إستقصاء الإعتبار - ج ٧

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٦

عليه ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن العبّاس بن معروف ، ( عن ابن سنان ) (١) ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : « سألته عن رجلٍ أمّ قوماً وأصابه رعاف بعد ما صلّى ركعة أو ركعتين فقدّم ( من صلّى ) (٢) من قد فاته ركعة أو ركعتان؟ قال : يتمّ بهم الصلاة ثم يقدّم رجلا فيسلّم بهم ويقوم هو فيتمّ بقية صلاته ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على ضرب من الاستحباب وإن كان الإيماء يكفيه (٣) حسب ما تضمّنه الخبر الأوّل.

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن الحكم بن مسكين ، عن معاوية بن شريح قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « إذا أحدث الإمام وهو في الصلاة لا ينبغي أن يقدّم (٤) إلاّ من شهد الإقامة ».

فالوجه في هذا الخبر ضرب من الاستحباب ، ولأجل ذلك قال : « لا ينبغي » ولم يقل : لا يجوز ، وذلك صريح بالكراهية.

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يؤمّ القوم فيحدث فيقدّم رجلاً قد سبق بركعة ، كيف يصنع؟ قال : « لا يقدّم من سبق بركعة ، ولكن يأخذ بيد غيره فيقدّمه ».

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٣٤ : يكفي.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٣٤ / ١٦٧٤ : يتقدّم.

١٨١

فهذا الخبر وإن كان ظاهره النهي فنحن نحمله على ضرب من الكراهية ، بدلالة ما تقدّم من الأخبار.

السند :‌

في الأوّل : قد تكرّر القول فيه بما يغني عن الإعادة من جهة محمّد ابن إسماعيل (١) ، وأمّا غيره فلا ارتياب فيه على ما مضى أيضاً (٢).

والثاني : فيه ابن سنان وطلحة بن زيد ، والأوّل هو محمّد ؛ لروايته عن طلحة في النجاشي ، وقد مضى القول فيه مفصّلاً (٣) ، والحاصل أنّه ضعيف. وطلحة بن زيد قيل : عامي (٤) ، وقيل : بتري (٥).

والثالث : فيه الحكم بن مسكين ، وهو مجهول الحال ، لذكره في الرجال بما لا يزيد عن الإهمال (٦). وأحمد بن الحسن هو ابن فضّال ، وهو فطحي ثقة ، ومعاوية بن شريح مضى فيه القول (٧) ، وهو مهمل في الرجال ، سواء كان ابن ميسرة أو غيره.

والرابع : واضح الحال بعد ما قدّمناه في سليمان بن خالد (٨). والنضر هو ابن سويد الثقة.

__________________

(١) راجع ج ١ ص ٤٦ ، ٥٢ ، ج ٢ ص ٧٥.

(٢) راجع ج ١ ص ٩٩ ، ج ٤ ص ١٨١ ، ج ٦ ص ٢٨.

(٣) راجع ج ١ ص ١١٧ ١١٨.

(٤) رجال النجاشي : ٢٠٧ / ٥٥٠.

(٥) رجال الطوسي : ١٢٦ / ٣.

(٦) رجال النجاشي : ١٣٦ / ٣٥٠.

(٧) راجع ج ٣ ص ٢٩.

(٨) راجع ج ١ ص ٣٥١ ، ج ٢ ص ٢١٧.

١٨٢

المتن :

في الأوّل : واضح الدلالة على جواز إمامة المسبوق ، وفيه دلالة على جلوسه لأجل تشهّد المأمومين ، لكن إن كان في الثلاثية فجلوسه لتشهّده الأوّل إن أدرك الثانية من المغرب ، وإن أدرك الثالثة فالجلوس لتشهّد المأمومين إن كان تقديمه في الركعة (١) ، وإن كان في أثناء تشهّد الإمام [ فالجلوس (٢) ] بقدر إتمام تشهدهم. وإن كان في الرباعية وأدرك الثانية [ فالجلوس (٣) ] لأجل تشهّدهم ، وإن كان في الثالثة فلأجل تشهّده الأوّل وتشهدهم الثاني ، ولا يبعد أن يكون الظاهر من الجلوس الزائد عن تشهده ، فيخصّ بما يقتضي ذلك.

فإن قلت : ربما يستفاد من ظاهر الخبر وجوب الإتمام ووجوب الجلوس المذكور ؛ لأنّ الجملة الخبرية في مثل هذا بمعنى الأمر.

قلت : قد قدّمنا في هذا الكتاب في إفادة الجمل الخبرية الوجوب بما حاصله : أنّ ما ذكره علماء المعاني من أنّ العدول عن الأمر لإفادة الحثّ على الفعل غير منحصر في هذا ، بل له فوائد اخرى ، ونقول هنا : إنّ إفادة الوجوب تتوقف على ثبوت وجوب إتمام الإمام صلاة الجماعة ، على معنى عدم جواز الانفراد اختياراً ، والذي وقفت عليه في كلام متأخري الأصحاب تصريح المحقّق في [ الشرائع (٤) ] بجواز مفارقته إذا نوى الانفراد (٥) ، وحكى‌

__________________

(١) في « رض » زيادة : الاولى.

