إستقصاء الإعتبار - ج ٦

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-178-8
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٤٧

( أم لا (١)؟ ) قال : « يركع ويسجد ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسين ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير والحلبي : في رجل (٢) لا يدري أركع أم لم يركع ، قال : « يركع ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أستتمّ قائماً فلا أدري ركعت أم لا ، قال : « بلى قد ركعت ، فامض في صلاتك ، فإنّما ذلك من الشيطان ».

فلا ينافي ما ذكرناه ؛ لأنّ الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من يستتم قائماً من السجود إلى الثانية أو إلى الثالثة من التشهد الأوّل ثم يشك في الركوع في الركعة التي مضى حكمها ، فإنّه لا يلتفت إلى ذلك الشكّ ، لأنّه قد انتقل إلى حالة اخرى ، وذلك لا يوجب حكماً للشك ، والذي يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أشك وأنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا ، قال : « امض ».

عنه ، عن صفوان ، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أشك وأنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا ، فقال : « قد ركعت امض ».

سعد ، عن أبي جعفر ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته‌

__________________

(١) في « رض » : أم لا أيركع ، وفي الاستبصار ١ : ٣٥٧ / ١٣٥٢ : أم لم يركع.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٥٧ / ١٣٥٣ : الرجل.

٦١

عن رجل شكّ بعد ما سجد أنّه لم يركع ، قال : « يمضي في صلاته ».

عنه ، عن أبي جعفر ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل أهوى إلى السجود ( فلم يدر ركع ) (١) أم لم يركع ، قال : « قد ركع ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن إسماعيل بن جابر قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « إن شكّ في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض ، كل شي‌ء شك فيه بعد ما جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه ».

السند‌ :

في الأوّل : حمّاد فيه وإن كان مشترك الاسم (٢) إلاّ أنّ ابن عثمان له نوع قرب فيما يظن من الإطلاق في مثل هذا المكان ، وسيأتي في الخامس التصريح بذلك ، ولو لا احتمال أن يكون تفسيره بابن عثمان في الخامس لا يقتضي اتحاده دائماً لأمكن الجزم بأنّه ابن عثمان في ما نحن فيه ، وغير بعيد الجزم لما ذكرناه.

والثاني : واضح الحال كالثالث ، وحسين فيه هو ابن عثمان.

والرابع : فيه أبان ، والكلام فيه نحو حمّاد من الاشتراك (٣) ، واحتمال‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٥٨ / ١٣٥٨ : فلا يدري أركع.

(٢) انظر هداية المحدثين : ٤٨.

(٣) انظر هداية المحدثين : ٦.

٦٢

ابن عثمان من الإطلاق.

والخامس : واضح بعد ما كرّرنا القول فيه (١) ، كالسادس والسابع.

[ والتاسع (٢) ] فيه محمد بن عيسى الأشعري المعبّر عنه بأبيه ، وقد قدمنا عدم معلومية ما يوجب تصحيح حديثه إذا خلا من الموانع غيره (٣). وقد وصفه شيخنا قدس‌سره بالصحة في المدارك (٤) ، ولا أدري أهو من الكتابين أو من غيرهما ، ولا يبعد أن يكون اعتماده على توثيق محمد بن عيسى وقد وصف العلاّمة الطرق المشتملة عليه بالصحة ، سيّما هذه الرواية ، فإنّه في المنتهى وصفها بذلك (٥) ، ولم أجد الآن طريقاً لها غير ما ذكر ، وقد مضى الكلام في الاكتفاء بوصف العلاّمة (٦).

وأمّا إسماعيل بن جابر فالقول فيه مضى مفصّلاً ، وكذلك عبد الله بن المغيرة (٧).

المتن :

في الأوّل : واضح الدلالة على أنّ من شك وهو قائم في الركوع يركع ، ولعلّ الظاهر من القيام قيام الركعة الشاك في ركوعها ، وعلى تقدير‌

__________________

(١) راجع ص ٤٩ ، ٢٨٩ ، ٨٤.

(٢) في النسخ : والثامن ، والصواب ما أثبتناه ، وأما الحديث الثامن فلم يتكلم في سنده.

(٣) راجع ص ٥٧.

(٤) المدارك ٤ : ٢٤٧.

(٥) المنتهى ١ : ٤١٤.

(٦) يستفاد منه ذلك في ص ٦٢.

(٧) راجع ص ٩٩ و ٧٠١.

٦٣

الإجمال فالبيان الواقع في خبري حماد بن عثمان كافٍ في دفعه ، واحتمال الفرق بين السجود والقيام لا وجه له كما لا يخفى. والثاني كالأوّل.

