إستقصاء الإعتبار - ج ٤

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-176-1
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٥٠

كما هو معلوم من مذهب الحنفي (١) ، فيحتمل التقية فيما دلّ على ذلك.

والخامس : واضح الدلالة على مدلول الرابع ، وزيادة أنّ ركعتي الفجر لا يخرج وقتها بطلوع الفجر إلى مقدار صلاة الليل والوتر ، وستسمع الكلام (٢) في ذلك ، واحتمال الاختصاص بمن صلّى صلاة الليل بعيد ، ولا أظن به قائلاً ، لكن الخبر لا يخفى حاله ، وعلى الشيخ يتوجه الإشكال لما يأتي إن شاء الله.

وما قاله الشيخ : من الحمل على ذوي الأعذار وأنّ من جملتها قضاء صلاة الليل ، محلّ تأمّل :

أمّا أوّلاً : فلأنّ الأعذار المنقولة عنه في غير الصبح ليس فيها هذا ، واختصاص الصبح غير ظاهر إلاّ من الرواية ، واحتمال كون وقت الفضيلة في الصبح لمن فعل صلاة الليل بعدها ممكن ، إلاّ أن يقال : إنّ حمل الوقتين على الاختيار والاضطرار يقتضي ما قاله الشيخ ، وفيه : أنّ وقت الاختيار لا مانع من كون الفضيلة فيه متفاوتاً.

وأمّا ثانياً : فلأنّ فعل صلاة الليل قضاءً غير معلوم من الرواية ، بل ربما كان فعل ركعتي الفجر قرينة الأداء ، فليتأمّل.

والسادس : المستدل به لا يدل على آخر الوقت للمعذور ، بل فيه احتمال إرادة آخر وقت الفضيلة ، والنهي عن التعمد لأنّ الفعل في الوقت الأفضل أولى. وقوله : « وأوتر » بعدها ، لا ينفي فعل ركعتي الفجر صريحاً فلا ينافي الخبر الخامس.

__________________

(١) انظر الأشباه والنظائر : ١٧١.

(٢) في « فض » و « رض » : القول.

٤٤١

قوله (١) :

باب من صلّى أربع ركعات من صلاة الليل فطلع عليه الفجر.

الحسين (٢) بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى (٣) ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن أبي الفضل النحوي ، عن أبي جعفر الأحول محمّد بن النعمان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا صلّيت أنت (٤) أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتمّ الصلاة طلع (٥) أو لم يطلع ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن يعقوب البزّاز قال : قلت له : أقوم قبل الفجر بقليل فأُصلّي أربع ركعات ثم أتخوف أن ينفجر الفجر أبدأ بالوتر أو أُتمّ الركعات؟ قال : « لا بل أوتر وأخّر الركعات حتى تقضيها في صدر النهار ».

فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على الفضل ؛ لأنّ الفضل أن يصلّي الفريضة في أول الوقت ، والرواية الاولى رخصة على ما بيّناه قبل هذا.

__________________

(١) في « رض » : قال.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٨٢ / ١٠٢٥ : أخبرني الحسين.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٨٢ / ١٠٢٥ : عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٨٢ / ١٠٢٥ : إذا أنت صليت.

(٥) في نسخة من الإستبصار ١ : ٢٨٢ / ١٠٢٥ زيادة : الفجر.

٤٤٢

السند‌ :

في الأوّل : فيه أبو الفضل النحوي ولم أقف عليه في الرجال ؛ وعلي ابن الحكم هنا هو ابن الزبير مولى النخع ؛ لأنّ الراوي عنه محمّد بن إسماعيل ، وقد قدّمنا (١) احتمال الاتحاد مع الثقة ، لأنّ النخعي لم يوثّق ، وعلي بن الحكم الكوفي وثّقه النجاشي (٢) ، والراوي عنه أحمد بن محمّد ابن عيسى ، والعلاّمة ذكر الأنباري (٣) ، واحتمال الاتحاد ربما يوجّه بما أسلفناه (٤).

والحاصل أنّ عدم ذكر النجاشي للأنباري قد يدل على أنّه النخعي ، والعلاّمة لم يذكر النخعي ، والنجاشي ذكر في ترجمة أبي شعيب المحاملي أنه مولى عليّ بن الحكم بن الزبير الأنباري (٥) ، والحال أنّه لم يذكره ، فيبعد تركه مع ذكره في أبي شعيب ، غير أنّ باب الاحتمال واسع.

فإن قلت : محمّد بن إسماعيل المذكور في الرواية والراوي عن علي ابن الحكم واحد ، لكن تعيّنه غير معلوم.

