إستقصاء الإعتبار - ج ٤

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-176-1
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٥٠

وفي مالك بن عطيّة قال : إنّه الأحمسي ولم يذكر مالك بن عطيّة غيره ، كما لم يذكره في إخوة الحسن ، والشيخ في رجال الصادق عليه‌السلام ذكر مالك الأحمسي (١) ، ولم يذكر أخا الحسن ، فالظاهر أنّ مالكاً ليس من الإخوة ، أو ليس من المشهورين ، وعلى كلّ حال فما ذكره ابن داود من التعدّد وتوثيقهما نقلاً عن الشيخ (٢) ، غريب.

أمّا ما يقتضيه كلام النجاشي من قوله : وأخواه أيضاً محمّد وعليّ ، إلى آخره. من التوثيق للجميع فهو ظاهر ، واحتمال أن يعود للرواية عن أبي عبد الله عليه‌السلام بعيد ، فلا يتوجه على العلاّمة وشيخنا أيّده الله الإشكال في توثيقهما (٣) وفي نقل التوثيق فيهما عن النجاشي.

ومن عجيب الواقع أنّ العلاّمة في الخلاصة وثّق عليّ بن عطيّة كما سمعت ، وفي محمّد بن عطيّة قال : محمد بن عطيّة الحنّاط أخو الحسن وجعفر روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وهو ضعيف (٤).

والحال أنّ النجاشي قد سمعت كلامه في التوثيق لعلي ومحمّد (٥) ، وحينئذ لا وجه لتوثيق علي وتضعيف محمّد ، والظاهر أنّ التضعيف وهم ؛ لأنّ النجاشي قال في محمّد بن عطيّة نحو ما ذكر العلاّمة ، ثم قال : روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام وهو صغير (٦) ؛ فصحّف الصغير بالضعيف.

ثم إنّ ذكر جعفر في محمّد يدلّ على أنّ من إخوة الحسن : جعفراً ،

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٠٨ / ٤٥٧.

(٢) رجال ابن داود : ٧٤ / ٤٣٢ و ٤٣٣.

(٣) الخلاصة : ٤٢ ، منهج المقال : ١٠١.

(٤) الخلاصة : ١٠٣ / ٧٢ و ٢٥٥ / ٤٩.

(٥) راجع ص ١٣٤٢.

(٦) رجال النجاشي : ٣٥٦ / ٩٥٢.

٣٨١

ولم يتقدّم في الحسن من النجاشي ، فكأنّه لعدم كونه ثقة ، إلاّ أنّ ذكره مع محمّد والحال أنّ علياً أعلى منه غير ظاهر الوجه ، والأمر سهلٌ.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ قول النجاشي : ما رأيت أحداً من أصحابنا ذكر له تصنيفا (١). ينافي ما قاله الشيخ : من أنّ له كتاباً (٢). واحتمال أن يعود قول النجاشي لعليّ بن إبراهيم بن الحسن بعيد ، إذ المقام مقام الحسن ، فليتدبّر.

والثالث : فيه الحسن بن علي بن فضّال وقد تقدّم مع ثعلبة بن ميمون (٣). وقول الشيخ : الحسن بن علي بناءً على الإسناد السابق ، كما هي عادة الكليني ، وقد ظنّ الوالد قدس‌سره أنّ الشيخ غفل عن قاعدة الكليني في مواضع (٤) ، ولا يبعد أن يكون غير غافل ، وإنّما اعتمد على المعلوميّة ، كما يؤيّده الواقع هنا.

فإن قلت : ما وجه تأييده؟ واحتمال كون الحسن بن عليّ بن فضّال الواقع في السابق بمقتضى البناء يعارضه احتمال إسناد آخر عن الحسن بالطريق إليه.

قلت : قد ذكر الشيخ في التهذيب الحديثين قائلاً في الثاني : وما رواه بهذا الإسناد عن الحسن بن عليّ بن فضّال (٥). وهذا يؤيّد أنّه أراد الاختصار والبناء على السابق.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٦ / ٩٣.

(٢) الفهرست : ٥١ / ١٧٧.

(٣) راجع ص ٢٩٨ ، ١٣٤٠ ، ١٣٤١ ، ٧٣٧.

(٤) منتقى الجمان ١ : ٢٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٤ / ١٠٥.

٣٨٢

وفي السند كما ترى عبد الله فيما رأيت من النسخ ، وفي التهذيب عبيد الله (١) ، وهو الموجود في الرجال (٢) ، وعلى كل حال عبيد الله وعمران ثقتان.

والرابع : يؤيّد ما قلناه ، إلاّ أنّ إعادة السند بالإشارة غير ظاهر الوجه إلاّ من جهة التنبيه على البناء ، وفيه : إسحاق البُطيحي ولم أقف عليه الآن في الرجال.

