنا بما نذكره في المتن إن شاء الله.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في الاستبصار ١ : ٤٦٩ / ١٨١١.

(٢) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ١٨٥ ، وص ٢٩٠ ، من هذا الجزء.

(٣) رجال النجاشي : ٢٢ / ٣١.

(٤) خلاصة العلاّمة : ٦ / ١٩.

(٥) تقدّم في ج ٤ ص ٣٣٧ ، وص ٨١ ، ١٨١ ، ٢٩٥ من هذا الجزء.

(٦) الفهرست : ٨٦ / ٣٦٢.

٣٦٩

والثالث : كما ترى فيه السكوني وصفاً لمحمّد بن سعيد على ما وقفت عليه من النسخ ، والظاهر أنّه سهو ، والصواب ما في التهذيب من قوله : عن السكوني (١) ، وقد تكرّر فيه القول (٢). ومحمّد بن سعيد مهمل في الرجال (٣).

والرابع : رجاله تكرّر القول فيهم عن قريبٍ وبعيد (٤) ، والحاصل أنّ مسعدة بن صدقة عامّي على ما قاله الشيخ.

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على أنّه يصلّى على شارب الخمر والزاني والسارق ، وترك الاستفصال من الإمام عليه‌السلام في كونهم مؤمنين أو غيرهم يفيد العموم ، كما هو مقرّر في الأُصول ، إلاّ أنْ يدّعى أنّ السائل المؤمن يبعد سؤاله عن المخالف ، وعموم الجواب تابع لمورد السؤال ؛ إذ ليس فيه صيغة العموم ، بل من ترك الاستفصال.

ومع الاحتمال الذي ذكرناه ينبغي العموم ، إلاّ أنّ المنقول عن العلاّمة في المنتهى دعوى الإجماع على أنّ الصلاة تجب على الميت البالغ من المسلمين ، والمراد بالمسلم هنا كلّ مظهر للشهادتين ما لم يظهر منه خلافه بإنكار ما علم بالضرورة ثبوته من الدين (٥). وهذه العبارة أعني بيان المراد ـ

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٢٨ / ١٠٢٦.

(٢) راجع ج ١ ص ١٨٨ ، ج ٢ ص ١٠٩ ، ٣٩٧ ، ج ٣ ص ١٤٠ ، ٤٢٠ ، ج ٤ ص ٩٦.

(٣) رجال النجاشي : ٣٧٢ / ١٠١٧.

(٤) راجع ج ١ ص ٣٣٥ ، ج ٣ ص ٤٣٥ ، وص ٣٤٨ من هذا الجزء.

(٥) نقله عنه في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٤٢٥ ، وهو في المنتهى ١ : ٤٤٧ ؛ مع تفاوت يسير.

٣٧٠

لا أدري من الناقل أو من العلاّمة. وقد احتجّ البعض على العموم بصحيح هشام (١) ، وفيه ما قدّمناه.

وفي المقنعة قال المفيد : ولا يجوز لأحدٍ من أهل الإيمان أنْ يغسّل مخالفاً للحقّ في الولاية ، ولا يصلّي عليه ، إلاّ أنْ تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فيغسّله تغسيل أهل الخلاف (٢).

وفي التهذيب قال الشيخ : إنّ الوجه فيه أنّ المخالف لأهل الحقّ كافر ، فيجب أنْ يكون حكمه حكم الكفّار ، إلاّ ما خرج بالدليل ، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أنْ يكون غسل المخالف غير جائز. وأمّا الصلاة عليه فتكون على حدّ ما كان يصلّي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام على المنافقين ، وسنبين فيما بعد كيفية الصلاة (٣) ، انتهى.

ولا يخفى أنّ ظاهر ( كلام الشيخ ) (٤) بقاء حكم الصلاة في آخر كلامه ، غاية الأمر أنّ وجوب الصلاة مسكوت عنه ، وأوّل الكلام يقتضي أنّه كافر وصحّة الصلاة على الكافر منتفية ، فالتأمّل في قوله حاصل.

