إستقصاء الإعتبار - ج ٥

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-177
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٣٩٣

وقد ذكر بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ احتمال أنّه عليه‌السلام كان يكتفي بأذان مؤذّن البلد إذا سمعه (١). ولا يخفى عليك أنّ سياق الخبر يأبى هذا ؛ لأنّ السماع لا يشترط فيه الخلوة في البيت.

وما دلّ على أنّ من أذّن صلّى خلفه صفّ من الملائكة (٢) ، يأبى تكرار الترك ، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أذّنت في أرض فلاة وأقمت صلّى خلفك صفّان من الملائكة ، وإن أقمت ولم تؤذّن صلّى خلفك صفّ واحد » (٣).

وروى بطريقه عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : « إنّك إذا أذّنت وأقمت صلّى خلفك صفّان من الملائكة ، وإن أقمت إقامة بغير أذان صلّى خلفك صفّ واحد » (٤). ولا يخفى أنّ اختصاص الحكم بغير الإمام عليه‌السلام في غاية البعد ، كما أنّ احتمال إرادة أذان الجماعة كذلك.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الإقامة بغير أذان في المغرب ، فقال : « ليس به بأس وما أحبّ أن‌

__________________

(١) البهائي في الحبل المتين : ٢٠٦.

(٢) ثواب الأعمال ١ : ٣٢ بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٢ / ١٧٣ ، الوسائل ٥ : ٣٨١ أبواب الأذان والإقامة ب ٤ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٥٢ / ١٧٤ ، الوسائل ٥ : ٣٨١ أبواب الأذان والإقامة ب ٤ ح ٢.

٤١

تعتاد ».

فليس ينافي ما قدّمناه ، لأنّه إنّما يجوز له الاقتصار على الإقامة في هذه الصلوات عند عارض أو مانع ، وقد نبّه بقوله : « وما أحبّ أن تعتاد بذلك » على أنّ الأولى فعله.

فأمّا ما رواه محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن بن عليّ ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « لا بدّ للمريض أن يؤذّن ويقيم إذا أراد الصلاة ولو في نفسه إن لم يقدر على أن يتكلّم به » سئل : فإن كان شديد الوجع؟ قال : « لا بدّ من أن يؤذّن ويقيم ، لأنّه لا صلاة إلاّ بأذان وإقامة ».

فالوجه في هذا الخبر تأكيد الاستحباب والحثّ على عظيم الثواب فيه دون أن يكون المراد به الوجوب.

السند :

في الأوّل : واضح بعد ما قدّمناه في عمر بن يزيد وغيره (١).

والثاني : موثّق.

المتن :

في الأوّل : قد ذكرنا فيه كلاما عن قريب (٢).

والثاني : ما ذكره الشيخ فيه من الحمل على تأكّد الاستحباب متوجّه ،

__________________

(١) في ج ١ : ٢٦٩.

(٢) في ص ٣٩.

٤٢

وقوله عليه‌السلام : « لا صلاة إلاّ بأذان وإقامة » وإن أفاد بظاهره التعيّن إلاّ أنّ ما سبق من الأخبار يقتضي عدم التعيّن في الجملة.

وذكر بعض محقّقي الأصحاب رحمه‌الله بعد ما نقل الأخبار الدالة على عدم وجوب الأذان ولو في الجماعة : أنّ انضمام عدم القول بوجوب الإقامة فقط يفيد استحبابها أيضا (١). وربما يقال : إنّ في الأقوال السابقة ما يقتضي القول بالفصل في الجملة.

واحتمل بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ حمل الخبر المبحوث عنه على المنفرد (٢) ، وهو بعيد ، وذكر أيضا دلالة بعض الأخبار على قول الشيخ بوجوبهما في صلاة الجماعة ، وهو خبر عبد الله بن سنان الدال على أنّه إذا خلا في بيته تجزؤه الإقامة (٣) ، قال : والمراد بالخلوة الصلاة منفردا ، ولا يخفى عليك الحال.

