إستقصاء الإعتبار - ج ٣

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-175-3
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٠٢

وأكله بالعرض ، فبوله محلّ ارتياب إمّا بتحريم أو كراهة ، وربما دل على حكم المذكورات قوله تعالى ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً ) (١) وهذا على سبيل الاحتمال ، والله سبحانه أعلم بمقاصد أوليائه ، وقد صرّح بعض الأصحاب بأنَّ المراد بما يؤكل لحمه ما كان بحسب العادة (٢).

وأمّا الثاني : فما ذكره الشيخ فيه لا وجه له ، بل كان تركه أولى ، والحمل على التقيّة واضح الحُسن ، وربما كان في الجواب نوع ميل عن الكذب ، لأنّ أبوال المذكورات كأبوال الإنسان في الصورة لا في الحكم.

أمّا ما قاله الشيخ في الثالث فواضح.

اللغة :

قال في القاموس : صكَّهُ : ضربه شديداً (٣).

قوله :

باب الرجل يصلّي في ثوب فيه نجاسة قبل أنّ يعلم.

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن حفص بن غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : « ما أُبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم ».

__________________

(١) النحل : ٨.

(٢) الحبل المتين : ٩٥.

(٣) القاموس المحيط ٣ : ٣٢٠ ( صَكَّه ).

٢٢١

علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو كلب أيعيد صلاته؟ قال : « إن كان لم يعلم فلا يعيد ».

عنه ، عن صفوان ، عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل صلّى في ثوب رجل أيّاماً ثم إنّ صاحب الثوب أخبره أنّه لا يصلّى فيه ، قال : « لا يعيد شيئاً من صلاته ».

السند‌ :

في الأول معلوم ممّا كرّرناه ، وقد مضى أيضاً عن قريب أنّ أبا جعفر أحمد بن محمد بن عيسى (١) ، وأمّا حفص بن غياث فقد ذكر النجاشي أنّه ولي القضاء ببغداد لهارون ثم ولاّه قضاء الكوفة (٢). والشيخ قال في الفهرست : إنّه عاميّ المذهب وله كتاب معتمد (٣). وفائدة ما ذكره الشيخ من الكتاب المعتمد إنّما يظهر لو علم أنّ الخبر من كتابه ، وأنّى يعلم هذا؟!.

والثاني لا ريب فيه ؛ إذ الطريق إلى علي بن مهزيار كذلك.

والثالث كالثاني.

المتن :

في الأول : له دلالة على عدم اعتبار الظن في النجاسة ، إذ المتبادر من‌

__________________

(١) راجع ص ٨٥٧.

(٢) رجال النجاشي : ١٣٤ / ٣٤٦.

(٣) الفهرست : ٦١ / ٢٣٢.

٢٢٢

العلم غير الظن ، واحتمال إرادة العلم الشرعي المتناول للظن على تقدير ظهوره يمكن القول به ، بل الظاهر أنّ الظن الشرعي لا ارتياب فيه ؛ إذ النجاسات غالبها ثابتة بالظن الشرعي عند المجتهد.

أمّا ما ينقل عن أبي الصلاح : من أنّ النجاسة تحصل بالظنّ مطلقاً (١). فالذي يقتضيه نظري القاصر أنّ مراده بالظنّ : الشرعي ؛ لأنّ المنقول في احتجاجه لما قاله بأنّ الشرعيات كلّها ظنية ، وأنّ العمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل (٢). ولا يخفى دلالة أوّل الدليل على ما ذكرناه ، وأمّا الثاني فهو قابل للردّ إلى الأوّل.

واحتمال إرادته كل ظن إذا كان في نفسه راجحاً فما قابلة مرجوح ، فلو حصل ظن النجاسة ترجحت وكانت الطهارة مرجوحة.

فيه : أنّ الطهارة لا تصير مرجوحة بمجرّد ظن النجاسة ، بل الطهارة إن كانت مستصحبة فظنها يساوي غيرها ، وكلامه في الرجحان.

اللهُمَّ إلاّ أنّ يقال : إنّ من جملة الصور المتناول لها إطلاقه ما لو كان ظن النجاسة أرجح عند المكلف من ذلك الاستصحاب للطهارة.

وفيه : أنّ كلامه كما سمعت في الظن الشرعي ، والاستصحاب إن فرض أنّه شرعي كما هو ظاهر مراده فالرجحان محلّ كلام ، إلاّ أنّ يكون دليل النجاسة أقوى ، وهذا حكم آخر.

ومن هنا يعلم أنّ ما أجاب به المتأخّرون (٣) عن حجّته من المنع من العمل بمطلق الظن شرعاً ، وثبوته في مواضع مخصوصة لدليل خاص‌

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف ١ : ٣٢٢ ، وهو في الكافي في الفقه : ١٤٠.

(٢) حكاه عنه في المختلف ١ : ٣٢٢.

(٣) كالمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١٥٣.

