إستقصاء الإعتبار - ج ٥

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-177
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٣٩٣

والثالث : لا ارتياب فيه بعد ما قدّمناه في محمّد بن أبي حمزة (١).

والرابع : أبو جعفر فيه أحمد بن محمّد بن عيسى على ما مضى القول فيه (٢).

ثم إنّ الضمائر كلّها في الأخبار عائدة إلى سعد بن عبد الله كما هو واضح.

المتن (٣) :

نقل العلاّمة في المختلف عن الشيخ في المبسوط أنّه قال : التسبيح في الركوع أو ما يقوم مقامه من الذكر واجب تبطل الصلاة بتركه متعمّدا ، والذكر في السجود فريضة من تركه متعمّدا بطلت صلاته ؛ وفي الخلاف : التسبيح في الركوع والسجود واجب ؛ وفي النهاية : وأقلّ ما يجزئ من التسبيح في الركوع تسبيحة واحدة وهو أن يقول : سبحان ربّي العظيم وبحمده وأقلّ ما يجزئ من التسبيح في السجود أن يقول : سبحان ربي الأعلى وبحمده قال العلاّمة : فجعل التسبيح بعينه واجبا فيهما ، وقال المرتضى نحوه ، وأوجب أبو الصلاح التسبيح ثلاث مرّات على المختار ، وتسبيحة واحدة على المضطرّ ، أفضله « سبحان ربي العظيم وبحمده » ويجوز سبحان الله وكذا أوجبه في السجود ، وكذا أوجب ابن البرّاج التسبيح فيهما ، وهو الظاهر من كلام ابن بابويه والمفيد وسلاّر وابن حمزة وابن الجنيد.

إذا عرفت هذا فالخبر الأوّل ذكر العلاّمة أنّهم احتجّوا به ، والظاهر منه‌

__________________

(١) في ج ١ : ١٤٦.

(٢) في ج ١ : ٩٥.

(٣) في « م » زيادة : في الأوّل.

٢٠١

أنّه لتعين التسبيح ، حيث اختار هو مطلق الذكر أوّلا وإن كان الإجمال واقعا في اللفظ.

ثم إنّه وجّه الاحتجاج بوجهين :

أحدهما : أنّه عليه‌السلام بيّن الواجب وخصّه بالتسبيح.

الثاني : قوله عليه‌السلام : « الفرض (١) من ذلك تسبيحة » وهو نصّ في الباب ، ثم ذكر الاحتجاج بالثاني قائلا : إنّ الإجزاء إنّما يطلق في الواجب المأتيّ به على وجهه ، ثم قال : ونحوه ما رواه علي بن يقطين.

وأجاب عن الأوّل ـ بعد تسليم السند ـ : بأنّ السائل سأل عن التسبيح ، فتعيّن الجواب به ليقع مطابقا ، وليس في ذلك تخصيص للواجب بالتسبيح ، وكذلك قوله : « الفرض من ذلك تسبيحة واحدة » (٢).

وعن الثاني : أنّ الإجزاء حكم مرتّب على الإتيان بالمأمور به على وجهه سواء كان واجبا أو ندبا (٣). انتهى.

ولا يخفى وجاهة الجواب الأوّل ، أمّا الثاني : فقد يتوجه عليه أنّه إن أراد بالندب : الإتيان بأفضل الفردين الواجبين كما هو الظاهر فالمستدل كلامه لا يأبى هذا بعد التوجيه المذكور ، حيث قال : الإجزاء إنّما يطلق ، إلى آخره. فإنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه متحقّق في التسبيح ، لكونه أحد الفردين ، ولا حاجة إلى ذكر الندب ، وإن أراد في التوجيه : أنّ الإجزاء لا يطلق إلاّ على ما لا يجزئ غيره ، فالعبارة عنه قاصرة ، والجواب لا يتم ؛

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٤ : الفريضة.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٤ : الفريضة من ذلك تسبيحة.

(٣) المختلف ٢ : ١٨١ ـ ١٨٣ ، المبسوط ١ : ١١١ و ١١٣ ، الخلاف ١ : ٣٤٨ ، النهاية : ٨١ و ٨٢ ، الانتصار : ٤٥ ، الكافي في الفقه : ١١٨ و ١١٩ ، المهذب ١ : ٩٧ ، الفقيه ١ : ٢٠٥ ، المقنعة : ١٣٧ ، المراسم : ٦٩ ، الوسيلة : ٩٣.

٢٠٢

لأنّ إجزاء غيره موجود.

ولعلّ الجواب : بأنّ إجزاء التسبيح لا ينافي إجزاء غيره ، أولى ؛ وستسمع ما يدل على إجزاء مطلق الذكر (١) ، فالجواب لا مجال لإنكاره.

