إستقصاء الإعتبار - ج ٣

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-175-3
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٠٢

أمّا احتمال كون قوله : « كيف » كلاماً مستقلا ، وقوله : « تطهّر من غير ماء » مستأنفاً ، والمعنى : كيف لا يطهّر؟ بل يطهّر من غير ماء ، بعيد كما لا يخفى ، هذا.

وللمتأخرين في هذه المسألة تفريعات كلّها مبنيّة على تحقيق الأصل ، وقد عرفت مجمل الأمر ، والله سبحانه وليّ التوفيق.

قوله :

أبواب الجنائز

باب الرجل يموت وهو جنب

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أبي محمّد الحسن (١) بن حمزة العلوي ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : سألته عن الميت يموت وهو جنب ، قال : « (٢) غسل واحد ».

أحمد بن محمّد ، عن علي بن حديد وعبد الرحمن ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل (٣) مات وهو جنب ، كيف يغسل؟ [ و (٤) ] ما يجزؤه من الماء؟ قال : « يغسّل غسلاً واحداً يجزئ ذلك للجنابة ولغسل الميت ، لأنّهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٩٤ / ٦٧٩ : الحسين ، وهو خطأ راجع رجال النجاشي : ٦٤ / ١٥٠ ، والفهرست : ٥٢ / ١٨٤.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٩٤ / ٦٧٩ زيادة : عليه.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٩٤ / ٦٨٠ : ميّت ، وفي « د » و « فض » : رجل ميّت.

(٤) أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٩٤ / ٦٨٠.

٣٤١

علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن المثنّى ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام في الجنب إذا مات ، قال : « ليس عليه إلاّ غسلة واحدة ».

السند :

في الأوّل : الحسن بن حمزة العلوي وهو الطبري المعروف بالمرعشي.

وقال النجاشي : إنّه كان من أجلاّء هذه الطائفة وفقهائها ، قدم بغداد ولقيه شيوخنا في سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة ، ومات في سنة ثماني وخمسين وثلاثمائة (١).

وفي الفهرست قال الشيخ : إنّه كان فاضلاً أديباً عارفاً فقيهاً زاهداً ورعاً ، ـ إلى أنّ قال ـ : أخبرنا بجميع رواياته جماعة ، منهم الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ، والحسين بن عبيد الله ـ إلى أنّ قال ـ : سماعاً منه وإجازةً في سنة ست وخمسين وثلاثمائة (٢).

وفي رجال من لم يرو عن الأئمّة عليهم‌السلام من كتاب الشيخ : الحسن بن محمّد ابن حمزة ـ إلى أنّ قال ـ : روى عنه التلعكبري ، وكان سماعه منه أوّلاً سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وله منه إجازة لجميع كتبه ورواياته ، أخبرنا جماعة منهم الحسين بن عبيد الله ـ إلى أنّ قال ـ : وكان سماعهم سنة أربع وخمسين وثلاثمائة (٣).

__________________

(١) رجال النجاشي : ٦٤ / ١٥٠.

(٢) الفهرست : ٥٢ / ١٨٤.

(٣) رجال الطوسي : ٤٦٥ / ٢٤.

٣٤٢

والعلاّمة في الخلاصة حكى كلام الشيخ في الكتابين وكلام النجاشي ، قال : وهذا لا يجامع قول الشيخ الطوسي (١). ولا يخفى أنّه لا منافاة ؛ للفرق بين السماع والموت.

وابن داود مشى على وهم العلاّمة فحكم بالتنافي (٢) ، والحال ما ترى.

أمّا علي الراوي عنه الحسين بن سعيد فلا يبعد أنّ يكون علي بن النعمان ؛ للتصريح به في الخبر الثالث وغيره من روايات الكتاب (٣) ، إلاّ أنه يروي عن غيره أيضاً من المسمّى بهذا الاسم ، ففي باب تلبية المحرم بالحج : الحسين بن سعيد عن علي بن الصلت (٤) ، وهو مذكور في الفهرست (٥) والنجاشي (٦) بما لا يفيد توثيقاً ولا مدحاً ، وربما يروي عن غير من ذكر ، كعلي بن أبي حمزة.

واستبعاد كونه ابن النعمان بروايته عن أبي إبراهيم ، ولم يذكر علي بن النعمان في رجال الكاظم عليه‌السلام ؛ يدفعه أنّه لا تصريح في الرجال بما ينافيه ، بل قال النجاشي : إنّه روى عن الرضا عليه‌السلام (٧). وذلك لا يفيد الانحصار كما يعلم من أصحاب الرجال ، إلاّ أنّ الفائدة مع عدم الجزم به قليلة.

