إستقصاء الإعتبار - ج ٦

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-178-8
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٤٧

إلاّ أنّ العبارة كما ترى ملخص كلامه.

وقد حكى العلاّمة احتجاجه بالخبر الرابع (١) ، وهو ظاهر في البطلان بنقصان السجدة ، فعلى تقدير أنْ يكون الاحتجاج له لا ريب في دلالته على أنّه قائل بالبطلان بنقصان السجدة ، فقول العلاّمة : الظاهر من كلام ابن أبي عقيل ، قد يوهم أنّ فيه نوع شك ، وإن كان الاستدلال منه لابن أبي عقيل كما يفعله كثيراً في الكتاب ، فالأمر كما ترى.

وأجاب عن الرواية أوّلاً : بأنّ الراوي علي بن إسماعيل عن رجل ، وثانياً : بأنّ معلّى بن خنيس ضعيف وقد اختلف في مدحه وذمه ، فلا تعويل على ما ينفرد به (٢).

ولا يخفى أنّ الجواب بالضعف في المعلّى ثم قوله : وقد اختلف ، إلى آخره. محل كلام ؛ لأنّ الضعف إن كان بسبب تعارض المدح والذم فيه ، والذم مقدم ، فالأولى أنْ يقال : إنّ الخلاف واقع في المدح والذم ، فلا تعويل على ما ينفرد به ، وإن كان الضعف من غير الاختلاف فلا وجه له.

وقد ذكر في الخلاصة أنّ النجاشي ضعّفه ، ونقل عن ابن الغضائري أنّه كان أوّل أمره مغيرياً (٣) ، ثم دعا إلى محمد بن عبد الله ، والغلاة يضيفون‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٧٣.

(٢) المختلف ٢ : ٣٧٣.

(٣) المغيرية هم أتباع المغيرة بن سعيد ، قالوا لا إمامة في بني علي بن أبى طالب بعد أبي جعفر عليه‌السلام وأن الإمامة في المغيرة بن سعيد إلى خروج المهدي وهو عندهم محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فرق الشيعة للنوبختي : ٦٣.

٨١

إليه كثيراً ، ولا أرى الاعتماد على شي‌ء من حديثه ، وروى فيه أحاديث تقتضي الذم وأُخرى تقتضي المدح ، قال : وقد ذكرناها في كتابنا الكبير. ثم نقل عن الشيخ في كتاب الغيبة بغير إسناد أنّه كان من قوّام أبي عبد الله ، وكان محموداً عنده ، ومضى على منهاجه. قال العلاّمة وهذا يقتضي وصفه بالعدالة (١).

وأنت خبير بأنّ تعديل الشيخ محل كلام ، وتضعيف النجاشي واضح. وأمّا قول ابن الغضائري فلا يخلو من إجمال ؛ إذ قول « لا أرى » محتمل لأن يكون من العلاّمة أو منه ، وإن كان حال ابن الغضائري فيه ما فيه. وقد روى الشيخ في التهذيب حديثاً في باب الدين في الحسن يقتضي نوع مدح للمعلّى (٢) ، وفي الكافي في الروضة كذلك (٣). وقد مضى ذلك (٤) ، وإنّما أعدناه لأمر ما ، والمقصود غير خفي.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه ما ذكره الشيخ فيه في غاية البعد ، ويمكن حمله على الاستحباب في إعادة الصلاة ، ويبقى حكم قضاء السجدة مستفاداً من الأخبار الأُخر ، وإنّما احتجنا إلى بيان هذا لئلاّ يلزم أنّ استحباب الإعادة كافٍ عن القضاء. وما تضمنه الخبر من سجود السهو فيه ما لا يخفى ، وربما كان قرينة الاستحباب عند من لا يقول بالسجود لكل زيادة ونقيصة غير مبطلة.

__________________

(١) الخلاصة : ٢٥٩ / ١.

(٢) التهذيب ٦ : ١٨٦ / ٣٨٦.

(٣) الكافي ٨ : ٣٠٤ / ٤٦٩.

(٤) في ص ٨٧٧.

٨٢

قوله :

والذي يدل على التفصيل الذي ذكرناه :

ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل صلّى ركعتين ثم ذكر في الثانية وهو راكع أنّه ترك سجدة في الأُولى ، قال : « كان أبو الحسن يقول : إذا تركت السجدة في الركعة الأُولى فلم تدر واحدة أو اثنتين استقبلت حتى تصح لك ثنتان ، وإن كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة بعد أن تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن محمد بن منصور قال : سألته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها ، فقال : « إذا خفت أن لا تكون وضعت وجهك إلاّ مرّة واحدة فإذا سلّمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرّة واحدة وليس عليك سهو ».

