إستقصاء الإعتبار - ج ٥

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-177
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٣٩٣

على يمينك أحد أو لم يكن (١). انتهى. ولا يخفى عليك الحال.

وفي المنتهى استدل ببعض الأخبار على بعض ما حكيناه (٢) ، والنظر فيه واضح. ولا يبعد الاعتماد في الاستحباب على قول الصدوق إن لم يكن قوله بسبب الاجتهاد ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

اللغة :

قال بعض محققي العامة : السلام عليك أيها النبي ، معناه التعوذ باسم الله الذي هو السلام ، كما تقول : الله معك ، أي متوليك وكفيل بك (٣). وقيل : معناه السلامة والنجاة ، كما في قوله تعالى ( فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ ) (٤) (٥). وقيل : الانقياد لك ، كما في قوله تعالى ( وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٦) (٧). ( ولا يخلو بعض الوجوه من ضعف ؛ لعدم تعدي البعض بكلمة « على » إلاّ على تأمّل ) (٨).

قوله :

باب سجدتي الشكر بين فريضة المغرب ونوافلها‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن محمّد بن عيسى ، عن حفص الجوهري‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢١٠.

(٢) المنتهى ١ : ٢٩٧.

(٣) كما في النهاية لابن الأثير ٢ : ٣٩٣.

(٤) الواقعة : ٩١.

(٥) انظر مغني المحتاج ١ : ١٧٥.

(٦) الأحزاب : ٥٦.

(٧) كما في النهاية لابن الأثير ٢ : ٣٩٤.

(٨) ما بين القوسين زيادة من « م ».

٣٦١

قال : صلّى بنا أبو الحسن علي بن محمّد عليهما‌السلام صلاة المغرب فسجد سجدة الشكر بعد السابعة ، فقلت له : كان آباؤك يسجدون بعد الثلاثة ، فقال : « ما كان أحد من آبائي يسجد إلاّ بعد السابعة ».

فأمّا ما رواه محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن سعدان بن مسلم ، عن جهم بن أبي جهم قال : رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام وقد سجد بعد الثلاث الركعات من المغرب ، فقلت له : جعلت فداك رأيتك سجدت بعد الثلاث ، قال : « فرأيتني؟ » (١) فقلت : نعم ، قال : « فلا تدعها ، فإنّ الدعاء فيها مستجاب ».

فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على ضرب من الاستحباب ، والاولى على الجواز ، ويكون قوله في الخبر الأوّل : « ما كان أحد من آبائي يسجد إلاّ بعد السابعة » إخبارا عن أنّهم لم يختاروا فعله ، أو يكونوا ما سجدوا على جهة الوجوب وإن كانوا سجدوا على جهة الفضل.

السند‌

في الأوّل : فيه حفص الجوهري ، وهو مذكور في أصحاب الجواد عليه‌السلام ( من كتاب الشيخ مهملا ) (٢).

والثاني : فيه جهم بن أبي جهم ، وهو مهمل في رجال الكاظم عليه‌السلام ) (٣) ،

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٤٧ / ١٣٠٩ : فقال : رأيتني.

(٢) رجال الطوسي : ٤٠٠ / ١٠.

(٣) ما بين القوسين ساقط من « فض ».

٣٦٢

من كتاب الشيخ (١) ، وسعدان بن مسلم لا يزيد على الإهمال أيضا.

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على مرجوحية السجود بعد الثلاثة ، بل ربما دل على نفي الاستحباب لو صحّ الخبر ، غير أنّ ما دلّ على استحباب سجدة الشكر بعد الفريضة يتناول ما بعد النوافل وقبلها ، وهو ما رواه الشيخ في التهذيب بطريق فيه محمّد بن خالد البرقي ، ووجه ما قلناه أنّه قال عليه‌السلام فيه : « إنّ الله سبحانه يقول للملائكة : انظروا إلى عبدي أدّى فرضي وسجد لي شكرا » إلى آخره (٢).