والثاني : فيه عبد الرحمن ، وربما يظن أنّه ابن أبي نجران ، لوقوع ذلك في الروايات ، وسيأتي عن قريب في باب غسل الميت رواية عن‌

__________________

(١) الخلاصة : ٤٠.

(٢) رجال ابن داود : ٧٧.

(٣) في « فض » زيادة : وسيأتي في مبحث الأموات مكرّراً أيضاً دحلا ( كذا ) عن غيره.

(٤) الاستبصار ٢ : ٢٥١ / ٨٨١.

(٥) الفهرست : ٩٦ / ٤٠٦.

(٦) رجال النجاشي : ٢٧٩ / ٧٣٥.

(٧) رجال النجاشي : ٢٧٤ / ٧١٩.

٣٤٣

الشيخ في التهذيب يرويها زرارة عن علي بن حديد وابن أبي نجران.

وتأتي أيضاً رواية عن علي بن حديد عن عبد الرحمن بن أبي نجران في باب الأموات (١). والوالد قدس‌سره جزم بأنّ لفظ « عن » سهو ، وإنّما هو وعبد الرحمن (٢). وبالجملة في الظن أنّ هذا كثير الوقوع ، إلاّ أنّ غيره في حيّز الإمكان.

والثالث : فيه المثنّى ، وهو مشترك (٣). وابن مسكان فيه احتمال الاشتراك (٤). وأبو بصير كرّرنا القول فيه (٥).

المتن :

في الأوّل : ذكره العلاّمة في المختلف حجة لسلاّر بعد ما نقل عنه القول بأنّ الميت يجب غسله مرة بالقراح والباقي مستحبّ ووجّه الاستدلال بأنّه إذا ثبت الواحد مع الجنابة فمع عدمها أولى (٦).

ولا يخلو من غرابة في أوّل النظر.

وقد أجاب العلاّمة عن ذلك : بأنّ المراد عدم وجوب غُسلين أحدهما للجنابة والآخر للميت ، وليس بدالّ على صورة النزاع ؛ لأنّ غُسل الميت عندنا واحد ، إلاّ أنّه اشتمل على ثلاثة أغسال (٧).

__________________

(١) انظر ص ٤١٣.

(٢) منتقى الجمان ١ : ٢٤٥.

(٣) هداية المحدثين : ١٣٦.

(٤) هداية المحدثين : ١٠٤.

(٥) في ج ١ : ٧٣ ، ٣٠.

(٦) المختلف ١ : ٢٢٣.

(٧) المختلف ١ : ٢٢٤.

٣٤٤

وهذا الجواب أيضاً غريب ؛ لأنّ مقتضى الاستدلال كون غُسل الميت مع الجنابة واحداً فكذا مع عدمها بالطريق الأولى ؛ والجواب يقتضي الاعتراف بالغُسل الواحد ، لكن الواحد يراد به من دون غُسل آخر للجنابة ، لا كونه واحداً مركّباً ، إذ لو كان ثلاثة أغسال تتحقق الوحدة على معنى عدم الاحتياج إلى غُسل آخر للجنابة.

فالأولى أنّ يبيّن المراد بالواحد في الرواية ، فإن أُريد به غُسل الميت المتضمن للصورة المخصوصة لا يتم الاستدلال على الاكتفاء بالمرّة بالقراح ، وإنّ أُريد بالواحد الغُسل بالقراح أمكن توجيه الاستدلال بالأولوية.

لكن الجواب حينئذٍ ينبغي أنّ يكون بأنّ المتبادر من الواحد غُسل الميت على الهيئة المخصوصة في غيره من الاخبار. غير أنّ احتمال إرادة غُسل واحد إمّا الجنابة أو غُسل الميت ، ولمّا كان غسل الجنابة ليس فيه ما في غُسل الميت دلّ الخبر حينئذٍ على عدم اشتراط الخليط ، فيحتمل ادعاء أنه غير واجب. ويجاب بجواز الاختصاص بحال الجنابة ، إلاّ أنّ الحق تبادر إرادة غُسل الميت.

والثاني : كالأوّل في الاحتمال ، وقوله عليه‌السلام فيه : « لأنّهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة » وإنّ كان لا يخلو من إجمال من حيث احتمال إرادة غسل ثالث يجزئ عن الجنابة والموت ، إلاّ أنّ احتمال إرادة الاكتفاء بالغسل الواحد له تبادر على ما يظن من الروايتين.