فليس ينافي التفصيل الذي قدّمناه ؛ لأنّ قوله : الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية ، يحتمل أن يكون أراد من الركعة الثانية من الركعتين الأخيرتين ، وليس في ظاهر الخبر من الركعة الثانية ( من الركعتين الأوّلتين والأخيرتين ) (١) ، ( بل هو محتمل لهما معاً ، وإذا احتمل ذلك حملناه على الركعة الثانية من الأخيرتين ) (٢) ، ليطابق ما فصّل في الخبر الأوّل.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٦٠ : من الأولتين أو الأخيرتين.

(٢) ما بين القوسين ليس في النسخ ، أثبتناه من الاستبصار ١ : ٣٦٠ / ١٣٦٥.

٨٣

السند‌ :

في الأوّل : واضح الصحة بعد ما قدّمناه (١).

والثاني : فيه علي بن أحمد ، ولا يبعد أنّه ابن أشيم المجهول في كتاب الشيخ من رجال الرضا عليه‌السلام (٢) ، واحتمال غيره في حيّز الإمكان. وأمّا موسى بن عمر ففيه اشتراك كمحمد بن منصور (٣).

المتن :

في الأوّل : نوقش الشيخ في الاستدلال به أنّ مقتضاه الاستقبال مع الشك ، وعلى ذلك مشى شيخنا قدس‌سره في الجواب عن احتجاج الشيخ به (٤). وقد يقال : إنّ الاستقبال إذا لزم مع الشك فمع اليقين أولى ، إلاّ أنّ في مفهوم الموافقة تأمّلاً أشرنا إليه في الكتاب (٥). وفي المختلف أجاب عنه بأنّ المراد بالاستقبال الإتيان بالسجود المشكوك فيه ، لا استقبال الصلاة ، قال : ويكون قوله عليه‌السلام : « وإذا كان في الثالثة والرابعة » إلى آخره. راجعاً إلى من تيقن ترك السجدة في الأوّلتين فإنّ عليه إعادة السجدة لفوات محلها ولا شي‌ء عليه لو شك ، بخلاف ما لو كان الشك في الأُولى ، لأنّه لم ينتقل عن محل السجود فيأتي بالمشكوك فيه (٦). انتهى.

__________________

(١) راجع ص : ٦٨ ، ٣٠٢.

(٢) رجال الطوسي : ٣٨٢ / ٢٦.

(٣) انظر هداية المحدثين : ٢٦٢ و ٢٦٣ ، ٢٥٥.

(٤) المدارك ٤ : ٢٤١.

(٥) راجع ص ١٨٠٣.

(٦) المختلف ٢ : ٣٧٠.

٨٤

وأنت خبير بما فيه من الغرابة ؛ لأنّ السؤال تضمن ذكر السجدة وهو راكع فكيف يأتي بها. وأعجب منه قول شيخنا قدس‌سره بعد نقل الجواب : وهو بعيد.

فإن قلت : ما وجه التوقف في مفهوم الموافقة؟

قلت : من وجهين. أحدهما : عدم ثبوت العلة كما هو رأي المحققين وعليه اعتماد شيخنا قدس‌سره (١). وثانيهما : بتقدير العلّة لا يخلو إمّا أن تكون مستنبطةً أو منصوصةً ، فالأُولى ليست حجة عند الأصحاب ، والثانية تقتضي عدم اعتبار كون المسكوت عنه أولى من المنطوق كما هو الشرط في مفهوم الموافقة.

وقد يمكن أن يوجه ثبوت العلّة من حيث قوله : « حتى تصح لك ثنتان » فإنّ مقتضى هذا اعتبار صحة الركعتين ، بمعنى خلوّهما من النقص ، وفي هذه العلّة يتحقق مع يقين الترك ، وغير بعيد إثبات الحكم في صورة اليقين بالعلّة وإن لم يسمّ مفهوم الموافقة.

فإن قلت : لو كانت العلّة ما ذكر لزم أنّ كل خلل وقع في الأوّلتين يبطل ، والحال أنّه غير واضح.

قلت : لا مانع من القول به فيما لم ينعقد الإجماع على خلافه ، وفي الظن أنّ هذا الخبر إذا انضم إلى ما قدّمناه من الأخبار الدالة على أنّ اليقين في الأوّلتين معتبر وحفظهما كذلك ، أفاد تأكيداً واضحاً لصحة ما ذهب إليه البعض (٢) ، فليتأمّل.

وربما يقال : إنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه أنّ من ترك السجدة يقيناً‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٤١.

(٢) كالمفيد في المقنعة : ١٤٥.