(٢) في النسخ : والجلوس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ : والجلوس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في النسخ : الرابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) الشرائع ١ : ١٢٥ و ١٢٦.

١٨٣

شيخنا قدس‌سره عن العلاّمة في النهاية نقل الإجماع على الجواز ، وعن الشيخ في المبسوط القول بأنّ من فارق الإمام لغير عذر بطلت صلاته (١). وقد أشبعت القول في المسألة في حواشي الروضة ، وسيأتي هنا إن شاء الله بعض القول في ذلك في باب من رفع رأسه قبل الإمام.

وأمّا حكم نيّة الانفراد للإمام جوازاً أو منعاً فلم أقف على مصرّح بالحكم الآن ، سوى أنّ المحقّق في الشرائع قال : وكذا لو عرض للإمام ضرورة جاز أن يستنيب ، ولو فعل ذلك اختياراً جاز أيضاً (٢).

وذكر شيخنا قدس‌سره أنّ المحقق ردّ بقوله : ولو فعل ذلك اختياراً يعني المبطل اختياراً جاز أيضاً ، على أبي حنيفة ، حيث منع من استخلاف الإمام إذا تعمّد فعل المبطل ، وأوجب على المأمومين الإتمام فرادى (٣). وكأنّه قدس‌سره وقف على ما يقتضي مراد المحقق ، ولولاه أمكن أن يقال : إنّ مراده لو استناب من غير ضرورة جاز ، على معنى جواز الاستنابة اختياراً ، بأن ينوي انفراده ويستنيب غيره ، إلاّ أنّ هذا يقتضي عدم الفائدة ظاهراً في استنابة غيره ، بل إذا جاز نيّة الانفراد جاز استنابة غيره وعدمها ، بأن ينفرد المأمومون أو يستنيبوا أحداً.

إلاّ أن يقال : إنّ كلام المحقّق لمّا كان بصدد استنابة الإمام ذكر ما قاله ؛ وممّا يدفع هذا : أنّ الإمام لو فعل المبطل اختياراً فقد يحصل به الفسق ، وقد ذكر المحقّق مسألة ما لو علم المأموم في الأثناء فسق الإمام ، ونقل القول بالاستئناف واختار الانفراد (٤) ، وحينئذٍ لا مجال لاحتمال ما ذكرناه إلاّ‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٣٧٧.

(٢) الشرائع ١ : ١٢٥.

(٣) المدارك ٤ : ٣٦٤.

(٤) الشرائع ١ : ١٢٥.

١٨٤

بتكلّفٍ مستغنى عنه ، وقد ذكرت ذلك مفصّلاً في حواشي المدارك.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ جواز مفارقة الإمام بنيّة الانفراد حيث لم أقف على القائل بها لا يمكن الحكم بالجواز ، وإن أمكن أن يقال نحو ما ذكروه في مفارقة المأموم بنيّة الانفراد من أنّ الجماعة ليست واجبة ابتداءً فكذا استدامةً ، وبأنّ الائتمام يفيد الفضيلة فتبطل بفواته دون الصحّة ، فإنّ هذين الدليلين يجريان في الإمام.

وما أجاب به شيخنا قدس‌سره عن الأوّل : بأنّه لا يلزم من عدم الوجوب ابتداءً عدمه استدامةً ، وعن الثاني : بأنّ نيّة الائتمام كما تفيد الفضيلة تفيد الصحّة على هذا الوجه ، فيجب فواتها بنيّة الانفراد إلى أن يأتي بوجه آخر معلوم الصحّة (١) ؛ قد أجبنا عنه في حواشي الروضة ، والذي يقال هنا في الجواب : إنّ قوله : لا يلزم من عدم الوجوب ابتداءً عدمه استدامةً ، إنّما يتمّ إذا كان الغرض مجرد الجواب ، لأنّه مانع ، لكن لمّا كان مختاره عدم الجواز فلا يتمّ الجواب ، إلاّ أن يقال : إنّ دليله على العدم غير ما ذكره كما يعلم من مراجعة الكتاب.

والحقّ أنّ المستدل لو أراد أنّ الأصل استمرار عدم الوجوب أمكن توجيه كلامه ، غير أنّ لنا كلاماً في هذا ، والحاصل منه أنّ الصلاة هيئة مركبة من جنس وفصل هو الجماعة ، وبانعدام الفصل تنعدم حصّته ، والفصل الآخر وهو الانفراد معه حصّة أُخرى ، إلاّ أنّ هذا مبني على تحقيق الأمر في الجنس والفصل كما يعلم من موضعه.

وما قاله قدس‌سره في جواب الثاني يرجع القول فيه كالأوّل من حيث‌

__________________

(١) المدارك : ٣٧٨.

