إستقصاء الإعتبار - ج ٧

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٦

ثم إنّ مسعدة بن صدقة ) (١) قال الشيخ في رجال الباقر عليه‌السلام : إنّه عامي (٢). والكشي فيه أنّه بتري (٣). فليتأمّل.

[ والخامس (٤) ] : فيه محمّد بن عيسى الأشعري المعبّر عنه بأبيه ، وقد قدّمنا القول فيه (٥) كغيره.

المتن :

في الأخبار كلّها لا يخلو من إجمال ، أمّا الأوّل : فما تضمّنه : من أنّ الأرض كلّها مسجد ؛ إنْ أُريد به أنّ الصلاة في كلّ أرض كالصلاة في المسجد إلاّ ما ذكر ، ففيه ما لا يخفى ؛ وإنْ أُريد بالمسجد موضع السجود كما قيل (٦) في قوله عليه‌السلام : « جعلت لي الأرض مسجداً » (٧) أي موضع سجود ، فلا يختصّ به موضع دون موضع ، ففيه : أنّه وإنْ أمكن لا يوافق مقصود الشيخ فيما يظهر ، إلاّ أنْ يريد ما ذكرناه ، والعنوان مبهم ، وقد صرّح بعض أهل اللغة بأنّ موضع السجود يقال له مسجد بالكسر (٨).

ثم إنّ ظاهر النص حيث استثنى الحمّام والمقبرة أنّ المراد بالمسجد فيه المكان ، فيحتمل أنْ يراد بالمسجد المكان لا موضع السجود ،

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٢) رجال الطوسي : ١٣٧ / ٤٠.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٣.

(٤) في النسخ : الرابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) راجع ص ٢٣٤.

(٦) ليست في « رض ».

(٧) الفقيه ١ : ١٥٥ / ٧٢٤. الوسائل ٣ : ٣٥٠ أبواب التيمم ب ٧ ح ٢.

(٨) انظر المصباح المنير : ٢٦٦.

٢٤١

إلاّ أنْ يقال : إنّ موضع السجود لا يدلّ على ما ينافي الاستثناء.

والثاني : كما ترى مجمل أيضاً ، بل فيه زيادة إجمال ، ولعلّ احتمال موضع السجود فيه أظهر ، ويراد به ما قاله الشيخ.

أمّا الثالث : المستدلّ به ، فاستفادة انقطاع الريح منه محلّ تأمّل ، نعم الرابع يدلّ على ذلك.

اللغة‌ :

قال في القاموس : المسجد معروف ويفتح جيمه ، والمَفْعَل من باب نصر بفتح العين اسماً كان أو مصدراً ، إلاّ أحرفاً ، كمسجد ومطلع ومشرق ومسقط ومفرق ومسكن ومنسك إلى أنْ قال ـ : ألزموها كسر العين ، والفتح جائز ، وما كان من باب جلس فالموضع بالكسر والمصدر بالفتح (١). وقال : المِحَشّ : مجتمع العذرة ؛ والحشُّ مثلّثة المخرج ، لأنّهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين (٢).

قوله :

باب كراهية أنْ يبصق في المسجد.

أحمد بن محمّد ، ( عن محمّد ) (٣) بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه : « إنّ علياً عليه‌السلام قال : البصاق (٤) في‌

__________________

(١) القاموس المحيط ١ : ٣١٠.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ٢٧٩ ، بتفاوت يسير.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » و « م ».

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٢ / ١٧٠٤ : البزاق.

٢٤٢

المسجد خطيئة وكفّارته دفنه ».

محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن موسى ابن يسار ، عن علي بن جعفر السكوني ، عن إسماعيل بن مسلم الشعيري ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه : ، قال : « من وقّر بنخامته المسجد لقي الله يوم القيامة ضاحكاً قد اعطي كتابه بيمينه ».

عنه ، عن أبي إسحاق النهاوندي ، عن البرقي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « من تنخّم (١) في المسجد ثم ردّها في جوفه لم تمرّ بداء في جوفه إلاّ أبرأته ».

الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن مهران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يكون في المسجد في الصلاة فيريد أنْ يبصق ، فقال : « عن يساره ، وإنْ كان في غير صلاة فلا يبزق حذاء القبلة ، ويبزق عن يمينه وشماله » (٢).

فأمّا ما رواه علي بن مهزيار قال : رأيت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام تفل في المسجد الحرام فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود ولم يدفنه.

سعد ، عن أبي جعفر (٣) ، عن العبّاس بن معروف ، عن صفوان ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان مولى طربال ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان أبو جعفر عليه‌السلام يصلّي في المسجد فيبصق أمامه وعن يمينه وعن شماله وخلفه وعلى الحصى ولا يغطّيه.