٨٥

ولم يدر هل هي وحدها أو معها غيرها يعيد ، وحينئذ يرجع إلى عدم تحقق السجدتين المعبّر عنه بقوله : « حتى تصح لك ثنتان » وإذا رجع إلى عدم تحقق السجدتين فالإعادة بسبب خاص ، لا بمجرد الإخلال بالواحدة ، ولا بالشك في الواحدة بمعنى أنّه أخلّ بها أم لا كما ظنه الشيخ في الأوّل والعلاّمة في الثاني ، وتبعه شيخنا قدس‌سره فيه في الجملة ، ويمكن الجواب عن هذا بأنّ ظاهر الفاء يأبى الاحتمال ، وفيه : أنّه لا مانع من توجيه الفاء على وجه يوافق المعنى.

فإن قلت : الثنتان المعبّر عنهما بقوله : « حتى تصح لك ثنتان » ما المراد بهما ، السجدتان أم الركعتان؟ فإن كان المراد السجدتين دلّ الخبر على أنّه لا بدّ في الأوّلتين من السجدتين جزماً ، فلو حصل الشك وجبت الإعادة ، أو حصل الجزم بفوات واحدة فكذلك ، وإن كان المراد الركعتين دلّ على أنّه لا بدّ من تمام الركعتين الأوّلتين بسلامتهما من الشك والنقصان ، وحينئذ يدل الخبر على ما مضى.

قلت : هذا يرجع بنوع تقريب إلى ما ذكرناه سابقاً.

وما قد يقال عليه : إنّ مع احتمال إرادة السجدتين لا يتم المطلوب من أنّ الشك في الأوّلتين في أجزائهما يوجب الإعادة كما مضى القول فيه بهذا الخبر ، لخصوصه في السجدتين.

يمكن الجواب عنه بأنّ المطلوب البطلان في الشك في السجدة في الأوّلتين أو اليقين.

فإن قلت : مفاد الخبر الاستقبال حتى تصح السجدتان بتقدير العود إليهما ، ومن المعلوم انّ الاستقبال كما يصحح (١) السجدتين فتدارك السجدة‌

__________________

(١) في « رض » و « فض » إذا صحّح.

٨٦

قبل الركوع في الأوّلتين يصحح (١) السجدتين ، وحينئذ لا يدل على جميع المطلوب السابق.

قلت : على تقدير كون الإعادة تصحح يدل على أنّ الأوّلتين من شرطهما الإتيان بسجودهما على وجهه ، بمعنى كونهما من غير فصل قيام وغيره ومن دون ارتياب. أمّا اعتبار الفصل فلأنّه على تقدير يقين الترك والذكر قبل الركوع يتحقّق الفصل ، وأمّا الارتياب فعلى تقدير الشك متحقّق كما لا يخفى ، على أنّ الظاهر من الثنتين هما الركعتان بقرينة ذكر الثالثة والرابعة ، وإن أمكن فتح باب الاحتمال المساوي مع ذكرهما.

ويمكن ادعاء دلالة الرواية على يقين الترك في الأوّلتين من حيث قوله : « وإذا كان في الثالثة أو الرابعة فترك سجدة » فإنّ هذا كما ترى يدل على بيان الفرق بين الأوّلتين والأخيرتين بترك السجدة ، إذ لو كان في الأوّل الشك لم يتحقق الفرق ، وإن أمكن إبداء الفرق بوجه آخر ، إلاّ أنّه متكلف ، وقد ذكرت غير هذا من الفوائد في الخبر في حواشي مدارك شيخنا قدس‌سره والذي لا بدّ منه هنا ما ذكرناه.

وينبغي أن يعلم أنّ قوله عليه‌السلام : « بعد أن تكون قد حفظت الركوع » ربما يدل على أنّ السجود وإن تعدد في الفوات يعاد مع حفظ الركوع ، وأنّ الركوع إذا حصل فيه شك ( بعد السجود ) (٢) ثم حصل نسيان السجدة لا يعاد السجود بل تعاد الصلاة ، والقائل بالأمرين غير معلوم ( بل الأوّل معلوم ) (٣)

__________________

(١) في « رض » و « م » : تحصل.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٨٧

الانتفاء من كتب الأصحاب التي وقفت عليها. وغير بعيد أن يكون المراد بحفظ الركوع عدم تيقن تركه لا نفي الشك فيه ، فليتأمّل ما حرّرناه في المقام ، فإنّه حريّ بالتأمّل التام.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الثاني ظاهر الدلالة على أنّ الشك في السجدة في الأوّلتين يقتضي الإتيان بها بعد التسليم ، وحمل الشيخ من البعد بمكان ، بل الظاهر أنّ ترك ذكره أولى ، ويحمل الخبر على الاستحباب كما يدل عليه قوله : « وليس عليك سهو » إذ لو كانت السجدة متروكة لزم سجود السهو عند الشيخ ، إلاّ بتأويل إرادة نفي حكم الساهي كما يأتي من الشيخ في الباب الذي بعد هذا (١) ، وفيه ما لا يخفى.