والخامس : لا خفاء فيه بعد ما كرّرنا القول فيه من أحوال رجاله (٣).

والسادس : فيه موسى بن عمر ، والموجود في الرجال : موسى بن عمر بن يزيد الصيقل يروي عنه سعد بن عبد الله في النجاشي (٤) ، ومحمّد ابن عليّ بن محبوب في الفهرست (٥) ، وهو مهمل فيهما ، والرواية هنا تضمّنت رواية سعد عن محمّد بن الحسين ، ولا يبعد أن يكون هو الرجل ، والواسطة غير مانعة ، إلاّ أنّ في الرجال أيضاً موسى بن عمر الحضيني من أصحاب الهادي عليه‌السلام في كتاب الشيخ (٦) ، والمرتبة قريبة (٧) ، والأمر سهل للاشتراك في الإهمال ، ولا يخفى حال بقيّة الرجال.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٤ / ١٠٥.

(٢) راجع رجال النجاشي : ٢٣٠ / ٦١٢ ، رجال الطوسي : ٢٢٩ / ١٠٤ ، رجال ابن داود : ١٢٥ / ٩٢٢ ، خلاصة العلاّمة : ١١٢ / ٢.

(٣) أي أحمد بن محمّد : ص ٦٨ وعلي بن الحكم : ص ١٨٠ وعبد الله بن بكير : ص ٨٩ وزرارة : ص ٣٩.

(٤) رجال النجاشي : ٤٠٥ / ١٠٧٥.

(٥) الفهرست : ١٦٣ / ٧٠٩.

(٦) رجال الطوسي : ٤٢٣ / ٢٠.

(٧) وفي الرجال أيضاً موسى بن عمر بن بزيع ، من أصحاب الجواد والهادي عليهما‌السلام ، وهو ثقة راجع رجال النجاشي : ٤٠٩ / ١٠٨٩ ، رجال الطوسي : ٤٠٥ / ١١ ، ٤٢٣ / ٢١ ، الفهرست : ١٦٤ / ٧١٥ ، وخلاصة العلاّمة : ١٦٥ / ٢.

٣٨٣

المتن :

من المهم قبل الكلام فيه ذكر المنقول من أقوال العلماء في وقت العشاء ، فعن السيّد المرتضى (١) وابن الجنيد (٢) وأبي الصلاح (٣) وغيرهم (٤) : أنّ أوّل الوقت إذا مضى من الغروب ثلاث ركعات ، فيشترك الوقت بينها وبين المغرب إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء العشاء فيختص بها.

وعن الشيخين : أوّل وقتها غيبوبة الشفق ، وهو الحمرة المغربية (٥). وهو اختيار ابن أبي عقيل (٦) وسلاّر (٧) ، وقد تقدّم من الأخبار ما يدلّ على الاختصاص بأربع من النصف ، وكذلك ما يدلّ على دخول الوقتين من الغروب ، وخبر داود بن فرقد المفصّل (٨) ، وكذلك تقدّم في رواية بكر بن محمّد ما يدل على أنّ أوّل الوقت للعشاء ذهاب الحمرة وآخره غسق الليل وهو نصفه (٩).

ونقل العلاّمة عن الشيخين الاستدلال مع الأخبار بأنّ الإجماع واقع على أنّ ما بعد الشفق وقت العشاء ، ولا إجماع على ما قبله ، فوجب‌

__________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٧٤.

(٢) نقله عنه في المختلف ٢ : ٤٧.

(٣) الكافي في الفقه : ١٣٧.

(٤) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٤٢ ، والعلاّمة في المختلف ٢ : ٤٧.

(٥) المفيد في المقنعة : ٩٣ ، والشيخ في النهاية : ٥٩ ، والمبسوط ١ : ٧٥ ، حكاه عنهما في المختلف ٢ : ٤٧.

(٦) نقله عنه في المختلف ٢ : ٤٧.

(٧) المراسم : ٦٢.

(٨) في ص ١٢٩١.

(٩) في ص ١٣٠٠.

٣٨٤

الاحتياط ، وبأنّها عبادة موقّتة فلا بدّ لها من ابتداء مضبوط ، وإلاّ لزم تكليف ما لا يطاق ، وأداء المغرب غير منضبط فلا يناط به.

وأجاب العلاّمة عن الأخبار المستدلّ بها ، وهي ما أشرنا إليه ، ورواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « إذا غاب الشفق دخل وقت العشاء الآخرة » (١) بالحمل على الفضيلة ، ولما رواه زرارة (٢) في الصحيح عن الباقر والصادق عليهما‌السلام ، وذكر الرواية الآتية ، وفي الصحيح عن عبيد الله (٣) وعمران (٤) ، وذكر الخبر ، وفي الموثق عن زرارة (٥) ، وذكر الخبر ، وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار (٦) ، وذكر الخبر.

