إستقصاء الإعتبار - ج ٧

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٦

العبادة ، وهو المتابعة.

قلت : قد تقدّم منّا إلزام هذا القائل بأنّ المتابعة جزء الصلاة جماعة (١) ، فلا بُدّ من التعلّق في الجمع بغير هذا الوجه ، ولزوم اجتماع صحّة الجماعة والإثم لا مفرّ منه ، ومحذور اجتماع إرادة الشارع وعدم الإرادة واقع على تقدير عدم البطلان وبقاء الجماعة ، أمّا على تقدير بطلان الجماعة ( وصيرورتها فرادى فالتغاير حاصل.

وغاية ما يظنّ من الجواب أنْ يقال : إنّ الصلاة جماعةً ) (٢) مختلفة الأحوال ، فعلى (٣) تقدير المتابعة في جميع الأفعال (٤) هي صحيحة ، وعلى تقدير الرفع قبل الإمام تبطل الجماعة السابقة على الرفع ، لقطع المتابعة ، وصحّة الصلاة جماعةً بعد هذا لإنشاء المتابعة اللاحقة ، حيث إن قصد الجماعة موجود مع الرفع ، فكأنّ الرافع مستأنف للجماعة بعد قطعها وإنْ لم يكن قصده الاستئناف.

وبهذا التوجيه قد يدفع الأصل الذي أيّدنا به الخبر ، فيرتفع الاعتماد على الأصل ، ويرجع إلى الخبر مع الشهرة ، لكن لا بدّ من ملاحظة التوجية للحكم بصحّة الصلاة جماعةً مع الإثم.

ويبقى الكلام في حمل الشيخ الخبر الثاني على الساهي ، وترجيحه على ما ذكرناه بشهرة وجوب الاستمرار له وجه ، غير أنّ كلام الشيخ لا يخلو من غرابة ؛ فإنّ الرفع ليس بركن ، وزيادة الركن وغيره عمداً توجب‌

__________________

(١) ص ٢١٥.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في « م » : فعليه.

(٤) في « فض » : الأحوال.

٢٢١

البطلان ، فقوله : لا يجوز أن يعود إلى الركوع وإنّما يعود الساهي ، خفي الوجه ، ولو أراد أنّ الساهي لو رفع ثم عاد ساهياً ، فالخبر الأوّل مقتضاه أنّه يعود بعد علمه كما هو واضح.

ولا يبعد أن يكون مراده أنّ تحقق زيادة الركوع لا يتمّ إلاّ إذا رفع عمداً ، أمّا إذا رفع ساهياً فلا ؛ وكأنّ الوجه فيه تخيّل أنّ ركوع المأموم يتمّ برفعه رأسه مع رأس الإمام سواء ، فإذا تعمّد الرفع تحققت المغايرة ، وإذا سها ثم عاد فكأنّه لا رفع ، فلم تتحقّق الزيادة ؛ ولا يخفى ما فيه ، لكن في الظنّ أنّه قريب إلى مراد الشيخ ، وإن قلّت الفائدة ، هذا (١).

وقد سمعت سابقاً أنّ وجوب العود مشهور (٢) ، واستدلّ عليه بعض المتأخّرين بصحيحة علي بن يقطين السابقة ، وبالراوية الاولى المبحوث عنهما (٣) ، ووجه الاستدلال ما قاله الشيخ في التهذيب من الحمل على الناسي (٤) جمعاً بين رواية غياث وبين ما ذكر ، وهنا كما ترى ذكر الساهي ( بوجهٍ غير ظاهر ) (٥) ، والظاهر اتحاد المآل.

ونوقش ( في هذا ) (٦) الاستدلال بأنّ الروايات غير متكافئة ، ولا دلالة فيها على الجمع ، ولا في غيرها أيضاً.

ولا يخفى وجاهة المناقشة ، لكن على تقدير اختصاص العمل بالصحيح يمكن أن يقال : إنّ خبر علي بن يقطين دال على إعادة الركوع ،

__________________

(١) في « م » و « رض » : هنا.

(٢) في ص ٢١٤.

(٣) المدارك ٤ : ٣٢٨.

(٤) التهذيب ٣ : ٤٧ / ١٦٤.

(٥) ما بين القوسين ساقط هنا عن « م » وموجود بعد قوله : على الناسي.

(٦) ما بين القوسين ليس في « م ».

٢٢٢

وعدم الاستفصال فيه يفيد عموم الجواب ، فإذا خرج العامد بالإجماع إنّ تمّ بقي ما عداه على حكم الرجوع.

وفي الظن أنّ في خبر علي بن يقطين دلالة على وجوب المتابعة في الجملة ، فكان ذكره في الاستدلال أولى ، ولم أجد من ذكره.

