إستقصاء الإعتبار - ج ٤

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-176-1
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٥٠

« يصلّيها أربعاً » (١) وأيضاً في الصحيح عن العلاء مثله (٢).

وفي فوائده أيضاً على روايتي إسحاق والحَكَم ما هذه صورته : يحتمل أن يكون المراد في هاتين الروايتين أنّ الذي دخل عليه وقت الصلاة وهو يريد القدوم من سفره إن كان لا يخاف فوت الوقت بتركها حتى يصلّي في البيت تماماً صلّى تماماً ، وإن كان يخاف الفوت يصلّي ركعتين قبل أن يدخل. انتهى.

ولا يخفى عليك الحال ، وفي المسألة أقوال للأصحاب ذكرناها في غير هذا الموضع.

قوله :

باب من تمم في السفر.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل صلّى وهو مسافر فأتمّ الصلاة ، قال : « إن كان في وقت فليُعِد ، وإن كان الوقت قد مضى فلا ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن علي ابن النعمان ، عن سويد القَلاّء ، عن أبي أيوب ، عن ابي بصير قال : سألته عن الرجل ينسى فيصلّي في السفر أربع ركعات؟ قال : « إن ذكر في ذلك اليوم فليُعِد ، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٦٢ / ٣٥٢ ، الوسائل ٨ : ٥١٣ أبواب صلاة المسافر ب ٢١ ح ٤.

(٢) التهذيب ٣ : ١٦٤ / ٣٥٤ ، الوسائل ٨ : ٥١٤ أبواب صلاة المسافر ب ٢١ ح ٨.

١٦١

عليه ».

فما يتضمّن (١) هذا الخبر من الأمر بالإعادة بعد انقضاء الوقت في ذلك اليوم محمول على ضرب من الاستحباب ، وما تضمّن الخبر الأوّل من القضاء ما دام في (٢) الوقت على الفرض والإيجاب ، ولا تنافي بينهما على حال.

السند :‌

في الأول : ليس فيه ارتياب بعد ما قدّمناه في محمد بن قولويه (٣).

والثاني : فيه أبو بصير ، أمّا سويد القلاّء فالنجاشي قال : إنّه ثقة ذكر ذلك أبو العباس في الرجال (٤). وقد قدّمنا أنّ جدّي قدس‌سره توقف في ثبوت التوثيق في مثل هذا ؛ لأنّ أبا العباس محتمل لابن نوح وابن عقدة ، والثاني حاله معلوم ، وكان شيخنا أيّده الله يقول : إن الظاهر أنّه ابن نوح لأنّه شيخ النجاشي ، وابن عقدة بينه وبين النجاشي وسائط. وما قاله غير بعيد ، غير أنّ في ابن نوح كلاماً كما (٥) يعلم من الرجال (٦) وإن كان الحق أنّه لا يضرّ بالحال ، وما قدّمناه مفصّلاً في المقام في أول الكتاب لا ينبغي الغفلة عنه.

المتن :

لا تخفى دلالته في الأول على الإعادة في الوقت دون خارجه ، لكنه‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٤١ / ٨٦١ : تضمن.

(٢) ليست في النسخ ، أثبتناها من الاستبصار ١ : ٢٤١ / ٨٦١.

(٣) راجع ج ١ : ١١٥.

(٤) رجال النجاشي : ١٩١ / ٥١٠.

(٥) ليست في « رض ».

(٦) راجع الفهرست : ٣٧ / ١٠٧ ، ورجال ابن داود : ٤٠ / ١٠١ ، ومنهج المقال : ٤٧.

١٦٢

مطلق يتناول الجاهل والناسي.

والثاني : على تقدير العمل به لا مانع من أن يخص بالناسي ، ويبقى الأول فيما عداه ، كما هو شأن المطلق والمقيّد في الجملة ، لكن ينافي هذا رواية محمد بن مسلم الصحيحة الدالة على أنّ من لم تقرأ عليه آية التقصير ولم تفسَّر له لا يعيد إذا أتمّ في السفر (١) ، إلاّ أن يقال : إنّ ذلك في الجاهل بأصل التقصير ، والخبر (٢) يحمل على الجاهل بالحكم وهو البطلان. وفيه تأمّل يظهر مما قدّمناه في الخبر.