ولو رام قائل أنّ يقول : إنّ الإجزاء عن الجنابة لا يتصوّر إلاّ في ماء القراح ؛ لأنّ غيره ربما لا يتحقق معه الماء المطلق ، سيّما وقد قدّر بعض الأصحاب السدر برطل ، وبعضهم برطل ونصف.

فالجواب عنه : أن اعتبار بقاء الماء على إطلاقه معروف بين الأصحاب.

٣٤٥

نعم ذكر الشهيد في الذكرى : أنّ المفيد قدّر السدر برطل ، وابن البراج برطل ونصف ، واتفق الأصحاب على ترغيته ، وهما يوهمان الإضافة ويكون المطهّر هو القراح (١). انتهى.

وهذا غير خفي أنّه لا يقتضي القول ، بل مجرّد الإيهام ، على أنه يمكن أنّ يقال ـ بتقدير كونه غُسلاً واحداً ـ : إنّ الغسلين الأولين مقدمتان للطهارة فلا مانع من الإضافة ، أمّا لو قيل : إنهما ثلاثة أغسال ، أمكن التوقف ؛ وإنّ أمكن أنّ يقال : إنّه لا مانع من كون الماء مضافاً والمطهّر المجموع. إلاّ أنّ الظاهر من بعض الأخبار حيث قيل فيه : بماء وسدر بقاء الماء على الإطلاق (٢).

والثالث : ربما كان فيه دلالة على كون الغُسل واحداً ؛ لأنّ الغسلة الواحدة إمّا أنّ يراد بها غُسل الميت ، أو ثالثة غُسل الميت ؛ فإنّ أُريد الأوّل أفاد المطلوب ، وإنّ أريد الثاني يضرّ بالحال ، ولعل سلاّر لو استدل به أمكن التوجيه ، لكن السند كما ترى ، والمتن لا يخلو من إجمال.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ للأصحاب كاملاً في تداخل الأغسال ، وتفصيلاً قد أوضحناه في محل آخر (٣) ، والذي يليق ذكره هنا ما ذكروه في التداخل مع كون الأغسال كلّها واجبة ، وحاصل الأمر أنّ البعض ذكر ما أشرنا إليه ولم يذكر غسل الميت مع الجنابة (٤) ، ووجّه التداخل بأن المطلوب رفع الحدث أو الاستباحة وهو شي‌ء واحد. وأنت خبير بأنّ هذا‌

__________________

(١) الذكرى : ٤٥.

(٢) الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غُسل الميت ب ٢.

(٣) راجع ص ٦٨٤ ٦٩٢.

(٤) راجع ص : ٦٨٥.

٣٤٦

لا يتم فيما نحن فيه ، لكن الأصحاب لما ضويقوا باعتبار اشتراطهم نيّة الرفع أو الاستباحة ( التجأوا إلى تكلّف التوجيه في صحة التداخل.

ثم إنّ بعضهم قال : إنّ لم نكتف بالقربة بل أوجبنا الرفع أو الاستباحة ) (١) فإن نوى أحدهما فلا يخلو : إمّا أنّ لا يعيّن رفع أحد الأحداث أو يعيّن ؛ فإن كان الأوّل فالعلاّمة على التداخل (٢) ، وإنّ كان الثاني : فإن كان معها غسل الجنابة وساوَيْنا بينها وبينه في عدم الوضوء ، أو لم يكن معها ، كفى نيته عن الباقي. وإنّ كان معها واشترطنا الوضوء فيها ، فإن كان المعيّن الجنابة أجزأ عن غيره على المشهور. وإنّ كان غيره فخلاف. والمحقق في المعتبر مال إلى الأخير محتجاً بأنّه غُسل صحيح نوى به الاستباحة (٣). والعلاّمة في النهاية قوّى عدم الإجزاء محتجاً بأنّ رفع الأدون لا يستلزم رفع الأعلى (٤).

ولا يخفى عليك أنّ ما نحن فيه يقع فيه الإشكال من جهة الوضوء إن قلنا بوجوبه مع غُسل الميت ، وحينئذٍ يحتمل سقوطه باعتبار الجنابة ، ويحتمل عدمه لاحتمال الاكتفاء بغُسل الميت عنه ، لا لكونه مقصود الدخول فيه ، فإذا ثبت الوضوء مع غُسل الميت بقي وجوبه ، ويحتمل البناء على التداخل في جميع أغسال الميت أو في القراح ، والأخبار كما ترى لا دلالة فيها على شي‌ء من ذلك.