أمّا ما دلّ على الرفع من السجود وهو خبر الفضيل فقد عرفت حال سنده ، واحتمال عدم الرجوع مع العمد والرجوع مع النسيان فيه لا وجه له ؛ إذ المعارض وهو رواية غياث مختلف المورد ، فذكره في الاستدلال للناسي مع خبر علي بن يقطين وخبر سهل الأوّل ، ثم ذكره حمل الشيخ للأخبار على الناسي جمعاً بينها وبين رواية غياث لا أرى (١) له وجهاً ؛ وقد نقل شيخنا قدس‌سره ما ذكرناه عن الشيخ ومن تأخّر عنه (٢) ، والحال ما سمعت.

وعلى تقدير عدم الالتفات إلى رواية غياث لاختصاصها بما يغاير خبر الفضيل يحتمل الفرق بين السجدة والركوع ، ومع الفرق يحتمل عدم جواز البقاء في السجدة ، لاعتبار الرواية برواية الصدوق والشهرة.

أمّا الرواية التي نقلناها عن التهذيب برواية الحسن بن علي بن فضّال (٣) فقد استدلّ بها شيخنا قدس‌سره على رجوع من هوى إلى الركوع قبل الإمام ، قائلاً : إنّها لا تقصر عن الصحيح (٤). ولي فيه كلام ذكرته مفصّلاً في حواشي الروضة ، والحاصل أنّ غاية ما تدلّ عليه حكم من ظنّ أنّ الإمام‌

__________________

(١) في « م » : لا أعرف.

(٢) المدارك ٤ : ٣٢٩.

(٣) راجع ص : ٢١١ و ٢١٣.

(٤) المدارك ٤ : ٣٣٠.

٢٢٣

ركع ، وهذا غير الناسي ، وبتقدير تمامه فمضمونه عود الشخص للركوع ثانياً من غير سؤال عن الحكم وعلم به ، فهو من قبيل الجاهل لو رجع ، وأين الدلالة من الخبر على وجوب رجوع الناسي ، بل والجاهل؟ فليتأمّل.

قوله :

باب من يصلّي (١) خلف من يقتدى به العصر

قبل أن يصلّي الظهر.

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سليم الفرّاء قال : سألته عن الرجل يكون مؤذّن قوم وإمامهم فيكون في طريق مكّة وغير ذلك فيصلّي بهم العصر في وقتها فيدخل الرجل الذي لا يعرف فيرى أنّها الاولى ، أفتجزئه أنّها العصر؟ قال : « لا ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله 7 عن رجل يؤمّ بقوم فيصلّي العصر وهي لهم الظهر؟ قال : « أجزأت عنه وأجزأت عنهم » (٢).

فلا ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه فيه أن نحمله على من لا يقتدي بصلاة الإمام وينوي لنفسه الظهر ، فإنّ صلاته جائزة وإن كان للإمام العصر ، ( والخبر الأوّل يتناول من يقتدي بصلاته ويعقدها بها ، فإذا كانت صلاة الإمام العصر ) (٣) ولم ينو الذي صلّى خلفه لنفسه الظهر بطلت صلاة العصر (٤) ، لأنّه لم يصلّ بعد الظهر ، ولا تصحّ صلاة‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ : صلّى.

(٢) بدل ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩١ : أجزأت عنهم وأجزأت عنه.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩١ زيادة : له.

٢٢٤

العصر لمن لم يصلّ الظهر ( إذا لم يتضيّق وقته ) (١) على ما بيّناه.

السند :‌

في الأوّل : مضى القول في رجاله (٢) ، إلاّ سُلَيم الفرّاء ، وهو ثقة في النجاشي (٣) ، وفي الإيضاح : سُليم بضمّ السين والياء بعد اللاّم (٤).

والثاني : واضح بعد ما تكرّر القول في رجاله (٥).

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّ السؤال عمّن صلّى مع من يصلّي العصر ظانّاً أنّها الظهر ، وقوله : أفتجزئه أنّها العصر؟ ربما كان ظاهراً في أنّ المراد أتجزئه مع كونها العصر؟ والجواب حينئذٍ يتضمّن عدم الإجزاء ، لعلة (٦) ظنّه أنها الظهر ، فيكون البطلان بسبب الظن ، أمّا صلاة الرجل فيمكن أن تكون الظهر أو العصر والعنوان للباب كما ترى لصلاة العصر قبل أن يصلّي الظهر ، وهو شامل لمن صلّى ظانّاً أنّها الظهر ، ولمن علم أو ظنّ أنّها العصر.

والثاني : تضمّن أنّ صلاة العصر خلف من يصلّي الظهر تجزئ ، فلا مخالفة للخبر الأوّل ، لعدم حصول الظنّ السابق.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩١ : إلاّ إذا تضيّق وقتها.