وهذا وإن أشعر بالاختصاص بالفرائض إلاّ أنّ الشمول لما بعد نوافل الفرائض لا ينافي هذا ، على أنّ أوّل الخبر يقتضي أنّ سجدة الشكر تتم بها الصلاة على الإطلاق ، وما ذكر في أثناء الرواية من الفرائض لا يفيد التخصيص.

هذا على تقدير الاختصاص بالصلاة ، وفي الفقيه روى بطريق صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج ما يدل على عدم الاختصاص بالفرائض (٣) ، والمتن قال : « من سجد سجدة الشكر وهو متوضّئ كتب الله له بها عشر حسنات ، ومحا عنه عشر خطيئات عظام » (٤).

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٤٥ / ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ١١٠ / ٤١٥ ، وفيه : أدّى قربتي ، الوسائل ٧ : ٦ أبواب سجدتي الشكر ب ١ ح ٥.

(٣) في « م » زيادة : ولا تجدد النعم.

(٤) الفقيه ١ : ٢١٨ / ٩٧١ ، الوسائل ٧ : ٥ أبواب سجدتي الشكر ب ١ ح ١ ، بتفاوت يسير.

٣٦٣

( وقد ذكرنا في فوائد التهذيب ما لا بدّ منه في الخبر الأوّل المنقول أولا ) (١).

والعجب من عدم تعرض بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله (٢) ـ الخبر الذي في الفقيه ، بل قال : أطبق علماؤنا على ندبية سجود الشكر عند تجدد النعم ودفع النقم ، ثم ذكر روايات غير سليمة وقال : وكما يستحب السجود لشكر النعمة المتجددة فالظاهر كما قال شيخنا الشهيد في الذكرى أنّه يستحب عند تذكّر النعمة وإن لم تكن متجددة (٣) ، ثم ذكر أخبارا غير نقية الأسانيد سوى ما رواه الشيخ في التهذيب وقد أشرنا إليه.

وأمّا الثاني : ففيه تأييد لما دلّ على السجود بعد الفريضة أو بعد الصلاة ، وحمل الشيخ في غاية البعد ، بل لا وجه له ؛ لأنّ حمل الأوّل على الجواز لا يلائمه قوله : « ما كان أحد من آبائي » لأنّ الجواز لا بد أنّ يراد به غير الإباحة ، ويراد بالاستحباب في الثاني الأفضلية ، وإذا حمل الثاني على الأفضلية لزم كون الفعل في الخبر الأوّل مرجوحا ، والمداومة منهم عليهم‌السلام على المرجوح كما هو ظاهر الرواية غير معقولة (٤). ولو أريد الإباحة في الأوّل فدفعه أظهر من أن يخفى. وأمّا الوجوب فما فيه واضح.

وفي المنتهى ـ على ما نقل عنه ـ ما يقتضي ترجيح التقديم على النوافل ، حيث استدل بالآثار الدالة على أفضلية الدعاء بعد المغرب ثم قال : فإنّ فضل الدعاء والتسبيح بعد الفريضة على الدعاء عقيب النوافل كفضل‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « م » : وأما الخبر الذي أشرنا إليه أولا فهو مذكور في التهذيب وقد ذكرنا في فوائد التهذيب ما لا بدّ منه فيه.

(٢) في « م » و « رض » زيادة : لعدم ذكر.

(٣) البهائي في الحبل المتين : ٢٤٥.

(٤) في « رض » و « فض » : منقول.

٣٦٤

الفرائض على النوافل ، والسجدة دعاء وتسبيح ، فالأفضل أن تكون بعد الفريضة ، وإن جعلت بعد النوافل أيضا (١).

هذا ويمكن أن يقال : إنّ في الخبر الأوّل احتمال التقية ، لكن الأمر سهل بعد معرفة الإسنادين.

أمّا ما ورد في بعض الأخبار أنّ : « من صلّى المغرب ثم عقّب ولم يتكلم حتى صلّى ركعتين كتبت له في عليين ، فإن صلّى أربعا كتبت له حجة مبرورة » (٢) فلا دلالة له على ترجيح تأخير السجدة عن النوافل ؛ لأنّ المتبادر من الكلام : الأجنبي ، كما ذكرناه في فوائد التهذيب.

