إستقصاء الإعتبار - ج ٣

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-175-3
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٠٢

الصفار ، عن أحمد بن محمد وعبد الله بن محمد ، عن علي بن مهزيار قال : كتب إليه سليمان (١) بن رشيد يخبره أنّه بال في ظلمة الليل وأنّه أصاب كفه بَرد نقطة من البول لم يشك أنّه أصابه ولم يره وأنّه مسحه بخرقة ثم نسي أنّ يغسله وتمسّح بدهن فمسح به كفّيه ووجهه ورأسه ثم توضّأ وضوء الصلاة وصلّى (٢)؟ فأجابه (٣) بجواب قرأته بخطّه : « أمّا ما توهّمت ممّا أصاب يدك فليس بشي‌ء إلاّ ما تحقق (٤) ، فإنّ تحقّقت ذلك كنت حقيقاً أن تعيد الصلوات التي كنت (٥) صلّيتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهن في وقتها ، وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها ، من قِبَلِ أنّ الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلاّ ما كان في وقت ، فإذا كان جنباً أو صلّى على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته فإنّ (٦) الثوب خلاف الجسد ، فاعمل على ذلك إنّ شاء الله تعالى ».

السند‌ :

في الأوّل : لا ارتياب في صحّته ، وما قاله المحقق في المعتبر من أنّها حسنة (٧). يريد به غير المعنى المصطلح عليه ، لما ذكرناه من عدم‌

__________________

(١) في نسخة من الاستبصار ١ : ١٨٤ / ٦٤٣ : سلمان.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٨٤ / ٦٤٣ : فصلّى.

(٣) في « فض » و « رض » : فأجاب.

(٤) في النسخ : تحق ، وما أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٨٤ / ٦٣٤.

(٥) ليست في « د » و « رض ».

(٦) في الاستبصار ١ : ١٨٤ / ٦٤٣ : لأنّ.

(٧) المعتبر ١ : ٤٤١.

٢٦١

الارتياب ، ظنّي أنّ غرضه بالحسن مطابقتها للأُصول ، وإنّ أتى بعد العبارة بقوله : والأُصول تطابقها. لاحتمال أنّ يكون (١) لبيان الحسن ، ومن هنا يظهر أنّ ما قاله بعض الأصحاب من أنّ هذه الرواية حسنة لا تعارض الصحيح (٢). غريب ، ومنشأ ذلك عدم مراجعة أُصول الحديث.

ثم إنّ السند في التهذيب هكذا : محمد بن علي بن محبوب وسعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، والأمر سهل (٣).

والثاني : أيضاً لا ريب في سنده ، وعبد الله بن محمد الواقع فيه لا يبعد أنّ يكون أخا أحمد بن محمد بن عيسى الملقّب ببنان على ما في الكشي ، حيث قال : وعبد الله بن محمد بن عيسى الملقّب ببنان أخو أحمد ابن محمد بن عيسى (٤). والرجل مجهول الحال ، لكن لا يضرّ في الرواية ، وفي التهذيب في آخر زكاة الفطرة حديث في سنده عن بنان بن محمد عن أخيه عبد الله بن محمد (٥).

أمّا احتمال القدح بالإضمار فلا شي‌ء بعد قوله : بخطه ، بل ولو لم يقل ذلك أيضاً ، وكونها مكاتبة لا أعلم وجه التوقف فيها ، وجهالة سليمان لا ضرر فيها.

__________________

(١) في « فض » زيادة : عنه.

(٢) انظر روض الجنان : ١٦٩.

(٣) لا يخفى أنّ الشيخ رحمه‌الله أورد الرواية في موضعين من التهذيب ، الأوّل في ج ١ : ٤٢٣ / ١٣٤٥ وفي سندها لا يوجد سعد بن عبد الله ، والثاني في ج ٢ : ٣٦٠ / ١٤٩٢ وفي سندها لا يوجد محمد بن علي بن محبوب. فلم يجمع فيما رأينا من نسخ التهذيب بين محمد بن علي وسعد بن عبد الله ، ولعلّ نسخة المصنف كانت مشتملة على الجمع ، ويحتمل أنّه جمع بين السندين.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٧٩٩ / ٩٨٩.

(٥) التهذيب ٤ : ٩١ / ٢٦٦.

٢٦٢

المتن :

في الأوّل كما ترى يدل بإطلاقه على عدم إعادة الناسي ، وقيل : إنّه يستفاد من التعليل أيضاً العموم للوقت وخارجه (١). وفيه تأمّل.