فإنْ قلت : السؤال في الرواية تضمن النسيان أو الشك ، والجواب لا بدّ من مطابقته للسؤال ، وإذا طابق أفاد أنّ نسيان السجدة يقتضي قضاءها ، وحينئذ لا بدّ من حمل نفي السهو على ما يقوله الشيخ لا ما ذكرت.

قلت : الجواب كما ترى ظاهر في بيان صورة الشك ، ويمكن إحالة صورة العلم عليه ، فاكتفى عليه‌السلام بصورة الشك لذلك ، فإذا أفاد عليه‌السلام نفي السهو مع الشك أمكن أن يستفاد منه نفي السجود للسهو مع يقين الترك وثبوته بدليل آخر ، ولا مانع من ذلك كما يعرف بالتأمّل الصادق ، وسيأتي في خبر ابن أبي يعفور ما يدل على حكم الشاك في السجدة ، ويتكلم فيه (٢) إن شاء الله.

__________________

(١) انظر ص ١٨١٨.

(٢) انظر ص ١٨١١.

٨٨

قوله :

باب وجوب سجدتي السهو على من ترك

سجدة واحدة ولم يذكرها إلاّ بعد الركوع.

الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « إذا نسي الرجل سجدة وأيقن أنّه تركها فليسجدها بعد ما يقعد قبل أن يسلّم ، وإن كان شاكاً فليسلّم ثم ليسجدها وليتشهد تشهداً خفيفاً ولا يسميها نقرة ، لأنّ النقرة نقرة الغراب ».

أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن سفيان بن السمط ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان ».

ولا ينافي هذا الخبر الذي قدمناه في الباب الأوّل عن أبي بصير (١) من قوله : « ليس عليه سهو » لأنّ قوله : « ليس عليه سهو » إنّما معناه لا يكون حكمه حكم الساهي ، بل يكون حكمه حكم القاطع ، لأنّه إذا ذكر ما فاته فقضاه لم يبق عليه شك فيه فخرج عن حد السهو.

السند‌ :

في الأوّل : ليس فيه ارتياب بعد ما كررنا القول في رجاله (٢).

والثاني : فيه الإرسال ، وما قد يظن من قبول مراسيل ابن أبي عمير‌

__________________

(١) مرّ في ص ١٨٠١.

(٢) راجع ص ٤٩ ، ١٠٨ ، ٥٠٢.

٨٩

قد أنهينا القول فيه أيضاً في أوّل الكتاب (١) وغيره. أمّا سفيان بن السمط فهو مذكور في رجال الصادق عليه‌السلام مهملاً من كتاب الشيخ (٢).

المتن :

في الأوّل : لا تخفى دلالته على قضاء السجدة المنسية لكن قبل التسليم ، وقد قدمنا أنّ بعض القائلين بذلك على الإطلاق الشامل للأوّلتين والأخيرتين استدل بها (٣) ، والحال فيها ما ترى.

ويمكن أن يقال : إنّ قوله : « قبل أن يسلّم » ليس راجعاً إلى قوله : « فليسجدها » بل إلى قوله : « يقعد » والمراد أنّ فعلها بعد القعود الحاصل قبل التسليم وهو التشهد ، وهذا الحمل وإن بَعُد لا يقصر عن محامل الشيخ ، والاحتياج إليه بناءً على مختار الأكثر من أنّ محل قضاء السجدة بعد التسليم (٤) ، ودلالة رواية إسماعيل بن جابر السابقة على أنّ قضاء السجدة بعد التسليم.

وينقل عن المفيد القول بأنّه إذا ذكر السجدة بعد الركوع فليسجد ثلاث سجدات واحدة منهن قضاء (٥). وعن علي بن بابويه أنّ السجدة المنسية من الركعة الأُولى إذا ذكرت بعد ركوع الثانية تقضى في الركعة الثالثة ، وسجود الثانية إذا ذكر بعد ركوع الثالثة يقضى في الرابعة ، وسجود الثالثة بعد التسليم (٦).

__________________

(١) راجع ص ٧٣.

(٢) رجال الطوسي : ٢١٣ / ١٦٤.

(٣) راجع ص ١٨٠٣.

(٤) انظر المقنعة : ١٤٧ ، المبسوط ١ : ١٢٠ ، المختلف ٢ : ٣٧٣.

(٥) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٧٤.

(٦) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٧٣ بتفاوت يسير.