وفي المختلف نقل عن ابن إدريس وأبي الصلاح أيضاً المنع من وجوب الصلاة على غير المؤمن ، قال العلاّمة : وأوجبها الشيخ (٥). وأنت خبير بأنّ الشيخ في التهذيب كلامه لا يخلو من نظر ، وفي الكتاب كما ترى يدلّ العنوان على كلّ ميت ، والخبر الأوّل له دلالة على ما قدّمناه.

والثاني : ظاهر الدلالة ، فعلى تقدير الاعتماد على أنّ الشيخ يذكر‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٢ : ٤٢٥.

(٢) المقنعة : ٨٥.

(٣) التهذيب ١ : ٣٣٥.

(٤) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٥) المختلف ٢ : ٣٠٧.

٣٧١

مختاره هنا فهو قائل بالوجوب ، أمّا نفي الوجوب من المفيد كما في المختلف (١) ومن معه ، فهو محتمل لأنْ يراد التحريم كما تقتضيه عبارة الشيخ في التهذيب ، أو أنّ المراد بنفي الوجوب عدم اللزوم ، بل يجوز التغسيل. ويشكل بأنّ الجواز في مثل الغسل مشكل ، والاستحباب [ كذلك ] (٢) إلاّ أنّ العجب في المقام من دعوى العلاّمة الإجماع مع نقله في المختلف الخلاف (٣). [ و ] (٤) في المدارك قال شيخنا قدس‌سره : إنّ الإجماع إنّما انعقد على وجوب الصلاة على المؤمن (٥). والأمر كما قال بالنسبة إلى كلام المختلف ، إلاّ أنّ احتمال انعقاد الإجماع في زمن العلاّمة حيث ادّعاه في المنتهى (٦) لا بُدّ من دفعه. والحقّ ما قدّمناه من أنّ الإجماع بعيد التحقق.

والثالث : كما ترى يؤيد الأوّلين لو صحّ. أمّا الثاني : فيمكن ادّعاء كون الشيخ أخذه من كتاب طلحة ، فلا يقصر عن توثيق الشيخ للرجال ، وفيه تأمّل قدّمنا وجهه (٧).

أمّا ما تضمّنه الرابع : فما ذكره الشيخ فيه له وجه ، إلاّ أنّ (٨) دعوى الإجماع على ما هو الظاهر من كلامه توافق العلاّمة في المنتهى ، وتخالف المختلف.

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٠٧.

(٢) في النسخ : لذلك ، والصحيح ما أثبتناه.

(٣) ادّعى العلاّمة الإجماع في المنتهى ١ : ٤٤٧ ، ونقل الخلاف في المختلف ٢ : ٣٠٧.

(٤) ما بين المعقوفين أثبتناه لاستقامة العبارة.

(٥) المدارك ٤ : ١٥١.

(٦) المنتهى ١ : ٤٤٧.

(٧) في ص ٨١.

(٨) في زيادة : يقال.

٣٧٢

وقد يقال : إنّ غرض الشيخ بالإجماع على الصلاة على الشهيد ، فيراد بهذه المسألة خصوص الشهيد ؛ وهذا وإنْ كان متكلفاً إلاّ أنّ الخلاف إذا كان منقولاً لا تتمّ دعوى الإجماع ( إلاّ بإرادة معنى آخر له.

أمّا كلام المفيد فربما فهم الشيخ منه عدم المنع من الصلاة ، ولولاه لما كان لدعوى الإجماع ) (١) معنى ، كما أنّ ما ذكره في باب الصلاة على الأموات من الأخبار الدالّة على الصلاة على المنافق بعد عبارة المفيد كذلك.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العبارة السابقة المتضمّنة لإنكار ما عُلم بالضرورة لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ الضرورة أمّا أنْ يراد بها الأولوية أو مطلق الضرورة ، فإنْ كان الأوّل فإطلاق كفر بعض الناس محلّ كلام ، وإنْ أُريد مطلق الضرورة فيشكل باستلزامه كفر من لا يقولون بكفره. وقد احتمل بعض محققي الأصحاب رحمه‌الله أنْ يراد بالضروري ما يعرفه الأكثر من المسلمين ، أو يراد بالضروري عند المنكر بأن يعلم ذلك منه. وللكلام في المقام مجال واسع.