قلت : الظاهر أنّه ابن بزيع ؛ لأنّ محمّد بن أحمد بن يحيى في مرتبة من يروي عنه ، وإن كان احتمال غيره في حيّز الإمكان.

والثاني : فيه محمّد بن سنان ، وقد تكرّر القول فيه (٦) ، ويعقوب‌

__________________

(١) في ص ١٨٠.

(٢) كذا في النسخ ، والظاهر أن الصحيح : وثّقه الشيخ ، لأن علي بن الحكم الكوفي غير مذكور في رجال النجاشي ، وإنّما وثّقه الشيخ في الفهرست : ٨٧ / ٣٦٦.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٩٨ / ٣٣.

(٤) في ص ١٨٠.

(٥) رجال النجاشي : ٤٥٦ / ١٢٤٠.

(٦) في ص ٨٥.

٤٤٣

البزّاز الظاهر أنّه يعقوب الأحمر المذكور في رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ ، لأنّ الشيخ قال : روى عنه ابن مسكان (١) ، ويعقوب الأحمر الظاهر أنه ابن سالم الأحمر المذكور في رجال الصادق عليه‌السلام ، وهما مهملان في كتاب الشيخ (٢) ، إلاّ أنّ النجاشي وثّق ابن سالم الأحمر على ما نقله ابن طاوس في كتابه ، وتبعه العلاّمة في الخلاصة على ما أظن (٣).

وقد ذكر العلاّمة (٤) والنجاشي في المنقول أنّه : أخو أسباط بن سالم (٥) ، والشيخ ذكر في رجال الصادق عليه‌السلام يعقوب بن سالم أخا أسباط أيضا (٦) ، لكن الشيخ له نظائر في الكتاب فيذكر الاسم متعدّداً بمجرد الاختلاف في الوصف.

ثم إنّ ابن مسكان الراوي فيه اشتراك بين الحسن (٧) بن مسكان ومحمّد بن مسكان وعبد الله الثقة ، واحتمال تبادر عبد الله قد قدّمناه (٨) ، وفي هذا المقام هو عبد الله ؛ لرواية محمّد بن سنان ، وأثر هذا هيّن هنا ، وإنّما ذكرناه لبيان الواقع.

المتن :

في الأول (٩) : ظاهر الدلالة على أنّ من صلّى أربع ركعات من صلاة‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٣٧ / ٦٦.

(٢) رجال الطوسي : ٣٣٦ / ٥٤.

(٣) خلاصة العلاّمة : ١٨٦ / ٢.

(٤) خلاصة العلاّمة : ١٨٦.

(٥) رجال النجاشي : ٤٤٩ / ١٢١٢.

(٦) رجال الطوسي : ٣٣٧ / ٦٥.

(٧) في « د » : الحسين.

(٨) في ص ١٢١.

(٩) في « فض » زيادة : كما ترى ، وهي مشطوبة في « د ».

٤٤٤

الليل وطلع الفجر يتمّ ، والإتمام محتمل لصلاة الليل وحدها أو هي مع الوتر ، ولا يبعد إرادة الثاني ، لإطلاق صلاة الليل على المجموع ، وتقيّدها في بعض الأخبار بالثمان لذكر الوتر بسبب الخصوصيات.

والظاهر من الأربع الإتمام ؛ وفي تحقّقه بالتسليم ، أو بالسجدة الأخيرة من الركعة الثانية من الرابعة ، تامّة أو بمجرّد السجدة وإن لم يرفع ، احتمالات (١) ، لكن المصرّح به في كلام جدّي قدس‌سره في مسائل الشك : أنّ إتمام الركعة يتحقّق بالسجدة الأخيرة وإن لم يرفع منها (٢).

ولا يخفى أنّ مدلول الخبر إذا صلّى أربع ركعات ، أمّا لو انتبه وظنّ أنّ الوقت لا يسع إلاّ الأربع هل له أن يصلّيها ليزاحم بها الصبح أم لا؟ فالذي يقتضيه ظاهر ما دلّ على الجواز بعد الفجر بجميع الصلاة ولا تكون عادةً ، يدل على أنّ مثل هذه الصورة بطريق أولى ، ( بل يستفاد الحكم المذكور في الرواية من ذلك الظاهر ) (٣) على تقدير عدم العمل بهذا الخبر ، واللازم (٤) من هذا التقييد بعدم الاعتياد.

وما أشرنا إليه في مفهوم الموافقة في هذا الكتاب من الإشكال يقتضي التوقف في مثل هذا الاستدلال ؛ لاحتمال اختصاص [ الحكم بالانتباه (٥) ] بعد الصبح دون غيره ، إلاّ أنّه يحصل الاستيناس في المقام بالخبر ، على أنّ بعض الأخبار الدالة على سعة وقت النافلة (٦) يؤيّد الحكم في الجملة.

