إستقصاء الإعتبار - ج ٧

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٦

من الإمام عليه‌السلام. وحينئذٍ يدلّ على أنّ المراد بالأمر في الآية بخصوص الإمام في الفريضة فيتمّ ما تقدم منّا. واحتمال أنْ يكون من الصدوق بعد رواية زرارة ، وأوّله « ولا تقرأنّ » يمكن الاكتفاء به في تصحيح خبر التهذيب لما كرّرنا القول فيه.

وممّا يؤيد كونه من خبر زرارة أنّه روى عنه في أوّل كتاب الصلاة (١) ما يفيد النهي عن القراءة في الأخيرتين.

فإنْ قلت : لا يمكن إرادة الأمر في الآية من الخبر ؛ لأنّه عليه‌السلام قال : « إنّما أمر بالجهر لينصت » إلى آخره. والآية تضمنت الأمر بالإنصات لا الجهر.

قلت : المقصود أنّ الخبر يدل على أنّا مأمورون بالجهر بسبب الأمر بالإنصات ؛ وحاصل المراد أنّه تعالى لمّا أمرنا بالإنصات حال قراءة الإمام ، ولمّا كان وجوب الإنصات مستلزماً لوجوب الجهر كان الجهر مأموراً به من حيث الآية.

فإنْ قلت : يلزم ممّا ذكرت الدور ؛ لأنّ الأمر بالجهر يتوقف على الأمر بالإنصات والحال أنّ الأمر بالإنصات موقوف على الأمر بالجهر.

قلت : الأمر بالجهر لازم للأمر بالإنصات ، غاية الأمر أنّ الوجوب قد يلزم منه نوع توقف من كل منهما ، وجوابه غير خفي. نعم سيأتي في بعض الأخبار ما يدلّ على عموم الآية ، وستسمع القول في ذلك إن شاء الله تعالى.

إذا عرفت هذا : فالخبر المبحوث عنه بتقدير الوجوب لذاته لا يمنع‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٢٨ / ٦٠٥.

١٢١

من العدول للمعارض كما ستسمعه. والتأويل في الآية لا مانع منه ، بل ربما كان الأمر فيها للاستحباب عموماً ومن جملته الفريضة بالنسبة إلى الإمام كما يعرف بالتأمّل.

ثم إنّ الخبر تضمن أنّه مع عدم السماع يقرأ ؛ وهو يتناول عدم سماع القراءة أصلاً وعدم سماع القراءة من غير همهمة ، لكن ما يأتي يقيّده.

والثاني : كما ترى يدل على الصلاة التي يجهر فيها ، وهذا أعم من تعين الجهر وعدمه ، فلا يدلّ على تعينه وهو محتاج إلى التقييد كالأوّل.

والثالث : دالّ على الإنصات والتسبيح في النفس ، فإنْ حمل على مدلول الأخبار الأُول وهو الإنصات مع السماع دلّ على أنّ الإنصات في الأخبار الأُول يراد به عدم القراءة ، فلا ينافي التسبيح ، لكن لا بُدّ من الجمع بين الإنصات والتسبيح في النفس ، وحينئذٍ فالإنصات إمّا أنْ يراد به تدبّر المعاني أو مجرد السماع.

وإنْ حمل الخبر على الإطلاق ( من وجه بمعنى جواز الإنصات والتسبيح حتى في الجهرية مع السماع وحينئذٍ يكون الإنسان مخيراً بين القراءة وبين ما ذكر أمكن ؛ إلاّ أنّ إطلاق هذا الخبر محتاج إلى تقييد ، فإنّ مدلول ما سبق ) (١) أنّ مع عدم السماع في الجهرية القراءة ، إلاّ أنْ يقال بالتخيير بين القراءة والإنصات والتسبيح ؛ وغير بعيد احتمال التخيير ، وعلى هذا فالأمر في الأوّل ليس على حقيقته ، بل إمّا للاستحباب أو للفرد الكامل ؛ وحينئذٍ يستبعد حمل النهي على التحريم بل لا بُدّ من تقييد للأوّل من حيث النهي.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

١٢٢

والرابع : كما ترى يدل على أنّ سماع الهمهمة كافٍ ، وبقية ما قلناه فيما عدا الثالث يأتي فيه.

والخامس : وإنْ دل على النهي عن القراءة مطلقاً إلاّ أنّه يمكن حمله على المقيد إمّا بالحمل على الجهرية أو على عدم رجحان القراءة فلا ينافي غيره ، ولقد (١) كان على الشيخ ذكر هذا في مقام المعارض.

والسادس : واضح الحال بما قررناه سابقاً (٢) ؛ والحاصل أنّ دلالته على الكراهة محتمل احتمالاً ظاهراً. أمّا احتمال إرادة عدم علمه بقراءة الإمام على معنى أنّ المأموم لا يتيقن أنّ الإمام قرأ أو نسي القراءة فبعيد بل لا وجه له.

