إستقصاء الإعتبار - ج ٣

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-175-3
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٠٢

بالرفق : عدم العنف. ويحتمل أنّ يراد عدم العصر ، فيكون قوله : « ولا تعصره » تفسيراً له.

وما تضمنه الثاني من قوله : « ولا تغمزوا له مفصلاً » ينافيه ما في خبر الكاهلي من قوله عليه‌السلام : « ثم تلين أصابعه » (١) ولعلّ المراد من الغمز : المبالغة في التليين ، أو المراد بعد الغُسل ، كما قاله الشيخ في التهذيب بعد خبر طلحة بن زيد ، الدال على نحو هذا الخبر (٢).

ونقل شيخنا قدس‌سره عن المعتبر : دعوى الإجماع على استحباب تليين الأصابع ؛ ثم قال : وقيل بالمنع ؛ لقوله عليه‌السلام في رواية طلحة بن زيد : « ولا تغمزوا له مفصلا » (٣).

وما تضمنه من كيفية العمامة يخالف ما رواه يونس عنهم عليهم‌السلام ، قال : « ثم يعمّم ، ويؤخذ (٤) وسط العمامة فتثنّى على رأسه بالتدوير ، ثم يلقى فضل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ، ويمدّ على صدره » (٥).

وفي رواية معاوية بن وهب « وعمامة يعتمّ بها ، ويلقى فضلها على وجهه » (٦).

وفي رواية عثمان النوّاء الاولى في التهذيب زيادة عمّا هنا ، وهي : « إذا عمّمته فلا تعمّمه عمة الأعرابي » قلت : كيف أصنع؟ قال : « خذ‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٥.

(٢) التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤١ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ٤.

(٣) مدارك الأحكام ٢ : ٨٩.

(٤) في المصدر : يؤخذ.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٠٦ / ٨٨٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٣.

(٦) التهذيب ١ : ٢٩٣ / ٨٥٨ ، الوسائل ٣ : ١٠ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٣.

٤٠١

العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ، ثم ردّها إلى خلفه واطرح طرفيها » (١).

وفي رواية عبد الله بن سنان « وعمامة يعصب بها رأسه ويردّ فضلها على رجليه » (٢).

ولا يخفى أنّ مقام الاستحباب عند المتأخرين واسع الباب (٣).

وما تضمنه من وضع الكافور في المنخر لعلّ المراد به على المنخر ، وقد صرح الشيخ في التهذيب باستعمال « في » بمعنى « على » في الخبر الوارد بوضع الكافور في الفم (٤) ؛ وسيأتي هنا.

ولم يتعرض لما ذكره المفيد في الإرغام (٥) ؛ ولعلّه يستفاد من رواية الحلبي ( فيما رواه الشيخ عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ) (٦) قال : « إذا أردت أنّ تحنط الميت فاعمد إلى الكافور ، فامسح به آثار السجود منه » الحديث (٧).

والمفيد رحمه‌الله ذكر ذلك أيضاً ، فإنّه قال : ويضع منه على طرف أنفه الذي كان يرغم به في سجوده (٨). والصدوق في الفقيه عبارته تدل على ذلك أيضاً (٩).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣١٠ / ٨٩٩ ، الوسائل ٣ : ٣٦ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٢.

(٢) التهذيب ١ : ٣٠٨ / ٨٩٤ ، الوسائل ٣ : ٨ أبواب التكفين ب ٢ ح ٨.

(٣) كالمحقق في المعتبر ١ : ٢٨٣ ، وصاحب المدارك ٢ : ١٠٣.

(٤) التهذيب ١ : ٣٠٨.

(٥) المقنعة : ٧٨.

(٦) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٧) التهذيب ١ : ٣٠٧ / ٨٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب التكفين ب ١٤ ح ١.

(٨) المقنعة : ٧٨.

(٩) الفقيه ١ : ٩١.

٤٠٢

وقوله في الرواية : « وموضع سجوده » يراد به جميع المساجد. وأما المفاصل فمدلول حسنة الحلبي السابق صدرها (١) ذلك أيضاً.

وما تضمنه من قوله : « تؤخذ خرقة » إلى آخره ، هي المسماة بالخامسة ، وهي مستحبة عند من رأينا كلامه (٢) ؛ وفي رواية عبد الله بن سنان فيما رواه الشيخ قال : « الميت يكفن في ثلاثة سوى العمامة والخرقة يشدّ بها وركيه لكيلا يبدو منه شي‌ء ، والخرقة والعمامة لا بدّ منها » (٣).