٩٠

ولا يخفى عدم دلالة الرواية المبحوث عنها على ذلك ، كما لا يدل على قول الأكثر ، وقد يمكن الجمع بالتخيير لو سلمت رواية إسماعيل مما قدمناه (١) ، وبدونه فالحمل المذكور ممكن على تقدير عدم القائل بقبلية التسليم على الإطلاق. هذا على تقدير القول بوجوب التسليم ، ولو قيل باستحبابه فالأمر لعلّه سهل ، أمّا ما قاله في المختلف على ما نقله شيخنا قدس‌سره من حمل الرواية على الذكر قبل الركوع (٢) ، فممّا لا ينبغي ذكره.

أمّا ما تضمنته الرواية من حكم الشك فلا يخلو من إجمال ؛ إذ يحتمل احتمالاً ظاهراً أن يراد بالسجدة ( المشكوك فيها والتشهد بعدها غير ظاهر الوجه ، ويحتمل أن يراد بالسجدة ) (٣) سجدتا السهو ، واللازم من هذا اختلاف الضمير في « يسجدها » الاولى والثانية ، وكون الضرورة تبيح مثل هذا في غاية البعد ، كما أنّ احتمال إرادة سجدتي السهو من الأُولى أيضاً لا وجه له إلاّ بتقدير ما قاله العلاّمة من الحمل على ما قبل الركوع (٤) ، وحينئذ يأتي بالسجدة وتكون السجدة المأمور بها سجدتي السهو ولو على الاستحباب ، كما يستفاد من خبر معلى بن خنيس السابق الكلام فيه (٥).

وغير خفي أنّ مثل هذه التكلفات لا تخلو من إشكال ، غير أنّ عدم التعرض للأخبار في محل الحاجة من (٦) الشيخ غريب.

وربما يحتمل أن يكون قوله : « ثم يسجدها » بياناً للسجدة المذكورة‌

__________________

(١) في ص ١٨٠٢.

(٢) المختلف ٢ : ٣٧٤ ، وحكاه عنه في المدارك ٤ : ٢٤٣.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) المختلف ٢ : ٣٧٤.

(٥) راجع ص ١٨٠٤ ، ١٨٠٥.

(٦) في « رض » و « م » زيادة : كلام.

٩١

أوّلاً ، وإنّما ذكر التشهد الذي في سجود السهو لبيان خفّته ، إذ من الجائز علم السائل بالسجدتين للسهو دون التشهد. وقوله : « ولا يسميها » راجع إلى السجدة المنسية على احتمال ، ويراد بتسميتها فعلها ، ونقرة الغراب إشارة إلى عدم السرعة في فعلها ، ويحتمل استحباب التشهد للسجدة المشكوك فيها ، لكن القائل به غير معلوم ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

وأمّا الثاني : فقد استدل به القائل بوجوب سجدتي السهو لكل زيادة أو نقيصة غير مبطلتين (١) ، لكن قد عرفت الكلام في السند. ورواية أبي بصير المعارضة جواب الشيخ عنها في غاية البعد ، وضعف رواية أبي بصير ربما تجبره موافقة الأصل ، لكن المنقول عن العلاّمة في التذكرة دعوى الإجماع على وجوب سجدتي السهو مع السجدة المنسية (٢).

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ الرواية المبحوث عنها وإن كان سندها غير سليم ، إلاّ أنّ الشيخ روى عن الحلبي فيما يأتي في باب التشهد في سجدتي السهو عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً أم نقصت أم زدت فتشهّد وسلم واسجد سجدتي السهو » الحديث (٣).

وقد استدلّ بها بعض الأصحاب على وجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة ، موجّهاً أنّ مع الشك إذا وجب السجود فمع اليقين أولى (٤).

وفيه ما قدّمناه من جهة مفهوم الموافقة (٥) ، على أنّ المستفاد من الخبر الشك في الزيادة والنقيصة ، وفيه احتمالات سنذكرها (٦) فيما بعد‌

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ٣٢٧.

(٢) التذكرة ١ : ١٣٨ ، وحكاه. عنه في المدارك ٤ : ٢٤١.

(٣) راجع ص ١٩٢٢.

(٤) انظر تحرير الاحكام ١ : ٥٠.

(٥) في ص : ١٨٠٦.

(٦) في ص ١٩٢٣.

٩٢

حيث يذكر هذا الشيخ ، والبعض منها الشك في الزيادة والنقيصة معاً على معنى لم يدر زاد أم نقص ، والمطلوب هنا من مفهوم الموافقة إنّما يتم لو أُريد الشك في الزيادة وحدها والشك في النقيصة وحدها كما لا يخفى.

وهذا وإن احتمل في حيّز الشك كما سنذكره (١) إن شاء الله ، إلاّ أنّه بعيد من سياق لفظه إذا أعطاه المتأمّل حق النظر ، وقد روى الشيخ في الصحيح على ما حكاه شيخنا قدس‌سره لكن لم أقف الآن عليه في الكتابين بعد النظر ، عن الفضيل بن يسار أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن السهو ، فقال : « من يحفظ سهوه فليس عليه سجدتا السهو وإنّما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص منها » (٢).