وأمّا السابع : فقد مضى فيه القول (٣). وبقية الأخبار غير خفية المعاني.

ومن هنا يعلم أنّ ما اختاره شيخنا قدس‌سره من تحريم القراءة على المأموم مطلقاً ، إلاّ إذا كانت الصلاة جهرية ولم يسمع ولا همهمة فإنّه يستحب له القراءة (٤). محل تأمّل.

نعم روى الصدوق عن زرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : « كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بعث على غير الفطرة » (٥) ويمكن أنْ يحمل على القراءة بوجه التعيّن. والظاهر أنّ الصدوق يحمله على نحو ما قلناه ، لأنّه نقل بعض‌

__________________

(١) في « م » : ولكن.

(٢) في ص ١١٧ ١١٨.

(٣) في ص ١١٨.

(٤) المدارك ٤ : ٣٢٣.

(٥) الفقيه ١ : ٢٥٥ / ١١٥٥ ، الوسائل ٨ : ٣٥٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٤.

١٢٣

الأخبار المذكورة هنا ، وروى خبر الحلبي الحسن هنا في الصحيح (١).

والشيخ روى في زيادات الصلاة من التهذيب خبر أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢). وهو صحيح. وأمّا طريق الصدوق فقد يتوقف فيه ؛ لأنّه ذكر الطريق إلى زرارة وحده ومحمّد بن مسلم وحده ، ومع الاجتماع لا يعلم الطريق لاحتمال اختصاص الطريق بالاتّحاد لما يعلم من مشيخته ، وقد قدّمنا هذا (٣) ، فليتأمّل.

اللغة‌ :

قال في القاموس : الهمهمة : الكلام الخفي ، وتنويم المرأة الطفل بصوتها ، وتردد الزئير في الصدر من الهمّ ، ونحو أصوات البقر (٤). ولا يخفى أنّ احتمال الأوّل بعيد من المراد لكن في حيز الإمكان. وقد روى الشيخ في التهذيب في الموثق عن سماعة ما يقتضي أنّ سماع الصوت مع عدم فقه ما يقوله يجزئ عن القراءة خلف الإمام (٥). فتأمّل.

قوله :

باب وجوب القراءة خلف من لا يقتدي به.

محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥٥ / ١١٥٦ ، الوسائل ٨ : ٣٥٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ١.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٧٠.

(٣) في ص ٢١٤٠.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ١٩٤.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٣ ، الوسائل ٨ : ٣٥٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ١٠.

١٢٤

قال : « إذا صلّيت خلف إمام لا يقتدى به فاقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع ».

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما‌السلام في الرجل يكون خلف إمام لا يقتدى به ، فسبقه الإمام بالقراءة ، قال : « إن كان قد قرأ أُمّ الكتاب أجزأ ويقطع ويركع ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبيه بكير بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الناصب يؤمّنا ، ما تقول في الصلاة معه؟ فقال : « أمّا إذا هو جهر فأنصت للقرآن واسمع ، ثم أركع واسجد أنت لنفسك ».

الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية بن وهب ، عن ابي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يؤمّ القوم وأنت لا ترضى به في صلاة تجهر فيها بالقراءة ، فقال : « إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له » قلت : فإنّه يشهد عليّ بالشرك! قال : « إن عصى الله فأطع الله » فرددت عليه فأبى أنْ يرخّص لي ، قال : قلت له : فأُصلّي إذاً (١) في بيتي ثم أخرج إليه ، فقال : « أنت وذاك ».

فالوجه في هذين الخبرين حال التقية والخوف ، لأنّه إذا كانت الحال كذلك جاز للإنسان أنْ يقرأ فيما بينه وبين نفسه ولا يرفع صوته ، يدل على ذلك‌ :

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٣٠ / ١٦٦١ زيادة : أنا.

١٢٥

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن إسحاق ومحمّد بن أبي حمزة ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « يجزئك إذا كنت معهم القراءة مثل حديث النفس ».

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يصلّي خلف من لا يقتدى بصلاته والإمام يجهر بالقراءة ، قال : « اقرأ لنفسك وإنْ لم تسمع نفسك فلا بأس ».

السند :‌

في الأوّل : حسن.

والثاني : مرسل ، وعلي بن أسباط مضى القول فيه مفصلاً (١).

والثالث : فيه بكير بن أعين ، وقد مضى ما يقتضي أنّ الكشي روى فيه خبراً معتبراً : أنّ أبا عبد الله عليه‌السلام قال لمّا بلغه وفاته : لقد أنزله الله بين رسوله وبين أمير المؤمنين عليهما‌السلام (٢). وهذا ربما يفيد المدح ، إلاّ أنّه موقوف على أن يراد بالمدح في الرجال ما يتناول مثل هذا.