قوله :

باب وجوب الفصل بين ركعتي الشفع والوتر‌

الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الوتر ثلاث ركعات ، يفصل بينهن ، ويقرأ فيهن جميعا بقل هو الله أحد ».

عنه ، عن حمّاد ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الوتر ثلاث ركعات : ثنتين مفصولة وواحدة ».

عنه ، عن النضر ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : التسليم في ركعتي الوتر (٣) ، فقال :

__________________

(١) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٢ : ٣١٩.

(٢) التهذيب ٢ : ١١٣ / ٤٢٢ ، الوسائل ٦ : ٤٨٨ أبواب التعقيب ب ٣٠ ح ٢ ، بتفاوت يسير فيهما.

(٣) في النسخ : الفجر ، وأصلحناه كما في الاستبصار ١ : ٣٤٨ / ١٣١٢.

٣٦٥

« توقظ الراقد وتكلم بالحاجة ».

عنه ، عن النضر ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن أبي ولاّد حفص بن سالم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التسليم في ركعتي (١) الوتر فقال : « نعم ، فإن كانت لك حاجة فاخرج فاقضها ثم عد فاركع ركعة ».

أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الوتر أفصل أم وصل؟ قال : « فصل ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التسليم في ركعتي الوتر ، فقال : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم ».

عنه ، عن النضر ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ( التسليم ) (٢) في ركعتي الوتر ، فقال : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم ».

عنه ، عن محمّد بن زياد ، عن كردويه الهمداني قال : سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن الوتر ، فقال : « صله ».

فالوجه في هذه الروايات كلّها أن نحملها على ضرب من التقيّة لأنّها موافقة لمذاهب كثير من العامة ، مع أنّ مضمون حديثين منها التخيير ، وليس ذلك مذهبا لأحد ، لأنّ من أوجب الوصل لا يجوّز

__________________

(١) في النسخ : الركعتين ، وأصلحناه كما في الاستبصار ١ : ٣٤٨ / ١٣١٣.

(٢) ما بين القوسين أثبتناه من الاستبصار ١ : ٣٤٩ / ١٣١٦.

٣٦٦

الفصل ، ومن أوجب الفصل لا يجوّز الوصل. ويجوز أن يكون قوله : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم » (١) إشارة إلى الكلام الذي يستباح بالتسليم ، لأنّ ذلك ليس شرطا فيه ، يبيّن ما ذكرناه :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن منصور ، عن مولى لأبي جعفر عليه‌السلام قال : قال : « ركعتان إن شاء تكلم بينهما وإن شاء لم يفعل » (٢).

السند‌ :

في الأوّل : فيه عثمان بن عيسى ، والذي ذكرنا فيه قد تكرر. كما في أبي بصير في الثاني (٣).

والثالث : مضى أيضا القول فيه في محمّد بن أبي حمزة من احتماله للثقة والمهمل ، وإن كان ظهور الثقة غير بعيد (٤).

والرابع : كالثالث ، وحفص لا ارتياب فيه.

والخامس : ليس فيه إلاّ البرقي لما تقدم ( فيه من نوع كلام ) (٥).

والسادس : كأنّه واضح ، لأنّ يعقوب بن شعيب الراوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ثقة ، وفي الرجال يعقوب بن شعيب من رجال الباقر عليه‌السلام

__________________

(١) ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٣٤٩ : إن شاء سلّم وان شاء لم يسلّم.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٤٩ / ١٣١٨ : ركعتا الوتر إن شئت تكلم بينهما وبين الثالثة وإن شئت لم تفعل.

(٣) راجع ج ١ : ٧١ و ٧٣.

(٤) راجع ج ١ : ١٤٦.

(٥) ما بين القوسين زيادة من « م » ، وعلى أي حال فإنّه تقدم في ج ١ : ٩٥.

٣٦٧

مهملا (١) ، والرواية كما ترى. وفي البين احتمال مّا بعيد.

والسابع : كالثالث.

والثامن : فيه كردويه ، وقد مضى أنّه مجهول الحال (٢). أمّا محمّد بن زياد فقد قدمنا احتمال كونه ابن أبي عمير وغيره موجود (٣) ، لكن الاشتراك بين ثقة وغيره واقع (٤).