١٨٥

الجنس والفصل.

وإذا تمهّد هذا فالحكم في الإمام إنّما يتمشى على نحو المأموم فيما إذا قصد الإمامة وجوباً في صورة وجوب الصلاة جماعة كالجمعة على قولٍ (١) ، واستحباباً على قول آخر ، فإنّه يقال : إنّ الصلاة هيئة مركبة من المجموع كما تقدّم (٢) ، إلاّ أنّه لا يخفى لزوم بطلان الصلاة لو قارنت بعض القصود ثم تركت ، كما لو قصد الإمام الانفراد ثم قصد الجماعة في الأثناء ، ولا قائل به.

نعم في الظنّ نوع احتمال لبعض الأصحاب في صلاة الإمام جماعةً مع علمه بفسق نفسه ، ولا أعلم الآن أنّه على وجه الجزم أو مجرّد الاحتمال كما سبق نقله إجمالاً (٣) ، وعلى كل حال فانفراد الإمام اختياراً لا أعلم المصرّح بمنعه ولا بجوازه ، فالخبر المبحوث عنه يحتمل الجملة الخبرية فيه أن تكون بمعنى الأمر وجوباً فيفيد لزوم الإتمام بالقوم إلاّ مع الضرورة ، والجلوس يحتمل نحوه.

وقد سمعت القول في أنّي لم أقف الآن على المصرّح به ، غير أنّ في الفقيه ما هذه صورته : فإن قدّم مسبوقاً بركعة فإنّ عبد الله بن سنان روى عنه ، قال : « إذا أتمّ صلاته بهم فليومئ إليهم يميناً وشمالاً فلينصرفوا ثم ليكمل هو ما فاته من صلاته » (٤).

وهذه الرواية صحيحة ، والضمير في « عنه » للصادق عليه‌السلام لتقدّم‌

__________________

(١) الروضة ١ : ٣٨٢.

(٢) في ص ١٨٤.

(٣) في ص ١٧٥.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٢ / ١١٩٣ ، الوسائل ٨ : ٣٧٧ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٠ ح ١.

١٨٦

ذكره ، وليس فيها ذكر الجلوس ، فربما أيّد حمل الأمر بالجلوس في الخبر المبحوث عنه على الاستحباب.

ويمكن أن يقال : إنّ خبر ابن سنان مجمل والخبر المبحوث عنه مفصّل ، أو يقال : إنّ قوله : « إذا أتمّ صلاته بهم » يدلّ على الجلوس ويكون الإيماء بعده ، كما ينبّه عليه قوله : « فلينصرفوا » لأنّ الانصراف عقيب الإيماء يدلّ على سبق التشهّد ، والحال أنّ الانصراف بعد الإيماء فيكون الجلوس حاصلاً ، ويمكن أن يقال : إنّ الانصراف يراد به إكمال صلاتهم بالتشهد ، وفيه بُعد ، والحقّ أنّ خبر ابن سنان مجمل كالخبر المبحوث عنه ؛ لما ذكرناه من تفاوت حال المسبوق.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه مجمل من جهة الجلوس على تقدير إرادة الزائد ، فإن كان المراد به مجرّد الجلوس من دون تشهّد ، كما هو الظاهر من قوله : « حتى إذا فرغوا من تشهدهم » دلّ على أنّ الواجب أو المستحب مجرّد الجلوس من دون الذكر ، وإن كان المراد به مع الذكر ، بأن يحمل تشهّدهم على المجموع منه ومنهم أمكن لزوم الذكر أو استحبابه.

والعجب من عدم تعرّض شيخنا قدس‌سره للخبر مع ذكره في الاستدلال على جواز استنابة المسبوق (١) ، وكذلك بعض محقّقي المتأخرين رحمه‌الله في شرح الإرشاد (٢).

وربما يستفاد من الخبر المبحوث عنه أنّ الإمام يسلّم على اليمين والشمال ؛ لأنّ الإيماء منه مقام التسليم كما هو ظاهر الخبر ، ويحتمل أن يكون الإيماء من الإمام إشارةً إلى أنّهم يسلّمون على اليمين والشمال ،

__________________

(١) المدارك ٤ : ٣٦٧.

(٢) مجمع الفائدة ٣ : ٣٢٤.

١٨٧

فيفيد تسليم المأمومين كذلك (١).

وقوله عليه‌السلام : « فكأنّ الذي أومأ إليهم » إلى آخره ، محتمل لأن يراد أنّ الإيماء منه تسليم ، أي إيذان بالانصراف ، ويحتمل أن يراد أنّ الإيماء يراد به التسليم ، بمعنى أنّ الإشارة باليد لأجل وقوع تسليم منهم ، وربما يرجّح هذا قوله : « وانقضاء صلاتهم » إلاّ أن يقال : إنّ الإيماء منه تسليم فتنقضي صلاتهم به ، وحينئذٍ يدلّ على عدم وجوب التسليم ، كما ذكره بعض محقّقي المتأخرين رحمه‌الله (٢) وفيه : أنّ احتمال غيره ممّا ذكرناه موجود.