ثم إنّ الحديث الأوّل كما ترى ليس فيه لفظ وبحمده والأقوال المذكورة مصرّح بها فيها ، وسيأتي (٢) ما اشتمل عليها وبيان ما يمكن من التوجيه.

أمّا ما تضمّنه من قوله : « والسنّة ثلاث » إلى آخره. فالظاهر أنّ المراد بالسنّة المستحب وبالفضل الأفضليّة ، ويحتمل أن يراد بالسنّة الأفضل وبالفضل مجرّد الفضل ، وفيه نوع تأمّل من حيث إنّ الزيادة تشتمل على زيادة كمال ، إلاّ أنّ توجّه باحتمال كون الموافقة للسنّة المندوبة أولى فيفيد زيادة الثواب ، وهو غير بعيد ، إلاّ أنّ للكلام فيه مجالا.

ويحتمل أن يراد بالفريضة ما ثبت بالقرآن كما هو المعروف من الإطلاق في الأخبار ، فيكون الواحدة من القرآن والثلاثة من السنّة ـ يعني من الأخبار عن أهل العصمة عليهم‌السلام ـ ويكون قوله : « والفضل » بيان الحكم منه عليه‌السلام بالأفضل أيّ شي‌ء هو؟ فليتأمّل.

وأمّا الثاني : فهو كما ترى يدل على إجزاء ثلاث تسبيحات في ترسّل ، ولعلّ المراد بالترسّل التأنّي كما يظهر من بعض الأخبار الآتية (٣) ، أعني خبر داود الأبزاري. والثلاث لا يخلو من إجمال ؛ لاحتمالها الثلاث الكبريات وغيرها ، والواحدة التامّة أيضا كذلك ، وحينئذ يحتمل وجوها :

__________________

(١) انظر ص ٢١٤.

(٢) في ص ٢١٦.

(٣) في ص ٢٠٥.

٢٠٣

أحدها : أن يراد بها الواحدة الكبرى وهي سبحان ربي الأعلى أو العظيم مع وبحمده أو عدمها ، والثلاث حينئذ يكون سبحان الله ثلاثا ، ويحتمل أن تكون الثلاث كبريات مع كونها كبرى ، وقيد « تامّة » للاحتراز عن سبحان الله فقط ، ولا يخفى بُعد هذا بَعد كون الثلاث كبريات.

وثانيها : أن يراد بها سبحان الله فقط ، كما يراد بالثلاث سبحان الله ، والاحتراز بالتامّة عن مثل سبح من دون لفظ الله كما في بعض الأخبار في التهذيب من رواية مسمع حيث قال فيها : « ولا كرامة أن يقول : سبح سبح سبح » (١) إلاّ أن يقال : إنّ المنفي في الرواية مجموع الثلاثة. وفيه : أن نفي الثلاثة يستلزم نفي الواحدة بطريق أولى.

وثالثها : أن يراد بالتامّة الواقع فيها الترسّل ، فكأنّه قال : ثلاث تسبيحات في ترسّل وواحدة كذلك ، وعلى هذا يحتمل أن يكون كبرى أو صغرى والثلاث كذلك ، وسيأتي في الأخبار ما يدل على إجزاء الثلاث الصغريات (٢) ، فيمكن تقييد إطلاق الخبر به ، كما يمكن تقييده بالكبريات ، لوجودها في بعض الأخبار (٣).

ورابعها : أن يراد بالتامّة المساوية للثلاث الصغريات ، لما يأتي في خبر مسمع من قوله : « ثلاث تسبيحات أو قدرهنّ » (٤) وحينئذ يراد بالثلاث في الخبر المذكور الصغريات ، ويراد بالتامّة قدرهنّ وهي كبرى ، وزيادة شي‌ء معها.

وخامسها : أنّ يراد بالتامّة تمكين الجبهة من الأرض ، كما في خبر‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٦.

(٢) وهو خبر معاوية بن عمّار الآتي في ص : ٢٠٦.

(٣) وهو خبر هشام بن سالم المتقدّم في ص : ١٩٩. وخبر أبي بكر الحضرمي الآتي في ص : ٢١٤.

(٤) انظر ص : ٢٠٥.

٢٠٤

علي بن يقطين ، ويبقى الاحتمالات في الثلاث ، فينبغي التأمّل في رجحان أحد الوجوه.

والعجب من إطلاق العلاّمة الاستدلال بالروايات ، والمطالب في الأقوال مختلفة والروايات كذلك.

وأمّا الثالث والرابع : فالإجمال فيهما ظاهر ، ولا يبعد أن يبيّن بخبر معاوية بن عمّار الآتي (١) على تقدير الاعتماد على الصحيح ، وبخبر أبي بكر الحضرمي عند من يعمل به ، لكن لا يخفى أن وجود الخبرين يُبقي الإجمال ، وقد يوجّه بجواز كل من المذكور في الخبرين فلا إجمال من هذه الجهة.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن مسمع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يجزئ الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قدرهنّ ».

