إستقصاء الإعتبار - ج ٣

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-175-3
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥٠٢

شاء الله.

وأمّا الثاني : فالطرق كلها غير سليمة ، فالأوّل : بالمعلى ، وعبد الله سمعت ما فيه ، والوشاء قدمنا فيه الكلام (١).

والثاني : فيه القاسم بن محمد الجوهري وقدّمنا حاله (٢).

والثالث : فيه عبد الله بن عاصم ؛ أمّا الحسن ابن الحسين اللؤلؤي فليس القدح فيه إلاّ ممّا نقله الشيخ عن ابن بابويه من تضعيفه (٣) ، وأظنه أخذ ذلك من استثنائه من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ، والاستثناء لا يدل على الضعف ، والنجاشي قد وثّقه (٤).

والعجب أنّ شيخنا قدس‌سره قال في المدارك : إنّ الرواية مروية في التهذيب (٥) بثلاث طرق أقربها إلى الصحة ما رواه عن محمد بن علي بن محبوب وذكر الطريق ، ثم قال : وفي الحسن بن الحسين اللؤلؤي توقف وإن وثّقه النجاشي لقول الشيخ : إنّ ابن بابويه ضعفه (٦) ، والحال أنّ عبد الله بن عاصم لم نر توثيقه ولا مدحه في الرجال ، سوى ما سنذكره عن المحقّق.

المتن :

في الأوّل : كما ترى يدل على أنّ مجرّد الدخول في الصلاة كاف في‌

__________________

(١) في ص ١١١.

(٢) في ص ١٢٩.

(٣) رجال الطوسي : ٤٦٩ / ٤٥.

(٤) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٣.

(٥) التهذيب ١ : ٢٠٤ / ٥٩١ ٥٩٣ ، الوسائل ٣ : ٣٨١ أبواب التيمم ب ٢١ ح ٢.

(٦) مدارك الأحكام ٢ : ٢٤٦.

١٠١

المضي ، وله نوع دلالة على عدم اعتبار ضيق الوقت في جواز التيمم كما يعرف بالتأمّل في مضمونه ، كما أنّ في قوله : وقد كان طلب الماء ثم يؤتى إلى آخره ، دلالة على أنّ الطلب يكفي فيه ما أمكن من الوقت.

وقوله : « واعلم » إلى آخره ، قد بينا فيما سبق تأييده للاستحباب.

ثم إنّ الخبر حجة من قال بأنّ الدخول في الصلاة ولو بتكبيرة الإحرام يقتضي الاستمرار في الصلاة بتيمم كما حكاه بعض الأصحاب ، غير أنّ من جملة القائلين السيد المرتضى (١) ، وابن إدريس (٢) واعتمادهم على الأصل في الاستدلال كما نقل أيضاً على الإجمال.

والثاني : ينقل عن الشيخ العمل بمضمونه في النهاية ، وكذلك عن ابن أبي عقيل وابن بابويه والمرتضى في شرح الرسالة (٣) ، والشيخ كما ترى هنا ذكر فيه الحمل على الاستحباب أوّلاً ، وكأنّ مراده أنّ الرجوع قبل الركوع مستحب وبعده يتعين المضيّ.

وقد يشكل بأنّ الظاهر من الرواية الأُولى وجوب المضي بعد الدخول في الصلاة ، فلو حملت الثانية على الاستحباب لا يتم الوجوب في الاولى ، بل يراد استحباب المضي وإن كان القطع أرجح ، وظاهر كلام الشيخ يأبى هذا ، إلاّ أنّه قابل للتسديد.

وأمّا الوجه الثاني فلا ينبغي ذكره في المقام ، لأنّ الدخول إذا كان في أوّل الوقت وجب القطع سواء كان الوجدان قبل الركوع أو بعده ، والحال أنّ الرواية تضمنت التفصيل.

__________________

(١) حكاه عن مسائل خلافه في السرائر ١ : ١٤٠ ، والمختلف ١ : ٢٧٥.

(٢) السرائر ١ : ١٤٠.