وفي رواية يونس قال : « واحش القطن في دبره لئلاّ يخرج منه شي‌ء ، وخذ خرقة طويلة عرضها شبر فشدّها من حقويه وضمّ فخذيه ضماً شديداً ولفّها في فخذيه ، ثم أخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن واغمزها في الموضع الذي لففت فيه الخرقة ، وتكون الخرقة طويلة تلفّ فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفّاً شديداً » (٤). وفي عبارات بعض المتأخرين : أنّ طول الخرقة ثلاث أذرع.

وقوله في الحديث : « وما يصنع من القطن أفضل » لعلّ المراد به أنّ الخرقة المذكورة من القطن أفضل ، ويحتمل أنّ ما يصنع من وضع القطن مع الخرقة أفضل ، وفي رواية عبد الله الكاهلي « ثم أذفره بالخرقة يكون تحتها القطن » (٥).

ثم ما تضمنه الخبر من أنّ الكفن قميص ولفّافة وبرد ، ربما يصلح‌

__________________

(١) في ص ٣٨٠.

(٢) كصاحب المدارك ٢ : ١٠٢.

(٣) التهذيب ١ : ٢٩٣ / ٨٥٦ ، الوسائل ٣ : ٩ ، أبواب التكفين ب ٢ ح ١٢.

(٤) التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

(٥) التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨٢ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٥.

٤٠٣

دليلاً لما ذكره المتأخرون من أنّه مئزر وقميص وإزار (١) ، على أنّ يكون اللفافة هي المئزر ، والبرد : الإزار. فما قاله شيخنا قدس‌سره من أنّه لم يقف في الروايات على ما يدل على المئزر بعد أنّ نقل عن الشيخين وأتباعهما أنّهم جعلوه أحد الأثواب الثلاثة (٢) ؛ محلّ تأمل.

نعم في بعض الروايات ما يدل على الثوبين الشاملين مع القميص ففي حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كتب أبي في وصيته أنّ أُكفّنه بثلاثة أثواب ، أحدها رداء له حبرة كان يصلّي فيه يوم الجمعة ، وثوب آخر وقميص » الحديث (٣).

وفي بعض آخر ثلاثة أثواب ، كرواية أبي مريم المعدودة في الصحيح قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاثة أثواب ، برد أحمر حبرة وثوبين صحاريين أبيضين » (٤).

وصحيحة زرارة على ما يظهر من التهذيب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : العمامة من الكفن؟ قال : « لا إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب تام لا أقلّ منه توارى [ فيه ] جسده كلّه ، فما زاد فهو سنّة إلى أنّ يبلغ خمسة » الحديث (٥).

وهو كما نقلناه في كثير من نسخ التهذيب ، ويحكى عن المحقق‌

__________________

(١) كما في الذكرى : ٤٦.

(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٩٤.

(٣) التهذيب ١ : ٢٩٣ / ٨٥٧ وفيه : إنّي أُكفّنه. ، الوسائل ٣ : ٩ ، أبواب التكفين ب ٢ ح ١٠.

(٤) التهذيب ١ : ٢٩٦ / ٨٦٩ ، الوسائل ٣ : ٧ ، أبواب التكفين ب ٢ ح ٣ وفيهما : أبيضين صحاريين.

(٥) التهذيب ١ : ٢٩٢ / ٨٥٤ ، الوسائل ٣ : ٦ ، أبواب التكفين ب ٢ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٤٠٤

والعلاّمة أنّهما نقلاه كذلك (١). وفي بعض النسخ « ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقل منه » وحمله الشهيد في الذكرى على التقية أو على أنّه من باب عطف الخاص على العام (٢). واستبعده شيخنا قدس‌سره (٣).

وفي نظري القاصر أنّه غير تامّ من جهة الخاص والعام ؛ لأنّ الأعداد ليست داخلة في العام.

فإنّ قلت : قد ذكر بعض المفسّرين (٤) في قوله تعالى ( إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) (٥) أنّه من عطف الخاص ، يعني والشمس والقمر على العام وهو أحد عشر كوكباً (٦).

قلت : الكلام عليهما واحد كما هو واضح ، هذا.

والمنقول عن سلاّر أنّه اقتصر في الكفن على ثوب واحد (٧) ؛ واحتج له في الذكرى بهذه الرواية. واعترض عليه بأنه إنّما يتم الاستدلال لو كانت « الواو » بمعنى « أو » ليفيد التخيير بين الأثواب الثلاثة والثوب التام (٨). وهذا الاعتراض كما ترى يتوقف على كون سلاّر قائلاً بالتخيير.

وبعض محققي المتأخرين رحمه‌الله قال : إنّ مرجع ضمير « منه » و « فيه » (٩) لا يخلو من إجمال ؛ وكذلك لفظ « تام » فيحتمل أنّ يكون خبر‌

__________________

(١) كما في المدارك ٢ : ٩٣.