أمّا ما قد يقال : إنّ الأخبار لا تدل على بقاء غُسل الجنابة بعد‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) نهاية الاحكام ١ : ١١٢.

(٣) المعتبر ١ : ٣٦١.

(٤) نهاية الاحكام ١ : ١١٢.

٣٤٧

الموت ، بل الظاهر منها الاكتفاء بغُسل واحد ، وهو أعمّ من التداخل الدال على بقاء غُسل الجنابة ، وعدمه الدال على عدم الوجوب ، بل الظاهر من قوله عليه‌السلام : « حرمتان اجتمعتا في حرمة » الأوّل. فلا يخلو من وجه ، إلاّ أن للكلام في المقام مجالاً ، والله تعالى أعلم.

قوله :

فأما ما رواه إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل مات وهو جنب ، قال : « يغسّل غسلة واحدة بماء ، ثم يغسّل بعد ذلك ».

وروى علي بن محمّد ، عن أبي القاسم سعيد بن محمّد الكوفي ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن عيص ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يموت وهو جنب ، قال : « يغسّل من الجنابة ، ثم يغسّل بعد غُسل الميت ».

عنه ، عن محمّد بن خالد ، عن عبد الله بن المغيرة قال : أخبرني بعض أصحابنا ، عن عيص ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام قال : « إذا مات الميت فخُذ في جهازه وعجّله ، وإذا مات الميت وهو جنب غسّل غُسلاً واحداً ، ثم يغسّل بعد ذلك ».

فلا تنافي بين هذه الأخبار وبين الأخبار الأوّلة ؛ لأنّ هذه الروايات أوّل ما فيها أنّ الأصل فيها كلّها عيص بن القاسم ، وهو واحد ، ولا يجوز أن يعارض بواحد جماعة كثيرة ؛ لما بيّناه في غير موضع. ولو صحّ لاحتمل أنّ تكون محمولة على ضرب من‌

٣٤٨

الاستحباب دون الفرض والإيجاب.

على أنّه يمكن أن يكون الوجه في هذه الأخبار أنّ الأمر بالغُسل بعد غُسل الميت غُسلَ الجنابة إنّما توجّه إلى غاسله ، فكأنه قيل له : ينبغي أن يغسّل الميت غُسل الجنابة ثم تغتسل أنت. فيكون ذلك غلطاً من الراوي أو الناسخ ؛ وقد روى ما ذكرناه هذا الراوي بعينه :

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن علي ، عن عبد الله بن الصلت ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا مات الميت وهو جنب غسّل غُسلاً واحداً ، ثم اغتسل بعد ذلك ».

السند :

في الأوّل : ليس فيه ريب إلاّ من جهة عدم الطريق إلى إبراهيم بن هاشم في المشيخة ، وطريقه في الفهرست إليه مقيد بكتبه (١) ، ولم يعلم أنّ هذا الخبر من كتبه. واحتمال تصحيح الطريق من طريقه إلى ابنه علي من حيث إنّ الظاهر كون الابن روى جميع روايات الأب لا يخفى حاله.

وأمّا عيص فهو ابن القاسم ، كما صرَّح به الشيخ فيما يأتي.

والثاني : فيه علي بن محمّد ، وهو مشترك (٢) ، من دون الطريق إليه ليعرف مرتبته.

__________________

(١) الفهرست : ٤.

(٢) هداية المحدثين : ٢١٨.

٣٤٩

وسعيد بن محمّد الكوفي غير مذكور في الرجال.

ومحمّد بن أبي حمزة قدّمنا فيه القول (١) ؛ وفي الرجال أيضاً محمّد بن أبي حمزة التيملي مهمل (٢).

والثالث : فيه جهالة المروي عنه الراجع إليه ضمير عنه. وكذلك محمّد بن خالد لاشتراكه (٣) مع الإرسال.

والرابع : فيه محمّد بن أحمد بن علي ، ولا يبعد أنّ يكون محمّد بن أحمد ابن أبي قتادة علي بن حفص ؛ لأنّ الراوي عنه محمّد بن يحيى العطّار ، وهو ثقة في النجاشي (٤). واحتمال غيره ممّا هو مذكور في كتاب ابن داود نقلاً من كتاب الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمّة عليهم‌السلام (٥) أظنّه بعيداً.