(٣) نقله عنهم في المدارك ٢ : ٢٤٥ ، وهو في النهاية : ٤٨ والفقيه ١ : ٥٨ والمقنع : ٩.

١٠٢

وفي المعتبر : رواية ابن حمران أرجح من وجوه : منها : أنّه أشهر في العلم والعدالة من عبد الله بن عاصم والأعدل مقدم ؛ ومنها : أنّه أخفّ وأيسر ، واليسر مراد الله ، ومنها : أنّ مع العمل برواية محمد يمكن العمل برواية عبد الله بالتنزيل على الاستحباب ، ولو عمل بروايته لم يكن لرواية محمد محمل (١). انتهى.

ولا يخفى دلالة الكلام بظاهره على عدالة عبد الله بن عاصم ، وكأنّ شيخنا قدس‌سره [ لذلك (٢) ] قال : إنّ الرواية أقرب إلى الصحة (٣).

أمّا ما قاله : من أنّ مع العمل برواية محمد ، إلى آخره. ففي نظري القاصر أنّه محل تأمّل ، لأنّا إذا عملنا برواية عبد الله يمكننا أن نحمل رواية محمد على استحباب المضيّ ، لكن القطع أكمل ، على أنّ العمل برواية محمد لا يخلو من إجمال ، فإن أُريد به العمل بظاهرها من وجوب المضي لم يتم استحباب القطع قبل الركوع ، وإن حملت على استحباب المضي بعد الدخول اتحد القول.

نعم يؤيّد رواية محمد الأصل.

وذكر شيخنا قدس‌سره أنّ من مؤيّداتها ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة ومحمد بن مسلم قال ، قلت له : رجل لم يصب الماء وسيأتي عن قريب إن شاء الله قال قدس‌سره : فإنّ التعليل في آخرها يدل على وجوب المضي في الصلاة مع الدخول فيها ولو بتكبيرة الإحرام (٤). وستسمع إن‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤٠٠.

(٢) في النسخ : كذلك ، والظاهر ما أثبتناه.

(٣) مدارك الأحكام ٢ : ٢٤٦.

(٤) مدارك الأحكام ٢ : ٢٤٦.

١٠٣

شاء الله الكلام على هذه الرواية.

والعجب من العلاّمة في المختلف أنّه قال في هذه المسألة في باب التيمم ـ بعد أن نقل عن ابن أبي عقيل ما يقتضي الفرق بين الوجدان قبل الركوع وبعده ـ : ونحن قد تردّدنا في كتاب التحرير في هذين الاحتمالين ، وجه النقض أنّه متمكن عقلاً من استعمال الماء ، ومنع الشرع من [ إبطال ] (١) الصلاة لا يخرجه عن التمكّن العقلي ، فإنّ التمكن صفة حقيقية لا تتغير بالأمر الشرعي والنهي ، والحكم معلق على التمكن ؛ ووجه عدمه أنّه غير متمكن من استعمال الماء شرعاً ، فإنّ الشرع نهاه عن إبطال الصلاة ، فنقول حينئذ : تيمّمه إمّا أن ينتقض أو لا ، والأوّل باطل ، وإلاّ وجب عليه الإعادة من رأس ، والثاني هو المطلوب ، وبالجملة نحن في هذه المسألة من المتوقّفين (٢). انتهى.

وأنت خبير بما في الكلام ممّا يغني عن توضيحه.

ونقل عن المنتهى أنّ فيه الجواب عن روايتي زرارة الآتية وعبد الله ابن عاصم بالحمل على الاستحباب ، أو على أنّ المراد بالدخول في الصلاة الشروع في المقدمات كالأذان ، وبقوله : « ما لم يركع » ما لم يتلبّس بالصلاة ، وبقوله : « وإن كان ركع » الدخول فيها (٣).

ولا يخفى ما في الجواب ، وإمكان حمل المطلق من الدخول على المقيد لا ريب فيه ، ورواية زرارة سيأتي أنّها لا تنافي رواية ابن عاصم.

__________________

(١) في النسخ : إكمال ، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) المختلف ١ : ٢٨٨ وهو في التحرير ١ : ٢٢.

