إستقصاء الإعتبار - ج ٥

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-177
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٣٩٣

الحق عدم الصراحة كما قاله الشيخ ، فإنّ تتبع الأخبار يقتضي خلافه.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ القِران في المكتوبة على تقدير التحريم قيل : إنّه مفسد (١).

واحتج عليه في المختلف بأنّ القارن بين السورتين غير آت بالمأمور به على وجهه (٢).

وناقشه بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ بتحقّق الامتثال بقراءة الواحدة ، والثانية خارجة عن الصلاة ، فالنهي لا يستلزم الفساد كالنظر إلى الأجنبيّة (٣). انتهى.

ولقائل أن يقول : إن القران إن وقع في أوّل القصد على معنى فعل السورتين بقصد القران من ابتداء القراءة للسورة فالنهي واضح الاستلزام للفساد ؛ إذ الواحدة هي المأمور بها ولم يأت بها ، وكونها في جملة الثنتين غير كونها مأمورا بها ؛ إذ المعيّة تنافي الوحدة ، إلاّ أن يقال : قصد الوحدة غير معتبر ، وفيه : أنّ عدم اعتبار قصد الواحدة مسلّم ، أمّا قصد عدمها فعدم اعتباره محلّ كلام.

أمّا لو قصد القران بعد الفراغ من السورة أمكن الحكم بالصحة وعدمها ، كما ذكرته في محل آخر من حواشي الروضة.

والحاصل : أنه لا يبعد أن يقال : إن الصلاة كيفيّة متلقّاة من الشارع ، وكل ما خالف المنقول يقتضي عدم الامتثال ، فليتأمّل.

__________________

(١) الانتصار : ٤٤ ، والنهاية : ٧٥ ـ ٧٦.

(٢) المختلف ٢ : ١٦٨ ـ ١٧٠.

(٣) الحبل المتين : ٢٢٦.

١٦١

قوله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء عن زيد الشحّام قال : صلّى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام الفجر فقرأ والضحى وأ لم نشرح في ركعة.

فلا ينافي ما قدّمناه من كراهيّة القران بين السورتين ؛ لأنّ هاتين السورتين سورة واحدة عند آل محمّد عليهم‌السلام وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا ولا يفصل بينهما ببسم الله الرّحمن الرّحيم في الفرائض.

ولا ينافي هذا (١) : ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسين ، عن فضالة ، عن الحسين ، عن ابن مسكان ، عن زيد الشحّام قال : صلّى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام فقرأ بنا الضحى وأ لم نشرح.

لأنّه ليس في هذا الخبر أنّه قرأهما في ركعة أو ركعتين ، فإذا كان هذا الراوي بعينه قد روى هذا الحكم بعينه وبيّن أنّه قرأهما في ركعة واحدة فحملُ هذه الرواية المطلقة على ما يطابق ذاك أولى.

ولا ينافي ذلك :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن زيد الشحّام قال : صلّى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام فقرأ في الأُولى الضحى وفي الثانية ألم نشرح.

فهذه الرواية وإن تضمّنت أنّه قرأهما في ركعتين فليس فيها أنّه قرأهما في الفريضة أو النافلة ، ويجوز أن يكون قرأهما في ركعتين من‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣١٧ : هذا الخبر.

١٦٢

النوافل ، وذلك جائز على ما بيّناه.

السند‌

في الأوّل : واضح ، وكذلك الثاني ، والحسين الأوّل فيه ابن سعيد ، والثاني ابن عثمان.

والثالث : فيه الإرسال ، وكون المرسل ابن أبي عمير قد قدّمنا القول فيه مفصّلا في أوّل الكتاب ، والحاصل : أنّ الإجماع غير منعقد على قبول مراسيله ، لتصريح الشيخ في الكتاب بردّ روايات بالإرسال (١) والمرسل لها ابن أبي عمير ، كما أنّ فيه دفعا لما ظنّ من أنّ معنى قول الكشي : فلان اجمع على تصحيح ما يصح عنه (٢) ، أنّ ما ثبتت صحّته إليه كاف في صحة الخبر وإن كان ما بعده بغير صفة الصحيح ؛ لأنّ ابن أبي عمير من المجمعين على تصحيح ما يصح عنه (٣) ؛ وقد ردّ خبره بالإرسال كما سمعته ، على أنّ ذكر مراسيل ابن أبي عمير وقبولها في كلام متأخّري الأصحاب (٤) صريح في أنّ معنى الإجماع ليس ما ذكر.

