إستقصاء الإعتبار - ج ٥

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-177
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٣٩٣

ممّا لا خلاف فيه بين أصحابنا ، وهل هو حينئذ أداء أو قضاء؟ حكم الشيخ وأتباعه بالقضاء ، وتردّد في ذلك العلاّمة في المنتهى ، من كون محلّه قبل الركوع وقد فات فتعيّن القضاء ، ومن كون الأحاديث لا تدل على كونه قضاء ، ثم رجّح أنّه قضاء (١). انتهى ملخصا.

وفي بعض الأخبار ما يدل على قضائه في الطريق مستقبل القبلة.

قوله :

باب أنّ التسليم ليس بفرض‌

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يصلّي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم قال : « تمّت صلاته ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في رجل صلّى الصبح فلمّا جلس في الركعتين قبل أن يتشهد رعف ، قال : « فليخرج فليغسل أنفه ثم ليرجع فليتم صلاته ، فإنّ آخر الصلاة التسليم ».

قوله عليه‌السلام : « آخر الصلاة التسليم » محمول على الفضل والكمال ، فأمّا إتمام الصلاة فلا بدّ منه ؛ لأنّ من تمامها الإتيان بالشهادتين والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما بيناه.

__________________

(١) انظر الحبل المتين : ٢٣٥.

٣٤١

السند :

في الأوّل : معلوم كما كرّرنا القول فيه (١). وكذلك الثاني (٢).

المتن :

في الأوّل : ربّما قيل إنّه ظاهر في أنّ التسليم ليس من الصلاة ؛ إذ الحدث في أثناء الصلاة مبطل لها بغير خلاف.

وأورد عليه بعض المعاصرين ـ سلمه الله ـ (٣) أنّ البطلان بغير خلاف إن كان لتخلل الحدث قبل استيفاء الأركان فمسلم لكن لا ينفعكم ، وإن أريد تخلله بعد استيفائها فالخلاف فيه مشهور ، والصدوق قائل بعدم البطلان به كما تضمّنه صحيحة زرارة وموثقته. انتهى (٤).

ولا يحضرني الآن كلام الصدوق والروايتان ، إلاّ أنّ الشيخ فيما سبق ادّعى الإجماع على بطلان الصلاة بالحدث قبل إكمال الشهادتين (٥). وللسيّد المرتضى خلاف في بعض الأحداث الواقعة في أثناء الصلاة ، حيث حكم بالوضوء والبناء ، كما يأتي (٦). وإن ادّعى الشيخ في التهذيب الإجماع على البطلان فيما عدا المتيمم إذا أحدث ووجد الماء (٧).

__________________

(١) راجع ج ١ : ٥٧ ، ٧٠ ، ١٨٣ ، ٣٩٨.

(٢) راجع ج ١ : ٧٠ ، ٧١ ، ٧٣ ، ١١٠.

(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من « م ».

(٤) البهائي في الحبل المتين : ٢٥٧.

(٥) راجع ص ٣٢٦.

(٦) انظر ج ٦ : ٣٧٨ و ٣٨٥.

(٧) التهذيب ١ : ٢٠٥.

٣٤٢

ومن هنا يعلم أنّ التسليم (١) لصورة تخلل الحدث قبل استيفاء الأركان غير واضح ، هذا.

وأمّا دلالته على الاستحباب فقد ادّعاها القائلون به ، واستشكله بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ بأنّه إنّما يدل على أنّ التسليم ليس جزءا من الصلاة ، وهو لا يستلزم المطلوب ، فإنّ كونه واجبا خارجا عنها ـ كما ذكره بعضهم ودلت عليه الأحاديث الكثيرة ـ محتمل (٢).

وفي الظن أنّ التكلف في هذا ظاهر ، أمّا أوّلا : فلأنّ الحكم بالوجوب إن كان من ورود الأمر به في كثير من الأخبار مثل خبر زرارة السابق في القضاء المشتمل على ذكر الفوائت متحدة ومتعددة حيث قال فيه : « ثم سلّم » (٣). والرواية الواردة في صلاة الخوف المشتملة على قوله : « ثم يسلّم » (٤) والرواية الواردة في الشك بين الأربع والخمس المتضمنة لقوله عليه‌السلام : « فتشهد وسلّم » (٥) وغير ذلك.

ففيه أوّلا : أنّ الأوامر الشرعية في إثبات كونها حقيقة في الوجوب كلام يعرف ممّا ذكرناه في أصول المعالم.

وثانيا : بتقدير التسليم ، المعارض موجود ، وقد مضى بعضه في التشهد ، حيث قال عليه‌السلام في خبر محمّد بن مسلم : « فقل أشهد أن لا إله إلاّ الله » ‌

__________________

(١) في « فض » و « رض » : التيمم.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ٢٥٧.