(٢) الذكرى : ٤٦.

(٣) مدارك الأحكام ٢ : ٩٣.

(٤) لم نعثر عليه.

(٥) يوسف : ٤.

(٦) ليست في « د » و « فض ».

(٧) حكاه عنه في الذكرى : ٤٦ ، وهو في المراسم : ٤٧.

(٨) كما في المدارك ٢ : ٩٣.

(٩) في « فض » : منه فيه.

٤٠٥

مبتداء محذوف ، أي هذا الكفن تام ، أو أنّ المفروض : هذا التام لا أقلّ منه (١).

ونقل بعض الأصحاب أنّ في بعض نسخ التهذيب « أو ثوب تام » (٢).

وفي الكافي روى في الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا : قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : العمامة للميت من الكفن؟ قال : « لا ، إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقل منه » (٣).

ولا يبعد أنّ يقال : باحتمال أنّ الثوب التام تفسير لأحد الأثواب ، كما ذكره بعض المتأخرين رحمه‌الله واحتمل أيضاً أنّ يكون الثوب التام حال الضرورة (٤).

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّه ربما يستفاد من الأخبار التخيير بين الثلاثة أثواب وبين الاثنين والقميص ، ولا يخفى عليك مخالفتها المشهور بين المتأخرين : وينقل عن ابن الجنيد القول بالتخيير المذكور (٥). والله أعلم بالحال.

اللغة :

قال في القاموس : الرفق بالكسر اللطف (٦). وفيه : غمزه بيده يغمزه شبه نخسه (٧).

__________________

(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ١٩٠.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ٦٦.

(٣) الكافي ٣ : ١٤٤ / ٥ ، الوسائل ٣ : ٦ ، أبواب التكفين ب ٢ ح ٢. وفي « فض » : أو ثوب تام ، كما في نسخة من الكافي.

(٤) الأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ١٩٠.

(٥) حكاه عنه في الذكرى : ٤٦.

(٦) القاموس المحيط ٣ : ٢٤٤ ( الرفق ).

(٧) القاموس المحيط ٢ : ١٩٢ ( غمزه ).

٤٠٦

قوله :

فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ؛ والحسين بن سعيد عن فضالة ، عن ابن مسكان جميعاً عن أبي العباس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن غسل الميت ، فقال : « أقعده واغمز بطنه غمزاً رفيقاً ثم طهّره من غمز البطن ، ثم تضجعه ، ثم تغسله فتبدأ بميامنه ، وتغسله بالماء والحُرُض (١) ، ثم بماءٍ وكافور ، ثم تغسله بالماء القراح ، واجعله في أكفانه ».

قال محمد بن الحسن (٢) : ما تضمن هذا الخبر من قوله : « أقعده » موافق للعامة ولسنا نعمل به. وأمّا قوله : « اغمزه » يجوز (٣) أنّ يكون إشارة إلى ما يمسح على بطنه في الغسلتين الأوّلتين دون الثالثة على ما شرحناه في كتابنا الكبير.

وأمّا ما رواه علي بن الحسين ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب ؛ وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ؛ وذبيان (٤) بن حكيم ، عن موسى بن أكيل النميري ، عن العلاء بن سيّابة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس أنّ تجعل الميت بين رجليك ، وأنّ تقوم من فوقه وتغسله ، إذا (٥) قلبته‌

__________________

(١) الحُرُض : الأسنان القاموس المحيط ٢ : ٣٣٩.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٤ زيادة : رحمه‌الله.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٤ : فيجوز.

(٤) الإستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٥ في نسخة : دينار.

(٥) في الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٥ : فإذا.

٤٠٧

يميناً وشمالاً تضبطه برجليك (١) كي لا يسقط لوجهه » (٢).

فالوجه في قوله عليه‌السلام : « لا بأس أنّ تجعله بين رجليك » محمول على الجواز ورفع الحظر ؛ لأنّ المسنون والأفضل أنّ يقف من جانب الميت ، ولا يركبه حسب ما شرحناه في الكتاب الكبير.

السند :

في الأوّل : لا بُعد في صحته ؛ لأنّ علي بن الحكم هو الثقة بتقدير الاشتراك (٣) لرواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه.

وأبان : قد قدّمنا (٤) في شأنه كلاماً على أنّه لا يضر بالحال هنا.

وابن مسكان : على الظاهر عبد الله.