__________________

(١) في « رض » : وإن لم يرفع رأسه ، احتمالات كثيرة.

(٢) المسالك ١ : ٤١ ، روض الجنان : ٣٥١.

(٣) بدل ما بين القوسين في « فض » : بل يستفاد الحكم في الرواية ذلك على الظاهر.

(٤) في « رض » : اللازم.

(٥) في النسخ : حكم الانتباه ، والصحيح ما أثبتناه.

(٦) انظر الوسائل ٤ : ٢٢٦ أبواب المواقيت ب ٣٥.

٤٤٥

والثاني : واضح الدلالة على البدأة بالوتر وتأخير الركعات حتى يقضيها في صدر النهار ، وهذا لا يدل على ما نقلناه عن بعض الأصحاب ، لأنّه قال : فَعَل الوتر مخفّفاً (١) ، والخبر لا يتضمن ذلك.

ولا يخفى أنّ هذا لا ينافي ما قدّمناه من احتمال الاجتزاء بالوتر على تقدير الابتداء به في خبر محمد بن مسلم في الباب السابق (٢) ، لأنّ هذا الخبر مورده فعل الوتر بعد أن صلّى أربعاً بخلاف ذلك ، ولا يظن الأولوية بعد وجود الخبر هذا على تقدير العمل به.

وما يقال : من أنّ أخبار السنن تتسامح فيها ؛ لحديث : « من بلغه شي‌ء من الثواب على عمل » الحديث (٣). ففي نظري القاصر أنّ الظاهر من الخبر هو أن يبلغ الإنسان شي‌ء من الثواب على عمل ، لا نفس العمل الذي فيه الثواب ليدخل المستحب ، حيث إنّ من لوازمه الثواب ، فإنّ هذا وإن احتمل ، إلاّ أنّ ما قلناه قد يدّعى ظهوره ، وينبّه عليه أنّهم لم يستدلوا به في الواجب ، إذا ثبت بخبر ضعيف ، مع أنّ الثواب فيه حاصل.

ولو قيل : إنّ ثواب الواجب مقرون بكونه واجباً ، فإذا لم يثبت لا يكون واجباً فلا ثواب.

قلت : فكذا المستحب.

واحتمال أن يقال : إنّ فعل الواجب بقصد مطلق الثواب للخبر الضعيف لا مانع منه.

فيه : أنّ فعل المستحب إن كان لمطلق الثواب لا ثواب المستحب ،

__________________

(١) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٧.

(٢) راجع ص ١٣٨٥.

(٣) ثواب الأعمال : ١٦٢ ، الوسائل ١ : ٨٠ أبواب مقدمة العبادات ب ١٨ ح ١.

٤٤٦

فالواجب ما ذكر فيه مسلّم ، لكن ظاهر كلام الأصحاب القائلين بالخبر خلاف هذا.

ولو قيل : إنّه تسامح (١) في إطلاق المستحب.

أمكن الجواب بأنّ هذا نوع آخر من الأحكام ، والمقصود بيان حكم المستحب منها.

ولو قيل : إنّ ثواب المستحب يتحقق بأيّ وجه كان ، فلا مانع من إطلاق المستحب.

أمكن أن يقال : إنّ الواجب حينئذ إذا كان خبره ضعيفاً وعملنا به لمطلق الثواب كان مستحباً ، ولا أعلم القائل به (٢) في الواجب مطلقا ، والخبر يتناوله على تقدير ما قاله القائل به ، أمّا على تقدير ما قلناه فالفرق منتفٍ ؛ لأنّ من بلغه الثواب في واجب أو غيره فعمله بقصد ذلك الثواب حصل له.

وما قد يقال (٣) : من أنّ في خبر : « من بلغه » دلالةً على جواز قصد الثواب في الفعل.

له وجه ، إلاّ أنّ الظاهر كون محل الخلاف القصد في أوّل العبادة ، وقد يمكن تمشّي الحكم لما قبلها ، إلاّ أنّ تأثيره في بطلان العبادة إذا وقع قبلها غير ظاهر الوجه ، والمنقول بطلان العبادة بقصد الثواب ، وهذا البحث بالعارض لتعلّقه بما نحن فيه.

إذا عرفت هذا فما ذكره الشيخ في الرواية المبحوث عنها من الحمل على الفضل والرواية الاولى على الرخصة. فيه : أنّ المتقدم منه جواز‌

__________________

(١) في « رض » : يتسامح.

(٢) في « فض » : بالخبر.

(٣) في « فض » و « رض » : وما يقال.