ثم أجاب عن الإجماع بأنّ ما قاله لا يثبت المطلوب ؛ لأنّ عدم دليل معيّن لا يقتضي عدم الحكم ، ولا نسلّم عدم الانضباط (٧). انتهى.

ورواية زرارة التي جعلها من الصحيح هي الثانية ، وغير خفيّ أنّ طريقها هنا وفي التهذيب مشتمل على الحسن بن علي بن فضّال (٨) ، وهو فطحيّ غير أنّه رجع ، كما في النجاشي (٩) ، ولم يعلم الرواية قبل أو بعد ، ولا أظنّ أنّ العلاّمة ينفي كونه فطحيّا ثم رجع.

واحتمال الصحة للإجماع المنقول في الكشي على تصحيح ما يصحّ‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٦٢ / ١٠٤٥ ، الوسائل ٤ : ١٥٦ أبواب المواقيت ب ١٠ ح ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٤ / ١٠٤ ، الوسائل ٤ : ٢٠٣ أبواب المواقيت ب ٢٢ ح ٥.

(٣) في « د » و « رض » : عبد الله.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٤ / ١٠٥ ، الوسائل ٤ : ٢٠٣ أبواب المواقيت ب ٢٢ ح ٦.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٦٣ / ١٠٤٦ ، الوسائل ٤ : ٢٢٢ أبواب المواقيت ب ٣٢ ح ٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٦٣ / ١٠٤٧ ، الوسائل ٤ : ٢٢٣ أبواب المواقيت ب ٣٢ ح ١٠.

(٧) المختلف ٢ : ٤٨ و ٤٩.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٤ / ١٠٤.

(٩) رجال النجاشي : ٣٤ / ٧٢.

٣٨٥

عنه ؛ فيه : أنّ الذي وجدته في الكشّي نقلاً عن بعض : أنّ الحسن بن علي من جملة من أجمع على تصحيح ما يصح عنه (١). والبعض غير معلوم ، ولعلّ الرواية من غير الكتابين ، أو من (٢) غير ما وقفت عليه في التهذيب ، وقد وصفها بالصحة بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله ـ (٣).

ورواية عبيد هي الثالثة ، وطريقها كما ترى ، وفي التهذيب فيه الحسن ابن علي بن فضّال (٤).

ثم إنّ الخبر ربما يدل على التقديم في السفر ؛ لأنّ قول السائل كنّا نختصم في الطريق يعطي ذلك ، إلاّ أنّه ربما يقال : إنّ الطريق لا تقتضي السفر ، أو إنّ الاختصام في الطريق فاتفق السؤال عن الحكم ، لكن لا يخفى أنّ الاحتمال كاف إذا كان له ظهور.

ورواية زرارة هي الخامسة ، ووصفها بالموثق قد يشكل بالإجماع على تصحيح ما يصح عن عبد الله بن بكير ، بل هذا أولى من ابن فضّال ؛ لتصريح الكشي بالإجماع فيه (٥).

ثم إنّ دلالة الرواية مطلقة في فعل الصلاة وإن قيّدت بغير العلة ، ولا مانع من تقييدها بالسفر للعارض ، أو المراد بنفي العلة نفي المرض لا مطلق العذر.

ورواية إسحاق هي السادسة ، وصحتها إنْ كانت إضافية إلى إسحاق ،

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٢) ليست في « فض ».

(٣) البهائي في الحبل المتين : ١٤٢. وقد عدّه فيه من الموثقات لا لصحاح.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٤ / ١٠٥.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣ / ٧٠٥.

٣٨٦

ففيها أنّ موسى بن عمر مهمل كما قدمناه (١) ، وإن كانت الصحة حقيقة ، فالحكم مخالف لما صرّح به في الخلاصة من التوقف فيما يرويه (٢) ، وإن كان احتمال صحة حديثه لو خلا من الموانع غيره ، لا يخلو من وجه لما قررناه من رجحان قول النجاشي.

ثم الأحاديث المذكورة على تقدير صحتها فالخبر الأوّل أيضاً صحيح ؛ لأنّ ثعلبة بن ميمون موجود في هذه الأخبار ، وقد دلّ على أنّ العتمة تجب إذا غاب الشفق ، وخبر بكر بن محمّد قد وصفه بالصحة (٣) ، وهو دال على أنّ وقت العشاء ذهاب الحمرة ، ولهذين الخبرين مؤيّدات كما لتلك مؤيّدات ، والحمل على الفضيلة ليس بأولى من الحمل على الاختيار والاضطرار على وجه يكون غير العلّة من الأعذار ، لتضمن البعض نفي العلّة ، وحينئذ فقول العلاّمة : إنّ الإجماع ، إلى آخره (٤). قد يتوجّه عليه أنّ غير الإجماع من الأدلة قد يعارض ، والترجيح لأحد الحملين محلّ تأمّل ، والذمّة مشغولة بالعبادة ، والاقتصار على المجمع عليه لبراءة الذمّة به متعيّن.