وقد ينظر في ذلك ؛ لأنّ المدح بالنسبة إلى الرواية يقتضي نوع صلاح بالنسبة إلى الإخبار ، وقد صرّح الأصحاب في بحث الشهادة : أنّ من حصلت له الولاية لا يلزم قبول شهادته ؛ لتوقفها على تحقق شرط عدم كثرة السهو وإن كان الشخص متصفاً بالعدالة ؛ ومن ثَم قيل : نرجو شفاعة من‌

__________________

(١) راجع ج ١ ص ١٤٧.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٤١٩ / ٣١٥.

١٢٦

لا تقبل شهادته. وعلى هذا فما ورد في شأن بكير لا يدلّ على المدح المعتبر.

فإنْ قلت : من أين اعتبار ما ذكرت في المدح ولم يصرّحوا به؟

قلت : ربما يلوح ذلك من ذكره في الرواة ؛ لأنّ الخبر الحسن عند التأمّل به يقتضي ذلك ، إذ لا يخرج عن مشابهة الشهادة ؛ إلاّ أنْ يقال : إنّ هذا نوع من الإخبار ، فلا يتم ما قلناه ، وفي البين كلام. ( ومن هنا يعلم أنّ قول العلاّمة : بكير بن أعين مشكور (١) ، فيه ما فيه ) (٢).

وما عساه يقال : من أنّ عبد الله بن بكير ممن أجمع على تصحيح ما يصح عنه (٣) ، فلا يضرّ الاحتمال في أبيه.

يمكن الجواب عنه : بما أسلفناه. في معنى الإجماع المذكور في أوّل الكتاب مفصّلاً (٤) ، والحاصل أنّ المعنى في هذا لو كان كما ظن لكان الشيخ أعلم به ، وقد ردّ بعض أخبار فيها من أجمع على تصحيح ما يصح عنه بالإرسال ، فعلم أنّ مرادهم بالإجماع قبول روايات الرجل من دون القرائن.

فإنْ قلت : ردّ الشيخ بالإرسال لا يقتضي ما ذكرت ، لأنّ مقصوده به عدم ثبوت القرائن على الصحة فاكتفى بذكر الإرسال. والذي يؤيد هذا أنّ الخبر لو لم يكن مرسلاً لا يعمل به الشيخ ، فعلم أنّ الإرسال لا يؤثّر من حيث هو وإنما أتى به ( لما ذكرناه.

قلت : هذا الوجه قد قدّمت مثله في أوّل الكتاب ، ولم أر من نبّه ) (٥)

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٨.

(٢) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣.

(٤) راجع ج ١ ص ٥٩ ٦٢.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

١٢٧

عليه ؛ إلاّ أنّه لا يضر بما قلناه ، إذ المقصود منه عدم استفادة المعنى الذي فهمه بعض الأصحاب من : أنّ الإجماع على تصحيح ما يصح عن الرجل يفيد أنّ الطريق إذا صح إليه كفى (١). والحال أنّ ردّ الشيخ الخبر بالإرسال مع الوصف المذكور يأباه ، فليتأمّل.

فإن قلت : على تقدير مدح بكير فالخبر حسن أو موثق.

قلت : الظاهر من تعريف الموثق شموله ، لكن اللازم من هذا أنّ العامل بالموثق عامل بالحسن ، ولا أعلم ذلك. وبعض محققي المعاصرين عرّف الموثق بما لا يقتضي دخول مثل هذا فيه (٢) ، مع عدّه الخبر في الموثق (٣). وفيه ما فيه.

أمّا ما قد يقال : من أنّ اللازم من ثبوت الإجماع وصف الخبر بالصحيح.

فيمكن دفعه : بأنّ الصحيح عند المتقدمين له معنى آخر فليتأمّل.

والرابع : صحيح على ما تقدم (٤).

والخامس : فيه محمّد بن إسحاق ، وهو ابن عمار ؛ لرواية محمّد بن أبي عمير عنه في الفهرست (٥) ؛ وفي النجاشي ثقة عين (٦). والعلاّمة نقل‌

__________________

(١) ج ١ ص ٥٩ ٦٢.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ٥ ، زبدة الأصول : ٦٢. ولكنه ذكر في المسألة في حاشية مشرق الشمسين : ٢٦ ، ثم قال : فإن رجّحنا الحسن على الموثق كما هو الأظهر فموثق ، وإن عكسنا فحسن.

(٣) لم نعثر على عدّه هذا الخبر من الموثق ، ولكنه ذكر في باب موجبات الوضوء خبراً رواه عبد الله بن بكير عن أبيه بكير بن أعين ، وعدّه من الموثق. الحبل المتين : ٣٦.

(٤) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ج ٦ ص ١٩١ ، ١٩١ ، ٤٠٧.

(٥) الفهرست : ١٤٩ / ٦٣١.