المتن :

في الجميع ما عدا الأخير لا يخلو ما ذكره الشيخ فيه من نظر :

أمّا أولاً : فلما ذكره رحمه‌الله من أنّه لا يطعن في السند إلاّ بعد عدم وجه الجمع ، والوجه هنا ممكن.

وأمّا ثانياً : فلأنّ السهو من الراوي في مثل هذا مشكل بالنسبة إلى كون الرجل ثقة ؛ اللهم إلاّ أنّ يكون السهو نادراً. وسهو الناسخ أبعد ؛ لأنّ مقتضى الأوّل : أنّ يغسّل الميت بماء أوّلاً ثم يغسّل ، فلو حمل الغُسل الثاني‌

__________________

(١) في ص ٩٤٥.

(٢) رجال الطوسي : ٣٠٦ / ٤١٧.

(٣) هداية المحدثين : ٢٣٧.

(٤) رجال النجاشي : ٣٣٧ / ٩٠٢.

(٥) رجال ابن داود : ١٦١.

٣٥٠

على غُسل المغسّل أمكن ، أمّا غُسل الميت بماء فقط فهو خلاف مدلول الأخبار ؛ اللهم إلاّ إلاّ أنّ يقال : إنّ الغرض بيان غُسله بالماء المطلق ، وترك ما معه من الضميمة للعلم به ، وربما كان هذا أولى في الاستدلال لسلاّر لو صحّ.

وأمّا الثاني : فالسهو فيه من الناسخ بعيد جدّاً ، وظاهره المنافاة.

وكذلك الثالث ، إلاّ أنّه قريب للتأويل ، ولعلّ الأولى الحمل على الاستحباب.

وما قاله شيخنا أيّده الله تعالى في فوائد الكتاب : من أنّ الأوضح الحمل على أنّه يغسّل أوّلاً من أثر الجنابة مثل المني ونحوه ؛ ممكن وإنّ بعُد ، إلاّ أنّه أقرب من محمل الشيخ على السهو.

أمّا ما ذكره الشيخ من دلالة الرواية الأخيرة فلا يدلّ على أنّ ما وقع سهو كما لا يخفى ، بل يؤكّد الاستحباب.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ مورد الأخبار موت الجنب ، أمّا غيره فالحائض والنفساء قد ورد في بعض الأخبار أنّهما يغسّلان مثل غُسل الطاهرة.

ثم قال عليه‌السلام : « وكذلك الجنب إنّما يغسّل غُسلاً واحداً فقط » وفيه دلالة على أنّ المراد بالغُسل الواحد غسل الأموات. وهو مروي في التهذيب عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨٢ ، الوسائل ٢ : ٥٤٠ أبواب غسل الميت ب ٣١ ح ٢.

٣٥١

ولا يبعد أنّ يكون الحديث مأخوذاً من الفقيه ، وما تضمنه من الجنب محتمل لأنّ يكون من كلام الصدوق ، لأنّه قال في آخره : وكذلك الجنب إنّما يغسّل غُسلاً واحداً (١). والموجود في النسخة التي وقفت عليها وقوع فاصل بين هذه العبارة وما قبلها ؛ إلاّ أنّ الشيخ نقله من جملة الحديث من غير فاصلة.

وأمّا غير من ذكر فاحتمال الاتحاد في الحكم ممكن ؛ لظاهر التعليل في الخبر السابق عن زرارة (٢). ويحتمل العدم ؛ لاحتمال التعليل الاختصاص ، ولا يخلو من بُعد. وقد وصف خبر زرارة بالصحة في كلام بعض محقّقي المعاصرين (٣) سلّمه الله وكأنّه لما أشرنا إليه سابقاً (٤).

قوله :

باب حدّ الماء الذي يغسّل به الميت.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن الصفار ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه‌السلام ، كم حدّ الماء الذي يغسّل به الميت؟ كما ورد (٥) أنّ الجنب يغتسل بستّة أرطال والحائض بتسعة أرطال ، فهل للميت حدّ من الماء الذي يغسّل به؟ فوقّع عليه‌السلام : « حدّ غسل الميت أنّ يغسّل حتّى يطهر إنّ شاء الله تعالى ».

فأمّا ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٩٣ / ٤٢٥.

(٢) المتقدم في ص ٩٥٨.

(٣) كالبهائي في الحبل المتين : ٦٠. ووصفه بالحسن لا بالصحة.