والحق أن يقال : إنّ دلالة الأخبار على الفضيلة أظهر ، كما يعلم من تدبّرها ومساق أكثرها ، مضافاً إلى تضمّن بعضها نفي العلّة ولا قائل فيما نعلم بالفرق بين العلّة والعذر ، ويؤيّد ذلك ظاهر الآية وتفسيرها في خبر زرارة السابق من الفقيه (٥) ، فتأمّل.

__________________

(١) في ص ١٣٤٤.

(٢) الخلاصة : ٢٠٠ / ١.

(٣) المختلف ٢ : ٤٧.

(٤) راجع ص ١٣٤٥ وهو في المختلف ٢ : ٤٩.

(٥) راجع ص ١٣٠٨.

٣٨٧

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يبقى من الأخبار المبحوث عنها الخبر الأوّل ، ودلالته غير خفيّة ، وتأويله بالفضيلة عرفت القول فيه (١) ، وما تضمّنه من قوله : فقال عبيد الله. كأنّه أخو عمران الحلبي كما يأتي في الرواية الأُخرى.

والرابع : كما ترى ، وإن أمكن ادّعاء ظهوره في السفر لقوله : ثم ارتحل. إلاّ أنّه يحتمل أن يكون عليه‌السلام صلّى في الحضر ثم ارتحل ، وقد يدّعى أنّ هذا من قسم الضرورة ، حيث إنّ الخروج بعد دخول الوقت يوجب القصر أو التمام ، واحتمال أن يكون الاحتياط لغير الأئمّة عليهم‌السلام يمكن أن يقال بتقدير تسليمه : أنّه لإفادة التعليم للغير ، فليتدبّر.

ثم إنّ ما ذكره الشيخ أوّلاً : من أنّ كثيراً من الأخبار تضمّن ذهاب الحمرة في وقت العشاء. قد علمت الحال فيه (٢).

وما قاله : من الحمل على الضرورة والأعذار (٣). ظاهر في تأخير العشاء إلى الثلث والنصف ، والحمل على الضرورة والأعذار يقتضي ( أن يقدّم ) (٤) ما يدلّ على انتهاء وقت الاختيار ، وإلاّ فالظاهر منه أنّ بعد الثلث والنصف يكون لذوي الأعذار ، وهو مشكلٌ في النصف ، ولعلّ المراد أنّ ما دلّ على الثلث لذوي الأعذار ويكون الآخر النصف (٥) ، وفيه ما فيه ، إلاّ أنّه سيأتي (٦) ما يؤيّد إرادته في قوله : وأمّا آخر وقت العشاء.

__________________

(١) راجع ص ١٣٣٦.

(٢) راجع ص ١٣٣٥ و ١٣٣٨.

(٣) راجع ص ١٣٣٨.

(٤) بدل ما بين القوسين في « رض » و « فض » : تقدّم.

(٥) ليست في « رض » ، وهي مشطوبة في « د ».

(٦) في ص ٣٧٢.

٣٨٨

وما ذكره ثانياً : من الحمل على الرخصة والجواز (١). يدلّ على إرادة الفضيلة والإجزاء ، فكان الأولى ذكر قوله في المختلف بتقدير الاعتماد على الاستبصار ، كما تقدّم (٢) نقل بعض أقواله.

قوله :

والذي يدلّ على جواز ذلك في حال السفر وحال الضرورة :

ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بأن يعجّل عشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق ».

أحمد بن محمّد ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن علي الحلبي ، عن عبيد الله الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بأن يؤخّر المغرب في السفر حتى يغيب الشفق ، ولا بأس بأن يعجّل العتمة في السفر قبل أن يغيب الشفق ».

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبيدة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كانت ليلة مظلمة أو مطر صلّى المغرب ثم مكث قدر ما يتنفّل الناس ، ثم أقام مؤذّنه ثم صلّى العشاء الآخرة وانصرفوا ».

وأمّا آخر وقت العشاء الآخرة فقد بيّنّا أيضاً أنّه إلى ثلث الليل ، وأقصاه إلى نصف الليل (٣) ، وذلك عند الضرورة والعوارض من العلل‌

__________________

(١) راجع ص ١٣٤٠.

(٢) في ص ١٣٤٥.

(٣) راجع ص ١٣٣٨.