(٦) رجال النجاشي : ٣٦١ / ٩٦٨.

١٢٨

عن ابن بابويه : أنّه واقفي (١).

ومحمّد بن أبي حمزة هو الثقة بغير ارتياب فلا يضر وقف غيره لو خلا من الإرسال. والوجه في الجزم بابن أبي حمزة رواية ابن أبي عمير عنه في الفهرست (٢).

وما عساه يقال : إنّ ابن أبي عمير داخل في المجمع على تصحيح ما يصح عنهم (٣).

جوابه يعلم مما تقدم عن قريب ، ونزيد الحال هنا وضوحاً بأنّ الإجماع على التصحيح لو تم فيه المعنى السابق لما كان لقول بعض الأصحاب : إنّه لا يروي إلاّ عن ثقة فائدة (٤). إذ لو روى عن ضعيف لا يضر بالحال.

والعجب من بعض محققي المعاصرين سلّمه الله أنّه فهم المعنى السابق في الإجماع ، وحكم بقبول مراسيل ابن أبي عمير في الأُصول ذاكراً روايته عن الثقة (٥). فليتأمّل.

والسادس : واضح الصحة بعد ما كرّرناه (٦) في رجاله.

المتن :

في الأوّل : يحتمل أنْ يراد بالإمام فيه من أهل الخلاف لتصريح كثير‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ١٥٨ / ١٢٣.

(٢) الفهرست : ١٤٨ / ٦٣٠.

(٣) انظر رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٤) الدراية : ٤٩.

(٥) الحبل المتين : ٥ ، مشرق الشمسين : ٣٥ ٣٠ ، زبدة الأصول : ٦٣.

(٦) راجع ج ١ ص ١٤١ ، ١٧٥ ، ج ٦ ص ٣٤٦.

١٢٩

من الأخبار به ؛ ويحتمل إرادة ما يعم المؤمن غير الجامع للشرائط على احتمال تقيته خوفاً منه ، وكذلك الثاني.

وما عساه يقال : إنّ تقية المؤمن من أين جوازها؟.

يمكن أن يجاب عنه : بأنّ الكليني روى في باب التقية أخباراً يقتضي بإطلاقها التناول لما ذكر ، فمن ذلك :

ما رواه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن ربعي ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « التقية في كل ضرورة ، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به » (١).

وروى عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى بن سام ومحمّد بن مسلم وزرارة قالوا : سمعنا أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « التقية في كل شي‌ء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه الله له » (٢).

وما قد يقال : من أنّ التقية عند الإطلاق تنصرف إلى المعروف وهو تقية المخالف ، وحينئذٍ يفيد الخبران اشتراط الضرورة.

يمكن الجواب عنه : بمنع التقييد من السياق ، مضافاً إلى أنّ ما دل على تقية العامّة في الصلاة قريب التنصيص ، والمعارض وهو ما ذكر فيه احتمال إرادة عدم اختصاص التقية بالمخالف بل هي في كل ما يضطر إليه الإنسان ، فلا يتم التخصيص.

( ثم إنّ دلالته على ما ذكرناه من حيث ظهور الشمول ، والأخبار الواردة في هذا الباب لا تقتضي تخصيص ) (٣) الأوّلين.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٢١٩ الايمان والكفر ب ٩٧ ح ١٣.

(٢) الكافي ٢ : ٢٢٠ الايمان والكفر ب ٩٧ ح ١٨.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

١٣٠

ثم إنّ الثاني المبحوث عنه : الظاهر أنّ فاعل « قرأ » فيه للرجل المأموم ؛ والقطع كناية عن عدم قراءة السورة أمّا كاملة أو بعضها. واحتمال أن يعود للإمام والمعنى أنّ الإمام إنْ كان قرأ الفاتحة أجزأ المأموم فيقطع قراءته إن كان قرأ بعيد ، بل لا وجه له إلاّ بغاية التكلف ؛ ولا يخفى أنّ الخبر لا يدلّ على وجوب السورة ولا على عدمه.

والثالث : كما ترى ظاهر الدلالة على الناصب ، وأنّه إذا جهر يجب الإنصات والسماع. وقوله : « واركع » كأنّ المراد به الإتيان بالأفعال والأقوال بقصد الانفراد ، وحينئذٍ يدل على الاكتفاء بقراءة الإمام ظاهراً (١).

والرابع : الكلام فيه كالأوّل والثاني من جهة الإمام ، وظاهره لزوم الإنصات لقراءة الإمام ، وحينئذٍ ينافي ما تقدم من أنّ الآية الخطاب فيها للمؤمنين خلف الإمام في الفريضة ، والوجه في ذلك أنّ مقتضى هذا الخبر الشمول لصلاة المخالف ، وصدق الإمام عليه محل كلام ؛ ويمكن أنْ يقال في الجمع : بأنّه لا مانع من صدق الإمام ظاهراً ؛ أمّا صدق الفريضة فبالنسبة إلى المأموم ، ويجوز بالنسبة إلى الإمام أيضاً.