والخبر الآخر رواه عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام وفيه : سئل عن الرجل يؤذّن ويقيم ليصلّي وحده فيجي‌ء رجل آخر فيقول : نصلّي جماعة هل يجوز أن يصلّيا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : « لا ، ولكن يؤذّن ويقيم » (٤) وأنت خبير بما في الرواية.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ استحباب الأذان للنساء يدلّ عليه معتبر بعض الأخبار ، حيث قال فيه عليه‌السلام بعد السؤال عن المرأة تؤذّن قال : « نعم حسن إن فَعَلَت ، وإن لم تفعل أجزأها أن تكبّر وأن تشهد أن لا إله إلاّ الله‌

__________________

(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ١٦١.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ٢٠٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٠ / ١٦٦ ، الوسائل ٥ : ٣٨٥ أبواب الأذان والإقامة ب ٥ ح ٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٧٧ / ١١٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٣٢ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٧ ح ١.

٤٣

وأنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

وأمّا الإقامة فلم أقف على ما يدلّ على استحبابها ، وظاهر الصدوق نفي الأمرين عنها (٢).

وفي المنتهى : يجوز أن تؤذّن المرأة للنساء ويقتدين بها ، ذهب إليه علماؤنا (٣).

وفي معتبر بعض الأخبار ما يدلّ على أنّه ليس على المرأة أذان وإقامة (٤) ، ويمكن أن يحمل على نفي الاستحباب المؤكّد ، أو يحمل على نفي الأمرين معا.

وفي المقام كلام بالنسبة إلى سماع صوتها ، لكونه عورة قد ذكرناه في حواشي التهذيب.

قوله :

باب الكلام في حال الإقامة‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيتكلّم الرجل في الأذان؟ قال : « لا بأس » قلت : في الإقامة؟ قال : « لا ».

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٢ بتفاوت يسير.

(٢) الفقيه ١ : ١٩٤.

(٣) المنتهى ١ : ٢٥٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٥٧ / ٢٠٠ ، الوسائل ٥ : ٤٠٦ أبواب الأذان والإقامة ب ١٤ ح ٣.

٤٤

محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي هارون المكفوف قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « يا أبا هارون ، الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلّم ولا تؤمّ بيدك ».

الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « لا تتكلّم إذا أقمت للصلاة فإنّك إذا تكلّمت أعدت الإقامة ».

السند :

في الأوّل : تكرّر القول (١) في رجاله ، وعمرو بن أبي نصر ثقة في النجاشي (٢).

والثاني : محمّد بن إسماعيل فيه هو ابن بزيع ، لأنّه يروي عن صالح بن عقبة في النجاشي (٣) والفهرست (٤) ، ومن هنا يتّضح ما قدّمناه (٥) من انتفاء محمّد بن إسماعيل بن بزيع الذي يروي عنه محمّد بن يعقوب بغير واسطة ، فإنّ الرواية عنه هنا بواسطتين ، فمن المستبعد جدّا الرواية بغير واسطة.

ويؤيّد هذا أيضا أنّ الصدوق ذكر طريقه إلى ابن بزيع ، وطريقه إلى محمّد بن إسماعيل الذي يروي عن الفضل بن شاذان ، وذكر في الثاني أنّ‌

__________________

(١) في ج ١ : ٤١ و ٧٠ و ٣٩٨ و ١٨٥.

(٢) رجال النجاشي : ٢٩٠ / ٧٧٨.

(٣) رجال النجاشي : ٢٠٠ / ٥٣٢.

(٤) الفهرست : ٨٤ / ٣٥٢.

(٥) في ج ١ : ٤٧.

٤٥

الراوي عنه : محمّد بن يعقوب ، وإن كان باب الاحتمال واسعا ، إلاّ أنّ الكلام في التأييد للظهور.

وأمّا صالح بن عقبة فالعلاّمة قال : إنّه كذّاب غال لا يُلتفت إليه (١).