ويظهر من المحقّق الميل إلى العمل بها ، فإنّه قال بعد ما سبق نقله عنه كما حكاه شيخنا قدس‌سره : والأُصول تطابقها ؛ لأنّه صلّى صلاة مشروعة مأموراً بها فيسقط الفرض بها ، ويؤيّد ذلك قوله عليه‌السلام : « غفر لأُمّتي الخطاء والنسيان » (٢).

ولا يخفى عليك دلالة كلام المحقق على أنّ الصلاة المأتيّ بها مشروعة ، ولا معنى للمشروع إلاّ ما وافق الشارع ، وهذا بعينه يأتي في الجاهل ، فقول شيخنا قدس‌سره في الجاهل : إنّه لم يأت بالمأمور به (٣). كما سبق نقله ، محل بحث ، ولو لا تأييد المحقق بالرواية المتضمّنة للناسي في الغفران لأمكن أنّ يقال : إنّ كونها مشروعة بسبب الخبر ، وإنّ كان في نظري القاصر أنّ الخبر لا يدل على عدم الإعادة ، بل الظاهر منه عدم المؤاخذة ، وعلى تقدير منع الظهور فلا أقلّ من الاحتمال ، وهو كاف في دفع الاستدلال ، والأخبار الدالة (٤) على الإعادة يحتمل فيها الحمل على الاستحباب.

أمّا حمل الشيخ فموقوف على أمرين‌ :

__________________

(١) الحبل المتين : ١٧٤.

(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٣٤٦ ، وهو في المعتبر ١ : ٤٤١.

(٣) راجع ص ٨٨٦.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٧٩ أبواب النجاسات ب ٤٢.

٢٦٣

أحدهما : ثبوت دلالة الروايتين عليه.

وثانيهما : على تقدير عدم دلالة الروايتين ترجيح الحمل المذكور مع احتمال الاستحباب.

والأمران مشكلان :

أمّا الأوّل : فلأنّ رواية أبي بصير إنّ عَنى بها روايته المتضمنة لقوله عليه‌السلام : « علم أو لم يعلم » فهي غير صريحة في المطلوب ، وتوجيه الشيخ لها لا ينفي احتمال غيره ، وقد ذكر شيخنا المحقّق (١) ميرزا محمد أيّده الله تعالى احتمال أنّ يكون المراد بقوله عليه‌السلام أخيراً في الرواية : « إذا علم » العلم في أثناء الصلاة كما يدل عليه رواية أبي بصير السابقة ، ومع الاحتمال لا يتم المطلوب ، اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ احتمال الشيخ له ظهور. وفيه ما فيه ، على أنّ اللازم من الرواية إذا قيّد الناسي بالإعادة في الوقت أنّ يبقى الجاهل الذي تضمّنته أيضاً عليه الإعادة مطلقاً لإطلاقها في الجاهل ، والحال أنّه قد تقدّم منه أنّ الجاهل لا يعيد على الإطلاق.

وأمّا الثاني : فعدم ترجيحه ظاهر ؛ إذ هو من غير مرجّح ، بل الظاهر رجحان الاستحباب كما يستفاد ممّا قرّرناه.

وإنّ عنى الشيخ رواية أبي بصير السابقة من حيث إطلاقها المتناول للناسي (٢) وغيره ، ففيه : أنّ موردها العلم في الأثناء ، ولا ملازمة للإعادة بعد الإتمام ، كما لا يخفى.

وأمّا الرواية الثانية الذي ادعى الشيخ دلالتها على التفصيل فالكلام فيها يتوقف على بيان ما ذكره المتأخّرون (٣) من الإشكالات فيها وهي ثلاثة‌ :

__________________

(١) في « ش » : مشطوبة.

(٢) في « رض » : للنسيان.

(٣) منهم شيخنا البهائي في الحبل المتين : ١٧٥.

٢٦٤

الأوّل : أنّ حكمه عليه‌السلام بعدم قضاء ما فات وقته من الصلوات التي صلاّهنّ بذلك الوضوء يقتضي صحته ، وهو يقتضي عدم اشتراط طهارة أعضاء الوضوء ، وما قاله بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : من احتمال التزام ذلك في إزالة الخبث ورفع الحدث بورود ماء واحد ، فإنّ الاستدلال على بطلان الوضوء محل كلام (١). لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ التزام هذا يقتضي صحة الوضوء وتكون الإعادة إنّما هي من جهة (٢) نجاسة الثوب ، وهذا مشترك بين الوضوءات ، فكيف يقال بالتخصيص بذاك الوضوء بعينه ، ولو أُريد إبطال الأوّل وصحة الباقي لما ذكر فالفرق لا وجه له.

ثم إنّ الدليل على عدم التداخل إذا اعتبر من حيث إنّ الأصل عدم تداخل الأسباب لم يكن فيه شوب الريب ، وجواز التداخل في بعض الأفراد بدليل لا يقتضي التداخل مطلقاً.