وهذه مروية في الفقيه عن الفضيل بن يسار (٣) ، والطريق إليه فيه كلام إلاّ أنّ رواية الصدوق قد كرّرنا القول فيها (٤).

ويستفاد من الرواية (٥) أنّ من حفظ السهو لا سجود عليه ، والذي يظهر من قوله : « إنّما السهو » إلى آخره. أنّ المراد من حفظ الزيادة والنقصان لا سجود عليه ، والمخالفة حينئذ (٦) لما دل على سجود السهو مع نقصان السجدة ظاهرة ، واحتمال أن يراد بمن حفظ سهوه من تداركه قبل فوات محلّه لا يناسبه قوله : « وإنّما السهو » إلى آخره.

ولا يخفى معارضته للخبر المبحوث عنه أيضاً ، وحينئذ يحتمل أن‌

__________________

(١) انظر ص ١٩٢٣ ١٩٢٨.

(٢) حكاه عنه في المدارك ٤ : ٢٧٩.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠١٨ ، الوسائل ٨ : ٢٢٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٦.

(٤) انظر ص ٥٨.

(٥) في « رض » : الروايتين.

(٦) ليست في « فض ».

٩٣

يراد بقوله في الخبر المبحوث عنه : « في كل زيادة أو نقصان » مضمون خبر الفضيل بن يسار على معنى : أنّ السجود في محل يتردد بين الزيادة والنقصان. وفيه : أنّه مخالف للظاهر جدّاً ، والتأويل ممكن بوجه آخر وهو ما قدّمناه من احتمال استدراك الفعل ، ويكون قوله : « وإنّما السهو » حصراً إضافياً ؛ إذ لا بدّ من ذلك بعد ثبوت سجود السهو في مواضع أُخر ، هذا كلّه على تقدير العمل بالرواية المبحوث عنها ، وعدم تعرض الشيخ لذلك (١) واضح الغرابة لا يخفى.

ويخطر (٢) بالبال احتمال أن يراد بمن لم يدر أزاد أم نقص ، من علم أحدهما قطعاً واشتبه عليه التعيين ، لا ما هو الظاهر ؛ إذ من المستبعد إرادته ، ولم أقف الآن على كلام الأصحاب في حقيقة معنى هذا.

ويفهم من شيخنا قدس‌سره أنّ المعنى فيه عدم العلم بالزيادة والنقيصة كما هو الظاهر منه حيث قال : ويمكن أن يستدلّ به على قول المفيد من وجوب سجدتي السهو على من لم يدر أزاد سجدة أو نقص سجدة أو زاد ركوعاً أو نقص ركوعاً وكان الذكر بعد تجاوز محلّه ، لكنها غير صريحة في ذلك ؛ لاحتمالها الشك في زيادة ركعة أو نقصانها. انتهى (٣).

وأنت خبير بأنّ الاستدلال بها على قول المفيد المذكور يقتضي فهم ما ذكرناه على معنى الشك في الزيادة والنقيصة ؛ لأنّ المنقول عن المفيد في المقنعة على ما في المختلف في تعداد مواضع سجود السهو : وإن لم يدر أزاد سجدة أو نقص سجدة ، أو زاد ركوعاً أو نقص ركوعاً ولم يستيقن‌

__________________

(١) في « م » و « فض » : كذلك.

(٢) في « م » : وما يخطر.

(٣) مدارك الاحكام ٤ : ٢٧٩.

٩٤

ذلك ، وكان الشك له فيه حاصلاً بعد تقضّي وقته وهو في الصلاة ، سجد سجدتي السهو (١). انتهى.

وهذا الكلام كما ترى يدل على أنّ الشك في المذكور يقتضي سجود السهو ، فإذا استدل عليه بخبر الحلبي كان معنى الخبر أنّ من شك في الزيادة والنقيصة عليه السجود. وغير خفي (٢) أنّه لا وجه للتخصيص بقول المفيد ، بل ينبغي كلّ شك في زيادة ونقيصة ، وهو واضح الإشكال.

ثم إنّ احتمال زيادة الركعة ونقصانها كما نقله عن الدورس (٣) كأنّه يريد به ما قاله في المختلف جواباً عن سؤال ، وحاصل السؤال أنّ المراد بالزيادة والنقصان في الرواية في عدد الركعات لا في الأفعال ؛ لأنّه المتبادر إلى الفهم ، خصوصاً عقيب قوله : « إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً » والجواب حاصله أنّ اللفظ يتناول كلّ زيادة ونقصان ، وتقديم الشك بين الأربع والخمس لا يقتضي الحصر في الثاني (٤).