ويمكن أن يقال : إنّ الثاني تضمّن اليوم ، ولو حمل على بياض النهار دلّ على ما أفاده الأول ؛ لأنّ صلاة السفر أربعاً إنّما هي في الظهرين ، فإن (٣) ذكر في اليوم أعاد ، وإن مضى الوقت فلا إعادة ، ولو حمل على ما يعمّ الليل توجّهت المعارضة في الجملة. وما عساه يقال : من أنّ الإجمال في اليوم بتقدير البياض واقع. فجوابه غير خفي.

أمّا ما قاله شيخنا قدس‌سره : من أنّ الحمل على بياض النهار يقتضي الإخلال بذكر العشاء (٤). ففيه أنّه يمكن استفادة حكمها من الرواية ، لدلالتها على بقاء (٥) الوقت وعدمه.

وينبغي أن يعلم أنّه وقع في كلام بعض الأصحاب أنّ من أتمّ عامداً‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٧٨ / ١٢٦٦ ، التهذيب ٣ : ٢٢٦ / ٥٧١ ، الوسائل ٨ : ٥٠٦ أبواب صلاة المسافر ب ١٧ ح ٤.

(٢) في « رض » : وهذا الخبر.

(٣) في « رض » : فإذا.

(٤) مدارك الاحكام ٤ : ٤٧٥.

(٥) ليست في « رض ».

١٦٣

عالماً أعاد ، وإن كان جاهلاً بالتقصير فلا إعادة عليه وإن كان الوقت باقياً ، واستدل على الجاهل بالخبر المتقدّم عن زرارة ومحمد بن مسلم الذي أشرنا إليه عن قريب وتقدّم مفصّلاً ، ومضمونه : أنّ من صلّى أربعاً في السفر إن كان قرئت عليه آية (١) التقصير وفسّرت له فصلّى أربعاً أعاد ، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه (٢).

ولا يخفى أنّ دلالتها على الجاهل بالتقصير من حيث قوله : « إن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها » والظاهر من هذا جاهل أصل وجوب التقصير ، أمّا العالم به والجاهل كون الفعل الواقع على غير القصر باطلاً إمّا أن يكون داخلاً في العالم أو هو (٣) قسم آخر ، وغير بعيد أن يستفاد من قوله : « إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له » فإنّ التفسير يتناول البطلان مع فعل التمام.

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المتبادر من التفسير هو كون الصلاة مقصورة على سبيل الوجوب ، وعلى هذا فالجاهل ( بالبطلان داخل في العالم ، ولو فرض خروجه أمكن أن يقال : إنّ رواية العيص بن القاسم تدل على إعادة هذا الجاهل ) (٤) إذ تخصيصها بخبر محمد بن مسلم وزرارة لا بدّ منه ، فلم يبق إلاّ هذا الجاهل والناسي ، لكن الناسي يمكن أن يستدل لإعادته بما رواه الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الله الحلبي قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : صلّيت الظهر أربع‌

__________________

(١) في « رض » : اي.

(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٤٢٩ ، والخبر قد تقدّم ذكره في ص ١١٧٨.

(٣) ليست في « رض ».

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

١٦٤

ركعات وأنا في سفر؟ قال : « أعِد » (١).

ووجه الدلالة أنّ مثل الحلبي لا يتصور في حقّه العمد والجهل ، فيتعيّن النسيان ، إلاّ أن يقال : إنّ فعله كان في حال الجهل ، والسؤال متأخّر ، وفيه بُعد من حيث عدم ذكر ذلك في السؤال.

ومن هنا يعلم أنّ قول شيخنا قدس‌سره بعد النقل عن أبي الصلاح أنّه قال بإعادة الجاهل في الوقت : وربما كان مستنده صحيحة العيص ، وذكر الرواية ، ثم قال : وهي غير صريحة في الجاهل ، فيمكن حملها على الناسي (٢). محلّ تأمّل :

أمّا أولاً : فلأنّ خبر محمد بن مسلم وزرارة قد تضمّن عدم إعادة الجاهل ( وذكره قدس‌سره دليلاً على ذلك (٣) ، وحينئذ لا بدّ من حمل صحيحة العيص على غير الجاهل بل إمّا على الناسي كما قاله ، أو على الجاهل ) (٤) الخاص الذي احتملناه ، وإن كان كلام أبي الصلاح في مطلق الجاهل.

وأمّا ثانياً : فلأنّ الناسي قد علمت دلالة صحيح الحلبي على إعادته ، ويمكن أن تحمل الإعادة في صحيح الحلبي على الاستحباب في الناسي والجاهل بتقديره لمعارضة ، مضافاً إلى تضمّنها الإعادة مطلقاً وهو قرينة الاستحباب ، إلاّ أن يقال : بانصراف الإعادة إلى الوقت ، وفيه ما فيه.