(٤) راجع ص : ٩٦٢.

(٥) في الاستبصار ١ : ١٩٥ / ٦٨٦ : رووا.

٣٥٢

حفص ابن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي (١) : إذا أنا مِتُّ فاغسلني بسبع قِرَب من بئر غرس ».

وما رواه سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن فضيل سُكَّرة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ، هل للماء حدّ محدود؟ قال : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي عليه‌السلام : إذا أنا مِتّ فاستق لي ستّ قِرَب من بئر غرس فاغسلني وكفّنّي ».

فلا تنافي بين هذين الخبرين والخبر الأوّل ؛ لأنّهما محمولان على ضرب من الاستحباب ، لأنّ الفضل في غُسل الميت أنّ يستعمل الماء كثيراً واسعاً ولا يضيّق الماء فيه ، وإنّ كان لو اقتصر على القدر الذي يطهره أجزأه ما يتناوله اسم الغسل.

السند :

في الأوّل : لا ارتياب فيه كما قدّمناه.

والثاني : كذلك عند المتأخرين ، غير أنّه ربما يحصل نوع شك في حفص ابن البختري ، لأنّ النجاشي وثّقه قائلاً بعد التوثيق : روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما‌السلام ، ذكره أبو العباس ، وإنّما كان بينه وبين آل أعيَن نبوة (٢) فغمزوا عليه بلعب الشطرنج (٣).

ولا يخفى أنّ أبا العباس مشترك بين ابن نوح وابن عقدة (٤) ، وابن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٩٦ / ٦٨٧ ، والتهذيب ١ : ٤٣٥ / ١٣٩٨ زيادة : عليه‌السلام : يا علي.

(٢) النبوة : النفرة ، المصباح المنير : ٥٩١ ( نَبَا ).

(٣) رجال النجاشي : ١٣٤ / ٣٤٤.

(٤) هداية المحدثين : ٢٨٨.

٣٥٣

عقدة لا يصلح لإثبات توثيقه ، لكن شيخنا المحقّق ميرزا محمّد أيّده الله كان يرجّح أنّه ابن نوح. وهو غير بعيد ، إلاّ أنّ ابن نوح فيه كلام يعرف من مراجعته ، ورجوعه لا يفيد ؛ إذ لم يعلم كون التوثيق بعده. ولعلّ الإشارة في ذلك إلى روايته عن أبي عبد الله وأبي الحسن ، لا إلى التوثيق ، لكن إشارة البعيد تنافيه ( وقد تقدّم القول فيه مفصّلاً (١) ) (٢).

والثالث : فيه سهل.

وفضيل سُكّرة مهمل في رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ (٣).

المتن :

في الأوّل : لا يخفى ظهوره في الدلالة على أنّ ماء غُسل الميت ليس له حدّ.

والأخبار الباقية ما ذكره الشيخ فيها لا وجه له ؛ لأنّ السؤال في الأوّل تضمّن أنّ غُسل الميت هل له حدّ كما في الجنب؟ والجواب تضمّن أنّ حدّ غُسل الميت الطهارة ؛ وهو يقتضي أنّ ما في الجنب والحائض ليس في الميت ، والزيادة في الجنب والحائض على الاستحباب محمولة ، فلو حمل ما في الأخبار على الاستحباب ساوى غيره في الاستحباب ، وإنّ تفاوت الاستحباب في المقدار ، والظاهر من الخبر الأوّل نفي الحدّ مطلقاً.

ولعلّ الأولى أنّ يقال : إنّ المنفي من الأوّل غير صحيح ، والمفهوم لو تمّت دلالته يراد به نفي ما ذكر للجنب والحائض لا مطلقاً.

__________________

(١) راجع ص ٦١.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٣) رجال الطوسي : ٢٧٢ / ٢٧.

٣٥٤

على أنّ ما ورد في قضيّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشكل بما رواه الشيخ في التهذيب عن الصفار ، عن محمّد بن عيسى ، عن القاسم الصيقل قال : كتبت إليه : جعلت فداك ، هل اغتسل أمير المؤمنين عليه‌السلام حين غسّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند موته؟ فأجابه : « النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طاهر مطهّر ، ولكن أمير المؤمنين عليه‌السلام فعل وجرت به السنّة » (١).

