إستقصاء الإعتبار - ج ٦

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-178-8
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٤٧

وفي الظن أنّ الشيخ فهم هذا من الرواية ، ولولاه لكان قوله بعد الركوع : قد انتقل ، لا وجه له ، ولو حمل على الاستحباب كان أشد بعداً ، بل لا وجه له.

ويتوجه على الشيخ ثالثاً : أنّ ما تضمنه آخر الرواية من قوله : « فليقضها » إمّا أن يراد به قضاء التكبيرة والقائل بذلك غير معلوم إلاّ من الشيخ إن كان ما يذكره هنا يصلح لذلك ، وإن عاد إلى الصلاة لا يتم الحكم ؛ لأنّ مع الشك لا وجه للإعادة كما لا يخفى.

ومن العجب ما اتفق للشيخ في التهذيب أنّه ذكر هذه الرواية في مقام التأييد لبطلان الصلاة مع الإخلال بتكبيرة الإحرام ، وفي المتن : قلت : فإن ذكرها ( في ) (١) الصلاة قال : « فليقضها » ثم قال الشيخ : قوله عليه‌السلام : « فليقضها » يعني الصلاة ، ولم يرد التكبيرة وحدها (٢). وهنا كما ترى متن الرواية فيما وقفت عليه « بعد الصلاة » وحملها على الشك.

ثم إنّه في التهذيب قال بعد الخبر الأخير وهو خبر أبي بصير : إنّ تقدير الكلام فيه إن ذكرها وهو قائم قبل أن يركع فليكبّر ، وإن ركع من غير أن يذكر فليمض في صلاته. قال : وليس في الخبر أنّه إذا ركع وهو ذاكر أنّه لم يكبّر فليمض في صلاته (٣).

ولا يخفى عليك أنّ ما تضمنه كلامه هنا يقتضي أنّ بعد الركوع لا يلتفت مع الشك ، فبيْن كلام التهذيب وما هنا نوع اضطراب كما يعلم كنهه من راجع الكلامين.

__________________

(١) في المصدر : بعد.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤٥.

(٣) التهذيب ٢ : ١٤٥.

٢١

وبالجملة : فالأخبار لا تخلو من اضطراب ، وعلى تقدير الإجماع على الإبطال مع الإخلال بالتكبير مطلقاً يشكل الجمع ، وبدونه يحتمل في البين شي‌ء ما لا يخفى على المتأمّل.

وقد وجدت لبعض محققي المتأخرين رحمه‌الله (١) كلاماً يفيد ما ذكرناه من الاحتمال ، وهذه عبارته : ولو لم يكن الإجماع لكان حملها يعني رواية ابن أبي نصر الدالة على إجزاء تكبيرة الركوع عن تكبيرة الإحرام كما يأتي إن شاء الله على الإجزاء مع تكبيرة الركوع ، والأول يعني ما دل على البطلان على عدم الإجزاء مع عدمه ، كان جيّداً ، لحمل المطلق على المقيد (٢). انتهى. وسيأتي إن شاء الله ما يوضح المقام (٣) ، وبالله سبحانه الاعتصام.

قوله :

باب من نسي تكبيرة الافتتاح

هل يجزؤه تكبيرة الركوع عنها أم لا؟

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن يعقوب ، عن الحسين بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضل بن عبد الملك و (٤) ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال في الرجل يصلّي فلم‌

__________________

(١) في « رض » : سلمه الله.

(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ١٩٤.

(٣) انظر ص ١٧٥٩.

(٤) في الاستبصار ١ : ٣٥٣ : أو.

٢٢

يفتتح بالتكبير ، هل تجزؤه تكبيرة الركوع؟ قال : « بل يعيد صلاته إذا حفظ أنّه لم يكبّر ».

فامّا ما رواه سعد ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل نسي أن يكبّر تكبيرة الافتتاح حتى كبّر للركوع ، فقال : « أجزأه ».

فالوجه في هذا الخبر أيضاً ما قلناه في الأخبار المتقدمة من أنّه لا يتحقق أنّه لم يكبّر تكبيرة الافتتاح ، فإذا كبّر تكبيرة الركوع أجزأه ذلك عن التكبيرة التي قلنا أن يستظهر بها ، ولو كان يتحقق تركه لكان لا بدّ من استئناف الصلاة على ما بيّنّاه.

السند‌ :

في الأول : واضح الحال بعد ما تكرّر من المقال (١). وأبان فيه لا يخلو من اشتراك (٢) ؛ إذ لم أقف من كتب الرجال على ما يقتضي تعينه ، ولا يبعد ادعاء تبادر ابن عثمان. والحسين بن محمد الأشعري ثقة ، لكن في النجاشي ابن محمد بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي أبو عبد الله ثقة ـ إلى أن قال في رواية كتابه ـ : عن محمّد بن يعقوب (٣). والشيخ في الفهرست قال : الحسين بن محمد بن عامر الأشعري يروي عن عمّه عبد الله‌

__________________

(١) راجع ص ١٠٦١ و ١٤٠٤.

