إستقصاء الإعتبار - ج ٤

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-176-1
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٥٠

القائل ، فليتأملّ.

وأمّا الثاني : فهو واضح الدلالة على غير مطلوب الشيخ ؛ لأنّ مقتضاه أنّ إقامة ما دون العشرة توجب الصيام والتمام ، والخبر الأوّل دالّ على أنّ الخمسة فما دونها تقتضي التقصير نهاراً والإتمام ليلاً ، وتوجيه الشيخ مقتضاه وجوب الإتمام إذا تحقّقت إقامة خمسة أيّام فما دونها.

ثمّ إنّ مفاد الرواية المبحوث عنها اعتبار إقامة أكثر من عشرة ، والأولى مفادها العشرة.

ثمّ إنّ الروايتين كما ترى ظاهرتان في اعتبار إقامة العشرة والأكثر ، وقد ألحق الشهيد في الدروس العشرة الحاصلة بعد التردّد ثلاثين (١). ولا أعلم وجهه.

أمّا إلحاق المحقّق (٢) والعلاّمة (٣) ومن تابعهما (٤) العشرة المنويّة في غير البلد فقد احتمل شيخنا قدس‌سره أن يكون استنادهم إلى رواية يونس المذكورة (٥).

وأنت خبير بأنّ رواية ابن سنان أيضاً متناولة ، إلاّ أن يدّعى ظهور البلد في بلد المكاري ونحوه.

وفيه : أنّ ظاهر رواية الصدوق أنّ البلد غير بلد المكاري ، وعلى كلّ حال ، فالخبران عرفت حالهما ، وعلى توجيه العلاّمة في المختلف يمكن دعوى عدم الفرق بين بلده وغيرها بل يدخل فيه كلّ ما يقطع السفر ، لكن‌

__________________

(١) الدروس ١ : ٢١٢.

(٢) المختصر النافع : ٥١.

(٣) القواعد ١ : ٥٠.

(٤) كالشهيد الثاني في الروضة البهية ١ : ٣٧٣.

(٥) مدارك الاحكام ٤ : ٤٥٣.

١٢١

قد علمت حال التوجيه.

أمّا ما اعتبره جماعة من عدم اشتراط التوالي في العشرة. فممكن لو ثبت الحكم ، إلاّ أن يقال : إنّ ما تضمّن العشرة في البلد تضمّن العشرة المنويّة ، ولا ريب في اعتبار التوالي في العشرة المنوية ، فيبعد عدم اعتبارها في عشرة البلد ، إلاّ أن يقال : إنّ التوالي في المنوية إن أُريد به حال النيّة فمسلّم ، ولا ينفع ولا يضرّ ، ولو أُريد به ما يتناول السفر في أثنائها مع العود إلى نيّة الإقامة بحيث يتمّ عشرة فلا فرق.

نعم لا يخفى أنّ المكاري ونحوه إذا كان فرضه التمام فنيّة إقامة العشرة متوالية لا فائدة فيها ، ولو دلّ عليها دليل أمكن أن يقال بالتسليم تعبّداً ، لكنّ النص إن عمل به يتضمّن مطلق الإقامة عشرة.

وما ذكره البعض في إقامة العشرة لغير المكاري وأنّ الحكم فيه مثله (١).

ففيه : أنّ الحكم في غير المكاري لا يخلو من تأمّل في نظري القاصر ؛ لأنّ قصد المسافة في الأثناء إذا كان بعد صلاة الفريضة التامة لا يُؤثّر ، نعم الخروج إلى المسافة ربما يؤثّر لكن عدم اشتراط التوالي مع هذا الشرط يفيد نوع إشكال يرجع إلى أنّ الخروج إلى ما دون المسافة في العشرة والرجوع إلى محلّ الإقامة يتوقّف على نيّة الإقامة ثانياً في الجملة ، والاحتياج إلى نيّة الإقامة ثانياً إنّما هو لتحقّق قصد المسافة.

وما ذكره جدّي قدس‌سره من الفرق بين مقابلة المحلّ الذي خرج إليه من موضع الإقامة لمقصده بعد الخروج من المحل وعدمها ، فينوي الإقامة في الأوّل دون الثاني (٢). محلّ تأمّل ، إلاّ أن يقال بعدم تحقّق السفر إذا كان غير‌

__________________

(١) كالمحقق في الشرائع ١ : ١٣٤ ، والمعتبر ٢ : ٤٧٣.

(٢) مسالك الافهام ج ١ : ٥٠.

١٢٢

مقابل. ويشكل باستلزامه عدم تحقّق السفر في المسافة المعوجة.

ولو قيل : إنّ عدم التوالي مخصوص بإقامة العشرة في البلد فقصد السفر إلى المسافة لا دليل على اعتباره ، نعم لو خرج إلى المسافة أمكن أن يقال بعدم تحقق إقامة العشرة.