المتن :

في الأوّل : ظاهر في الفصل ، وإطلاقه يقتضي عدم الفرق بين التسليم وغيره ، ودلالته على أنّ الوتر اسم للثلاث واضحة ، وأنّ القراءة بقل هو الله أحد في الثلاث ، لا ما ظنه الشيخ من القراءة في المفردة منه في بعض كتبه (٥).

والثاني : كالأوّل.

وأمّا الثالث : فالذي يظن منه أنّ مقصود السائل عن تسليم الوتر ما هو ، والجواب حينئذ أنّه إيقاظ الراقد والتكلم بالحاجة ، وهذا لا يدل على اختصاص التسليم بما ذكره ، بل الظاهر إرادة عدم اختصاص التسليم المعهود.

والرابع : محتمل لما قلناه في الثالث ، كما يحتمل السؤال عن التسليم المعهود ، وقوله عليه‌السلام بعد الجواب : « فإن كانت لك حاجة » إلى آخره.

__________________

(١) انظر رجال الطوسي : ١٤٠ / ١.

(٢) راجع ج ١ : ٢٨٣.

(٣) راجع ج ١ : ٢٨٢.

(٤) انظر هداية المحدثين : ٢٣٧.

(٥) الخلاف ١ : ٥٣٨.

٣٦٨

إشارة إلى عدم لزوم الركعة الثالثة بعد التسليم.

والخامس : واضح.

أمّا السادس : فالذي يظن منه بعد ما قدّمناه في الثالث ظاهر ؛ إذ المراد حينئذ أنّ التسليم المعهود إن شئت فعلته وإن شئت لم تفعله.

وما عساه يتخيل حينئذ أنّ مقتضاه لزوم التسليم المشهور في غير الوتر فيدل على الوجوب ، يدفعه أنّ إرادة رجحان فعله في غير الوتر ممكنة.

إلاّ أن يقال : إنّ الرجحان في الوتر أيضا مراد ، إذ رجحان الكلام عليه غير معقول.

وفيه : أنّه لا مانع منه ، لكن لا برجحان غيره ، بل بالمساواة ، على أنّ غير الوتر يدخل فيه النوافل ولا وجوب فيها ، فلا بدّ من إرادة الرجحان.

وما ذكره الشيخ لا يخفى بعده ، فإنّ الظاهر منه الكلام بعد السلام ، ولو حمل على ما قلناه أمكن لكن العبارة لا تساعد عليه.

أمّا قول الشيخ : إنّ مضمون الحديثين ، إلى آخره. فالظاهر أنّ مراده أهل الخلاف ، والذي يقتضيه كلام بعضهم التخيير (١) ، ولو أراد الأصحاب فالقائل بوجوب الوصل غير معلوم لنا. وعلى ما قلناه في الخبرين الأوّلين يتضح معنى الخبرين المذكورين ؛ لأنّ التسليم لا رجحان له في الوتر على غيره من الكلام ونحوه.

وينبغي أن يعلم أنّ في كلام بعض محققي المتأخرين رحمه‌الله أنّ الظاهر التخيير في الفصل والوصل ، والمشهور الأوّل ، إلى أن قال بعد ذكر اختلاف‌

__________________

(١) انظر المهذب في فقه الشافعي ١ : ٨٣.

٣٦٩

الأخبار : والجمع بالتخيير حسن كما هو مذهب العامة ولكن لم أعرفه مذهبا للأصحاب (١). انتهى. وفيه دلالة على ما قدّمناه ، لكن اختيار التخيير مع عدم القائل المعلوم مستغرب ، والاحتياط سهل إن شاء الله تعالى.

قوله :

باب كراهية النوم بين ركعتي الفجر وبين صلاة الغداة.

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن محمّد القاساني ، عن سليمان بن حفص المروزي قال : قال أبو الحسن الأخير عليه‌السلام : « إيّاك والنوم بين صلاة الليل والفجر ، ولكن ضجعة بلا نوم ، فإنّ صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنّما على أحدكم إذا انتصف الليل أن يقوم فيصلّي صلاته جملة واحدة ثلاث عشر ركعة ، ثم إن شاء جلس فدعا ، وإن شاء نام ، وإن شاء ذهب حيث شاء ».