وما وقع في النجاشي من السكون إلى مراسيله من الأصحاب (٥) ، قد بيّنا فيما سبق أنّه لا يدل على قبول مراسيله ؛ لأنّه ذكر أنّ كتبه ذهبت فلذلك يسكنون الأصحاب إلى مراسيله.

وهذا كما ترى لا يليق منه إرادة إثبات صحة المراسيل بما ذكر ، فإنّه‌

__________________

(١) راجع ج ١ : ١٠٢.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٣) انظر نقد الرجال : ٢٨٥.

(٤) كالشهيد الثاني في الدراية : ٢٠ ، التفريشي في نقد الرجال : ٢٨٥.

(٥) رجال النجاشي : ٣٢٦ / ٨٨٧.

١٦٣

لا يفيد المدّعى بوجه ، ومثل النجاشي لا يتكلم به ، بل الظاهر منه ـ في النظر القاصر ـ أنّ كثرة الإرسال لا يوجب قدحا فيه من حيث عدم الضبط ، إذ لم يحفظ من روى عنه بكثرة ، فلمّا ذهبت كتبه ظهر عذره ، فمن ثمّ سكن الأصحاب إلى مراسيله ، وجميع هذا مضى (١) ، وإنّما أعدناه لبعد العهد.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّه عليه‌السلام قرأ الضحى وأ لم نشرح في ركعة ، وتأويل الشيخ أنّهما سورة واحدة في ظاهر الحال أنّه من الإجماع ، لكن لا يخفى أنّه يتوجه على الشيخ أنّ لفظ « ينبغي » في غير محلّه ، بل يجب عنده قراءتهما حيث لم يجوّز التبعيض.

وما قد يظن : من أنّ الشيخ ظنّ كونهما سورة واحدة من قراءتهما مع ورود الأخبار بقراءة السورة الواحدة ، لا وجه له ، فإنّ مثل هذا واضح الاندفاع ، بل الظاهر أنّه مرجع الشيخ إلى الإجماع ، غاية الأمر قد يشكل الحال في ترك البسملة مع وجودها في المصاحف ، والحرص على نفي الزوائد منه من نحو الإعراب وغيره يدل على كون البسملة منهما ، والصدوق في الفقيه جزم بأنّهما سورة واحدة (٢) ، وهو كثير التثبّت في الأحكام.

ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره المحقّق في المعتبر من أنّا لا نسلّم أنّهما سورة واحدة ، بل إنّما تدل الأخبار على قراءتهما في ركعة (٣). محل تأمّل ؛

__________________

(١) في ج ١ : ١٠٢.

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٠ / ٩٢٢.

(٣) المعتبر ٢ : ١٨٨.

١٦٤

لأنّ دعوى الشيخ الإجماع لا وجه لردّها ، إلاّ أنّ المحقّق في الإجماع المدعى كثير الاضطراب فيه.

والعجب من شيخنا قدس‌سره في المدارك أنّه قال ـ عند قول المحقّق في الشرائع : روى أصحابنا أنّ الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، إلى آخره ـ : ما ذكره المصنّف من رواية الأصحاب لم أقف عليه في شي‌ء من الأُصول ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال (١). انتهى. ولا يخفى أنّ نقل الشيخ الإجماع لا أقلّ من كونه رواية مرسلة ، مع أنّ الصدوق ظاهره نقل متون الأخبار في كتابه ، فليتأمّل.

أمّا ما يحكى عن بعض الأصحاب أنّه نقل عن كتاب أحمد بن محمّد بن أبي نصر أنّ فيه : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « لا يجمع بين السورتين في ركعة واحدة إلاّ الضحى وأ لم نشرح وسورة الفيل ولإيلاف » (٢) فلم أقف الآن على المأخذ ، إلاّ أنّ الرواية ظاهرة في التعدد ، لكن لا تدل على وجوب الجمع ، كما يفهم من كلام جدّي قدس‌سره في بعض مصنّفاته (٣).