فالوجه في هذه الأخبار الجواز ورفع الحظر وإنْ كان الفضل فيما تقدّم من الأخبار.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٢ / ١٧٠٦ : تنخّع.

(٢) في « رض » : أو شماله.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٣ / ١٧٠٩ : عن جعفر.

٢٤٣

السند :‌

في الأوّل : معروف مما تكرّر وتقدّم عن قريب (١).

والثاني : فيه موسى بن يسار ، وهو مجهول الحال ، إذ لم أقف عليه في الرجال ، وعلي بن جعفر السكوني كذلك. وإسماعيل بن مسلم هو ابن أبي زياد المكرر ذكره (٢).

والثالث : فيه أبو إسحاق النهاوندي ، واسمه إبراهيم بن إسحاق ، ضعيف الحديث على ما في النجاشي (٣). والبرقي ومن معه معلومو الحال بما مضى من المقال (٤).

والرابع : فيه محمّد بن مهران ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف عليه في الرجال.

والخامس : صحيح ؛ لأنّ الطريق إلى علي بن مهزيار في المشيخة لا ارتياب فيه (٥).

والسادس : تقدّم القول في رجاله عن قريب (٦).

المتن :

في الأوّل : ظاهر في إطلاق الخطيئة على المكروه ؛ إذ المعروف الكراهة.

__________________

(١) راجع ج ٥ ص ٢٧٠ ، ج ٦ ص ٣٠٦.

(٢) راجع ج ١ ص ١٨٨ ، ج ٢ ص ١٠٩ ، ٣٩٧ ، ج ٣ ص ١٤٠ ، ٤٢٠ ، ج ٤ ص ٩٦.

(٣) رجال النجاشي : ١٩ / ٢١.

(٤) راجع ج ١ ص ٩٣ ، ج ٢ ص ٣٣٤.

(٥) مشيخة الاستبصار ( الاستبصار ٤ ) : ٣٣٨.

(٦) في ص ٢٣٨ ٢٣٩.

٢٤٤

والثاني : واضح.

والثالث : فيه دلالة على جواز ابتلاع النخامة إذا خرجت إلى فضاء الفم لو صحّ الخبر ، لكن الأصل يساعده.

والرابع (١) لا يبعد أنْ يكون المراد باليسار فيه جهة يساره من غير التفات ، لكن قد يُستبعد هذا ، ولعلّ الخبر لو صحّ يمكن استثناء الالتفات يسيراً منه في هذه الحال ، ويؤيده النهي فيه عن البزاق حذاء القبلة لغير المصلّي.

ثم إنّ البزاق لا يخفى تحقّقه بإخراج الفضلة بشي‌ء ، فالاحتياج إلى اليسار كأنّه لو اتّفق رميها من الفم. وقد يشكل باستلزام خروج نحو اللفظين. ويمكن الجواب عنه بما تقدّم في باب الكلام في الصلاة ، والخبر كما ترى.

أمّا الخبران الآخران فما قاله الشيخ فيهما له وجه ، غير أنّ بيان الجواز فيما هو معروف مستبعد ، كما أشرنا إليه في الكتاب. والخبر الأخير لا يدلّ على أنّ ما فعله عليه‌السلام في حال الصلاة كما لا يخفى.

اللغة‌ :

قال في القاموس : البزاق كغراب معروف (٢). وقال : التوقير التبجيل (٣). وقال : [ والنخامة بالضم النخاعة ، ونخم كفرح نخماً ويحرّك ، وتنخّم : دفع بشي‌ءٍ من صدره أو أنفه (٤) (٥) ].

__________________

(١) في « فض » زيادة : الظاهر.

(٢) القاموس المحيط ٣ : ٢٢٠.

(٣) القاموس المحيط ٢ : ١٦١.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ١٨١.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : نخم ينخم نخماً ونخيماً تنحنح. والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

٢٤٥

قوله :

أبواب الصلاة في العيدين‌

باب أنّ صلاة العيدين فريضة.

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن أبي أُسامة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير في العيدين؟ قال : « سبع وخمس » وقال : « صلاة العيدين فريضة » (١).

الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « صلاة العيدين فريضة ، وصلاة الكسوف فريضة » (٢).

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن علي بن حديد وعبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « صلاة العيدين مع الإمام سنّة ، وليس قبلها ولا بعدها صلاة ذلك اليوم إلى الزوال ».