٤٤٧

التأخير لذوي الأعذار ، ومن جملة الأعذار : قضاء صلاة الليل ، وحينئذ يكون وقته وقت المعذور ، وحمل هذا الخبر على الفضل ينافي ذلك ، لأنّ وقت المعذور بالنسبة إليه فيه الفضل فلا وجه للجمع حينئذ.

ويمكن أن يقال : إنّ العذر مرجعه إلى الشارع ، فلمّا ورد منه التأخير إلى الوقت الثاني في الصبح وفعل صلاة الليل حكمنا بكونه عذراً ، بخلاف هذه الصورة ؛ إذ قد حكم الشارع بالتأخير لبقيّة النافلة ، فلا يكون عذراً ، ولا يخفى عليك أنّ عبارة الشيخ لا يساعد على هذا إلاّ بتكلّف ، ولعلّ الحمل على التخيير ممكن بتقدير العمل بالأخبار ، فليتأمّل.

قوله :

باب وقت ركعتي الفجر.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد ابن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما؟ قال : « قبل طلوع الفجر ، فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة ».

عنه ، عن عليّ بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن مهزيار قال : قرأت في كتاب رجل إلى أبي جعفر عليه‌السلام : الركعتان اللتان قبل صلاة الفجر من صلاة الليل هي أم من صلاة النهار ، وفي أيّ وقت أُصلّيهما؟ فكتب بخطّه : « احشوهما في صلاة الليل حشواً ».

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر‌

٤٤٨

قال سألت الرضا عليه‌السلام عن ركعتي الفجر ، فقال : « احشوا بهما (١) صلاة الليل ».

الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : ركعتا الفجر من صلاة الليل هي؟ قال : « نعم ».

وعنه ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : « قبل الفجر ، إنّهما من صلاة الليل ، ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل ، أتريد أن تقايس؟ لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تطوّع (٢)؟ إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة ».

عنه ، عن النضر ، عن هشام ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الركعتين قبل الفجر؟ قال : « تركعهما حين تنّور الغداة إنّهما قبل الغداة ».

وعنه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن مخلد بن حمزة بن بيض ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن أول وقت ركعتي الفجر فقال : « سدس الليل الباقي ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : ركعتي الفجر أُصلّيهما قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : قال (٣) أبو جعفر عليه‌السلام : « احش بهما (٤) صلاة الليل وصلّهما‌

__________________

(١) في « فض » احش بهما.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٨٣ / ١٠٣١ : تتطوع.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٨٣ / ١٠٣٤ : قال : فقال.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٨٣ / ١٠٣٤ : احشوا بهما.

٤٤٩

قبل الفجر ».

السند‌ :

في الأوّل لا ارتياب فيه ، وهو حسن.

والثاني : فيه سهل بن زياد ، وقد تكرّر (١) ، وعليّ بن محمّد هو علاّن الكليني الثقة ، والضمير في « عنه » لمحمّد بن يعقوب.

والثالث : لا ارتياب في صحته بعد ما قدّمناه (٢).

والرابع : فيه زرعة ، وهو واقفي ثقة ؛ والحسن هو ابن سعيد ، وأبو بصير تكرر القول فيه (٣) كابن مسكان (٤).

والخامس : فيه النضر وقد مضى (٥) أنه ابن سويد ؛ وهشام بن سالم لا ارتياب فيه كما يعلم من كتاب شيخنا أيّده الله في الرجال (٦).

والسادس : هشام فيه ابن سالم كما لا يخفى ، وسليمان بن خالد تقدّم فيه القول مفصّلاً (٧).

والسابع : فيه مخلد ، وفي التهذيب : محمّد بن أبي حمزة بن بيض (٨) ، وعلى كل حال فهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف عليهما في الرجال.

__________________

(١) راجع ص ٩٥.

(٢) في ص ١٣٠.

(٣) راجع ص ٥١.

(٤) راجع ص ١٢١.

(٥) في ص ١٣٨.

(٦) منهج المقال : ٣٦٦.

(٧) في ص ٢٧٤.

(٨) التهذيب ٢ : ١٣٣ / ٥١٥.

٤٥٠

والثامن : لا ارتياب في صحته.

المتن :

لا بدّ قبل الكلام فيه من ذكر الأقوال المنقولة في المقام ، فعن السيّد المرتضى رضي‌الله‌عنه : أنّ وقت ركعتي الفجر عند طلوع الفجر الأوّل (١).

وعن الشيخ في النهاية : أنّه عند الفراغ من صلاة الليل ، وإن كان قبل طلوع الفجر (٢). وهو اختيار ابن البراج (٣).

وعن الشيخ في المبسوط : أنّه بعد الفراغ من صلاة الليل بعد أن يكون طلع الفجر الأول (٤).