فإنّ هذا الحديث كما ترى يدل على خلاف ما ذكره الشيخ من التأويل ؛ إلاّ أنّ يقال : إنّه لتعليم الناس ؛ وحينئذٍ يكون المستحب في غُسل الميت زيادة الماء القدر المذكور في الرواية ، لا مطلق الكثرة كما قاله الشيخ ، على أنّ خصوص بئر غرس ربما كان له نوع مدخلية.

اللغة :

غرس : بالغين المعجمة والراء المهملة نصّ عليه في القاموس ، وقال : بئر غرس في المدينة ، ومنه الحديث : « غرس من عيون الجنة » (٢) كذا قاله شيخنا أيّده الله في فوائد الكتاب. وفيه دلالة على خصوصية بئر غرس كما لا يخفى.

قوله :

باب جواز غسل الرجل امرأته والمرأة زوجها.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٦٩ / ١٥٤١ ، الوسائل ٣ : ٢٩١ أبواب غسل المس ب ١ ح ٧ وفيهما بتفاوت يسير.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ٢٤٣.

٣٥٥

محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد (١) ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه سئل عن الرجل يموت وليس عنده من يغسّله إلاّ النساء ، قال : « تغسّله امرأته أو ذو قرابة إنّ كانت له ، وتصبّ النساء عليه الماء صبّاً ، وفي المرأة إذا ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسّلها ».

وبهذا الاسناد ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الرجل يغسّل امرأته؟ قال : « نعم من وراء الثوب ».

أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن عثمان ، عن سماعة قال : سألته عن المرأة إذا ماتت ، قال : « يدخل زوجها يده تحت قميصها ويغسّلها إلى المرافق ».

سهل بن زياد ، عن علي بن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في المرأة إذا ماتت وليس معها امرأة تغسّلها ، قال : « يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسّلها إلى المرافق ».

الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلاّ النساء ، قال : « يدفن ولا يغسّل ؛ والمرأة تكون مع الرجل بتلك المنزلة تدفن ولا تغسّل ، إلاّ أنّ يكون زوجها معها ؛ فإن كان زوجها معها غسّلها من فوق الدرع ويسكب الماء عليها سكباً ،

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٩٦ / ٦٨٩ زيادة : بن عثمان.

٣٥٦

ولا ينظر إلى عورتها ، وتغسله امرأته إنّ مات ؛ والمرأة إنّ ماتت ليست بمنزلة الرجل ، المرأة أسوأ منظراً إذا ماتت ».

سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

قال محمّد بن الحسن : هذه الأخبار كلها دالّة على أنّه ينبغي له أن يغسّلها من فوق الثياب ؛ وأمّا المرأة فإنّ الأولى أيضاً أنّ تغسّل الرجل من فوق الثياب.

السند :

في الأوّل : حسن.

والثاني : صحيح.

والثالث : موثّق على ما قدمناه في الحسين بن عثمان (١).

والرابع : فيه سهل بن زياد.

والخامس : صحيح.

والسادس : فيه سهل بن زياد.

وداود بن سرحان (٢) وثّقه النجاشي (٣) ، إلاّ أنّ في كلامه احتمال أنّ يكون التوثيق من ابن نوح ، وقد قدّمنا في ابن نوح أنّ فيه كلاماً (٤).

والحق أنّ يقال : إنّ ما ذكر في ابن نوح إنّما حكاه الشيخ في‌

__________________

(١) في ص ١٣١.

(٢) في النسخ : علي بن النعمان ، والصواب ما أثبتناه.

(٣) رجال النجاشي : ١٥٩ / ٤٢٠.

(٤) راجع ص ٩٦٨.

٣٥٧

الفهرست بلفظ : وحكي عنه مذاهب فاسدة في الأُصول مثل القول بالرؤية (١). ولا يخفى أنّ الحاكي غير معروف ، والنجاشي ليس ممن يشتبه عليه الحال ، وقد أثنى عليه تمام الثناء في كتاب الرجال (٢).

المتن :

في الأوّل : كما ترى يدل على أنّ الزوجة تغسّل الرجل أو القرابة ، أمّا الزوجة فيغسّل الزوج لها بإدخال يده تحت القميص. وما تضمنه السؤال من قوله : ليس عنده إلاّ النساء. لا يدل على الاختصاص بحال الضرورة ، لأنّ السؤال عن بعض الأفراد لا يفيد تخصيصها كما لا يخفى.

فإن قلت : إذا تضمّن السؤال أمراً خاصاً فالظاهر من الجواب مطابقته ، ودعوى الجواز مطلقاً يحتاج إلى دليل.