والعجب من شيخنا قدس‌سره إذ ذكر في الناسي أنّهم استدلوا بصحيحة العيص على حكمه ، وأورد على ذلك أنّها غير صريحة في الناسي (٥). وقد‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٤ / ٣٣ ، الوسائل ٨ : ٥٠٧ أبواب صلاة المسافر ب ١٧ ح ٦.

(٢) مدارك الاحكام ٤ : ٤٧٢ ، بتفاوت يسير.

(٣) مدارك الاحكام ٤ : ٤٧٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٥) مدارك الاحكام ٤ : ٤٧٢.

١٦٥

ذكرت جميع هذا في حاشية التهذيب.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ينقل عن بعض أنّه قال : يعلم من صحيحة محمد بن مسلم الدالة على أنّ من صلّى في السفر أربعاً إن كان قرئت عليه آية التقصير ، إلى آخره. أنّ مجرّد الفراغ من التشهّد لا يكفي للخروج من الصلاة عند من يقول باستحباب التسليم ، بل لا بد معه من نيّة الخروج أو فعل ما به يحصل الخروج (١).

ويمكن الجواب بأنّ الرواية تدلّ على أنّ قصد عدم الخروج هو المبطل ، ولئن نوزع في ذلك فلا أقلّ من الاحتمال.

فإن قلت : مقتضى الرواية العلم ، ومعه كيف يتصور قصد عدم الخروج؟

قلت : تصوّره لا مانع منه ، بل هو في حيّز الإمكان ، غاية الأمر أنّ الظاهر البطلان من أول الأمر لا من الزيادة بعد التسليم ، فالقول بأنّ في الرواية ما يدلّ على ما ذكر لا وجه له ، فأظنّ أنّ جدّي قدس‌سره في شرح الإرشاد ذكر هذا (٢) ، وهو غريب.

قوله :

باب من يقدم من السفر إلى متى يجوز له التقصير؟

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن عبد الله بن عامر ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن التقصير‌

__________________

(١) روض الجنان : ٣٩٧ ، ونقله عنه في مجمع الفائدة ٣ : ٤٣١.

(٢) روض الجنان : ٢٨٠ و ٣٩٧.

١٦٦

قال : « إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصّر ، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يكون مسافراً ثم يقدم فيدخل بيوت مكّة أيتمّ الصلاة أم يكون مقصّراً حتى يدخل أهله؟ قال : « بل يكون مقصّراً حتى يدخل أهله ».

عنه ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يزال (١) المسافر مقصّراً (٢) حتى يدخل بيته ».

فلا تنافي بين هذين الخبرين والخبر الأوّل ؛ لأنّ قوله : لا يزال المسافر مقصّراً حتى يدخل أهله أو بيته. يكون مطابقاً لما ذكرناه (٣) في الخبر الأول من أنّه إذا خفي عليه الأذان قصّر ، بأن يكون حدّ دخوله إلى أهله غيبوبة الأذان عنه ، ويكون قوله : فيدخل بيوت مكة. يجوز أن يكون المراد به ما قرب من مكّة وإن كان بحيث لا يسمع من يحصل فيها الأذان ؛ لأنّه ليس من شرائط (٤) الأذان الإجهار الشديد (٥) الذي يسمع من كان خارج البلد على بُعد ، وعلى هذا الوجه لا تنافي بين الأخبار.

__________________

(١) في « رض » : لا زال.

(٢) في « رض » : يقصّر.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٤٢ / ٨٦٤ : ذكره.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٤٢ / ٨٦٤ : شروط.

(٥) ليست في « رض ».

١٦٧

السند‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب بعد ما قدّمناه ، وعبد الله بن عامر ثقة ، وما في رجال الشيخ من أصحاب الصادق عليه‌السلام ليس في هذه المرتبة ، فلا يضرّ بالحال إهماله (١) ، كما أنّ كون الراوي عن عبد الله بن عامر الثقة الحسين بن محمد لا يفيد الانحصار مع الاتحاد في مرتبة الصفار.

والثاني : فيه إسحاق بن عمّار وقد كرّرنا ذكره (٢).

والثالث : واضح.

المتن :

في الأول : ظاهر الدلالة على اعتبار سماع الأذان في التقصير والإتمام ، ودلالته بالإطلاق على التقصير والإتمام لمن دخل قبل الوقت وبعده ، وكذلك من خرج ، إلاّ أنّ تقييده بالأخبار السابقة ممكن ، فالاستدلال به فيما تقدم لا يخفى ما فيه ، لكنه مؤيّد.