عنه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن داود الأبزاري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « أدنى التسبيح ثلاث مرّات وأنت ساجد ، لا تعجل فيهن ».

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألته عن أدنى ما يجزئ من التسبيح في الركوع والسجود؟ فقال : « ثلاث تسبيحات ».

فالوجه في الجمع بين هذه الأخبار من وجهين :

__________________

(١) في ص ٢٠٦.

٢٠٥

أحدهما : أنّه إنّما يجوز الاقتصار على تسبيحة واحدة إن (١) كان تسبيحا مخصوصا ، وهو قول : « سبحان ربيّ العظيم » في الركوع و « سبحان ربي الأعلى » في السجود حسب ما تضمنته الرواية التي رويناها في أوّل الباب عن هشام بن سالم ، فأمّا إن (٢) قال : « سبحان الله » فلا يجزؤه أقلّ من ثلاث تسبيحات (٣).

يدل على ذلك :

ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن الحسين ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن؟ قال : نعم قول الله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ) (٤) فقلت : كيف حدّ الركوع والسجود؟ فقال : « أمّا ما يجزؤك من الركوع فثلاث تسبيحات ، تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله ثلاثا ».

عنه عن العباس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى (٥) ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أخفّ ما يكون من التسبيح في الصلاة؟ قال : « ثلاث تسبيحات مترسّلا ، تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله ».

والوجه الثاني أن نحمل الأخبار الأخيرة على الفضل والاستحباب دون الفرض والإيجاب.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢١٠ : إذا.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢١٠ : إذا.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢١٠ : دفعات.

(٤) الحج : ٧٧.

(٥) في « فض » : عن حماد بن عثمان.

٢٠٦

السند :

في الأوّل : ليس فيه إلاّ مسمع فقد قدّمنا (١) القول فيه عن قريب من أنّ الذي يستفاد من الرجال (٢) مدحه على تقدير مّا ، والعلاّمة في المختلف وصفه بالصحة (٣) ، واقتفى أثره بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله (٤) ـ وهم أعلم بالحال.

والثاني : فيه داود الأبزاري ، وهو مذكور مهملا في رجال الباقر عليه‌السلام من كتاب الشيخ (٥).

والثالث : فيه محمّد بن سنان وأبو بصير وحالهما تكرّر القول فيه (٦).

والرابع : أحمد بن الحسن فيه مشترك (٧) ، والتعيين غير واضح ، أمّا الحسين فهو ابن سعيد ، كما أنّ الحسن هو أخوه في الظاهر من روايته عن زرعة ؛ لما قيل في الرجال : إنّ الحسين يروي عن زرعة بواسطة أخيه (٨).

والخامس : واضح الحال.

المتن :

في الجميع ، ظن الشيخ المعارضة فيه بسبب دلالة الأخبار السابقة‌

__________________

(١) في ج ١ : ١٢٧.

(٢) انظر رجال الكشي ٢ : ٥٩٨ / ٥٦٠ ، رجال النجاشي : ٤٢٠ / ١١٢٤.

(٣) المختلف ٢ : ١٨٣.

(٤) البهائي في الحبل المتين : ٢٤٠.

(٥) رجال الطوسي : ١٢٠ / ١.

(٦) راجع ج ١ : ١٢١ و ٧٣.

(٧) انظر هداية المحدثين : ١٧٠.

(٨) انظر رجال النجاشي : ٥٨ / ١٣٦ و ١٣٧ ، الفهرست : ٥٣ / ١٨٦ ، رجال ابن داود : ٧٣ / ٤١٩.

٢٠٧

على إجزاء ما دون الثلاث ، وهذه تضمّن :

الأوّل منها : أنّه لا يجزئ أقلّ من ثلاث تسبيحات أو قدرهنّ.

والثاني : تضمّن أنّ أدنى التسبيح ثلاث مرّات.

والثالث : أنّ أدنى ما يجزئ الثلاث ، وغير خفيّ أنّ الأخبار الأوّلة بعد ما قدمناه من الاحتمال في الواحدة التامّة أن يراد بها سبحان ربي الأعلى أو سبحان ربي العظيم لا يتحقق التعارض بينها وبين الأخبار المذكورة ، لأنّ الأوّل تضمّن الثلاث أو قدرهنّ ، والواحدة لا تفي بالقدر على تقدير كونها تسبيحة كبرى كما ذكره الشيخ.