(٣) راجع ص ٣٢٢.

(٤) الاستبصار ١ : ٤٥٥ / ١٧٦٦ ، الوسائل ٨ : ٤٣٦ أبواب صلاة الخوف والمطاردة ب ٢ ح ٤.

(٥) الاستبصار ١ : ٣٨٠ / ١٤٤١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٤.

٣٤٣

إلى أن قال : « ثم تنصرف » (١) وغيره من الأخبار ، والحمل على أنّ الانصراف يراد به السلام في غاية البعد ، وإن ورد في بعض الأخبار بقرينة لا يكون مع الإطلاق كذلك.

وأمّا ثانيا : فلأنّ التزام وجوبه والخروج عن الصلاة ليس بأولى من الاستحباب المتأيّد بالأصل المحتاج الخروج عنه إلى انتفاء المعارض ، وانتفاؤه في غاية الإشكال.

والمداومة المذكورة في كلام بعض (٢) للاستدلال على الوجوب منقوضة بالمداومة على المستحب ، كرفع اليدين بتكبيرة الإحرام ، وفعله عليه‌السلام مع قوله : « صلّوا » إلى آخره. فيه ما لا يخفى ، وكذلك التأسّي.

أمّا حديث : « مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم » (٣) ففيه عدم وضوح الدلالة ؛ إذ كونه محلّلا لا يفيد الوجوب ، كما أنّ قوله : مفتاحها الطهور ، لا يفيده ، إلاّ أن يقال : إنّ الإفادة حاصلة في الأمرين ، وإنّما خرج الطهور بالدليل.

فإن قلت : ما وجه القول في الطهور مع أنّه لا بدّ فيه في الصلاة؟

قلت : لو جعل قوله عليه‌السلام : « تحليلها التسليم » ( دالاّ على وجوب التسليم من حيث الحصر كما قرّره جماعة ، والمعنى أنّ تحليلها محصور في التسليم ) (٤) فلو حصل بغيره لم يتم الحصر ، وإذا انحصر فيه كان‌

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩ ، الوسائل ٦ : ٣٩٧ أبواب التشهد ب ٤ ح ٤.

(٢) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٢٣٣.

(٣) الكافي ٣ : ٦٩ / ٢ ، الفقيه ١ : ٢٣ / ٦٨ ، الوسائل ١ : ٣٦٦ أبواب الوضوء ب ١ ح ٤ ، وفي الجميع : افتتاح الصلاة الوضوء. وفي سنن البيهقي ٢ : ١٧٣ أورد الحديث كما في المتن.

(٤) ما بين القوسين ليس في « فض ».

٣٤٤

واجبا ، لزم مثله في مفتاحها الطهور ؛ إذ الدلالة واحدة ، مع أنّ الطهور لا يشترط فيه أن يكون واجبا بل لو وقع مستحبا أجزأ على ما حقق في محل آخر.

نعم ربّما يقال : إنّ الاستحباب لا ينافي الشرطية بالنسبة إلى الطهور ، بل قد يقال : إنّه واجب شرطي ، والسلام كذلك على معنى أنّه شرط في الخروج وإن لم يكن واجبا بالمعنى المعروف ، لكن لم أر من صرّح به.

والحقّ أنّ الخبر المذكور على تقدير إفادته الحصر لا مانع من كونه إضافيا بعد وجود الدليل ، كالخبر السابق الدال على أنّ بعد فعل الشهادتين تمّت الصلاة ، والدال على أنّ الانصراف يتحقّق بالفراغ من التشهد ، وحينئذ يراد بتحليل التسليم بيان الفرد الكامل كما يأتي من الشيخ ما يدل عليه.

وما قاله بعض الأصحاب : من عدم ثبوت الخبر سندا (١) ، فيه نظر ؛ لأنّ مثل ( السيّد إذا احتجّ به ) (٢) (٣) فهو أبلغ من الصحيح المشهور : لما يعلم من مذهب السيّد.

ولا يبعد أن يكون في الخبر دلالة على نفي خروج التسليم عن الصلاة وجوبا أو استحبابا إلاّ بتكلّف ، وسيأتي الكلام فيما دلّ على أنّ التسليم آخر الصلاة (٤).

أمّا ما قاله بعض الأصحاب : من معلومية عدم حصر المحلّل فيه ، إذ لا شك أنّ جميع منافيات الصلاة محلّلة ، غاية الأمر أنّها لا تجوز فيها ،

__________________

(١) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٨٢.

(٢) بدل ما بين القوسين في « م » : المسند إذا اجتمع به.

(٣) حكاه عنه في المختلف ٢ : ١٩٢.

(٤) انظر ص ٣٤٨.

٣٤٥

ويحتمل كونه كذلك على سبيل الاستحباب (١). ففيه أنّ إطلاق التحليل على غير التسليم محل تأمّل.