فالوجه في هذه الرواية أن نحمل قوله : إنّها سنّة مع الإمام. أنّ فرضها علم من جهة السنّة دون أنْ يكون ذلك غير واجب ، وقد استوفينا ذلك في كتابنا الكبير ( ونفرد باباً ) (٣) أنّه لا تجب إلاّ عند حضور الإمام.

__________________

(١) في التهذيب ٣ : ١٢٧ / ٢٦٩ زيادة : وصلاة الكسوف فريضة.

(٢) في التهذيب ٣ : ١٢٧ / ٢٧٠ لا يوجد : وصلاة الكسوف فريضة.

(٣) بدل ما بين القوسين في النسخ : وتفردها ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٤.

٢٤٦

السند :‌

في الأوّل : فيه أبو جميلة ، وهو المفضّل بن صالح ، وقد ضعّفه العلاّمة في الخلاصة (١) ، والشيخ في الكتابين لا يزيد كلامه في شأنه على الإهمال (٢). أمّا محمّد بن عبد الحميد فقد تكرّر القول فيه (٣) كأبي جميلة أيضاً (٤) ، والإعادة فيه لأمرٍ ما. والطريق إلى محمّد بن أحمد بن يحيى تكرّر أيضاً (٥).

والثاني : واضح الصحّة بعد ما قدّمناه في الطريق إلى الحسين بن سعيد (٦). وجميل هو ابن درّاج ، صرّح به في الفقيه ، وطريقه إليه صحيح (٧) ، وستأتي الزيادة في متنه ، إمّا من كلام الصدوق أو جميل.

والثالث : واضح ايضاً بعد ما أسلفناه في حريز (٨) ، وقدّمنا (٩) أيضاً أنّ الوالد قدس‌سره كان يقول : إنّ مثل هذا السند حيث وقع فيه علي بن حديد وعبد الرحمن شاهد على أنّ ما يقع في بعض الأسانيد من رواية علي بن حديد عن عبد الرحمن سهو من قلم الشيخ ، وللبحث فيه مجال.

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٥٨ / ٢.

(٢) رجال الطوسي : ٣١٥ / ٥٦٥ ، الفهرست : ١٧٠.

(٣) راجع ج ١ ص ٢٠٠ ، ج ٣ ص ١٠٣ ، ٢٦٥.

(٤) راجع ج ٢ ص ٢٢٤ ، ٣٠٦ ، ٣٦٣ ، ج ٣ ص ٢٦٦ ، ج ٤ ص ٣٩٢.

(٥) راجع ج ١ ص ٩٩ ج ٣ ص ٣٠٧ ، ج ٥ ص ١٧٥.

(٦) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ٤١٤ ، ج ٣ ص ٢٤.

(٧) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٥٧ ، خلاصة العلاّمة : ٢٧٧.

(٨) راجع ج ١ ص ٥٦ ، ج ٤ ص ١٨٧ ١٩٠.

(٩) راجع ج ٣ ص ٣٢٦.

٢٤٧

المتن :

في الأوّل : دالّ على أنّ تكبيرات العيدين سبع وخمس ، وستسمع القول في المعارض إن شاء الله ، أمّا دلالته على أنّ صلاة العيدين فريضة [ فظاهرة (١) ] كالثاني ، وزاد الصدوق في متن الثاني : يعني أنّهما من صغار الفرائض ، وصغار الفرائض سنن ، لرواية حريز عن زرارة ، وذكر الرواية الثالثة ، وقال بعدها : ووجوب العيد إنّما هو مع إمامٍ عادل (٢).

وهذه الزيادة تنبئ عن كونها ( من كلام الصدوق تجرّد رواية الشيخ عنها ، أمّا الزيادة في الثاني فيحتمل كونها ) (٣) من الصدوق أيضاً ؛ لعين ما ذكرناه في الثالث ، إذ لو كانت من جميل لذكرها الشيخ ، لكن جزم الصدوق بأنّ الإمام عليه‌السلام عنى ما ذكره قد ينظر فيه : بأنّ المعلومية محلّ تأمّل ، لاحتمال خبر حريز التقية ، لتصريح بعضهم بأنّها سنّة مؤكدة (٤) ، وذكر الإمام لا يدلّ على أنّه المعصوم ، لجواز إرادة إمام الجماعة ؛ وربما يدفع بأنّ تعريف الإمام يقتضي الإمام المعصوم. ويشكل بوجود الإمام تنكراً (٥) في كثير من الأخبار ، ولا بعد أنْ يدّعى أنّ التنكير لا ينافي إرادة المعصوم كما سنذكره إنْ شاء الله.