وما قاله الشيخ رحمه‌الله في الثاني : من أنّه ليس في الخبر أنّه قرأهما في ركعة أو ركعتين ؛ متوجّه ، إلاّ أنّ ما ذكره في الثالث محل تأمّل ؛ لأنّ الحمل على النافلة يقتضي أنّ الرواية مختلفة ، فتارة يكون قد روى الراوي وقوع الفعل في الجماعة ، وتارة في غيرها بناء على عدم صحّة الجماعة في النافلة ، كما هو المشهور بين المتأخّرين (٤) ، بل ادّعى الشهيد رحمه‌الله الإجماع‌

__________________

(١) المدارك ٣ : ٣٧٧.

(٢) المعتبر ٢ : ١٨٨.

(٣) روض الجنان : ٢٦٩.

(٤) قال الشهيد في البيان : ٢٢٤ : المشهور أنّها لا تجوز في النوافل.

١٦٥

على نفيه (١) ؛ وإن كان فيه بحث ؛ لوجود القائل (٢) ، ودلالة صريح الأخبار عليه (٣) ، ولا يبعد أن يكون الشيخ ملاحظا لكون الصلاة جماعة في النافلة ، لما يظهر من كلامه في الخبرين مراعاة للمطابقة ؛ إذ لو حمل الروايات على التعدد لأمكن أن يقال بعدم المانع من فعله عليه‌السلام تارة في ركعة وتارة في ركعتين ، والتبعيض يدل عليه بعض الأخبار كما سبق بيانه (٤).

قوله :

باب النهي عن قول آمين بعد الحمد‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قرائتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل : آمين ».

الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين؟ قال : « لا ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ، قال : « ما أحسنها وأخفض الصوت بها ».

__________________

(١) الذكرى : ٢٥٤.

(٢) لم نعثر عليه قال في المدارك ( ٤ : ٣٣٨ ) : والقول بجواز الاقتداء في النافلة مطلقا مجهول القائل.

(٣) الوسائل ٨ : ٣٣٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٠ ح ٩ و ١٢.

(٤) راجع ص : ١٥٩ ـ ١٦٠.

١٦٦

فأوّل ما في هذا الخبر أنّ راويه جميل وقد روى ضدّ ذلك وهو ما قدّمناه من قوله : ولا تقل : آمين ، بل قل : الحمد لله ربّ العالمين ، وإذا كان قد روى ما ينقض هذه الرواية ويوافق رواية غيره فيجب العمل عليه دون غيره ، ولو سلّم لجاز أن نحمله على ضرب من التقيّة ، لإجماع الطائفة (١) على ترك العمل به.

وأيضا فقد روى الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول آمين إذا قال الإمام : غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين؟ قال : « هم اليهود والنصارى » ولم يُجب في هذا.

فعدوله عليه‌السلام عن جواب ما سأله السائل دليل على كراهيّة هذه اللفظة ، وإن لم يتمكن من التصريح بكراهيّته للتقيّة والاضطرار فعدل عن جوابه جملة.

السند‌

في الأوّل : حسن على تقدير كون عبد الله بن المغيرة هو الثقة في النجاشي (٢) ، كما هو الظاهر من الإطلاق ، واحتماله لعبد الله بن المغيرة المذكور في رجال الرضا عليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملا (٣) بعيدٌ.

والثاني : فيه محمّد بن سنان.

والثالث والرابع : صحيحان على ما مضى القول في رجالهما (٤).

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣١٩ : الطائفة المحقّة.

(٢) رجال النجاشي : ٢١٥ / ٥٦١.

(٣) رجال الشيخ : ٣٧٩‌

(٤) راجع ج ١ : ٧٠ ، ١٠٢ ، ٤٥٣ وج ٣ : ٤٦.

١٦٧

المتن :

نقل بعض محققي المتأخّرين رحمه‌الله عن العلاّمة في المنتهى أنّه قال ، قال علماؤنا : يحرم قول آمين وتبطل الصلاة به ، وقال الشيخ : سواء ذلك في آخر الحمد وغيره سرّا وجهرا للإمام والمأموم وعلى كل حال ، وادّعى الشيخان والمرتضى إجماع الإماميّة عليه (١).