وأمّا الخبران الآخران فتأويل الشيخ لهما بعيد عن الظاهر جدّاً ، وعبارته أيضاً لا تخلو من تشويش ، والأظهر أن يقول : مطابقاً لما ذكر في الخبر الأول من قوله : « وإذا قدمت من سفرك مثل ذلك » إذ المفهوم منه أنّك إذا بلغت موضعاً تسمع فيه الأذان ، كما ذكره شيخنا قدس‌سره في فوائد الكتاب.

وفي فوائد شيخنا أيّده الله أيضاً ما هذه صورته : في روايات متعدّدة أنّ أهل مكة إذا رجعوا إلى مكة للطواف والسعي إن دخلوا بيوتهم تمّموا وإلاّ قصّروا. وربما استفيد من ذلك أنّه مع قصد الرجوع يعتبر دخول‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٢٢٧ / ٨٠.

(٢) راجع ج ١ : ٢٥٥.

١٦٨

بيته ، ومع انتهاء السفر وعدم بقاء تعلق وإرادة رجوع (١) يكفي الحصول فيما بعد محلّ الترخّص ، وفي الموثّق عن ابن بكير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة له بها دار ومنزل فيمرّ بالكوفة وإنّما هو مجتاز لا يريد المقام إلاّ بقدر ما يتجهّز يوماً أو يومين؟ قال : « يتمّ في جانب المصر ويقصّر » قلت : فإن دخل أهله؟ قال : « عليه التمام » (٢) فليتأمّل. انتهى كلامه أيّده الله.

وينقل عن المرتضى رضي‌الله‌عنه والشيخ علي بن بابويه ، وابن الجنيد القول بأنّ المسافر يجب عليه التقصير في العود حتى يدخل بيته (٣). ولا يخفى صراحة رواية العيص فيه ، وأمّا رواية إسحاق فلها ظهور.

وجواب العلاّمة في المختلف : بأنّ المراد بها الوصول إلى سماع الأذان ورؤية الجدران ؛ لأنّ من وصل إلى هذا الموضع يخرج عن حكم المسافر فيكون بمنزلة من دخل بيته (٤). غريب ؛ فإنّ اعتبار الجدران غير مدلول عليه في الخبرين ، إلاّ أن يحمل قوله : يدخل أهله ويدخل بيته. في الروايتين على ذلك ، ولا وجه له.

وما استدل به على اعتبار أحدهما : من أنّ حدّ ابتداء السفر أحدهما فيكون هو (٥) نهايته ؛ إذ الأقرب لا يعدّ قاصده مسافراً كما في الابتداء ،

__________________

(١) في « رض » : الرجوع.

(٢) الكافي ٣ : ٤٣٥ / ٢ ، التهذيب ٣ : ٢٢٠ / ٥٥٠ ، الوسائل ٨ : ٤٧٤ أبواب صلاة المسافر ب ٧ ح ٢.

(٣) حكاه عن المرتضى في المعتبر ٢ : ٤٧٤ ، وعن علي بن بابويه وابن الجنيد في المختلف ٢ : ٥٣٥.

(٤) المختلف ٢ : ٥٣٥.

(٥) ليست في « رض ».

١٦٩

وبحديث عبد الله بن سنان ، وأشار به إلى الخبر الأول (١).

يمكن أن يقال عليه : إنّ خبر ابن سنان إنّما تضمن الأذان وعدم صدق السفر ، وهو (٢) معارض بالخبر الصحيح الدال على دخول المنزل ، وما دلّ على سماع الأذان يمكن حمله على ما يوافق خبر العيص إمّا بالتخيير أو الاستحباب.

ولو اعترض بعدم القائل بهذين الوجهين. أمكن دفعه بعدم معلوميّة الإجماع على نفيهما ، وذلك كاف.

نعم ما عساه يقال : إنّ تأويل خبر العيص بإرادة سماع الأذان ، والتعبير عن هذا بدخول البيت لا بُعد فيه. يمكن دفعه بأنّه إنّما يتمّ لو انحصر الوجه فيه ، على أنّا لو تنزّلنا إلى إمكان التأويل فالقول برؤية الجدران لا وجه له ، واعتباره في الخروج للدليل لا يقتضي أنّ العلّة عدم صدق السفر بدونه.