أمّا التقية فموقوفة على العلم بالاتفاق على كونها سنّة ، أو الاتّقاء لمن يقول بذلك.

__________________

(١) في النسخ : وظاهره ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) الفقيه ١ : ٣٢٠.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) مغني المحتاج ١ : ٣١٠.

(٥) في « فض » و « م » : منكر.

٢٤٨

ثمّ ما ذكره الصدوق حينئذٍ قد ذكرنا في معاهد التنبيه احتمال إرادته من الصغار : الواجبات بالسنّة ، وكأنّ الوجه في ذلك الإضافة إلى ما ثبت بالقرآن.

أمّا ما قد يقال : من أنّ المعلوم عدم الثبوت من القرآن في العيدين فيتحقق إرادة الواجب من السنّة. فيمكن أنْ يجاب عنه : بجواز العلم من القرآن ، لكن الأئمّة عليهم‌السلام وأهل البيت أدرى بما فيه.

وأمّا احتمال الدخول في الصلاة المأمور بها على الإطلاق فالحكم به (١) مشكل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمّنه الخبر الثالث من كون صلاة العيد ليس قبلها ولا بعدها صلاة ربما يصلح مستنداً لما ينقل عن أبي الصلاح (٢) ، وابن البرّاج (٣) ، وابن حمزة (٤) ، من أنّه (٥) لا يجوز التنفل قبل العيد وبعدها ، وما ينقل عن أبي الصلاح أنّه لا يجوز التطوع ولا القضاء قبلها ولا بعدها (٦).

وقد نقل العلاّمة في المختلف أنّ المشهور كراهة التنفل قبل وبعد ، واستدلّ بأصالة الإباحة. ثم نقل الاحتجاج بصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام الآتي في باب من يصلّي وحده ، وأجاب بأنّه لا يدلّ على التحريم (٧).

__________________

(١) في « رض » : فيه.

(٢) الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٣) المهذب ١ : ١٢٣.

(٤) الوسيلة : ١١١.

(٥) في « م » و « رض » : فإنّه.

(٦) الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٧) المختلف ٢ : ٢٧٨.

٢٤٩

وهذا الجواب لا يخلو من نظر ؛ لأنّ ظاهر النفي التحريم ، بل لا يبعد أنْ يكون أبلغ من النهي كما لا يخفى ، والخبر المبحوث عنه كذلك.

أمّا قول أبي الصلاح الثاني فقد قال العلاّمة : إنّ عبارته رديئة ؛ لأنّها (١) توهم المنع من قضاء الفرائض ، إذ قضاء النوافل داخل تحت التطوع ، فإنْ قصد بالتطوع ابتداء النوافل ، وبالقضاء ما يختص بقضاء النوافل ، فهو حق في الكراهة ، وإن قصد المنع من قضاء الفرائض فليس كذلك ، وتصير المسألة خلافية ، لنا عموم الأمر بالقضاء ، وقوله عليه‌السلام : « من فاتته صلاة فريضة فوقتها حين يذكرها » (٢) فإنْ احتجّ بما رواه زرارة في الحسن عن الباقر عليه‌السلام : « وليس قبلها ولا بعدها صلاة » أجبنا : بأنّ المراد بذلك النوافل جمعاً بين الأدلة ، وما أظنّه يريد سوى ما قصدناه (٣) ، انتهى.

وفي نظري القاصر : أنّ الكلام محلّ تأمّل ؛ لأنّ ما دلّ على القضاء إذا كان مطلقاً لا مانع من تقييده ، كما قُيّد بأوقات الفرائض على ما سبق.

وما عساه يقال : إنّ الإطلاق من الجهتين ، فكما يجوز تقييد إطلاق ( القضاء بغير الوقت الذي قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال ، كذلك يقيّد إطلاق ) (٤) المنع من الصلاة قبل وبعد بغير قضاء الفرائض ، فترجيح الأوّل لا بُدّ له من مرجّح ليقال : إنّ الخبر يدلّ على قول أبي الصلاح.

يمكن الجواب عنه : بأنّ الكلام على ترجيح ما ذكره العلاّمة من أنّ‌

__________________

(١) في « رض » و « م » : لأنّه.

(٢) في المصدر : من فاتته صلاة فريضة فليقضها ( فليصلّها ) حين يذكرها ، ولم نعثر على كلا النّصّين في المصادر ، نعم في المعتبر ٢ : ٤٠٦ : من فاتته صلاة فوقتها حين يذكرها.