وأبو العباس : الفضل بن عبد الملك ، لأنّه المعروف في الإطلاق ، والمذكور في الكنى راوياً عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

والحسين بن سعيد فيه إمّا معطوف على أحمد بن محمد بن عيسى فيكون بطريق الشيخ (٥) إلى كل منهما ؛ وإمّا معطوف على علي بن الحكم ، والراوي عنه أحمد بن محمد ؛ ولا يضر بالحال.

والثاني : فيه علي بن عقبة ثقة بتقدير أنّ يكون هو علي بن عقبة بن خالد الأسدي الذي ذكره النجاشي موثقاً (٦) ؛ أو يتحد مع علي بن عقبة الذي‌

__________________

(١) في « د » : برجلك.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٥ : بوجهه.

(٣) انظر هداية المحدثين : ٢١٦.

(٤) في ص ١٣٠.

(٥) مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٦٣.

(٦) رجال النجاشي : ٢٧١ / ٧١٠.

٤٠٨

ذكره الشيخ مهملاً (١) ، كما هو الظاهر ؛ لأنّ الشيخ ذكره في رجال الصادق عليه‌السلام مرّتين ، في أحدهما قال : الأسدي ، وفي الأُخرى قال : علي بن عقبة (٢). والمعروف من عادة الشيخ تكرار الرجل بمجرد اختلاف ما.

والنجاشي لم يذكر إلاّ من قدّمناه.

وفي الفهرست ذكر الشيخ علي بن عقبة ، وأنّ الراوي عنه الحسن بن علي بن فضّال (٣).

وذبيان بن حكيم مهمل في الرجال (٤) ، إلاّ أنّه لا يضرّ بالحال لو سلم من غيره ، فإنّ العلاء بن سيّابة مهمل في رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ (٥). والراوي عن علي بن عقبة كما سمعته من الفهرست الحسن بن علي بن فضال (٦) ، فيكون أحمد بن الحسن ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب راويين عن الحسن بن علي بن فضال عن علي.

واحتمال أنّ يكون محمد بن الحسين راوياً عن علي ممكن ؛ لأنّ الرواية عن علي من الحسن غير منحصرة فيه ، فإنّ النجاشي ذكر أنّ الراوي عنه غيره (٧) ؛ لكن الجزم مشكل ، والفائدة هنا بعد العلاء بن سيّابة منتفية كما لا يخفى ، إلاّ أنّا ذكرنا ما (٨) هنا بياناً للواقع.

__________________

(١) رجال الطوسي : ٢٤٢ / ٣٠٣ ، والفهرست : ٩٠ / ٣٧٥.

(٢) رجال الطوسي : ٢٤٢ / ٣٠٣.

(٣) الفهرست : ٩٠ / ٣٧٥.

(٤) انظر رجال النجاشي : ١٠٦ / ٢٦٨ ، ومنهج المقال : ١٣٧.

(٥) رجال الطوسي : ٢٤٥ / ٣٥٠.

(٦) الفهرست : ٩٠ / ٣٧٥.

(٧) رجال النجاشي : ٢٧١ / ٧١٠.

(٨) في « فض » : هذا.

٤٠٩

المتن :

في الأوّل : كما ترى يدل على غمز البطن ، والخبر السابق ورد النهي فيه عن غمز المفاصل ، فلا منافاة محوجة إلى ما قاله الشيخ ، مضافاً إلى أنّ الظاهر من الخبر أنّ الغمز قبل التغسيل ، فحمله على الغسلتين الأوّلتين غريب من حيث الرواية ؛ والذي ذكره في التهذيب لم أقف عليه الآن ، غير أنّ ( في بعض رواياته ما يدل على أنّ غمز البطن قبل الغسل. وخبر عثمان النوّاء وإنّ دلّ النهي فيه على مطلق العصر ) (١) إلاّ أنّه قابل للتقييد بغيره.

وذكر شيخنا قدس‌سره عند قول المحقق في الشرائع : ويمسح بطنه في الغسلتين ؛ الأوّلتين. أنّ هذا مستفاد من رواية الكاهلي ويونس (٢) (٣). مع أنّ رواية الكاهلي لا تخلو دلالتها على ذلك من نظر ، أمّا أوّلاً : فلإجمالها كما يعلمه (٤) من راجعها. وأمّا ثانياً : فلتضمّن صدرها الأمر بمسح البطن مسحاً رفيقاً ، وفي آخرها قال : « وإيّاك أن تقعده أو تغمز بطنه » والظاهر من الأخير العود للجميع ، لأنّ الإقعاد مطلقاً مكروه عند الشيخ ومن تابعه ، وحينئذٍ يبعد أنّ يكون النهي عن الغمز في الغسلة الأخيرة ؛ وإذا عاد إلى الجميع أمكن أنّ يقال : إنّ المستحب المسح الرفيق ، والغمز المنهي عنه ما كان أشد منه.