(٢) راجع ج ١ ص ١٧٥ ، ١٩٦ ، ٢٣٥ ، ٣٢٣ ، ج ٣ ص ١٥٧.

(٣) رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٦.

(٤) إيضاح الاشتباه ١٩٩.

(٥) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ج ٣ ص ٦٤.

(٦) ساقط عن « فض » و « م » وفي « رض » : ولعله ، والظاهر ما أثبتناه.

٢٢٥

ولو حمل الخبر الأوّل على أنّ المراد أتجزئه صلاته على أن تكون العصر ، وحينئذٍ يكون البطلان من جهة عدم فعل الظهر قبل العصر ، أمكن ، فيوافق العنوان ، لأنّه متضمن لصلاة العصر قبل الظهر ، إلاّ أنّ الرجل المصلّي ( لم يُعلم كونه يصلّي الظهر أو العصر ، إلاّ أن يدّعى أنّ قوله : أنّها الاولى ، يشعر بأنّه يصلّي ) (١) الاولى ، وحينئذٍ يجوز أن يكون السؤال عن إجزاء صلاته عصراً ، نظراً إلى أنّ صلاة الإمام عصراً وإن لم يكن صلّى الظهر. نظراً إلى أنّ صلاة الإمام العصر.

والجواب بعدم الإجزاء يحتمل أنّ العلّة فيه عدم تقدّم الظهر ، فيصير موافقاً للعنوان ، إلاّ أنّ فيه عدم انحصار المعنى فيما ذكر ؛ لجواز أن يراد في السؤال أنّ اعتقاد الاولى مع كونها خلافه يفيد الصّحة أم لا؟ سواء كانت صلاة الرجل ظهراً أو عصراً ، فقول شيخنا قدس‌سره ( في فوائد الكتاب ) (٢) إنّ الروايتين ليس فيهما دلالة على أنّ المأموم يصلّي العصر قبل الظهر فعنوان الباب غير جيد ؛ محلّ تأمّل ، نعم لو قال : إنّ الرواية الأُولى غير صريحة كان متوجهاً.

أمّا ما قاله قدس‌سره في الفوائد أيضاً : إنّه لا منافاة بين الخبرين ، لا لما ذكره الشيخ ، بل لأنّ مقتضى الثاني جواز الائتمام في صلاة الظهر بمن يصلّي العصر ، ومقتضى الاولى أنّ من ائتمّ في الصلاة الأُولى وهي الظهر بمن يصلّي العصر لا تجزئه على أنّها العصر ، والأمر كذلك ، فإنّها إنما تجزئه عن الأُولى التي نواها ، كما تضمنته الرواية الأُخرى.

ففيه تأمّل أيضاً ؛ لأنّ عدم الإجزاء في الرواية يتناول عدم الإجزاء.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض ».

٢٢٦

عن الاولى لمن صلّى الأُولى ، لأنّ قوله : أفتجزئه ، أنها محتملة لإرادة الإجزاء مع كونها العصر ورأى أنّها الظهر ، فإذا وقع الجواب بعدم الإجزاء ( احتمل عدم الإجزاء ) (١) عن الأُولى ، إلاّ أنّ يقال : إنّ الظاهر لا تجزئه على أنّها العصر ؛ وفيه : أنّ هذا لو تمّ لدل على العنوان ، وهو صلاة العصر قبل الظهر ، وإجزاؤها عن الاولى لا ينافي عدم إجزائها عن العصر ، لعدم فعل الظهر.

فإن قلت : إذا نوى فعل الظهر خلف إمام يصلّي العصر ظانّاً أنّها الظهر ، فقد تعارض قصد الصلاة خلف الإمام صلاة مطلقة وصلاة مقيّدة في اعتقاده بأنّها الظهر ، فلِم لا يرجّح جانب البطلان ، لأنّ الصلاة المقيّدة باعتقاده غير حاصلة ، فلا يصح الائتمام ، واللازم منه بطلان صلاته من غير نظر إلى الرواية ، لأنّ فيها احتمالين.

قلت : لما ذكرت وجه ، إلاّ أنّ بطلان الصلاة بمثل هذا الاعتقاد محلّ كلام.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذكره الشيخ في الخبر الثاني من أنّه محمول على من لا يقتدي به ، يدلّ على أنّ من يقتدي به لا يصحّ أن يصلّي الظهر خلفه إذا كان يصلّي العصر ، وهذا غير معلوم القائل به ، بل في صلاة العصر خلف من يصلّي الظهر قول للصدوق منقول (٢) ، وعلى تقدير عدم القائل فلو ترك الشيخ قيد من لا يقتدي به كان أولى ، وقوله في الخبر [ الأوّل (٣) ] : أنه يتناول ، إلى آخره يدلّ على ما وجّهنا به كلامه ، نعم فيه ما سبق من عدم التعيّن.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٠ / ١١٨٣.