فهذه الرواية جاءت رخصة ورفعا للحظر ، والأفضل ترك النوم على ما تضمنته الرواية الأولى.

السند‌ :

في الأوّل : فيه علي بن محمّد القاساني ، ولم يوثقه النجاشي (٢) ،

__________________

(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٧.

(٢) رجال النجاشي : ٢٥٥ / ٦٦٩.

٣٧٠

والشيخ كلامه فيه لا يخلو من شي‌ء ، ويظهر منه التوثيق والتضعيف (١) ، ويمكن أن يقال : إنّ عدم استثنائه من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى يقتضي قبوله ، وفيه ما فيه. وسليمان بن حفص مجهول الحال.

والثاني : موثق على ما مضى القول فيه مكررا في عبد الله بن بكير (٢).

المتن :

في الأوّل : كما ترى فيه الفجر ، وهو محتمل لصلاة الصبح وركعتي الفجر ، إلاّ أنّ الشيخ فهم منه صلاة الغداة ، وعلى ذلك المعروفون من الأصحاب ( ولا يبعد ظهوره ، نظرا إلى أنّ صلاة الليل ثلاث عشر ركعة في الأخبار ) (٣).

وفي الفقيه : اضطجع بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة على يمينك مستقبل القبلة وقل ، إلى آخره (٤).

والظاهر من الرواية الضجعة بين صلاة الليل وركعتي الفجر ، وعبارة الصدوق تضمنت بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة ، وهي تتناول من صلّى صلاة الليل ومن لم يصلّ.

وأمّا الثاني : فما ذكره الشيخ فيه متوجه (٥).

__________________

(١) رجال الطوسي : ٤١٧ / ٩ و ١٠.

(٢) راجع ج ١ : ١٢٥.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) الفقيه ١ : ٣١٣.

(٥) في « م » زيادة : ولا يخفى أنّ العنوان لو جعل مطابقا للرواية الأولى كان أولى.

وما تضمنه الخبر الأوّل من أنّه لا يحمد على ما قدّم ، لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ عدم الحمد إن أريد سقوط الثواب بمجرد النوم فهو واضح الإشكال ، ولو أريد النقص فيه بلفظ لا يساعده التوجيه ، يمكن.

٣٧١

قوله :

باب كراهية النوم بعد صلاة الغداة‌

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبي ( الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن عاصم بن أبي النجود الأسدي ، عن ابن عمر ) (١) ، عن الحسن بن علي قال : « سمعت أبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرئ مسلم جلس في مصلاّه الذي صلّى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له من الأجر كحاج بيت الله وغفر له ، وإن جلس فيه حتى تكون ساعة تحلّ فيها الصلاة فصلّى ركعتين أو أربعا غفر له ما سلف وكان له من الأجر كحاج بيت الله ».

وروى العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن النوم بعد الغداة ، فقال : « إنّ الرزق يبسط تلك الساعة فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة ».

وقال الصادق عليه‌السلام : « نومة الغداة مشومة تطرد الرزق ، وتصفر اللون ، وتقبحه ، وتغيره وهو نوم كل ميشوم ، إنّ الله تعالى يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن موسى بن عمر ، عن معمر بن خلاد قال : أرسل إليّ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام في حاجة ،

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٣٧٢

فدخلت عليه فقال : « انصرف فإذا كان غدا فتعال ، ولا تجي‌ء إلاّ بعد طلوع الشمس ، فإنّي أنام إذا صلّيت الفجر ».

عنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن سالم بن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سأله رجل وأنا أسمع فقال : إنّي أصلّي الفجر ثم أذكر الله بكل ما أريد أن أذكره ممّا (١) يجب عليّ ، أريد أن أضع جنبي فأنام قبل طلوع الشمس فأكره ذلك قال : « فلم؟ » (٢) قال : أكره أن (٣) تطلع الشمس من غير مطلعها ، قال : « ليس بذلك خفاء ، انظر من حيث يطلع الفجر فذلك مطلع الشمس ، ليس عليك من حرج أن تنام إذا كنت قد ذكرت الله ».