ويمكن الجواب عن الإشكال بأنّ المراد بالوضوء بعينه الوضوء بالماء النجس سواء كان الأوّل أو غيره ، وتكون الإعادة مختصة بالوقت من حيث الثوب ، كما ذكره مشايخنا في توجيه الرواية (٣) وإنّ لم يتوجهوا إلى الإشكالات ، وقد يحصل الإشكال في قولهم هذا أعني كون الإعادة من حيث الثوب فإنّ اللازم التعمية في الجواب الموجبة للإخلال بالحكمة ، ولعل الجواب باحتمال علم السائل من جهة أُخرى ولو ممّا تضمنته آخر الرواية على احتمال سنبيّنه إنّ شاء الله.

__________________

(١) الحبل المتين : ١٧٥.

(٢) ليست في « د ».

(٣) منهم صاحب مدارك الأحكام ٢ : ٣٤٨.

٢٦٥

الثاني : أنّ اليد الماسحة للرأس تنجس بنجاسة (١) الرأس ؛ إذ الفرض كونه نجساً ، وإذا كانت نجسة فكيف يصح المسح بالنجس من البلل.

ويمكن الجواب عن هذا باحتمال عدم استيعاب الدهن الرأس.

وفيه : تعمية الجواب المنافي للحكمة ، إلاّ أنّ يكون عليه‌السلام أطّلع على ذلك كما قيل (٢) وفيه ما فيه.

الثالث : قوله عليه‌السلام : « ذلك الوضوء بعينه » فإنّه يقتضي أنّ الوضوء لو تعدد لا تقضى الصلاة ، والحال ما ترى.

ويمكن الجواب بما قدّمناه من إرادة الوضوء بالماء النجس ، وفيه ما فيه.

والعجب من قول شيخنا قدس‌سره : إنّ الرواية ضعيفة من حيث السند بجهالة الكاتب (٣). فإنّ علي بن مهزيار أخبر عن خطّ الإمام عليه‌السلام ، اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ الضمير في خطه راجع إلى سليمان ، وفيه ما فيه.

أمّا ما قاله قدس‌سره من احتمال أنّ يكون قوله : « فإنّ تحققت ذلك » محمولاً على وصول الماء لغير موضع الوضوء ، فلا ينبغي أنّ يذكر في الرواية.

وفي نظري القاصر أنّ قوله عليه‌السلام : « من قِبَل أنّ الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلاّ ما كان في وقت ؛ وإذا كان جنباً أو صلّى على غير وضوء » إلى آخره ، محتمل لأنّ يكون عليه‌السلام بيّن حكمين : ( حكم الثوب وحكم الوضوء على سبيل الإجمال ، فإنّ تطرّقت النجاسة إلى الثوب كان‌

__________________

(١) في « رض » : بمماسة ، وفي « فض » : لممارسة.

(٢) قال بن البهائي في الحبل المتين : ١٧٥.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٣٤٨.

٢٦٦

حكمه ما ذكر ، وإنّ ) (١) تطرّقت إلى الوضوء كان الحكم ما ذكر ، وحينئذٍ فقوله : « من قِبل » أي من حيث نجاسة الثوب كذا ومن الجنابة كذا ، غاية الأمر أنّه يبقى تخصيص الوضوء غير ظاهر الوجه ، واحتمال إرادة الوضوء بالماء النجس لا مانع منه ، وعلى هذا يمكن توجيه الرواية في الجملة.

ويمكن على بُعدٍ أنّ يراد بالوضوء الاستنجاء ، واستعماله في الأخبار موجود ، ويراد بعينه ما دام أثره موجوداً من دون طهارة.

أمّا قوله عليه‌السلام : « لأنّ الثوب خلاف الجسد » فلا يبعد أنّ يراد به أنّ نجاسة الثوب العينية بخلاف نجاسة البدن الحكمية ، ولو أُريد بالبدن نجاسته العينية لم يكن له مناسبة لما تقدم من ذكر الفرق بين الثوب النجس والوضوء والغَسل ، غاية الأمر أنّه تبقى نجاسة الجسد مسكوتاً عنها ، وغير بعيد استفادتها من الرواية حيث جعل قسيم (٢) الثوب النجس النجاسة الحكمية.

وإذا عرفت هذا كلّه فاعلم أنّ استدلال الشيخ رحمه‌الله بالرواية على ما ذكره من التفصيل بعد هذا الإجمال وعدم سلامتها من تطرّق الإشكال لا يخلو من غرابة.

ثم إنّ ما تقدم من الشيخ في حكم الجاهل جعله مفروضاً في الثوب (٣) ، والأخبار المذكورة أكثرها في الثوب (٤) ، وإنّما ورد في الجسد رواية إبراهيم بن ميمون السابقة ، والأخبار الواردة في باب الدم كذلك (٥) ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٢) في « فض » و « رض » : قسم.