وقد نقل عن علي بن بابويه أنّه قال : إذا خرجت من منزلك فقصّر إلى أن تعود إليه (٣). وقد رواه ابنه مرسلاً عن الصادق عليه‌السلام (٤) ، وأجاب عنه العلاّمة بأنّه مرسل لا حجّة فيه (٥).

ولا يخفى عليك الحال من جهة الإرسال بعد ما قدّمناه ، والمقصود هنا بيان أنّ العلّة غير مسلّمة أعني عدم تحقق السفر مع رؤية الجدران عند الجميع.

__________________

(١) المختلف ٢ : ٥٣٥.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٥٣٤ بتفاوت يسير.

(٤) الفقيه ١ : ٢٧٩ / ١٢٦٨.

(٥) المختلف ٢ : ٥٣٤.

١٧٠

ومن ثمّ ذهب المحقّق في الشرائع إلى الاكتفاء في العود بسماع الأذان (١) ، ولو كان خفاء الجدران المذكورة في الذهاب شرطاً في تحقق السفر لكان معتبراً في الإياب ، وما قيل من التلازم بينهما (٢) محلّ كلام.

والخبران المعتبران الدالّ أحدهما على التواري من البيوت في الذهاب والآخر على عدم سماع الأذان ، وإن اختلف الأصحاب في الحكم بهما ، فقيل باعتبار الجمع بينهما فيشترط الخفاء وعدم السماع (٣) ، وقيل بالتخيير (٤) ، إلاّ أنّ الأوّل لا يخلو من إشكال ، لا من حيث إنّ الشرطين لو كانا معتبرين معاً لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة كما ذكره بعض محقّقي المتأخّرين (٥) رحمه‌الله لأنّ تأخير البيان عن السائلين غير معلوم ، ولو كان كذلك لما أمكن حمل مطلق على مقيّد ، وعامّ على خاصّ ، ومجمل على مبيّن ، بل لأنّ الظاهر في مثل هذا التعبير الاكتفاء بأحد الأمرين إذ الجمع (٦) يقتضي تقديراً في كل منهما والأصل عدمه ، وإن أمكن الدخل في هذا وادّعاء التلازم بين الأمرين والاكتفاء بأحدهما لذلك ، إلاّ أنّ هذا يستلزم القول به في الإياب على تقدير اعتبار الأذان دون دخول البيت ، ولعلّه أخفّ من تكلّف القول بعدم تحقق السفر بدون ذلك ، وبالجملة فمجال القول واسع ، والملخّص ما ذكرناه.

__________________

(١) الشرائع ١ : ١٣٤.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) كما في التنقيح الرائع ١ : ٢٩٠.

(٤) كما في المدارك ٤ : ٤٥٩.

(٥) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٩٨.

(٦) في « د » : أن الجمع ، وفي « رض » : أو الجمع.

١٧١

بقي شي‌ء وهو أنّ خبر إسحاق ( بن عمار ) (١) محتمل لأنّ يراد بالأهل : المحلّة ، كما ذكره الأصحاب (٢) في البلد المتّسع ، ويحتمل أن يراد بالتقصير فيه جواز الصلاة قصراً إذا دخل الوقت وهو مسافر ، وكذلك خبر العيص.

ويحتمل خبر إسحاق أن يراد به السؤال عن الداخل لمكة من غير أهلها هل يلزمه التمام؟ والجواب حينئذ بنفي زوال التقصير وإن جاز التمام إلى أن يدخل أهله ، إلاّ أنّه لا يخفى أنّ نيّة الإقامة تخرج ، ويمكن تكلّف الدخول.

هذا وللأصحاب فروع في هذه المسألة ، منها : أنّ المراد بالصوت : المعتدل ، والجدران كذلك.

ومنها : أنّ المعتبر جدران البلد والقرية مع الصغر ، وإلاّ فالمحلّة.

ومنها : أنّ المراد الخفاء الحقيقي بحيث لا يسمع الأذان أصلاً ولا يرى صورة (٣) الجدران ، لا شبحها.

ومنها : أنّ الاعتبار في بيوت الأعراب الأذان فقط (٤). وللكلام في المقام مجال.

نعم ينبغي أن يعلم أنّ ما دلّ على خفاء الجدران في الخروج يدل على اعتبار تواري الإنسان من البيوت لا تواري البيوت عنه ، كما أوضحناه في حاشية التهذيب.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٤٠٢.

(٣) ليست في « رض ».

(٤) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٤٠٢ بتفاوت يسير.