وفيه : أنّه يدفع عدم الاشتراط في التوالي ، ومن هذا التحرير الذي خطر في البال يظهر أنّ ما قاله شيخنا قدس‌سره : من أنّ جماعة من المتأخّرين ذكروا أنّه لا يشترط في العشرة التوالي ، نعم يشترط عدم تخلّل قصد المسافة في أثنائها ، وهو حسن (١). محل بحث ، والإحاطة بما قلناه تنبئ عن وجه التأمّل ، مضافاً إلى أنّ اعتبار جميع ذلك في المكاري غير ظاهر الوجه ، والله تعالى أعلم.

إذا عرفت هذا فما تضمّنه خبر أبي سعيد لا دخل له بمراد الشيخ من التوجيه ، وكأنّه كلام مستقل لبيان أنّ قصد المعصية بالسفر توجب التمام ، لكن على هذا ينبغي أن يكون له باب مفرد ، ولعلّ الشيخ أراد بعنوان الباب من يجب عليهم التمام بأيّ وجه كان ، ومن جملتهم من قصد بسفره المعصية ، وقد ذكر المحقّق في الشرائع من شروط القصر أن يكون السفر سائغاً واجباً كحجّة الإسلام ، أو مندوباً كزيارة النبي عليه‌السلام ، أو مباحاً كالأسفار للمتاجر ، ولو كان معصية لم يقصّر كاتباع الجائر (٢).

ونقل شيخنا قدس‌سره عن المعتبر دعوى الإجماع على ذلك (٣).

وفي المنتهى : ويشترط في الترخّص كون السفر سائغاً واجباً كحجّة‌

__________________

(١) مدارك الاحكام ٤ : ٤٥٣.

(٢) الشرائع ١ : ١٣٣.

(٣) مدارك الاحكام ٤ : ٤٤٥ ، وهو في المعتبر ٢ : ٤٧٠.

١٢٣

الإسلام ، أو مندوباً كالزيارات ، أو مباحاً كالتجارات ، ذهب إليه علماؤنا ، وهو قول أكثر أهل العلم (١).

وقد قدّمنا خبراً عن الصدوق في الصيد يرويه عن عمّار بن مروان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « من سافر قصّر وأفطر إلاّ أن يكون رجلاً سفره إلى صيدٍ أو في معصية الله أو رسولاً لمن يعصي الله أو طلب عدوّ وشحناء وسعاية أو ضررٍ على قوم مسلمين » (٢).

وهذه الرواية نقلها شيخنا قدس‌سره (٣) لكن لم أرها الآن في الفقيه في باب التقصير ، وعلى ما نقله فهي صحيحة ، ورواية الشيخ لها مؤيّدة مع رواية أُخرى رواها الشيخ في الصيد معلّلة بأنّ سفر الصيد ليس بمسير حق (٤).

ثمّ إنّ إطلاق النص وكلام الأصحاب الذين رأينا كلامهم يقتضي عدم الفرق في السفر المحرّم بين ما كانت غايته معصية كقاصد قطع الطريق بسفره ، والمرأة والعبد القاصدين النشوز والإباق ، أو كان نفس السفر معصية كالفارّ من الزحف ، والهارب من غريمه مع القدرة على الوفاء ، وتارك الجمعة بعد وجوبها ، كما ذكره شيخنا قدس‌سره (٥) وإن كان في تحقّق الفرق بين نفس السفر وغايته نوع تأمّل.

والذي يظهر من الأخبار ، وكلام بعض الأصحاب : أنّ من كان عاصياً بسفره بمعنى عدم جواز السفر يلزمه التمام (٦). وما قاله جدّي قدس‌سره في مثال‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٩٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٩٢ / ٤٠٩ ، الوسائل ٨ : ٤٧٦ أبواب صلاة المسافر ب ٨ ح ٣.

(٣) مدارك الاحكام ٤ : ٤٤٥.

(٤) الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤١.

(٥) مدارك الاحكام ٤ : ٤٤٦.

(٦) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٧٨.

١٢٤

السفر المحرّم مع كون الغاية محلّلة وعدمها في شرح الإرشاد (١). لا يخلو أيضاً من إجمال.

وقد أطال قدس‌سره الكلام إلى أنّ قال : وإدخال هذه الأفراد يقتضي المنع من ترخّص كلّ تارك للواجب بسفره ؛ لاشتراكهما في العلّة الموجبة لعدم الترخّص ، إذ الغاية مباحة كما هو المفروض ، وإنّما عرض العصيان بسبب ترك الواجب ، فلا فرق حينئذ بين استلزام [ سفر (٢) ] التجارة ترك الجمعة ونحوه وبين استلزامه ترك غيرها كتعلّم العلم الواجب عيناً أو كفايةً ، بل الوجوب في هذا أقوى ، وهذا يقتضي عدم الترخّص إلاّ لأوحديّ الناس ، لكنّ الموجود من النصوص في ذلك لا يدلّ على إدخال هذا القسم ، ولا على مطلق العاصي وإنّما دلّ على السفر الذي غايته معصية (٣).