فالوجه في هاتين الروايتين ضرب من الرخصة وإن كان الأفضل ما قدّمناه.

السند‌ :

في الأوّل : فيه أبو الجوزاء ، وهو المنبه بن عبد الله ، وقد قال النجاشي : إنّه صحيح الحديث (٤). لكن لا يدرى المراد بصحة الحديث ، هل هو مطلق الرواية أو الحديث المثبت في أصله أو كتابه؟ ومع الاحتمال لا يفيد في غير هذا المقام ، أمّا هنا فالحسين بن علوان عامي ، وعمرو بن خالد نحوه ، وعاصم مجهول.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٥٠ / ١٣٢٤ : ما.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٥٠ / ١٣٢٤ : ولم.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٥٠ / ١٣٢٤ : بأن.

(٤) رجال النجاشي : ٤٢١ / ١١٢٩.

٣٧٣

والثاني : فيه عدم الطريق إلى العلاء في المشيخة ، وفي الفهرست لا يفيد هنا ، لكن الرواية في الفقيه بهذه الصورة (١) ، والطريق إلى العلاء صحيح مع ثقته ومن معه.

والثالث : مرسل ، وهو في الفقيه كذلك (٢).

أمّا الرابع : ففيه موسى بن عمر ، وهو الصيقل ، لرواية محمّد بن علي ابن محبوب عنه في الرجال (٣) ، وحاله لا يزيد على الإهمال. ومعمر ابن خلاد ثقة.

والخامس : فيه سالم بن أبي خديجة ، وهو مهمل في رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ (٤) ، وما في كلام البعض من التوثيق والتعدد (٥) موهوم في الظاهر. أمّا عبد الرحمن بن أبي هاشم فهو ثقة.

المتن :

في الأوّل : واضح ، إلاّ أنّه ربّما كان في آخره أمارة عدم الصحة ، من حيث قوله : « حتى تكون ساعة تحل فيها الصلاة » فإنّ هذا مذهب أهل الخلاف في صلاة الفجر (٦) ، إذ الظاهر من ساعة حلّ الصلاة ارتفاع الشمس ، واحتمال الزوال بعيد مخالف لظاهر الصلاة ركعتين ، والناقل كما ترى ابن عمر.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣١٧ / ١٤٤٣.

(٢) الفقيه ١ : ٣١٨ / ١٤٤٥.

(٣) انظر الفهرست : ١٦٣ / ٧٠٩.

(٤) رجال الطوسي : ٢٠٩ / ١١٦.

(٥) انظر رجال ابن أبي داود : ١٠٠ / ٦٦٨.

(٦) انظر المهذب في فقه الشافعي ١ : ٩٢.

٣٧٤

والثاني : كما ترى ظاهر الدلالة ، إلاّ أنّ ما دلّ من معتبر الأخبار على (١) أنّ « الرزق كالموت لا ينفع الفرار منه » يقتضي عدم ضرورة النوم به ، ولعلّ المراد بالرزق الزائد عمّا فيه الحياة ، أو تقييد تلك الأخبار بما تضمنه هذا الخبر.

والثالث نحوه.

أمّا الرابع : فتوجيه الشيخ له ممكن.

والخامس : لا يخلو من إجمال وغرابة ، والذي يظهر من كتب أهل الخلاف في الحديث أنّ طلوع الشمس من غير مطلعها علامة قيام الساعة (٢) ، فلا يبعد أن يكون الرجل سمع من أحدهم هذا فاعتقد صحته ، أو أنّ السائل منهم فدفع وهمه عليه‌السلام بما يقرب من عقله.