والثالث : إطلاقه مقيّد بما ذكرناه ، والحكم المذكور في الروايات على الإطلاق مشهور بين من رأينا كلامه ويعبر عنه بالشك في فعل ومحله باق ، واستدل عليه أيضاً بإطلاق الأمر بفعل الركوع فيجب ؛ لأنّ الأصل عدم الإتيان به.

وحكى العلاّمة في المختلف عن الشيخ في النهاية أنّه قال : من شك في الركوع والسجود في الركعتين الأوّلتين أعاد الصلاة ، فإن كان شكه في الركوع في الثالثة أو الرابعة وهو قائم فليركع ، إلى آخره (١).

وفي المعتبر حكى عن الشيخ القول بوجوب الإعادة بكل شك يتعلق بكيفية الأوّلتين كأعدادهما (٢).

ونقل شيخنا قدس‌سره عن المفيد في المقنعة أنّه قال : كل سهو يلحق الإنسان في الركعتين الأوّلتين من فرائضه فعليه إعادة الصلاة (٣).

والمنقول في التهذيب عن المقنعة لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ الشيخ قال : قال الشيخ رحمه‌الله فإنْ شك في الركوع وهو قائم ، وإنْ كان دخل في حالة اخرى من السجود وغيره مضى في صلاته وليس عليه شي‌ء. وهذا أيضاً إذا كان في الركعتين الأخيرتين ؛ لأنّه إذا كان في الركعتين الأوّلتين يجب عليه استئناف الصلاة ، لأنّه لم يستكمل عددهما وهو شاك فيهما ، وقد قيل : إنّ‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٦١.

(٢) المعتبر ٢ : ٣٨٨ وفيه : لا العدد ، بدل كأعدادهما.

(٣) المدارك ٤ : ٢٤٦ ، وهو في المقنعة : ١٤٥.

٦٤

كل سهو يلحق الإنسان في الأوّلتين فإنّه يجب عليه (١) إعادة الصلاة (٢).

ثم إنّ الشيخ استدل على القسمين. وغير خفي أنّ الكلام محتمل لأنْ يكون جميعه من المفيد أو بعضه.

وقد ذكرنا في حاشية التهذيب ما لا بدّ منه ، ونقول هنا : إنّ القائلين بعدم الفرق بين الأوّلتين والأخيرتين استدلوا بالأخبار المذكورة (٣).

ونقل في المختلف عن الشيخ الاحتجاج لما قاله عنه بالاحتياط ؛ لأنّ الذمّة مشغولة بالصلاة قطعاً ولا يخرج عن العهدة إلاّ بيقين ، ومع الشك في الصلاة لا يقين. وما رواه الفضل بن عبد الملك في الصحيح قال لي : « إذا لم تحفظ الركعتين الأولّتين فأعد صلاتك » وعن عنبسة بن مصعب وستأتي في الكتاب (٤) الدالة على أنّ الشك في الأوّلتين يوجب الإعادة. ولأنّ الركوع جزء لماهية الركعة ، والشك في الجزء يستلزم الشك في الماهية ، ولو شك في الركعة الأُولى أو الثانية بطلت صلاته إجماعاً ، وكذا لو شك في الملزوم. ولأنّ مسمى الركعة إنّما يتم بالركوع ؛ لاستحالة صدق المشتق بدون المشتق منه ، فإذا شك في المشتق منه حصل الشك في المشتق.

وأجاب العلاّمة عن الروايتين بالقول بموجبهما ، وهو العدد ، والاحتياط معارض بالبراءة ، والشك في الجزء لا يستلزم الشك في باقي الأجزاء ، والإعادة منوطة بتناول الشك لجميع الأجزاء ، إذ هو مسمى‌

__________________

(١) في « م » و « فض » والتهذيب : منه.

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٠ ، وهو في المقنعة : ١٣٨ ، إلى قوله : وليس عليه شي‌ء.

(٣) كما في المعتبر ٢ : ٣٧٨ ، الذكرى : ٢٢٠ ، المدارك ٤ : ٢٤٦.

(٤) انظر ص ١٧٩٢.

٦٥

الركعة. قال : وهو الجواب عن الأخير (١).

وفي نظري القاصر أنّ الجواب محل تأمّل ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الرواية الأُولى المعتبرة دالة على عدم حفظ الأوّلتين سواء كان في أعدادهما أو أجزائهما ، ومع الشك لا ريب في انتفاء الحفظ ، ويؤيد ذلك : ما رواه الصدوق صحيحاً ، وقد تقدم في باب التسبيح في الأخيرتين (٢) ، المتضمن لاعتبار اليقين في الأوّلتين. والرواية الثانية مؤيدة للأُولى.