قوله :

باب وقت الصلاة على الأموات (٢)

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إذا‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٦٩ : الميت.

٣٧٣

حضرت الصلاة على الجنازة في وقت مكتوبة فبأيّهما أبدأ؟ فقال : « عجّل الميت إلى قبره ، إلاّ أنْ تخاف فوت (١) وقت الفريضة ، ولا تنتظر بالصلاة على الجنازة طلوع الشمس ولا غروبها ».

محمّد بن يعقوب ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل يمنعك شي‌ء من ( هذه الساعات ) (٢) عن الصلاة على الجنائز؟ فقال : « لا ».

أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « يصلّى على الجنازة في كلّ ساعة ، إنّها ليست بصلاة ركوع وسجود (٣) ، وإنّما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود ، لأنّها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان ».

أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان (٤) ، عن عبيد الله الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بالصلاة على الجنائز حين تغرب (٥) الشمس وحين تطلع ، إنّما هو استغفار ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « تكره الصلاة‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٦٩ / ١٨١٢ : تخاف أن يفوت.

(٢) بدل ما بين القوسين في « م » : هذا.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٤ : ولا سجود.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٥ : حمّاد بن عيسى.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٥ : تغيب.

٣٧٤

على الجنائز حين تغرب (١) الشمس وحين تطلع ».

فهذا الخبر صريح بالكراهية دون الحظر ، ويمكن أنْ يكون الوجه فيه التقية ، لأنّه مذهب العامّة.

السند :‌

في الأوّل : فيه محمّد بن سالم ، وهو مشترك (٢). وأحمد بن النضر ثقة. وعمرو بن شمر مع جابر مضى القول فيهما مفصّلاً (٣).

والثاني : فيه مع الإرسال حميد بن زياد وابن سماعة ، فالأوّل واقفي ثقة في النجاشي (٤) ، والثاني كذلك (٥).

والثالث : واضح الصحّة بعد ما قدّمناه (٦).

[ والخامس : (٧) ] فيه القاسم بن محمّد وهو الجوهري ، وقد تكرّر القول فيه (٨). أمّا أبان فلا يبعد كونه ابن عثمان ؛ لتصريح الشيخ فيما يأتي في باب ترتيب الجنائز في مثل هذا السند بابن عثمان ، إلاّ أنّ غيره في حيّز الإمكان ، والفائدة في الترجيح مستغنى عنها هنا.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٦ : تصفرّ.

(٢) هداية المحدثين : ٢٣٨.

(٣) راجع ج ١ ص ١٨٥ ١٨٦ ، ج ٢ ص ٢٨ ٢٩ ، ج ٣ ص ٣٦٣ ٣٦٤.

(٤) رجال النجاشي : ١٣٢ / ٣٣٩.

(٥) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٤.

(٦) راجع ج ١ ص ١٤٦ ، ج ٣ ص ١٨١.

(٧) في النسخ : والرابع ، والصحيح ما أثبتناه ، ولم يبحث في سند الخبر الرابع.

(٨) راجع ج ١ ص ١٧٣ ، ٢٧٠ ، ج ٢ ص ١١٦ ، ١١٩ ، ج ٣ ص ١٠٧ ، ٢٥٦.

٣٧٥

المتن :

في الأوّل : لا يخلو من إجمال بالنسبة إلى خوف فوات وقت الفريضة ؛ لاحتمال وقت الفضيلة وغيره ، إلاّ أنّه ربما يدّعى رجحان إرادة وقت الفضيلة ؛ لما رواه الشيخ في التهذيب صحيحاً عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : « إذا وجبت الشمس فصلّ المغرب ، ثم صلّ على الجنائز » (١) لكن لا يخفى أنّ هذا مع عدم الخوف على الجنازة ؛ لما صرّح به الأصحاب.