واحتمال أن يراد بقدرهن مطلق الذكر كما يدل عليه بعض الأخبار ـ وسنذكرها إن شاء الله (١) ـ لا تكون الأخبار خاصة بالتسبيح ، فإطلاق الشيخ في الحمل الأوّل ، محل نظر بالنسبة إلى هذا الخبر ، مضافا إلى احتمال التامّة في الأخبار السابقة ما قدمناه (٢) ؛ على أنّ الخبر تضمّن ما يجزئ الرجل في صلاته ، ولا يتعيّن كونه في الركوع والسجود ؛ لجواز (٣) حمله على الأخيرتين كما (٤) سبق نقله من رواية الصدوق حيث قال : « أدنى ما يجزئ من التسبيح في الأخيرتين سبحان الله سبحان الله سبحان الله » (٥) ولعلّ الشيخ نظر إلى تبادر تسبيح الركوع والسجود أو إلى العموم المتناول لهما وللأخيرتين.

والثاني : كما ترى يدلّ على أنّ أدنى التسبيح ثلاث مرّات ، فإن حمل‌

__________________

(١) في ص : ٢٠٩ و ٢١١.

(٢) في ص : ٢٠٥.

(٣) في « فض » و « م » : بجواز.

(٤) في « فض » و « م » : لما.

(٥) راجع ص : ١٩٠.

٢٠٨

على ما ذكره الشيخ من أنّه إنّما يجوز الاقتصار على واحدة إذا أتى بالمخصوص ؛ ففيه : أنّ بعض الأخبار السابقة (١) قد دل على الواحدة التامّة ؛ واحتمال كونها من الثلاث ـ أعني سبحان الله مرّة دون سبحان ـ كما نقلناه عن التهذيب من رواية مسمع (٢) له قرب بالنسبة إلى الشيخ ، فلا يتعيّن الحمل على الكبرى ، على أنّه سيأتي ما يدل على أنّ الكبرى فيها لفظ : ، وبحمده ، (٣) فلا يتم الإطلاق في الوجه الأوّل ، كما لا يخفى.

على أنّ السؤال في الرواية عن أدنى ما يجزئ من التسبيح ، فإن كان المراد كما هو الظاهر السؤال عن أدنى الواجب من التسبيح على الإطلاق بمعنى شموله لجميع أنواعه ـ أعني الثلاث الكبريات أو الثلاث الصغريات ـ فالأدنى لا ينحصر في الثلاث الصغريات ، بل الواحدة الكبرى بالنسبة إلى الثلاث الكبريات أدنى ، وإن أريد الأدنى بالنسبة إلى الصغريات فلا وجه لذكر الأدنى كما هو واضح.

ومع هذا فالمستفاد من الأخبار السابقة الدالة على الواحدة التامّة إذا حملت على الكبرى كونها مساوية للثلاث في الحكم ، فإذا كان أدنى ما يجزئ هو الثلاث كانت الواحدة الكبرى كذلك.

والثالث : الكلام فيه كالثاني ، وقد ذكرت في فوائد التهذيب كلاما آخر ، من أراد وقف عليه.

وأمّا الرابع : فالدلالة فيه على ما ذكره الشيخ غير واضحة.

والخامس : ربّما دلّ على أنّ الغير مجز مطلقا لكن الثلاث أخف.

__________________

(١) في ص ١٩٩.

(٢) في ص ٢٠٥.

(٣) في ص ٢١٣.

٢٠٩

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذكره العلاّمة في المختلف من استدلال القائلين بتعيّن التسبيح بالروايات المذكورة قد تقدم ذكره (١) ، غير أنّه استدل على مختاره من إجزاء مطلق الذكر بروايتين رواهما الشيخ في التهذيب ، إحداهما : عن هشام بن الحكم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلاّ الله والحمد لله (٢). فقال : « نعم كل (٣) هذا ذكر الله » (٤) وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٥). وهذا كلام الشيخ بعينه ، وقد نقله في المختلف (٦) كذلك ، وكثيرا ما يخطر في البال نوع توقف في مثل هذا لاحتمال ظن المماثلة من الشيخ ، فالاكتفاء به محلّ تأمّل.

والروايتان المذكورتان عن التهذيب منقولتان في الزيادات من كتاب الصلاة ، وقد وجدت الآن في الكافي الرواية الثانية عن هشام غير مفسّرة بما قاله الشيخ ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيجزئ عنّي أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلاّ الله والله أكبر؟ قال : « نعم » (٧).

ولا يخفى أنّ المماثلة غير حاصلة من كل وجه ، بل ربما دلّ الخبر على نوع خاص من الذكر بخلاف الأوّل ، وحينئذ فالاعتماد على قول الشيخ مشكل ، كما أشرنا إليه ، فلا ينبغي الغفلة عنه ، وقد مشى مشايخنا (٨) على‌

__________________

(١) في ص ٢٠١.

(٢) في التهذيب ٢ : ٣٠٢ / ١٢١٧ زيادة : والله أكبر.

(٣) ليس في « رض ».