ورواية يونس أيضاً لا تخلو دلالتها من تأمّل إلاّ أنّ الأمر سهل.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٢) المتقدمتين في ص : ١٠٠٥ ، ١٠٠٦.

(٣) مدارك الأحكام ٢ : ٩٠.

(٤) في « د » : يعلمها.

٤١٠

وما ذكره الشيخ من أنّ الإقعاد موافق للعامة يشكل بأنّه لا وجه لحمل بعض الخبر على التقية وبعضه على غيرها ؛ لكن نقل عن الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع على كراهة الإقعاد (١) ؛ وعن المحقق في المعتبر الميل إلى العمل بما دل على الإقعاد ، لأنّه قال : إنّ العمل بهذه الأخبار ليس بعيداً ، ولا معنى لتنزيلها على التقية ، لكن ( لا بأس أنّ يعمل بما ذكره الشيخ (٢).

ولا يخفى عليك أنّ تعارض الأخبار لا بد له من وجه للجمع ، والحمل على التقية ) (٣) لا بأس به لولا ما ذكرناه.

ولا مانع من كون جميع ما ذكر للتقية ، وربما ينبه عليه ما تضمنه الرواية من التغسيل أوّلاً بالماء والحُرُض ، فإنّه خلاف مدلول الأخبار المتضمنة للسدر.

والثاني : ما قاله الشيخ فيه من الحمل على التقية في الأوّل ممكن في الثاني.

اللغة :

قال في القاموس : القَراح كسَحاب الماء لا يخالطه ثفل من سويق وغيره (٤).

ولا يخفى أنّ الظاهر من الحديث أنّ القراح الخالي من الخليط‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦٩٣.

(٢) المعتبر ١ : ٢٧٨.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) القاموس المحيط ١ : ٢٥١.

٤١١

مطلقاً ؛ فما ذكره جدّي قدس‌سره من أنّ القَراح : الخالص من الخليط ، بمعنى كونه غير معتبر فيه ، لا أنّ سلبه عنه معتبر ، وإنّما المعتبر كونه ماءً مطلقاً (١) محل نظر ؛ لأنّ الماء المطلق يتحقق في كل من الغسلات عنده وعند غيره سوى ما قدّمناه عن الشهيد رحمه‌الله (٢) ، وحينئذٍ لا بد من تمييز الماء القَراح عن غيره بخلوصه من الخليط مطلقاً.

قوله (٣) :

باب تقديم الوضوء على غسل الميت

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بن يحيى (٤) ، عن أيوب بن نوح ، عن المُسلي ، عن عبد (٥) الله بن عبيد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن غسل الميت ، قال : « يطرح عليه خرقة ، ثم يغسل فرجه ويوضّأ وضوء الصلاة ، ثم يغسل رأسه بالسدر والأُشنان ، ثم الماء والكافور ، ثم بالماء القراح ويطرح (٦) فيه سبع ورقات ( من ورق السدر ) (٧) صحاح في الماء ».

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ١٢٢.

(٢) في ص ٦٢.

(٣) في « رض » : قال.

(٤) في « فض » : الحسن.

(٥) في الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٦ : عبيد.

(٦) في « فض » والتهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٧٨ : بالماء القراح يطرح.

(٧) ما بين القوسين ليس في التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٧٨ وفي الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٦ موجود بعد كلمة : صحاح.

٤١٢

عنه (١) ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أبي جعفر ، عن علي بن حديد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ؛ والحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن حريز قال : أخبرني أبو عبد الله عليه‌السلام قال : « الميت يبدأ (٢) بفرجه ، ثم يوضّأ (٣) وضوء الصلاة » وذكر الحديث.

وأخبرني الحسين بن عبيد الله (٤) ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى (٥) المعاذي ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن حفص (٦) ، عن حفص بن غياث ، عن ليث ، عن عبد الملك ، عن (٧) أبي بشير ، عن حفصة بنت بشير (٨) ، عن أُمّ سليمان ، عن أُمّ أنس بن مالك ، إنّ رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « إذا توفّيت المرأة فأرادوا أنّ يغسلوها فليبدأوا ببطنها فليمسح (٩) مسحاً رفيقاً إنّ لم تكن حبلى ، فإنّ كانت حبلى فلا تحرّكيها (١٠) ؛ فإذا أردت غسلها‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٧ : وعنه.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٧ : تبدأ.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٧ : توضأ.

(٤) في « فض » و « رض » : عبد الله.

(٥) في التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ والاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ زيادة : عن محمد بن يحيى.

(٦) في « رض » : جعفر.