وفي شرح الإرشاد لجدّي قدس‌سره أنّ المستند صحيح جميل وذكر الرواية (٢) ؛ وفيه ما ستسمعه بعد نقل كلام الروضة ، وأيضا لا يخفى أنّ ما تضمّنه من قوله : « فقل أنت : الحمدُ لله ربّ العالمين » على الاستحباب ، ومعه يقرب أن يكون النهي للكراهة في قوله : « ولا تقل آمين » إلاّ أن يقال بعدم الملازمة بين كون الأمر للاستحباب نظرا إلى الإجماع وكون النهي للكراهة ، بل هو باق على حقيقته ؛ لعدم المقتضي ؛ وفيه استبعاد الاختلاف في الخبر الواحد ، لكنه محل كلام.

والثاني : كما ترى وإن دل على النهي الذي هو حقيقة في التحريم ، إلاّ أنّ ضعف المستند فيه ظاهر ، والوالد قدس‌سره كان يتوقّف في الأوامر والنواهي في الأخبار بالنسبة إلى الوجوب والتحريم حقيقة ، لكثرة استعمالهما في الندب والكراهة (٣) ، ولعلّ الإجماع المدعى في المقام يسهّل الخطب إن تمّ.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٤ ، المنتهى ١ : ٢٨١ ، المفيد في المقنعة : ١٠٥ ، والشيخ في الخلاف ١ : ٣٣٤ ، والسيد في الانتصار : ٤٢.

(٢) روض الجنان : ٢٦٧.

(٣) راجع معالم الأُصول : ٤٨ ، ٩٤ والظاهر منه عدم التوقّف.

١٦٨

وقد اتفق لجدي قدس‌سره في الروضة أنّه قال ـ عند قول الشهيد رحمه‌الله في التروك : والتأمين ـ : في جميع أحوال الصلاة وإن كان عقيب الحمد أو دعاء ، للنهي عنه في الأخبار (١). والحال أنّ دلالة الأخبار مختصّة بما بعد الفاتحة ، فالتعميم لا يخلو من غرابة.

ونقل بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ عن الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع على بطلان الصلاة بالتأمين (٢) ؛ وهو غريب ، فإنّ الخلاف موجود ، كما أنّه في التحريم كذلك.

ومن ثمّ نقل عن المحقّق في المعتبر الميل إلى الكراهة محتجا بالثالث (٣) ؛ وما ذكره الشيخ من حمله على التقيّة قد يشكل بأنّه ليس بأولى من الحمل على الكراهة في النهي ؛ وفيه : أنّ الظاهر من الثالث نفي الكراهة.

ولا يبعد أن يحمل قوله عليه‌السلام : « ما أحسنها » على النفي وتشديد « أُحسّنها » أي : لست أُعدّها حسنة ، فيؤيّد الكراهة ، وربّما احتمل أن يكون قوله : وأخفض ، من كلام جميل حكاية عنه عليه‌السلام أنّه أتى بهذه اللفظة خفيّة ، فيؤيّد التقيّة من جهة أُخرى ، إلاّ أنّي لم أقف على ما يقتضي صحة هذا اللفظ (٤) في العربيّة.

أمّا الاستدلال على التحريم بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « هذه الصلاة لا يصلح فيه شي‌ء من كلام الآدميّين » (٥) وآمين من كلامهم ؛ إذ ليست بقرآن ولا دعاء‌

__________________

(١) الروضة ١ : ٢٨٦.

(٢) الحبل المتين : ٢٢٥ ، الخلاف ١ : ٣٣٤.

(٣) الحبل المتين : ٢٢٥ وهو في المعتبر ٢ : ١٨٦.

(٤) في ( م ) : هذه اللفظة.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٣٣ بتفاوت يسير.

١٦٩

ولا ذكر ، إنّما هي اسم للدعاء ، وهو : اللهم استجب ، والاسم مغاير لمسمّاه (١). ففيه : أنّ الخبر غير معلوم السند.

وذكر بعض الأصحاب أنّ الاستدلال مبني على أنّ أسماء الأفعال أسماء لألفاظها لا لمعانيها (٢) ؛ وهو خلاف الظاهر ، كما ذكره المحقّق الرضي رضي‌الله‌عنه مستدلا بأنّ العرب تقول : صه ، وتريد معنى : اسكت ، لا يخطر ببالها لفظ اسكت ، بل قد لا تكون مسموعة له أصلا. انتهى (٣).