أمّا الأمر في خبر حمّاد بقوله : « هكذا صلّ » مع وقوع التسليم فيه ، ففيه ما قدّمناه في الأمر ، على أنّ السلام ليس في الفقيه (٢) والطريق فيه صحيح ، وغيره الموجود فيه السلام (٣) حسن.

وممّا استدل به على الوجوب : بطلان الصلاة بزيادة ركعة أو أكثر عمدا أو سهوا ، وبطلان صلاة المسافر تماما عمدا ، مع أنّ التشهد إذا وقع وكان التسليم مستحبا ينبغي عدم الإبطال.

والجواب عن هذا بأنّ الخروج لا يتحقّق إلاّ بنيّته أو السلام أو فعل المنافي ، ففيه طلب الدليل على هذا ، بل ربّما يقال : إنّ الواجب أحدها تخييرا.

ولعلّ الأولى الجواب بأنّ التشهد إذا فرغ منه يتحقّق الخروج ما لم يقصد عدمه.

وما قد يقال : من أنّ هذا مطلوب الدليل أيضا ، يمكن الجواب بأنّ ما دلّ على البطلان في الصور المذكورة وما دلّ على ( عدم ) (٤) وجوب التسليم يقتضي ذلك ، والقائل بالوجوب وأنّه خارج عن الصلاة لا بدّ له من المفرّ عن الإشكال بالبطلان مع الزيادة في الصور المذكورة.

والعجب من بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ أنّه ذكر في حجة‌

__________________

(١) انظر مجمع الفائدة ٢ : ٢٨٣.

(٢) الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، الوسائل ٥ : ٤٥٩ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٦١ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٢ ، وهو حسن لاشتماله على إبراهيم بن هاشم.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٣٤٦

الوجوب إعادة المسافر إذا صلّى أربعا ، ثم قال : والحمل على ما إذا نوى الأربع ابتداء ، فالفساد سابق لا لاحق بعيد ؛ لإطلاق الحديث. ثم ذكر في جواب ( حجة الاستحباب بالخبر ) (١) المبحوث عنه احتمال (٢) الوجوب والخروج عن الصلاة (٣) ، والحال أنّ اللازم مشترك.

ثمّ إنّ إطلاق النص لا ينافي كون البطلان بالسابق لا اللاحق ، بل الإطلاق يحقق المطلوب.

أمّا الاستدلال بالآية أعني قوله تعالى ( وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٤) ففيه : أنّ احتمال الانقياد من التسليم ينافي الاستدلال.

وللعلاّمة في المختلف كلام في الاستدلال بحديث « تحليها التسليم » (٥) موضع نظر.

( نعم سيأتي (٦) في صلاة الخوف حديث ربّما يدل على وجوب التسليم ، وسنذكر الجواب عنه ) (٧).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر المبحوث عنه يمكن أن يحمل الجلوس فيه على التشهد ، واستعمال الجلوس في التشهد شائع في الأخبار كما يعلمه من اطلع عليها ، فلا يتوجه على الشيخ ما هو ظاهر ، لكن العجب من الشيخ أنّه اعتمد هنا على أنّ الجلوس هو التشهد ، وفيما يأتي من مسألة‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : الاستحباب في الخبر.

(٢) في « فض » : باحتمال.

(٣) البهائي في الحبل المتين : ٢٥٥ ، ٢٥٧.

(٤) الأحزاب : ٥٦.

(٥) المختلف ٢ : ١٩٤.

(٦) انظر ج ٧ : ٣٢٤.

(٧) ما بين القوسين ليس في « م ».

٣٤٧

من زاد ركعة وجلس عقيب الرابعة اعتمد على مجرّد الجلوس كما نقل عنه (١) ، وسيأتي إن شاء الله بيان ما لا بدّ منه (٢).

وأمّا الثاني : فقد يقال فيه : إنّ آخر الشي‌ء قد يدخل فيه وقد لا يدخل كما يعرف من العرف وكلام أهل الأصول أيضا ، وحينئذ لا يدل الخبر على أنّ التسليم داخل ، ولو سلّم إرادة الدخول لا يدل على الوجوب أيضا ؛ لجواز تركب الصلاة من واجب وندب.

وقد ذكر بعض الأصحاب أنّ كلام الشيخ يشعر بأنّ الخروج بغير التسليم ( يعني بالشهادتين ، لكن التسليم ) (٣) من تمامها (٤). والأمر كذلك ، إلاّ أن [ كلامه محتمل لأن يريد ] (٥) أنّ مفهوم الخبر عدم تحقق الخروج ( إلاّ ) (٦) بالتسليم ، فيكون على جهة الفضل ، والظاهر من الخبر ذلك ، إلاّ أنّ السؤال لمّا كان عمّا وقع قبل التشهد يحتمل أن يكون عليه‌السلام أراد أنّ التشهد ليس هو الآخر بل الآخر التسليم ، على معنى أنّ منتهى الأفعال إلى التسليم ، لا منتهى الأفعال التسليم ، كما يدل عليه حكم التشهد.