(٣) نقله عنه في المدارك ٢ : ٢٤٧ وهو في المنتهى ١ : ١٥٥.

١٠٤

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن علي بن السندي ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل صلّى ركعة على تيمّم ثم جاء رجل ومعه قربتان من ماء ، قال : « يقطع الصلاة ويتوضّأ ثم يبني على واحدة ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على من إذا صلّى ركعة وأحدث ما ينقض الوضوء ساهياً وجب عليه أن يتوضّأ ويبني ، ولو كان لم يحدث لما وجب عليه الانصراف ، بل كان عليه أن يمضي في صلاته ، ولا يمكن أن يقال : في هذا الخبر ما قلناه في غيره من أنّه إنما يجب عليه الوضوء ، لأنّه قد دخل فيها قبل آخر الوقت ، لأنّه لو كان كذلك لما جاز له البناء ووجب عليه الاستئناف.

والذي يدل على جواز ما قلناه إذا أحدث ساهياً :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم قال ، قلت له : في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلّى ركعتين ثم أصاب الماء ، أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضّأ ثم يصلّي؟ قال : « لا ، ولكنّه يمضي في صلاته ولا ينقضهما لمكان أنّه دخلها وهو على طهر وتيمم » قال : زرارة فقلت : له دخلها وهو متيمم فصلّى ركعة وأحدث فأصاب ماءً؟ قال : « يخرج ويتوضّأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلّى بالتيمم ».

١٠٥

السند‌ :

في الأوّل فيه علي بن السندي ، وهو مجهول الحال ( وفي بعض نسخ الكشي علي بن السدي وهو الذي يقال له علي بن إسماعيل (١) واشتبه أمره على العلاّمة كما قدّمناه ) (٢).

والثاني لا ارتياب فيه.

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على البناء على الواحدة بعد الوضوء ، فلو فرض انعقاد الإجماع على نفي مضمونه أمكن أن يقال : إنّ لفظ البناء قد يجوّز فيه بإرادة فعل الواحدة ثانياً.

أمّا حمل الشيخ ففيه : أوّلاً : أنّ الخبر تضمن أنّه يقطع الصلاة فلو كان أحدث لما احتاج إلى قوله : « يقطع الصلاة ».

وثانياً : أنّ قيد النسيان ليس في الخبر الذي استدل به ، ولو وجّه بأنّ العمد لا يتصور فيه البناء (٣) أمكن أن يقال : إنّ الواسطة (٤) موجودة وهي النسيان.

ولا يبعد توجيه الأوّل بأنّ القطع يحمل على وجه لا ينافي ما ذكرناه.

أمّا ما قد يقال من أنّ الخبر الذي استدل به تضمن ما ينافي ما قدّمه من اعتبار الدخول في الصلاة أو الركوع ؛ ففيه : أنّ الخبر لا ينافي ذلك ، لأنّ‌

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٨٦٠ / ١١١٩.

(٢) ما بين القوسين ليس في « د ». راجع ج ١ : ٣٣١ وج ٢ : ٢٢٤.

(٣) في « فض » زيادة : لدعوا.

(٤) في « رض » و « د » زيادة : معه.

١٠٦

من صلّى ركعتين فقد تحقق منه الركوع والدخول ، وذكره في كلام السائل لا يدل على التخصيص كما نبّهنا عليه مراراً ، ولا ريب في دلالة التعليل على أنّ مجرد الدخول في الصلاة كاف ، فيؤيد ما دل على الاكتفاء به وهي رواية محمد بن حمران ، وقد روى الشيخ عن زرارة نحو ما رواه هنا أيضاً (١).

وأجاب العلاّمة في المختلف عن الروايتين بحمل الركعة على الصلاة إطلاقاً لاسم الجزء على الكل ، قال ، وقوله : « يخرج ويتوضّأ ثم يبني على ما مضى من صلاته » إشارة إلى الاجتزاء بتلك الصلاة السابقة على وجدان الماء (٢) ، وأنت خبير بما في الجواب من التكلف.