٢٢٣

لا يقتضي التعدية إلاّ بالقياس محل بحث ؛ لأنّ حاصل دليله أنّ الظن الشرعي معمول به في النجاسة ، لا أنّ كل ظن يعمل به شرعاً.

والعجب من الوالد قدس‌سره أنّه ذكر الجواب على ما ذكره غيره ولم يتوجه لتحقيق الحال (١).

والحاصل أنّ إطلاق بعض الأصحاب اعتبار العلم في النجاسة (٢) لا وجه له إنّ أراد اليقين ؛ لأنّ المجتهد لا يحصل له اليقين في أغلب المسائل ، بل الظنّ ، وإذا اكتفي بالظنّ علم أنّ اعتبار العلم الحقيقي مطلقاً غير معتبر في النجاسة ، وإذا رجع إلى الشرعي علم أنّ المراد ما يتناول الظن.

وفي النظر أنّ الأولى أنّ يقال في الجواب : إنّ عمل المجتهد بالظنّ مرجع دليله الإجماع ، وما عداه يتوقف على الدليل ، فالظنّ الحاصل لغيره يتوقف على الدليل ، فإذا ورد في مثل الخبر المذكور اعتبار العلم حملناه على ظاهره ، ويخص بما عدا ظن المجتهد ، على انَّ المراد بالعلم ما يشمل الظن لو سلّمت يقال : إنّ المراد العلم أو ظن المجتهد ، لا مطلق الظن.

ومن هذا التوجيه يعلم أنّ ما قيل في ثبوت النجاسة إذا شهد بها عدلان (٣) ، محل نظر ؛ لأنّ شهادة العدلين إنّ كانت عند الحاكم أمكن الثبوت ، وأمّا عند غيره فالقبول مشكل ؛ إذ لا دليل على قبولها لغير الحاكم في النجاسة من نص ، والإجماع منتف لوجود الخلاف على ما يظهر من المنتهى ، فإنّه قال : لو أخبر عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول ، أمّا لو شهد‌

__________________

(١) معالم الفقه : ١٦٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٤٧.

(٣) قال به المحقق في المعتبر ١ : ٥٤.

٢٢٤

عدلان فالأولى القبول (١). وهذا الكلام يقتضي الخلاف في العدلين ، وقد احتج لقبول العدلين بأنّ شهادتهما معتبرة في نظر الشارع.

وأنت خبير بورود النظر الذي ذكرناه على الاحتجاج ؛ فإنّ اعتبار الشاهدين في نظر الشارع موقوف على الدليل من إجماع ونحوه ، وبعد تصريحه بالخلاف لا إجماع ، والأخبار لم أقف عليها.

وفي المنتهى ايضاً : لو أخبر العدل بنجاسة إنائه فالوجه القبول ، ولو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه فالوجه القبول أيضاً (٢).

وفي التذكرة قال : لو استند الظن إلى سبب كقول العدل فهو كالمتيقّن ، وإلاّ فلا (٣). ولا يبعد أنّ يكون مراده في التذكرة بالعدل إذا أخبر بنجاسة مائه ، إذ من المستبعد الحكم بقوله في نجاسة الماء بمجرد قول العدل وإنّ أثمر الظنّ ؛ لأنّ الظنّ المعتبر هو الشرعي على ما يظهر من كلام أبي الصلاح ، وهو القائل بالظن (٤) ، وعلى تقدير كون العلاّمة اختار مطلق الظن فالإشكال واضح بالنسبة إلى الدليل.

ومن هنا يظهر أنّ ما نقل عن ابن البرّاج : من عدم قبول العدلين (٥). له وجه ، ولا يتوجه عليه أنّ قبول العدلين إذا شهدا عند المجتهد لا ينبغي الارتياب فيه ؛ لإمكان الجواب بأنّ قبول شهادة الشاهدين للمجتهد موقوف على الدليل ، والإجماع على قبول شهادة الشاهدين في الماء النجس محلّ كلام ، اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ المخالف منحصر في ابن البراج فلا يضرّ‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٩.

(٢) المنتهى ١ : ١٠.

(٣) التذكرة ١ : ٩٠.

(٤) راجع ص ٨٨١.

(٥) نقله عنه في المعتبر ١ : ٥٤ ، وهو في جواهر الفقه ( الجوامع الفقهية ) : ٤٧٢.

٢٢٥

الإجماع ، وفيه ما فيه.

والعجب من المحقّق في المعتبر أنّه جزم بعدم القبول مع إخبار العدل ، وحكى عن ابن البرّاج قوله ، ثم قال : والأظهر : القبول ؛ لثبوت الأحكام بشهادتهما عند الشارع [ كما (١) ] لو اشتراه وادعى المشتري نجاسته قبل العقد ، فلو شهد شاهدان لساغ الردّ ، وهو مبنيّ على ثبوت العيب (٢). انتهى.