(٣) في ص : ٩٠١.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٢٨ أبواب النجاسات ب ١٩ وص ٤٧٩ ب ٤٢.

(٥) الوسائل ٣ : ٤٢٩ أبواب النجاسات ب ٢٠ وص ٤٣٢ ب ٢١ وص ٤٣٥ ب ٢٣.

٢٦٧

والوالد قدس‌سره نقل في الدم باعتبار المقدار : أنّ الإجماع مدعى على عدم الفرق بين الثوب والبدن (١) ، أمّا من جهة إعادة الصلاة فالإجماع لم نعلمه الآن ، والخبر المبحوث عنه مجمل الدلالة ، والله سبحانه أعلم بحقائق الأُمور.

قوله :

باب عرق الجنب والحائض يصيب الثوب

أخبرني الشيخ رحمه‌الله ـ ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن أبي أُسامة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجنب يعرق في ثوبه أو يغتسل ، فيعانق امرأته ويضاجعها وهي حائض أو جنب فيصيب جسده من عرقها! قال : « هذا كلّه ليس بشي‌ء ».

وبهذا الاسناد ، عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر عن رجل أجنب في ثوبه ، فيعرق فيه؟ قال : « لا أرى به بأساً » قال : إنّه يعرق ، حتى أنّه لو شاء أنّ يعصره لعصره قال : فقطّب أبو عبد الله عليه‌السلام وقال : « إنّ أبيتم فشي‌ء من ماء فانضحه به ».

وبهذا الاسناد ، عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، ( عن ابن بكير ) (٢) ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يجنب الثوب الرجل‌

__________________

(١) معالم الفقه : ٢٨٦.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٨٥ / ٦٤٦ : عن بكير.

٢٦٨

ولا يجنب الرجل الثوب ».

وأخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب ، حتى يبتلّ (١) القميص ، فقال : « لا بأس ، وإنّ أحبَّ أنّ يرشّه بالماء فليفعل ».

عنه ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن المنبه [ بن عبد الله (٢) ] عن الحسين بن علوان الكلبي ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : « سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الجنب والحائض يعرقان في الثوب حتى يلصق عليهما فقال : إنّ الحيض والجنابة حيث جعلهما الله عزّ وجلّ ليس من العرق ، فلا يغسلان ثوبهما ».

وبهذا الاسناد ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن حماد بن عيسى وفضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحائض تعرق في ثيابها ، أتصلّي فيها قبل أنّ تغسلها؟ فقال : « نعم لا بأس ».

السند‌ :

في الأوّل حسن ، وابن أُذينة فيه هو عمر بن أُذينة ، وقد وثّقه الشيخ (٣). والنجاشي ذكر عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن أُذينة ، وقال‌ :

__________________

(١) في « فض » و « رض » : يبلّ.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٨٥ / ٦٤٨.

(٣) في الرجال : ٣٥٣ / ٨ ، والفهرست : ١١٣ / ٤٩٢.

٢٦٩

إنّه شيخ أصحابنا البصريين ووجههم (١). وقد تخيل ابن داود أنّ ما ذكر النجاشي غير ما ذكره الشيخ (٢) : وهو غريب ؛ لأنّ النجاشي ذكر في الطريق إليه بلفظ عمر بن أُذينة (٣) ، فدل على أنّه ينسب إلى الجدّ تارة وإلى الأب اخرى.

وأبو أُسامة هو زيد الشحام بن يونس ، أو ابن موسى على ما ذكره النجاشي ولم يوثقه (٤) ، لكن الشيخ وثقه في الفهرست (٥) ؛ والعلاّمة في الخلاصة ذكر نحو ما قاله النجاشي في الأب ووثقه (٦) ، وفي قسم الضعفاء ذكر زيد بن موسى وقال : إنّه واقفي (٧). ولا ريب أنّ هذا غيره ، وقد ذكره الشيخ في رجال الكاظم عليه‌السلام قائلاً : إنّه واقفي (٨).

والثاني : فيه القاسم بن محمد الجوهري ، وهو واقفي غير موثّق فيما رأيناه من كتب المتقدّمين (٩) ، وابن داود نقل عن الشيخ أنّه ذكر القاسم بن محمد في رجال الكاظم عليه‌السلام وأنّه واقفي ، وذكر القاسم بن محمد في من لم يرو عن الأئمة عليهم‌السلام والراوي عنه الحسين بن سعيد (١٠). والأمر كما قال في كتاب الشيخ (١١) ، إلاّ أنّ الظاهر الاتّحاد ، وما فعله الشيخ له نظائر في كتابه.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥٢.