وأما ما تضمّنه من قوله : « أو بقي عليه » ترديد من الراوي في أي اللّفظين وقع من الإمام عليه‌السلام ، هذا.

وأمّا الثاني : فدلالته (٣) لا تخلو من إجمال ؛ لأنّ التسليم بهم إمّا أن يراد به مع جلوسه المستفاد من الأوّل ، أو مع عدمه بأن يتمّ من غير جلوس ويشير إلى من تشهّد معهم بأن يسلّم أو لا. وقول الشيخ : إنّه محمول على الاستحباب ، كالخبر في الإجمال ، لما ذكرناه. واحتمال الفرق بين الرعاف وغيره يدفعه : أنّ الأوّل فيه العلّة وهي أعم من الرعاف ، إلاّ أن يقال بانصراف العلّة إلى المرض ، كما سيأتي في اللغة.

والثالث : ما قاله الشيخ متوجّه فيه ، إلاّ أنّ لفظ « لا ينبغي » يستعمل في غير الكراهة في الأخبار ، والصراحة محلّ كلام ، نعم الظهور ربما يدّعى.

والرابع : محمل (٤) الكراهة فيه واضح.

__________________

(١) في « فض » زيادة : يدل عليه بعض الاخبار في التشهد حيث قال.

(٢) مجمع الفائدة ٣ : ٢٦٠.

(٣) في « رض » و « م » زيادة : عليه‌السلام.

(٤) في « رض » : محلّ.

١٨٨

اللغة :

قال في القاموس : العِلّة بالكسر المرض علّ يعلّ واعتلّ وأعلّه الله فهو مُعَلّ وعليل ولا تقل معلول (١).

قوله :

باب من لم يلحق تكبيرة الركوع‌

الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن محمّد ابن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قال : لي : « إذا (٢) لم تدرك القوم قبل أنْ يكبّر الإمام للركعة فلا تدخل (٣) معهم في تلك الركعة ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا تعتدّ بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الإمام ».

عنه ، عن النضر ، عن عاصم ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا أدركت التكبيرة قبل أنْ يركع الإمام فقد أدركت الصلاة ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن هشام ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « في الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع فكبّر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل أنْ يرفع الإمام رأسه‌

__________________

(١) القاموس المحيط ٤ : ٢١.

(٢) في التهذيب ٣ : ٤٣ / ١٤٩ ، والاستبصار ١ : ٤٣٤ / ١٦٧٦ : إن.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٣٤ / ١٦٧٦ : فلا تدخلنّ.

١٨٩

فقد أدرك الركعة ».

وما رواه محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أدركت الإمام وقد ركع فكبّرت وركعت قبل أنْ يرفع رأسه فقد أدركت الركعة ، فإنْ رفع الإمام رأسه قبل أنْ تركع فقد فاتتك ».

فالوجه في هذين الخبرين أنْ نحمل قوله : « إذا أدركت الإمام وهو راكع » وفي الخبر الأخير (١) : « وقد ركع » على اللحوق به في الصفّ الذي لا ينبغي التأخير عنه مع الإمكان وإنْ كان قد أدرك تكبيرة الركوع قبل ذلك المكان ، لأنّ من سمع الإمام يكبّر للركوع وبينه وبينه مسافة يجوز له أنْ يكبّر ويركع حيث انتهى به المكان ثم يمشي في ركوعه إنْ شاء حتى يلحق به ، أو يسجد في مكانه ، فإذا فرغ من سجدتيه ( لحق به ) (٢) أيّ ذلك شاء فعل ، ومتى حملنا هذين الخبرين على هذا الوجه لم تتناقض الأخبار ، والذي يدلّ على جواز ما ذكرناه :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، أنّه سُئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة؟ فقال : « يركع قبل أنْ يبلغ القوم ويمشي وهو راكع حتى يبلغهم ».

محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن‌

__________________

(١) ساقط عن « م » و « رض » وفي « فض » : الآخر ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٣٥.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

١٩٠

أبي عبد الله (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا دخلت المسجد والإمام راكع وظننت أنّك إنْ مشيت إليه رفع رأسه قبل أنْ تدركه فكبِّر واركع ، فإذا ( رفع رأسه فاسجد مكانك ، فإنْ قام فالحق بالصف ، وإن جلس فاجلس مكانك ، فإذا ) (٢) قام فالحق بالصف ».

السند :‌

في الثلاثة الأُول : واضح بما كرّرنا القول فيه (٣). وجميل هو ابن درّاج في التهذيب (٤). والنضر في الثالث ابن سويد. وعاصم فيه اشتراك (٥) ، وربما يظن أنّه ابن حميد عند الإطلاق.

والرابع : كالأوّلين ، وهشام هو ابن سالم في التهذيب (٦).

والخامس : حسن.

والسادس : صحيح على ما تقدّم (٧).