ووجه التعجب أنّه يتوجه عليه في نظري القاصر :

أوّلاً : أنّ المدّعى ثبوت النجاسة بالشاهدين مطلقاً ، وظاهر الدليل الثبوت عند الشارع ، فهو أخصّ من المدعى.

وثانياً : أنّ الثبوت عند الشارع على تقدير تحقق الدليل عليه يقال به ، لكن تعديته (٣) لكل شخص قياس.

وثالثاً : أنّ ما استدل به من ثبوت العيب ربما يناقش فيه بأنّ ثبوت الخيار يقتضي عدم ثبوت النجاسة ؛ إذ لو تحققت بطل البيع إلاّ فيما يمكن تطهيره ، والإطلاق لا يناسبه.

ومن هنا يظهر أنّ ما قاله الوالد قدس‌سره بعد كلام المحقق : من أنّه لا بأس به. غريب منه ، مضافاً إلى ما قاله بعد النقل عن بعض الأصحاب أنه شرط في قبول العدلين تبيّن السبب المقتضي للنجاسة ؛ لوقوع الخلاف فيه (٤) إلاّ أنّ يعلم الوفاق فيكتفى بالإطلاق : إنّ هذا الاشتراط حسن ووجهه‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٢) المعتبر ١ : ٥٤.

(٣) في « فض » : تمشيه.

(٤) ليست في « د ».

٢٢٦

ظاهر (١).

إذا عرفت هذا كلّه فالذي يظهر من العلاّمة في النهاية توجيه قبول العدل الواحد بأنّ الشهادة في الأُمور المتعلقة بالعبادة كالرواية ، والواحد فيها مقبول ، فكذا فيما يشبهها (٢).

ولا يخفى عليك حال هذا الكلام من حيث دلالة ظاهره على القياس على الرواية ، ولا وجه له ، ولا يبعد أنّ يكون مقصوده أنّ ثبوت قول الواحد ليس من حيث الشهادة بل من حيث الإخبار ، فيدخل في مفهوم آية ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ) (٣) وعلى هذا يكون قوله : فيما يشبهها. يريد به كونه خبراً لا شهادة ( ولا يخلو من وجه ، غير أنّ في البين إجمالاً بالنسبة إلى الفرق بين الإخبار والشهادة ) (٤) فينبغي التأمّل في جميع ما ذكرناه فإنّه حريّ بالتأمّل التام.

وما عساه يقال : من أنّ الخبر إذا لم ( يسلم سنده ) (٥) من موجبات الردّ لا فائدة فيما يتفرع عليه. يمكن الجواب عنه بأنّ الصدوق قد روى هذا الخبر مرسلاً عن علي عليه‌السلام (٦) ، وروى مضمونه من الدلالة على العلم بالنجاسة مرسلاً عن الصادق عليه‌السلام (٧). وقد قدّمنا حال مراسيله (٨) ، مضافاً‌

__________________

(١) معالم الفقه : ١٦٣.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ٢٥٢.

(٣) الحجرات : ٦.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٥) بدل ما بين القوسين في « فض » : يعلم سنده ، وفي « رض » يسلم يشده.

(٦) الفقيه ١ : ٤٢ / ١٦٦ ، الوسائل ٣ : ٤٦٧ أبواب النجاسات ب ٣٧ ح ٥.

(٧) الفقيه ١ : ٦ / ١ ، الوسائل ١ : ١٣٣ أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٢.

(٨) راجع ص ٤٨ ، ٨٧٥.

٢٢٧

الى بعض الاعتبارات المذكورة في محل آخر ، هذا.

والثاني : كما ترى يدل على أنّ من لم يعلم بالنجاسة لا إعادة عليه ، أمّا كون [ عدم (١) ] العلم مراداً به ما يشمل عدم العلم بالحكم فمحل كلام ، والحاصل أنّ عدم العلم بالنجاسة إمّا أنّ يراد به عدم العلم بحصول النجاسة في الثوب مع علمه بالنجاسة ما هي ، وإمّا أنّ يراد عدم العلم بأنّ المذكورات نجسة مع علمه بالنجاسة إجمالاً ، وإمّا أنّ يراد عدم العلم بالنجاسة أصلاً ، وتبادر الأوّل ممكن ، وإنّ ظهر من بعض الأخبار ما تسمعه.

ثم إنّ العلم المذكور كما يحتمل ما ذكرناه يحتمل أنّ يراد به ما قابل الظن ، ويتناول الأقسام المذكورة.

وممّا يدل من الأخبار على أنّ الجاهل في الجملة معذور ما رواه الشيخ في باب النكاح بطريق صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يتزوّج المرأة في عدّتها بجهالة أهي ممّن لا تحل له أبداً؟ فقال : « لا ، أمّا إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدّتها وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك » قال : قلت : فأيّ الجهالتين أعذر ، الجهالة بأنّ ذلك حرام عليه ، أم بجهالته أنّها في عدّة؟ قال : « إحدى الجهالتين أهون من الأُخرى : الجهالة بأنّ الله تعالى حرّم ذلك عليه ، وذلك أنّه لا يقدر على الاحتياط معها » (٢) الحديث.