١٧٢

قوله :

باب المريض يصلّي في محمله إذا كان مسافراً أو على دابّته.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، ( عن محمد ) (١) بن إسماعيل بن بزيع ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يصلّي على الدابّة الفريضة إلاّ مريض يستقبل به القبلة وتجزؤه فاتحة الكتاب ويضع وجهه في الفريضة على ما أمكنه من شي‌ء ويومئ في النافلة إيماءً ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن منصور بن حازم قال : سأل أحمد بن النعمان فقال : أُصلّي في محملي وأنا مريض؟ قال : فقال : « أمّا النافلة فنعم ، وأمّا الفريضة فلا » وذكر أحمد شدّة وجعه ، فقال : « أنا كنت شديد المرض فكنت آمرهم إذا حضرت الصلاة يقيموني فأحتمل بفراشي فأُوضع وأُصلّي ثم احتمل بفراشي فأُوضع في محملي ».

فهذه الرواية محمولة على ضرب من الاستحباب ، أو حال تمكن (٢) فيها من الحطّ إلى الأرض ، وإنّما تجوز الصلاة في المحمل إذا لم يقدر على النزول على حال ، يدل على ذلك:

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) في « رض » والاستبصار ١ : ٢٤٣ / ٨٦٦ : يتمكن.

١٧٣

ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن هلال ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيصلّي الرجل شيئاً من المفروض راكباً؟ فقال : « لا إلاّ من ضرورة ».

السند‌ :

في الأول : فيه ثعلبة بن ميمون ، والمذكور فيه في النجاشي : أنّه كان وجهاً في أصحابنا قارئاً فقيهاً نحوياً لغويّاً راويةً وكان حسن العمل كثير العبادة والزهد (١). وفي الكشي عن حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، أنّه ثقة (٢). والرجال الباقون كرّرنا القول فيهم.

والثاني : فيه علي بن أحمد بن أشيم ، وقد ذكر الشيخ في رجال الرضا عليه‌السلام أنّه مجهول (٣).

والثالث : فيه أحمد بن هلال ، وقد بالغ الشيخ في تضعيفه في هذا الكتاب كما قدّمناه عنه (٤).

المتن :

في الأول : واضح الدلالة على أنّه لا يصلّي على الدابّة إلاّ مريض ، غاية الأمر أنّ المرض متفاوت.

وقوله عليه‌السلام : « وتجزؤه فاتحة الكتاب » يدل بالمفهوم الوصفي على أنّ‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١١٧ / ٣٠٢.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٧١١ / ٧٧٦.

(٣) رجال الطوسي : ٣٨٢ / ٢٦.

(٤) في ص ١٥٤.

١٧٤

غير المريض لا تجزؤه ، إلاّ أنّ في دلالة مفهوم الوصف على النفي (١) عمّا عداه تأمّلاً حرّرنا وجهه في الأُصول وغيرها سيّما في حاشية التهذيب ، والحاصل أنّ ما ذكرناه في هذا الكتاب من دلالة المنافاة بين المطلق والمقيد المقتضية لحملة عليه يؤيّد العمل بمفهوم الوصف ، إن ثبت الاتفاق على هذه المسألة من جهة المنافاة في المقيّد ، وأمّا ما ذكره الشيخ هنا من حمل الخبر المعارض على الاستحباب فممكن (٢).

وقوله في الثاني : فقال : « أنا كنت » الظاهر أنّه الإمام عليه‌السلام لو صحّ الخبر ، ويحتمل أن يكون من أحمد ، لكنه بعيد ، أمّا حمل الشيخ على الحالة التي لا يقدر على النزول مستدلاًّ بالخبر الأخير ، ففيه : أنّ الخبر تضمن الضرورة لا عدم القدرة على النزول ، وغير خفيّ أنّ الضرورة أعمّ من الشديدة وغيرها ، وقد روى الشيخ في التهذيب عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الفريضة في المحمل في يوم وحل ومطر » (٣) وربما كان في هذا الخبر دلالة على اعتبار حصول المشقّة الشديدة ، لا التعذّر بالكلّيّة.

وفي صحيحة الحميري على ما ذكره شيخنا قدس‌سره في المدارك قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : روى جعلني الله فداك مواليك عن آبائك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى الفريضة على الراحلة (٤) في يوم مطر ، ويصيبنا المطر‌

__________________

(١) في « رض » : النهي.

(٢) في « رض » : فيمكن.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٣٢ / ٦٠٢ ، الوسائل ٤ : ٣٢٧ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٩.

(٤) في « رض » : راحلته.