(٣) المختلف ٢ : ٢٨٠.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٥٠

المراد النوافل ، ولو رجعنا إلى ما ذكر يمكن أنْ يقال : ( إنّ الإطلاق من كلّ من الجانبين ، والتقييد ممكن ، فيتعارضان ، ولا سبيل إلى الترجيح ، إلاّ بأنْ يقال : ) (١) إنّ إطلاق قضاء الفرائض مقيّد قطعاً ، وإطلاق خبر صلاتي العيد غير مقيّد ، والمقيّد لا يقاوم غير المقيّد ؛ وفيه نوع تأمّل يرجع حاصله إلى أنّ المطلق ( إذا قُيّد لا يخرج عن الإطلاق فيما عدا محل القيد كالعام ، إلاّ أنْ يقال : إنّه وإنْ رجع إلاّ أنّه لا يساوي المطلق ) (٢) الباقي على حقيقته.

وقد يقال : إنّ خبر العيدين مقيّد بغير مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ذكروه ، إلاّ أنّ في البين توقفاً ؛ لعدم العلم بصحّة الخبر الوارد بذلك ، كما يعرف من مراجعته ، نعم هو مؤيد بالشهرة ، وفي ذلك بحث.

أمّا ما قد يقال : إنّ خبر العيدين محتمل لأنْ يراد بنفي الصلاة قبلهما وبعدهما على وجه التوظيف ، كما في الصلاة اليومية. فيمكن دفعه : بأنّ ظهور هذا محلّ تأمّل.

وإذا تمهّد هذا فاعلم أنّ ما ذكره الشيخ من أنّ فرض العيدين ثبت بالسنّة ، قد مضى القول فيه (٣). وقوله : إنّ العيدين تفرّدا بعدم الوجوب إلاّ عند حضور الإمام على ما ذكره في الكتاب الكبير ؛ هو المشهور بين الأصحاب فيما قيل (٤) ، بل في المنتهى ادّعى اتفاق الأصحاب على اشتراط السلطان العادل أو من نصبه (٥) ، واحتجّ بما سيأتي من خبر زرارة (٦) ،

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « م » : مضطرب عبارةً ومعنى.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في ص ٢٤٩.

(٤) انظر مجمع الفائدة ٢ : ٣٩٧.

(٥) المنتهى ١ : ٣١٧.

(٦) في ص ٢٥٢.

٢٥١

وستسمع إنشاء الله القول فيه (١) ، وأمّا الإجماع فقد قدّمنا (٢) أنّه من قبيل الخبر المرسل ، وحينئذ يحتاج إلى الترجيح مع التعارض ، وتحقيقه يتمّ بذكر الأخبار.

وأمّا قول الصدوق : ووجوب العيد إنّما هو مع إمام عادل (٣) ، فظاهره ما هو المشهور ، واحتمال غيره بعيد كما لا يخفى.

قوله :

باب أنّه (٤) لا تجب صلاة العيدين إلاّ مع الإمام.

محمّد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن معمر بن يحيى ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلاّ مع إمام (٥) ».

الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من لم يصلّ مع الإمام في جماعةٍ ( يوم العيد ) (٦) فلا صلاة له ولا قضاء عليه ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى؟ قال‌

__________________

(١) في ص ٢٥٨.

(٢) في ص ١٣٥.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ لا توجد : أنه.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٣ : الإمام.

(٦) ما بين القوسين ليس في النسخ ، أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٤ ، والتهذيب ٣ : ١٢٨ / ٢٧٣.

٢٥٢

« ليس صلاة إلاّ مع إمام ».

فأمّا ما رواه علي بن حاتم ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب ( بما وجد ) (١) ، وليصلّ (٢) وحده كما يصلّي في الجماعة ».

عنه ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سُئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل لا يخرج يوم الفطر والأضحى ، أعليه صلاة وحده؟ (٣) فقال : « نعم ».

عنه ، عن محمّد بن جعفر قال : حدّثني (٤) عبد الله بن محمّد ومحمّد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن منصور (٥) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « مرض أبي يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثم ضحّى ».

فالوجه في هذه الأخبار (٦) أنْ نحملها على ضربٍ من الاستحباب ؛ لأنّ هذه الصلاة مع الإمام فرض ، وعلى الانفراد سنّة مؤكدة ، والذي يدلّ على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ،

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في النسخ : في العيدين ، وما أثبتناه من التهذيب ٣ : ١٣٦ / ٢٩٧ ، والاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٦.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٦ : ويصلّي.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٧ زيادة : قال.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٨ : حدّثنا.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٤٥ / ١٧١٨ زيادة : ابن حازم.

(٦) في النسخ : الرواية ، والصحيح ما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٥ / ١٧١٨.