والذي في النجاشي : قيل : إنّه روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام والله أعلم (٢). وفي الفهرست : صالح بن عقبة له كتاب (٣).

وأبو هارون في الفهرست مذكور بالكنية والإهمال (٤). وفي الكشي نقل فيه بعض الذم (٥).

والثالث : لا ارتياب في صحّته بعد ما تقدّم.

المتن :

في الأوّل : ظاهره المنع من الكلام في الإقامة.

والثاني : وإن كان ظاهره المنع من الكلام بعد الإقامة كما يدلّ عليه بعض الأخبار المعتبرة بلفظ التحريم ، إلاّ أنّه يمكن حمله على ما يوافق الأوّل ، وغير خفيّ عدم الاحتياج إلى الحمل ، أمّا المنع من الإيماء باليد فالأمر فيه ما ترى.

والثالث : تضمّن النهي ، إلاّ أنّ قوله عليه‌السلام : « فإنّك إذا تكلّمت » يشعر بعدم التحريم ، وله ظهور في الكلام بعدها.

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٣٠ / ٤.

(٢) رجال النجاشي : ٢٠٠ / ٥٣٢.

(٣) الفهرست : ٨٤ / ٣٥٢.

(٤) الفهرست : ١٨٣ / ٨٠٩.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٤٨٦ / ٣٩٥.

٤٦

وحكى العلاّمة في المختلف عن المفيد أنّه قال : لا يجوز أن يتكلّم في الإقامة ، وبه قال المرتضى في الجمل ، ونقل أنّ المفيد احتجّ بالخبر الأوّل والثاني ، وأجاب العلاّمة بأنّ المراد المبالغة في الكراهة ؛ لدلالة الأخبار على الجواز (١). وعنى بالأخبار : الآتية عن قريب.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد عن محمّد بن سنان عن عبد الله بن مسكان عن محمّد الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتكلّم في أذانه أو في إقامته ، قال : « لا بأس ».

محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتكلّم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال : « نعم ».

جعفر بن بشير عن الحسن (٢) بن شهاب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « لا بأس أن يتكلّم الرجل وهو يقيم الصلاة وبعد ما يقيم إن شاء ».

فالوجه في هذه الأخبار أن نحملها على أنّه يجوز أن يتكلم بشي‌ء يتعلق بأحكام الصلاة مثل تقديم إمام أو تسوية صفّ ، أو يكون ذلك قبل أن يقول : قد قامت الصلاة ، فإذا قال ذلك حرم الكلام إلاّ بما استثناه.

يدل على ذلك :

__________________

(١) المختلف ٢ : ١٤٠.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٠١ / ١١١٥ : الحسين.

٤٧

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن ابن مسكان ، عن ابن أبي عمير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتكلّم في الإقامة؟ قال : « نعم ، فإذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة حرم الكلام على أهل المسجد إلاّ أن يكونوا قد اجتمعوا من شتّى وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدّم يا فلان ».

وعنه ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا أقام المؤذّن الصلاة فقد حرم الكلام إلاّ أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام ».

السند‌

في الأوّل : فيه محمّد بن سنان وقد تكرّر القول فيه (١) ، وقد وصفه العلاّمة في المختلف بالصحة (٢) ، ولعلّه من غير الكتابين ، فإنّ في التهذيب رواه عن محمّد بن سنان (٣).

والثاني : واضح الصحة.

والثالث : فيه الحسن بن شهاب ، وهو مذكور مهملا في رجال الصادق والباقر عليهما‌السلام من كتاب الشيخ (٤).

ثمّ الظاهر أنّ الطريق إلى جعفر بن بشير هو المتقدم عليه إلى محمّد بن الحسين كما هي عادة الكليني رحمه‌الله في كتابه من البناء على الإسناد السابق.

__________________

(١) في ج ١ : ١٢١.

(٢) المختلف ٢ : ١٤٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٤ / ١٨٦.