(٧) في النسخ : بن ، والظاهر ان الصحيح ما أثبتناه كما في التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ والاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨.

(٨) كذا في النسخ ، والصحيح كما في التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ والاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ : بنت سيرين.

(٩) كذا وفي الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ : فلتمسح.

(١٠) في النسخ : فلا تحرّكها.

٤١٣

فابدئى (١) بسفليها فألقي على عورتها ثوباً ستيراً ، ثم خذي كُرسفة فاغسليها ، ثم ادخلي يدك من تحت الثوب فاغسليها بكرسف ثلاث مرّات ، فأحسني مسحها قبل أنّ توضّئيها ، ثم وضّئيها بماء فيه سدر » وذكر الحديث.

وأخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن أحمد بن رزق الغمشاني ، عن معاوية بن عمّار قال أمرني أبو عبد الله عليه‌السلام أنّ أعصر (٢) بطنه ، ثم أُوضّيه بالأُشنان ، ثم أغسل رأسه بالسدر ولحيته ، ثم أفيض على جسده منه ثم أدلك به جسده ، ثم أُفيض عليه ثلاثاً ، ثم أغسله بالماء القَراح ، ثم أُفيض عليه الماء بالكافور وبالماء القَراح وأطرح فيه سبع ورقات سدر.

علي بن محمد القاساني ، عن بعض أصحابه ، عن الوّشاء ، عن أبي خيثمة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إنّ أبي أمرني أنّ أغسله إذا توفّي ، وقال لي : اكتب يا بنيّ ؛ ثم قال : إنّهم يأمرونك بخلاف ما تصنع فقل لهم : هذا كتاب أبي ولست أعدو قوله ؛ ثم قال : تبدأ فتغسل يديه ، ثم توضّئه وضوء الصلاة ، ثم تأخذ سدراً » وذكر الحديث.

السند :

في الأوّل : فيه المُسلي ، وهو يقال لمحمد بن عبد الله المُسلي وربيع‌

__________________

(١) في « د » و « رض » والتهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ : فابدأ.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٩ : أغمز.

٤١٤

ابن محمد المُسلي وعمرو بن عبد الحكم المُسلي ، ويقال لغيرهم أيضاً (١).

لكن محمد بن عبد الله : يروي عنه حميد ، وهو ثقة كما ذكره النجاشي (٢) ؛ وأيوب بن نوح كما ترى يروي عنه هنا ، ومرتبة أيوب تبعد عن حميد.

وأمّا ربيع : فإنّ الراوي عنه العباس بن عامر كما في النجاشي (٣) والفهرست (٤) ، والعباس يروي عنه أيوب بن نوح كما ذكره الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمة عليهم‌السلام (٥) ، فتبعد رواية أيوب عن المُسلي بغير واسطة إلاّ أنّه في حيّز الإمكان ، والربيع : غير موثق ولا ممدوح.

وعمرو بن عبد الحكم : مذكور مهملاً في أصحاب الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ (٦).

وأمّا عبد الله بن عبيد : فهو مشترك (٧) بين مهملين.

والثاني : كما ترى مشتمل على سندين ؛ ثانيهما : لا ارتياب في صحته. والأوّل : فيه علي بن حديد ، وقد تقدم تضعيفه عن الشيخ في هذا الكتاب (٨). والوالد قدس‌سره كان كثيراً ما يقول : إنّ الظاهر في مثله‌

__________________

(١) منهم إسماعيل بن علي المسلي وبحر المسلي ، رجال الطوسي : ١٤٨ / ١١٢ ، و ١٥٨ / ٦٦.

(٢) رجال النجاشي : ٣٤٣ / ٩٢٣.

(٣) رجال النجاشي : ١٦٤ / ٤٣٣.

(٤) الفهرست : ٧٠ / ٢٨٠.

(٥) رجال الطوسي : ٤٨٧ / ٦٥.

(٦) رجال الطوسي : ٢٤٧ / ٣٩٦.

(٧) رجال الطوسي : ٢٢٥ / ٣٣ و ٢٢٦ / ٥٦.

(٨) راجع ص ٤٦.

٤١٥

« وعبد الرحمن بن أبي نجران » لا « عن عبد الرحمن » لأنّ الروايات الواردة في هذا النحو كثيرة (١).

والأمر كما قال من جهة الكثرة ، إلاّ أنّه لا مانع من الرواية تارة عن الشخص وتارة معه ؛ وفي التهذيب روى الشيخ الخبر كما هنا (٢).

فإنّ قلت : الحسين بن سعيد عطف على مَن؟

قلت : يحتمل العطف على علي بن حديد احتمالاً ظاهراً.