وأمّا ثانياً : فما ذكره من أنّ الاحتياط معارض بالبراءة إن أراد به كما هو الظاهر أنّ الأصل براءة الذمّة ، ففيه : أنّ براءة الذمّة قد زالت بالتكليف ، والتلبس بالعبادة لا يكفي في البراءة ما لم توافق الشارع ، والحال أنّه قد دل الدليل على اعتبار اليقين في الأوّلتين ، ومع الشك لا يقين ، فيبقى المكلف في العهدة. نعم ما قاله الشيخ من التوقف على اليقين محل كلام ، بل التوقف على ما أعده الشارع كما لا يخفى.

فإن قلت : إذا فرض الدخول في العبادة بوجه شرعي فالبطلان لا بدّ له من دليل.

قلت : قد ذكرنا دليل البطلان من اعتبار اليقين.

وما عساه يقال : إنّ الأخبار الدالة على الإتيان بالركوع إذا شك في حال القيام تدل على عدم الإبطال ، فكيف يحكم به.

جوابه أنّ الأخبار مطلقة ، فلا مانع من تقييدها بغير الأوّلتين.

وأمّا ثالثاً : فما ذكره من أنّ الشك في الجزء لا يستلزم الشك في باقي الأجزاء ، فيه : أنّ المستدل لا يدعي أنّ الشك في الجزء يستلزم الشك‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٦٣.

(٢) راجع ص ١٦٠٨.

٦٦

في كل جزء ، بل يقول : إنّ الشك في الجزء يستلزم الشك في الماهية ، بمعنى عدم يقين حصولها كاملة ، وما دلّ على اليقين يقتضي كونها تامة يقيناً ، وانتفاء التمام يتحقق بالإخلال ببعضها وجميعها أو بالشك في ذلك. ومن هنا يعلم معنى قول المستدل : لأنّ مسمى الركعة ، إلى آخره.

أمّا ما قاله المستدل : من أنّه لو شك في الركعة الأُولى أو الثانية بطلت إجماعاً ، فقد يتوجه عليه : أنّ الإجماع على الشك في نفس الأُولى أو الثانية بمعنى عدم تحقق فعلها أصلاً ، والمدّعى عدم تحقق فعلها تامة ، فالإجماع لا يتمشى في موضع النزاع ، هذا.

وقد أُجيب عن الروايتين باحتمال إرادة الشك في العدد ، وإذا قام الاحتمال لا يتم الاستدلال. وعلى هذا اعتمد شيخنا قدس‌سره (١) وفيه تأمّل ؛ لأنّ الظاهر من الرواية العموم لا الإجمال. والرواية الدالة على اليقين أظهر ، وستأتي إن شاء الله تعالى مع رواية البزنطي الدالة على الشك في السجدتين في الأوّلتين (٢) ، وفيها تأييد لما ذكرناه ، لكن في متنها كلام.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الرابع من الأخبار الراوي له الفضيل بن يسار ، ما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من وجه وإن بعُد لضرورة الجمع.

وقد يحتمل التخيير بين الركوع وعدمه لتعارض الأخبار ، غير أنّ القائل بذلك غير معلوم.

أمّا حمله على كثير الشك فمن البعد بمكان.

ولا يبعد أن يقال : إنّ قوله : أستتم قائماً. مشعر بقيام من حالة دنيا ، فإذا شك في الركوع وعدمه في قيام الركعة المشكوك في ركوعها كان‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٤٩.

(٢) انظر ص ١٨١٩.

٦٧

الظاهر معه في وقوع الركوع ، لأنّ من لم يركع لا يتحقق منه حركة من حالة دنيا إلى عليا.

إلاّ أن يقال : إنّ الشك في الركوع بمعنى الشك في وصوله إلى حدّ الراكع أم لا ، فالحركة المشعور بها لا تدل على ما ذكرناه ، وعلى هذا تصير مسألة أُخرى مستفادة من الخبر ، وهي أنّ من شك بعد قيامه في وصوله إلى حد الراكع (١) أم لا لا يلتفت ، وذلك محتمل الاستفادة ممّا دلّ على أنّ الشك بعد الانتقال من حالة إلى حالة لا يوجب الالتفات كما سيجي‌ء بيانه (٢).