(٤) التهذيب ٢ : ٣٠٢ / ١٢١٧ ، الوسائل ٦ : ٣٠٧ أبواب الركوع ب ٧ ح ١.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٠٢ / ١٢١٨ ، الوسائل ٦ : ٣٠٧ أبواب الركوع ب ٧ ح ٢.

(٦) المختلف ٢ : ١٨٢.

(٧) الكافي ٣ : ٣٢١ / ٨ ، الوسائل ٦ : ٣٠٧ أبواب الركوع ب ٧ ح ٢.

(٨) انظر مدارك الأحكام ٣ : ٣٩٠.

٢١٠

ما ذكره الشيخ.

ولنا في الخبر كلام في فوائد التهذيب من حيث قوله : « كل هذا ذكر الله » إذ يحتمل إرادة المجموع أو البعض.

وعلى التقدير ، المتبادر من السؤال كونه عن عوض التسبيح ، فالاستدلال به على إجزاء سبحان الله وحدها لكونها ذكرا محلّ تأمّل يعرف وجهه ممّا فصّلناه في الفوائد المذكورة ، ونزيد هنا أنّ احتمال العموم في الجواب على تقدير ظهوره يخص بما دلّ على التسبيح ، وأنّه لا يجزئ سبحان الله مرّة.

ويمكن أن يقال : إنّ ما دل على الواحدة التامّة ( يصدق على الواحدة من الثلاث المذكورة في بعض الأخبار ، فيتم المطلوب ، ويشكل باحتمال الواحدة التامّة ) (١) بما في الخبر الأوّل ، وهي : « سبحان ربي الأعلى » أو « العظيم » ومعه لا يحصل له الجزم بالأجزاء ، إلاّ أن يقال : إنّ التخصيص بالكبرى لا وجه له ؛ إذ لا منافاة بين إجزاء الكبرى وإجزاء واحدة صغرى من الخبر ، ويراد بالتمام عدم الإتيان بلفظ « سبح » وحدها ، كما مضى (٢) ؛ والاحتمالات الأُخر السابقة (٣) بعيد بعضها وبعضها لا يضرّ.

ويمكن أن يقال : إنّ تحقّق الإجزاء موقوف على الصراحة كما أنّ تخصيص العموم في الخبرين كذلك ، ومن هنا يظهر أنّ إطلاق شيخنا قدس‌سره (٤) وبعض محقّقي المعاصرين (٥) ـ سلّمه الله ـ إجزاء مطلق الذكر محلّ تأمّل.

__________________

(١) بين القوسين ساقط من رض.

(٢) في ٢٠٤.

(٣) في ٢٠٤.

(٤) مدارك الأحكام ٣ : ٣٩٠.

(٥) الحبل المتين : ٢٤٢.

٢١١

وأمّا الوجه الثاني للشيخ ، فقد يتوجه عليه : أنّ الفضل في الأخبار الأخيرة إمّا أن يريد به كونه أفضل من سبحان الله وحدها ، أو أفضل من سبحان ربي العظيم أو الأعلى وحدها ، فإن أراد الأوّل فلم يسبق ما يدل عليه ، وإن أراد الثاني فالخبر الأوّل من الأخبار الأخيرة تضمن قوله : أو قدرها ، وهو يقتضي مساواة القدر في الفضل ، لا التسبيحات الثلاث.

إلاّ أن يقال : إنّ مراد الشيخ جميع ما تضمنته الأخبار الأخيرة ؛ وفيه : أنّه يبقى الواحدة التامّة على تقدير أن تكون هي الكبرى مفضولة بحمله ما دل على الثلاث ومقدارها على الفضل ، والمقدار في الكبرى غير حاصل.

وعلى تقدير إرادة الكبرى لكونها مقدارها في الجملة فالخبر الأوّل من أخبار الباب دلّ على أنّ السنّة في ثلاث ، والمتبادر منه أنّ السنّة في ثلاث كبرى ، لما سبق فيه من ذكر الواحدة الكبرى.

وعلى تقدير أن يراد بالثلاث الصغريات لا يناسب قوله : الفريضة واحدة ، لأنّ الظاهر من الواحدة الكبرى ، ولو أراد من الثلاث بَعد عن اللفظ ، بل لا وجه له منه كما هو واضح.

ثم على تقدير الحمل على الفضيلة نظرا إلى إمكان توجيه مرّات الفضل فالمراد بالفضل إمّا كون الثلاث أفضل الفردين الواجبين تخييرا ، أو كون الواحدة هي الواجب والباقي مستحب ، وكلا الأمرين مشكل :

أمّا الأوّل : فلأنّ الاكتفاء بالواحدة الصغرى في الفرض لا دليل عليها إلاّ من حيث قوله عليه‌السلام : « وواحدة تامّة تجزئ » وفيه احتمالات.