(٣) في النسخ : الثاني ، والصحيح ما أثبتناه.

٢٢٧

قوله :

باب أنّ (١) الإمام إذا سلّم ينبغي له أن لا يبرح

من مكانه حتى يتمّ من خلفه ما فاته من صلاته.

أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سمعته يقول : « لا ينبغي للإمام أن يقوم إذا صلّى حتى يقضي كلّ من صلّى (٢) خلفه ما فاته من الصلاة ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو ابن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجلٍ سها خلف إمام بعد ما افتتح بالصلاة (٣) ولم يقل شيئاً ولم يكبّر ولم يسبّح ولم يتشهّد حتى يسلّم؟ فقال : « جازت صلاته ، وليس عليه إذا سها خلف الإمام سجدتا السهو ، لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه ».

فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين ، أحدهما : أنّه يضمن القراءة لا غير ، يدلّ على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن الحسن (٤) ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام؟ فقال : « لا ، إنّ الإمام ضامن للقراءة ، وليس يضمن الإمام‌

__________________

(١) ليست في الاستبصار ١ : ٤٣٩.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩٢ لا يوجد : صلّى.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩٣ : الصلاة.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٤ لا يوجد : عن الحسن.

٢٢٨

صلاة الذين خلفه ، إنّما يضمن القراءة ».

والوجه الثاني أن يكون المراد بنفي الضمان إتمام الصلاة ، لأنّه ( لا يأمن من الحدث ) (١) ، يدلّ على ذلك :

ما رواه جميل ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال سألته عن رجلٍ صلّى بقومٍ ركعتين ثم أخبرهم أنّه ليس على وضوء؟ فقال : « يتمّ القوم صلاتهم ، فإنّه ليس على الإمام ضمان ».

السند :‌

في الأوّل : صحيح على ما مضى (٢).

والثاني : موثق ، وأحمد بن الحسن هو ابن فضّال ، وعمّار ابن موسى الساباطي.

والثالث : موثق أيضاً ، والحسن أخو الحسين.

والرابع : فيه أنّ الطريق إلى جميل غير مذكور في المشيخة ، لكن الصدوق سيأتي (٣) أنّه رواه عن جميل ، فهو صحيح.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّه ينبغي للإمام أن لا يبرح من مكانه حتى يقضي المأموم ما فاته من الصلاة ، والظاهر من القضاء الإتيان بالفعل على‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » و « م » : لا يأمن الحديث ، وفي « فض » : لا يؤمن الحدث ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٤.

(٢) تقدّم في ، ج ٦ ص ٣٨٦.

(٣) في ص : ٢٢٤٢.

٢٢٩

معنى فعل ما سبقه الإمام به ، ولو أُريد به القضاء حقيقةً ربما (١) يتناول كلّ ما فات إلاّ ما خرج بالدليل كالقراءة والأذكار في الركوع والسجود ، وحينئذٍ يدلّ على قضاء التشهد وقضاء أبعاضه حتى الصلاة على النبي وآله عليهم‌السلام بتقدير الوجوب ، إلاّ أنّ تبادر ما ذكرناه ربما يدّعى.

وعلى تقدير إرادة القضاء على وجه يعمّ الأوّل بنوع من التجوّز يحتمل أن يناقش في دلالته على وجوب قضاء كلّ ما فات ؛ لأنّ مفاد الرواية استحباب عدم الانتقال ( من الإمام ) (٢) حتى يقضي ما فاته المأموم ، أمّا لزوم قضاء كلّ ما فاته فأمر آخر.

وربما يدّعى أنّ « ما » تحتمل الموصولية فتعمّ ، أو غيرها فلا تعمّ ، لكن الظاهر من السياق العموم.

وعلى تقدير ما قلناه من الدلالة على الاستحباب المذكور يصير قضاء ما فات موقوفاً على الدليل ، وفي الظنّ أنّ عدم تعرّض من رأينا كلامه من الأصحاب للاستدلال على قضاء بعض الأجزاء بالخبر لما ذكرناه.

وأمّا الثاني : فمنافاته للأوّل لعلّ الوجه فيها دلالته على عدم قضاء ما فاته خلف الإمام ممّا ذكر وانتفاء سجدتي السهو عن المأموم ، وأنت خبير بعد ما قلناه في الخبر الأوّل بانتفاء المنافاة.