(٢) رجال ابن داود : ١٤٦ / ١١٣١ وص ١٤٤ / ١١١١.

(٣) رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥٢.

(٤) رجال النجاشي : ١٧٥ / ٤٦٢.

(٥) الفهرست : ٧١ / ٢٨٨.

(٦) الخلاصة : ٧٣ / ٣.

(٧) الخلاصة : ٢٢٢ / ٣.

(٨) رجال الطوسي : ٣٥٠ / ٨.

(٩) منهم الكشي في رجاله ٢ : ٧٤٨ / ٨٥٣ ، والشيخ في رجاله : ٣٥٨ / ١.

(١٠) رجال ابن داود : ١٥٤ / ١٢١٩.

(١١) رجال الطوسي : ٣٥٨ / ١ و ٤٩٠ / ٥.

٢٧٠

أمّا قول ابن داود : إنّ الظاهر كونه غيره ، والأخير ثقة. فلا ندري مأخذ التوثيق ، واحتمل شيخنا المحقق مئزرا محمد أيّده الله أنّ يكون مأخذه رواية الحسين بن سعيد عنه (١) ، وهو محتمل على تخيل ابن داود ، لا في اعتقاد شيخنا أيّده الله.

وعلي بن أبي حمزة هو البطائني الواقفي ، للتصريح في الفهرست برواية القاسم بن محمد الجوهري عنه (٢).

والثالث : فيه حمزة بن حمران ، وهو مهمل في الرجال (٣) ، وباقي رجاله غير مشتبه الحال لما كرّرنا القول فيه ، وما ذكرناه وإنّ شارك هذا في التقدّم إلاّ أنّ بُعد العهد يوجب ذلك فيما هو مهم.

والرابع : فيه أبو بصير وهو الضرير الوارد فيه الذم بقرينة رواية شعيب عنه الثقة ، وهو ابن أُخت أبي بصير يحيى بن القاسم.

والخامس : فيه المنبه ، وهو ابن عبد الله المكنّى أبا الجوزاء ، وقد قال النجاشي : إنّه صحيح الحديث (٤). والذي صرّح به جدّي قدس‌سره في الدراية : أنّه دال على التوثيق (٥). وفي نظري القاصر أنّه محل نظر ؛ لأن هذا معناه في كلام المتقدّمين غير ما اصطلح عليه المتأخّرون في تعريف الصحيح بأنّه : ما اتصل إلى المعصوم بنقل الإمامي الثقة ، ليكون وصفه بأنّه‌

__________________

(١) منهج المقال : ٢٦٥.

(٢) ذكره الشيخ في الفهرست : ٩٦ / ٤٠٨ ولم يذكر رواية القاسم عنه ولكنّه نص عليه في كتاب الرجال عند ذكر القاسم بن محمد الجوهري في أصحاب الصادق عليه‌السلام : ٢٧٦ / ٤٩.

(٣) راجع رجال النجاشي : ١٤٠ / ٣٦٥.

(٤) انظر النجاشي : ٤٢١ / ١١٢٩ ، ورجال الطوسي : ١١٨ / ٤٦ و ١٧٧ / ٢٠٧.

(٥) الدراية : ٧٦.

٢٧١

صحيح الحديث دالاًّ على ثقته (١) ، ويعرف هذا بملاحظة كتب الرجال ، والعجب منه قدس‌سره أنّه في عبد السلام بن صالح الهروي جوّز كونه عاميّاً ثقة ، مع أنّه موصوف في النجاشي بأنه : ثقة صحيح الحديث (٢). واللازم من صحة الحديث كونه إماميّاً ؛ لأنّ تعريف الصحيح يقتضي ذلك.

وبالجملة : فدلالة (٣) اللفظ على التوثيق فضلاً عن كونه إماميّاً محل تأمل ، غاية الأمر أنّ معناه في كلام المتقدّمين مجمل ، فإنّ إرادة كون حديثه صحيحاً بمعنى أنّه معتمد لظهور قرائن على ذلك وإنّ كان في نفسه ليس بثقة ممكنة ، إلاّ أنّ الجمع بين كون الرجل ثقة صحيح الحديث قد يخفى فائدته.

والذي يقتضيه النظر أنّ الصحّة عند المتقدّمين لا يكفي فيها مجرّد كون الرجل ثقة ، بل لا بدّ من انضمام القرائن إلى قوله ، كما يعلم من الشيخ (٤) وغيره (٥).

نعم يبقى الإشكال في الفرق بين قولهم : له كتاب معتمد أو أصل معتمد ؛ وبين صحيح الحديث وغير بعيد أنّ يكون وجه الفرق اختصاص كتابه أو أصله بالاعتماد ، دون كل ما يرويه حتى في غير الكتاب ، بخلاف صحيح الحديث فإنّه يدل على الاطّراد.