وأمّا الثاني : فلأنّ للواجب أفراد ، والأفضل ما اقتضى زيادة وبحمده في الثلاث ، فلو حملت التسبيحات الثلاث على الفضل مطلقا أشكل الحال ، ولو حملت على مطلق الفضل لزم بيان الأفضل.

٢١٢

ويخطر في البال عدم البُعد في كون المجموع واجبا بتقدير القصد إلى كون المجموع فردا من أفراد الواجب المخيّر على أنّه أحد الفردين الواجبين ، والفردان : أمّا الواحدة الكبرى ، أو الكبرى مع زيادة تساوي الثلاث ، أو زيادة وبحمده وإمّا الثلاث ؛ وعلى تقدير الفرد الثالث ـ وهو الكبريات الثلاث ـ يكون الواجب المجموع ، وكماله حينئذ باعتبار رجحان زيادته على غيره في الثواب ، لا أنّ الفرد الأوّل هو الواجب والزائد مستحب على الإطلاق ، كما يظهر من جدّي قدس‌سره (١) وغيره (٢) ، وقد حققنا ذلك في حواشي الروضة وأشرنا إليه في التسبيح في الأخيرتين هنا (٣).

ومن هنا يعلم انّ قول الشيخ : دون الفرض والإيجاب ؛ يحتمل أن يكون المراد به دون الفرض المعيّن والإيجاب كذلك ، ويحتمل أن يريد به أنّ الزائد مستحب لا واجب ، فليتأمّل.

اللغة :

قال في القاموس : ترسّل في قراءته اتّأد. وقال : الترسيل في القراءة الترتيل (٤). وفيه : رتّل الكلام ترتيلا أحسن تأليفه ، وترتّل فيه ترسّل (٥).

وفيه : التّيد الرفق ، يقال : تَيدَكَ يا هذا أي اتّئد (٦).

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ٢٧٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٥٨.

(٣) في ص ١٨٧.

(٤) القاموس ٣ : ٣٩٥ ( الرسل ).

(٥) القاموس ٣ : ٣٩٢ ( الرتل ).

(٦) القاموس ١ : ٢٨٩ ( التأد ).

٢١٣

قوله :

والذي يكشف عما ذكرناه :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن يحيى (١) بن عبد الملك ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أيّ شي‌ء حد الركوع والسجود؟ فقال : « تقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا في الركوع ، وسبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا في السجود ، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ، ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته ، ومن لم يسبّح فلا صلاة له ».

فدل هذا الخبر على أنّهم إنّما نفوا الكمال والفضل ، ألا ترى أنّهم قالوا : « من نقص واحدة نقص ثلث صلاته ، ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته » فلو لا أن الأمر على ما ذكرناه لما كان فرق بين الإخلال بواحدة في أن يكون ذلك مبطلا للصلاة وبين الإخلال بالجميع ، وقد علمنا أنّهم فرّقوا.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران والحسن بن زياد ، قالا : دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده قوم يصلّي بهم العصر وقد كنّا صلّينا فعددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم (٢) أربعا أو ثلاثا وثلاثين مرّة ، وقال أحدهما في حديثه وبحمده في الركوع والسجود. فهذه الرواية مخصوصة بفعله عليه‌السلام ،

__________________

(١) في الكافي ٣ : ٣٢٩ / ١ : عثمان.

(٢) في « م » زيادة : وبحمده.

٢١٤

وصلاته بمن (١) علم أنّه يطيق ذلك ، لأنّ الأصل في صلاة الجماعة التخفيف كما نبيّنه (٢).

السند‌

في الأوّل : فيه يحيى بن عبد الملك ، وفي رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ : يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة الخزاعي مهملا (٣). وأبو بكر الحضرمي مضى القول فيه : من أنّ حاله لا يزيد على الإهمال على ما يظهر من الرجال ، لا ما ذكره شيخنا قدس‌سره من عدم العلم بإيمانه (٤).

والثاني : ابن فضال فيه الحسن على الظاهر من الممارسة للروايات ، من رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه بكثرة.

وأمّا ابن بكير فمضى القول فيه كالحسن (٥). وحمزة بن حمران لا يزيد على الإهمال (٦). والحسن بن زياد فيه اشتراك بين العطّار الثقة والصيقل المهمل (٧) ، ودعوى بعض الأصحاب الاتحاد (٨) ، فيكون الثقة ، محتاجة إلى ما يثبتها ، ولم نعلمه.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٥ / ١٢١٤ ذ. ح : لمن.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢٥ / ١٢١٤ : على ما نبينه.

(٣) رجال الطوسي : ٣٣٥ / ٣٧.

(٤) راجع ج ٢ : ٩٤.

(٥) في ج ١ : ١٢٥ وج ٤ : ٣٧٩.

(٦) انظر رجال النجاشي : ١٤٠ / ٣٦٥ ، ورجال الطوسي : ١١٨ / ٤٦ ، ١٧٧ / ٢٠٧ ، الفهرست : ٦٤ / ٢٤٨.