واعترض عليه بعض محقّقي المتأخّرين رحمه‌الله بأنّه لو سلّم عدم الفرق فلا نسلّم عدم تحقّق الترخّص إلاّ لأوحديّ الناس ؛ لأنّه ليس الواجب على الناس تحصيل جميع الواجبات التي ذكروها بالدليل ، أو التقليد على الوجه الذي ذكره البعض ، ومنهم جدّي قدس‌سره (٤) على الظاهر ؛ لاستلزامه المحال أو المشقّة المنفيّة عقلاً ونقلاً ، واستلزام تعطيل العبادات والأحكام ، بل ليس عليهم في الفروع إلاّ ما وصل إليهم وجوب تعلّمه ، وأطال الكلام ـ إلى أنّ قال ـ : وإن أراد بما ذكره وجوب الاجتهاد عيناً فهو أبعد ؛ لأنّ تكليف عجوز لا تكاد تفهم البديهيّات محال ظاهر (٥). انتهى ملخّصاً.

__________________

(١) روض الجنان : ٣٨٨.

(٢) بدل ما بين المعقوفتين في النسخ : سعي ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.

(٣) روض الجنان : ٣٨٨.

(٤) في النسخ زيادة : أمّا.

(٥) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٧٩.

١٢٥

ولقائل أن يقول : إنّ الاعتراض لا يخلو من وجه في الجملة إلاّ أنّ تسليم كون السفر معصيةً يتناول ما غايته معصية ( وابتداؤه معصية ) (١) يستلزم عدم جواز ترخّص غالب الناس إلاّ الأوحدي كما قاله جدّي قدس‌سره فإنّ الواجبات المتّفق عليها غالب الناس يسافرون من دون تعلّمها ، فالقول بأنّ الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضدّه كما هو مذهب المعترض يقتضي لزوم الإشكال لكثير من الناس ، إلاّ أن يكون معهم في السفر من يعلّمهم الواجب.

وما ذكره جدّي قدس‌سره من اختصاص السفر الذي غايته معصية يشكل بخبر عمّار بن مروان ؛ إذ ظاهره يتناول الغاية وغيرها ، فليتأمّل.

وأمّا ما ذكره الشيخ في الخبر المنافي من الحمل على التقيّة فقد ذكر شيخنا المحقّق أيّده الله أنّ له وجهين :

أحدهما : أنّه إذا قصد السلطان تقيّة منه ودفعاً لضرورة يقصّر.

والثاني : أنّه إذا قصد السلطان فكان عليه الإتمام لكن يخاف من ظهور ذلك لأهل الخلاف. انتهى. والوجهان حسنان ، لكن الوليد غير معروف ليعلم منه الحكم.

اللغة‌

قال في القاموس : بنو ولادة بطن ويسمّوا (٢) وليداً (٣). وفي القاموس : الأعوص بالصاد المهملة موضع قرب المدينة (٤).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) كذا في النسخ ، وفي المصدر : وسمّوا.

(٣) القاموس المحيط ١ : ٣٦٠.

(٤) القاموس المحيط ٢ : ٣٢١.

١٢٦

قوله :

باب المتصيّد يجب عليه التمام أم التقصير؟

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن ابن بكير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتصيّد اليوم واليومين والثلاثة أيقصر الصلاة؟ قال : « لا إلاّ أن يشيّع الرجل أخاه في الدين ، وإنّ (١) التصيّد مسير باطل لا تقصّر الصلاة فيه » وقال : « يقصّر إذا شيّع أخاه ».

أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصّر أو يتمّ؟ قال : « يتمّ لأنّه ليس بمسير حقّ ».

محمد بن علي بن محبوب (٢) ، عن الحسن بن علي ، عن عباس ابن عامر ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عمّن يخرج من أهله بالصقورة والبزاة والكلاب ( يتنزّه الليلتين والثلاثة ) (٣) هل يقصّر من صلاته أم لا يقصّر؟ قال (٤) : « إنّما خرج في لهوٍ لا يقصّر » (٥).

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٣٥ / ٨٤٠ : فإن.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٢ زيادة : عن الحسن بن علي بن محبوب.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٢ بدل ما بين القوسين : يتنزه الليلة والليلتين والثلاث.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٢ : فقال.

(٥) في « د » : لا يقصره.

١٢٧

فأمّا (١) ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتصيّد فقال : « إن كان يدور حوله فلا يقصّر ( وإن تجاوز ) (٢) الوقت فليقصّر ».

عنه ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ليس على صاحب الصيد تقصيرٌ ثلاثة أيّام ، فإذا جاز الثلاثة لزمه ».