نعم في ظاهر الخبر المبحوث عنه ما يفيد العموم من حيث قوله : « إذا سمعت كتاب الله » إلى آخره. ولعلّ المراد الخصوص ، واستعمال « إذا » في العموم دائماً محل تأمّل. أو يقال : إنّه لا مانع من العموم في الآية ، والخبر السابق بنوع من التوجيه تقدّم (٢). وحمل الشيخ لهما على القراءة في نفسه لا يخلو من بُعد ، إلاّ أنّه وجه للجمع إنْ ثبت عدم القائل بالإنصات من دون قراءة.

__________________

(١) ليس في « م ».

(٢) في ص ١١٩.

١٣١

والخامس المستدل به : ربما دل على أنّ القراءة ليست حقيقة على معنى القراءة خفية ، إلاّ أنّ حمله على ما قاله ممكن لولا أنّ ما قيده في التقية لا يدلّ عليه الخبران ، على أنّ الظاهر من الخبر الرابع استبعاد عدم القراءة أصلاً ، فلولا أنّه فهم ذلك لما كان له وجه. أو يقال : إنّ الخبر يدل بسبب الاستبعاد على وجوب الجهر. إلاّ أنّ مثل هذا لا يصلح للاستدلال ، لا بالنسبة إلى السند ، فإنّه واضح ، بل من جهة الاستبعاد إذ لا يعلم وجهه لاحتمال إرادة القراءة على الوجه الأكمل وهو الجهر.

والسادس : صريح في أنّ القراءة ليست إخفاتية فيؤيّد ما ذكرناه في الخامس ؛ أو يقال : إنّ الإخفاتية لا يشترط فيها إسماع النفس كما قاله الأصحاب (١) ، أو أنّ سماع القراءة مفسرة غير معتبر بل يكفي السماع في الجملة ، لكن الإنصات المأمور به في الخامس ربما يتحقق مع الإخفات. وغير بعيد الحمل على التقية في الخبرين ، كما يعلم من مذهب بعض أهل الخلاف (٢) ، إلاّ أنّ بعضهم قائل بالقراءة (٣). والترجيح محل تأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد ، عن موسى بن الحسين والحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أحمد بن عائذ قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إنّي أدخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجّلوني إلى ما أنْ أُؤذّن وأُقيم فلا أقرأ شيئاً حتى إذا ركعوا‌

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٢٦ ، روض الجنان : ٢٦٥.

(٢) حكاه عن أبي حنيفة في بداية المجتهد ١ : ١٥٤.

(٣) حكاه عن الشافعي في بداية المجتهد ١ : ١٥٤.

١٣٢

فأركع معهم ، أفيجزئني ذلك؟ قال : « نعم ».

فالوجه في قوله : « لا أقرأ » محمول على ما زاد على الحمد ، لأنّ قراءة الحمد لا بُدّ منها ، يدلّ على ذلك أنّ أحمد بن محمّد بن أبي نصر راوي الحديث روى هذه القصّة بعينها ، وقال : إنّي لا أتمكّن من قراءة ما زاد على الحمد ، فقال له : « نعم ».

روى ذلك : سعد ، عن موسى بن الحسين والحسن بن علي ، ( عن أحمد بن هلال ) (١) ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : قلت له : إنّي أدخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجّلوني إلى ما أنْ أُؤذّن وأُقيم فلا أقرأ إلاّ الحمد حتى يركع ، أيجزئني ذلك؟ قال : « نعم يجزئك الحمد وحدها ».

ويحتمل أنْ يكون الخبر مخصوصاً بحال التقية ، فإنّ ذلك يجوز إذا أتى بالركوع والسجود.

روى ذلك : الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الحصين ، عن محمّد بن الفضيل ، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي أدخل المسجد فأجد الإمام قد ركع وقد ركع القوم ، فلا يمكنني أنْ أُؤذّن وأُقيم وأُكبّر ، فقال لي : « فإذا كان ذلك (٢) فادخل معهم واعتدّ بها ، فإنّها من أفضل ركعاتك » قال إسحاق : فلمّا سمعت أذان المغرب وأنا على بابي قاعد قلت للغلام : انظر أُقيمت الصلاة؟ فجاءني فقال : نعم ، فقمت مبادراً فدخلت المسجد فرأيت (٣) الناس قد ركعوا فركعت‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٣١ / ١٦٦٦ : وإذا كان كذلك.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٣١ / ١٦٦٦ : فوجدتُ.