(٤) رجال الطوسي : ١٦٨ / ٤٠ ، ١١٣ / ٥.

٤٨

وفي التهذيب بعد ذكر خبر حمّاد بن عثمان راويا له عن سعد ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد ، قال : وعنه ، عن جعفر بن بشير (١). وذكر الحديث ، وغير خفي أنّ المتعارف من ضمير « عنه » الرجوع إلى سعد ، وروايته عن جعفر بن بشير غير معروفة ، بل الضمير راجع إلى محمّد بن الحسين ، وهو خلاف اصطلاح الشيخ ، إلاّ أنّ الممارسة تقتضيه.

ولو لا بعد احتمال عدم اطلاع الشيخ على عادة الكليني لأمكن توهّم الشيخ في السند بأن يرجع ضمير « عنه » لمحمّد بن يعقوب ، لأنّه في التهذيب ذكر قبل رواية سعد رواية عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل. (٢).

ولمّا كانت عادة الكليني البناء فروى بالطريق التي في هذا الكتاب عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، ثم أتى بعده بلفظ جعفر بن بشير اعتمادا على السابق ، فظن الشيخ رواية محمّد بن يعقوب عن جعفر بن بشير ، غاية الأمر أنّ الشيخ لا يضر الأمر بالحال عنده ؛ لعلمه بالطريق ، وإنّما الإشكال بالنسبة إلى زماننا ، وأنت إذا تأمّلت ما ذكرناه يظهر لك أنّ ما فعله الشيخ لا يخلو من غرابة.

والرابع : واضح الصحة بعد ما قدّمناه (٣).

والخامس : موثّق كذلك.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٥٥ / ١١٨.

(٢) التهذيب ٢ : ٥٤ / ١٨٥.

(٣) في ج ١ : ٧٠ و ٣٩٨ و ١٨٥ و ١٧٠ و ١٠٢.

٤٩

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على أنّه لا بأس بالكلام في الأذان وفي الإقامة.

والثاني : تضمّن الكلام بعد الإقامة.

والثالث : واضح الدلالة لو صحّ ، وما ذكره الشيخ من الحمل لا يخلو من نظر ؛ لأنّ أوّل الكلام يدل على أنّ المراد بالأخبار جواز الكلام بشي‌ء يتعلّق بالصلاة ، وقوله : أو يكون ، محتمل لأن يريد به جواز الكلام مطلقا قبل « قد قامت الصلاة » ، وقوله : فإذا قال ذلك حرم إلاّ بما استثناه ، يدل على أنّ ما يتعلّق بالصلاة يجوز قبلُ وبعدُ ، وغير خفي أنّ فيه تشويشا للجمع.

والخبر الأوّل المستدل به يدل على الجواز قبل « قد قامت الصلاة » لمطلق الكلام ، وبعد « قد قامت الصلاة » يحرم إلاّ ما ذكر في الرواية ، وحينئذ ربما يدل هذا على أنّ مطلوب الشيخ الجواز على الإطلاق قبل « قد قامت الصلاة » ، وبعدها ما ذكره.

ولا يخفى أنّ ما تقدّم من الأخبار الأوّلة يدل الأوّل منها على أنّ الكلام في الإقامة منهيّ عنه ، والآخران على النهي إذا أقام ، وقد قدّمنا (١) بيان ذلك ، وحينئذ يمكن حمل ما تضمّن النهي عن الكلام في الإقامة على الكراهة ، وما بعدها يحمل على التحريم على تقدير الاعتماد على الصحيح ، وما تضمن جواز الكلام بعد الإقامة يخصّ بمدلول المفصّل.

__________________

(١) في ص : ٤٦.

٥٠

أمّا ما دلّ على إعادة الإقامة لو تكلّم فيمكن حمله على غير ما استثني ، كما يمكن حمله على ما بعد « قد قامت الصلاة ».