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه لاستقامة المعنى.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٠٦ / ١٢٧٤ وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام وبتفاوت يسير في المتن ، الوسائل ١٤ : ٣٤٥ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ب ١٧ ح ٤.

٢٢٨

وروى الصدوق في كتاب الصلاة من الفقيه حديثاً (١) عن زرارة ومحمد بن مسلم وفيه قالا : قلنا : فمن صلّى في السفر أربعاً أيعيد أم لا؟ فقال : « إنّ كان قد (٢) قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له أعاد ، وإنّ لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة » (٣).

والذي يقتضيه النظر في هذين الخبرين أنّ عدم العلم بالمنع من الشارع يوجب العذر ، أمّا لو علم المنع وجهل ما يتعلق به فلا عذر ، وما تضمنه الخبر المبحوث عنه على تقدير حمل العلم على ما قابل الجهل يحتمل أنّ يخصّ بعدم العلم بمنع الشارع ، وقد اتفق للمتأخرين نوع إجمال في الفرق بين جاهل الأصل وجاهل الحكم (٤) (٥).

والذي يستفاد من الخبر الذي ذكره الشيخ في النكاح (٦) أنّ ما يمكن معه الاحتياط لا يعذر صاحبه ، لكنّ الحال في هذا لا يخلو من إجمال ، فإن الاحتياط لمن لا يعلم (٧) التحريم في خصوص ما ذكر في الرواية ممكن لمن علم إجمالاً بأنّ الله قد حلّل وحرّم ، فالسؤال عن الحلال والحرام قبل الفعل على سبيل الاحتياط ممكن ، غاية الأمر أنّ الاحتياط يتفاوت بالقرب والبعد ، ولعلّ هذا هو المراد في الرواية ، فيراد بما يمكن فيه الاحتياط على‌

__________________

(١) في « فض » زيادة : صحيحاً.

(٢) ليست في « د ».

(٣) الفقيه ١ : ٢٧٨ / ١٢٦٦ ، الوسائل ٨ : ٥٠٦ أبواب صلاة المسافر ب ١٧ ح ٤.

(٤) انظر جامع المقاصد ٢ : ٨٧. والمدارك ٢ : ٣٤٤ ٣٤٩ ، وحبل المتين : ٩٥ و ١٧٣ و ١٧٤.

(٥) في « فض » زيادة : واختلاف في حكمهما.

(٦) في « رض » و « نش » زيادة : إجمال.

(٧) في « فض » و « رض » : لم يعلم.

٢٢٩

وجه قريب ، ولو لا هذا لم يكن أحد من الجهّال معذوراً بعد أن علم أنّه مكلّف والحال أنّ الرواية تفيد خلاف ذلك.

وكلام بعض الأصحاب الذين رأينا كلامهم تارة يعطي عدم عذر الجاهل بالحكم الشرعي إذا علم الأصل ، كالمكان المغصوب إذا علم غصبه وجهل حكمه ، وتارةً يعطي ما يخالف هذا كما يعلمه من تتبّع كلامهم (١) ، والخبران اللذان ذكرناهما ربما يفيدان عذر الجاهل بنوع آخر.

والخبر المنقول عن الفقيه قد تكلّمنا فيه في موضعه من حيث دلالته (٢) على أنّ الآية إذا لم تفسّر له لا إعادة عليه ، والظاهر من هذا التركيب احتمالات : أحدها أنّ جاهل الحكم معذور كجاهل الأصل ، على أنّ يراد بالأصل أصل الوجوب ، والتفسير يراد به ما يلزم الوجوب من البطلان ، ولو لا خوف الخروج عمّا نحن بصدده لذكرت جميع الاحتمالات ، والمقصود هنا التنبيه على أنّ الأصحاب (٣) يقنعون في أمثال هذه المباحث بالقليل ويكتفون في المطالب المهمة اتّكالاً على قول بعض المتقدّمين بأيسر دليل ، والله سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.

إذا عرفت هذا كلّه فاعلم أنّ المحقّق في المعتبر صرّح فيما حكاه شيخنا قدس‌سره بأنّ من علم بالنجاسة وصلّى ذاكراً لها وجب عليه الإعادة في الوقت وخارجه ، قال المحقّق : وهو إجماع من جعل طهارة الثوب والبدن شرطاً (٤). وإطلاق كلام جماعة يقتضي عدم الفرق في العالم بالنجاسة بين‌

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٤٢ ٣٤٧.

(٢) في « فض » و « رض » : النسخ : دلالة.

(٣) في « فض » و « رض » زيادة : كثيراً ما.

(٤) حكاه عنه في المدارك ٢ : ٣٤٤ ، وهو في المعتبر ١ : ٤٤١.