فالوجه في هذين الخبرين أنّ من كان صيده ( لقوته وقوت عياله لزمه التقصير ، ومن كان صيده ) (٣) للهو والبطر فلا يجوز له التقصير على ما بيّناه ، والذي يدلّ على ذلك :

ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عمران بن محمد بن عمران القمي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قلت : الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين يقصّر أو يتم؟ فقال : « إن خرج لقوته وقوت عياله فليقصّر ، وإن خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد السيّاري ، عن بعض أهل العسكر قال : خرج عن أبي الحسن عليه‌السلام أنّ : « صاحب الصيد يقصّر ما دام على الجادّة ، فإذا عدل عن الجادّة أتمّ ، فإذا رجع إليها قصّر ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٣ : وأمّا.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٣ بدل ما بين القوسين : وإن كان يجاوز.

(٣) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

١٢٨

فهذا خبر ضعيف ، وراويه السيّاري ، قال (١) أبو جعفر ابن بابويه في فهرسته حين ذكر كتاب النوادر : واستثني (٢) منه ما رواه السيّاري ، وقال : لا أعمل به ولا افتي به لضعفه. وما هذا (٣) حكمه لا يعترض به الأخبار التي قدّمناها ، ولو سلّم لجاز أن يكون الوجه فيه أنّ من كان على الجادّة لا لقصد الصيد ( يلزمه التقصير ، فإذا عدل عنها إلى الصيد يلزمه التمام ، ولو كان وقت كونه على الجادة قصد (٤) الصيد ) (٥) ما (٦) اختلف الحال في وجوب التمام عليه إن كان صيده لهواً (٧) ، والتقصير إن كان صيده طلباً للقوت.

السند‌ :

في الأول : فيه سهل بن زياد وقد تكرّر القول فيه (٨).

والثاني : موثّق على ما يظن من أنّ ابن فضّال هو الحسن ، واحتمال غيره من أولاد فضّال غير الموثّقين بعيد ، ومن ثمّ في المنتهى وصفها بالموثّق (٩).

والثالث : فيه الحسن بن علي ، وقال شيخنا أيّده الله في فوائد‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٦ : وقال.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٦ : استثنى.

(٣) في النسخ : وما ذا ، وما أثبتناه من الإستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٦.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٦ : قصده.

(٥) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٦) في الاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٦ : لما.

(٧) في « رض » : اللهو.

(٨) راجع ص ٩٥.

(٩) المنتهى ١ : ٣٩٢.

١٢٩

الكتاب : كأنّه ابن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي. والذي يظهر أنّه متعيّن ؛ لأنّ الشيخ في الفهرست قال : إنّ الراوي عنه محمد بن علي بن محبوب (١). والرجل ثقة في النجاشي (٢). وأبان قد قدّمنا القول فيه عن قريب وبعيد (٣).

والرابع : فيه عبد الله الراوي عن الإمام عليه‌السلام ، وهو مشترك (٤) ، واحتمال ابن سنان والكاهلي يختلج قربه ، لكن غيرهما في حيّز الإمكان. وفي المختلف قال العلاّمة : وما رواه عبد الله في الصحيح (٥). وكأنّه علم الحال.

والخامس : فيه مع أبي بصير الإرسال.

والسادس : فيه الإرسال.

والسابع : فيه السيّاري مع الإرسال.

المتن :

في الأول : مطلق في عدم تقصير المسافر للصيد ، وقد قدّمنا خبر عمّار بن مروان الدال بإطلاقه على أنّ من سافر إلى الصيد لا يقصّر ، وذكرنا أنّ جعل معصية الله قسيماً للصيد يدلّ على أنّ الصيد وإن لم يكن معصية يقتضي عدم التقصير ، وحينئذ يصير خبر ابن بكير مؤيِّداً لخبر عمّار (٦).

__________________

(١) الفهرست : ٥٠ / ١٦٦.

(٢) رجال النجاشي : ٦٢ / ١٤٧.

(٣) راجع ص ١٣٠.

(٤) انظر هداية المحدثين : ٩٩ ١٠٧ و ٢٠٨.

(٥) المختلف ١ : ٥٢٢.

(٦) راجع ص ١١٤٨.

١٣٠

وما قاله شيخنا قدس‌سره : من أنّ السفر للقوت لا ريب في التقصير فيه (١). قد قدّمنا القول فيه (٢) مفصّلاً فيما مضى ، خوفاً من عدم مساعدة الزمان إلى الوصول إلى هذا المكان ، والحاصل أنّ الإجماع إن انعقد على أنّ المتصيّد للقوت يلزمه التقصير فلا كلام ، وإلاّ فإطلاق رواية عمّار يحتاج إلى ما يثبت به تقييده ، والأخبار التي تصلح لذلك لا يخلو من قصور في السند سوى رواية زرارة ، والجواب فيها لا يخلو من إجمال كما نذكره.

وأمّا الرواية المبحوث عنها فلا يخفى أنّه قد يستبعد إطلاقها ، لأنّ كل الصيد ليس بمسير باطل ، إذ منه ما هو واجب إذا اضطرّ الإنسان إليه للقوت. ويدفعه جواز التقييد بالدليل.