(٢) انظر هداية المحدثين : ٦.

(٣) رجال النجاشي : ٦٦ / ١٥٦.

٢٣

ابن عامر وابن أبي عمير (١). والنجاشي قال في ترجمة عبد الله بن عامر : عبد الله بن عامر بن عمران بن أبي عمر الأشعري في نسخة ، وفي اخرى ابن أبي عمير مصغّراً ـ إلى أن قال في الرواية بكتابه ـ : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمّه به (٢).

ولا يخفى على من تأمّل الكلام أنّ الحسين بن عامر هو ابن عمران ، لا أنّهما متغايران. أمّا ما قاله الشيخ فلا يبعد أن يكون لفظ « وابن أبي عمير » سهواً ، وإنّما هو ابن أبي عمر أو عمير ، والمراد بيان جد عبد الله ابن عامر ، إذ رواية الحسين عن ابن أبي عمير لا وجه لها ، وقد يحتمل أن يكون الواو سهواً والصواب عن ابن أبي عمير ، ولعلّ الأوّل أوضح كما يعرف بأدنى ملاحظة.

وأمّا الثاني : فرجاله معلوم الحال.

المتن :

في الأوّل : واضح الدلالة على أنّ من لم يأت بتكبيرة الافتتاح يعيد الصلاة ، لكن لا يخفى أنّ ظاهر السؤال لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ عدم الافتتاح بالتكبيرات إن أُريد به تكبيرة الافتتاح المقصود بها ذلك مع الإتيان ببقية السبع فالعبارة لا تدل عليه صريحاً بل ولا ظاهراً ، وإن أُريد عدم الإتيان بالسبع يشكل بما لو أتى بالبعض غير قاصد به الافتتاح.

وفي بعض الأخبار المعتبرة ما يدل على أنّ السبع يقال لها تكبير‌

__________________

(١) لم نعثر عليه في الفهرست ، وفي معجم رجال الحديث ٦ : ٧٣ قال : إذ أن الشيخ لم يتعرض لترجمته في الفهرست.

(٢) رجال النجاشي : ٢١٨ / ٥٧٠.

٢٤

الافتتاح (١) ، ولا يبعد استفادة تكبيرة الإحرام من الرواية بضميمة الإجماع وإنْ كان في البين نوع كلام.

وأمّا الثاني : فما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ الخبر إذا حمل على الشك فقد تقدم من الشيخ أنّه يكبّر ما لم يركع ، وحينئذ فالخبر المبحوث عنه إمّا أن يحمل قوله : كبّر للركوع ، على أنّه ركع وإن كان خلاف الظاهر لكن لا بدّ من ذكره ، أو يحمل ما مضى على ما قبل الركوع إذا لم يكبّر ، ولم يسبق منه ذلك صريحاً ، والإجمال في مثل هذا غير لائق. وقوله هنا : الذي قلنا أن يستظهر بها ، ربما يؤيد عدم لزوم التكبير كما نبّهنا عليه سابقاً.

أمّا ما ذكره بعض محققي المعاصرين سلّمه الله من الحمل على المأموم إذا نسي التكبير ثم ذكره حال تكبير الركوع أجزأه التكبير عن الركوع وتكبيرة الإحرام (٢) ، وتوجيهه بأنّ له نظيراً وهو الصلاة على ميت تجب الصلاة عليه وميت لا تجب الصلاة عليه معاً ، ففيه : أنّه من البُعد بمكان ، إلاّ أنّ ضرورة الجمع تقتضيه في الجملة ، وعلى تقدير تمامه لا يبعد أن يقرب كون الضمير في « كبّر للركوع » محتملاً للرجوع إلى الإمام لوقوع خلاف في ذلك وتعارض الأخبار ، أمّا التنظير فهو موقوف على الثبوت في غير المذكور ، ومجرّد الاحتمال لا يسوّغ الفعل.

فإن قلت : قد روى الشيخ في التهذيب ما يدل على إجزاء تكبيرة واحدة للركوع والإحرام إذا جاء المأموم مبادراً والإمام راكع ، والرواية عن‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠٠ / ٩٢٠ ، الوسائل ٦ : ٢٢ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٧ ح ٦ و ٧.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ٢٢١.

٢٥

عبد الله بن معاوية بن شريح عن أبيه (١).

قلت : الرواية لا تخلو من ضعف بجهالة بعض رجال السند وغيرها ، ومع ذلك في دلالتها على حكم الناسي تأمّل ، وقد نقل الصدوق الرواية المبحوث عنها في الفقيه وظاهره العمل بمضمونها (٢) ، فلا يكون الحكم إجماعياً إلاّ بتقدير الإجماع بعده ، وفيه ما فيه ، وقد ذكرنا في حاشية الفقيه ما لا بدّ منه ، فمن أراده وقف عليه.