وأنت خبير بأنّ هذا يرجع إلى التوثيق ، فأيّ فائدة في الجمع بينه وبين صحيح الحديث؟ واحتمال التأكيد ينافي ما قدّمناه من الفرق.

__________________

(١) كما في الدراية : ١٩ ، ومنتقى الجمان ١ : ١٢.

(٢) رجال النجاشي : ٢٤٥ / ٦٤٣ ، وانظر حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ١٩.

(٣) في « فض » : فالإشكال في دلالة.

(٤) العدة ١ : ٣٦٧.

(٥) كصاحب منتقى الجمان ١ : ١٤.

٢٧٢

ويمكن الجواب : بأنّ صحيح الحديث وإنّ دلّ على صحّة حديثه ، لكنه أعم من التوثيق ، إذ يجوز كونه ضعيفاً مع أنّ حديثه صحيح ، أو ثقةً عاميّاً مع صحّة حديثه.

وفيه : أنّ هذا يوجب الالتباس. لكن الحق أنّه لا يضر بالحال إلاّ عند المتأخرين.

وبالجملة : فالاعتماد على كون الرجل ثقة إماميّاً بسبب هذا الوصف محلّ تأمّل.

وما قد يظن من كلام الصدوق في الفقيه في صلاة الغدير ـ : من أنّ راوي الرواية لم يوثّقه شيخه محمد بن الحسن بن الوليد فلا تكون صحيحة (١) ـ أنّه دال على موافقة المتأخرين فقد ذكرنا ما فيه في حواشيه ، فمن أراده وقف عليه ، وذكرنا أيضاً في أوّل هذا الكتاب نوعاً من الجواب (٢).

وأمّا الحسين بن علوان : فإنّه عامي غير موثق ، والكشي نقل عن البعض أنّه كان مستوراً (٣).

وعمرو بن خالد : على ما في الكشي أنّه عامي (٤). والنجاشي اقتصر على أنه روى عن زيد (٥). وفي رجال الشيخ : أنّه بتري في أصحاب الباقر عليه‌السلام (٦).

والسادس : ليس فيه ارتياب.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٥٥.

(٢) في ص ٢٦.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٣.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٣.

(٥) رجال النجاشي : ٢٨٨ / ٧٧١.

(٦) رجال الطوسي : ١٣١ / ٦٩.

٢٧٣

المتن :

في الأوّل : كما ترى لا يخلو من تشويش في العبارة ، لأنّ الظاهر منه طهارة عرق الجنب والحائض ؛ وفي المعتبر : الحائض والنفساء والمستحاضة والجنب من حلال إذا خلا الثوب من عين النجاسة فلا بأس بعرقهم إجماعاً (١).

والثاني : أوضح دلالة أيضاً ، والأمر بالنضح كأنّه لزوال النفرة.

والثالث : لا يخلو معناه من إجمال ، والذي يظهر منه أنّ الجنب إذا لم يصب ثوبه مني لا يلزمه غَسله ، كما أنّ الثوب لو أصابه مني من خارج لا يلزم الرجل الغُسل إذا لبسه.

فإن قلت : على ظاهر قوله : « ولا يجنب الرجل الثوب » أنّ الثوب لا يغسل وإن وصل إليه المني ، وهو واضح الانتفاء.

قلت : لا يبعد أن يكون المراد عدم غَسل جميع الثوب كما في غُسل الرجل ، بل موضع النجاسة ، كما أنّ الثوب لو كان نجساً وأصاب الرجل لا يغسل جميع بدنه.

لكن إذا كان الحديث وارداً بهذا المعنى لا يتمّ الاستدلال به من جهة العرق ، لأنّ المتبادر منه على تقدير العرق أن يكون من حيث كون الرجل جنباً بمعنى النجاسة الحدثية لا يؤثّر في الثوب ، والحال أنّ من جهة قوله : « لا يجنب الثوب الرجل » لا يتم الحكم من جهة العرق كما لا يخفى ، لكن الشيخ ذكره في مقام عرق الجنب كما ترى ، ولعلّه استفاد‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤١٥.

٢٧٤

ذلك من بعضه نظراً إلى الإطلاق ، فليتأمّل.

والرابع : يدل على الطهارة أيضاً في عرق الرجل (١) ، واستحباب الرش بقوله : « إنّ أحب » ويستفاد من الحديث الدال على النضح وهذا الحديث اتحادهما ، وقد سبق النقل عن العلاّمة ما يفيد المغايرة ، والأمر سهل في مقام الاستحباب.