والثاني : كالأول ، وقد تقدّم القول فيه (٣) من جهة التعليل ؛ إذ قد يستفاد منه التمام في كل مسير غير حق.

وأمّا الثالث : فالظاهر منه أنّ الخروج إلى الصيد لهو وإن كان للقوت ، ولا مانع من كون الشارع جعل السعي في القوت من غير الصيد لحكمةٍ لا نعلمها.

والرابع : ظاهر في الإطلاق ، ولو صحّ لأمكن أن يقيّد بغير اللهو فله تقييد وفيه إطلاق.

والخامس : لا يكاد يحوم حوله التوجيه ، ولو صحّ لأمكن القول بظاهره ، ويخصّ به غيره إن لم ينعقد الإجماع على خلافه ، وما قاله الشيخ في توجيهه غريب ؛ لأنّ صريح الخبر الفرق بين الثلاثة أيّام وتجاوزها ،

__________________

(١) مدارك الاحكام ٤ : ٤٤٨.

(٢) راجع ص ١١٤٩.

(٣) راجع ص ١١٤٩.

١٣١

وقول الشيخ : إنّ من كان صيده لقوت العيال وقوته لزمه التقصير ، إلى آخره (١). لا يوافق الخبر.

والاستدلال لما ذكره بالسادس (٢) له وجه ، لكن لا يتمّ في الخبرين ؛ للاحتياج في الثاني إلى قيد كون التقصير في الثلاثة.

وأمّا خبر السيّاري فتوجيه الشيخ له غير موافق للخبر ، ولا له ارتباط تامّ كما لا يخفى ، ويختلج في البال أن يراد بالجادّة : الحق ، يعني (٣) إن كان القصد بالصيد الموافقة للشارع قصّر ، وإن عدل عن ذلك بقصد اللهو أتمّ ، والعدول عن الصريح إلى هذه الكناية ربما كان الوجه فيه ملاحظة الحكّام كما يعرف من طريقتهم عليهم‌السلام ، ولا يبعد أن يكون الوجه في إطلاق بعض الأخبار بأنّ المسير للصيد مسير باطل ونحوه باعتبار الغالب (٤) ، فإنّ القصد إلى القوت في غاية الندرة.

وفي المختلف نقل عن الشيخ في النهاية أنّه لو كان الصيد للتجارة وجب عليه القصر في الصوم ، والتمام في الصلاة ، قال العلاّمة : وهو اختيار المفيد ، وعلي بن بابويه ، وابن البراج ، وابن حمزة ، وابن إدريس ، وقال ابن إدريس : روى أصحابنا بأجمعهم أنّه يتمّ الصلاة ويفطر الصوم ، وكلّ سفر وجب التقصير في الصوم وجب تقصير الصلاة فيه. إلاّ هذه المسألة فحسب ، للإجماع عليها. ثم نقل عن الشيخ في المبسوط أنّه قال : وإن كان للتجارة دون الحاجة روى أصحابنا أنّه يتمّ الصلاة ويفطر ، وأوجب السيّد‌

__________________

(١) راجع ص ١١٥٢.

(٢) راجع ص ١١٥٢.

(٣) في « د » : بمعنى.

(٤) الكافي ٣ : ٤٣٧ / ٤ و ٤٣٨ / ٨ ، التهذيب ٣ : ٢١٧ / ٥٣٦ ، ٥٣٧ ، الوسائل ٨ : ٤٧٩ أبواب صلاة المسافر ب ٩ ح ٤ وص ٤٨٠ ح ٧.

١٣٢

المرتضى وابن أبي عقيل وسلاّر التقصير على من كان سفره طاعةً أو مباحاً ، ولم يفصّلوا الصيد وغيره (١). انتهى.

ولا يخفى عليك ما في دعوى الإجماع ، وقد قدّمنا ما حكاه العلاّمة في احتجاج الشيخ إجمالاً ، وبيّنا عدم دلالة الأخبار على تفصيله (٢).

واستدل شيخنا قدس‌سره على المساواة بصحيح معاوية بن وهب حيث قال فيه : « إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت » (٣).

وقد يمكن الدخل في هذا الخبر بأنّ الخلاف في « إذا » إنّها للعموم أم لا ، فالاستدلال بها على المساواة مصادرة ، وفيه تأمّل ، إلاّ أنّ الحق احتياج الفرق إلى الدليل.

وللعلاّمة في احتجاجه على وجوب التقصير مطلقاً كلام طويل (٤) غير خال من النظر ، لولا الخروج عمّا نحن بصدده لنقلناه ، وبالجملة فالأخبار قد علمت حالها وكذلك الأقوال ، والله تعالى أعلم بالحال.

اللغة‌

قال في القاموس : شيّع فلاناً (٥) خرج معه (٦). وفيه : البطر النشاط‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٥٢١ ، وهو في النهاية : ١٢٢ ، المقنعة : ٣٤٩ ، وقد حكاه عن ابن بابويه الفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٢٢١ ، المهذب ١ : ١٠٦ ، الوسيلة : ١٠٩ ، السرائر ١ : ٣٢٧.