قوله :

باب من نسي القراءة‌

أخبرني الحسين بن ( عبيد الله (٣) ، عن عدة من أصحابنا ، عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ) (٤) حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « إنّ الله عزّ وجل فرض الركوع والسجود ، والقراءة سنّة ، فمن ترك القراءة متعمداً أعاد الصلاة ، ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شي‌ء عليه ».

عنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن يونس بن يعقوب ، عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أنْ أقرأ في صلاتي‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٤٥ / ١٥٧ ، الوسائل ٥ : ٤٤٩ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٩ ح ٦.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٥ / ١٢١٤.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٥٣ / ١٣٣٥ زيادة : الغضائري.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

٢٦

كلّها ، فقال : « ألست قد أتممت الركوع والسجود؟ » قلت : بلى ، قال : « قد تمت صلاتك إذا كنت ناسياً ».

الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى (١) وفضالة ، عن معاوية ابن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت : الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوّلتين فيذكر في الركعتين الأخيرتين أنّه لم يقرأ ، قال : « أتم الركوع والسجود؟ » قلت : نعم ، قال : « إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال : « إذا نسي أن يقرأ في الأُولى والثانية أجزأه تسبيح الركوع والسجود ، وإن كانت الغداة فنسي أن يقرأ فيها فليمض في صلاته ».

السند‌ :

في الأوّل : فيه العدّة ، وقد تقدم من الشيخ بيانها في باب ترتيب الوضوء ، وفيها من يعتمد عليه (٢) ، وغير بعيد عدم الاختصاص بالمحل المذكور فيه البيان كما نبهنا عليه في مواضع مما مضى. وأما محمّد بن إسماعيل فقد تقدم فيه ما يغني عن الإعادة (٣). وغيره لا ارتياب فيه.

وما ورد في ذم الفضل بن شاذان ممّا نقله الكشي غير سليم الطريق ، مع إمكان حمله على التقية.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٥٣ / ١٣٣٥ : عن ، بدل « و».

(٢) راجع ص ٣٤٨.

(٣) راجع ص ٣١.

٢٧

وذَكَر الكشي رواية الفضل عن جماعة منهم ابن أبي عمير وصفوان ابن يحيى والحسن بن محبوب والحسن بن فضّال ومحمد بن إسماعيل بن بزيع ومحمد بن الحسن الواسطي ومحمد بن سنان وغيرهم (١) ، ولم يذكر حمّاد بن عيسى ، وإن كان مراده ذكر البعض إلاّ أنّ البعض المذكور لا ينقص حال غيره عنه إن لم يزد ، والأمر سهل.

وفي رواية الفضل عن محمد بن إسماعيل بن بزيع تأييد لأنّ محمد ابن إسماعيل الراوي عن الفضل ليس ابن بزيع ، وإن كان احتمال رواية كل منهما عن الآخر في حيِّز الإمكان.

والثاني : ضمير « عنه » فيه لمحمد بن يعقوب. وابن فضال فيه الحسن ، لرواية أحمد بن محمد عنه بكثرة كما يُعلم من الممارسة ، فالخبر موثق بابن فضال ويونس بن يعقوب ، وما يقتضيه كلام النجاشي من رجوع كل منهما عن الفطحية (٢) لا يضرّ بالحال ؛ إذ لم يعلم أنّ الرواية قبل الرجوع أو بعده.

وينبغي أن يعلم أنّ العلاّمة في الخلاصة بعد أن نقل قول النجاشي عن يونس أنّه قال بعبد الله ثم رجع ، حكى عن أبي جعفر بن بابويه أنّه فطحي في مقام تعارض الكلامين ، ثم نقل عن الكشي عن حمدويه عن بعض أصحابه أنّ يونس بن يعقوب فطحي كوفي مات بالمدينة وكفّنه الرضا عليه‌السلام ، وروى الكشي أحاديث حسنة تدل على حسن عقيدة هذا الرجل ، والذي اعتمد عليه قبول روايته. انتهى (٣).

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٨٢١ / ١٠٢٩.

(٢) رجال النجاشي : ٣٤ / ٧٢ و ٤٤٦ / ١٢٠٧.

(٣) الخلاصة : ١٨٥ / ٢.

٢٨

وناقش بعض الفضلاء العلاّمة بأنّ كلام ابن بابويه لا ينافي قول النجاشي ؛ لجواز أن يكون قول ابن بابويه بالفطحية قبل الرجوع (١).