وعن ابن الجنيد : أنّ الوقت لصلاة الليل والوتر والركعتين من حين انتصاف الليل على الترتيب إلى طلوع الفجر الأول ، ولا يستحب صلاة الركعتين قبل سدس الليل من آخره (٥).

إذا عرفت هذا فالمنقول في المختلف عن الشيخ الاستدلال [ بالخامس والثامن (٦) (٧) ] وغير خفي أنّ مفاد [ الخامس (٨) ] كونهما من صلاة الليل وعدم جواز فعل الركعتين بعد دخول وقت الفريضة ، فإن كان احتجاج الشيخ لقوله في النهاية فهو دالّ عليه ، ويفيد استدلاله امتداد وقتهما بعد الفجر‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف ٢ : ٥٦.

(٢) النهاية : ٦١.

(٣) المهذب ١ : ٧٠.

(٤) المبسوط ١ : ٧٦.

(٥) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٥٧.

(٦) في النسخ : بالسادس والثالث ، والظاهر ما أثبتناه كما في المختلف.

(٧) المختلف ٢ : ٥٧.

(٨) في النسخ : السادس ، والظاهر ما أثبتناه.

٤٥١

الأوّل إلى الثاني ، ويكون قوله : وإن كان قبل طلوع الفجر. يريد به الأوّل ، ويحتمل الثاني ، وحينئذ قوله في المبسوط مخالف باعتبار تقيّده بطلوع الأوّل.

[ والثامن (١) ] : مطلق في كونهما من صلاة الليل ، ومن جملة أحكام صلاة الليل جواز فعلها بعد طلوع الفجر الثاني في الجملة ، إلاّ أن يقيّد الخبر [ بالخامس (٢) ] ويخصّ جواز فعل صلاة الليل بغير الركعتين ، والحال أنّه تقدم من الأخبار ما يدل على فعل الركعتين بعد الفجر (٣) ، فالاحتجاج لا يخلو من إجمال ، كما في المنقول من قوله ، وستسمع كلامه في هذا الكتاب ، وينقل أنّ المشهور امتدادهما إلى طلوع الحمرة ، وسيأتي ما قد يظنّ منه الاستدلال للمشهور.

ثم إنّ الخبر الأول : كما ترى ظاهر في أنّ فعلهما قبل الفجر الثاني لقوله : « فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة ».

والثاني : صورته في النسخ التي وقفت عليها كما نقلته (٤) ، وفي التهذيب : « احشهما (٥) في صلاة الليل حشواً » (٦) وكأنّ ما هنا تصحيف ، ودلالته ظاهرة على إدخالهما في صلاة الليل ، وربما يلزم من ذلك أنّ أحكام صلاة الليل لازمة لهما ، وقد تقدم [ أنّ (٧) ] من جملة أحكامها جواز الفعل بعد الفجر ، إلاّ أن يقال (٨) ما سبق من التخصيص ، وفيه ما فيه ؛

__________________

(١) في النسخ : والثالث ، والصواب ما أثبتناه.

(٢) في النسخ : بالسادس ، والظاهر ما أثبتناه.

(٣) راجع ص ٤٣٧.

(٤) في ص ٤٤٨.

(٥) في « رض » والتهذيب : احشوهما.

(٦) التهذيب ٢ : ١٣٢ / ٥١٠ ، الوسائل ٤ : ٢٦٥ أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٨.

(٧) ما بين المعقوفين أثبتناه لاستقامة العبارة.

(٨) في « رض » زيادة : بعد.

٤٥٢

لجواز الحمل على أفضلية الفعل قبل الفجر وإن جاز بعده ، لدلالة المفصّل من الأخبار الآتية.

والثالث : كالثاني ، وقد تقدّم بعض القول فيه في استدلال الشيخ المنقول (١).

والرابع : كالثالث والثاني ، إلاّ أنّ دلالته ليست كدلالتهما ، من حيث إنّ في الأمر بالحشو مبالغةً غير خفيّة.

والخامس : فيه بعد ما قدّمناه (٢) أنّ قوله عليه‌السلام : « أتريد أن تقايس » لا يخلو من نوع إجمال.

وقد ذكر بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله أنّ قوله : « تقايس » بالبناء للمفعول ، أي [ أتريد أن (٣) ] يُستدلّ لك بالقياس؟ ويجوز قراءته بالبناء للفاعل ، أي تريد أن تستدل أنت بالقياس؟ قال : ولعلّه عليه‌السلام لمّا علم أنّ زرارة كثيراً ما يبحث مع المخالفين أراد أن يعلّمه طريق إلزامهم ، أو الغرض (٤) تنبيه زرارة على اتحاد حكم المسألتين وتمثيل مسألة لم يكن يعرفها بمسألة هو عالم بها ، ومثل ذلك قد يسمّى مقايسة (٥). انتهى ملخّصاً.