مضافاً إلى أنّ احتمال المنافاة يمكن دفعه : بأنّ مفاد هذا الخبر صحّة الصلاة مع نسيان القراءة والتسبيح والتكبير والتشهد ، والخبر الأوّل يدلّ على قضاء ما فاته ، فيدلّ على أنّ الصلاة صحيحة ، وإنّما يقضي ما فاته على تقدير القضاء الحقيقي ، وعلى تقدير الإتمام فلا إشكال ، وحينئذٍ إذا دلّ‌

__________________

(١) في « فض » : بما.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٣٠

الخبر الأوّل على قضاء كلّ ما فات فيخص ما ذكر في الرواية ، غاية الأمر أنّ التكبير فيها إن أُريد به تكبيرة الإحرام فإشكاله ظاهر ، بل يخص بغيرها ، وأمّا التشهد فقضاؤه مضى القول فيه (١) ، فتخصيصه ممكن.

ولو حمل الخبر على أنّ الضمان للسهو بمعنى عدم لزوم سجدتي السهو للمأموم على تقدير سهوه ، بل إنّما يجب عليه قضاء ما فاته ممّا يجب قضاؤه من دون سجدتي السهو في موجبهما فلا منافاة للخبر الأوّل من هذه الجهة ، ولا يبعد ادّعاء ظهور ضمان الإمام في هذا ، لكن الشيخ كما ترى خصّ الخبر بضمان القراءة للخبر الثالث ، وغير خفي أنّ مفاده حصر الضمان في القراءة ، والخبر الثاني كالصريح في نفي سجدتي السهو ، معلّلاً بأنّ الإمام ضامن ، فلا بدّ أن يتناول الضمان نفي سجدتي السهو ، والخبر الثالث يحمل حصره على الإضافي ، على معنى أنّه إنّما يضمن قراءة المأموم لا غيرها من الركوع والسجود والأذكار ، أمّا إذا سها عن بعض ما يجب قضاؤه فلا يضمن ، وعلى هذا فالوجه الأوّل غير تام.

وأمّا الوجه الثاني : فلا يكاد يظهر له معنى يليق في مقام جواب السؤال عمّن نسي ما ذكر في الخبر الموجّه ، نعم لو وقع في خبر : إنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه. أمكن أن يقال في معناه الوجه الأوّل في الجملة ؛ وأمّا الثاني فمعناه خفي كمطابقته ؛ إذ ظاهر الكلام أنّ الإمام ينبغي إتمام صلاته ، لأنّه لا يأمن الحدث ، ولا يذهب عليك بعده عن المعنى ، إلاّ بتقدير أن يراد أنّ الإمام لا يلزمه فعل ما أخلّ به المأموم بعد الصلاة ، أو في الأثناء ، أو الصبر إلى أن يأتي المأموم بما فاته على سبيل اللزوم ، بل إنّما‌

__________________

(١) راجع ج ٦ ص ١٠٦.

٢٣١

عليه الإتمام فقط ، والتعبير بأنّه لا يأمن الحدث غير واضح المرام.

والخبر المستدل به عليه وهو الرابع يدلّ على أنّ الإمام بعد إخباره بالحدث انتفى ضمانه لصلاتهم ، بل عليهم إتمامها ، وحينئذٍ يحتمل أن يكون مراد الشيخ أنّ الحدث إذا أوجب عدم الضمان بمعنى سقوطه وإتمام المأموم صلاته كما في الخبر ، فالخبر الدالّ على نفي الضمان نحمله على النفي إذا حصل الحدث ، فكأنّه قال : ليس على الإمام ضمان في جميع الصلاة ، إذ لا يأمن الحدث ، ( فقول الشيخ : المراد بنفي الضمان إتمام الصلاة ، يريد به أنّه ليس عليه إتمام الصلاة لجواز الحدث ، فعبّر بنفي الضمان عن عدم لزوم الإتمام ، والخبر المستدلّ به أفاد سقوط الضمان بعد الحدث ) (١) ، فعُلم أنّ الإمام لا يضمن مطلقاً إتمام الصلاة ، وهذا وإن كان لا يخلو من تكلّف إلاّ أنّ فيه توجيهاً لكلام الشيخ في الجملة.

ويبقى عليه أنّ الوجه الثاني ينبغي أن يرجع إلى الخبر الأوّل من المنافي ، والحال أنّ الخبر تضمّن ضمان الإمام لا نفيه ، والمتضمّن للنفي الخبر المستدلّ به على الوجه الأوّل ، فالخلل لا يظهر ( لي إصلاحه ، ولا يبعد ) (٢) أن يكون في البين سهو قلم ، وإن لم يكن فالتسديد في غاية التكلّف.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق في الفقيه ذكر رواية عمّار الساباطي (٣) ، ثم نقل روايةً عن محمّد بن سهل ، عن الرضا عليه‌السلام أنّه قال‌ :

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) بدل ما بين القوسين في « م » : لا صراحة ولا.

(٣) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٤ ، الوسائل ٨ : ٢٥٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٤ ح ٥.