والسابع : فيه عبد الله بن محمّد ، وحاله في الرجال لا يزيد عن الإهمال (٨). وأبان في الظنّ أنّه ابن عثمان لتكرّر روايته عن عبد الرحمن ،

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٣٦ / ١٦٨٢ زيادة : البصري.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ٩٩ ، ٤١٤ ، ج ٢ ص ٢٥٧ ، ج ٣ ص ٢٦٦ ، ج ٦ ص ٦ ، ٧٤ من هذا الجزء.

(٤) التهذيب ٣ : ٤٣ / ١٤٩.

(٥) هداية المحدثين : ٨٧.

(٦) التهذيب ٣ : ٤٣ / ١٥٢.

(٧) تقدم في ص ١٧٥.

(٨) هو عبد الله بن محمد بن عيسى الملقّب ببنان أخو أحمد بن محمد بن عيسى. رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ ، ٧٩٩ ، رجال النجاشي : ٣٢٨ / ٨٨٨.

١٩١

حتى في الكافي في هذه الأبواب ورد مفسّراً بابن عثمان في غير هذا الخبر (١) ، وفي الفقيه مرويّاً صحيحاً (٢).

المتن :

في الأوّل : ظاهر في النهي عن الدخول في الركعة إذا لم يدرك التكبير.

والثاني : ظاهر في عدم الاعتداد بالركعة ، وربما يستفاد منه عدم الدخول ، ويحتمل الدخول مع عدم الاعتداد ، إلاّ أنّ إجماله يمكن تفصيله من الأوّل ، أو يقال : إنّ جواز الدخول من دون الاعتداد موقوف على الدليل ، والأخبار من حيث الإجمال لا تصلح للاستدلال ، هذا على تقدير العمل بظاهر النهي ، لكن ستسمع القول بعد المعارض (٣).

والثالث : يدلّ بمنطوقه على أنّ إدراك التكبيرة يقتضي إدراك الصلاة ، وبمفهومه عدم الإدراك ، إلاّ أنّ المفهوم مع المعارض لا يعمل به ، إمّا مطلقاً ، أو في الجملة. واحتمال أنْ يراد بالتكبيرة تكبيرة الإحرام من المأموم ، على معنى أنّك إذا لم تكبّر تكبيرة الإحرام قبل ركوعه لم تدرك الصلاة ؛ خلاف الظاهر من اللفظ ، وبتقديره فالأوّلان ظاهران في اعتبار تكبيرة الركوع ، فلو حمل هذا على ما ذكر لزم أنّه لو لم يدرك تكبيرة الركوع لكن كبّر للإحرام قبل أنْ يركع الإمام أجزأه ما في الأوّلين ، إلاّ أنْ يقال : إنّ هذا على تقدير القول بالمنع مسلّم ، أمّا على القول بالكراهة فلا ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨١ / ٤.

(٢) الفقيه ١ : ٢٥٤ / ٥٨ ، وانظر مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ١١.

(٣) في ص ١٩٥.

١٩٢

وفيه ما فيه.

والرابع : كما ترى ظاهر في إدراك الركعة بالتكبير حال الانتصاب والركوع قبل رفع الإمام رأسه ، والمفهوم منه أنّه لو اختلّ أحد المذكورات لا تدرك الصلاة ، لكن التكبير يحتمل أنْ يراد به تكبيرة الإحرام ، ويحتمل تكبير الركوع ، وربما يؤيّد الثاني ظاهر قوله : « ثم ركع » إمّا إقامة الصلب فلا تصلح مؤيّداً ، وعلى هذا فالتكبير على المشهور من استحبابه. ربما يقال : إنّ عدمه لا يؤثّر ، إلاّ أنْ يدّعى اختصاص الجماعة بما ذكر وإنْ كان التكبير مستحباً ، لكن لا أعلم القائل بذلك.

وأمّا على القول بالوجوب فإشكال (١) ، يتوقف القول فيه على العلم بمراد القائل بالوجوب.

وأمّا إقامة الصلب لو انتفت أمكن القول فيها كالتكبير ، ونفي القول مثله.

والحقّ أنّ الخبر الخامس يدلّ بظاهره على أنّ الرفع مع عدم الركوع معه موجب لفوت الصلاة فيقيِّد الأوّل ، وإنْ كان فيه إطلاق من جهة عدم ذكر التكبير والانتصاب فيقيّده الأوّل ، غير أنّه يبقى نوع إجمالٍ في الخامس ، ولعلّ الأمر سهل.

ثم إنّ الرفع من الإمام كأنّ المراد به الأخذ في الرفع على المعروف ، لكن الأخذ في الرفع إنْ كان في محلّ الركوع بحيث لا يزيد عنه فالأمر واضح ، أمّا لو زاد في الانخفاض طلباً لنوعٍ من الكمال المستفاد من بعض الأخبار احتمل اغتفار الارتفاع إذا لم يرتفع عن حدّ الركوع ، نظراً إلى تحقّق‌

__________________

(١) في « رض » و « م » : فالإشكال.