والحقّ أنّ الخبر لو عمل به كان له دلالة على الوجوب في الجملة ، لكن المعارض اقتضى ما ذكره الشيخ ، والقائلون بأنّ التسليم خارج يضر‌

__________________

(١) انظر ج ٦ : ٢٠٤.

(٢) انظر ج ٦ : ٢٠٥ ـ ٢٠٩.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) انظر مجمع الفائدة ٢ : ٢٨٥.

(٥) ما بين المعقوفين في « فض » : كلام مجمل لأن يريد. وفي « رض » : كلامه يحمل لأن يريد. وفي « م » ما يمكن أن يقرأ : كلام مجمل لا يزيد. ولعل الأنسب ما أثبتناه.

(٦) ما بين القوسين ليس في « م ».

٣٤٨

الخبر باستدلالهم ، فليتأمّل.

بقي في المقام شي‌ء ، وهو أنّ جدّي قدس‌سره ( ذكر في مواضع ) (١) أنّ قصد الوجوب بالتسليم لا يضر بالحال ، لأنّه خارج عن الصلاة (٢) ، وأراد بهذا بيان الاحتياط في قصد الوجوب.

واعترض عليه شيخنا قدس‌سره بأنّ قصد الوجوب ممن لا يعتقد الوجوب لا وجه له ؛ إذ النيّة من باب التصديق لا التصور (٣).

وفيه : أنّ هذا يدفع الاحتياط المطلوب في الأحكام ، ولا مانع من مجرد التصور في النيّة.

نعم ربّما يقال : إنّ قصد الرجحان المطلق أولى ؛ لأنّ فيه جمعا بين الوجوب والاستحباب في الجملة.

وقد ينظر فيه : بأنّ الفعل إذا لم يتم إلاّ به يكون واجبا فيلزم أنّ مطلق الرجحان واجب ، ويرجع حينئذ إلى قصد الوجوب.

ويمكن الجواب بأنّ الوجوب هنا غير الوجوب الأوّل ، بل هذا من باب المقدمة.

وقد ذكر بعض الأصحاب في الفرق بين الواجب أصالة والواجب من باب المقدمة أن الأوّل يتوقف على النيّة دون الثاني (٤).

وربّما يقال : إنّ وجوب الأصل ـ ليتفرع عليه وجوب المقدمة ـ محل تأمّل ؛ لأنّ التكليف فرع المعلومية ، وتعارض الأدلة يقتضي عدم وجوب‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « م » ، وكلمة : في مواضع ، ساقطة عن « رض ».

(٢) روض الجنان : ٢٨١.

(٣) المدارك ٣ : ٤٣٨.

(٤) كما في المدارك : ٢٧.

٣٤٩

التسليم المقتضي لعدم التكليف ، إذ الأصل العدم.

فإن قلت : التكليف بالعبادة ضروري ، وتعيّن البراءة موقوف على التسليم ؛ إذ بدونه يحتمل عدم البراءة.

قلت : ضرورية التكليف بالصلاة مسلّم ، لكن بكل جزء من أجزائها غير مسلّم ، والامتثال يتحقق بما ثبت وجوبه ، ووجوب ما لم يعلم يتوقف على الدليل.

فإن قلت : المستفاد من الأخبار [ تحقق ] (١) التكليف بالتسليم ، غاية الأمر أنّ الاشتباه في الوجوب والندب ، وإذا تحقق التكليف لزم فعل ما يتحقق به سقوط التكليف.

قلت : التكليف حينئذ محل كلام ؛ لأنّ الفعل إذا لم يتعين وجوبا أو استحبابا لا نسلّم التكليف به لزوما ، إلاّ أن يقال : إنّ التكليف بمطلق الرجحان واللازم فعله ، وأمّا الوجوب فأمر زائد.

وما عساه يقال : إنّه يكفي في سقوط يقين التكليف فعل الصلاة بالواجب (٢) المحقق ولا يحتاج إلى يقين البراءة.

ففيه : أنّا قدّمنا (٣) كلاما في مثل هذا ، والحاصل أنّ سقوط يقين اشتغال الذمّة لا يكفي ، بل لا بدّ من فعل ما أعدّه الشارع.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما نقلناه عن جدّي قدس‌سره من أنّ التسليم خارج. هو أوّل المدّعى ، وكأنّه قدس‌سره نظر إلى بعض الأخبار الدال على أنّ فعل الشهادتين تتم به الصلاة ، وأنّ الحدث لا يضرّ بين التشهد والتسليم ،

__________________

(١) في النسخ : يتحقق ، والأنسب ما أثبتناه.