٢٣٢

« الإمام يحمل أوهام من خلفه ، إلاّ تكبيرة الافتتاح » (١) ثم قال : والذي رواه أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام حين قال له : أيضمن الإمام الصلاة؟ فقال « لا ، ليس بضامن » (٢) ليس بخلاف خبر عمّار وخبر الرضا عليه‌السلام ؛ لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه متى سها عن شي‌ءٍ منها غير تكبيرة الافتتاح ، وليس بضامن لما يتركه المأموم متعمداً ، ووجه آخر ، وهو : أنّه ليس على الإمام ضمان لإتمام الصلاة بالقوم ، فربما حدث به حدث قبل أن يتمّها ، أو يذكر أنّه على غير طهر ، وتصديق ذلك ما رواه جميل (٣) ، وذكر الرواية الأخيرة.

ولا يخفى أنّ الشيخ أراد ما ذكره الصدوق لكن التشويش حصل من نقل الأخبار في الكتاب ، بخلاف أخبار الصدوق ، واستدلال الشيخ برواية جميل قرينة على أنّ الشيخ أخذه من الفقيه ، والطريق إلى جميل تقدّم صحته (٤) ، وما ذكره الصدوق : من أنّ الإمام ضامن متى سها ؛ لا يخلو من إجمال ، ولعلّ المراد أنّه ضامن سجود السهو لا مطلق ما يوجبه ، مع احتمال لغير هذا.

وأمّا استثناء تكبيرة الإحرام فالمراد به على الظاهر إذا سها عنها المأموم لا يضمنها الإمام ، لا عدم ضمان سجود السهو ، ليدلّ على أنّ السهو عنها يوجبه ولا يضمنه الإمام ، لكن هذا يقتضي المغايرة بين الاستثناء والمستثنى منه ، فلا بدّ من الحمل على موجب السجود ، والحال لا يخفى.

وقد ذكر شيخنا قدس‌سره أنّ المأموم يجب عليه سجود السهو مع الإمام إذا‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٥ ، الوسائل ٦ : ١٥ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٢ ح ١٢.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٦ ، الوسائل ٨ : ٣٥٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٠ ح ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٧ ، الوسائل ٨ : ٣٧١ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٢.

(٤) في ٢٢٨.

٢٣٣

اشتركا في السهو ، ولو انفرد أحدهما بالسبب اختصّ به الوجوب ، أمّا وجوب السجود عليهما فظاهر ، لاشتراكهما في الموجب ، وأمّا وجوب السجود على المنفرد فلأصالة عدم تعلّق الوجوب بمن لم يعرض له السبب ، وفي المسألة قولان آخران ، أحدهما : أنّه لا سجود على المأموم مطلقاً وإن عرض له السبب ، ذهب إليه الشيخ في الخلاف ، وادّعى عليه الإجماع ، واستدلّ عليه بما رواه عن عمّار الساباطي وذكر الرواية السابقة ثم أجاب قدس‌سره بالطعن في السند (١). وغير خفي أنّ رواية الصدوق لها توجب المزيّة.

بقي شي‌ء ، وهو أنّ شيخنا قدس‌سره في فوائد الكتاب قال : لا يخفى ما في هذا الباب من التشويش مع أنّ الخبر الثاني غير منافٍ للأوّل بوجه (٢) ، فلا وجه لإيراده في مقابله ، انتهى. وقد عرفت وجه المنافاة ، فتأمّل.

قوله :

باب صلاة الجماعة في السفينة.

أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، قال حدّثني عنبسة ، عن إبراهيم بن ميمون (٣) أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في جماعة في سفينة (٤)؟ فقال « لا بأس ».

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٨٠ بتفاوت يسير.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) في التهذيب ٣ : ٢٩٧ / ٩٠٢ : حدَّثني عيينة عن إبراهيم. ، وفي الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٦ : حدّثني عتبة عن إبراهيم. ، وفي الوسائل ٥ : ٤٧٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٧٣ ح ١ : عن عيينة ( عنبسة ) عن إبراهيم.

(٤) في الإستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٦ : في السفينة.

٢٣٤

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد العلوي ، عن العمركي البوفكي (١) ، عن علي بن جعفر ، عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : سألته عن قوم صلّوا جماعة في سفينة أين يقوم الإمام ، وإن كان معهم نساء كيف يصنعون ، أقياماً يصلّون أم جلوساً؟ قال : « يصلّون قياماً ، فإن لم يقدروا على القيام صلّوا جلوساً ويقوم الإمام أمامهم والنساء خلفهم ، وإن ماجت السفينة قعدن النساء وصلّى الرجال ، ولا بأس أن تكون النساء بحيالهم ».