١٩٣

الركوع معه ، ويحتمل عدمه ، نظراً إلى إطلاق النص ، والاحتياط مطلوب.

أمّا تناول الخبر لِما إذا شاركه في الذكر وعدم المشاركة أصلاً أو في الواجب [ فظاهر (١) ] من الإطلاق.

وقد ذكر جدّي قدس‌سره أنّه لو شكّ في الإدراك لم يعتدّ بالركعة (٢). وقد يقال : إنّ الشرط في الخبر كما ذكر للإدراك ذكر أيضاً بالمفهوم لعدم الإدراك ، فالترجيح يحتاج إلى مرجّح.

فإنْ قلت : المرجّح هو كون الرواية صريحة في الإدراك المعلوم منه أنّه الشرط ، فلا بُدّ من العلم به ، ومع عدم العلم لا يحصل الشرط ، وعدم الاعتداد ليس مشروطاً بعدم الإدراك ، بل بعدم العلم ، والفرق واضح.

قلت : لِما ذكرت وجه ، إلاّ أنّ العلم غير مأخوذ في اللفظ ، وقد يمكن اعتباره من خارج ، والحق التكلّف في الجواب.

أمّا ما عساه يقال : إنّ الفائدة منتفية ؛ لأنّ الأمرين إذا تساويا بالنسبة إلى الشرطين تساقطا ، ويبقى التكليف بالعبادة ( موجوداً ، فيأتي بما يزيله.

فيمكن الجواب عنه : بأنّ النهي عن إبطال العمل ) (٣) موجود ، إلاّ أنّه يمكن أنْ يقال : إنّ العمل غير متحقق ليدخل في النهي ، وفيه : أنّ الدخول في الصلاة متحقق ، غاية الأمر أنّ الإتمام وعدمه موقوفان على الشروط ، إلاّ أنْ يقال : إنّ الجماعة لا يتحقق الدخول فيها إلاّ بتحقق الشرط ، وهو إدراك الإمام ، ومع عدم العلم لا تتحقق الجماعة فتبطل ، وهذا ليس من قسم المنهي عنه ، إذ لا إبطال ، بل هي في نفسها باطلة ، على أنّ في آية (٤) النهي‌

__________________

(١) في النسخ : وظاهر ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) الروضة ١ : ٣٧٨ ، المسالك ١ : ٤٣.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٤) محمّد : ٣٣.

١٩٤

عن إبطال العمل كلاماً ، من حيث إنّ ظاهرها إبطال جميع الأعمال ، وهذا لا يتحقّق إلاّ بالكفر نعوذ بالله منه وحينئذٍ ترجع إلى النهي عنه ؛ هكذا قيل ، وقد تقّدم في الآية كلام منّا غير بعيد.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة في المختلف نقل عن الشيخ في النهاية أنّه قال : من لحق تكبيرة الركوع فقد أدرك تلك الركعة ، فإنْ لم يلحقها فقد فاتته ، وبه قال ابن البرّاج ، وقال السيّد المرتضى : لو أدركه راكعاً فقد أدرك تلك الركعة واختاره ابن إدريس وإنْ لم يدرك تكبيرة الركوع ، وبه قال ابن الجنيد ، وهو الأقوى. ثمّ استدلّ بأنّ تكبيرة الركوع مستحبة ، فلا تكون شرطاً للإدراك ، وبرواية سليمان بن خالد واصفاً لها بالصحّة ، ( وبحسنة الحلبي.

ثم نقل احتجاج الشيخ بالأخبار الثلاثة الأُول واصفاً لها بالصحّة ) (١) ، وهو يقتضي تعيّن عاصم ، وأنّه تأوّل الخبرين الدالين على الإدراك بنحو ما ذكره الشيخ هنا مع تأييده بخبر محمّد بن مسلم السادس ، وزاد على ذلك أعني الشيخ أنّه بفوات أوّل الركوع يكون قد فاته الواجب من الركوع ، وإدراكه بعد قضاء الواجب وهو في (٢) حالة الندب ، فيكون كإدراكه بعد الانتصاب. وأجاب العلاّمة : بأنّ المراد بإدراك تكبيرة الركوع إدراك الركوع ، لأنّه الظاهر ، ويمنع فوت الركوع بفوات أوّله (٣). انتهى ملخّصاً.

ولقائلٍ أنْ يقول : إنّ ظاهر الأخبار خلاف ما قاله ، والأولى الحمل على كراهة الدخول إذا لم يدرك التكبير ، لكن يمكن أنْ يقال : إنّ هذا في‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) ليست في النسخ ، أثبتناها من المصدر.

(٣) المختلف ٢ : ٥٠٤.