(٧) انظر هداية المحدثين : ١٨٨.

(٨) لم نعثر على من ادعى الاتحاد ، ولكن حكاه الميرزا في المنهج : ٩٩ عن بعض معاصريه وهو المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢١٣.

٢١٥

المتن :

في الأوّل : لا أدري كشفه لما ذكره الشيخ من الحمل على الفضل ؛ لأنّ غاية ما يدل عليه أنّ التسبيحة الكبرى مع لفظة وبحمده تجزئ ، والتكرار ثلاثا فيه الفضل ، أمّا كون الثلاث تسبيحات الصغريات فيها الفضل فلا ، ولو نظرنا إلى غيره من الأخبار ما احتجنا إلى هذا الخبر.

ثم إنّ مقتضى الخبر أنّ من لم يسبّح لا صلاة له ، فإن كان المراد من لم يسبح أصلا ـ كما هو الظاهر ـ فلا صلاة له ، ففيه : أنّ الشيخ قد روى في التهذيب ما سبق من إجزاء مطلق الذكر (١) ، فلو ذكر من دون التسبيح لا يتحقق الإبطال ؛ وإن أُريد من لم يسبّح هذا النوع من التسبيح المذكور زاد الإشكال ، فإنّ الأخبار السابقة دلّت على الإجزاء بدونه وإن كان تسبيحا كما هو اضح.

ولو حمل على أنّ من لم يسبّح هذا النوع فلا صلاة له كاملة الكمال الحاصل بها ، ونقصان الثلاث بالنسبة ، لم يتم مطلوب الشيخ ، وحصل نوع منافرة من ظاهر الخبر.

ثم إنّ عدم التفات الشيخ إلى حكم زيادة وبحمده لا يخلو من غرابة ، واحتمال استحبابها ممكن ، كاحتمال وجوبها في أحد الفردين ، وما قدّمناه من احتمال وجوب الفرد (٢) لا ينبغي الغفلة عنه.

والخبر المتضمن للفظ وبحمده وإن لم يكن معتبر الإسناد إلاّ أنّ‌

__________________

(١) راجع ص : ٢١٠.

(٢) راجع ص : ٢١٢ ـ ٢١٣.

٢١٦

ما تضمنه موجود في خبر حمّاد المشهور (١) ، وكذلك صحيح حريز المذكور فيه دعاء الركوع ( وهو في التهذيب (٢) ، وفي التهذيب ) (٣) ذكر الحمل على الاختيار والاضطرار (٤) ، وذكرنا في فوائده ما يتوجه عليه مفصّلا.

وأمّا الخبر الأخير : فالحمل على الاستحباب ظاهر فيه ، وما تضمنه من قوله : وقال أحدهما ؛ يراد به أنّه زاد الراوي « وبحمده » في الركوع والسجود ، لكن صدره اقتضى أنّهما عدّا في ركوعه ، فالزيادة من أحدهما إنّما هي للسجود ، ويحتمل أن يكون الأوّل ذكر فيه الركوع ( وحده ، والثاني المجموع.

ثم إنّ الخبر يحتمل مجموع الركوع والسجود على تقدير الأمرين ، وعلى تقدير الركوع ) (٥) يحتمل كل ركوع في صلاته ، ويحتمل الركوع الواحد. وفي خبر أبان بن تغلب الصحيح في التهذيب أنّه عدّد للصادق عليه‌السلام في الركوع والسجود ستين تسبيحة (٦).

وقد ذكرت ما لا بدّ منه في معنى سبحان ربي الأعلى وبحمده مفصّلا في حواشي الروضة والتهذيب.

والذي ينبغي ذكره هنا إجمالا أنّ التسبيح لغة هو التنزيه ، يقال : سبّحت الله أي نزّهته عمّا لا يليق به (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٠ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٩ ، الوسائل ٦ : ٢٩٥ أبواب الركوع ب ١ ح ١.

(٣) ما بين القوسين في « فض » : وهو في التهذيب أيضا. وفي « رض » و « م » : وهو قريب وفي التهذيب. والصواب ما أثبتناه.

(٤) التهذيب ٢ : ٨٠.

(٥) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٦) التهذيب ٢ : ٢٩٩ / ١٢٠٥ ، الوسائل ٦ : ٣٠٤ أبواب الركوع ب ٦ ح ١.

(٧) انظر الصحاح ١ : ٣٧٢ ، مجمع البحرين ٢ : ٣٦٩ ، مفردات راغب : ٢٢١.

٢١٧

وأمّا لفظ « وبحمده » فقد اختلف في متعلّقه ، ولعلّ الأولى أن يتعلق بالتسبيح ، والتقدير : وبحمده اسبّحه.