٢٣٠

[ العالم (١) ] بالحكم الشرعي والجاهل به ، والعلاّمة في المنتهى صرح بأنّ جاهل الحكم عامد ؛ لأنّ العلم ليس شرطاً للتكليف (٢) ، واعترض عليه بقبح تكليف الغافل.

وفيه نظر يعرف ممّا قدّمناه من أنّ قبح تكليف الغافل مطلقاً يدفعه بعض الأخبار.

أمّا ما قاله شيخنا قدس‌سره : من أنّ الحق أنّهم إن أرادوا بكون الجاهل عامداً أنّه مثله في وجوب الإعادة في الوقت مع الإخلال بالعبادة فهو حقّ ؛ لعدم حصول الامتثال المقتضي لبقاء المكلّف تحت العهدة ، وإن أرادوا أنّه كالعامد في الإعادة في الوقت وخارجه فهو مشكل ؛ لأنّ القضاء فرض مستأنف (٣).

ففي (٤) نظري القاصر أنّه محلّ بحث :

أمّا أوّلاً : فلأنّ وجوب الإعادة في الوقت بسبب عدم الامتثال موضع نظر ؛ لما قرره هو وغيره من قبح تكليف الغافل ، وإذا لم يكن مكلّفاً بما جهله (٥) فالمكلّف فيه (٦) قد فعله ، ولو اعتبرنا المأمور به غيره أشكل بجاهل أصل النجاسة على المعروف ، وبما تضمّنه الخبران اللذان نقلناهما في الجاهل (٧) ، وحينئذ يمكن القول بأنّه أتى بالمأمور به.

ومن ثم حكى شيخنا الشهيد رحمه‌الله عن السيّد الرضي قدس‌سره أنّه سأل‌

__________________

(١) في النسخ : العلم ، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) حكاه عنه في المدارك ٢ : ٣٤٤ ، وهو في المنتهى ١ : ٢٩٩.

(٣) المدارك ٢ : ٣٤٤.

(٤) في « د » : وفي.

(٥) في « فض » : جعل.

(٦) كذا في النسخ ولعل الأولى : به.

(٧) راجع ص ٨٨٤.

٢٣١

أخاه ( السيّد المرتضى رضي‌الله‌عنه عن مسألة من كان جاهلاً بالتقصير ) (١) فصلّى أربعاً حيث قيل : إنّه لا يعيد مطلقاً ، فقال : إنّ الإجماع منعقد على أنّ من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزئة ، والجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها ، فأجابه السيّد المرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب الجهل (٢).

وكان مراده بالجواب احتمال كون الجاهل مكلّفاً بالأربع ، وما قاله السيّد بعد ما نقلناه من أنّه وإن كان الجاهل غير معذور لا يخلو من خفاء ، ولعل مراده أنّه مقصّر في عدم التعلّم ، وهذا أمر آخر ، وبالجملة فالحكم بعدم الامتثال موضع نظر.

وأمّا ثانياً : فما قاله : من أنّ القضاء فرض مستأنف. مسلّم ، لكن الإجماع المدّعى يتناوله بسبب الإطلاق ، وكذلك إطلاق بعض الأخبار (٣) ، إلاّ أنّ يقال : إنّ الإجماع مقيّد والأخبار متعارضة ، وفيه : أنّه قدس‌سره كان عليه بيان هذا كلّه لأنّه مهم ، فليتدبّر ، هذا.

وفي الحديث كما ترى دلالة على إطلاق العذرة على غير فضلة الإنسان ، فما ورد في نجاسة العذرة يتناول غير الإنسان كما ذكره بعض الأصحاب (٤) ، والوالد قدس‌سره له كلام في هذا (٥) وقد ذكرنا ما فيه في حاشية الروضة ، ويمكن أنّ يقال : إنّ الخبر لا يدل على إطلاق العذرة من دون قيد.

ثم إنّ الخبر بإطلاقه يتناول عدم الإعادة في الوقت وخارجه إنّ لم تحمل الإعادة على الوقت كما هو المعروف من معناها العرفي للأُصوليين ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٢) الذكرى : ٢٥٩.

(٣) راجع الوسائل ٨ : ٢٥٣ أبواب قضاء الصّلوات ب ١.

(٤) لم نعثر عليه.

(٥) معالم الفقه : ١٩٧.

٢٣٢

إلاّ أنّ المستفاد من الأخبار غير ذلك ، كما يعلم بالتتبّع.

والخبر الثالث : كما ترى يدل على عدم الإعادة وإنّ أخبر صاحب الثوب ، والوجه في عدم الإعادة محتمل لأمرين :

أحدهما : عدم العلم (١) أوّلاً كما يستفاد في الجملة من الخبرين.