وفي المعتبر قال المحقق ـ بعد نقله عن الشيخين القول بالبناء ـ : وما قالاه حسن ، لأن الإجماع على أنّ الحدث عمداً يبطل الصلاة ، فيخرج من إطلاق الرواية ، ويتعيّن حملها على غير صورة العمد ، لأنّ الإجماع لا تصادمه الرواية ، ولا بأس بالعمل بها على الوجه الذي ذكره الشيخان فإنّها رواية مشهورة (٣). انتهى.

ولا يخفى عليك أنّه يتوجه عليه أنّ الإجماع كيف يتحقق في المقام حتى يقول : إنّ الرواية لا تصادمه ، وكيف يتكلم على دعوى الشيخ الإجماع ، ولعلّ المحقق عنده فرق بين المواضع ، وهو أعلم بالحال.

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن المثنى ، عن‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٠٣ / ٥٨٩ ، الوسائل ٣ : ٣٦٦ أبواب التيمم ب ١٤ ح ٣.

(٢) المختلف ١ : ٢٨٢.

(٣) المعتبر ١ : ٤٠٧ وهو في المقنعة : ٦١ والنهاية : ٤٨.

١٠٧

الحسن (١) الصيقل قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل تيمم ثم قام فصلّى فمرّ به نهر وقد صلّى ركعة ، قال : « فليغتسل ويستقبل الصلاة » فقلت له : إنّه قد صلّى صلاته كلها ، قال : « لا يعيدها ».

فهذا الخبر يمكن حمله على أنّه كان قد دخل في الصلاة قبل آخر الوقت فوجب عليه أن يستأنف على ما قلناه ، ويحتمل أيضاً أن يكون محمولا على ضرب من الاستحباب.

السند‌ :

فيه موسى بن سعدان ، والنجاشي ذكر موسى بن سعدان الحناط (٢) ، وأنّه ضعيف في مذهبه غلوّ (٣) ؛ والشيخ في الفهرست ذكره مهملا (٤).

وأمّا الحسين بن أبي العلاء فقد قدمنا فيه قولا (٥) ، والحاصل أنّ النجاشي قال : الحسين بن أبي العلاء الخفاف أبو علي الأعور مولى بني أسد ، ذكر ذلك ابن عقدة ـ إلى أن قال ـ : وقال أحمد بن الحسين رحمه‌الله : هو مولى بني عامر وأخواه علي وعبد الحميد ، روى الجميع عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وكان الحسين أوجههم (٦).

وقد استفاد بعض توثيق الرجل من قول النجاشي : وكان الحسين أوجههم. لأنّ عبد الحميد ثقة ، والأوجه من الثقة يكون ثقة (٧) ؛ ولا يخلو‌

__________________

(١) في « فض » و « د » : الحسين.

(٢) في « فض » : الخياط.

(٣) رجال النجاشي : ٤٠٤ / ١٠٧٢.

(٤) الفهرست : ١٦٢ / ٧٠٣.

(٥) في ص ١٠٩.

(٦) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٧.

(٧) منهج المقال : ١١٠.

١٠٨

من تأمّل ، لأنّ الوجاهة لا تلازم الثقة (١). أمّا احتمال أن يقال : إنّ القول بأنّ الحسين أوجههم يحتمل أن يكون من أحمد بن الحسين وهو ابن الغضائري وحاله غير معلوم ، ففيه : أنّ الظاهر من كلام النجاشي في ذكر قول أحمد إرادة أنّه ليس مولى بني أسد كما قاله ابن عقدة.

وقد حكى ابن داود في كتابه ما هذه صورته : وقد حكى سيدنا جمال الدين رحمه‌الله في البشرى تزكيته (٢). ولا يخفى عليك حقيقة الحال.

أمّا المثنى ففيه اشتراك (٣).

و [ الحسن (٤) ] الصيقل فيه جهالة.