ومن هنا يعلم أنّ ما فعله العلاّمة في المختلف من عدم ذكر ما تضمن تحريم الكلام ، بل حمل الأخبار الثلاثة الأول على المبالغة في ترك الكلام (١) كما قدّمنا نقل بعض كلامه (٢) ، فيه نظر واضح.

كما أنّ ما ذكره بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ من دلالة الأخبار المقتضية للتحريم على مذهب الشيخين والمرتضى وابن الجنيد القائلين بتحريم الكلام بعد الإقامة إلاّ ما يتعلّق بالصلاة ، وباقي الأصحاب حملوا التحريم على شدّة الكراهة جمعا بينها وبين خبر حمّاد (٣). لا يخلو من تأمّل ، لأنّ السكوت عن إمكان الجمع لا وجه له.

مضافا إلى أنّ المنقول عن المفيد والمرتضى في المختلف عدم الجواز في الإقامة (٤) ، ورواية ابن أبي عمير دالة على الجواز في الإقامة وعدمه بعدها ، واحتمال إرادة الدلالة في الجملة محلّ كلام.

وقد نقل في بعض الأخبار الدالة على مذهب المذكورين ما تضمن إعادة الإقامة ، ودلالته على التحريم غير ظاهرة ، والاكتفاء بما ذكره من دلالة خبر عمرو بن أبي نصر على قول المفيد والمرتضى من المنع في الأثناء (٥) لا يصلح عذرا كما لا يخفى ، وبالجملة فالاقتصار على الإجمال غير لائق.

__________________

(١) المختلف ٢ : ١٤١.

(٢) في ص ٤٧.

(٣) البهائي في الحبل المتين : ٢٠٩.

(٤) المختلف ٢ : ١٤٠ ، وهو في المقنعة : ٩٨ ، وفي المعتبر ٢ : ١٤٣ حكاه عنه في المصباح.

(٥) المختلف ٢ : ١٤٠.

٥١

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه خبر سماعة الأخير من استثناء كون القوم ليس يعرف لهم إمام ، ظاهر في جواز الكلام بما يتوقف على (١) تعيين الإمام ، أمّا لو أمكن بالإشارة ففي جواز الكلام حينئذ احتمال ، لكن الرواية يتوقّف العمل بها على قبول الموثّق ، وخبر ابن أبي عمير يدل على جواز القول ، ولا دلالة على الضرورة.

وظاهره جواز الأذان والإقامة مع عدم تشخّص الإمام ، ويحتمل كون الأذان بقصد مطلق الجماعة ، كما أنّ ظاهره تحريم الكلام على من في المسجد وإن لم يكونوا مصلّين ، أمّا الدلالة على تسوية الصف كما قاله الشيخ فغير واضحة ، والله تعالى أعلم بالحال.

قوله :

باب الأذان جالسا أو راكبا.

الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن ربعي ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يؤذّن (٢) الرجل وهو قاعد؟ قال : « نعم ولا يقيم إلاّ وهو قائم ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد صالح قال : « يؤذّن الرجل وهو جالس ولا يقيم إلاّ وهو قائم » وقال : « تؤذّن وأنت راكب ولا تقيم إلاّ وأنت على الأرض ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ،

__________________

(١) كذا في النسخ ، والأنسب : عليه.

(٢) في « فض » و « رض » : أيؤذن.

٥٢

عن أبي خالد ، عن حمدان (١) قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الأذان جالسا؟ قال : « لا يؤذّن جالسا إلاّ راكب أو مريض ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على ضرب من الاستحباب دون الإيجاب.

السند‌

في الأوّل : لا ارتياب فيه.

والثاني : كذلك ؛ لأنّ أحمد بن محمد فيه : ابن أبي نصر على ما يعرف من الممارسة ، والعبد الصالح هو الإمام عليه‌السلام ، إمّا موسى عليه‌السلام أو الرضا عليه‌السلام ، والإطلاق على الرضا عليه‌السلام قد مضى جوازه عن قريب (٢) ، ولا يبعد الفرق بين التعريف والتنكير ، فالأوّل لموسى عليه‌السلام ، والثاني للرضا عليه‌السلام ، والاتحاد ممكن.