وثانيهما : أنّ يكون الوجه عدم ثبوت النجاسة من إخبار صاحب الثوب وبعض الأصحاب وإنّ فهم منه عدم (٢) قبول قول صاحب اليد ، إلاّ أنّه محل تأمّل لأنّ الإخبار إنّما يفيد الظن ، والاكتفاء به محل بحث ، والإقرار إنّما يفيد في حق نفسه ، وإخبار البائع بنجاسة الشي‌ء الذي باعه ربما يقال : إنّه يثمر الخيار للمشتري ، وحينئذ يدل على قبول قوله. وفيه عدم معلومية ثبوت الخيار ، وبتقديره يجوز أنّ يكون لحصول النفرة من المبيع ، مضافاً إلى ما قدمناه في شهادة الشاهدين بالنجاسة (٣).

ولا يشكل الحال هنا بأنّ المخبر إذا قبل قوله في حق نفسه لزم الحكم بنجاسته لو باشره ، وحينئذ لا يجوز لنا مباشرة الرجل من غير طهارة ، والحال أنّه راجع إلى قوله ، وهو غير مقبول. لإمكان الجواب بأنه لا مانع من الالتزام ، فينبغي التأمّل التامّ.

اللغة :

قال في القاموس : العذرة فناء الدار وأرْدأ ما يخرج من الطعام (٤). وقد تقدم منه أنّ الخُرء هو العذرة ، وسمعت ما أشرنا إليه (٥).

__________________

(١) في « رض » زيادة : بالنجاسة.

(٢) ليست في « فض » و « رض ».

(٣) راجع ص ٨٨٢.

(٤) القاموس المحيط ٢ : ٨٩.

(٥) راجع ص ٨٦٩.

٢٣٣

قوله :

فأما ما رواه محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن الحسن بن زياد قال : سُئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يبول فيصيب بعض فخذه نكتة من بوله فيصلّي ثم يذكر بعد (١) أنّه لم يغسله؟ قال : « يغسله ويعيد صلاته ».

وما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان قال : بعثت بمسألة (٢) إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مع إبراهيم بن ميمون قلت : تسأله عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله فيصلّي ويذكر بعد ذلك أنّه لم يغسلها؟ قال : « يغسلها ويعيد الصلاة » (٣).

علي بن إبراهيم ( عن أبيه ) (٤) ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل (٥) صلّى في ثوب فيه نكتة جنابة ركعتين ثم علم ، قال « عليه أنّ يبتدئ بالصلاة » (٦) قال : وسألته عن رجل يصلّي وفي ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم ، قال : « قد (٧) مضت صلاته ولا شي‌ء عليه ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٢ زيادة : ذلك.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٣ : مسألة.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٣ : صلاته.

(٤) ما بين القوسين ليس في الاستبصار.

(٥) في « رض » : الرجل.

(٦) في التهذيب ٢ : ٣٦٠ / ١٤٨٩ ، والاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٤ : الصلاة.

(٧) ليست في « رض » و « فض ».

٢٣٤

سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن وهب بن عبد ربه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم بها صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد (١) قال : « يعيد (٢) إذا لم يكن علم ».

فلا تنافي بين هذه الأخبار والأخبار الأوّلة ؛ لأنّ الوجه في الجمع بينها (٣) أنّه إذا علم الإنسان حصول النجاسة في الثوب ففرّط في غَسله ثم نسي حتى صلّى وجب عليه الإعادة لتفريطه ، وإنّ لم يعلم أصلاً إلاّ بعد فراغه من الصلاة لم تلزمه الإعادة ، وعلى هذا دلّت أكثر الروايات التي ذكرناها في الكتاب الكبير ، وقد ذكرنا طرفاً منها في باب أحكام الدماء بهذا التفصيل ، منها : رواية محمد بن مسلم وإسماعيل الجعفي وابن أبي يعفور وجميل ، عن بعض أصحابنا.

السند‌ :

في الأوّل : سهل بن زياد ، وقال النجاشي : إنّه كان ضعيفاً في الحديث ـ إلى ان قال ـ : ذكر ذلك أحمد بن علي بن نوح وأحمد بن الحسين (٤). والشيخ في الفهرست قال : إنّه ضعيف (٥). وفي رجال الهادي عليه‌السلام من كتابه قال : إنّه ثقة (٦). والعلاّمة ذكر في الخلاصة قول الشيخ بالتوثيق وقول‌

__________________

(١) في التهذيب ٢ : ٣٦٠ / ١٤٩١ ، والاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٥ زيادة : ذلك.

(٢) في التهذيب ٢ : ٣٦٠ / ١٤٩١ ، والاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٥ : لا يعيد.

(٣) في « د » : بينهما.

(٤) رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٩٠.

(٥) الفهرست : ٨٠ / ٣٢٩.

(٦) رجال الطوسي : ٤١٦ / ٤.

٢٣٥

النجاشي إلى قوله : وأحمد بن الحسين ، وزاد ما هذه صورته : وقال ابن الغضائري : إنّه كان ضعيفاً جدّاً فاسد الرواية والمذهب (١). وهذا الكلام من العلاّمة ربما يتوهم منه ان أحمد بن الحسين غير ابن الغضائري ، لأنّه قال : وقال ابن الغضائري. وقد قدّمنا في هذا الكتاب أنّه ابن الغضائري (٢) لوجوه ترفع الارتياب.