(٢) في « فض » : بالوجه.

(٣) راجع ص ٣٤٨ ـ ٣٤٩.

٣٥٠

لكن لا يخفى أنّ ما دلّ على البطلان بزيادة الركعة ينافي خروج التسليم ، فلا بدّ من أن يقال باحتمال البطلان لقصد عدم الخروج كما سبق ، وإن كان يخطر في البال الآن أنّ اللازم صحة الصلاة مع الزيادة لو وقعت من غير قصد عدم الخروج ، والنص مطلق ، إلاّ أن يقال : إنّ مجرد القيام للخامسة ونحوها هو قصد عدم الخروج أو لازمه قصد عدم الخروج.

ولعلّ الأولى أن يقال : الموجب قصد عدم الخروج أو ما أشبهه مع فعل الزيادة.

وما قاله بعض (١) ـ وأظن جدّي قدس‌سره وافقه (٢) ـ من اعتبار قصد الخروج من الصلاة وإن قلنا بندبية التسليم ، ففيه : أنّ الدليل عليه لم نعلمه ، فإن كان من حكم الزيادة استفيد ذلك أمكن أن يقال : إنّ اللازم من الزيادة كون قصد عدم الخروج هو الموجب للبطلان أو ما أشبهه مع فعل الزيادة.

وما عساه يقال : إنّ فعل الزيادة إمّا أن يكون جزء السبب للبطلان أو لا ، فإن كان جزءا لزم أنّه لو حصلت الغفلة من دون زيادة لا تبطل الصلاة ، وإن لم يكن جزءا كان ذكره في البطلان لا فائدة له.

يمكن الجواب عنه : بأنّه جزء أو شرط ، ولزوم عدم البطلان لا مانع منه.

فإن قلت : يجوز أن يكون المبطل هو الزيادة وإن كانت قبل التسليم ، وليس هذا من قسم الزيادة في الصلاة ليلزم كون التسليم جزءا ، بل يجوز أن يكون الإبطال من الإتيان بصورة صلاة غير شرعية. وما عساه يقال : إنّ الإتيان بصورة الصلاة لو كان مبطلا لزم أنّ من سلّم أو خرج من الصلاة بغيره ولم يظهر منه ذلك وزاد ركعة تبطل صلاته. يمكن الجواب عنه : بأنّ‌

__________________

(١) كالعلاّمة في الإرشاد ١ : ٢٥٦ ، وحكاه عنه في روض الجنان : ٢٨١.

(٢) روض الجنان : ٢٨١.

٣٥١

المطلوب توجيه ما جعله الشارع مبطلا ، لا أنّ كل صورة لم تقع مشروعة بأيّ وجه كان تبطل.

قلت : هذا في غاية البعد عن قوانين الأحكام ، نعم ربّما يقال بتقدير استحباب التسليم إنّ له تعلقا بالكيفية ؛ لجواز تركب الصلاة من واجب وندب ، مثل السلام على النبي بعد التشهد ونحوه ، وحينئذ لو وقعت الزيادة أمكن كونها في الأثناء بهذا المعنى.

لكن لا يخفى أنّ هذا توجيه للنص ، فالأولى أن يقال : إنّ التسليم لو كان مستحبا لا مانع من حكم الشارع بالبطلان قبله إذا لم يفعل المصلّي شيئا من المخرجات غيره. ولزوم كون الواجب السلام أو غيره على وجه التخيير ، يمكن دفعه بأنّ المطلوب عن فعل المخرج لا لأجل وجوب الخروج ، بل لأنّ الزيادة في الصلاة من دون الخروج مبطلة فلا يكون الخروج واجبا على الإطلاق.

وفي الحقيقة هذا من قبيل تعليق الحكم على شي‌ء في وقت من الأوقات ، فلا يكون الوجوب مشروطا دائما ولا مطلقا كذلك. وتوضيح الحال أنّ الشارع جعل الزيادة مبطلة إذا لم يقصد الخروج أو يخرج بشي‌ء من المنافيات ، فلو اتفق انتفاء أحد هذه المذكورات وحصلت الزيادة تحقّق البطلان ، ( لا أنّ ) (١) الشارع جعل قصد الخروج ونحوه واجبا دائما ، فلو تحققت الزيادة مع عدم نيّة الخروج ولو على سبيل الاتفاق أبطلت (٢). فليتأمّل هذا فإنّي لم أجده موضحا في كلام أحد من الأصحاب ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

__________________

(١) في « م » : لأن.

(٢) في « م » زيادة : لا أن نية الخروج لا بد منها.