وقد يقال : إنّ غرض المستدل كون الإذن في الدعاء لا في اسم الدعاء ، فلا يضرّ ما ذكره المورد ، وفيه ما لا يخفى ، ولا يبعد أن يقال : إنّ آمين لو فرض أنّها دعاء محض والنهي ورد عنها فلا سبيل إلى استثنائها ، نعم لو ردّ الخبر الدال على النهي إمّا بعدم الصحة أو عدم الصراحة في التحريم أمكن أن يقال : إنّ ما دلّ على تحريم الكلام في الصلاة مطلق إلاّ ما خرج بالدليل وهو الدعاء ، وكون لفظ آمين دعاء يتوقف على الثبوت ، ولم يعلم هذا.

فإن قلت : الدعاء المأذون فيه لا يختص بلفظ ، وكون آمين في معنى الدعاء لا ينكر ، وذلك كاف في المطلوب.

قلت : لا يبعد أن يكون الدعاء المأذون فيه ما يسمّى دعاء لغة أو عرفا على تقدير انتفاء الشرع ، واللغة غير معلومة الآن ، والعرف لا يساعد على كون آمين دعاء ، وإن كان في البين كلام.

أمّا ما قد يقال في توجيه عدم الإفساد : من أنّ النهي عن أمر خارج‌

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٤.

(٢) حكاه في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٥.

(٣) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٥ ، وهو في شرح الرضي على الكافية ٣ : ٨٧.

١٧٠

عن العبادة ، ففيه : ( أنّه إذا تحقّق النهي علم أنه غير مستثنى ممّا يجوز ، ومعه تتوقف الصحّة على الدليل ؛ إذ العبادة متلقّاة من الشارع ، ولو نوقش في ذلك يقال : إنّ إطلاق المنع من الكلام والإبطال به حاصل إلاّ ما خرج بالدليل ، والفرض وقوع النهي عن قوله : آمين ، فليتأمّل ) (١).

ومن هنا يعلم أنّ القائل بالتعميم في الفاتحة وغيرها (٢) ربّما يوجّه كلامه بنوع من التدبر فيما ذكرناه.

وما قاله بعض الأصحاب من أنّ الأوامر المطلقة تقتضي الصحة (٣) ، فيه تأمّل يعرف من تفصيل المقام.

أمّا ما يقال : من أنّ التأمين لا يصح إلاّ لمن قصد الدعاء ، فلا يجوز إلاّ لمن قصد الدعاء ، لأنّه كلام بغير ذكر ودعاء ، فيدخل تحت النهي فيكون حراما ومبطلا.

ففيه تأمّل ؛ لأنّ (٤) استجابة الدعاء لا يختصّ بحضوره ، سلّمنا ، لكن النهي غير عام في الأخبار ، والإجماع على أنّ غير الذكر والدعاء مبطل على وجه يتناول التأمين غير حاصل ، كما هو واضح.

إلاّ أن يقال : إنّ إثبات كون التأمين دعاء غير معلوم ، فيحتاج الحكم بجوازه إلى دليل.

وفيه : انّ الكلام في الدخول تحت النهي.

وما ذكره الشيخ في التبيان لتوجيه الإبطال بآمين من لزوم خروج‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض » ، وبدله في « م » : وجه.

(٢) راجع ص : ١٦٩.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٥.

(٤) في « فض » زيادة : طلب.

١٧١

الفاتحة عن كونها قرآنا إن قصد الدعاء ، أو عدم فائدة التأمين على تقدير قصد القرآن ، ولزوم استعمال المشترك على تقدير إرادة القرآن والدعاء من الفاتحة (١) ؛ اعترض عليه جدّي قدس‌سره.

أوّلا : بمنع الاشتراك لاتّحاد المعنى.

وثانيا : أن قصد استجابة الدعاء لا يتعيّن كونه بالفاتحة (٢).

وقد يقال على الأوّل : إنّ الاشتراك لو فرض إمكانه فالمعنى مختلف ، ومن ثم جوّز القنوت بالقرآن من حيث الدعاء ، نعم الوضع للدعاء غير متحقّق ليدخل في المشترك بحسب وضعه ، كما يعلم من الأُصول ، وقد ورد في معتبر الأخبار أنّ الفاتحة مشتملة على الدعاء والذكر (٣).