ولا يذهب عليك اندفاع المناقشة ؛ لأنّ مثل الصدوق لا يليق منه الحكم بالفطحية من دون ذكر الرجوع لو اطلع عليه ، وعدم الاطلاع مع اطلاع النجاشي بعيد ، فالتعارض لا ارتياب فيه.

أمّا كلام الكشي فلا يثمر حكماً بعد الإرسال ، وربما أفاد تكفين الرضا عليه‌السلام له نوع دلالة على الرجوع.

وفي بعض أخبار الكشي غير ما نقله العلاّمة ما هو أوضح دلالةً على الرجوع.

وقول العلاّمة إنّ الأخبار حسنة غير واضح كما يعلم من مراجعتها ، ولعلّ المراد بحسنها الدلالة على مدح يونس ، هذا.

وأمّا الشيخ رحمه‌الله فقد ذكره في الفهرست (٢) ورجال الصادق عليه‌السلام من كتابه من دون ذكر الفطحية والتوثيق ، وفي رجال الكاظم عليه‌السلام ذكره موثقاً ، وكذلك في رجال الرضا عليه‌السلام (٣) ، ولا يخلو عدم ذكر الفطحية من غرابة بعد ذكر ابن بابويه ذلك ، فليتأمّل.

وأمّا الثالث : فواضح الرجال ، وقد قدمنا في رواية الحسين بن سعيد عن فضالة نوعاً من المقال (٤).

والرابع : معلوم مما تكرّر ، وفي شأن رجاله تقرّر (٥).

__________________

(١) حاوي الأقوال ٢ : ٣٥٧.

(٢) الفهرست : ١٨٢ / ٨٠٠.

(٣) رجال الطوسي : ٣٣٥ / ٤٤ ، ٣٦٣ / ٤ ، ٣٩٤ / ١.

(٤) راجع ص ١٥١٥ و ١٥٢٥.

(٥) راجع ص ٤٩ ، ٥١ ، ٧٨ ، ١٣١ ، ٢٨٩.

٢٩

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على أنّ الركوع والسجود واجبان من القرآن ، وقد تقدم (١) في باب الركوع حديث عن سماعة أنّه سئل عن الركوع والسجود ، هل نزل في القرآن؟ فقال عليه‌السلام : « نعم قول الله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ) » (٢).

وربما يستفاد من الخبر المبحوث عنه أنّ السجدتين مفروضتان ، وقد يلزم من ذلك أنّ من ترك الواحدة غير عامد أعاد ، لما يستفاد من التعليل في القراءة ، إلاّ أنّ المستفاد من معتبر الأخبار عدم الإبطال في الجملة كما سيأتي (٣) ، وحينئذ تحمل الرواية على أنّ المفروض السجود من حيث هو. وللأصحاب كلام في السجود بالنسبة إلى الركنية قد أنهيناه في حاشية الروضة.

وما تضمنه الخبر السابق الذي أشرنا إليه من ذكر الآية فيه دلالة على أنّ الأمر للتكرار ، إلاّ أن يقال : إنّ استفادة التكرار من خارج ، وفيه : أنّ استفادة التكرار من السنّة يقتضي أنّ التكرار غير مفروض ، إذ لا يستفاد من القرآن. وجوابه أنّ السنّة تثبت أنّ القرآن يراد بالأمر فيه التكرار ، فالاستفادة من القرآن بواسطة السنّة ، فليتأمّل.

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من أنّ القراءة سنّة ظاهر في دفع استدلال جماعة من الأصحاب على وجوب السورة بالقرآن (٤) في قوله‌

__________________

(١) راجع ص ١٦٢٢.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) انظر ص ١٨٠٢.

(٤) كالمحقق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١١١ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٦٠ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٠٣.

٣٠

تعالى : ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (١) وقد سلف فيه كلام (٢).

والعجب من العلاّمة حيث أطال الكلام في توجيه الاستدلال بالآية (٣) مع عدم الالتفات إلى هذا الخبر.

وأعجب منه جواب بعض محققي المعاصرين سلّمه الله عن استدلال القائلين بالوجوب بالآية بأنّه إنما يتم لو كانت ما موصولة لا موصوفة ، بأنّ يكون المعنى فاقرءوا شيئاً تيسّر ، فإنّه يتحقق بقراءة الفاتحة وحدها ، ثم ذكره كلام بعض المفسِّرين في الآية ولم يتعرض لهذا الخبر في الجواب وقد ذكره في الصحاح ، ووجّهه بأنّ المراد بالفرض ما ثبت في القرآن ، وبالسنّة ما ثبت وجوبه بالسنّة (٤).