٣٥٢

قوله :

باب كيفية التسليم‌

أخبرني أبو الحسين بن أبي جيد القمّي ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم الخزاز ، عن عبد الحميد بن عواض ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن كنت تؤمّ قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك ، وإن كنت مع إمام فتسليمتين ، وإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة ».

عنه ، عن صفوان ، عن منصور قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « الإمام يسلّم واحدة ، ومن وراءه يسلّم اثنتين ، فإن لم يكن عن شماله أحد يسلّم واحدة ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسين ، عن ابن مسكان ، عن عنبسة بن مصعب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يقوم في الصف خلف الإمام وليس على يساره أحد كيف يسلّم؟ قال : « تسليمة واحدة عن يمينه ».

فامّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم ومعمر بن يحيى وإسماعيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « يسلّم تسليمة واحدة إماما كان أو غيره ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على أنّه إذا كان المأموم ليس على يساره أحد على ما فصّله في رواية منصور بن حازم وعنبسة بن مصعب ، ويزيد ذلك بياناً :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن‌

٣٥٣

مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا كنت إماما فإنّما التسليم أن تسلّم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ، ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام عليكم (١) ، وكذلك إذا كنت وحدك تقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين مثل ما سلّمت وأنت إمام ، فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت وسلّم على من على يمينك وشمالك ، فإن لم يكن على شمالك أحد فسلّم على الذين على يمينك ولا تدع التسليم على يمينك إن لم يكن على شمالك أحد ».

السند‌

في الأوّل : معلوم الحال ممّا تقدم (٢) ، وإبراهيم الخزاز فيه أبو أيوب إبراهيم بن عيسى أو ابن عثمان. وعبد الحميد ثقة.

والثاني : ضمير « عنه » فيه للحسين بن سعيد. ومنصور هو ابن حازم ، لتصريح الشيخ به فيما بعد (٣).

والثالث : حسين فيه ابن عثمان ، لتكرره في الأخبار (٤). وأمّا عنبسة فقد مضى فيه القول مفصّلا (٥) ، والحاصل أنّه مهمل في كتاب الشيخ (٦) ،

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٤٧ / ١٣٠٧ زيادة : ورحمة الله وبركاته.

(٢) في « رض » : فيما تقدم ، وعلي أي حال فإنّه قد تقدّم في ج ١ : ٤١ ، ٧٠ ، وج ٢ : ٤٢٨.

(٣) أي في ذيل الحديث الرابع ، راجع ص ٣٥٣.

(٤) راجع ج ١ : ١٨٥.

(٥) راجع ج ٢ : ١٧٨.

(٦) رجال الطوسي : ٢٦١ / ٦٣٣.

٣٥٤

وفي الكشي عن حمدويه أنّه ناووسي واقفي (١).

والرابع : واضح ، وإسماعيل فيه اشتراك (٢) لا يضر بالحال.

والخامس : حاله غير خفي بمحمد بن سنان وأبي بصير.

المتن :

في الأوّل : دال على أنّ الإمام يسلّم واحدة عن يمينه ، والمأموم يسلّم تسليمتين ، والمنفرد واحدة مستقبل القبلة.

والثاني : مقتضاه تسليمة واحدة للإمام على الإطلاق وتقييده بالأوّل ممكن ، كما أنّ تقييد الأوّل من جهة التسليمتين للمأموم بما إذا كان على شماله أحد كذلك.

والثالث : يؤيّد الثاني في المأموم.

والرابع : ظاهره الاكتفاء بالواحدة للجميع ، وحمل الشيخ له وجه. ويحتمل أن يراد بالتسليمة : الواحدة في الكيفية لا في الكمية ، وفيه بعد. كما أنّ احتمال أنّ الواجب واحدة على القول بالوجوب ممكن.

والخامس : كما ترى يدل على أنّ المنفرد والإمام يسلّم واحدة ، لكن مضى في الثاني أنّ المنفرد يسلّم مستقبل القبلة والإمام عن يمينه ، وهذا يقتضي أنّ كلاّ من الإمام والمنفرد يسلّم مستقبل القبلة. وما تضمنه آخره من قوله « فسلّم على الذين عن يمينك » يدل على اعتبار وجود أحد عن يمينه ، وقوله : « لا تدع » إلى آخره. في الظن أنّ لفظ « شمالك » ينبغي عوضه « يمينك » كما لا يخفى ، ويحتمل توجيهه بأنّ التسليم على الشمال موقوف‌

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٦٥٩ / ٦٧٦.

(٢) انظر هداية المحدثين : ١٨.