٢٥٣

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا صلاة في العيدين إلاّ مع إمام ، وإنْ صلّيت وحدك فلا بأس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن خالد ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمّار ، قال حدّثني أبو قيس ، عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، قال : « إنما الصلاة يوم العيد على من خرج إلى الجبّانة (١) ، ومن لم يخرج فليس عليه صلاة ».

فلا ينافي ما قدّمناه ؛ لأنّ معنى قوله : « فليس عليه صلاة » فرضاً كما يكون مع الخروج إلى الجبّانة ، وكذلك :

ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبّانة حسن لمن استطاع الخروج إليها » فقلت (٢) : إنْ كان مريضاً لا يستطيع أنْ يخرج ، أيصلّي في بيته؟ قال : « لا ».

فالوجه فيه أيضاً ما قلناه ، أنه ليس عليه ذلك فرضاً واجباً ، وإنّما هو (٣) على جهة الفضل (٤) والاستحباب.

السند :‌

في الأوّل : فيه معلّى بن محمّد ، وفي النجاشي : إنّه مضطرب‌

__________________

(١) الجبان والجبّانة : الصحراء ، وتسمّى بهما المقابر ؛ لأنها تكون في الصحراء. انظر النهاية لابن الأثير ١ : ٢٣٦.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤٥ / ١٨٢١ زيادة : أرأيت.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ زيادة : عليه.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ : الندب.

٢٥٤

الحديث والمذهب (١). والوشّاء هو الحسن بن علي بن بنت الياس ، وقد تقدّم ما قد يستفاد منه المدح (٢) ، وما اتفق فيه في حديث الخمس ( من التهذيب احتمال القدح تقدّم (٣) احتمال دفعه ) (٤) ، وبقية الرجال معلومو الحال ، سوى أنّ معمر بن يحيى فيه اشتراك بين مهمل وثقة (٥) ، ولا يبعد قرب الثقة مع الإطلاق ، لكن الفائدة منتفية هنا ، وهو بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الميم في الإيضاح (٦).

والثاني : واضح الصحّة (٧) على ما تقدم في عمر بن أُذينة (٨) ، لأنّ الراوي عنه في الرجال ابن أبي عمير (٩) ، والشيخ وثّقه (١٠) ، والنجاشي ذكر فيه ما يقتضي المدح (١١) ، وتوهّم التغاير من النجاشي حيث قال : عمر بن محمّد بن عبد الرحمن بن أُذينة ، يدفعه ما قاله في السند من لفظ عمر بن أُذينة.

والثالث : كذلك.

والرابع : فيه علي بن حاتم ، وقد قال النجاشي : إنّه ثقة في نفسه ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤١٨ / ١١١٧.

(٢) راجع ج ١ ص ١٥٠.

(٣) راجع ج ١ ص ١٥٠ ، وهو في التهذيب ٤ : ١٥٠.

(٤) بدل ما بين القوسين في « فض » : تقدم احتمال من احتمال القدح دفعه ، وفي « م » : تقدم احتمال القدح من التهذيب دفعه.

(٥) هداية المحدثين : ٢٦١.

(٦) إيضاح الاشتباه : ٣٠٣.

(٧) ليست في « فض ».

(٨) راجع ج ١ ص ٢٧٣.

(٩) انظر رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥٢.

(١٠) رجال الطوسي : ٣٥٣ / ٨.

(١١) رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥٢.

٢٥٥

لكنه أكثر الرواية عن الضعفاء (١). وذكرنا في أول الكتاب بيان حقيقة الحال في مثل هذا ، والطريق إليه في المشيخة فيه جهالة (٢). والحسن بن علي الراوي عنه علي بن حاتم محتمل لابن عبد الله بن المغيرة ، ولغيره ، وقد يظن قرب احتمال ابن المغيرة ، وقد رواها الصدوق ، عن جعفر بن بشير ، عن عبد الله بن سنان (٣) ، فلا ارتياب في السند.

[ والخامس : كالرابع.

والسادس (٤) ] : فيه مع ما تقدّم في الطريق إلى علي بن حاتم محمّد ابن جعفر ، وهو محتمل لابن بطّة ؛ لما يظهر من ممارسة الرجال ، إلاّ أنّ غيره في حيّز الإمكان ، وفي التهذيب عن عمر بن جعفر ، في نسخة معتبرة (٥) ، وهو مجهول الحال ؛ إذ ليس في كتب الرجال على ما وقفت عليه.