ويحتمل أنّ يكون ابتداء سند ، والطريق إلى الحسين ما يذكره الشيخ في المشيخة (٣) ؛ ويدفعه أنّ اللازم رواية ابن أبي نجران عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، والحال أنّ المذكور كونه من أصحاب الرضا والجواد عليهما‌السلام ، مضافاً إلى أنه ينبغي أنّ يقال : قالا.

ولا يخفى عليك أنّ هذا الوجه يقرب ما ذكرناه (٤) عن الوالد قدس‌سره لأنّ عبد الرحمن إذا كان الراوي عنه علي بن حديد يكون عبد الرحمن وحريز مشتركين في الرواية عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، والحال ما ذكرناه.

والثالث : فيه محمد بن أحمد بن يحيى المعاذي على ما رأيناه من النسخ والظاهر أنّ أحمد زائد ؛ لأنّ المذكور في الرجال محمد بن يحيى المعاذي (٥) ، وقد ذكر العلاّمة في الخلاصة : أنّه ضعيف (٦). وأظن أنّ أصل‌

__________________

(١) منتقى الجمان ١ : ٢٦ ، ٢٤٥.

(٢) التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٧٩.

(٣) مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٦٣.

(٤) منتقى الجمان ١ : ٢٦ ، ٢٤٥.

(٥) انظر رجال الطوسي : ٤٣٥ / ١١.

(٦) خلاصة العلاّمة : ٢٥٤ / ٣٢.

٤١٦

ذلك ما نقله النجاشي في محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري من : أنّه من المستثنين الذين يروي عنهم محمد بن أحمد (١). وغير خفي أنّ هذا لا يوجب الضعف.

والشيخ ذكره في رجال العسكري عليه‌السلام مهملاً (٢) ، لكن على ما فهمه الشيخ في محمد بن عيسى (٣) من الاستثناء ينبغي وصفه بالضعف ، وفيه ما فيه.

وأمّا محمد بن عبد الحميد فهو العطّار على الظاهر ، وقد قدّمنا فيه القول (٤).

ومحمد بن حفص هو ابن غياث ، ويروي عن أبيه كما ذكره الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمة عليهم‌السلام لكن بنوع إبهام (٥) ، لأنّه قال : روى عنه محمد بن الوليد الخزّاز ، وروى عنه محمد بن الحسن الصفار والحميري وسعد (٦). وغير خفي بعد الممارسة أنّ الضمير في « وروى عنه » راجع إلى محمد بن الوليد ؛ لكن في بادئ النظر يتوهم خلافه ويظن أنّ محمد بن عبد الحميد لا يروي عن محمد بن حفص فيكون غير من ذكرناه. وربما يزاد احتمال كون محمد بن حفص مجهولاً غير المذكور ، وإنّ كان المذكور مجهولاً أيضاً ؛ لوجوده مهملاً.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.

(٢) رجال الطوسي : ٤٣٥ / ١١.

(٣) الفهرست : ١٤٠.

(٤) راجع ص ١٥١.

(٥) في « رض » و « فض » : إيهام.

(٦) رجال الطوسي : ٤٩٢ / ١٠.

٤١٧

وأمّا حفص بن غياث فقد تقدم (١).

وليث مشترك (٢). وعبد الملك غير مذكور كغيره.

والرابع : لا ارتياب في صحته.

والخامس : فيه علي بن محمد القاشاني مع عدم الطريق إليه ؛ وقد نقل العلاّمة عن الشيخ أنّه قال : إنّه من أصحاب أبي جعفر الثاني الجواد عليه‌السلام ، ـ ثم قال يعني الشيخ ـ : علي بن شيرة بالشين المعجمة المكسورة والياء الساكنة المنقطة تحتها نقطتين والراء ثقة من أصحاب الجواد عليه‌السلام ، ثم قال العلاّمة : والذي يظهر لنا أنّهما واحد ؛ لأنّ النجاشي قال : علي بن محمد بن شيرة القاشاني (٣). انتهى.

ولا يخفى قصور عبارة العلاّمة على من لاحظ كتاب الشيخ الموجود الآن ؛ لأنّ الشيخ قال في رجال الهادي عليه‌السلام : علي بن شيرة ثقة ؛ علي بن محمد القاشاني ضعيف إصبهاني ، إلى آخره (٤). ولعلّ العلاّمة وجد في نسخة ما ذكره ، إلاّ أنّ القصور من جهة إبهام الضبط وأنّه من الشيخ واقع.