١٧٥

ونحن في محاملنا أو على دوابّنا نصلّي الفريضة (١) إن شاء الله؟ فوقّع (٢) : « يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة » (٣).

أمّا ما تضمنه الخبر المبحوث عنه من ذكر الفريضة فقد يدّعى شمولها لليومية وغيرها ، أمّا شمولها لما وجب بالعارض فمحلّ تأمّل ، لأنّ العموم في مثل هذا إنّما هو من المقام ، والانصراف إلى غير اليومية إنّما هو بالتكلّف ، أمّا غيرهما فإنّه في غاية البُعد ، وفي الذكرى صرّح الشهيد بالتعميم للجميع (٤) ، وفي رواية ما يدل على جواز فعل المنذورة على الراحلة (٥) ، إلاّ أنّ في سندها كلاماً.

وما تضمنه الخبر الأول من الإيماء في النوافل ، الظاهر أنّ المراد به للمريض ، وفي المنتهى : يجوز للمريض أن يصلّي بالإيماء النوافل وإن تمكّن من الإتيان بكمال الركوع والسجود ؛ لأنّ التشديد فيها ليس كالتشديد في الفرائض (٦) (٧).

__________________

(١) في « رض » : الفرائض.

(٢) في « رض » : فرجع.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٣١ / ٦٠٠ ، مدارك الاحكام ٣ : ١٤٠ بتفاوت يسير ، الوسائل ٤ : ٣٢٦ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٥.

(٤) الذكرى : ١٦٧.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٣١ / ٥٩٦ ، الوسائل ٤ : ٣٢٦ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٦.

(٦) في « فض » زيادة : وسيأتي إن شاء الله تمام تحقيق القول في هذه المسألة والله ولي التوفيق.

(٧) المنتهى ١ : ٤٠٧.

١٧٦

قوله :

أبواب المواقيت.

باب من صلّى في غير الوقت.

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمد ابن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من صلّى في غير الوقت فلا صلاة له ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، ( عن أحمد بن محمد ) (١) عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد الله الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا صلّيت في السفر شيئاً من الصلاة في غير وقتها فلا يضرّ ».

فالوجه في هذا الخبر أن يكون ذلك إشارة إلى من يصلّي في غير وقتها (٢) يعني بعد خروج الوقت فلا يضرّه (٣) ، لأنّه يكون قاضياً ، فأمّا قبل دخول الوقت فلا يجوز مسافراً كان أو حاضراً.

السند‌ :

في الأول : قد تقدّم من المصنف في أول الكتاب في باب وجوب‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٤٤ / ٨٦٩ لا يوجد : عن أحمد بن محمد.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٤٤ / ٨٦٩ : الوقت.

(٣) في « فض » : فلا يضر.

١٧٧

الترتيب في أعضاء الوضوء ذكر العدّة (١) ، وفيها مَن ( لا ارتياب ) (٢) فيه ، ونبّهنا فيما سبق على احتمال اطّراد البيان في كل عدّة في باب سؤر ما لا يؤكل لحمه (٣) ، وما نحن فيه كذلك ، ولا يبعد الظهور وانتفاء احتمال الاختصاص.

وسلمة بن الخطّاب قال النجاشي : إنّه كان ضعيفاً في الحديث (٤). وفي الفهرست ذكره مهملاً (٥). وفي الخلاصة نقل كلام النجاشي ، وحكى عن ابن الغضائري أنّه ضعّفه (٦). وفي كتاب ابن طاوس ذكر في ترجمة المفضّل بن عمر بعد نقل حديث : أنّ في الطريق سلمة بن الخطّاب وهو واقفي (٧). وأظنّ أنّه وهم ؛ لأنّ في الرجال سلمة بن حيّان (٨) واقفي ، ذكره الشيخ في رجال الكاظم عليه‌السلام من كتابه (٩).

وأمّا يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد فقد قال النجاشي : ابن إبراهيم ابن أبي البلاد ، واسم أبي البلاد يحيى ، مولى بني عبد الله بن عطفان (١٠) ثقة هو ( وأبوه ) (١١) ، أحد القراء (١٢).

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٧٣ / ٢٢٣.

(٢) في « رض » و « د » : الارتياب.

(٣) راجع ص ١٤٣.

(٤) رجال النجاشي : ١٨٧ / ٤٩٨.

(٥) الفهرست : ٧٩ / ٣٢٤.

(٦) خلاصة العلاّمة : ٢٢٧ / ٤.

(٧) التحرير الطاووسي : ٥٤٤.