وفي نظري القاصر أنّ الاحتمال الثاني لا وجه له ؛ لأنّه سلّمه الله ذكر في الكتاب خبراً معدوداً من الصحيح عن زرارة ، ومتنه : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أُصلّي نافلةً وعليّ فريضة أو في وقت فريضة؟ قال : « لا ،

__________________

(١) في ص ١٣٩٧.

(٢) في ص ١٣٩٧.

(٣) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٤) في النسخ : والغرض ، وما أثبتناه من المصدر.

(٥) البهائي في الحبل المتين : ١٤٨.

٤٥٣

إنه لا يصلّى نافلة في وقت فريضة ، أرأيت : لو كان عليك من شهر رمضان أكان لك أنْ تتطوّع حتى تقضيه؟ » قال : قلت : لا ، قال : « فكذلك الصلاة » قال : فقايسني وما كان يقايسني (١). وهذا الخبر كالصريح في الاحتمال الأول إلاّ أن يحمل قوله : قايسني ، على تعليم القياس. وفيه : أنه خلاف الظاهر.

ولا يخفي أنّ الظاهر في المقام عدم الجامع ؛ فإنّ قياس القضاء على الأداء ليس فيه إلزام المخالف ، إلاّ أن يكون في مذهبهم نحو هذا ، وربما يقال : إنّ وجه القياس اتساع وقت قضاء الصوم ، فكلّ (٢) الزمان ، وقت ، ولمّا كان وقتاً لم يجز التطوع فكذلك الصلاة ، وإن اختلف الوقت في السعة والضيق.

على أنّه يمكن ادعاء أنّ المراد بقوله في الخبر المبحوث عنه : « لو كان عليك » الأداء ، والتعبير بهذا عن الأداء لا بعد فيه ، ولا ريب أنّ في وقت الأداء لا يقع التطوع بالصوم ، بخلاف القضاء ؛ فإنّ السيّد المرتضى قائل بجوازه (٣) ، والعلاّمة في بعض كتبه (٤) ، وحينئذ لا بدّ للقائل بالجواز العامل بالأخبار من هذا التأويل ، والخبر الذي نقلناه الدال على القياس وإن تضمن القضاء إلاّ أنّ استعماله في الإتيان بالفعل شائع في الأخبار ، وقد ذكرنا وجهاً آخر في الخبر في حاشية التهذيب لتوجيه القياس ، إلاّ أنّه متكلّف.

إذا عرفت هذا فالخبر المبحوث عنه له ظهور في منع الفعل بعد طلوع الفجر الثاني ، بل وعلى عدم فعل صلاة الليل كذلك سواء اتخذه عادةً أم لا ، تلبّس بأربع أم لا ، سيّما والأدلة على منع صوم النافلة لمن عليه صوم‌

__________________

(١) حبل المتين : ١٥٠.

(٢) في « فض » : وكل.

(٣) رسائل الشريف المرتضى ٢ : ٣٦٥.

(٤) القواعد ١ : ٦٨.

٤٥٤

شهر رمضان قويّة ، كما ذكرناه في معاهد التنبيه على كتاب من لا يحضره الفقيه ؛ لكن بتقدير التأويل في الخبر يزيد الإشكال ؛ لأنّ صوم التطوع في شهر رمضان مقطوع بنفيه ، فالتشبيه به يقتضي المنع من فعل النافلة في وقت الفريضة ، والحال أنّ معتبر الأخبار قد دلّ على الجواز في الجملة (١).

ومن هنا يمكن أن يقال بتعيّن الوجه الآخر في قوله عليه‌السلام : « أتريد أن تقايس؟ » لأنّ إلزام أهل الخلاف ممكن بالوجه المذكور سيّما على ما احتملناه ، واللازم من التوجيه أن يحمل الأمر فيه بترك النافلة خوفاً من أهل الخلاف ، وربما يتوجه أن يقال : إنّه بالبناء للمفعول والمقايس له أهل الخلاف ، والمعنى : تريد فعل النافلة عندهم حتى يقع منهم القياس الملزم لك في مذهبهم؟.

وقوله في الخبر الآخر : فقايسني ، إلى آخره. يراد به أنه علّمني قياسهم ، وفي الظن أنّ هذا لا بدّ منه في توجيه الحديث ، وعليه فلا يعارض ما دلّ على جواز فعل صلاة الليل وركعتي الفجر بعده كما سيأتي (٢).