ثمّ إنّ هنا كما ترى عبد الله بن محمّد ومحمّد بن الوليد ، وفي التهذيب : عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن الوليد ؛ ومحمّد بن الوليد هو الخزّاز ، لروايته عن يونس بن يعقوب ، وقد وثّقه النجاشي (٦) ، وقال الكشي : إنّه فطحي (٧) ، وأنت خبير بالحال بعد ما كرّرنا القول فيه (٨). أمّا‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٦٣ / ٦٨٨.

(٢) الاستبصار ٤ : ٣٣٥.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٦٣.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : والرابع كالثالث. والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) التهذيب ٣ : ١٣٦ / ٣٠٠.

(٦) رجال النجاشي : ٣٤٥ / ٩٣١.

(٧) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢.

(٨) ج ١ ص ١٠٨ ١١١ ، ترجمة سماعة ، ج ٤ ص ٨٩ ، ترجمة داود بن الحصين ، ج ٦ ص ٣٦٩ ، ترجمة منصور بن يونس.

٢٥٦

عبد الله فمشترك (١). ويونس بن يعقوب مضى القول فيه مفصّلاً (٢). ومنصور هو ابن حازم ، صرّح به في الفقيه (٣) ، والطريق إليه فيه (٤) مشتمل على محمّد بن علي ماجيلويه وهو معتبر على ما مضى (٥) ، وفيه محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ولا يبعد كونه الأشعري ، عن محمّد ابن عبد الحميد (٦) ، وقد تقدّم (٧).

ثم إنّ الشيخ في التهذيب اتفق له هنا ما يقتضي التعجب ، فإنّه روى أوّلاً عن علي بن حاتم ، كما هنا ، وبعد الرواية قال : وروى محمّد بن علي ابن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، وذكر رواية ، ثم قال : وعنه ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، وذكر الرواية ، ثم قال : وعنه عن عمر ابن جعفر ، إلى أنْ قال : وعنه ، عن أحمد بن محمّد بن موسى ، إلى آخره (٨) وهنا كما ترى ، فليتأمّل.

[ والسابع (٩) ] : فيه عثمان بن عيسى وقد تقدّم القول فيه (١٠) ، لكنه في الفقيه مروي عن سماعة (١١) ، وطريقه حينئذٍ موثق.

__________________

(١) هداية المحدّثين : ٩٩.

(٢) راجع ج ١ ص ٢٠١ ، ٣٤٢ ، ج ٢ ص ٢٩٤ ، ج ٣ ص ٤١٩.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٦٢.

(٤) ليست في « رض » و « م ».

(٥) في ص : ١٣٧٦ و ١٣٨١.

(٦) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٢٢.

(٧) راجع ج ١ ص ٢٠٠ ، ج ٣ ص ١٠٣ ، ٢٦٥.

(٨) التهذيب ٣ : ١٣٦.

(٩) في النسخ : الرابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(١٠) راجع ج ١ ص ٧٠ ٧٢.

(١١) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٥٩.

٢٥٧

[ والثامن (١) ] : فيه محمّد بن خالد ، وهو الطيالسي ؛ لرواية محمّد بن علي بن محبوب لكتابة في الفهرست (٢) ، وروايته عن سيف في الرجال أيضاً (٣) ، وحاله لا يزيد على الإهمال. وسيف وإسحاق تكرّر القول فيهما (٤). أمّا أبو قيس ففي رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملاً (٥).

[ والتاسع (٦) ] : ليس فيه التوقف إلاّ من جهة يزيد بن إسحاق ، فإنّي لم أجد توثيقه في الرجال ، نعم وثّقه جدّي قدس‌سره في شرح البداية (٧) ، ولا أعلم مأخذه ، إلاّ من تصحيح العلاّمة طريق الصدوق إلى هارون بن حمزة (٨) ، وهو فيه ، وتقدم منّا كلام في مثل هذا (٩).

المتن :

في الأول : أيّد به شيخنا قدس‌سره عدم إفادة الأخبار إرادة إمام الوقت عليه‌السلام ، نظراً إلى التنكير (١٠) ، وقد يناقِش في هذا معتبر إمام الأصل عليه‌السلام بأنّ التنكير يجوز أنْ يكون وجهه التقية ؛ إذ التعريف موجب للارتياب ، على أنّ التعريف قد وجد في معتبر الأخبار المذكورة ، فترجيح الاستشهاد بخبر‌

__________________

(١) في النسخ : والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) الفهرست : ١٤٩ / ٦٣٤.

(٣) رجال النجاشي : ١٨٩ / ٥٠٤.

(٤) راجع ج ١ ص ٢٤١ ، ٢٤٩ ، ج ٣ ص ١٠٤ ، ٢٠٣.