وعلى الثاني : قصد استجابة الدعاء إذا لم يتعيّن يقتضي اعتبار قصد الاستجابة لغير الفاتحة ، والمطلوب لجدّي قدس‌سره الإبطال بالتأمين مطلقا (٤) ، إلاّ أنّ توجيه هذا غير بعيد ، فليتأمّل.

أمّا الخبر الرابع : فربما كانت التقيّة فيه ظاهرة ، وكأنّ بعض المخالفين كان حاضرا في المجلس فأوهمه عليه‌السلام أنّ السؤال عن تفسير المغضوب عليهم ولا الضالين ، أمّا الحمل على كون القائلين بهذه اللفظة كاليهود والنصارى فممّا لا يليق ذكره.

__________________

(١) التبيان ١ : ٤٦.

(٢) روض الجنان : ٢٦٧.

(٣) انظر الوسائل ٦ : ١٠٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ١.

(٤) روض الجنان : ٢٦٧.

١٧٢

قوله :

باب من قرأ سورة من العزائم التي في آخرها السجود.

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة قال : « يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع ويسجد ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي البختري وهب بن وهب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام أنّه قال : « إذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها ».

فلا ينافي هذا الخبر الأوّل ؛ لأنّ هذا الخبر محمول على من يصلّي مع قوم لا يمكنه أن يسجد ويقوم فيقرأ الحمد ، فإنّه لا بأس أن يركع ، والخبر الأوّل محمول على المنفرد.

والذي يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : « من قرأ اقرأ باسم ربك ، فإن ختمها فليسجد ، فإذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب وليركع » قال : « فإن ابتليت مع إمام لا يسجد فيجزؤك الإيماء والركوع ، ولا تقرأها في الفريضة اقرأها في التطوع ».

السند‌

في الأوّل : حسن على تقدير ما قدّمناه (١) : من أنّ العدّة المذكورة‌

__________________

(١) في ج ١ : ٤٧٥.

١٧٣

هي من ذكرهم في ترتيب الوضوء من حيث إن الظاهر عدم الاختصاص بذلك الباب.

والثاني : فيه وهب بن وهب وهو ضعيف.

والثالث : فيه عثمان بن عيسى وقد مضى مكرّرا ضعفه (١).

المتن :

في الأوّل : لو لا دعوى الإجماع في كلام بعض (٢) على تحريم قراءة العزيمة في الفريضة لأمكن تأييد الإطلاقات الدالة على قراءة السورة به ، لكن ظاهر الشيخ كما ترى القول بمضمونه ، حيث لم يتعرض لحمله على ما يوافق المشهور.

والثاني : ما ذكره الشيخ في توجيهه لا يتعيّن ، لجواز حمل الأوّل على الفضل والثاني على الجواز.

وما تضمّنه الثالث : من النهي لم يتعرض الشيخ له مع أنّه المهمّ من حيث اقتضائه حمل الأوّل على النافلة أو على قراءة العزيمة سهوا ، ونحو ذلك ، وعلى تقدير عدم الإجماع يمكن حمل النهي في الأخيرة على الكراهة ، كما يؤيّده الأمر بالقراءة في التطوع.

هذا وفي أخبار أُخر ما يدل على الجواز مطلقا ، كما رواه الشيخ في التهذيب في زيادات الصلاة ، والثقة الجليل محمّد بن يعقوب في الحسن ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة ، قال : « يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع‌

__________________

(١) في ج ١ : ٧١ ، ١٨٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٣.

١٧٤

ويسجد » (١).

وروى الشيخ في الصحيح ، عن محمّد ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتى يركع ويسجد ، قال : « يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم » (٢).

وغير ذلك من أخبار نقلتها في كتاب معاهد التنبيه مع زيادة أحكام لا بدّ منها.

وللأصحاب كلام في بطلان الصلاة مع قراءة العزيمة واحتجاج لبعض على المنع (٣).

أمّا الأوّل : فوجّه البطلان بعضهم بزيادة السجدة في الصلاة ، أو ترك الفوريّة الموجب للنهي عن الضد (٤) ؛ واعترض عليه : بعدم ثبوت الفوريّة ، وعلى تقديرها بالبناء على وجوب إكمال السورة وتحقق القران بالبعض (٥) ، والإثبات فيهما مشكل.