٣٥٥

على وجود أحد ( بخلاف اليمين فإنّ التسليم لا يتوقف على وجود أحد على الشمال ، أمّا توقفه على وجود أحد ) (١) على اليمين فمسكوت عنه ، مع احتمال فهم العدم منه ، وستسمع الأقوال في المقام (٢).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ من المهم الكلام هنا في مقامين :

الأوّل : في تعيين المخرج من الصلاة ، فالمنقول عن المحقق في المعتبر دعوى الإجماع على الخروج بالسلام عليكم ورحمة الله (٣) ، واستدل عليه برواية علي بن جعفر المروية ( في التهذيب ) (٤) صحيحا قال : رأيت إخوتي موسى وإسحاق ومحمّد بني جعفر عليهم‌السلام يسلّمون في الصلاة على اليمين والشمال : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله (٥).

ونقل عن المنتهى أنّه لا خلاف في عدم وجوب ضم « وبركاته » (٦) ( وجواز إسقاط « ورحمة الله » منقول ) (٧).

وأمّا « السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » فقيل : إنّ أكثر القائلين بوجوب التسليم لا يجعلونها مخرجة ، بل هي من التشهد (٨). وذهب جماعة إلى التخيير في الخروج بين الصيغتين (٩).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٢) في ص ٣٥٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٣٥.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض » و « م ».

(٥) التهذيب ٢ : ٣١٧ / ١٢٩٧ ، الوسائل ٦ : ٤١٩ أبواب التسليم ب ٢ ح ٢.

(٦) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٢ : ٢٨٨ وهو في المنتهى ٥ : ٢٠٥.

(٧) بدل ما بين القوسين في « م » : وعن جواز إسقاط ورحمة الله منقول عن غير أبي الصلاح.

(٨) انظر المدارك ٣ : ٤٣٤ ، والحبل المتين : ٢٥٣.

(٩) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٢٣٤ ، العلاّمة في نهاية الإحكام ١ : ٥٠٤.

٣٥٦

والشهيد رحمه‌الله في الذكرى أنكر التخيير قائلا : إنّه قول حدث من زمن المحقق وقبله بيسير (١).

وفي البيان : إنّ العبارة الثانية لم يوجبها أحد من القدماء ، وإنّ القائل بوجوب التسليم يجعلها مستحبة كالتسليم على الأنبياء والملائكة ، غير مخرجة من الصلاة ، والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة (٢). وفي الرسالة قال بالتخيير (٣). وقد نبّه جدّي قدس‌سره في الروضة على اضطرابه في المسألة (٤).

والأخبار الموجودة فيما وقفت عليه بالسلام عليكم هي ما مضى عن علي بن جعفر ، والخبر الأخير هنا المتضمن لقوله : « ثم تؤذن القوم » والخبر الحسن في الكافي في باب الأذان المتضمن للمعراج (٥) ، وما نقله في المنتهى عن جامع البزنطي ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن تسليم الإمام وهو مستقبل القبلة قال : « يقول : السلام عليكم » (٦). وادّعى بعض الأصحاب تبادر السلام إليه (٧).

وقد يقال : إنّ خبر علي بن جعفر يؤذن بالتقية من حيث تضمنه اليمين والشمال ، إلاّ أن يتكلف التوجيه بما قرب من الجهتين ، ومنافاته لما دلّ على وحدة سلام الإمام يمكن دفعها بالاختلاف في الفضل ، وفي الظن‌

__________________

(١) الذكرى : ٢٠٧.

(٢) البيان : ١٧٧.

(٣) الألفية : ٦٠.

(٤) الروضة البهية ١ : ٢٧٨.

(٥) الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٥ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٠.

(٦) المنتهى ١ : ٢٩٦.

(٧) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٨٨.

٣٥٧

أنّ رائحة التقيّة تشمّ منه ، وقد رووا من طرقهم أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يسلّم عن يمينه وشماله : « السلام عليكم السلام عليكم » (١).

أمّا خبر الكافي فلا ارتياب فيه ، ودلالته على عدم تقديم السلام علينا عليه لها نوع ظهور كما يعلم من مراجعته ، وقد أوضحت الحال في رسالة مفردة.

أمّا السلام علينا فالأخبار المعتبرة بعضها دالّ على أنّه قاطع للصلاة (٢) ، وفيه نوع منافاة لكونه من المستحبات في التشهد ، وبعضها صريح في العود لأهل الخلاف (٣) ، حيث تضمن أنّ شيئين يفسد الناس بهما صلاتهم : قول الرجل ( تَعالى جَدُّ رَبِّنا ) إلى أن قال : وقولهم : السلام علينا. وهذا كما ترى يدل على ما يقولونه في تشهدهم من السلام علينا قبل التشهد. ومن ثم أتى به بلفظ يفسد إذ لا يستعمل في المخرج ، وجميع هذا ذكرته فيما أشرت إليه.

أمّا خبر أبي بصير فلا يخفى أن الاعتماد عليه مشكل.