ولا ينافي ما ذكرناه من الاحتمال ما رواه الشيخ في التهذيب بطريق صحيح فيه أبان بن عثمان وقد قدّمنا حاله (٣) ، وفيه : رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل أن يستوي جالساً فلم يدر أسجد أم لم يسجد ، قال : « يسجد » (٤) وسيجي‌ء نقل تمامه أيضاً عن قريب (٥) ؛ لإمكان الجواب بالحمل على عدم الانتقال في هذه الصورة لخصوص الخبر.

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من قوله عليه‌السلام : « بلى قد ركعت » لعلّ المراد به قد ركعت شرعاً من حيث إنّ الشارع حكم بعدم الالتفات فكأنّه ركع شرعاً ، واحتمال الجزم بالركوع منه عليه‌السلام بعيد.

وأمّا الخامس : فهو ظاهر الدلالة على أنّ من شك في الركوع وهو ساجد لا يلتفت كالسادس ، والكلام في قوله عليه‌السلام : « قد ركعت » كالكلام في الرابع.

__________________

(١) في « رض » الركوع.

(٢) انظر ص ٧٢ و ١٠٢.

(٣) راجع ج ١ : ١٨٣.

(٤) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٣ ، الوسائل ٦ : ٣٦٩ أبواب السجود ب ١٥ ح ٦.

(٥) انظر ص ٩٩ ١٠٠.

٦٨

والسابع : واضح الدلالة.

واستفاد من إطلاق الثلاثة جماعة من الأصحاب عدم الفرق بين الأوّلتين والأخيرتين. وقد سمعت من الكلام السابق ما يغني عن الإعادة (١) ، بل في المقام المذكور قد يزيد الإشكال من حيث إنّ الإتيان بالركوع في الحكم السابق ربما يظن منه حفظ الأوّلتين بخلاف ما نحن فيه.

وينقل عن العلاّمة في التذكرة أنّه استقرب البطلان إن تعلق الشك بركن من الأوّلتين قال : لأنّ ترك الركن سهواً مبطل كعمده ، فالشك فيه في الحقيقة شك في الركعة ؛ إذ لا فرق بين الشك في فعلها وعدمه وبين الشك في فعلها على وجه الصحة والبطلان (٢).

واعترض عليه شيخنا قدس‌سره بأنّ حاصل ما ذكره أنّ الشك في الركن على هذا الوجه شك في أعداد الأوّلتين وهو ممنوع (٣). انتهى.

وأنت خبير بما في الاعتراض بعد ما قدّمناه.

وأمّا الثامن : فهو ظاهر الدلالة على أنّ من أهوى إلى السجود وشك في الركوع لا يلتفت. وقوّى جدي قدس‌سره في المسالك وجوب العود ما لم يصر إلى حد السجود (٤). ولا يبعد أن يكون توقفه في الخبر من حديث أبان بن عثمان وإن كان الحق اندفاعه كما قدّمناه مراراً (٥). واحتمال التفاته قدس‌سره إلى ما تضمنه التاسع من قوله عليه‌السلام : « إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض » فإنّ مفهومه إذا شك قبل السجود لا يمضي ، فيه : أنّ‌

__________________

(١) راجع ص ١٧٩٠.

(٢) التذكرة ٣ : ٣١٦.

(٣) المدارك ٤ : ٢٤٨.

(٤) المسالك ١ : ٤١.

(٥) راجع ص ١٣٠ ، ١٧٨٩.

٦٩

المنطوق إذا دلّ على الحكم فهو أولى من المفهوم ، لاحتمال المفهوم غير النفي عما عداه بسبب المعارض.

واحتمال أنْ يقال بجواز أن يراد بقوله عليه‌السلام في الخبر الثامن : « أهوى إلى السجود » نفس السجود لدلالة التاسع عليه ، فيه : أنّه خلاف الظاهر ، مع إمكان التوجيه في المفهوم.

وما عساه يقال : إنّ ما دل عليه التاسع من قوله : « كل شي‌ء جاوزه ودخل في غيره » إلى آخره. صريح في اعتبار الدخول في غيره ، والهوي لا يقال : إنّه دخول في غيره ، فيه : أنّ الدخول في الغير يتحقق بالهوي ، إذ هو غير الركوع. والحقّ أنّ في تحقيق الدخول في الغير إجمالاً في كلام الأصحاب والأخبار ، وسنشير إليه (١) إن شاء الله تعالى.

ومن هنا يعلم أنّ ما قاله شيخنا قدس‌سره بعد حكاية قول جدّي قدس‌سره : إنّه ضعيف (٢). لا يخلو من غرابة ، فإنّ الضعف على الإطلاق مشكل ، بل لا وجه له.

إذا تمهد هذا فاعلم أنّ ما تضمنه التاسع من قوله : « وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض » صريح في عدم الالتفات بعد القيام ، والظاهر منه تمام القيام.