(٥) رجال الطوسي : ٣٤٠ / ٣٤.

(٦) في النسخ : والسادس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٧) الدراية : ١٣١.

(٨) خلاصة العلاّمة : ٢٧٩.

(٩) راجع ج ١ ص ١٨٢ ١٨٣ ، ج ٢ ص ٢٣٧.

(١٠) المدارك ٤ : ٩٤.

٢٥٨

التنكير مع احتماله ما قلناه محلّ كلام ، ( نعم ) (١) قد تكرر في الأخبار التنكير ، والقول واحد.

والثاني : يدلّ بظاهره على أنّ من لم يصلّ مع الإمام في جماعة لا صلاة له. وغير خفي أنّ التعريف لو دلّ على إمام الوقت لأفاد اشتراطه وانتفاء الصلاة بدونه مطلقاً ، لكن المنقول في كلام المتأخّرين استحباب فعلها بدون ظهوره (٢) ، وبعض الأخبار تدلّ على ذلك في الجملة كما سنذكره.

ولو حمل على الأعمّ أفاد اشتراط الجماعة في صلاة العيد وجوباً واستحباباً ، لكن تعيّن الجماعة لا أعلم القائل به ، وظاهر بعض الأخبار ينفيه (٣).

ولو حمل الخبر على حال حضوره عليه‌السلام لأنّ الكلام منه عليه‌السلام ( يدل على ذلك فهو موقوف على ثبوت إرادة الإمام المعصوم عليه‌السلام ) (٤) ، وأنّ من لم يصلّ معه لا يشرع له الصلاة ؛ والقائل كأنه منتفٍ ، غير أنّ معتبر الإمام المعصوم عليه‌السلام قد يُشكل عليه الحال في مثل هذه الأخبار ، فإنّ مثلهم عليهم‌السلام كيف يقع منه هذا ، والحال أنّهم كانوا يدفعون عن أنفسهم محض التهمة.

وفي الظن أنّ هذا الوجه أولى في دفع الاستدلال بتعريف الإمام إنْ لم يثبت الإجماع ، إلاّ أنْ يقال : كلامهم عليهم‌السلام كان مع من يؤمن نقله ، كزرارة ، وغير خفي أنّ هذا ربما يستلزم ما قدّمناه من الاحتمال ، لولا عدم‌

__________________

(١) في « رض » و « م » : و.

(٢) المعتبر ٢ : ٣٠٩ ، المختلف ٢ : ٢٧٥ ، المدارك ٤ : ٩٨.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٣.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٥٩

القائل فيما نعلم.

والثالث : ( كالأوّل في التنكير ، والكلام الكلام.

والرابع : لا يخفى احتمال جماعة الناس فيه أهل الخلاف ) (١) كاحتمال الصلاة جماعةً على الإطلاق ، وعلى الأوّل يحتمل أنْ يراد بالوحدة انفراده عن جماعتهم ، فلا ينافي صلاة الجماعة أيضاً ، إلاّ أنّ قوله : « كما يصلّي في الجماعة » قد ينافيه ، إلاّ أنْ يقال : إنّ المراد كون صلاته بالانفراد عن جماعة الناس مثل صلاتهم صورة من الخطبة وغيرها ؛ وفيه نوع بعد. أمّا على الثاني فأراد بالانفراد ظاهره ، ويراد بالتشبيه في كيفية الصلاة.

والخامس : مثله ، ولفظ « عليه » ربما يعطي اللزوم ، لكن دفعه سهل.

والسادس : واضح الدلالة من جهة ، مجملها من اخرى ، فالاستدلال به على فعل العيد على الانفراد استحباباً للتأسي ممكن ، لولا احتمال صلاته جماعةً بأهله عليهم‌السلام ، أو (٢) أصحابه. وأمّا من جهة الكيفية فالإجمال واضح.

وما ذكره الشيخ بعد هذه الأخبار لا يخلو من غرابة بالنسبة إلى السادس كما لا يخفى.

وفي فوائد شيخنا قدس‌سره على الكتاب أنّه ليس ( في شي‌ء ) (٣) من الأخبار التي أوردها الشيخ دلالة على اعتبار حضور إمام الوقت عليه‌السلام ، وإنّما المستفاد منها (٤) ( وجود إمامٍ يؤمّ القوم ، كما يستفاد ) (٥) من تنكير الإمام ، ووجود لفظ الجماعة في بعضها ، ومقابلة ذلك بصلاة (٦) المنفرد في بعضٍ‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) في « رض » : و.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) ليست في « فض » و « رض ».

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٦) في « رض » : لصلاة.

٢٦٠