٣٨٩

والمهمّات ، وقد أوردنا في ذلك الأخبار ، ويزيد ذلك بياناً :

ما رواه الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن زياد ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لولا أنّي أخاف أن أشُقّ على أُمّتي لأخّرت العتمة إلى ثلث الليل ، وأنت في رخصة إلى نصف الليل وهو غسق الليل ، فإذا مضى الغسق نادى ملكان : من رقد عن الصلاة المكتوبة بعد نصف الليل فلا رقدت عيناه ».

عنه ، عن صفوان ، عن معلّى أبي عثمان (١) ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « آخر وقت العتمة نصف الليل ».

عنه ، عن الحسين بن هاشم ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « العتمة إلى ثلث الليل وإلى (٢) نصف الليل ، وذلك التضييع ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عليّ بن يعقوب الهاشمي ، عن مروان بن مسلم ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ، ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر ، ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على ضرب من الرخصة لمن دامت علّته أو ضرورته إلى تأخير الصلاة ولا يكون متمكّناً من‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٧٣ / ٩٨٧ : معلى بن عثمان.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٧٣ / ٩٨٨ : أو إلى.

٣٩٠

الصلاة ، فحينئذ لا يفوت وقته إلى طلوع الفجر ، فأمّا مع عدم ذلك فلا يجوز ذلك على ما بيّناه ، على أنّه يمكن أن يكون قوله : « ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر » إشارة إلى النوافل دون الفرائض.

السند‌ :

في الأوّل : حسن.

والثاني : صحيح على ما قدّمناه.

والثالث : كذلك في الطريق إلى الحسين بن سعيد وابن مسكان ، وأبو عبيدة زياد بن عيسى أو ابن رجاء ثقة بلا ارتياب.

والرابع : فيه ابن سماعة ومن في الطريق إليه ، واشتراك (١) محمّد بن زياد.

وأمّا هارون بن خارجة فالظاهر أنّه الثقة في النجاشي (٢) ، إلاّ أنّ الراوي عنه ابن سماعة بغير واسطة في الفهرست (٣) ، واحتمال أن يكون ما في الفهرست غيره ، لأنّه قال : هارون بن خارجة له كتاب ، بعيد ، وكون الرواية المبحوث عنها وقعت رواية ابن سماعة بواسطة لعلّه لا يضرّ بالحال.

وفي الرجال هارون بن خارجة الأنصاري مهملاً من أصحاب الصادق عليه‌السلام في كتاب الشيخ (٤). والظاهر أنّه ليس هذا إلاّ أنّ باب الاحتمال‌

__________________

(١) راجع هداية المحدثين : ٢٣٧.

(٢) رجال النجاشي : ٤٣٧ / ١١٧٦.

(٣) الفهرست : ١٧٦ / ٧٦٥.

(٤) رجال الطوسي : ٣٢٨ / ٤.

٣٩١

واسع. وفي رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ : هارون بن خارجة الصيرفي مولى كوفيّ وأخوه مراد صيرفيّ (١). وهو المذكور أوّلاً ، لأنّ النجاشي قال : أخوه مراد (٢).

وأبو بصير تكرر القول فيه (٣).

والخامس : فيه مع المتقدّم معلّى أبي عثمان ، وهو ثقةٌ في النجاشي (٤) والراوي عنه محمّد بن زياد. والمعلّى بن خنيس مضى فيه القول مفصّلاً (٥) بما يغني عن الإعادة.

والسادس : فيه من تقدّم (٦) ، والحسين بن هاشم هو الحسين بن أبي سعيد المكاري ، لأنّ أبا سعيد اسمه هاشم ، وقد ذكر النجاشي : أنه كان وجهاً في الواقفة وكان ثقةً في حديثه ، والراوي عنه في النجاشي الحسن بن محمّد بن سماعة (٧).

والسابع : فيه أحمد بن الحسن بن فضّال ، وتقدّم القول فيه (٨). وعليّ بن يعقوب الهاشمي مجهول الحال ؛ إذ لم أقف عليه في الرجال ، ومروان بن مسلم ثقة في النجاشي يروي عنه عليّ بن يعقوب الهاشميّ وقد تقدّم (٩).

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٢٨ / ٢.

(٢) رجال النجاشي : ٤٣٧ / ١١٧٦.

(٣) راجع ص ٥١ و ٩٢.

(٤) رجال النجاشي : ٤١٧ / ١١١٥.

(٥) في ص ٨٧٧.

(٦) راجع ص ٣١٣.

(٧) رجال النجاشي : ٣٨ / ٧٨.

(٨) في ص ١٢٠.

(٩) في ص ١٢٨٢.