(٨) في « د » و « فض » حنّان.

(٩) رجال الطوسي : ٣٥٠ / ١.

(١٠) في رجال النجاشي : غطفان بالغين المعجمة.

(١١) في « رض » : أبوه.

(١٢) رجال النجاشي : ٤٤٥ / ١٢٠٥.

١٧٨

وأبو بصير تكرّر القول فيه (١).

والثاني : فيه محمّد بن عيسى الأشعري ، ومضى فيه القول من أنّه غير معلوم التوثيق (٢). وغيره معلوم كالطريق إلى محمد بن أحمد بن يحيى.

المتن :

في الأول : ظاهر الدلالة على أنّ من صلّى في غير الوقت لا صلاة له ، ( وفي نظري القاصر أنّه ربما ) (٣) يدّعى ظهوره في وقوع الصلاة جميعها (٤) خارج الوقت ، إلاّ أن يدّعى أنّ الوقت هو المحدود شرعاً ، وغيره يتحقق بالخروج (٥) عن جميع الحدود أو بعضها ، والاحتياج إلى فتح هذا الباب لأنّ العلاّمة في المختلف استدل بهذه الرواية على إعادة الظانّ دخول الوقت إذا صلّى ثم تبيّن دخول الوقت في الأثناء ، موجِّهاً لذلك بأنّ الرواية ليس فيها تقييد للصلاة بالكاملة ، ومن ابتدأ في الصلاة في غير الوقت يقال : إنّه صلّى في غير الوقت ، سواء دخل الوقت وهو مشتغل فيها أو لا ، لأنّه فعل يقع في زمان ، فيصدق في كل آن من آنائه أنّه فاعل له (٦) (٧).

وأنت خبير بما يتوجّه على كلامه رحمه‌الله أمّا على توجيهنا فقد يندفع المحذور من حيث إنّ غير الوقت يتحقّق بالإخلال ببعض الحدّ ، وقول‌

__________________

(١) راجع ص ٥١ ، ٩٢.

(٢) راجع ص ١٤٧.

(٣) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٤) في « فض » زيادة : في.

(٥) في « رض » : الخروج.

(٦) في « د » : به.

(٧) المختلف ٢ : ٦٨ بتفاوت يسير.

١٧٩

العلاّمة : إنّه لا تقييد في الرواية بالصلاة الكاملة. عدول عن الظاهر ، على أنّ الرواية لا وجه للاستدلال بها من العلاّمة مع الطريق المذكور.

ولو رام قائل أن يوجّه البطلان بتقدير عدم صلاحيّة الرواية للاستدلال بما ذكره العلاّمة بعد الرواية من أنّه مأمور بإيقاع الصلاة في وقتها إجماعاً ، ولم يمتثل الأمر ، فيبقى في العهدة ؛ وبأنّ الصلاة قبل دخول الوقت منهيٌ ، عنها ، والنهي يدل على الفساد (١).

فقد يقال عليه : أوّلاً : إنّ العلاّمة فرض الاستدلال في صورة الظانّ لدخول الوقت ثم ذكر الأدلّة ، وغير خفيّ أنّ الإجماع على إيقاع الصلاة في وقتها إن أُريد به الوقت المعلوم لا المظنون فالإجماع منتفٍ ؛ إذ نقل العلاّمة عن جماعة من علمائنا كالشيخين وابن البرّاج وابن إدريس وسلاّر القول بصحة الصلاة إن دخل الوقت وهو فيها (٢).

ولو أراد أنّ الوقت المعلوم متفق عليه والمظنون مختلف فيه ، فإذا فعل في المظنون على الوجه المذكور يبقى في العهدة ، ففيه : أنّ الكلام لا يدل عليه ، وبتقدير الدلالة فهو مدخول بأنّ الإجماع على حالة العلم إن أُريد به الاختصاص على معنى حصول الإجماع على اعتبار العلم دون الظن ، ففيه وقوع الخلاف في الاختصاص كما سبق ، وإن أُريد بالإجماع على العلم من حيث إنّ المكتفي بالظنّ قائل به ، ففيه : أنّ تحقق الإجماع في مثل هذا محلّ بحثٍ ؛ لأنّ بعض القائلين بالظن لا يقولون بخصوص العلم ، وكثيراً ما يقع مثل هذه الدعوى في كلام الأصحاب ، ولم أرَ من نبّه على ما ذكرناه ، فليتأمّل.

__________________

(١) المختلف ٢ : ٦٨.

(٢) المختلف ٢ : ٦٨.

١٨٠