١٩٥

الركعة الأخيرة يتعارض الفرار من الكراهة وفوات الجماعة ، ( وربما ترجّح الجماعة ) (١) ، أو تحمل الأخبار على غير الأخيرة ، وحينئذٍ ما قاله شيخنا قدس‌سره في فوائد الكتاب : من أنّ الأجود حمل النهي الوارد في خبر محمّد بن مسلم يعني الخبر الأوّل على الكراهة ؛ محلّ تأمّل على الإطلاق ، إلاّ أنْ يقال : إنّ كراهة الجماعة يراد بها الأقلّ ثواباً ، فلا يكون الترك أولى ، إلاّ إذا أمكن الفعل بدون الكراهة ، فإذا انتفى انتفت الكراهة ، وفي البين كلام.

فإنْ قلت : مقتضى الخبر الثاني عدم الاعتداد بالركعة ، ولا يلزم منه عدم الاعتداد بالصلاة ، فيجوز أنْ تتحقق الجماعة من دون الاعتداد بالركعة ، كما في إدراك الإمام بعد رفعه من السجود ، أو بعد رفعه من الركوع.

( قلت : قد نقل عن العلاّمة شيخنا قدس‌سره التوقف في هذا الحكم أعني الدخول بعد الرفع من الركوع ) (٢) لرواية محمّد بن مسلم أعني الاولى من الباب ثم قال : وهو في محلّه ، لا لما ذكره من النهي في الرواية عن الدخول فإنّه محمول على الكراهة ، بل لعدم ثبوت التعبّد بذلك (٣) ، انتهى.

وقد يقال : إنّ قوله عليه‌السلام في الخبر الثاني « لا تعتدّ بالركعة » دون الصلاة يشعر بأنّ الدخول مشروع ، وكذلك الأخبار الدالّ مفهومها على عدم إدراك الركعة إذا لم يدرك التكبير ، وقد روى الشيخ في التهذيب ، عن محمّد ابن أحمد بن يحيى ، عن ابن أبي نصر ، عن عاصم ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت له : متى يكون يدرك الصلاة مع الإمام؟ قال : « إذا أدرك الإمام وهو في السجدة الأخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة مع الإمام » (٤).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٣) المدارك ٤ : ٣٨٥.

(٤) التهذيب ٣ : ٥٧ / ١٩٧ ، الوسائل ٨ : ٣٩٢ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٩ ح ١.

١٩٦

وهذه الرواية موصوفة بالصحّة من شيخنا قدس‌سره (١) إلاّ أنّ في الطريق عاصماً ، ولا يبعد كونه ابن حميد.

وربما كانت دالّة على إدراك الركعة بعد الرفع من الركوع فتؤيد ما يشعر به الخبر السابق ، إلاّ أنْ يقال : إنّ ظاهر الرواية في السجدة الأخيرة.

وروى الشيخ في زيادات الصلاة من التهذيب ، عن أحمد بن الحسن ابن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلٍ أدرك الإمام وهو جالس بعد الركعتين؟ قال : « يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الإمام حتى يقوم » (٢) وفيه دلالة غير خفيّة ، ولعلّ ضعفه بسبب عدم الطريق (٣) إلى أحمد ، ولا يضرّ في إثبات السنّة ، وإنْ كان في البين كلام.

وروى الصدوق في الفقيه ، عن عبد الله بن المغيرة قال : كان منصور ابن حازم يقول : إذا أتيت الإمام وهو جالس قد صلّى ركعتين فكبّر ثم اجلس (٤). وهذا الحديث من المؤيدات ، إلاّ أنّ في الظاهر منه أنّه ليس عن الإمام عليه‌السلام ، ( وفيه من البعد ما لا يخفى ، بل الظاهر أنّها رواية من غير ذكر الإمام عليه‌السلام ) (٥) ، والطريق إلى عبد الله بن المغيرة فيه حسن ، وآخر فيه كلام ، لكن رواية الصدوق لا يخفى حالها.

إذا تمهّد هذا كلّه فاعلم أنّ ما ذكره الشيخ في تأويل الخبرين في غاية البعد عن ظاهرهما ، وقوله : إذا حملناهما على هذا الوجه لم تتناقض الأخبار.

__________________

(١) المدارك ٤ : ٣٨٦.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٤ / ٧٩٣ ، الوسائل ٨ : ٣٩٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٩ ح ٤.

(٣) في « فض » : السابق.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٠ / ١١٨٤ ، وفيه زيادة : فإذا قمت فكبّر.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

١٩٧

يدلّ على انحصار الجمع فيما قاله ، والحال أنّ الكراهة أقرب المسالك.

وما قاله : من اللحوق في الصفّ الذي لا ينبغي ، إلى آخره. كأنّ المراد به اشتراط تكبيرة في موضعٍ لا يبعد عن الإمام أو المأمومين بما يزيد عن القدر المعتبر على الخلاف فيه.