٣٩٢

المتن :

من المهمّ قبل الكلام فيه ذكر المنقول من أقوال العلماء ، فعن المرتضى (١) وابن الجنيد (٢) وسلاّر (٣) وابن زهرة (٤) وابن إدريس : أنّ آخر وقت العشاء نصف الليل (٥) ، وعن المفيد : أنّ آخره ثلث الليل (٦) ، وهو قول الشيخ في النهاية والاقتصاد والجمل والخلاف (٧) ، وفي المبسوط : آخره ثلث الليل للمختار ونصف الليل للمضطر (٨) ، وعن ابن أبي عقيل : أنّ أوّل الوقت مغيب الشفق ، فإذا جاوز ذلك حتى دخل ربع الليل فقد دخل في الوقت الأخير ، وقد روي إلى نصف الليل (٩) ، ونقل عن المبسوط أنّه حكى قولاً لأصحابنا : أنّ آخره للمضطر إلى طلوع الفجر (١٠).

إذا عرفت هذا فما مضى من الأخبار قد دلّ بعضها على النصف ، وهي رواية بكر بن محمّد ، ورواية زرارة المنقولة عن الفقيه ، ورواية عبيد ابن زرارة السابقة الواقع في طريقها الضحّاك بن يزيد ؛ وبعضها على الثلث ،

__________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٧٤.

(٢) نقله عنه في المختلف ٢ : ٤٩.

(٣) المراسم : ٦٢.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٦.

(٥) السرائر ١ : ١٩٥.

(٦) المقنعة : ٩٣.

(٧) النهاية : ٥٩ ، الاقتصاد : ٢٥٦ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٧٤ ، الخلاف ١ : ٢٦٤.

(٨) المبسوط ١ : ٧٥.

(٩) نقله عنه في المختلف ٢ : ٥٠.

(١٠) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٥٠ ، وهو في المبسوط ١ : ٧٥.

٣٩٣

كرواية يزيد بن خليفة ؛ وبعضها على الربع ، كرواية عمر بن يزيد (١) ، لكنها مقيّدة في الجملة.

والخبر الأوّل المبحوث عنه إنّما يدلّ على أنّه لا بأس بتعجيل العشاء في السفر قبل أن يغيب الشفق ، وفيه إشعار بأنّ التعجيل في الحضر به بأس ، والحمل على الكراهة في الحضر ممكن للمعارض السابق.

والثاني : يدلّ على جواز تأخير المغرب في السفر حتى يغيب الشفق ، وتعجيل العشاء قبل أن يغيب الشفق.

والثالث : يدلّ على أنّه في المطر تقدّم العشاء أو تؤخّر المغرب ، وإن كان الظاهر منه تقديم العشاء ، واحتمال التعيّن بسبب ذكر فعل النوافل موقوف على أنّ وقت نوافل المغرب لا يمتدّ بامتدادها ، وللبحث فيه مجال كما ستسمعه إن شاء الله.

وقد روى الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن سنان في باب الأذان عن الصادق عليه‌السلام : « أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علّة بأذان وإقامتين » (٢). وفيه دلالة إمّا على دخول وقت العشاء قبل ذهاب الشفق ، أو أنّ وقت المغرب يمتدّ إلى ذهابه ، واحتمال وقوع كلّ واحدة في وقتها بأن يكون آخر الاولى وأوّل الثانية بعيد عن ظاهر قوله : « من غير علّة ».

وروى في باب المواقيت عن محمّد بن يحيى الخثعمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي المغرب ويصلّي معه حيّ من الأنصار يقال لهم بنو سلمة منازلهم على نصف ميل ، فيصلّون معه ثم‌

__________________

(١) تقدمت الروايات في ص ١٣٠٠ ، ١٣٠٨ ، ١٢٨٢ ، ١٣١٧.

(٢) الفقيه ١ : ١٨٦ / ٨٨٦ ، الوسائل ٤ : ٢٢٠ أبواب المواقيت ب ٣٢ ح ١.

٣٩٤

ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع سهامهم » (١) وفيه دلالة على جواز تقديم العشاء قبل ذهاب الشفق كما لا يخفى.

وربما كان في هذه الأخبار دلالة على نفي الفضيلة في تأخير العشاء عن غيبوبة الشفق ؛ لأنّ الظاهر من ذكر عدم العلّة الجواز مطلقا ، إلاّ أن يُحمل الفعل منه عليه‌السلام على بيان الجواز ، وفيه أنّ خبر محمّد بن يحيى يقتضي المداومة بسبب لفظ « كان » وعلى كلّ حال القول بعدم دخول وقت العشاء إلاّ بعد ذهاب الشفق في بعض الأخبار (٢) ما ينفيه.