وأمّا الثاني : فهو يعرف من الأوّل ، وقد ذكرنا ما في ذلك كلّه في الكتاب المشار إليه ، والحاصل أنّه لا يبعد اختصاص القران بالسورتين التامّتين ؛ لما هو معلوم من جواز العدول من السورة إلى أُخرى مع الشرط المذكور في محلّه ، إلاّ أن يقال : إنّ القران لا يتم إلاّ بالقصد من أوّل الأمر ؛ وفيه : أنّه يستلزم جواز قراءة سورتين بعد قصد قراءة واحدة من أوّل الأمر ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ / ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٩١ / ح ١١٦٧ ، الوسائل ٦ : ١٠٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٧ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٩ ح ١.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٢ ، المدارك ٣ : ٣٥١ ـ ٣٥٣.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٢.

(٥) المدارك ٣ : ٣٥٢.

١٧٥

وإشكاله على تقدير القول بالتحريم ظاهر من إطلاق الأخبار.

وقد ذكر بعض الأصحاب أنّ البطلان بقراءة السورة من العزائم إنّما يظهر بعد قراءة آية السجدة ليتوجّه النهي إلى العبادة (١). وربّما يقال : إنّ وجوب إكمال السورة إذا سلّم لزم منه محذور النهي في العبادة. وفيه نوع تأمّل ، إلاّ أنّه قابل للتسديد ، فما ذكره جدّي قدس‌سره في شرح الإرشاد : من أنّه على القول بالتحريم مطلقا كما ذكره المصنّف ـ يعني العلاّمة ـ والجماعة ، من قرأ العزيمة عمدا بطلت صلاته بمجرد الشروع في السورة وإن لم يبلغ موضع السجود ، للنهي المقتضي للفساد (٢) ؛ محلّ بحث.

هذا ، ويبقى من الأخبار الدالة على المنع ما نقله شيخنا قدس‌سره عن الشيخ (٣) ، والذي رأيته في الكافي ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « لا تقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم ، فإنّ السجود زيادة في المكتوبة » (٤).

قال شيخنا قدس‌سره : وفي الطريق القاسم بن عروة وهو مجهول ، وعبد الله بن بكير وهو فطحيّ (٥).

وما ذكره في القاسم يريد به الجهالة بحاله بسبب عدم وجود ما يدل على المدح والتوثيق مع ذكره في الرجال ، وقد قدّمنا فيه القول وذكر ما توهّم فيه البعض (٦) ، والعجب من قول العلاّمة في المنتهى أنّ القاسم بن عروة ما يحضرني الآن حاله (٧) ، وله في المختلف نظير هذا في كثير من‌

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٣.

(٢) روض الجنان : ٢٦٦.

(٣) المدارك ٣ : ٣٥٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٥ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٠ ح ١.

(٥) المدارك ٣ : ٣٥٢.

(٦) في ج ١ : ٤٣٩.

(٧) المنتهى ١ : ٢٧٦.

١٧٦

الرجال ، وهو يوجب زيادة الفكر ( في سرعة الاستعجال ) (١).

قوله :

باب الحائض تسمع سجدة العزائم.

(٢) الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن الحسين بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) أو شيئا من العزائم وفرغ من قراءته ولم يسجد فأوم إيماء ، والحائض تسجد إذا سمعت السجدة ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ قال : « تقرأ (٣) ولا تسجد ».

فلا ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ الخبر الأوّل محمول على الاستحباب دون الوجوب ، وهذا الخبر محمول على جواز تركه ، ولا تنافي بينهما.

السند‌

في الأوّل : واضح الحال بأبي بصير لتكرّره فيما مضى من المقال (٤).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٢ : أخبرني.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٣ : لا تقرأ.

(٤) في ج ١ : ٧٣.

١٧٧

والثاني : لا ارتياب فيه بعد ما قدمناه في أبان مرارا (١) ، وذكرنا عن قريب القول في رواية الحسين بن سعيد عن فضالة (٢).

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على الحكمين المشتمل عليهما.

والثاني : ما ذكره الشيخ فيه وجه للجمع ، وما ذكره العلاّمة في المختلف في باب الحيض : من أنّ الخبر محمولٌ على المنع من قراءة العزائم ، فكأنّه عليه‌السلام قال : تقرأ القرآن ولا تسجد ، أي لا تقرأ العزيمة التي تسجد فيها ، وإطلاق السبب على المسبب جائز. انتهى (٣). ولا يخفى ما فيه من التكلف.