(٢) راجع ص ١١٤٤.

(٣) مدارك الأحكام ٤ : ٤٤٨.

(٤) المختلف ٢ : ٥٢٤.

(٥) في « رض » زيادة : إذا.

(٦) القاموس المحيط ٣ : ٤٩.

١٣٣

وقلّة احتمال النعمة والحيرة والطغيان بالنعمة (١). وفيه : الفُضُول (٢) بالضم المشتغل بما لا يعنيه (٣). وفي فوائد شيخنا أيّده الله على الكتاب : الفضول هو اتّباع الهوى كاللهو والبطر. وفي ظنّي وجود الفضول بمعنى الزيادة في أشعار العرب. ( وفي القاموس ) (٤) : الجادّة معظم الطريق (٥).

قوله :

باب المسافر يدخل بلداً لا يدري ( ما مقامه فيها ) (٦).

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ، قلت له : أرأيت من قدِم بلدة إلى متى ينبغي أن يكون مقصّراً أو متى ينبغي له أن يتم؟ فقال : « إذا دخلت أرضاً فأيقنت أنّ لك بها (٧) مقام عشرة أيّام فأتمّ الصلاة ، وإن لم تدر ما مقامك بها تقول غداً أخرج أو بعد غدٍ فقصّر ما بينك وبين أن يمضي شهر ، فإذا تمّ لك شهر فأتمّ الصلاة وإن أردت أن تخرج من ساعتك ».

محمد بن علي بن محبوب ، عن عبد الصمد بن محمد ، عن حنّان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا دخلت البلد فقلت‌

__________________

(١) القاموس المحيط ١ : ٣٨٨.

(٢) في المصدر : الفضوليّ.

(٣) القاموس المحيط ٤ : ٣٢.

(٤) بدل ما بين القوسين في « رض » : وفيه.

(٥) القاموس المحيط ١ : ٢٩٢.

(٦) في الاستبصار ١ : ٢٣٧ بدل ما بين القوسين : كم مقامه فيه.

(٧) في « د » : فيها.

١٣٤

اليوم أخرج أو غداً أخرج واستتمت شهراً فأتمّ ».

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب قال : سأل محمد بن مسلم أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا أسمع عن المسافر إن حدّث نفسه بإقامة عشرة أيّام ، قال : « فليتمّ الصلاة ، وإن لم يدر ما يقيم يوماً أو أكثر فليَعُدّ ثلاثين يوماً ثم ليتمّ وإن كان أقام يوماً أو صلاة واحدة » فقال ( له محمد بن مسلم : بلغني أنّك قلت خمساً؟ قال : « قد قلت ذلك » قال أبو أيّوب ، فقلت أنا : جعلت فداك يكون أقل من خمس؟ فقال : ) (١) « لا ».

قال محمّد بن الحسن : ما يتضمّن هذا الخبر من الأمر بالإتمام لمن يريد المقام (٢) خمسة أيّام يحتمل شيئين ، أحدهما : أن يكون محمولاً على الاستحباب. والثاني أن يكون مخصوصاً بمن كان بمكة أو بالمدينة (٣).

والذي يدل على ذلك :

ما رواه ( محمّد بن علي بن محبوب ، عن علي بن السندي ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن ) (٤) محمد بن مسلم قال : سألته عن المسافر يقدم الأرض قال (٥) : « إن حدّثته نفسه أن يقيم عشراً فليتمّ ، وإن قال : اليوم أخرج ( أو غداً أخرج ) (٦) ولا يدري فليقصّر ما بينه‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) في « رض » : الإقامة.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٣٨ / ٨٤٩ : المدينة.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٥) في الاستبصار ١ : ٢٣٨ / ٨٥٠ : فقال.

(٦) ما بين القوسين ليس في « رض ».

١٣٥

وبين شهر ، فإن مضى شهر فليتمّ ، ولا يتمّ في أقلّ من عشرة إلاّ بمكة والمدينة ( وإن أقام بمكة والمدينة ) (١) ( خمسة أيّام ) (٢) فليتمّ ».

السند‌ :

في الأول : لا ارتياب فيه بعد ما قدّمناه.

والثاني : فيه عبد الصمد بن محمّد ، وهو ابن عبيد الله الأشعري ، لأنّه الراوي عن حنّان كما ذكره النجاشي ( في [ ابنه الحسن (٣) ] وليس فيه مدح ولا توثيق (٤).

والشيخ ذكر في رجال الهادي عليه‌السلام عبد الصمد بن محمد القمي مهملاً (٥). ولا يبعد أن ) (٦) يكون واحداً ؛ لأنّ حنان عمّر عمراً طويلاً كما ذكره شيخنا أيّده الله في كتاب الرجال (٧).