وربما يظن أنّ قول الشيخ : علي بن شيرة ثقة. وقع فيه تصحيف من الكاتب ، وإنّما هو « يق » والمعنى : أنّ علي بن شيرة يقال له علي بن محمد القاشاني ، ( ولا يبعّد هذا أنّ كلام النجاشي يقتضي عدم ضعفه ؛ لأنّ الشيخ ربّما اعتمد على ما نقل النجاشي ) (٥) عن أحمد بن محمد بن عيسى : أنّه‌

__________________

(١) في ج ١ : ٢٠٧.

(٢) انظر هداية المحدثين : ١٣٦.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٢٣٢ / ٦.

(٤) رجال الطوسي : ٤١٧ / ٩.

(٥) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٤١٨

غمز عليه ، وذكر أنّه سمع منه مذاهب منكرة (١).

لكن في ذكر الرجل مرة بالتوثيق وأُخرى بالتضعيف على ما سمعت من النسخة يقتضي أنّ الشيخ لم يتثبّت في شأن الرجل ، والعمدة على قول النجاشي ؛ غير أنّ ما ذكره بعد قوله : غمز عليه أحمد من : أنّه ليس في كتبه ما يدل على ذلك : لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ عدم الوجدان في كتبه لا يدل على نفي ما قاله أحمد بن محمد بن عيسى ، لأنّ الظاهر منه أنّه سمع أحمد. واحتمال « سُمع » بالمجهول بعيد.

وما ذكره النجاشي من : أنّ علي بن أحمد بن شيرة كان فقيهاً مكثراً من الحديث فاضلا (٢) يقتضي المدح كما لا يخفى. أمّا التخالف بين كونه ابن أحمد وبين قول الشيخ ابن محمد فأمره سهل. هذا ، وفي السند الإرسال مع جهالة أبي خيثمة.

المتن :

في الأوّل : له دلالة على الوضوء المعروف بحسب الظاهر من قوله : « وضوء الصلاة » وما يوجد في الأخبار من إطلاق الوضوء على غَسل اليدين والاستنجاء بعيد الإرادة هنا من حيث قوله : « وضوء الصلاة » إلاّ أنّ يتكلف التوجيه ؛ ولا يبعد نفي التكلّف بعد تحقق المعارض ، لكن ستسمع الكلام فيه.

أمّا الدلالة من الرواية على الوجوب فقد تنكر من عدم الإتيان بمقتضاه من الأمر ، وهو الظاهر من العلاّمة في المختلف ، فإنّه استدل بهذه‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٥٥ / ٦٦٩ وفيه : علي بن محمد بن شيرة.

(٢) رجال النجاشي : ٢٥٥ / ٦٦٩ وفيه : علي بن محمد بن شيرة.

٤١٩

على الاستحباب ، وبالثاني حيث قال عليه‌السلام فيه : « ثم توضّأ وضوء الصلاة » وكذلك استدل بالرابع (١).

ولا وجه للاستدلال إلاّ عدم دلالة مثل هذا اللفظ على الوجوب ؛ وأضاف إلى ذلك أيضاً رواية ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان أو غيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « في كل غسل وضوء إلاّ الجنابة » (٢) وكأنّ الوجه في الاستدلال بهذا ما ذكره في الجواب عن احتجاج أبي الصلاح حيث نقل عنه : القول بالوجوب (٣) ، وأنّه احتجّ به بأنّ الخبر كما يحتمل الوجوب يحتمل الاستحباب (٤). وحينئذٍ يكون وجه الاحتجاج به من العلاّمة عدم الصراحة في الوجوب ، فلا يحكم به ، والاستحباب يتعيّن.

ولا يخفى ما في الاستدلال كله من النظر ، أمّا الأخبار ما عدا خبر ابن أبي عمير فلأنّ الجملة الخبرية في أمثالها بمعنى الأمر ، وهو للوجوب عنده ؛ إلاّ أنّ يقال : إنّ دلالة الأمر على الوجوب مسلّمة ، وكذا فيما يقوم مقام الأمر إذا علم ذلك ، والعلم هنا غير معلوم. وفيه : أنّ هذا لو تمّ انتفى كثير من الاستدلال بغير الأمر إنّ لم يدعى الجميع.

وأمّا خبر ابن أبي عمير : فالظاهر منه الوجوب كما يستفاد من جوهرة.

وقد اتفق للمحقق في المعتبر أنّه قال في الخبر (٥) نحو ما قاله العلاّمة‌

__________________

(١) المختلف ١ : ٢٢٢.

(٢) التهذيب ١ : ١٤٣ / ٤٠٣ ، الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ٢.

(٣) المختلف ١ : ٢٢١ ، وهو في الكافي في الفقه : ١٣٤.

(٤) المختلف ١ : ٢٢٣.

(٥) المعتبر ١ : ٢٦٧.

٤٢٠