وما عساه يقال : إنّ التسبيح بحمده ، لا ( وجه له ) (١) لإمكان الجواب بأنّ الباء إمّا للملابسة أو المصاحبة ، وكلا الأمرين صالح للمقام. وعلى تقدير كون التسبيح بنفس الحمد لا مانع منه أيضا ، فإنّ في بعض الأخبار ما يدل على أنّ الحمد تسبيح ، وهو موثق عمّار ، حيث قال : ما الذي يجزئ من التسبيح بين الأذان والإقامة؟ قال : « يقول الحمد لله » (٢).

وعلى تقدير المناقشة فيما ذكر فما قاله بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ من أنّ المعنى : وأنا متلبّس بحمده (٣). له وجه أيضا ، لكن التقدير فيه لا يخلو من زيادة ، فليتأمّل ، والله تعالى أعلم بالحال.

قوله :

باب تلقي الأرض باليدين لمن أراد السجود‌

أخبرني ( أبو الحسين ) (٤) بن أبي جيد القمي ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : رأيت‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : يليق به.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٠ / ١١١٤ ، الوسائل ٥ : ٤٤٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٤٠ ح ١.

(٣) البهائي في الحبل المتين : ٢١٤.

(٤) ما بين القوسين ليس في « فض » ، وفي « رض » : الحسين ، وفي الاستبصار ١ : ٣٢٥ / ١٢١٥ : أبو الحسن ، وما أثبتناه من « م » هو الأصح لأنّ هذه كنية علي بن أحمد بن محمّد بن أبي جيد الذي هو من مشايخ الشيخ والنجاشي ـ راجع معجم رجال الحديث ٢١ : ١١١ / ١٤٠٨٦.

٢١٨

أبا عبد الله عليه‌السلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد.

عنه ، عن القاسم بن محمّد الجوهري ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يضع يديه قبل ركبتيه في الصلاة ، قال : « نعم ، وإذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه » (١).

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : سئل عن الرجل يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه ، قال : « نعم » يعني في الصلاة.

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد عن فضالة ، عن حسين ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس إذا صلّى الرجل أن يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على حال الضرورة التي لا يتمكن الإنسان فيها من تلقي الأرض بيديه أوّلا لعلّة أو مرض أو غيرهما.

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل إذا ركع ثم رفع رأسه ، أيبدأ فيضع يديه على الأرض أم ركبتيه؟ قال : « لا يضرّه أيّ ذلك بدأ هو مقبول منه » قوله عليه‌السلام : « لا يضرّه » معناه لا يبطل عليه الصلاة ، أو لا يكون مستحقا للعقاب بتركه ، لأنّ ذلك من آداب الصلاة لا من فرائضها التي يستحق بتركها العقاب.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٥ / ١٢١٦ لا يوجد : وإذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه.

٢١٩

السند :

في الأوّل : قد قدّمنا الكلام في أبي الحسين بن أبي جيد من أنّ اسمه علي بن أحمد (١) ، وقد يظن من النجاشي أنّ اسم أبي جيد طاهر (٢) ، وظاهر المتأخرين الاعتماد عليه (٣).

وأمّا الحسين بن الحسن بن أبان فالقول فيه خلاصته أنّه من الأجلاّء فيما يظهر من الرجال (٤) ، إلاّ أنّ التصريح بالتوثيق غير معلوم ، وما اتفق في كتاب ابن داود من قوله في محمّد بن أُورمة : إنّه روى عنه الحسين بن الحسن بن أبان وكان ثقة (٥) ، يشكل الاعتماد عليه.

أمّا ما قاله بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ من احتمال أن يعود ضمير كان لمحمّد بن اورمة (٦) ، والمعنى أنّ رواية الحسين عن محمّد في زمن كان ثقة ، ففيه : أنّه لم ينقل في الرجال عن محمّد بن أُورمة أنّه كان ثقة في زمن من الأزمان ، وعلى تقدير ذلك ينبغي الاعتماد على ما يرويه الحسين بن الحسن عن ابن أُورمة ، لأنّ الضعف في محمّد يكون لاحقا ، ولا أظنّ به قائلا ، إلاّ أن يقال : إنّ هذا مجرد احتمال لدفع توثيق الحسين من كلام ابن داود.

__________________

(١) راجع ج ١ : ٧١.

(٢) رجال النجاشي : ٣٨٣ / ١٠٤٢.

(٣) كما في الحبل المتين : ٢٧٧.

(٤) انظر رجال النجاشي : ٥٩ / ١٣٦ و ١٣٧ ، رجال الطوسي : ٤٣٠ / ٨ و ٤٦٩ / ٤٤ ، منهج المقال : ١١٢.

(٥) رجال ابن داود : ٢٧٠ / ٤٣١.

(٦) البهائي في الحبل المتين : ٢٧٦.

٢٢٠