أمّا مع تضيّق الحاضرة والخوف على الميت فقد قيل بتقديم الحاضرة (٢) ، وينقل عن الشيخ في المبسوط القول بتقديم صلاة الجنازة ؛ لأنّ حرمة المسلم ميتاً كحرمته حيّاً (٣). وفيه ما فيه.

ثمّ إنّ الخبر كما ترى تضمّن المكتوبة ، ولا يبعد انصرافها إلى اليومية ، أمّا غيرها فلم أقف الآن على كلام الأصحاب فيها.

فإنْ قلت : الخبر تضمّن ذكر الفريضة أيضاً ، فيتعين إرادة اليومية.

قلت : عدم صدق الفريضة على غيرها محلّ تأمّل ، إلاّ أنّ الأمر في الخبر سهل.

ومن هنا يعلم أنّ (٤) ما تضمّنه الخبر من تعجيل الدفن ربما يقتضي تقديمه على الفريضة ، وكذلك ما تضمّنه من [ عدم] (٥) انتظار طلوع الشمس‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٢٠ / ٩٩٦ ، الوسائل ٣ : ١٢٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٣١ ح ٣.

(٢) المدارك ٤ : ١٨٩.

(٣) حكاه عنه في المدارك ٤ : ١٨٩ ، وهو في المبسوط ١ : ١٨٥.

(٤) في « فض » زيادة : لا حاجة حينئذٍ إلى بيان ، وفي « رض » : لا حاجة إلى بيان.

(٥) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنى.

٣٧٦

وغروبها ، فإنّه لا يخلو من شي‌ء بالنسبة إلى العبارة (١).

والثاني : واضح المعنى ، والتعريف في الساعات للعهد الذهني ، مع احتمال غيره.

والثالث : واضح أيضاً ( في صدره ) (٢) ، إلاّ أنّ فيه نوع ارتياب من حيث التعليل ؛ لأنّ أوّله يقتضي الاختصاص بصلاة الركوع والسجود ، وآخره يفيد زيادة الخشوع. ثم التعليل بأنّها تغرب بين قرني شيطان ربما يفيد الاختصاص بالسجود ؛ لورود بعض الأخبار في أنّ الشيطان يقول لقومه : إنّ الناس يسجدون لي (٣) ، وقد يلحق به الركوع. ويمكن أنْ يقال في التوجيه : إنّ نفي كون صلاة الجنازة ذات ركوع وسجود يستلزم نفي الخشوع حيث إنّه من لوازم ذات الركوع والسجود ، وذكر الخشوع للتصريح به.

وعلى كلّ حال يستفاد من الخبر عدم اعتبار الخشوع على أنّه سبب للقبول ، كما في أخبار الصلاة من أنّها لا يقبل منها إلاّ ما أقبل عليه القلب (٤) ، وإنْ كان في صلاة الجنازة لو حصل الإقبال تحقّق الثواب الزائد.

وما عساه يقال : إنّ زيادة الثواب بالإقبال مشتركة.

يمكن الجواب عنه : بتفاوت الأكملية. وممّا ينبّه على عدم اعتبار الخشوع في صلاة الجنازة عدم اشتراط الطهارة فيها في الجملة.

فإنْ قلت : هل يستفاد من الخبر المبحوث عنه أنّ صلاة الجنازة‌

__________________

(١) في « رض » : العبادة.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) الوسائل ٤ : ٢٣٤ أبواب المواقيت ب ٣٨.

(٤) الوسائل ٥ : ٤٧٦ أبواب أفعال الصلاة ب ٣.

٣٧٧

مجاز أم لا؟.

قلت : في الاستفادة تأمّل ؛ لأنّ المنفي ليس مطلق الصلاة.

وما عساه يقال : إنّ الأخبار الواردة بكراهة الصلاة في الأوقات تدلّ على أنّ المراد بها غير الجنازة بمعونة هذا الخبر ، فدلّ على عدم دخولها في مطلق الصلاة ، وهو علامة الحقيقة.

يمكن الجواب عنه : بأنّ عدم الدخول بقرينة هذا الخبر لا (١) يفيد المطلوب ، وفي المقام كلام ليس هذا محلّه.