وفي رواية ابن مسكان وأبي كهمش عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الركعتين الأوّلتين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، انصراف هو؟ قال : « لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف » (٤) وهذا كما ترى يؤذن بما قلناه ، فإنّ أهل الخلاف يقولون في التشهد الأوّل : السلام عليك أيها النبي‌

__________________

(١) سنن البيهقي ٢ : ١٧٨ ، كنز العمال ٨ : ١٥٩ / ٢٢٣٨٠.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، الوسائل ٦ : ٤٢١ أبواب التسليم ب ٢ ح ٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٠ ، الوسائل ٦ : ٤٠٩ أبواب التشهد ب ١٢ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٢ ، الوسائل ٦ : ٤٢٦ أبواب التسليم ب ٤ ح ٢.

٣٥٨

والسلام علينا (١) ، وكأنّ السائل أراد بيان ما يبطل الصلاة منهما على تقدير وقوعه ، والجواب كما ترى يدل على أنّ الثاني انصراف ، ولو حمل على التشهد الأخير لم يكن مطابقا للسؤال لتضمّنه الركعتين الأوّلتين.

وينقل عن النهاية دعوى الإجماع على عدم الخروج بالسلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ، وقد تقدم ( في باب الأذان ) (٣) ما قد يدل على أنّه مخرج لمن نسي الأذان والإقامة (٤) ، وذكرنا ما فيه.

وينقل عن الذكرى الإجماع على عدم وجوب الصيغتين معا (٥).

وينبغي أن يعلم أنّ الفاضل يحيى بن سعيد نقل عنه القول بتعين السلام علينا (٦). وعن الشيخ في المبسوط أنّه أوجب السلام عليكم وجعلها آخر الصلاة (٧).

وما قاله بعض الأصحاب من أنّ الاحتياط في الجمع بين الصيغتين خروجا من الخلاف (٨) ، مشكل ؛ لاحتمال بطلان الصلاة لو قدّم السلام علينا عند القائل بتعين السلام عليكم وبطلانها أيضا لو قدّم السلام عليكم عند من أوجب السلام علينا ولعلّ تقديم السلام عليكم أقرب إلى الاحتياط ، ووجهه يعلم ممّا تقدم.

__________________

(١) انظر المغني ١ : ٦٠٨.

(٢) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٢ : ٢٨٩ ، وانظر نهاية الأحكام ١ : ٥٠٤.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) راجع ص ٦٢ ـ ٦٣.

(٥) الذكرى : ٢٠٨.

(٦) نقله عنه في مجمع الفائدة ٢ : ٢٩١. وهو في الجامع للشرائع : ٨٤.

(٧) حكاه عنه في الذكرى : ٢٠٧ ، وانظر المبسوط ١ : ١١٦.

(٨) كالشهيد في الذكرى : ٢٠٨.

٣٥٩

المقام الثاني : قد عرفت مفاد الأخبار في كيفية التسليم ، والمذكور في عبارات بعض الأصحاب أنّ الإمام والمأموم يسلّمان واحدة ، لكن الإمام يومئ فيها بصفحة وجهه إلى يمينه ، والمنفرد يستقبل القبلة بها ويومئ بمؤخّر عينه إلى يمينه ، وأمّا المأموم فإن لم يكن على يساره أحد يسلّم واحدة مومئا بصفحة وجهه إلى يساره (١). واستفادة هذا من الأخبار في غاية البعد ، بل الظاهر انتفاؤه.

ثم إنّ الظاهر من « الأحد » في بعض الأخبار المذكورة الإنسان ، والشيخ صرّح به في التهذيب (٢).

وقد حصل التردّد في وجوب الردّ فاحتمل بعض العدم ؛ للأصل ، وعدم التسمية (٣) تحية ، بل هو إيذان كما يدل عليه الخبر الأخير (٤) ، واحتمل بعض الوجوب ؛ للعموم (٥).

وفي الفقيه : ثم تسلّم وأنت مستقبل القبلة وتميل بعينك إلى يمينك إن كنت إماما ، وإن صلّيت وحدك قلت : « السلام عليكم » مرّة واحدة وأنت مستقبل القبلة وتميل بأنفك إلى يمينك ، وإن كنت خلف إمام تأتمّ به فسلّم تجاه القبلة واحدة ردّا على الإمام ، وتسلّم على يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة إلاّ أن لا يكون على يسارك إنسان فلا تسلّم على يسارك ، إلاّ أن تكون بجنب الحائط فتسلّم على يسارك ، ولا تدع التسليم على يمينك كان‌

__________________

(١) انظر النهاية : ٧٢ ، المنتهى ١ : ٢٩٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٢.

(٣) في « م » : التشهد.

(٤) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٩٤.

(٥) كالشهيد في الذكرى : ٢٠٨.

٣٦٠