وفيه حنّان وأبوه سدير ، والأوّل وثّقه الشيخ في الفهرست (٨) ، وفي رجال الكاظم عليه‌السلام من كتابه قال : إنّه واقفي (٩). والنجاشي لم يذكر الوقف ولا وثّقه (١٠). والثاني غير معلوم الحال.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٣٨ / ٨٥٠ بدل ما بين القوسين : خمساً.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « د » : أبيه الحسين ، وفي « فض » : ابنه الحسين ، والصواب ما أثبتناه.

(٤) رجال النجاشي : ٦٢ / ١٤٦.

(٥) رجال الطوسي : ٤١٩ / ٢٩.

(٦) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٧) منهج المقال : ١٩٤.

(٨) الفهرست : ٦٤ / ٢٤٤.

(٩) رجال الطوسي : ٣٤٦ / ٥.

(١٠) رجال النجاشي : ١٤٦ / ٣٧٨.

١٣٦

وما وقع للعلاّمة بعد نقل خبر رواه الكشي في شأن سدير : من أنّ سند الخبر معتبر يدل على علوّ المرتبة (١) (٢). موهوم عند التحقيق ، كما نبّه عليه الوالد قدس‌سره وشيخنا أيّده الله في كتاب الرجال (٣).

والحاصل أنّ المذكور في رواية الكشي « شديد » بالشين المعجمة والدال المهملة أخيراً لا « سدير » وأصل الوهم من الكشي (٤).

والثالث : حسن.

والرابع : فيه علي بن السندي وهو مجهول الحال ، وما اتفق في بعض نسخ الكشي في علي بن إسماعيل من قوله : نصر بن الصباح قال : علي بن إسماعيل ثقة [ وهو (٥) ] علي بن السندي ، فلقّب إسماعيل بالسندي (٦). موهوم على ما حقّقه شيخنا أيّده الله (٧) بل الظاهر أنّ لفظة « ثقة » تصحيف « يقال » (٨) والعلاّمة جعله علي بن السدي (٩) (١٠) ، وتحقيق الحال في كتاب الشيخ أيّده الله.

المتن :

في الأول : يدل بظاهره على أنّ الموجب للتمام من إقامة العشرة‌

__________________

(١) في « د » : الرتبة.

(٢) خلاصة العلاّمة : ٨٥ / ٣.

(٣) منهج المقال : ١٥٧ ١٥٨.

(٤) في نسخة من رجال الكشي ( طبع جامعة مشهد ) : ٥٥٥ / ١٠٤٩.

(٥) ليست في النسخ ، أثبتناها من المصدر.

(٦) في نسخة من رجال الكشي ( طبع جامعة مشهد ) : ٥٩٨ / ١١١٩.

(٧) منهج المقال : ٢٣٠.

(٨) لوجود المشابهة بين ( ثقة ) و ( يق ).

(٩) في « رض » : السري.

(١٠) خلاصة العلاّمة : ٩٦ / ٢٨.

١٣٧

يشترط فيه اليقين ، ولم أعلم القائل به ، ويمكن أن يقال : إنّ المراد باليقين فيه عدم التردّد فيشمل الظن واليقين ، كما ينبّه عليه قوله : « وإن لم تدر ما مقامك » إلى آخره. مضافاً إلى دلالة غيره من الأخبار كالثالث حيث وقع الجواب فيه عن المسافر إن حدّث نفسه ، وكذلك الرابع.

وفي بعض الأخبار المعتبرة : « إذا أتيت بلدة فأزمعت المقام عشرة أيّام فأتمّ الصلاة » (١) وفي القاموس ما يفيد أنّ الزمع : العزم (٢).

وما تضمّنه الخبر الأوّل من الشهر يتناول الهلالي لو حصل التردّد في أوّله وإن كان ناقصاً ، ونقل عن العلاّمة في التذكرة أنّه لم يعتبر الهلالي ، بل الثلاثين ؛ لأنّ الشهر مجمل وما ورد بالثلاثين مبيّن (٣). وأراد بما تضمّن الثلاثين مثل الثالث ، لكن لو صحّ ما تضمّن الثلاثين فله وجه ، وإلاّ فالأمر كما ترى.

ومن هنا يعلم أنّ ما قاله شيخنا قدس‌سره : من أنّ كلام العلاّمة لا بأس به (٤). مع أنّه لم يذكر إلاّ حسنة أبي أيوب ، محل تأمّلٍ ؛ لعدم عمله بالحسن.

وما ذكرناه في الهلالي من كون التردّد في أوّله هو المذكور في كلام البعض في هذه المسألة (٥) ، ولعلّ الوجه فيه أنّ احتمال الهلالي مع كون التردّد في الأثناء لا وجه له ، والمذكور في غير هذا الموضع من الخلاف إنّما هو مع (٦) تعدّد الأشهُر ، وإن كان في البين تأمّل لا يخفى وجهه.