١٣٣

مع أوّل صف أدركت ، فاعتددت بها ، ثمّ صلّيت بعد الانصراف أربع ركعات ، ثم انصرفت وإذا خمسة أو ستة من جيراني قد قاموا إليّ من المخزوميّين والأُمويين ، ثم قالوا : يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك خيراً فقد والله رأينا خلاف ما ظننا بك وما قيل لنا ، فقلت : وأيّ شي‌ء ذلك؟ قالوا : اتّبعناك حين قمت إلى الصلاة ونحن نرى أنّك لا تقتدي (١) بالصلاة معنا ، فقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا وصلّيت بصلاتنا ( فرضي الله عنك وجزاك ) (٢) خيراً ، قال ؛ فقلت لهم : سبحان الله لمثلي (٣) يقال هذا؟! قال : فعلمت أنّ أبا عبد الله عليه‌السلام لم يأمرني إلاّ وهو يخاف عليّ هذا وشبهه.

السند :‌

في الأوّل : كما ترى فيه موسى بن الحسين فيما رأيت من النسخ الآن ، وفي التهذيب موسى بن الحسن (٤) ، والظاهر أنّه الصواب ، وقد قدّمنا القول في موسى بن الحسن من أنّه مشترك (٥) ، ولا يبعد كونه الثقة ، إلاّ أنّ الفائدة هنا منتفية بعد أحمد بن هلال المضعّف من الشيخ في هذا الكتاب (٦) ، واشتراك الحسن بن علي (٧) ، وربما يدّعى ظهور ابن فضّال ؛

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٣١ / ١٦٦٦ : لا تعتد.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٣٢ / ١٦٦٦ : رضي الله عنك وجزاك الله.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٣٢ / ١٦٦٦ : المِثلي.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٧ / ١٣١.

(٥) راجع ج ١ ص ٢٩٥ وج ٦ ص ٣٨٥.

(٦) الاستبصار ٣ : ٢٨ / ٩٠.

(٧) هداية المحدثين : ١٩٠.

١٣٤

لما قد يظهر من الرجال في ترجمة أحمد بن محمّد بن أبي نصر (١) ، إلاّ أنّ في البين احتمالاً. وأمّا أحمد بن عائذ فهو ثقة.

والثاني : هو الأوّل.

والثالث : فيه محمّد بن الحصين ، ومحمّد بن الفضيل ، وهما مشتركان (٢) ، وإسحاق بن عمّار تكرّر القول فيه (٣).

المتن :

في الأوّلين : ما ذكره الشيخ فيه أوّلاً قد يشكل بجواز رواية ابن أبي نصر السؤالين ، إلاّ أنّ البعد فيه غير خفي. أمّا ما قاله ثانياً فقد يظنّ أنّه يقتضي عدم تعرضه فيما سبق للتقية ، والحال أنّه ذكرها ، وجوابه أنّ المراد تقية خاصة ، لكن استدلاله بالخبر الأخير قد يشكل بجواز كون الواقعة خاصة لدفع الضرر عن إسحاق. ويمكن الجواب : بأنّ الظاهر العموم في الجواب وإنّما الواقع أحد الجزئيات.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ شيخنا قدس‌سره قال في المدارك عند قول المحقق : ولو كان الإمام ممّن لا يقتدى به وجبت القراءة ـ : لا ريب في وجوب القراءة ؛ لانتفاء القدوة ، وكونه منفرداً في نفس الأمر وإنْ تابعه ظاهراً ، ولا يجب الجهر بها في الجهرية قطعاً ؛ للأصل ، وصحيحة علي بن يقطين وذكر الرواية السابقة ثم قال : ويجزئه الفاتحة مع تعذّر قراءة السورة إجماعاً ، ولو ركع الإمام قبل إكمال الفاتحة قيل : قرأ في ركوعه ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ٧٥ / ١٨٠.

(٢) هداية المحدثين : ٢٣٥ ، ٢٤٩.

(٣) راجع ج ١ ص ٢٤١ ، ج ٣ ص ٢٠٣.

١٣٥

وقيل : تسقط القراءة ، وبه قطع الشيخ في التهذيب ، واستدلّ بما رواه إسحاق بن عمّار وذكر الرواية المبحوث عنها ثم قال : وهي وإنْ كانت واضحة المتن لكنّها قاصرة من حيث السند (١). انتهى.

ولا يخفى عليك أنّ خبر معاوية بن وهب السابق ينافي الجزم بوجوب القراءة على الإطلاق ، وخبر الحلبي الأوّل على تقدير العمل به يقتضي التخيير في القراءة وعدمها جمعاً ، أو يحمل على القراءة في النفس (٢) ، وعدم التعرض للأخبار غير واضح الوجه ، وخبر علي بن يقطين قد سمعت القول فيه من اقتضائه ثبوت واسطة بين الجهر والإخفات ، فإنْ أراد قدس‌سره وجوب القراءة على نحو قراءة الصلاة فالرواية لا تدلّ على ذلك ، وغيرها لم يذكره. ثم إنّ رواية إسحاق وضوح متنها مع ما قدّمناه محل تأمّل ، والله تعالى أعلم.