ويبقى هذا الإبهام لا بد من دفعه ، والحاصل أنّ قول العلاّمة : وقال ابن الغضائري. لا يدل على المغايرة ؛ لأنّ ذكر أحمد بن الحسين من كلام النجاشي ذكره بتمامه ، ثم أراد العلاّمة بيان عبارة ابن الغضائري ؛ إذ النجاشي اختصرها ، فما ذكره جدّي قدس‌سره من أنّ ابن الغضائري هو الحسين بن عبيد الله (٣). لا وجه له ، وليس في هذا الكلام تأييد له.

وأمّا ما يقتضيه كلام النجاشي من أنّه كان ضعيفاً في الحديث ، وقول الشيخ : إنّه ثقة ، قد يمكن الجمع بينهما بأنّ يكون المراد بضعفه في الحديث روايته عن الضعفاء كما ذكرناه عن مشايخنا في البرقي حيث قال فيه النجاشي : إنّه كان ضعيفاً في الحديث. والشيخ وثّقه ، أنّه لا تنافي بين قول الشيخ وقول النجاشي ؛ لاحتمال أنّ يريد بالضعف روايته عن الضعفاء (٤). و

هذا وإنّ كان محلّ تأمّل كما ذكرناه في مواضع (٥) ، إلاّ أنّه بعينه يأتي في سهل ابن زياد.

ويمكن الجواب بالفرق بين المقامين من حيث إنّ الشيخ قد صرّح‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٢٨ / ٢.

(٢) راجع ص ٦١.

(٣) راجع ص ٦٢.

(٤) راجع ص ٦٨.

(٥) راجع ص ٦٨.

٢٣٦

بتضعيفه.

وفيه : أنّ تضعيف الشيخ من تصريحه بالتوثيق أولى بالحمل الذي قدّمناه ، فيراد بضعفه بالنسبة إلى من روى عنه ، لكن لا يخفى أنّ الشيخ مضطرب الرأي في الرجال.

وربما كان في عبارة النجاشي بعد ذكره أنّه كان ضعيفاً في الحديث دلالة على غير المعنى الذي احتملناه ، لأنّه قال : غير معتمد فيه. ولا يخفى إمكان حمل هذا على أنّ سهل بن زياد غير معتمد في الحديث عن الغير ، لكنه بعيد عن الظاهر ، وبالجملة فالرجل محلّ كلام.

أمّا ما قاله شيخنا قدس‌سره : من أنّه عامي ، في مواضع من المدارك (١) فلم أقف على وجهه ، هذا وقد قدّمنا كلاماً في سهل (٢) ، والإعادة هنا لزيادة الفائدة.

وعلي بن محمد ( الواقع فيه ) (٣) الراوي عن سهل هو المعروف بعلاّن الثقة ، في النجاشي (٤). أمّا عبد الكريم فهو ابن عمر الملقّب كرّام ، وهو ثقة واقفي (٥). والحسين بن زياد مجهول الحال ، وفي نسخة : الحسن بن زياد ، وفيه اشتراك في الرجال (٦) على وجه لا يعلم فيه حقيقة الحال.

والثاني : فيه محمد بن سنان وقد قدّمنا فيه ما يغني عن البيان (٧).

__________________

(١) المدارك ١ : ١١١ و ٤ : ١٥٦ و ٧ : ٤٢٤.

(٢) راجع ص ٩٥.

(٣) ما بين القوسين ليس في « فض » و « رض ».

(٤) رجال النجاشي : ٢٦٠ / ٦٨٢.

(٥) انظر رجال النجاشي : ٢٤٥ / ٦٤٥ وفيه : عبد الكريم بن عمرو.

(٦) هداية المحدثين : ١٨٨.

(٧) راجع ص ٨٥.

٢٣٧

وابن مسكان هو عبد الله ، لرواية ابن سنان عنه كما في النجاشي (١). وإبراهيم ابن ميمون مجهول الحال.

والثالث : فيه محمد بن عيسى ، عن يونس ، وقد سبق القول (٢) في استثنائه من الموجب لردّ روايته إذا كانت بهذا الوجه عند المتأخّرين ، وإن كان فيه كلام تقدّم بيانه ، والفائدة هنا منتفية ( بأبي بصير ) (٣) (٤).

والرابع : ليس فيه ارتياب ، ووهب بن عبد ربه صرح النجاشي بتوثيقه مع إسماعيل بن عبد الخالق (٥).

المتن :

في الأول : كما ترى صريح في إعادة الصلاة ، والظاهر منه الشمول للوقت وخارجه ، كما أنّ الظاهر منه أيضاً النسيان ، حيث قال : ثم يذكر. واحتمال غيره بعيد ، بل لا وجه له.