والخامس : كما ترى يدل على الطهارة ، من حيث قوله : « فلا يغسلان ثوبهما ».

أمّا قوله : « حيث جعلهما » فمحتمل لأنّ يكون المراد به أنّه سبحانه جعلهما سببين للغسل ، وغسل الثوب منهما ليس من جهة العرق ، بل من جهة أُخرى وهي الدم المعلوم والمني.

ويحتمل أنّ يراد : أنّ دم الحيض والمني حيث خلقهما الله ليس من العرق ليكون خروجه متصلاً بهما. ويدفع هذا الاحتمال عدم تماميته في الجنابة. ولعلّ المطلوب من العبارة وإنّ كان مجملاً إلاّ أنّ قوله : « فلا يغسلان ثوبهما » يفسّره.

والسادس : واضح الدلالة.

اللغة :

قال في الصحاح : قَطَّبَ وجهه تقطيباً : عَبَسَ (٢). وفي القاموس : قَطَبَ يَقْطِبُ : زَوَى ما بين عينيه وكَلَحَ ، كقَطَّبَ (٣).

__________________

(١) كذا في « فض » و « رض » وفي « د » : الجنب الرجل ، والظاهر : الرجل الجنب.

(٢) الصحاح ١ : ٢٠٤ ( قطب ).

(٣) القاموس ١ : ١٢٢ ( قطب ).

٢٧٥

قوله (١) :

فأما ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المرأة الحائض تعرق في ثوبها قال : « تغسله » قلت : فإن (٢) كان دون الدِّرع إزار ، فإنّما يصيب العرق ما دون الإزار قال : « لا تغسله ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على أنّه إذا كان هناك شي‌ء من النجاسة ، لأنّ (٣) الغالب من الحائض أن يكون فيما دون المئزر لا يخلو من نجاسة ، فلأجل ذلك وجب عليها غَسل الثوب.

يدل على ذلك :

ما رواه سعد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى الساباطي ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الحائض تعرق في ثوب تلبسه ، فقال : « ليس عليها شي‌ء إلاّ أن يصيب شي‌ء من مائها أو غير ذلك من القذر ، فتغسل ذلك الموضع الذي أصابه بعينه ».

وروى علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن علي ، عن الحسن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن سَورة بن كليب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة الحائض ، أتغسل ثيابها التي لبستها في طمثها؟ قال : « تغسل ما أصاب ثيابها من الدم ، وتدع ما سوى‌

__________________

(١) في « رض » : قال.

(٢) في « فض » و « رض » : وإنّ.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٨٦ زيادة : في.

٢٧٦

ذلك » قلت له : وقد عرقت فيها ، قال : « إنّ العرق ليس من الحيض ».

السند‌ :

في الأوّل : موثق بإسحاق على ما قاله الأصحاب ، وقد تقدّم القول فيه (١).

والثاني : موثق أيضاً ، وربما يشكل الحال في بعض الرجال ، وبيان مجمل الأمر : أنّ أحمد بن الحسن على ما وجدته في كتب الرجال من المتقدمين ، ما قاله الشيخ في الفهرست : إنّه كان فطحياً ، غير أنّه ثقة (٢). والكشي قال : سألت أبا النضر محمد بن مسعود عن جماعة هو منهم ، فذكر أنّ أحمد بن الحسن كان فطحياً (٣). والنجاشي ذكر : أنّه يقال : إنه كان فطحياً وكان ثقة في الحديث (٤). وأنت خبير بعد ما قدّمناه من ترجيح النجاشي : أنّ ظاهر كلامه يعطي عدم كونه فطحياً.

ويمكن أنّ يقال : إنّ أصل كلام الشيخ قول الكشي عن محمد بن مسعود ، والنجاشي صرّح بأنّ محمد بن مسعود كان في الأصل عاميّ المذهب ثم تبصّر (٥) ، والقول المذكور عنه لا يعلم قبل رجوعه أو بعده ، وكون محمد بن مسعود ثقة غير معلوم التقدّم على الرجوع ليقبل قوله مطلقاً.

__________________

(١) في ص : ١٤٦.

(٢) الفهرست : ٢٤ / ٦٢.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٨١٢ / ١٠١٤.

(٤) رجال النجاشي : ٨٠ / ١٩٤.

(٥) رجال النجاشي : ٣٥٠ / ٩٤٤.

٢٧٧

اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ الشيخ اعتمد على ما قاله من غير الكشي ، أو أنه علم أنّ ذلك بعد رجوعه ، على أنّ قول النجاشي محتمل لأنّ يكون التوثيق من مقول القول ، وكونه خلاف الظاهر محلّ كلام.