فأما ما رواه سهل بن زياد ، عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت مع أبي الحسن عليه‌السلام في السفينة في دجلة فحضرت الصلاة ، فقلت : جُعلت فداك نصلّي في جماعة؟ فقال : « لا تصلّ في بطن وادٍ جماعة ».

فالوجه في هذا الخبر ضربٌ من الكراهية ، أو حال الضرورة التي لا يتمكن فيها من الصلاة جماعة.

السند :‌

في الأوّل : أحمد بن محمّد فيه ابن عيسى ، وأبوه مضى القول فيه مكرّراً (٢) ؛ كعبد الله بن المغيرة (٣). وعنبسة مشترك (٤). وإبراهيم بن ميمون مجهول الحال.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٧ : عن العمركي النوفلي ، وفي « م » : عن العمركي ، عن النوفلي.

(٢) ج ١ ص ١٩٦ ، ٢٥٣ ، ٣٣١ ، ج ٢ ص ٥٦ ، ٢٣١ ، ج ٤ ص ١٠٦.

(٣) ج ١ ص ٥٩ ، ج ٤ ص ١٠٧ ، ٣٩٢.

(٤) انظر هداية المحدّثين : ١٢٥.

٢٣٥

والثاني : فيه محمّد بن أحمد العلوي ، وهو مذكور في رجال من لم يرو عن الأئمّة عليهم‌السلام من كتاب الشيخ من غير توثيق ولا مدح (١) ، وغيره معلوم الحال.

والثالث : فيه سهل بن زياد ، والطريق إليه مذكور في المشيخة (٢) ، لكن لا يفيد. وأبو هاشم من أجلاّء الطائفة وثقاتهم.

المتن :

في الأول : ظاهر الدلالة.

والثاني : لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ قوله : « وإن ماجت » إلى آخره. يحتمل أنْ يراد بقعود النساء عدم صلاتهن قعوداً ، ( ويحتمل صلاتهن قعوداً ) (٣) ، ولعلّ الوجه الأوّل له قرب ؛ لأنّ الخبر تضمّن كما ترى الصلاة قياماً مع الإمكان وجلوساً مع عدمه ، وهو شامل للنساء والرجال.

وقوله : « ويقوم الإمام » يحتمل أنْ يراد به قيام الصلاة وإنْ كانت من جلوس ، ويحتمل أنْ يكون لبيان الصلاة مع إمكان القيام ، وحينئذٍ فذكر موج السفينة يحتمل أنْ يكون لبيان حال أوّل الصلاة مع حصول الموج ، وعلى كل حال فصلاة النساء بعيدة عن الظاهر بعد قوله : « وصلّى الرجال » بل ينبغي : وقام الرجال.

وقوله : « ولا بأس أن تكون النساء بحيالهم » محتمل لأنْ يراد به أنّ جلوسهن من غير صلاة بحيال الرجال لا يضرّ ، ويحتمل لأنْ يراد حال‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٥٠٦ / ٨٣.

(٢) الإستبصار ٤ : ٣١٦.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

٢٣٦

الصلاة ، وعلى تقدير المنع يكون من جهة الضرورة ما ذكر ، وقد يرجِّح احتمال قعودهن في حال الصلاة بعض ألفاظ الخبر.

ثم إنّ إطلاق الخبرين قد يقيَّد بما يأتي في باب الصلاة في السفينة إنشاء الله (١).

وأمّا الثالث : فما ذكره الشيخ فيه من الكراهة له وجه ، أمّا الضرورة فبعيدة.

ثم إنّ الوادي محتمل لأنْ يكون السؤال حال كون السفينة في وادٍ ممّا تجري فيه دجلة ، ويحتمل على بُعدٍ أنْ يراد به السفينة ، لأنّها شبيهة بالوادي ، وكراهة الصلاة في الوادي حينئذٍ تتناول مثل السفينة ، أمّا تخصيص الجماعة فكأنّه للسؤال عنها ، ويحتمل الاختصاص ، ويحتمل أن يراد بالوادي ما بين طرفي الشط.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ شيخنا قدس‌سره في المدارك وصف روايةً لعلي ابن جعفر في هذا الباب بالصحّة (٢) ، ومتنها موافق لما رأيته في زيادات الصلاة من التهذيب (٣) ، إلاّ أنّ في الطريق محمّد بن أحمد العلوي ، وكأنّه اعتمد على عدّ طريقه صحيحاً ، ولعل الوجه تصحيح العلاّمة بعض الطرق المشتملة عليه.

ثم إنّ متن الرواية : قال سألته عن قومٍ صلّوا جماعةً في سفينة ، أين يقوم الإمام ، وإنْ كان معهم نساء كيف يصنعون؟ إلى أنْ قال : « وإنْ ضاقت السفينة » إلى آخره. ولا يبعد أنْ يكون ما هنا تصحيفاً وعلى ما في التهذيب‌

__________________

(١) انظر ص : ٣٠٨.