ويحتمل أن يكون كناية عمّا ذكره بعض الأصحاب من علامات خروج القائم عليه‌السلام التي من جملتها طلوع الشمس من المغرب (٣) ، فأراد السائل الخوف من خروجه عليه‌السلام ولم يعلم ، فأزاح عليه‌السلام وهمه بأنّ مطلع الشمس معلوم. وفيه (٤) دلالة على ما قاله بعضهم من أنّ طلوع الشمس من المغرب كناية عن الإمام عليه‌السلام ؛ فإنّ ظهوره عليه‌السلام من المغرب في بعض الآثار (٥) ، وحينئذ حاصل الجواب دفع الحقيقة من مطلع الشمس ، ويحتمل غير ذلك ، لكنه في حيّز البعد ، والله تعالى أعلم بالحال.

__________________

(١) انظر الكافي ٢ : ٥٧ / ٢ ، ١ وكلمات المحقّقين خراجية فاضل القطيفي : ٢٤٦.

(٢) صحيح مسلم ٤ : ٢٢٢٥ / ٣٩.

(٣) انظر إرشاد المفيد ٢ : ٣٧١ ، روضة الواعظين : ٢٦٢.

(٤) في « فض » زيادة : حينئذ.

(٥) إلزام الناصب ٢ : ١٣٣ ـ ١٣٤.

٣٧٥
٣٧٦

فهرس الموضوعات

أبواب القبلة

من اشتبه عليه القبلة في يوم غيم ............................................ ٥

بحث حول اسماعيل بن عباد.................................................... ٦

خراش مهمل................................................................. ٧

بحث حول المراد بالإجماع على تصحيح ما يصح عن الرجل....................... ٧

بيان ما دل على أنّ من اشتبه عليه القبلة يصلّي لأربع جهات والجمع بينه وبين ما يعارضه ٨

من صلّى إلى غير القبلة ثم تبيّن‏بعد ذلك قبل انقضاء الوقت وبعده............... ١٤

بحث حول على بن الحسن الطاطرى........................................... ١٧

بحث حول محمد بن أبي حمزة................................................ ١٧

إشارة إلى حال ثعلبة بن ميمون والحجّال....................................... ١٧

القاسم بن الوليد المهمل..................................................... ١٧

بحث حول محمد بن الحصين................................................. ١٧

بيان ما دل على أنّ من استبان له أنّه صلّى إلى غير القبلة يعيد في الوقت دون خارجه مع الاجتهاد ١٨

٣٧٧

بيان ما دلّ على عدم الاعادة اذا كان الانحراف يميناً وشاملاً وأنّ ما بين المغرب والمشرق قبلة ٢١

بيان ما دلّ على أنّه إذا ثبت في الأثناء يستقبل................................. ٢٤

بحث حول محمد بن زياد.................................................... ٢٦

توجيه ما دل على لزوم الاعادة مع انقضاء الوقت أيضاً......................... ٢٨

بيان ما دلّ على أنّه لو علم في الأثناء يحوّل وجهه إن كان متوجّهاً إلى ما بين المشرق والمغرب ويقطع مع الاستدبار ٢٩

الصلاة في جوف الكعبة.................................................. ٣١

بحث حول أبي الحسين بن أبي جيد............................................ ٣٢

بيان ما دل على المنع من الصلاة في جوف الكعبة والجمع بينه وبين ما دل على الجواز ٣٣

أبواب الأذان والإقامة

الأذان والإقامة في صلاة المغرب‏و غيرها من الصلوات......................... ٣٦

الصباح بن سيّابة مهمل..................................................... ٣٧

إشارة إلى حال القاسم بن محمد الجوهري وعلي بن أبي حمزة البطائني وأبي بصير... ٣٧

الأقوال في وجوب الأذان والإقامة واستحبابهما................................. ٣٧

بيان ما دلّ على عدم وجوب الأذان والإقامة................................... ٣٨

توجيه ما دلّ بظاهره على الوجوب........................................... ٤٣

حكم الأذان والإقامة بالنسبة إلى النساء....................................... ٤٣

الكلام في حال الإقامة.................................................... ٤٤

عمرو بن أبى نصر ثقة....................................................... ٤٥

بحث حول محمد بن إسماعيل................................................. ٤٥

بحث حول صالح بن عقبة.................................................... ٤٦

أبو هارون المكفوف مذموم.................................................. ٤٦

٣٧٨

بيان ما دلّ على المنع من الكلام في الإقامة وبعدها.............................. ٤٦