وأمّا عمار الساباطي : فالنجاشي لم يذكر أنّه فطحي (١) ، والشيخ قال ذلك (٢) ؛ وقد سمعت الكلام في مثله (٣) ، وبالجملة فالمقام محلّ إشكال.

والثالث : فيه : أنّ الطريق إلى علي بن الحسن فيه : علي بن محمد بن الزبير وأحمد بن عبدون ، وقد تقدم أنّ في علي بن محمد كلاماً (٤). أمّا أحمد بن عبدون فهو من الشيوخ كغيره.

وعلي بن الحسن مشهور.

وسورة بن كليب : مشترك بين مهمل مذكور في رجال الصادق عليه‌السلام ، وآخر في الحكم كالأوّل (٥).

ومحمد بن علي : لا يبعد أنّ يكون ابن محبوب ، لروايته عن الحسن بن محبوب كما يعرفه المتتبّع ، إلاّ أنّ غيره في حيّز الإمكان.

المتن :

في الأوّل : غير خفيّ احتمال ما ذكره الشيخ ، لكن عبارته في التوجيه كعبارة الحديث في الإجمال ، بل ربما يظنّ في البين الاختلال ؛ لأنّ قوله : فإنّ كان دون الدِّرع إزار. يريد به المئزر كما ذكره الشيخ. والدرع‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٩٠ / ٧٧٩.

(٢) الفهرست : ١١٧ / ٥١٥.

(٣) في ص ٢٧٥.

(٤) راجع ص ١٠٣.

(٥) راجع رجال الطوسي : ٢١٦ / ٢١٨ ، ٢٢٠.

٢٧٨

على ما يفهم من القاموس القميص (١). لكن قوله : إنّما يصيب العرق ما دون الإزار. على ما قلناه يقتضي بأنّ يقال : ما دون الدِّرع.

ولعلّ المراد : أنّ العرق يصيب ما دون الإزار ، فعدم إصابته للدرع حينئذ أظهر ، ويراد بما دون الإزار من الخرق ، والأمر سهل بعد وضوح الغرض.

والثاني : ظاهر الدلالة كالثالث.

قوله (٢) :

فأما (٣) ما رواه علي بن الحسن ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح الأسدي النخاس (٤) ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله ٧ قال : « إذا لبست المرأة الطامث ثوباً فكان عليها حتى تطهر فلا تصلي فيه حتى تغسله ، فإنّ كان (٥) يكون عليها ثوبان صلّت في الأعلى منهما ؛ وإنّ لم يكن لها غير ثوب فلتغتسل (٦) حين تطمث ثم تلبسه ، فإذا طهرت صلّت فيه وإنّ لم تغسله ».

فيحتمل هذا الخبر ما قلناه في الخبر الأوّل ، ويحتمل أيضاً أنّ يكون محمولاً على الاستحباب ، وما تضمنه من قوله : « تغتسل حين‌

__________________

(١) القاموس المحيط ٣ : ٢٠.

(٢) في « رض » : قال.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٨٧ / ٦٥٣ وأمّا.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٨٧ / ٦٥٣ : النحاس.

(٥) ليست في « د » و « رض ».

(٦) في الاستبصار ١ : ١٨٧ / ٦٥٣ والتهذيب ١ : ٢٧١ / ٧٩٧ : فلتغسله.

٢٧٩

تطمث ثم تلبسه ، فإذا طهرت صلّت فيه وإنّ لم تغسله » يدلّ على أنّ نفس الحيض لا ينجّس العرق ، لأنّه لو كان كذلك لما اختلف الحال بالاغتسال قبله.

والذي يدل على أنّ هذا محمول على الاستحباب :

ما أخبرني به أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن علي بن يقطين ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن الحائض تعرق في ثوبها ، قال : « إنّ كان ثوباً تلزمه فلا أُحبّ أنّ تصلّي فيه حتى تغسله ».

السند‌ :

في الأوّل : فيه ما تقدّمت إليه الإشارة من الطريق إلى علي بن الحسن وإليه (١).

ومحمّد بن عبد الحميد هو ابن سالم العطّار ، وتقدم فيه القول (٢).

فإنّ قلت : من أين حصل الجزم بكون محمد بن عبد الحميد هو العطار ، وفي الرجال غيره أيضاً؟

قلت : الموجود في رجال من لم يرو عن الأئمّة عليهم‌السلام : محمد بن عبد الحميد روى عنه ابن الوليد (٣) ، وهذا متأخّر ؛ بخلاف العطار فإن الراوي عنه عبد الله بن جعفر وهو الحميري ، وغير خفيّ أنّ مرتبته مرتبة‌

__________________

(١) في ص ٩١٣.

(٢) في ص ١٥١.

(٣) رجال الطوسي : ٤٩٢ / ٦.

٢٨٠