ولو نوزع في الظاهر فالشيخ قد روى في التهذيب ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل رفع‌

__________________

(١) في ص ١٧٩٦.

(٢) المدارك ٤ : ٢٥٠.

٧٠

رأسه (١) ، وقد ذكرنا المتن فيما مضى عن قريب (٢) ، إلى أن قال : قلت : فرجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أسجد أم لم يسجد ، قال : « يسجد ».

وما عساه يقال : إنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه يقتضي بمعونة قوله : « كل شي‌ء » إلى آخره. عدم الالتفات بعد الأخذ في القيام لحصول الدخول في القيام. جوابه أنّ الدخول في الغير إذا وقع مبيّناً في الخبر لا مانع منه ، غاية الأمر أنّ حقيقة الدخول في الغير مجملة كما أشرنا إلى ذلك عن قريب (٣). وهذا الخبر من حيث محمد بن عيسى قد بينا أنّ الاعتماد عليه مشكل (٤).

فالبحث في المسألة مع البناء عليه قليل الفائدة ، نعم أشرنا فيما مضى (٥) إلى خبر رواه زرارة يتضمن نحو الخبر المبحوث عنه ، وهو مروي في باب الزيادات من التهذيب في باب السهو ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة ، قال : « يمضي » قلت : رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبّر ، قال « يمضي » قلت : رجل شك في التكبير وقد قرأ ، قال : « يمضي » قلت : شك في القراءة وقد ركع ، قال : « يمضي » قلت : شك في الركوع وقد سجد ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٣.

(٢) راجع ص ١٧٩٣.

(٣) راجع ص ١٧٩٥.

(٤) راجع ص ١٧٨٩.

(٥) راجع ص ١٧٥٥.

٧١

قال : « يمضي على صلاته » ثم قال : « يا زرارة إذا خرجت من شي‌ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء » (١).

وهذا الحديث قد قدّمنا فيه (٢) احتمال أن يكون قوله : « إذا خرجت من شي‌ء » من المذكورات في السؤال ، واحتمال أن يراد المذكورات وغيرها ، وفي الظن أنّ الثاني له ظهور ، وحينئذ يستفاد منه أُمور.

الأول : الشك في الفاتحة وهو في السورة ، فإنّ المنقول عن ابن إدريس عدم الالتفات (٣) ، وكذلك عن المفيد ، حكاه ابن إدريس (٤).

قال شيخنا قدس‌سره : ويظهر من المعتبر اختيار ذلك ، فإنّه قال يعني المحقق بعد أن نقل عن الشيخ القول بوجوب الإعادة : ولعلّه بنى على أنّ محل القراءتين واحد ، وبظاهر الأخبار يسقط هذا الاعتبار.

ثم قال شيخنا قدس‌سره : وهو غير جيّد ؛ فإنّ الأخبار لا تدل على ما ذكره ، بل ربما لاح من قوله : قلت رجل شك في القراءة وقد ركع ، أنّه لو لم يركع لم يمض (٥). انتهى.

وفي نظري القاصر أنّ هذا الكلام غريب ، لأنّه جزم بصحة خبر إسماعيل بن جابر (٦) ، وظهوره في أنّ الدخول في الغير يقتضي عدم الالتفات لا ريب فيه ، وخبر زرارة قد سمعت احتماله الظاهر ، فقول المحقّق إنّ ظاهر الأخبار يسقط الاعتبار حق بلا مرية.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ١.

(٢) راجع ص ١٧٥٥.

(٣) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٩٦ ، وهو في السرائر ١ : ٢٤٨.

(٤) السرائر ١ : ٢٤٨.

(٥) المدارك ٤ : ٢٤٩.

(٦) المدارك ٤ : ٢٤٧.

٧٢

وقول شيخنا قدس‌سره : ربما لاح ، لا وجه له ؛ لأنّ هذا من كلام السائل ، ولا ريب أنّ الشك في القراءة بعد الركوع أحد الأفراد ، فلا يفيد تقييد الإطلاق ، كما نبّهنا عليه مراراً من أنّ كلام السائل لا يفيد ذلك ، إلاّ إذا كان في جواب الإمام نوع تقرير ، وفي المقام لا يظهر التقرير.

أمّا ما عساه يقال : إنّ العموم في خبر إسماعيل مخصوص به ، حيث تضمن اعتبار تمام القيام كما دل عليه الخبر السابق منّا عن التهذيب. والجواب عن هذا واضح ، غاية الأمر أنّ ما عدا موضع التخصيص يقع فيه الإشكال ، وستسمع بعض المقال (١).