ثم ما تضمّنه الخبر المبحوث عنه من قوله : « ثم أقام مؤذّنه » يدلّ على جواز الإقامة من غير الإمام ، ويدلّ عليه خبر معتبر أيضاً ، كما سيجي‌ء في بابه (٣) ، وكان الوالد قدس‌سره يتوقّف في ذلك.

وقوله : « ثم مكث قدر ما يتنفّل الناس » لا يدلّ على أنّه عليه‌السلام لم يكن يتنفّل ، بل الظاهر من المكث عدم اشتغاله بصلاة العشاء ، والتعبير بقدر ما يتنفّل الناس ، لعلّه لاحتمال دخول من لم يلحق المغرب معه عليه‌السلام.

والرابع : كما ترى ذكره الشيخ لزيادة بيان أنّ آخر وقت العشاء إلى ثلث الليل وأقصاه إلى النصف ، وهذا على تقدير القول به يصير مغايراً لما نقل عنه في المبسوط أنّ آخره ثلث الليل للمختار والنصف للمضطر (٤) ، لاحتمال كلامه هنا أنّ الثلث والنصف للمضطر لكن بتفاوت بالفضل ، لأنّ قوله : وذلك ، ظاهر العود إلى الثلث ، والعود إليهما حينئذ بطريق أولى ، ولو‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٤٢ / ٦٥٩ ، الوسائل ٤ : ١٨٨ أبواب المواقيت ب ١٨ ح ٥.

(٢) الوسائل ٤ : ٢٠٢ أبواب المواقيت ب ٢٢.

(٣) في ص ١٥١٠.

(٤) المبسوط ١ : ٧٥.

٣٩٥

عاد ذلك إلى النصف بَعُدَ عن اللفظ ، ولا يبعد أن تكون العبارة مجملة وتفصيلها ما في المبسوط.

وقد نقل في المختلف عنه الاحتجاج بالإجماع على أنّ الثلث وقت ، والخلاف في الزائد ، ولا دليل عليه ، وبرواية يزيد بن خليفة السابقة (١) ، وبرواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام حيث قال فيها : « وآخر وقت العشاء ثلث الليل » (٢) وبأنّ المبادرة والمسارعة إلى فعل الخير تحصل بذلك فيدخل تحت قوله ( وَسارِعُوا ) (٣) وأجاب العلاّمة بأنّ الإجماع لا يقتضي نفي ما عداه ، وعن الأخبار بأنّها للفضيلة على تقدير سلامة السند (٤) ، والأمر كما قال.

( ثم إنّ الخبر المبحوث عنه يدلّ على أنّه عليه‌السلام لولا أن يشقّ على أُمّته لأخّر ) إلى ثلث الليل ، والظاهر أنّ مراده عليه‌السلام بالتأخير وجوب التأخير ، فإذا انتفى وجوب التأخير ربما دلّ على استحباب التأخير ، وحينئذ يدل على أن الثلث آخر الفضيلة ، ولو حمل الثلث على الاختيار كما هو ظاهر الشيخ يبعد الدلالة ؛ لأنّ الثلث إذا كانت غايته لا يكون بعدُ الفعل مستحبّاً ، نعم ) (٥).

قوله عليه‌السلام : « وأنت في رخصة إلى نصف الليل » يدلّ على أنّ التأخير عن الثلث رخصة ، ويمكن أن يقال : لمّا كان الظاهر من النصف التأخير إليه كان في الثلث كذلك فيتمّ المطلوب من أنّ آخر وقت المختار الثلث ، إلاّ على احتمال أن يقال بعدم لزوم حكم النصف للثلث إذا خرج بالإجماع.

__________________

(١) راجع ص ١٣١٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٦٢ / ١٠٤٥ ، الوسائل ٤ : ١٥٦ أبواب المواقيت ب ١٠ ح ٣.

(٣) آل عمران : ١٣٣.

(٤) المختلف ٢ : ٥١ ، وهو في الخلاف ١ : ٢٦٥.

(٥) ما بين القوسين مشطوب في « د » وليس في « رض ».

٣٩٦

وقد ذكر بعض علماء المخالفين في الحديث حيث نقل عندهم بنحوٍ آخر أنّ قوله : « لولا أن أشقّ » إلى آخره. فيه دليلٌ على أنّ المطلوب تأخيرها لولا المشقة (١). انتهى.

وربما يقال : إنّ استحباب التأخير من هذا اللفظ محلّ تأمّل ؛ والأمر سهل بعد وجود ما دلّ على الامتداد ، مثل ما ورد في معتبر الأخبار : « أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخّر ليلةً من الليالي العشاء الآخرة ما شاء الله ، فجاء عمر ودقّ الباب فقال : يا رسول الله نام النساء نام الصبيان ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : الله ليس لكم أن تؤذوني ولا تأمرني ، إنّما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا » (٢). وأنّ ظاهر هذا الخبر رجحان التأخير ، إلاّ أن يدّعى أنّ التأخير لبيان الجواز ، وفيه ما فيه ، وقد مضى أيضاً في خبر ذريح في آخر باب أوّل وقت الظهر والعصر نحو هذا (٣).