إذا تقرّر هذا كلّه فليعلم أنّه بقي في المقام شي‌ء ، وهو أنّك قد سمعت من الأخبار سابقاً ما يقتضي الصلاة خلف المرضي (٣) ، والمذكور في كلام المتأخّرين العدالة ، وقد سبق في الجمعة تعريفها (٤) إجمالاً ، والمهم ( هنا بيان القول تفصيلاً ، فاعلم أنّ المنقول عن بعض الأصحاب المتأخّرين دعوى ) (٥) الإجماع على اشتراط العدالة في صلاة الجماعة (٦) ، وعن ابن الجنيد أنّه ذهب إلى أنّ كل المسلمين على العدالة إلى أنْ يظهر‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٣٢٥.

(٢) في « فض » و « م » زيادة : خبر الحلبي.

(٣) تقدّم في ص : ١٠٩.

(٤) في ص : ٥٥.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٦) انظر المنتهى ١ : ٣٧٠.

١٣٦

ما يزيلها (١) ، وذهب آخرون إلى جواز التعويل على حسن الظاهر (٢) ، والكلام هنا في مواضع :

الأوّل : قد سمعت أنّ الإجماع منقول على اشتراط العدالة ، وأظنّ أنّه من العلاّمة (٣) والمحقق (٤) ، وقد قدّمنا أنّ الإجماع من المتأخّرين من قبيل الخبر المرسل ؛ لأنّ تحقق الإجماع في زمن المذكورين وأشباههم يكاد أنْ يلحق بالممتنعات العادية ، فلا بُدّ أنْ يكون على سبيل النقل ، وحيث لم يبيّن الأصل فهو مرسل ، وتخيل أنّه لا يكون إلاّ عن ثقة في ( الاكتفاء به ليكون خبراً مسنداً ؛ محل بحث ذكرناه في أوّل الكتاب (٥) ، وبتقدير كون الإجماع من ) (٦) المتقدّمين للبحث فيه مجال ، كما يصرّح بنفيه العلاّمة والمحقّق.

ثمّ إنّ وجود الخلاف في هذه المسألة يحقق البحث ، والدليل من سوى الإجماع المنقول مشكل التحقق ؛ لأنّ الأخبار التي وقفت عليها ما سبق في هذا الكتاب ، وهو صحيح محمّد بن مسلم في باب الصلاة خلف العبد ، حيث قال فيه : عن العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به أنّه لا بأس به ، وكذلك صحيحه الآخر (٧).

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٥١٣.

(٢) كما في المبسوط ٨ : ٢١٧ ، الشرائع ٣ : ٢١ ، القواعد ٢ : ٦٤ ، مجمع الفائدة ٢ : ٣٥٤ ، المدارك ٤ : ٦٦ و ٣٤٧.

(٣) في المنتهى ١ : ٣٧٠.

(٤) في المعتبر ٢ : ٣٠٦.

(٥) راجع ج ٢ ص ٢٤٠.

(٦) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٧) راجع ص ٧٣.

١٣٧

وفي باب القراءة خلف من يقتدى به حسن قتيبة ، حيث قال فيه : « خلف إمام ترضى به » (١) ، وموثق يونس بن يعقوب ، حيث قال فيه : « من رضيت به » (٢).

وفي التهذيب روى عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عمرو بن عثمان ومحمّد بن يزيد ، عن محمّد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن إمامٍ لا بأس به في جميع أمره عارف ، غير أنّه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما (٣) ، أقرأ خلفه؟ قال : « لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقّاً قاطعاً » (٤).

وروى أيضاً بطريق غير سليم عن أبي ذر قال : إنّ إمامك شفيعك إلى الله ، فلا تجعل شفيعك سفيهاً ولا فاسقاً (٥).

وروى بطريق فيه الإرسال عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا تصلّ خلف الغالي وإنْ كان يقول بقولك ، والمجهول ، والمجاهر بالفسق وإنْ كان مقتصداً » (٦).

وروى بطريق فيه جهالة عن سعد بن إسماعيل ، عن أبيه قال : قلت للرضا عليه‌السلام : رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر ، أُصلّي خلفه؟ قال : « لا » (٧).

__________________

(١) راجع ص : ١٠٩.

(٢) راجع ص : ١٠٩.

(٣) في « رض » : يغلظه ، وفي « فض » : يغيظه ، وفي « م » : يغيظ ، وما أثبتناه من التهذيب ٣ : ٣٠ / ١٠٦.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٠ / ١٠٦ ، الوسائل ٨ : ٣١٣ أبواب صلاة الجماعة ب ١١ ح ١.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٠ / ١٠٧ ، الوسائل ٨ : ٣١٤ أبواب صلاة الجماعة ب ١١ ح ٢.