الثاني : لو شك في السجود من يتشهد ، أو في التشهد من قام فاحتمال عدم الالتفات ظاهر بعد ما سمعته ، وقد جزم شيخنا قدس‌سره بذلك ، نظراً إلى إطلاق خبر زرارة (٢).

وفي نظري القاصر أنّه غريب منه أيضاً ؛ لأنّ خبر زرارة إنّما يصير مطلقاً إذا جعلنا قوله عليه‌السلام : « يا زرارة إذا خرجت » إلى آخره. أمّا مع احتمال الرجوع إلى المسئول عنه فلا إطلاق ، وعلى تقدير الإطلاق لا وجه للتوقف في الشك في الفاتحة لمن كان في السورة ، بعد ما مضى منه أنّه يلوح من قوله عليه‌السلام : وقد ركع ، إلى آخره. فإنّ هذا يناقض الإطلاق كما هو واضح. ولو جعل الاستدلال ما في خبر إسماعيل كان أولى ، وإن كان في خبر إسماعيل نوع احتمال ، لكنه واضح الدفع.

ثم إنّ شيخنا قدس‌سره نقل عن الشيخ في المبسوط القول بالرجوع إلى‌

__________________

(١) انظر ص ١٨٢١ ١٨٢٢.

(٢) المدارك ٤ : ٢٤٩.

٧٣

السجود والتشهد ما لم يركع ، ثم قال : وهو بعيد (١). وهذا الاستبعاد لا وجه له ، بل ينبغي الجزم بنفيه بعد الدخول في الإطلاق ، سيّما وقد دل الخبر السابق عن إسماعيل بن جابر على أنّ القيام التام دخول في الغير صريحاً.

ويحكى عن الشيخ الاستدلال لما قاله برواية الحلبي الآتية الحسنة الواردة فيمن سها فلم يدر سجد سجدة واحدة أو اثنتين قال : « يسجد اخرى » والإطلاق يتناول من قام وغيره (٢).

وقد يجاب عن هذا الاستدلال بأنّ المطلق يحمل على المقيد. واحتمال أن يقال : إنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، يدفعه ما كرّرنا القول فيه من عدم العلم بانتفاء البيان عن وقت الحاجة بالنسبة إلى السائل ، إذ هو المعتبر كما لا يخفى.

والعجب من عدم تعرض شيخنا قدس‌سره لاستدلال الشيخ ، بل الحكم بالبعد مجرداً.

الثالث : الشك في السورة (٣) حال القنوت ، ويظهر من الاستدلال على الرجوع للفاتحة إذا شك فيها حال كونه في السورة حيث قيل إنّ محل القراءة باقٍ ، لزوم الرجوع ، وقد يشكل بما قدمناه (٤). وفي الظن الخلاف في المسألة ، لكن لا يحضرني الآن خصوص القائل.

وما عساه يقال : إنّ الدخول في الغير لو كان على إطلاقه لزم أنّ من شك في آية وهو في أُخرى من الفاتحة أو السورة لا يلتفت ، وكذا من شك‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٥٠.

(٢) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٤٠١ ، بتفاوت يسير في الرواية.

(٣) في « م » و « رض » زيادة : وقت.

(٤) في ص ١٧٩٧.

٧٤

في شي‌ء من آخر الأذان أو الإقامة ، والحال في ذلك الرجوع ، يمكن الجواب عنه : بأنّ الإجماع إن ثبت أو غيره فهو الحجة ، وإلاّ فللكلام مجال. وقد قدّمنا (١) قولاً في الشك في التكبير وهو في التوجه المطلوب في أوّل الصلاة لا ينبغي الغفلة عنه ، وقوله في خبر زرارة (٢) : شك في التكبير وقد قرأ. لا ينافي ما قلناه كما لا يخفى.

ومن عجب ما وقع للعلاّمة في المنتهى أنّه نقل عن الشيخ في مسألة الشك في الفاتحة وهو في السورة أنّه حكم بالإعادة لاتحاد محل القراءتين. ثم قال العلاّمة : وذلك معارض بما رواه بكر بن أبي بكير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي ربما شككت في السورة فلا أدري قرأتها أم لا ، فأُعيدها؟ قال : « إن كانت طويلة فلا ، وإن كانت قصيرة فأعدها » (٣). ولا يخفى حال الرواية سنداً ومتناً ، لجهالة بكر ، واختصاص المتن بالسورة والشك في أجزائها ثم الفرق بين الطويلة والقصيرة.