أمّا ما تضمنه الخبر من أنّ من ترك القراءة متعمداً أعاد الصلاة ومن نسي ، إلى آخره. فقد يستفاد منه أنّ النسيان يقابل العمد فيتناول السهو ، بل والجهل ؛ إذ الجاهل غير عامد بنوع من الاعتبار ، ويحتمل أنْ يكون من ذُكر مسكوتاً عنه في الرواية ، وقد نقل الإجماع على أنّ من أخلّ بشي‌ء من واجبات الصلاة عمداً أبطل صلاته (٥) ، وصرّح بعض الأصحاب بأنّ من ترك ما يجب فعله جهلاً بوجوبه أبطل صلاته إلاّ الجهر والإخفات ، واستدل عليه بعدم تحقق الامتثال مع الإخلال (٦) ، واستثناء الجهر والإخفات قال في المعتبر : إنّه اتفاق من القائلين بوجوبهما (٧) ، وقد تقدم في خبر زرارة ما‌

__________________

(١) المزمل : ٢٠.

(٢) راجع ص ١٥٢٩.

(٣) المختلف ٢ : ١٦١.

(٤) انظر الحبل المتين : ٢٢٥ ، وذكر الخبر في ص ٢٢٢ ، والتوجيه في ص ٢٢٣.

(٥) كما في المدارك ٤ : ٢١١.

(٦) كما في المدارك ٤ : ٢١٢.

(٧) المعتبر ٢ : ٣٧٧.

٣١

يدل على أنّ الجاهل في الجهر والإخفات والناسي والساهي لا شي‌ء عليه.

أمّا البطلان بترك الواجب جهلاً فربما يقال فيه : إنّ الخبر المبحوث عنه دل على الإبطال مع العمد ، والجاهل غير عامد ، ويتوجه عليه ما أشرنا إليه من أنّ ظاهر الرواية أنّ الناسي يتم صلاته فيبقى ما عداه في حكم المسكوت عنه ، وإذا تحقق عدم الامتثال يبقى المكلف تحت العهدة.

وما عساه يقال : إنّ المتبادر من المتعمد في الخبر هو القاصد للفعل أو الترك مع علمه بوجوبه ، لأنّه مقابل الناسي ، ولمّا كان الناسي قاصداً للترك غير عالم بالمنع كان مقابله العالم القاصد ، وحينئذ لا يكون الجاهل داخلاً في العامد ، وإذا لم يكن داخلاً في العامد فالحكم ببطلان صلاته يقتضي أنّ قوله عليه‌السلام : « فمن ترك القراءة متعمداً أعاد الصلاة » لا وجه للحصر فيه المستفاد من ظاهره.

فجوابه : أنّ الحصر لا وجه له بعد احتمال إرادة بيان فردين من أفراد ، إمّا لأنّ غيرهما غير مهم ، أو لاحتمال استفادة غيرهما من محل آخر ، أو منهما بنوع من الاجتهاد ونحوه.

وبالجملة : فالمقام لا يخلو من كلام ، إلاّ أني لم أجد الآن توقفاً فيه لأحد من الأعلام.

وما تضمنه الخبر من قوله : « ترك القراءة » إلى آخره. ربما يدعى ظهوره في ترك القراءة كلا أو بعضاً ، إذ لو أُريد الكل لزم أنّ من ترك بعضها عمداً لا تبطل صلاته إذا استدرك ، ولا اعلم الآن القائل به ، وعلى تقدير الكل فالفرق بين فوات المحل وعدمه غير مبيّن في الرواية ، والحال معه لا يخلو من إشكال كالأول ، وعلى تقدير إرادة الأعم من الكل والبعض قد يشكل في جهة النسيان ؛ إذ مقتضى الحكم أنّ ناسي القراءة كلا أو بعضاً‌

٣٢

تمت صلاته وإن كان المحل باقياً فلا تجب عليه إعادة ما ترك ، وقد صرّح بعض الأصحاب (١) بوجوب الإتيان بالقراءة وأبعاضها للناسي قبل الركوع ؛ لظاهر الأمر بالقراءة ، وخصوص رواية سماعة الآتية فيمن نسي فاتحة الكتاب (٢) ، وغير بعيد أن يدعى استفادة نسيان مجموع القراءة من ظاهر الخبر ، لكن استفادة ترك المجموع عمداً ربما يضر بالحال ، وبالجملة لا ينبغي الغفلة عن هذا كلّه.

وما تضمنه الخبر من قوله : « ولا شي‌ء عليه » ربما دل على نفي الإثم وسجدتي السهو والقضاء ، فيدفع به القول بسجود السهو لكل زيادة ونقيصة غير مبطلة ، إلاّ أنْ يقال : إنّ المتبادر هنا غير سجود السهو ، والحقّ أنّه لو ثبت ما يدل على سجود السهو لكل نقيصة فالتخصيص ممكن لهذا الخبر بما عدا سجود السهو ، وسيجي‌ء بيان ما لا بدّ منه في ذلك إن شاء الله (٣).