والثالث : فيه محمّد بن سنان ، ولا يبعد أن تكون رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه في حال كونه ثقة ؛ لما يظهر من أحوال أحمد بن محمّد بن عيسى ، وقد قدّمنا (٣) احتمال الجمع بين كون محمّد بن سنان ثقة ومطعونا فيه باختلاف الأزمان.

وأبو خالد هذا هو القمّاط ؛ لرواية محمّد بن سنان عنه كما في الفهرست (٤) ، وهو ثقة.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٠٢ / ١١٢٠ ، والتهذيب ٢ : ٥٧ / ١٩٩ : حمران.

(٢) في ص : ١٨.

(٣) في ج ١ : ١٢١.

(٤) الفهرست : ١٨٤ / ٨٠٦.

٥٣

أمّا حمدان فأمره ملتبس بعد روايته عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وفي الرجال يقال لجماعة إلاّ أنّهم ليسوا في هذه المرتبة ، ومع هذا فالحال غير مفيدة للصحة.

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على تعيّن القيام في الإقامة ، ونقل العلاّمة رحمه‌الله عن المفيد أنّه قال : لا يجوز الإقامة إلاّ وهو قائم متوجه إلى القبلة مع الاختيار (١) ، واحتج على ما نقل برواية لأبي بصير حيث قال فيها : « ولا تقم وأنت راكب أو جالس إلاّ من علّة أو تكون في أرض ملصّة » (٢). وهذه الرواية قاصرة السند ، والرواية المبحوث عنها أوضح دلالة ، واستثناء العذر ربما يدل عليه الاتفاق ، مضافا إلى الخبر.

أما استدلال العلاّمة على استحباب القيام في الإقامة بأنّ استحباب ذي الكيفية مع وجوب الكيفية ممّا لا يجتمعان ، والأوّل ثابت لما تقدّم فيبقى الثاني (٣).

ففيه : أنّ استحباب الإقامة لا ينافي عدم جواز فعلها من جلوس ، على أن يكون القيام شرطا فيها كالوضوء للنافلة ، غاية الأمر أنّ عدم الجواز إذا أريد به التحريم يكون المراد تحريم فعلها جالسا ، لأنّه خلاف المشروع ، فإذا قصد بالفعل الشرعي خلاف ما أمر به يكون محرّما.

__________________

(١) المختلف ٢ : ١٤١.

(٢) التهذيب ٢ : ٥٦ / ١٩٢ ، الوسائل ٥ : ٤٠٣ أبواب الأذان والإقامة ب ١٣ ح ٨ ، وأرض مَلصّة : ذات لصوص. لسان العرب ٧ : ٨٧.

(٣) المختلف ٢ : ١٤١.

٥٤

ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ من دلالة الخبر المبحوث عنه على تأكّد الاستحباب وأنّ ابن الجنيد أوجبه (١) ، محل تأمّل ؛ لأنّ تأكّد الاستحباب موقوف على المعارض ، فعدم القول فيه لا وجه له ، والاعتماد على قول العلاّمة في احتجاجه السابق (٢) كذلك ، كما أنّ الالتفات إلى الشهرة بل الإجماع حيث لم يخالف إلاّ ابن الجنيد ، فيه : أنّ المفيد مصرّح به كما نقله في المختلف (٣) ، والشهرة بين المتأخّرين لا تصلح حجة ، فليتأمّل.

وأمّا قول الشيخ في توجيه الخبر الأخير من الحمل على الاستحباب فغير خفيّ ما فيه ، إلاّ أن يقال باحتمال وجوب الأذان واستحباب القيام فيه ، ولو حمل الاستحباب في كلامه على الأكمليّة أمكن.

قوله :

باب من نسي الأذان والإقامة حتى صلّى أو دخل فيها‌

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن سلمة بن الخطاب ، عن أبي جميلة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : رجل ينسى الأذان والإقامة حتى يكبر قال : « يمضي على صلاته ولا يعيد ».

عنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن نعمان الرازي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وسأله أبو عبيدة الحذّاء ، عن‌

__________________

(١) البهائي في الحبل المتين : ٢٠٥.

(٢) في ص ٥٤.

(٣) المختلف ٢ : ١٤١.

٥٥

حديث رجل نسي أن يؤذّن ويقيم حتى كبّر ودخل في الصلاة قال : « إن كان دخل المسجد ومن نيّته أن يؤذّن ويقيم فليمض في صلاته ولا ينصرف ».

الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل نسي الأذان حتى صلّى ، قال : « لا يعيد ».

محمّد بن عليّ ، بن محبوب ، عن عليّ بن السندي ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل نسي أن يقيم الصلاة حتى انصرف أيعيد صلاته؟ قال : « لا يعيدها ولا يعود لمثلها ».

السند‌

في الأوّل : فيه سلمة بن الخطاب ، وفي النجاشي أنّه كان ضعيفا في حديثه (١) ، وأبو جميلة تكرر القول فيه من تضعيف العلاّمة (٢) له ، وعدم التعرض من غيره لذلك. وابن بكير مضى الكلام فيه (٣) أيضا.

والثاني : فيه نعمان الرازي ، وهو مذكور مهملا في رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ (٤) ، أمّا ضمير « عنه » فيه فيحتمل رجوعه إلى محمّد بن عليّ بن محبوب ، لأنّ الراوي عن محمّد بن الحسين في الرجال‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٨٧ / ٤٩٨.

(٢) راجع ج ٢ : ٣٣٦.

(٣) راجع ج ١ : ١٢٥.

(٤) رجال الطوسي : ٣٢٥ / ٢٤.

٥٦

الصفار (١) ، والمرتبة قريبة ، ويحتمل أن يرجع إلى محمّد بن يحيى ، لكن الأوّل (٢) له نوع ظهور بل هو متعيّن ، من حيث إنّ الشيخ في التهذيب روى الاولى عن محمّد بن علي بن محبوب ابتداء ثم قال : عنه ، عن محمّد بن الحسين (٣).

والثالث : فيه محمّد بن الفضيل ، وهو غير معلوم بسبب الاشتراك (٤).

والرابع : فيه عليّ بن السندي وقد كرّرنا القول فيه (٥) بما يرجع إلى الجهالة. وأبو بصير تقدّم (٦).

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على أنّ من نسي الأذان والإقامة حتى يكبر يمضي على صلاته.

والثاني : كذلك ، غير أنّه يحتمل أن يراد بالنسيان فيه عدم تذكّر الأذان والإقامة لا يقين الترك ، وحينئذ يكون قوله : « ومن نيّته » إشارة إلى أنّ الظاهر الفعل من حيث النيّة ، فيقدّم الظاهر على الأصل ، ويحتمل أن يراد أنّ النيّة كافية في الثواب وإن لم يفعل ، فيراد بالنسيان عدم الفعل.

والثالث : يدل على أنّ ناسي الأذان لا يعيد إذا صلّى ، والظاهر منه الذكر بعد تمام الصلاة.

__________________

(١) انظر رجال النجاشي : ٣٣٤ / ٨٩٧.

(٢) في النسخ : الثاني ، والصواب ما أثبتناه.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٧٩ / ١١٠٧.

(٤) انظر هداية المحدثين : ٢٤٩.

(٥) راجع ج ١ : ٣٥٥ وج ٢ : ١٨٧ ، ٢٤٧.

(٦) في ج ١ : ٧٣.

٥٧

والرابع : يدل على أنّ ناسي الإقامة ثم يذكر ذلك بعد الانصراف ، لا يعيدها ، وقوله : « ولا يعود لمثلها » ربما يدل على ما ذكر في أبي بصير من التخليط ، فإنّ عدم العود في النسيان لا وجه له إلاّ أن يحمل على إرادة التوجه إلى الفعل بحيث ينتفي النسيان غالبا ، ويحتمل أن لا يعود لعدم الإعادة ، بل ينبغي الإعادة على تقدير النسيان في غيرها ، وفيه ما فيه.

قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل ينسى أن يقيم الصلاة وقد افتتح الصلاة ، قال : « إن كان فرغ من صلاته فقد تمّت صلاته ، وإن لم يكن قد فرغ من صلاته فليعد ».

فهذا الخبر محمول على ضرب من الاستحباب.

وأمّا ما رواه محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : في الرجل ينسى الأذان والإقامة حتى يدخل في الصلاة ، قال : « إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليقم (١) ، وإن كان قد قرأ فليتمّ صلاته ».

أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان ، عن سعيد الأعرج وابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا افتتحت الصلاة ونسيت أن تؤذّن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع‌

__________________

(١) لفظة : وليقم ، ساقطة من الاستبصار ١ : ٣٠٣ / ١١٢٦.

٥٨

فانصرف فأذّن وأقم واستفتح الصلاة ، وإن كنت قد ركعت فأتمّ على صلاتك ».

محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ( بن أبي الخطاب ) (١) عن إسحاق بن آدم ، عن أبي العباس الفضل بن حسان الدالاني ، عن زكريا بن آدم قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : جعلت فداك كنت في صلاتي ( فذكرت في الثانية ) (٢) وأنا في القراءة أنّي لم أقم فكيف أصنع؟ قال : « اسكت على موضع قراءتك وقل : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، ثم امض في قراءتك وصلاتك وقد تمّت صلاتك ».

عنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن حسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يستفتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنّه لم يقم قال : « فإن ذكر أنّه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلّم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم يقيم ويصلّي ، وإن ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتمّ على صلاته ».

فالوجه في هذه الأخبار أيضا أن نحملها على ضرب من الاستحباب كما حملنا عليه الخبر الأوّل لئلاّ تتناقض الأخبار.

ويدل على ذلك :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام (٣) عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في الاستبصار ١ : ٣٠٤ / ١١٢٨.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٠٤ / ١١٢٨ بدل ما بين القوسين : وذكرت في الركعة الثانية.

(٣) في نسخة من الاستبصار ١ : ٣٠٤ / ١١٣٠ : أبا عبد الله عليه‌السلام.

٥٩

قال : « فليمض على صلاته (١) فإنّما الأذان سنّة ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة قال : « ليس عليه شي‌ء ».

السند‌

في الأوّل : ليس في صحته ارتياب بعد ما قدّمناه (٢).

والثاني : فيه محمّد بن إسماعيل ، وذكرنا حقيقة الحال فيه أيضا سابقا (٣).

والثالث : لا ارتياب فيه بعد ما قدمناه في سعيد الأعرج (٤) : من أنّ احتمال كونه ابن عبد الرحمن الثقة له ظهور ؛ لأنّ في الطريق إلى ابن عبد الرحمن صفوان في النجاشي (٥) ، وفي الفهرست ذكر سعيد الأعرج وفي الطريق إليه صفوان (٦) ، وقد ظن العلاّمة في المختلف التعدد والأمر كما ترى.

وأمّا ابن أبي عمير فالظاهر عطفه على سعيد ، واحتمال العطف على عليّ بن النعمان يبعّده المعروف من عادة الشيخ في الكتاب ، كاحتمال كونه ابتداء سند آخر بطريقه إلى ابن أبي عمير ، فتأمل.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٠٤ / ١١٣٠ : في صلاته.

(٢) في ج ٤ : ٥٢٦.

(٣) في ج ١ : ٤٦ و ٣٤١.

(٤) راجع ج ١ : ١٥٥.

(٥) رجال النجاشي : ١٨١ / ٤٧٧.

(٦) الفهرست : ٧٧ / ٣١٣.

٦٠