قلت : نحن لا ندعي الجواز مطلقاً بهذه الرواية ، بل من إطلاق بعض آخر ، على معنى أنّه لا يتوهم أنّ إطلاق البعض يقيد بهذا الخبر ، وإنّما يقيد المطلق إذا نافاه ، أمّا إذا ذكر بعض أفراده فلا منافاة ، وما نحن فيه من هذا القبيل ؛ لأنّ بعض أفراد المطلق ما ذكر في السؤال.

فإن قلت : هذا آتٍ في كل مطلق ومقيّد.

قلت : قد قدّمنا في هذا الكتاب كلاماً في أنّ المقيد إنّما ينافي المطلق إذا قلنا بأنّ مفهوم الوصف حجة ، ليدلّ وصف المقيد على النفي عما عداه المنافي للمطلق الدالّ على الجواز ، بخلاف ما إذا سئل عن بعض أفراد المطلق فإنّ الجواب عنه لا يفيد إثبات وصف دالّ على النفي عما عداه وإنّ‌

__________________

(١) الفهرست : ٣٧ / ١٠٧.

(٢) رجال النجاشي : ٨٦ / ٢٠٩.

٣٥٨

اختص الجواب بالسؤال ، فينبغي التأمّل في هذا ، فإنّي لم أقف عليه في كلام الأُصوليين ، مع أنّ القائل بعدم حجية مفهوم الوصف قائل بحمل المطلق على المقيد بسبب التنافي ، هذا.

والموجود في النسخ : « وتصبّ النساء عليه الماء » والظاهر عود الضمير إلى الميت ؛ وفي الفقيه : « وتصبّ النساء عليها الماء » (١) وكأنّه أظهر.

والثاني : وإنّ كان فيه إطلاق التغسيل من وراء الثياب المتناول للغسل من فوقها إلاّ أنّه يمكن حمله على المقيّد السابق الدالّ على إدخال يده تحت القميص.

أمّا الثالث : ففيه تقييد أيضاً إلاّ أنّه مصرّح بغسل اليدين إلى المرافق ، وهو غير مدلول الأولين ، فيمكن حمل إطلاقهما على هذا المقيّد عند من يعمل بهذا الخبر كالشيخ.

ولا يبعد أنّ يكون الشيخ فهم من قوله : « المرافق » إرادة مرافق الغاسل ، على معنى يدخل يده إلى المرافق ؛ ويكون المراد باليد ما يتناول اليدين بنوع من التوجيه. ولو لا هذا لكان الخبر من قسم المنافي للأوّلين كما لا يخفى. وهكذا القول في الرابع.

والخامس : كما ترى يدل على أنّ سقوط التغسيل مع عدم من ذكر ، وسيأتي ما ينافيه ، ونتكلم فيه إنّ شاء الله تعالى.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ مدلول هذه الأخبار ما ذكره الشيخ من تغسيل المرأة من وراء الثياب ، لكن ظاهر كلام الشيخ أنّ ذلك ليس على سبيل‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٤ ، الوسائل ٢ : ٥١٩ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٩.

٣٥٩

التعيّن ؛ لأنّه قال : وأمّا المرأة فإنّ الأولى أيضاً. ولفظ « ينبغي » ربما يدل أيضاً.

وسيأتي من الشيخ ما يقتضي التعيّن ( في جانب الرجل عن قريب ، ويأتي ) (١) كلام يدل على التقييد بعدم النساء إذا ماتت المرأة وعدم الرجال إذا مات الرجل ، وستسمع القول فيه (٢).

والمنقول عن السيّد المرتضى (٣) وجماعة منهم الشيخ في الخلاف : جواز تغسيل كلّ من الزوجين الآخر مجرّداً مع وجود المحارم وعدمهم (٤).

قوله :

والذي يدل على ذلك :

ما رواه حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد الكِنْدي ، عن غير واحدٍ ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يموت وليس عنده من يغسّله إلاّ النساء ، هل تغسّله النساء؟ فقال : « تغسّله امرأته أو ذات محرم ، وتصبّ عليه (٥) النساء الماء صبّاً من فوق الثياب ».

سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « إذا مات‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « د » و « رض » : عن قريب ، ويأتي في جانب الرجل.

(٢) في ص : ٣٦٧ ٣٧٠.

(٣) حكاه عنه في الذكرى : ٣٨.

(٤) الخلاف ١ : ٦٩٨.

(٥) في الاستبصار ١ : ١٩٨ / ٦٩٥ : عليها.

٣٦٠