والعجب أنّه في كتاب الصلاة ذكر المسألة ونقل عن الشيخ في المبسوط جواز السجود للحائض ، وفي النهاية القول بعدم السجود ، ثمّ حكى عن الشيخ الاحتجاج بالرواية ، وأنّه أجاب عنها في الاستبصار بأنّ الخبر الأوّل ـ يعني خبر أبي بصير ـ محمول على الاستحباب دون الوجوب ، وهذا الخبر محمول على الجواز ، ثم قال العلاّمة : وهذا التأويل بعيد ؛ لخروجه عن القولين.

ووجه التعجب أنّه اختار في المسألة في كتاب الصلاة كون الطهارة غير شرط مستدلا بالأصل ورواية أبي بصير ، ثم ذكر رواية عبد الرحمن واصفا لها بالموثّق ، وأجاب بما ترى (٤) ، والحال أنّه لا بدّ له من تأويله إن‌

__________________

(١) في ج ١ : ١٨٣ ، ج ٢ : ١٧٧.

(٢) راجع ص ٧٣ و ٨٧.

(٣) المختلف ١ : ١٨٥.

(٤) المختلف ٢ : ١٨٥ ، ١٨٦ ، المبسوط ١ : ١١٤ ، والنهاية : ٢٥.

١٧٨

كان معمولا به عنده ، وإن لم يكن معمولا به لزمه ردّه.

وقد ردّه في باب الحيض بعدم الصحة (١) ؛ مع أنّ أبان بن عثمان قد نقل الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه (٢) ، والقدح فيه بالناووسيّة من ابن فضّال (٣) ، كما صرّح به في فوائد الخلاصة على ما حكي عن ولده أنّه سأله عن ذلك فأجابه بما ينافي الرد (٤) ، وحينئذ فعدم الالتفات في كتاب الصلاة إلى تأويله غريب.

وكونه مخالفا لقولي الشيخ لا يضرّ ؛ لاحتمال كون مذهبه في الاستبصار غير مذهبه في المبسوط والنهاية ، على تقدير الاعتماد على الاستبصار ، كما ينقل عنه العلاّمة بعض الأقوال من الاستبصار.

ومن العجيب في المقام أنّ الشيخ في أوّل التهذيب ادّعى الإجماع على اشتراط الطهارة في سجود التلاوة ، وهنا كما ترى ، وفي التهذيب في الزيادات من الصلاة حمل خبر أبي بصير على الاستحباب (٥) ، والعلاّمة في المختلف كما سمعته في كتاب الصلاة احتج بأصالة البراءة (٦) ـ يعني من التكليف بالطهارة ـ مع أنّ الشيخ ادّعى الإجماع على الطهارة.

وفي باب الحيض من المختلف استدل بأنّ الاستماع موجب للسجود إجماعا ، ثم ذكر أنّ الحيض لا يصلح للمانعيّة ، والأصل انتفاء غيره ،

__________________

(١) المختلف ١ : ١٨٥.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٤٠.

(٤) حكاه عنه في منهج المقال : ١٧.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٩٢.

(٦) المختلف ٢ : ١٨٥.

١٧٩

وللإجماع (١).

وهذا الاضطراب في الإجماع من الشيخ والعلاّمة يوجب زيادة التعجب ، وهم أعلم بالحال.

أمّا ما اتفق لبعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ من حمل الخبر المبحوث عنه أخيرا على التعجب قائلا : إنّ المعنى كيف تقرأ ولا تسجد؟ (٢) ففيه : أنّه غريب منه ؛ لأنّ السؤال صريح في جواز القراءة وعدمه ، كما ينبئ عنه لفظ « هل » لا أنّ السائل عالم بالجواز سائل عن السجود ، فليتدبّر.

قوله :

باب إسماع الرجل نفسه القراءة‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة وابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا يكتب من القراءة والدعاء إلاّ ما أسمع نفسه ».

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن العبّاس بن معروف ، عن الحسن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ قال : « لا بأس بذلك إن كان أسمع (٣) أُذنيه الهمهمة ».

__________________

(١) المختلف ١ : ١٨٤.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ٥٠.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٥ : لا بأس بذلك إذا أسمع. ، وفي « رض » : لا بأس بذلك إن أسمع.

١٨٠