(٦) التهذيب ٣ : ٣١ / ١٠٩ ، الوسائل ٨ : ٣١٠ أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ٦.

(٧) التهذيب ٣ : ٣١ / ١١٠ ، الوسائل ٨ : ٣١٦ أبواب صلاة الجماعة ب ١١ ح ١٠.

١٣٨

وتقدّم عنه نقل رواية عنه بطريق فيه سهل بن زياد ، عن أبي عبيدة ، تضمنت أنّه يتقدّم القوم أقرؤهم (١).

وروى أيضاً بطريق فيه مجاهيل وابن عقدة ، تضمّن السؤال عن القراءة خلف الإمام ، فقال : « إذا كنت خلف إمام تولاّه وتثق به فإنّه يجزيك قراءته » (٢).

وروى عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إنْ كنت خلف الإمام في صلاةٍ لا تجهر فيها بالقراءة حتى تفرغ وكان الرجل مأموناً على القرآن فلا تقرأ خلفه » الحديث (٣).

وروى في الزيادات عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهزيار ، عن أبي علي بن راشد قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إنّ مواليك اختلفوا ، فأُصلّي خلفهم جميعاً؟ فقال : « لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه (٤) » (٥).

وروى هذا الحديث محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، عن سهل ، بزيادة في المتن (٦) ، لا يفيد نقلها ، وقدّمنا عنه رواية حسنة في الصلاة خلف العبد ، وفيها : « لا بأس به إذا كان فقيهاً ، ولم يكن هناك أفقه منه » وفيها قال : قلت : أُصلّي خلف الأعمى؟ قال : « نعم إذا كان له من يسدّده وكان أفضلهم » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣١ / ١١٣ ، الوسائل ٨ : ٣٥١ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٨ ح ١.

(٢) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١٢٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٣٥ / ١٢٤ ، الوسائل ٨ : ٣٥٧ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٩.

(٤) في التهذيب ٣ : ٢٦٦ / ٧٥٥ زيادة : وأمانته.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٦٦ / ٧٥٥ ، الوسائل ٨ : ٣١٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١١ ح ٨.

(٦) الكافي ٣ : ٣٧٤ الصلاة ب ٥٥ ح ٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣٧٥ الصلاة ب ٥٦ ح ٤ ، الوسائل ٨ : ٣٢٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١٦ ح ١ ، الوسائل ٨ : ٣٣٩ أبواب صلاة الجماعة ب ٢١ ح ٥.

١٣٩

ونقل الصدوق في الفقيه عن أبيه أنّه قال في رسالته : لا تصلّ خلف أحد ، إلاّ خلف رجلين ، أحدهما من تثق بدينه وورعه ، وآخر تتّقي سيفه وسطوته وشناعته على الدين ، إلى آخره (١). وهذا يقتضي عمله بقول أبيه ، وهو مضمون بعض الأخبار في الجملة.

وروى عن إسماعيل الجعفي ، أنّه قال لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل يحبّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ولا يتبرّأ من عدوّه ، ويقول هو أحبّ إليّ ممن خالفه ، قال : « هذا مخلط وهو عدو فلا تصلّ وراءه ، ولا كرامة ، إلاّ أن تتّقيه » (٢) وطريقه إلى إسماعيل فيه كلام كإسماعيل ، إلاّ أنّ رواية الصدوق لها مزيّة كما سبق (٣) ، ورواه الشيخ (٤) بطريق خال من الارتياب الذي في طريق الصدوق ، إلاّ في إسماعيل ، وفيه ابن مسكان ، وأظنّ أنّ أمره هيّن ، وعلى كل حال فهو مؤيّد لرواية الصدوق.

وروى الصدوق أيضاً خبر عمر بن يزيد (٥) ، وليس في طريقه ارتياب. وروى الخبر السابق عن الشيخ المتضمن للمجهول والمغالي مرسلاً ، بهذه الصورة : وقال الصادق عليه‌السلام : « ثلاثة لا تصلّى خلفهم ، المجهول والمغالي ، وإنْ كان يقول بقولك » (٦) إلى آخره. ومزيّته ظاهرة. وروى خبر سعد بن إسماعيل (٧) السابق من الشيخ.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٤٩.

(٢) الفقيه ١ : ٢٤٩ / ١١١٨ ، الوسائل ٨ : ٣٠٩ أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ٣.

(٣) في ص : ٥٨ ، ١٩٨٩ ، ١٩٩٩.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨ / ٩٧.

(٥) الفقيه ١ : ٢٤٨ / ١١١٤.

(٦) الفقيه ١ : ٢٤٨ / ١١١١ ، الوسائل ٨ : ٣١٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١١ ح ٤ وفيهما : الغالي ، بدل : المغالي.

(٧) الفقيه ١ : ٢٤٩ / ١١١٦.

١٤٠