والخامس : مطلق في آخر وقت العتمة ، فالتأييد لقول الشيخ بالتفصيل غير ظاهر ، ولعلّ مراده مطلق الامتداد إلى النصف والثلث.

والسادس : ربما دلّ إطلاقه على التساوي.

أمّا السابع : فقد تقدّم ، وحمل الشيخ له على ضرب من الرخصة يريد بها حال الضرورة.

وفي معتبر الاخبار ما يدلّ على الاستمرار إلى الفجر للنائم والناسي (٤) ، وحينئذ يقيّد إطلاق هذا الخبر به.

__________________

(١) كابن حجر في فتح الباري ٢ : ٣٩.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٨ / ٨١ ، الوسائل ٤ : ١٩٩ أبواب المواقيت ب ٢١ ح ١.

(٣) راجع ص ١٢٦٩.

(٤) الوسائل ٤ : ٢٨٨ أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٣ و ٤.

٣٩٧

والخبر رواه الشيخ في زيادات التهذيب عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن نام رجل أو نسي أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء ، وإن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس » (١).

وهذا الحديث سيأتي روايته من المصنف عن ابن مسكان ، وإنّما نقلناه عن التهذيب لاحتمال ابن مسكان دون ابن سنان ، وإن كان الظاهر تساويهما ، وسيأتي إنشاء الله الكلام في هذا مفصّلاً (٢).

قوله :

باب وقت صلاة الفجر.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن حديد وعبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ابن عبد الله ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي ركعتي الصبح وهي الفجر إذا اعترض الفجر وأضاء حسناً ».

عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن يزيد ابن خليفة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « وقت الفجر حين يبدو حتى يضي‌ء ».

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٧٠ / ١٠٧٦ ، وفي الوسائل ٤ : ٢٨٨ أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٤ ، بتفاوت.

(٢) في ص ١٤٠٦.

٣٩٨

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صلّى الفجر حين طلع الفجر ، فقال : « لا بأس ».

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صلّى الفجر حين طلع الفجر فقال : « لا بأس ».

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحصين ابن أبي الحصين ، قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك ، اختلف موالوك في صلاة الفجر ، فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأوّل المستطيل في السماء ، ومنهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأرض واستبان ، ولست أعرف أفضل الوقتين فأُصلّي فيه ، فإن رأيت يا مولاي جعلني الله فداك أن تعلّمني أفضل الوقتين وتحدّ لي كيف أصنع مع القمر والفجر لا يُبيّن حتّى يحمرّ ويصبح ، وكيف أصنع مع القمر ، وما حدّ ذلك في السفر والحضر؟ فعلت إنشاء الله ، فكتب بخطه : « الفجر يرحمك الله الخيط الأبيض ، وليس هو الأبيض صعداً ، ولا تصلّ في سفر ولا حضر حتى تتبيّنه رحمك الله فإنّ الله لم يجعل خلقه في شبهة من هذا ، فقال ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (١) فَالخَيْط الأبيض هو الفجر الذي يحرم به الأكل والشرب في الصيام ، وكذلك هو الذي يوجب الصلاة ».

__________________

(١) البقرة : ١٨٧.

٣٩٩

أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر ، قال : « مع طلوع الفجر ، إنّ الله يقول ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (١) يعني صلاة الفجر تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، فإذا صلّى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أُثبتت له مرّتين تثبته ملائكة الليل وملائكة النهار ».

محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين ، عن فضالة ، عن هشام بن الهذيل ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال : سألته عن وقت صلاة الفجر فقال : « حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سُورى ».

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عليّ بن عطيّة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « الصبح هو الذي إذا رأيته معترضاً (٢) كأنّه بياض نهر سُورى ».

السند‌ :

في الأوّل : قد تقدّم (٣) أنّه لا ارتياب في صحّته فيما نعلمه من مشايخنا ، وقد يتوقّف في محمّد بن قولويه ؛ إذ لم نَرَ توثيقه صريحاً ، فإنّ العلاّمة قال في الخلاصة : إنّه من خيار أصحاب سعد (٤).

__________________

(١) الإسراء : ٧٨.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٧٥ / ٩٩٧ : يعترض.

(٣) في ص ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٦ ، ٦٨ ، ٨١.

(٤) الخلاصة : ١٦٤ / ١٨١.

٤٠٠