وما يدلّ عليه كلام الشيخ الآتي (٣) من أنّ أكثر العامّة قائلون بجواز فعل الركعتين بعد الفجر ، ربما يجاب عنه بأنّه قال : إنّ نفراً يسيراً منهم وافقنا فلعلّ التقيّة له ، إلاّ أنّ ما يأتي من الخبر الدال على التقية ينافيه ، ولعل عدم صحّته يسهّل الخطب وإن كان في البين كلام.

والسادس : وإن كان ظاهره المنافاة لما قبله وكان حقّه أن يذكر في المنافي ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الشيخ فهم من قوله : « تركعهما » الإنكار‌

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٢٢٦ أبواب المواقيت ب ٣٥.

(٢) في ص ١٤٠٣.

(٣) في ص ١٤٠٤.

٤٥٥

على فعلهما حين التنوير بقرينة قوله : « إنّهما قبل الغداة » وهذا وإنْ احتمل إلاّ أنّ احتمال أنْ يراد الإخبار عن فعلهما حين التنوير وهو وقت الغداة ، وقوله : « إنّهما » علّة للجواز ، كأنّه قال : وقتهما قبل الغداة ، وإذا كان وقتهما ممتدّاً للتنوير فهما قبلهما. ولا يخفى أنّ وجود المعارض كما سيأتي يقتضي هذا الحمل ولو ظنّ بعده ، أمّا على تقدير العمل بما دلّ على المنع يتعيّن الأوّل ، لكن الشيخ لا يمنع على الإطلاق كما نذكره إن شاء الله.

وأمّا السابع : فهو في حيّز الإجمال ؛ لأنّ السؤال عن أوّل الوقت إن أُريد به أوّل وقت الفضل فالجواب بأنّ الأوّل السدس الباقي يقتضي أنّ من أول السدس إلى آخره وقت فضيلة الركعتين ، والحال أنّ الشيخ قد روى فيما يأتي ما يدلّ على رجحان الفعل بعد الفجر ، إلاّ أن يحمل الآتي على التقيّة ، ولا يخفى أنّه يبقى ما دلّ على أنّه يحشو بهما صلاة الليل مخالفاً لهذا الخبر ، إلاّ أن يخصّ هذا بغير من صلّى صلاة الليل أو يقيّد به ، وفيه ما فيه.

وفي بعض الأخبار ما يدل على أنّ أحبّ ساعات الوتر الفجر الأوّل (١) ، وفي بعضها : أنّ في الليل ساعةً يستجاب فيها الدعاء ، وهي : إذا مضى النصف إلى الثلث الباقي (٢). ويمكن توجيه الجمع بأنّ استجابة الدعاء لا يختص بالوتر ، بل يجوز أن يكون وقت الوتر أفضل من حيثيّة أُخرى.

وما ذكره بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : من أنّ المراد أنّ الساعة ما بين النصف الأول والثلث الأخير وهي السدس الرابع ؛ لتضمن صحيحة أُخرى لراوي المذكورة (٣) أنّ الساعة إذا مضى نصف الليل في‌

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٢٧٢ أبواب المواقيت ب ٥٤ ح ٤.

(٢) انظر الوسائل ٧ : ٦٩ أبواب الدعاء ب ٢٦.

(٣) وهو عمر بن يزيد.

٤٥٦

السدس الأول من النصف الثاني (١). لا يخلو من وجه ، إلاّ أنّه قد ذكر رواية بعد الرواية الاولى : أنّ أحبّ ساعات الوتر إليه عليه‌السلام الفجر الأول ، وأفضل ساعات الليل الثلث الباقي ، وغير خفيّ أنّ هذه الرواية تنافي التوجيه المذكور ومحتاجة إلى ( وجه بيان ) (٢) كون الوتر ليس في الساعة المذكورة.

ويحتمل أنْ يقال : إنّ « الى » بمعنى « مع » وقوله : الباقي ، خبر مبتداءٍ محذوفٍ أي هي الباقي ، والمعنى : إذا مضى النصف مع الثلث فالساعة الباقي ، إلاّ أنّ الخبر المذكور في التأييد لا يوافق هذا إلاّ بتكلّف إرادة السدس الأول إذا بدئ بالآخر (٣) ، وفيه ما لا يخفى ، مضافاً إلى خبر آخر غير سليم الإسناد صريح في نفيه ، إلاّ أنّ ضرورة الجمع بين الخبر المبحوث عنه ربما يقتضي التكلّف ، والحقّ أنّ الخبر لا حاجة إلى التزام الجمع المذكور فيه ؛ لاحتمال أن يكون وقت الوتر غير الوقت المذكور في الأخبار الأُخر ، أو يقال : إنّ الخبر المبحوث عنه يراد بالسدس الباقي فيه : بعد خروج النصف ، وفيه ما فيه.

وعلى كل حال فالأخبار في وقت الوتر مختلفة ، ولا مانع من اختلاف وقت الفضيلة ، هذا.