وأمّا الثاني : فالظاهر منه أنّ من أتم الركوع والسجود إذا نسي القراءة لا يعيد صلاته (٤) ، ويستفاد منه إعادة غير الناسي من العامد والجاهل ، وحينئذ يتأيّد ما قدّمناه في الخبر الأوّل ، غير أنّه ربما يقال : إنّ مفاد الخبر إتمام الركوع والسجود ، فلو حصل نقصان في أحدهما مع نسيان القراءة لزم إعادة الصلاة ، ولا أعلم الآن القائل بذلك ، إلاّ أنّ غير العامل بالموثق في راحة من تكلّف القول في المقام.

وما تضمنه من قوله : أن أقرأ في صلاتي كلّها ، الظاهر أنّ المراد‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٢ : ٢٢٠ ٢٢١.

(٢) في ص ١٧٦٩.

(٣) انظر ص ١٨٠٣.

(٤) في « م » زيادة : إذا كان ناسياً.

٣٣

بالصلاة الأوّلتان ؛ إذ لو شمل الحكم الأخيرتين حصل نوع إشكال في الرواية عند العامل بها ، والإجماع على عدم وجوب القراءة عيناً في الأخيرتين لا ينفع هنا بالنسبة إلى الناسي كما يعرف من مراجعة أقوال العلماء (١) ، وسيأتي من الشيخ ما ينبّه على أنّ من نسي القراءة في الأُوليين لا بدّ له من القراءة في الأخيرتين (٢).

وبالجملة : قد يستفاد من الرواية أنّ ناسي القراءة في جميع الصلاة إذا أتم الركوع والسجود في الجميع أيضاً لا يعيد ، وبدونه يعيد ، والإشكال بعد هذا غير خفي ، فليتأمّل.

والثالث : كما ترى تضمن السهو عن القراءة في الأوّلتين ، والذكر في الأخيرتين أنّه لم يقرأ ، وحقيقة السهو على ما صرّح به سلطان المحققين في التجريد مفارقة للنسيان ، والخبران الأوّلان تضمنا النسيان والعمد ، فإن حُمل السهو في هذا الخبر على المغايرة أفاد ثبوت مشاركة النسيان للسهو في الحكم ، ويتحقق ما أسلفناه سابقاً (٣) من احتمال أنّ النسيان يقابل العمد فيتناول السهو ، أو أنّ السهو مسكوت عنه فيستفاد من هذا الخبر حكمه ، ولا بدّ قبل بيان ما لا بدّ منه في جواب الخبر من نقل ما ذكره الشارح الجديد للتجريد في الفرق بين السهو والنسيان.

وحاصله أنّ للنفس الناطقة بالنسبة إلى مدركاتها أحوالاً ثلاثة : الإدراك وهو حصول الصورة عندها ، والذهول المسمى بالسهو وهو زوال الصورة عنها بحيث يتمكن من ملاحظتها من غير تجشم إدراك جديد لكونها‌

__________________

(١) انظر المبسوط ١ : ١٠٦ ، المعتبر ٢ : ١٦٧ ، المنتهى ١ : ٢٧٦.

(٢) انظر ص ١٧٦٨ ، وهو في الخلاف ١ : ٣٤١.

(٣) في ص ١٧٦٤.

٣٤

محفوظة في خزانتها ، والنسيان وهو زوال الصورة عنها بحيث لا يتمكن من ملاحظتها إلاّ بتجشم إدراك جديد لزوالها عن خزانتها ، فالسهو حالة متوسطة بين الإدراك والنسيان ، ففيها زوال الصورة من وجه وبقاؤها من وجه (١).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ربما يستفاد من بعض الأخبار ترادف السهو والنسيان ، وفيما نحن فيه قد يكون كذلك. وفي الخبر السابق (٢) في الجهر والإخفات من قوله عليه‌السلام : « فإن فعل ذلك ساهياً أو ناسياً أو لا يدري » إلى آخره ، دلالة على المغايرة ، وربما يحتمل الترادف أيضاً. وأثر هذا إنّما يظهر لو تغاير الحكم ، ويظهر من كلام المحقق في الشرائع عدم الفرق بين السهو والنسيان ، لأنّه قال : الخلل الواقع في الصلاة إمّا عن عمد أو سهو أو شك (٣).

والكلام في الأخبار قد سمعته ، وحينئذ فالجواب المذكور في الخبر المبحوث عنه من قوله عليه‌السلام : « أتم الركوع والسجود » قد قدّمنا فيه القول في الخبر السابق إلاّ أنّ ما سبق كان له نوع ظهور في إتمام الركوع والسجود في جميع الصلاة.