إشارة إلى ضعف محمد بن سنان.............................................. ٤٨

الحسن بن شهاب مهمل..................................................... ٤٨

بحث حول الطريق إلى جعفر بن بشير ومن يروي عنه........................... ٤٨

بيان مادلّ على جواز التكلّم في الأذان والإقامة وبعدها وما دلّ على حرمته بعدها إلّا فيما يتعلّق بأحكام الصلاة ٥٠

الأذان جالسا أو راكبا.................................................... ٥٢

كلمة حول إطلاق « العبد الصالح »......................................... ٥٣

بحث حول محمد بن سنان................................................... ٥٣

أبو خالد القماط ثقة........................................................ ٥٣

حمدان أمره ملتبس.......................................................... ٥٤

بيان ما دلّ على عدم جواز الإقامة قاعداً أو راكباً.............................. ٥٤

من نسي الأذان والإقامة حتى صلّى أو دخل فيها............................. ٥٥

سلمة بن الخطاب ضعيف في حديثه........................................... ٥٦

إشارة إلى حال أبي جميلة..................................................... ٥٦

نعمان الرازي مهمل........................................................ ٥٦

بحث حول الراوي عن محمّد بن الحسين....................................... ٥٦

محمّد بن الفضيل مشترك.................................................... ٥٧

إشارة إلى جهالة علي بن السندي............................................. ٥٧

بيان ما دلّ على أنّ من نسي الأذان والإقامة ثم ذكر في أثناء الصلاة أو بعدها لا يعيدها ٥٧

دلالة الحديث على تخليط أبي بصير........................................... ٥٨

بحث حول سعيد الأعرج.................................................... ٦٠

إسحاق بن آدم مهمل....................................................... ٦١

الفضل بن حسان غير مذكور في الرجال...................................... ٦١

زكريا بن آدم ثقة........................................................... ٦١

٣٧٩

إشارة إلى حال الحسين بن أبي العلاء.......................................... ٦١

داود بن سرحان ثقة........................................................ ٦١

توجيه ما دل على أنّ من ذكر أنّه نسي الإقامة قبل فراغة من الصلاة يعيدها....... ٦١

بيان ما دلّ على أنّه إن ذكر قبل القراءة فليصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .................. ٦٢

بيان ما دلّ على أنّه إن ذكر في القراءة يسكت ويقول:« قد قامت الصلاة» مرّتين.. ٦٢

بيان ما دلّ على أنّه إن ذكر قبل القراءة فليسلّم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم يقيم............ ٦٣

الأقوال في مسألة ترك الأذان والإقامة تعمّداً أو نسياناً........................... ٦٤

عدد الفصول في الأذان والإقامة........................................... ٦٦

احتمال قبول رواية محمد بن عيسى إذا روى عن غير يونس..................... ٦٩

بحث حول أبان بن عثمان................................................... ٦٩

بحث حول إسماعيل الجعفي................................................... ٦٩

علي بن السندي مجهول..................................................... ٧٠

أبوبكر الحضرمي مجهول..................................................... ٧٠

كليب الأسدي في مدحه كلام............................................... ٧٠

توجيه ما دلّ على تثنية التكبير في أوّل الأذان.................................. ٧٠

تعيين المعطوف عليه في قول الشيخ : فضالة عن سيف وصفوان.................. ٧٣

أبو عبيدة الحذّاء ثقة......................................................... ٧٤

يزيد مولى الحكم مجهول الحال................................................ ٧٤

القاسم بن عروة مهمل...................................................... ٧٤

نعمان الرازي مهمل........................................................ ٧٤

توجيه ما دل على الأذان مثنى مثنى والإقامة واحدة واحدة....................... ٧٤

بيان ما دل على أنّ الأذان والإقامة يقصّران في السفر........................... ٧٥

أحمد بن الحسن مشترك..................................................... ٧٧

كلمة حول علي بن محمد.................................................... ٧٨

معنى التثويب............................................................... ٧٨

توجيه ما دلّ على استحباب التثويب.......................................... ٧٩

٣٨٠