وقد روى الشيخ في الزيادات من التهذيب في باب السهو ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقرأ سورة فأسهو فأنتبه وأنا في آخرها ، فأرجع إلى أوّل السورة أو أمضي؟ قال « بل امض » (٤) وهذه الرواية معتبرة في الإسناد كما يعلم مما كرّرنا القول فيه في الكتاب (٥) ،

__________________

(١) في ص ١٧٥٢.

(٢) المتقدم في ص ١٧٩٦.

(٣) المنتهى ١ : ٤١٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٥١ / ١٤٥٨ ، الوسائل ٦ : ٩٥ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٢ ح ١.

(٥) راجع ص ٤٤ ، ٤٥ ، ٩٩ ، ١٠٨٢.

٧٥

ويحتمل أن يراد بالسهو فيها الشك ، إذ احتمال السهو غيره وإن أمكن بناءً على جواز التبعيض ، إلاّ أنّ الظاهر خلافه ، وبتقدير عدم الظهور قد يقال : إنّ مع الترك إذا جاز عدم الرجوع [ فمع (١) ] الشك أولى ، غير أنّ في مفهوم الموافقة كلاماً تقدم بيان وجهه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الدخول في الغير محتمل لشمول الدخول بغير فصل (٢) ، ومحتمل للدخول في الأكثر. وهل الاعتبار بالأركان أم مطلق الأفعال؟ ثم الأركان هل يعتبر تمامها أو جزؤها كافٍ؟ احتمالات ، للكلام فيها مجال.

وفي المنتهى : لو شك في شي‌ء بعد انتقاله عنه لم يلتفت واستمر على فعله ، سواء كان ركناً أو غيره ، مثل أن يشك في تكبيرة الافتتاح وهو في القراءة ، أو في القراءة وهو في الركوع ، أو في الركوع وهو في السجود ، أو في السجود وقد قام ، أو في التشهد وقد قام ، كل ذلك لا اعتبار بالشك فيه ، وإلاّ لزم الحرج المنفي ؛ لأنّ الشك يعرض في أكثر الأوقات بعد الانتقال ، فلو كان معتبراً لأدّى إلى الحرج (٣). انتهى. ولا يخفى عليك أنّ الاستدلال بالحرج لا وجه له.

وفي المنتهى كلام في بيان محل النزاع بالنسبة إلى الدخول في الفعل ، حاصله أنّ النزاع في الفعل المحقق لا في مقدمته ، وأنّ الشروع في المقدمة ليس مما فيه نزاع (٤). وكأنّه يريد به أنّ مثل النهوض إلى القيام لما‌

__________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : فمن.

(٢) في « فض » : فعل.

(٣) المنتهى ١ : ٤١١.

(٤) المنتهى ١ : ٤١٢.

٧٦

دل الدليل على أنّه غير مانع من السجود لو شك فيه ، بل المانع القيام ، فمع النهوض لا يتحقق القيام.

وأنت خبير بأنّ هذا لا يصلح سنداً ؛ لأنّ الهوي إلى السجود قد مضى أنّه مانع مع أنّه مقدمة للسجود ، إلاّ أن يقال ما قدمناه من أنّ الهوي عبارة عن السجود. ولعلّ جدّي قدس‌سره نظر إلى كلام العلاّمة (١).

والحق إمكان البحث في المقام بأنّ إطلاق الأخبار يتناول مطلق الدخول في الغير إلاّ ما خرج بالدليل. ومن هنا يتفرع حكم الشك في القراءة وقد أخذ في هوي الركوع ونحو ذلك مما لا يخفى ، فينبغي تأمّل ما ذكرناه ، فإنّه حريّ بالتأمّل التام ، وبالله الاعتصام.

قوله :

باب من ترك سجدة واحدة من السجدتين ناسياً حتى يركع‌

الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان (٢) ، عن أبي بصير قال : سألته عمن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم ، قال : « يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته ، فإذا انصرف قضاها ، وليس عليه سهو ».

سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في رجل نسي أن يسجد سجدة من الثانية حتى قام ، فذكر وهو قائم أنّه لم يسجد ، قال‌

__________________

(١) روض الجنان : ٣٤٩ ٣٥٠.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٥٨ / ١٣٦٠ زيادة : عن ابن مسكان.

٧٧

« فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنّه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلّم ثم يسجدها ، فإنّها قضاء ».

عنه ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل ينسى سجدة فذكرها بعد ما قام وركع ، قال : « يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلّم ، فإذا سلّم سجد مثل ما فاته » قلت : وإن لم يذكر إلاّ بعد ذلك؟ قال : « يقض ما فاته إذا ذكره ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن رجل ، عن المعلّى بن خنيس قال : سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : « إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم يسجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الأوّلتين والأخيرتين سواء ».