وأمّا هذا الخبر فالظهور له في البعض مع احتمال الجميع أيضاً على وجه يساوي غيره ؛ لأنّ ذكره عدم القراءة في الأوّلتين حال كونه في الأخيرتين لا يقتضي انحصار إتمام الركوع والسجود في الأوّلتين ، بل يحتمل أن يراد أنّ هذا الساهي الذاكر في الأثناء هل أتم ركوعه وسجوده في‌

__________________

(١) شرح التجريد للقوشجي : ٢٥٩.

(٢) راجع ص : ١٥٥٠.

(٣) الشرائع ١ : ١١٣.

٣٥

صلاته جميعها أم لا؟ ومعه فالإشكال السابق آتٍ هنا.

وقد يمكن أن يقال في توجيه ظهور الإتمام في الأوّلتين : إنّ قوله عليه‌السلام : « إنّي أكره » إلى آخره. له دلالة على ذلك.

فإنْ قلت : ما معنى قوله عليه‌السلام : « إنّي أكره » ليدل على ما ذكر.

قلت : الذي نظن أنّ المكروه فعل القراءة التي في الأوّلتين في الأخيرتين ليجعل الآخر الأوّل ، والمعنى أن الأخيرتين ما هو مقرّر لها شرعاً باق على حاله ، فيفيد أنّ ما وقع من نقصان القراءة لا يضر بالحال إذا أتم الركوع والسجود.

ولا يخفى أنّ ما تضمن جواز القراءة في الأخيرتين لا ينافيه هذا الخبر ؛ إذ لا دلالة فيه على تعين عدم القراءة ، بل المنفي فيه عدم القراءة المقررة في الأوّلتين.

( فإن قلت : إذا كانت السورة مستحبة فلا فرق بين الأوّلتين ) (١) والأخيرتين ؛ إذ الفاتحة تجزئ في الجميع ، والحال أنّ الحديث يستفاد منه الفرق ، فلا بدّ أنْ يقال بتعين قراءة السورة ليحصل الفرق ، فالخبر أوضح دليل على وجوب السورة ، فلمَ لا يذكر في أدلة الوجوب؟!

قلت : لا دلالة في الخبر على ما ذكرت ؛ لاحتمال حصول الفرق بقصد القراءة عن الأوّلتين والأخيرتين بتقدير اختيار القراءة ، أو بقصد تعين القراءة في الأخيرتين بسبب تركها في الأوّلتين ، وبدون ذلك كان فعل القراءة على وجه التخيير ، أو بجواز فعل السورة مع الفاتحة ولو على سبيل الاستحباب على تقدير قصد القراءة عن الأوّلتين ، بخلاف ما إذا كانت‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٣٦

القراءة بقصد الأخيرتين ، فإنّ قصد السورة أو جوازها منتف ، وغير ذلك من الوجوه التي لا تخفى على المتأمّل.

وقد يمكن أن يستفاد من الخبر ترجيح التسبيح في الأخيرتين بنوع من التدبر في حقيقة الجواب ، والله الموفق للصواب.

وأمّا الرابع : فربما كان فيه دلالة على أنّ المراد بالإتمام في الخبرين السابقين الإتيان بتسبيحات الركوع والسجود ، فعلى هذا لو تم التسبيح وحصل نقص في الركوع والسجود من غير التسبيح لا يضر بالحال ، وإن كان في كلام من رأينا كلامه من الأصحاب قد هجر بيان جميع ما ذكرناه ، ولو لا أنّ هذا الخبر لا يستحق صرف العناية فيه لأوضحنا أحكاماً تستفاد منه ومما سبق.

أمّا قوله : « وإن كانت الغداة » إلى آخره. فلا يبعد أنْ يراد به أنّ الثنائية لمّا كانت مظنة البطلان بالشك أزاح عليه‌السلام الحكم بالبطلان فيها مع نسيان القراءة وإن كان حكم الشك غير حكم النسيان إلاّ أنّ في بعض الأخبار ما يقتضي اعتبار سلامة الثنائية من النقص مطلقاً ، والشك نوع منه في الجملة.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته ، قال : « لا صلاة له إلاّ أن يقرأ بها في جهر أو إخفات ».

فالوجه في هذه الرواية أنْ نحملها على من لم يقرأها متعمداً دون النسيان ، فإنّه لا صلاة له حسب ما فصّلناه في الأخبار الأوّلة ،

٣٧

ويزيد ذلك بياناً :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب ، قال : « فليقل : أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إنّ الله هو السميع العليم ، ثم ليقرأها ما دام لم يركع ، فإنّه لا صلاة له حتى يقرأ بها في جهر أو إخفات ، وإنّه إذا ركع أجزأه إن شاء الله ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي قال : صلّيت مع (١) أبي المغربَ فنسي فاتحة الكتاب في الركعة الأُولى فقرأها في الثانية.

سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن عبد الكريم ابن عمرو ، عن الحسين بن حمّاد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : أسهو عن القراءة في الركعة الأُولى ، قال : « اقرأ في الثانية » قلت : أسهو في الثانية ، قال : « اقرأ في الثالثة » قلت : أسهو في صلاتي كلّها ، قال : « إذا حفظت الركوع والسجود فقد تمت صلاتك ».

قوله عليه‌السلام : إذا فاتك في الأُولى فاقرأ في الثانية. لم يرد أن يعيد قراءة ما فاته في الأوّلة ، وإنّما أراد أن يقرأ في الثانية والثالثة ما يخصّهما من القراءة ، فأمّا الأوّلة فقد مضى حكمها ، ويكون الوجه في ذلك أنّ من نسي القراءة في الركعتين الأوّلتين فلا بدّ من أن يقرأ في الثالثة والرابعة ويترك التسبيح الذي كان يجوز له لو قرأ في الأوّلتين حتى لا تكون صلاته بلا قراءة أصلاً.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٥٥ : خلف.

٣٨

السند‌ :

في الجميع تكرر القول فيه (١) ، فالأوّل صحيح. والثاني ضعيف بعثمان بن عيسى. والثالث ، أبو الجوزاء فيه اسمه منبّه بن عبد الله ، وفي النجاشي أنّه صحيح الحديث (٢) ، والعلاّمة في فوائد الخلاصة وثّقه (٣) ، ولا يبعد أنْ يكون ظن التوثيق من صحيح الحديث ، والحال أنّ هذا لا يدل على التوثيق ؛ لأنّ صحة الحديث عند المتقدمين بمعنى لا يستلزم التوثيق ، نعم فيما بين المتأخّرين لمّا كان الصحيح ما رواه الإمامي الثقة فالإتيان بالصحيح منهم يفيد التوثيق ، مع نوع كلام مضى مفصلاً (٤).

والنجاشي ذكره أيضاً في الكنى قائلاً : إنّ كتابه رواية محمد بن الحسن الصفار ، وروى عنه محمد بن عبد الجبار (٥). وفي الاسم ذكر أنّ الراوي لكتابة الصفّار (٦). وهنا كما ترى الراوي سعد ، وإن كانت المرتبة واحدة إلاّ أنّ ظاهر النجاشي حصر الراوي في من ذكره ، والأمر سهل.

وأمّا الحسين بن علوان ففي النجاشي ما هذا لفظه : ابن علوان ، الكلبي مولاهم ، كوفي عامي وأخوه الحسن ، يكنى أبا محمد ثقة ، رويا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، إلى آخره (٧).

__________________

(١) راجع ص ٧٦ ، ٨٧ ، ٩١٠ ، ١٦٥٢.

(٢) رجال النجاشي : ٤٢١ / ١١٢٩.

(٣) الخلاصة : ٢٧١ / ٣٧.

(٤) راجع ص ٩٠٩.

(٥) رجال النجاشي : ٤٥٩ / ١٢٥٢.

(٦) رجال النجاشي : ٤٢٢ / ١١٢٩.

(٧) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٦.

٣٩

وغير خفي إجمال قوله من جهات ، الأوّل : قوله : وأخوه الحسن ، فإنّه يحتمل أنّ الحسين عامي وأخاه كذلك ، ويحتمل أن يراد أنّ أخاه يكنى أبا محمد وهو ثقة دون الحسين.

والثاني : يحتمل قوله : وأخوه الحسن ، أن يكون إخباراً عن اخوّة الحسن له من دون الإخبار عن المشاركة في كونه عاميا.

الثالث : يحتمل أنّ قوله : يكنى أبا محمد ، هو يريد به الحسين والتوثيق له دون الحسن ، ولعلّ هذا هو الظاهر ، وقد ذكر النجاشي الحسن قائلاً : إنّه كوفي ثقة ، روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام هو وأخوه الحسين ، وكان الحسين عاميا ، وكان الحسن أخصّ بنا (١).

والعلاّمة في الخلاصة في القسم الثاني قال : الحسين بن علوان الكلبي مولاهم كوفي عامي ، وأخوه الحسن يكنى أبا محمد ، رويا عن الصادق عليه‌السلام ، والحسن أخص بنا وأولى ، قال ابن عقدة : إنّ الحسن كان أوثق من أخيه وأحمد عند أصحابنا (٢). انتهى. فليتأمّل في كلام النجاشي وكلام العلاّمة.

وفي هذا الكتاب في باب وجوب المسح على الرجلين ذكر الشيخ في ردّ حديث فيه الحسين بن علوان ومن معه في باب المسح على الرجلين ما يقتضي أنّ الحسين إمّا عامي أو زيدي (٣).

وأمّا عمرو بن خالد ففي الكشي أنّه عامي (٤) ، وفي النجاشي عمرو‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٦.

(٢) الخلاصة : ٢١٦ / ٦.

(٣) الاستبصار ١ : ٦٦.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٣.

٤٠