واحتمل بعض المتأخّرين التخيير جمعاً بين ما تضمّن الشهر‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٢١ / ٥٥٢ ، الوسائل ٨ : ٤٩٩ أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ٤.

(٢) القاموس المحيط ٣ : ٣٦.

(٣) التذكرة ٤ : ٣٨٩.

(٤) مدارك الاحكام ٤ : ٤٦٣.

(٥) التذكرة ٤ : ٣٨٩.

(٦) ليست في « رض ».

١٣٨

والثلاثين (١).

ثم إنّ الخبر الأوّل لا يخفى أنّ ظاهره اعتبار نيّة الإقامة بعد دخول الأرض التي في عزمه على الإقامة فيها ، وكذلك الثاني ؛ لتضمّنه الدخول إلى البلد ، أمّا الثالث : فهو وإن احتمل النيّة من خارج إلاّ أنّ احتمال موافقة غيره ليس ببعيد منه ، والأخير كالأولين ، فما ذكره بعض : من أنّ الأخبار متناولة لنيّة إقامة العشرة قبل الوصول وبعده محلّ تأمّل (٢).

وفي رواية منصور بن حازم التي أشرنا إليها سابقاً من أنّها معتبرة دلالة على أنّه إذا دخل بلدة (٣) ، وإرادة الإرادة بعيدة عنها ، ولو احتمل أن يراد بالأرض في الأخبار الواردة بقوله : « إذا دخلت أرضاً » (٤) ما يتناول البُعد عن نفس المنزل وقربه فيتمّ المطلوب. أشكل بأنّ المتبادر من دخول الأرض محلّ الإقامة.

ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره شيخنا قدس‌سره من الخلاف في أنّه هل ينقطع السفر على تقدير سبق النيّة على الوصول بمشاهدة الجدران أو سماع الأذان ، أم يتوقف على الوصول إلى المحل؟ واختياره الوصول إلى البلد ؛ لأنّه قبل الوصول مسافر فيلزمه حكمه (٥). محل تأمّل ؛ لأنّه كان ينبغي تحرير الدلالة ثم ذكر الخلاف.

وقد يمكن تسديد التوجيه في شمول بعض الأخبار لما قبل الوصول ، إلاّ أنّه لا يخلو من تكلّف ، والاحتياط مطلوب إذا أمكن.

__________________

(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٤٠٦.

(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٤٠٦.

(٣) راجع ص ١١٥٨.

(٤) الوسائل ٨ : ٤٩٨ أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ٣ وص ٥٠٠ ح ٩.

(٥) مدارك الاحكام ٤ : ٤٦١.

١٣٩

ولا يخفى توجّه الإشكال في العشرة والثلاثين إذا كانت منكسرة كما في غيرها من موارد الخلاف ، والاعتبار يقتضي أن نصفَي اليومين لا يقال له يوم. هذا.

وقد اتفق لجدّي قدس‌سره هنا كلام في شرح الإرشاد (١) ذكرته في حاشية الروضة مفصّلاً ، وإجمال القول فيه هنا أنّ الخلاف واقع في اشتراط التوالي في العشرة وعدمه ، على معنى أنّه هل يشترط في حال نيّة إقامة العشرة قصد عدم الخروج إلى محل الترخّص أم لا؟ فالبعض اشترط ذلك (٢) ، وإليه ذهب شيخنا قدس‌سره (٣) لأنّه المتبادر من النص ، وكأنّ الوجه في التبادر أنّ الأخبار المتضمّنة لإقامة العشرة تفيد الإقامة في نفس الموضع ولوازمه التي يسمع فيها الأذان وترى الجدران (٤).

وقد يقال : إنّ هذا يمكن توجيهه فيما تضمّن البلد ، أمّا بعض الأخبار المتضمنة للأرض (٥) فالتوجيه بعيد ، بل الظاهر الإطلاق منها (٦) ، على أنّ البلد كذلك ؛ إذ الخارج عنها وإن سمع منها الأذان يتوقّف حكمه على الدليل ، إلاّ أن يقال : إنّه إجماعي لكن محلّ الترخّص محلّ البحث.

وما قاله جدّي قدس‌سره في بعض فوائده على ما حكاه عنه شيخنا قدس‌سره ولم يحضرني الآن : من أنّه بعد أنّ صرّح باشتراط التوالي قال : وما يوجد في‌

__________________

(١) روض الجنان : ٣٩٩.

(٢) كالشهيد الأول في البيان : ٢٦٦.

(٣) مدارك الاحكام ٤ : ٤٦٠.

(٤) الكافي ٣ : ٤٣٥ / ١ و ٤٣٦ / ٣ ، التهذيب ٣ : ٢٢٠ / ٥٤٩ ، ٥٥١ و ٢٢١ / ٥٥٢ ، ٥٥٣ ، الوسائل ٨ : ٤٩٨ أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ٣ ، ٤.

(٥) المتقدمة في ص ١١٥٩.

(٦) في « رض » : فيها.

١٤٠