وإن أراد السائل أوّل وقت الإجزاء أشكل بأنّ ما دلّ على الفراغ من صلاة الليل يدل على الإجزاء بعده ، إلاّ أن يحمل على أنه لا يجزئ إلاّ في السدس ، وفيه : أنّه غير معلوم القائل به.

وأمّا الثامن : فهو ظاهر الدلالة على فعلهما قبل الفجر لكن الفجر‌

__________________

(١) البهائي في الحبل المتين : ١٤٨.

(٢) كذا في النسخ ، والأنسب : بيان وجه.

(٣) في « رض » : الأخير.

٤٥٧

محتمل للأول والثاني ، وربما يدّعى تبادر الثاني ، مضافاً إلى ما دل على المنع بعد الفجر ، وقد يخصّ بما إذا صلّى الركعتين منفردتين أو مع صلاة الليل ويقيّد بغير ما يصير عادة ، فليتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « صلّ ركعتي الفجر قبل الفجر وبعده وعنده ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن ابن أبي يعفور. ومحمّد بن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران ، عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ركعتي الفجر متى أصلّيهما؟ فقال : « قبل الفجر ومعه وبعده ».

وعنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « صلّهما مع الفجر وقبله وبعده ».

ابن مسكان ، عن يعقوب بن سالم البزّاز قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « صلّهما بعد الفجر واقرأ فيهما في الاولى (١) : قل يا أيّها الكافرون ، وفي الثانية : قل هو الله أحد ».

( ابن مسكان ) (٢) ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن محمّد ابن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ركعتي الفجر ، فقال : « صلّهما قبل الفجر ومع الفجر وبعد الفجر ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٨٤ / ١٠٣٨ : الأول.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٨٤ / ١٠٣٩ بدل ما بين القوسين : عنه.

٤٥٨

عنه ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « صلّهما بعد ما يطلع الفجر ».

فالوجه في هذه الأخبار أحد شيئين : أحدهما : أن يكون ذلك رخصة لمن يصلّيهما في أول ما يبدأ الفجر استظهاراً ليتبيّن وقت الفريضة على اليقين.

يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن إسحاق بن عمار ، عمن أخبره ، عنه عليه‌السلام قال : « صلّ ركعتين (١) ما بينك وبين أن يكون الضوء بحذاء رأسك ، فإذا كان بعد ذلك فابدأ بالفجر ».

وعنه (٢) ، عن القاسم بن محمّد ، عن الحسين بن أبي العلاء قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقوم وقد نوّر بالغداة ، قال : « فليصلّ السجدتين اللتين قبل الغداة ثم ليصلّ الغداة ».

والوجه الآخر أن تكون محمولة على ضرب من التقية ؛ لأنّ ذلك مذهب أكثر العامة وليس يوافقنا عليه إلاّ نفر يسير ، والذي يدلّ على ذلك :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : متى أُصلّي ركعتي الفجر؟ قال : فقال لي : « بعد طلوع الفجر » قلت له : إنّ أبا جعفر عليه‌السلام أمرني أن أُصلّيهما قبل طلوع الفجر ، فقال : « يا أبا‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٨٤ / ١٠٤١ : الركعتين.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٨٥ / ١٠٤٢ : عنه.

٤٥٩

محمّد! إنّ الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمُرّ الحق ، وأتوني شكّاكاً فأفتيتهم بالتقية ».

فأمّا ما رواه ابن ابي عمير ، عن حمّاد بن عثمان قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : « ربما صلّيتهما وعليّ ليل فإن قمت ولم يطلع الفجر أعدتهما ».

وما رواه صفوان ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « إنّي لأُصلّي صلاة الليل وأفرغ من صلاتي وأُصلّي الركعتين وأنام (١) ما شاء الله قبل أن يطلع الفجر ، فإن استيقظت عند الفجر أعدتهما ».

فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على من يصلّي الركعتين قبل الفجر الأول ، فإنّه يستحب له أن يعيدهما ما لم يطلع الفجر الثاني وليس ذلك بواجب.

السند‌ :

في الأول : لا ريب في صحّته بعد ما قدمناه (٢).

والثاني : صحيح أيضاً بالطريق الأول ؛ لاشتماله على طريقين إلى ابن أبي يعفور من الحسين بن سعيد ، أوّلهما : عن صفوان عن العلاء عن ابن أبي يعفور. والثاني : عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران ، عن ابن أبي يعفور.

وفي الثاني محمّد بن حمران ، وهو ابن أعين ، لرواية ابن أبي عمير‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٨٥ / ١٠٤٥ : فأنام.

(٢) في ص ٧٧٨.

٤٦٠