(٢) المدارك ٤ : ٣٨٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٩٠٠.

٢٣٧

يعيّن المعنى السابق.

وروى الشيخ في التهذيب الرواية عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن أحمد العلوي (١) ، وهنا كما ترى عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، والأمر سهل.

ثم إنّ في التهذيب رواية صحيحة (٢) عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن العبّاس ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بالصلاة جماعة في السفينة » (٣).

وبالجملة فالحكم لم نقف على خلافٍ فيه.

قوله :

باب بئر الغائط يُتخذ مسجداً.

محمّد بن علي بن محبوب ( عن العبّاس ) (٤) ، عن صفوان ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان مولى طربال ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « الأرض كلّها مسجد ، إلاّ بئر غائط ، أو مقبرة ، أو حمّام ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن محمّد بن مضارب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بأنْ يُجعل على العذرة‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٨٩٨.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٨٩٩ ، الوسائل ٨ : ٤٢٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٧٣ ح ٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٣٨

مسجداً ».

فلا ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه في الجمع بينهما أنّه إنّما يجوز أنْ يُجعل مسجداً إذا طُمّ بالتراب وانقطعت رائحته ، يدلّ على ذلك :

ما رواه سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الجارود قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن المكان يكون حشّا ثم ينظّف ويجعل مسجداً؟ قال : « يطرح عليه من التراب حتى يواريه فهو أطهر ».

سعد ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الربعي ، عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، قال : سُئل أيصلح مكان الحشّ أنْ يُتخذ مسجداً؟ فقال : « إذا القي عليه ( من التراب ) (١) ما يواري ذلك ويقطع (٢) ريحه فلا بأس ، وذلك لأنّ التراب يطهّره ، وبه مضت السنّة ».

سعد ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ( عن عبد الله بن المغيرة ) (٣) عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المكان يكون حشّا زماناً فينظف ويُتخذ مسجداً؟ فقال : « ألقِ عليه من التراب حتى يتوارى ، فإنّ ذلك يطهّره إن شاء الله ».

السند :‌

في الأوّل : فيه القاسم بن محمّد وهو مشترك (٤). وسليمان مولى‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤١ / ١٧٠٢ : أو يقطع.

(٣) ما بين القوسين ليس في الاستبصار ١ : ٤٤٢ / ١٧٠٣.

(٤) رجال الطوسي : ٤٩٠ / ٥ و ٧.

٢٣٩

طربال مهمل في الرجال (١) ، لكن في الرواية عنه محمّد بن القاسم ، عن عبّاد بن يعقوب ، فقد يظن الاشتباه ، ودفعه غير خفي.

والثاني : فيه محمّد بن مضارب ، وهو مهمل في رجال الشيخ (٢) ، وباقي رجاله لا يخفى حالهم بعد ما قدّمناه (٣).

والثالث : فيه سهل بن زياد ، وأبو الجارود زياد بن المنذر وهو زيدي على ما قاله الشيخ في الفهرست. (٤)

والرابع : فيه هارون بن مسلم ، وهو ثقة في النجاشي (٥) ، وكان له مذهب في الجبر والتشبيه ، وقد قدّمنا أنّ معنى هذا الكلام غير ظاهر (٦).

وأمّا مسعدة بن صدقة الربعي فالذي وقفت عليه في الفهرست ما هذه صورته : مسعدة بن صدقة له كتاب. مسعدة بن زياد له كتاب. مسعدة بن اليسع له كتاب. مسعدة بن الفرج الربعي له كتاب ، أخبرنا بذلك إلى أنْ قال ـ : عن هارون بن مسلم عنهم (٧). ولا يخفى أنّ الربعي ليس وصفاً لابن صدقة في الفهرست.

وفي النجاشي : ( مسعدة بن صدقة العبدي إلى أنْ قال ـ : حدّثنا هارون بن مسلم عنه (٨).

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٨٩.

(٢) رجال الطوسي : ٣٠٠ / ٣٢٢.

(٣) راجع ج ١ ص ٣٧٩ ، ج ٤ ص ٣٨ ، ١٢٤ ، ١٦٧ ، ٢٩١ ، ٣٦١ ، ج ٥ ص ١٢٤.

(٤) الفهرست : ٧٢.

(٥) رجال النجاشي : ٤٣٨.

(٦) راجع ج ١ ص ٣٣٥ ، ج ٣ ص ٤٣٥.

(٧) الفهرست : ١٦٧ / ٧٣٢ ، ٧٣٣ ، ٧٣٤ ، ٧٣٥.

(٨) رجال النجاشي : ٤١٥ / ١١٠٨.

٢٤٠