وعبارة الشيخ لا تخلو من إجمال ؛ لأنّ قوله : وإنْ كان أدرك تكبيرة الركوع قبل ، إلى آخره. يدلّ على أنّ محلّ الركوع غير محلّ السماع ، والتسديد ممكن لو ثبت (١) الدليل على اعتبار المقدار في هذه الصورة ، والخبران المذكوران لا يدلاّن على ذلك إلاّ (٢) من حيث ذكر المسجد ، واحتمال اغتفار (٣) البعد بما يزيد عن مقدار التخطّي عند الشيخ ، وإلاّ ففي بعض الأخبار المعتبرة اعتبار مقدار التخطّي ومسقط الجسد (٤) ، إلاّ أنّ ظاهر الخبر في الصفوف ، فيجوز خروج ما تضمّنه الخبران عن ذلك ، فيجوز التكبير وإنْ بعُد ، لكن في المسجد ، وفي ما وقفت عليه من كلام الأصحاب نوع إجمال.

ثم إنّ الرواية الأخيرة رواها الصدوق بلفظ : وروى عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله (٥) ، والطريق إليه صحيح ، وقد قدّمنا (٦) ما يقال في مثل هذا ، وروى عن الحلبي (٧) الرواية الحسنة هنا (٨) ، وطريقه صحيح.

__________________

(١) في « فض » ما يمكن أن يقرأ : بيّنا.

(٢) في « رض » : الأمر.

(٣) في « فض » : اعتبار.

(٤) الوسائل ٨ : ٤١٠ أبواب صلاة الجماعة ب ٦٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢٥٤ / ١١٤٨.

(٦) في ص : ١٤٤.

(٧) في النسخ : زيادة : و، حذفناها لاستقامة العبارة.

(٨) الفقيه ١ : ٢٥٤ / ١١٤٩.

١٩٨

ثم إنّ دلالة الخبرين الأخيرين واضحة ، ويتفرع منهما أحكام غير خفيّة.

نعم ينبغي أنْ يعلم أنّ الشيخ روى في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية بن وهب قال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يوماً وقد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر ، فلمّا كان دون الصفوف ركعوا فركع ثم سجد السجدتين ثم قام يمضي (١) حتى لحق بالصفوف (٢). وهذا الحديث غير خفي أنّه ينادي بالتقية ، لأنّه عليه‌السلام لم يكن يصلّي مأموماً مع من يوثق ( به في المسجد الحرام ، وحينئذٍ يمكن حمل الأخبار الدالّة على ذلك على التقية ، إلاّ أنّي لا أعلم من توقّف ) (٣) من الأصحاب في الحكم ، والله تعالى أعلم بحقائق الأُمور.

قوله :

باب من فاتته مع الإمام ركعة أو ركعتان.

الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة (٤) ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه جعل (٥) ما أدرك أوّل صلاته ، إنْ أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء ركعتين (٦) وفاتته ركعتان قرأ في‌

__________________

(١) في التهذيب : فمضى.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٨١ / ٨٢٩.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) في « فض » و « م » : عن ابن أذينة.

(٥) في التهذيب ٣ : ٤٥ / ١٥٨ ، والاستبصار ١ : ٤٣٦ / ١٦٨٣ زيادة : أوّل.

(٦) في الاستبصار ١ : ٤٣٦ / ١٦٨٣ : الركعتين.

١٩٩

كلّ ركعةٍ ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه بأُمّ الكتاب وسورة ، فإنْ لم يدرك السورة تامّةً أجزأته أُمّ الكتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين لا يقرأ فيهما ، لأنّ الصلاة إنما يقرأ فيها في الأوّلتين في كلّ ركعةٍ بأُمّ الكتاب وسورة ، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما إنّما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء وليس فيهما قراءة ، فإنْ أدرك ركعةً قرأ فيها خلف الإمام ، فإذا سلّم الإمام (١) قام فقرأ بأُمّ الكتاب وسورة ثم قعد فتشهّد ثم قام فصلّى ركعتين ليس فيهما قراءة ».

محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الإمام وهي له الاولى ، كيف يصنع إذا جلس الإمام (٢)؟ قال : « يتجافى ولا يتمكّن من القعود ، فإذا كانت الثالثة للإمام وهي له الثانية فليلبث (٣) قليلاً إذا قام الإمام بقدر ما يتشهد ثم يلحق الإمام » قال : وسألته عن الرجل (٤) الذي يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟ فقال : « اقرأ فيهما فإنّهما لك الأوّلتان (٥) ، ولا تجعل أوّل صلاتك آخرها ».

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن يحيى ، عن طلحة بن‌

__________________

(١) ليست في النسخ ، أثبتناها من الاستبصار ١ : ٤٣٦ / ١٦٨٣ ، والتهذيب ٣ : ٤٥ / ١٥٨ ، والوسائل ٥ : ٤٤٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٧ ح ٤.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٣٧ / ١٦٨٤ يوجد : للتشهد.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٣٧ / ١٦٨٤ : فيلبث.

(٤) ليس في الاستبصار ١ : ٤٣٧ / ١٦٨٤.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٣٧ / ١٦٨٤ : فإنها لك الأوليان.

٢٠٠