فما تضمن هذا الخبر من قوله : « إذا ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة » يحتمل شيئين ، أحدهما : أن يكون إشارة إلى من ترك السجدتين معاً ، فإنّ من هذه صورته تجب عليه إعادة الصلاة ، ولأجل هذا قال : « ونسيان السجدة في الأوّلتين والأخيرتين سواء » يعني في السجدتين معاً.

والثاني : أن يكون محمولاً على السجدة الواحدة ، ويكون ذلك الحكم مختصاً بالركعتين الأوّلتين ، ويكون قوله : « ونسيان السجدة في الأوّلتين والأخيرتين سواء » حكماً مستأنفاً في السجدتين معاً.

٧٨

السند‌ :

في الجميع تكرر القول فيه بما يغني عن الإعادة ، والإجمال أنّ الأوّل ضعيف (١) ، لكن في التهذيب عن ابن مسكان بدل ابن سنان (٢) ، والظاهر أنّ ما هنا أصوب. والثاني : فيه محمد بن عيسى الأشعري ، ومضى عن قريب القول فيه (٣). والثالث : موثق (٤). والرابع : فيه مع الإرسال جهالة علي بن إسماعيل ، وفي التهذيب عن محمد بن إسماعيل في نسخة معتبرة (٥) ، وفي اخرى كما هنا. والمعلى بن خنيس فيه كلام مضى مفصلاً (٦) ، وسيجي‌ء ما لا بدّ منه.

المتن :

في الأوّل : واضح الدلالة على قضاء السجدة المنسية لو صحّ ، والتعبير بالقضاء حينئذ لعله باعتبار فعل السجدة في غير محلها ، أو أنّ المراد بالقضاء الفعل ، فإنّ إطلاقه عليه واقع في الأخبار. وما تضمنه من أنّه ليس عليه سهو مخالف لما دلّ على سجود السهو كما يأتي مع كلام الشيخ فيه.

والثاني : ظاهر الدلالة ، والقضاء توجيهه كالأوّل. وفيه دلالة واضحة على أنّ نسيان السجدة من الركعة الثانية لا تبطل الصلاة ، وستسمع القول‌

__________________

(١) راجع ص ٨٥.

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٢ / ٥٩٨.

(٣) في ص ١٧٨٩.

(٤) انظر ص ١٩١٣.

(٥) هذه النسخة لا توجد لدينا ، وما في نسختنا عن علي بن إسماعيل.

(٦) في ص ٨٧٧.

٧٩

فيما استدل به الشيخ على الفرق (١).

والثالث : دلالته واضحة أيضاً ، وسيأتي في خبر ابن أبي يعفور في الباب الآتي ما يؤيد هذا الحكم (٢) ، وقد ذكره بعض القائلين في الاستدلال لقضاء السجدة المنسية (٣) ، لكن فيه نوع مخالفة لمذهب القائل كما ننبّه عليه إن شاء الله تعالى.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول في المختلف عن ابن أبي عقيل أنّ الظاهر من كلامه إعادة الصلاة بترك سجدة واحدة ، سواء كان في الركعتين الأوّلتين وغيرهما ؛ لأنّه قال : من سها عن فرض فزاد فيه أو نقص منه أو قدّم منه مؤخّراً أو أخّر منه مقدّماً فصلاته باطلة ، وعليه الإعادة.

وقال في موضع آخر : الذي يفسد الصلاة ويوجب الإعادة ـ إلى أن قال ـ : والترك لشي‌ء من فرائض أعمال الصلاة ساهياً ، مع أنّه قسّم أعمال الصلاة إلى فرض وسنّة وفضيلة ، وعدّ من الفرائض الركوع والسجود ، ثم قال : ومن ترك شيئاً من ذلك أو قدّم منه مؤخّراً أو أخّر مقدماً ، ساهياً كان أو متعمداً ، إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً بطلت صلاته (٤). انتهى ما حكاه العلاّمة.

وقد يظن عدم دلالة كلامه على البطلان بنقصان السجدة ، أمّا أوّله فلأنّه يعطي نقصان الفرض ، والسجود المفروض لا يدرى أهو مجموع السجدتين أو المجموع والواحدة. وأمّا الكلام الآخر فهو نحوه في الظاهر ،

__________________

(١) انظر ص ٩٠.

(٢) انظر ص ٩٠.

(٣) كما في المختلف ٢ : ٣٧٤.

(٤) المختلف ٢ : ٣٧٢ ، ٣٧٥.

٨٠