أمّا ما تضمّنه الخبر من الطلوع بين قرني الشيطان فقد قدّمنا فيه القول في المواقيت ، وذكرنا احتمال التقية ، لكن في (٢) هذا الخبر نوع منافرة للتقية ، إلاّ بتكلّف.

وما تضمّنه من الكراهة غير صريح في إرادة المعنى الأُصولي ؛ لوجوده في معنى التحريم في الأخبار ، إلاّ أنّ الحقّ أنّه مشترك ، فلا يستدلّ به على أحد الأمرين ، إلاّ بقرينة.

والرابع : يدلّ من حيث الحصر على أنّ صلاة الجنازة محض الدعاء ، فربما يؤيد كونها مجازاً.

واستشكال هذا بوجوب تكبيرة الإحرام وغيرها يمكن دفعه بأنّه لا مانع من اشتراك (٣) بعض لوازم الصلاة غيرها معها ، والحصر إضافي ، بمعنى أنّ المقصود منها (٤) الاستغفار ، بخلاف غيرها من الصلاة ، فإنّ‌

__________________

(١) في النسخ : فلا ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) في « فض » زيادة : ذكر.

(٣) في « م » : اشتراط.

(٤) في « م » : منه.

٣٧٨

المقصود الاستغفار وغيره ، غاية الأمر أنّ قوله عليه‌السلام « إنّما هو » غير ظاهر المرجع ، ولعلّ المراد به فعل الصلاة.

وأمّا الخامس : فما ذكره الشيخ فيه أوّلاً لا يخلو من غرابة ، لأنّ قوله : إنّه صريح بالكراهة ، يدلّ على أنّ غيره محمول على التحريم ، والحال أنّ الكراهة في غير صلاة الجنازة موجودة في الخبر السابق.

واحتمال أنْ يقال : إنّ الكراهة إذا كانت مشتركة فلا مانع من حملها على التحريم في غير صلاة الجنازة ، وعلى الكراهة فيها ، لتعارض الأخبار ؛ فيه ما لا يخفى. أمّا الحمل على التقيّة فله وجه.

قوله :

باب موضع الوقوف من الجنازة‌

محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (١) ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « إذا صلّيت على المرأة فقم عند رأسها ، وإذا صلّيت على الرجل فقم عند صدره ».

فأمّا ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابنا (٢) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من صلّى على المرأة فلا يقوم في وسطها ويكون ممّا يلي صدرها ، وإذا صلّى على الرجل فليقم في وسطه ».

فلا ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ قوله : « يكون ممّا يلي صدرها »

__________________

(١) في الإستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٧ : أحمد بن أبي نصر.

(٢) في « رض » : عن عدّة من أصحابنا.

٣٧٩

المعني فيه إذا كان قريباً من الرأس ، وقد يعبّر عنه بأنّه يلي الصدر ، لقربه منه ، ويؤكد ذلك أيضاً :

ما رواه علي بن الحسين ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقوم من الرجل بحيال السرّة ، ومن النساء أدون من ذلك قبل الصدر.

السند :‌

في الأوّل : فيه سهل بن زياد ، وقد تكرّر القول في حقيقة حاله (١).

والثاني : فيه الإرسال ، وتوجيه عدم قدحه بالإجماع على تصحيح ما يصحّ عن ابن المغيرة فيه أوّلاً : ما قدّمناه في معنى الإجماع (٢). وثانياً : إنّ الصحّة غير معلومة لإبراهيم بن هاشم ، أمّا الوقف في عبد الله بن المغيرة فمحلّ كلام يعرف من مراجعة ما سبق (٣).

والثالث : مضى عن قريب القول في رجاله (٤).

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على الأمر بالقيام عند رأس المرأة وعند صدر الرجل ، وقد نقل العلاّمة في المختلف عن الشيخين القول بوقوف‌

__________________

(١) راجع ج ١ ص ١٢٩ ، ج ٣ ص ٢٢٢.

(٢) راجع ج ١ ص ٥٩ ٦٢.

(٣) راجع ج ١ ص ١٣٣ ١٣٤.

(٤) في ٣٧٤.

٣٨٠