وفي نظري القاصر أنّ الركعات إن أُريد بها ما ذكر في الرواية أعني الأربع والخمس ليكون بياناً للشك بين الأربع والخمس ، والمعنى أنّ الظن لم يغلب على شي‌ء من أحد الأمرين فالمقرّر أنّ التأسيس خير من التأكيد ، وبتقدير التأسيس يلزم أنّ كلّ من شكّ في زيادة الركعات ونقصانها عليه سجود السهو ، والزيادة والنقصان لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ كلاًّ منهما إمّا أن يراد به الزيادة على المفروض والنقصان عنه ، أو يراد به الزيادة في‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٤١٦ ، نقله عن الرسالة العزية.

(٢) في « فض » زيادة : أولاً.

(٣) انظر مدارك الأحكام ٤ : ٢٧٩.

(٤) المختلف ٢ : ٤٢١.

٩٥

نفس المفروض والنقصان عن تلك الزيادة ، وكلاهما مشكل.

أما الأوّل : فلأنّ حاصله لزوم سجود السهو لمن شك بين الثلاث والخمس ، لأنّ الزيادة عن المفروض محتملة والنقيصة كذلك ، والحال أنّ الرواية تضمّنت أنّ الشك بين الأربع والخمس فقط ، إلاّ أن يقال : إنّ حكم النقيصة والزيادة المشتبهة إذا تضمّنها الخبر فلا حصر ، وفيه مخالفة الظاهر وعدم العلم بالقائل الآن.

وأمّا الثاني : فلأنّ حاصله لزوم السجود لمن شك بين الثلاث والأربع ؛ إذ الرابعة زائدة أو ناقصة ، وإشكاله أيضاً ظاهر ، لكن لا يخفى بُعد هذا بل نفيه.

وعلى كلّ حال يحتاج ذكر زيادة الركعات إلى البيان.

ولو احتمل التأكيد نظراً إلى لزوم المحذور في التأسيس لزم انحصار سجود السهو في ركعات الأربع والخمس ، وربما كان في كلام العلاّمة من جهة ذكر الحصر إشعار بذلك.

وقد خطر في البال بعض هذا فذكرته في حواشي الفقيه ، إلاّ أنّه لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ الزيادة في الخمس واضحة دون النقيصة ، وإرادة النقيصة عن الزيادة أبعد.

وما عساه يقال : إنّه لا بدّ بعد الحمل على الركعات من ذلك ؛ إذ لا معنى لنقصان الركعة إلاّ هذا ، فله وجه ، وجوابه : بأنّ النقصان يتحقق بتقدير الشك في نقصان الفرض عن مقداره ، مدخول بلزوم سجود السهو لمن شك في غير صورة الأربع والخمس كما لا يخفى.

وبالجملة : فالمقام بالنسبة إلى الخبر واسع البحث ، والذي يظن من‌

٩٦

الحديث ما قدّمناه (١) من احتمال إرادة تحقق أحد الأمرين من الزيادة أو النقيصة وعدم العلم بالتعيّن ، وما عدا هذه الصورة فالإشكال لا خروج عنه إلاّ بتكلّف ( وسيأتي (٢) تتمة الكلام فيه عند ذكر الشيخ له ) (٣).

وما قاله العلاّمة في المختلف مستدلاًّ لوجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة ، من : أنّهما مع الزيادة يجبان وكذا مع النقصان فيجبان فيهما مع الشك ، وبرواية الحلبي ، وبما رواه ابن بابويه عن الفضيل بن يسار ، وذكر الرواية السابقة قائلاً : إنّ وجه الاستدلال بها أمران ، أحدهما : مفهوم الشرط في قوله : « من حفظ سهوه » إلى آخره. فإنّه يدلّ على أنّ من ليس يحفظ سهوه عليه السجدتان ، الثاني : قوله « إنّما السهو » إلى آخره. فإنّه يقتضي وجوب السجدتين على الشاك في الزيادة والنقصان ، لأنّه المفهوم من إثبات السهو (٤).

في نظري القاصر محلّ تأمّل ، أمّا أولاً : فلأنّ الوجوب مع الزيادة والنقصان إن أُريد به مع كلّ زيادة ونقصان فإثباته غير معلوم ؛ إذ لم يتقدم منه ما يدل عليه وفيما رأيته بعد النظر ، فإنّه ذكر المواضع التي فيها البحث في سجود السهو ولم يذكر المسألة منها ، بل ذكر ترك السجود واستدل عليه برواية سفيان السمط ، والرواية حالها قد علم. وفي الدروس : إنّ القول بوجوب سجود السهو لكلّ زيادة لم نظفر بقائله ولا بمأخذه (٥). ونقل عن‌

__________________

(١) في ص ١٨١٦.