والثاني : كالأوّل فيما ذكرناه.

والثالث : فيه دلالة على أنّ من علم بنجاسة الجنابة في أثناء الصلاة يقطع الصلاة ، سواء كان قبل الصلاة عالماً بها (٦) ونسي ، أو علم في الأثناء ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٩.

(٢) راجع ص ٥٣.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » ، وفي « فض » : بعد أبي بصير.

(٤) في « فض » زيادة : وما اتفق من رواية على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى هو في النسخة التي وقفت عليها ولا مانع منه. وهذه العبارة في « د » مشطوبة.

(٥) رجال النجاشي : ٢٧ / ٥٠ ، ٤٣٠ / ١١٥٦.

(٦) ليست في « رض ».

٢٣٨

كما يدل على أنّه لو علم بعد الفراغ بنجاسة الجنابة والدم مضت صلاته ، ولا يخفى أنّ ترك الاستفصال يفيد عموم المقال.

فإن قلت : من أين دلالة (١) الرواية على الأثناء والحال أنّه يجوز أن يكون صلّى ركعتين صلاة تامّة؟

قلت : الظاهر من قوله « يبتدئ الصلاة » ما ذكرناه ، ولو تكلّف ذكر احتمال آخر كان آخرها مخالف لأولها.

والرابع : ظاهر الدلالة على الإعادة مع عدم العلم السابق إذا علم بعد ، وربما يستبعد الحكم في الرواية من حيث إنّ مفهومها [ عدم (٢) ] الإعادة إذا علم علماً سابقاً على الصلاة والحال أنّ معتبر الأخبار دل على (٣) الإعادة على الناسي ، حتى أنّ شيخنا قدس‌سره قال : لا يبعد أنّ يكون الأصل : لا يعيد ، فتوهّم الراوي وأسقط حرف النفي (٤).

وفي نظري القاصر أنّه لا حاجة إلى ما ذكره ، لأنّ المفهوم إذا تحققت معارضة المنطوق له لا يعمل عمله ، وفائدة ذكر الشرط لا تنحصر في النفي عما عداه كما لا يخفى.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر أوّل الأخبار الأُول أنّه لا يحكم بالنجاسة إلاّ مع العلم ، ومع عدم العلم لا يحكم بها ، وهذا لا ينافي شيئاً من الأخبار المبحوث عنها ؛ لأنّه قد فرض فيها العلم ، إلاّ أنّ يقال : إنّ مقتضى الرواية أنّ العلم إذا حصل يحكم بالنجاسة ، وإذا ثبتت النجاسة لزمها بطلان الصلاة‌

__________________

(١) في « فض » زيادة : صدر.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

(٣) في النسخ زيادة : عدم.

(٤) المدارك ٢ : ٣٥٠.

٢٣٩

لما ثبت من الأخبار الدالة على اشتراط الطهارة ، وفيه ما لا يخفي.

وأمّا ثاني الأخبار الأُول فيدل على أنّه لا يعيد إذا لم يعلم ، والظاهر منه أنّه إذا لم يعلم أصلاً ، فيفيد مفهومه أنّه إذا انتفى العلم بالكلية عليه الإعادة وانتفاء العلم بالكلية يتحقق بالعلم في الأثناء وقبل الصلاة وبعدها ، وعلى هذا يمكن فيه المنافاة ، ولذلك (١) يتناول الوقت وخارجه ، ومن هنا يعلم أنّ إطلاق بعض محقّقي المعاصرين (٢) سلّمه الله دلالة هذا الخبر على الجاهل (٣) محلّ تأمّل.

فإن قلت : ما وجه استفادة انتفاء العلم بالكلّية؟

قلت : من حيث إنّ الجملة الفعلية في حكم النكرة ، والنفي موجود ، وإن كان في هذا نوع بحث ، إلاّ أنّ ظاهر من رأينا كلامه في مثله الجزم بالعموم ، وقد صرّحوا به في بحث البئر حيث قال عليه‌السلام : « ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء » (٤) هذا (٥).

ولا يخفى أنّ أوّل هذه الأخبار يفيد الإعادة مع العلم السابق إذا نسي وذكر بعد ، والبعديّة تتناول بعد الصلاة بتمامها أو بعد أنّ صلّى ( منها شيئاً ) (٦) فالمنافاة من هذا الوجه.

وثالث الأُول دلالته مجملة كما قدّمناه (٧).

__________________

(١) في « د » : وكذلك.

(٢) في « فض » : المتأخرين.

(٣) البهائي في الحبل المتين : ٩٥.

(٤) الكافي ٣ : ٥ / ٢ ، التهذيب ١ : ٤٠٩ / ١٢٨٧ ، الوسائل ١ : ١٧٠ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ١.

(٥) منهم البهائي في الحبل المتين : ١١٧ ، وصاحب المدارك ١ : ٥٥.

(٦) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٧) راجع ص ٨٨٧.

٢٤٠