(٢) انظر ص ١٩٢٣.

(٣) ما بين القوسين ساقط من « م ».

(٤) المختلف ٢ : ٤٢١.

(٥) الدروس ١ : ٢٠٧.

٩٧

الشيخ في الخلاف : أنّه حكاه عن بعض الأصحاب (١) ، ( وفي الروضة (٢) ناقش جدّي قدس‌سره الشهيد رحمه‌الله فيما قاله بوجه غير خفيّ الوجاهة بعد مراجعته ) (٣) ، وما قدّمناه من احتمال الاستدلال عليه برواية الحلبي وجدته في كلام بعض محقّقي المتأخّرين رحمه‌الله (٤).

وأمّا ثانياً : فلأنّ نقصان القراءة لا يجب فيه سجود السهو ؛ للخبر المتقدم عن محمد بن مسلم من قوله : « ولا شي‌ء عليه » وخبر منصور بن حازم ، وما دلّ على عدم الالتفات إلى الشك بعد تجاوز المحل كذلك بتقدير تناول الشك في النقصان لمثل هذا ، وخبر ابن أبي يعفور الذي في أوّل الباب أيضاً يدل على ذلك ظاهراً ، والخبر الدال على أنّ الجهر في موضع الإخفات جهلاً وعكسه لا يوجب شيئاً كذلك ، وغير ما ذكر كما في خبر علي بن يقطين المعدود من الصحيح الدال على أنّ من نسي تسبيح الركوع والسجود لا شي‌ء عليه.

وأما ثالثاً : فلما عرفته في رواية الفضيل ، وعدم ذكر الشيخ لها يدل على أنّ ما ذكره شيخنا من النقل عن الشيخ لا يخلو من شي‌ء ؛ وتوجيه العلاّمة للاستدلال بها لا يخفى ما فيه ؛ إذ الاعتراف بدلالة الشرط يقتضي عدم وجوب سجود السهو للزيادة والنقيصة على الإطلاق.

وأمّا رابعاً : ( فلما سبق منّا عن قريب من ذكر بعض الاحتمالات ) (٥).

__________________

(١) الخلاف ١ : ٤٥٩.

(٢) الروضة البهية ١ : ٣٢٧.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ١٥٢.

(٥) ما بين القوسين ليس في « م ».

٩٨

وبالجملة : فالمقام حري بالتأمّل التام ، ولم أجد الآن من حام حول تحقيقه من العلماء الأعلام وبالله الاعتصام.

قوله :

باب من شكّ فلم يدر واحدة سجد أم اثنتين‌

محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل سها فلم يدر ( سجد واحدة أو اثنتين ) (١) قال : « يسجد اخرى وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو ».

عنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ابن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل شك فلم يدر سجد سجدة أم سجدتين؟ قال : « يسجد حتى يستيقن (٢) ».

عنه ، عن علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضل بن صالح ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل شبّه عليه فلم يدر واحدة سجد أم ثنتين؟ قال : « فليسجد اخرى ».

عنه (٣) ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٦٨ : سجدة سجد أم ثنتين.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٦٩ ، والكافي ٣ : ٣٤٩ / ١ زيادة : أنّهما سجدتان.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٧١ : سعد ، بدل عنه.

٩٩

رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل أن يستوي جالساً فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال : « يسجد » قلت : فرجل نهض من سجوده قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال : « يسجد ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا؟ وشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا؟ فقال : « لا يسجد ولا يركع ، ويمضي (١) في صلاته حتى يستيقن يقيناً ».

فهذا الخبر يحتمل شيئين ، أحدهما : أن يكون يشك بعد أن يدخل في حالة اخرى ولا يذكر يقيناً ترك الركوع أو السجود ، فإنّه ينبغي أن يمضي في صلاته على ما بيناه فيما مضى.

والثاني : أنْ يكون مخصوصاً بمن يكثر عليه السهو فرخّص له المضيّ في صلاته تخفيفاً ، ( ولأنّ الناسي ) (٢) كلّما سجد ( شك فيحتاج ) (٣) أن يسجد فلا ينفك عنه ، فلأجل ذلك رخّص له في المضي فيه.

السند‌ :

في الأوّل : حسن كما لا يخفى.

والثاني : واضح الضعف بما تكرر القول فيه (٤) وابن مسكان فيه‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٦٢ / ١٣٧٢ : يمضي.

(٢) في نسخة من الاستبصار : ولأنه لا يأمن.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٦٢ : فشك يحتاج.

(٤) راجع ج ١ : ٧٣ و ١٢٠ و ١٣٠.

١٠٠