المتن :

ما ذكره الشيخ فيه أوّلاً لا يتم ، لأنّ آخره يدل على أنّه لو وجد الماء بعد الفراغ لا يعيد ، فلو حمل على أنّه تيمم في أوّل الوقت كان اللازم الإعادة مطلقا.

وما ذكره ثانياً من الاستحباب غير واضح ، لأنّ الاستحباب إن أُريد به استحباب القطع بعد صلاة الركعة فالأخبار السابقة قد تضمن بعضها المضي بعد الركوع ، والشيخ فيما تقدم حمل الخبر على الاستحباب ، والظاهر منه الاستحباب فيما قبل الركوع ، وعلى مقتضى كلامه هنا أنّ القطع بعد الركوع أيضاً مستحب ، ولا يخلو من غرابة ، إلاّ أنّ التوجيه ممكن عند الشيخ ،

__________________

(١) في « رض » و « د » زيادة : ألا ترى أنّه قال : أوجه أخويه ، وفيهما غير ثقة.

(٢) رجال ابن داود : ٧٩ / ٤٦٨.

(٣) هداية المحدثين : ١٣٦.

(٤) في النسخ : الحسين ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٦٨ / ٥٨١.

١٠٩

وبالجملة فكلام الشيخ في الجمع لا يخلو من اضطراب ، والله تعالى أعلم بالصواب.

باب الرجل تصيب ثوبه الجنابة

ولا يجد الماء لغسله وليس معه غيره‌

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد ، عن الحسين ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض فأجنب وليس عليه إلاّ ثوب فأجنب فيه وليس يجد الماء قال : « يتيمم ويصلي عريانا قائما يومئ إيماءً ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، قال : حدّثني محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه إلاّ ثوب واحد وأصاب ثوبه مني ، قال : « يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا فيصلّي فيومئ إيماءً ».

فالوجه في الجمع بين الخبرين أنّه إذا كان بحيث لا يرى أحد عورته صلّى قائماً ، وإذا لم يكن كذلك صلّى من قعود ، وقد روى الخبر الأوّل محمد بن يعقوب بإسناده وقد ذكرناه في كتابنا الكبير فقال : « يصلّي قاعداً » وعلى هذه الرواية لا تعارض بينهما على حال.

١١٠

السند‌ :

في الأوّل موثق على ما تقدم ، وأحمد فيه : ابن محمد بن عيسى ، والحسين : ابن سعيد ، والحسن : أخوه ، لأنّه يروي عن زرعة بواسطته ، والإضمار فيه لا يضرّ بالحال لو سلم من غيره كما سبق بيانه.

والثاني لا ارتياب فيه إلاّ من جهة محمد بن عبد الحميد ، فقد كرّرنا فيه ما حاصله أنّ النجاشي قال : محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار أبو جعفر ، روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسى ، وكان ثقة من أصحابنا الكوفيين له كتاب نوادر (١).

وقد توقف جدّي قدس‌سره في توثيق محمد من هذه العبارة لاحتمالها توثيق الأب (٢) ، ووافقه على ذلك شيخنا قدس‌سره في فوائد الكتاب ، فقال : إنّ الرواية قاصرة السند بمحمد بن عبد الحميد فإنّ في توثيقه توقفاً.

والظن الغالب أنّ التوثيق لمحمد ، لأنّ العنوان له وإنّما ذكر الأب بالعارض ، ويؤيّده قوله : له كتب ، وقد سبق عن قريب ذكر هذا الاحتمال في محمد بن سماعة (٣) وإن كان الظن انتفاءه ، إلاّ أنّ شيخنا قدس‌سره غير مرتاب في صحة تلك الرواية (٤) ، والعلّة واحدة ، وبالجملة فوقوع هذا من النجاشي كثير ، وقد أوضحت الحال فيه في مواضع.

وأمّا سيف بن عميرة فلا ارتياب فيه ، وقول محمد بن شهرآشوب :

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٣٩ / ٩٠٦.

(٢) حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ٢٢.

(٣) في ص ٨٠٣.

(٤) المدارك ٢ : ٢٤٥.

١١١

إنّه واقفي (١) ، لا يثبت حكماً مع عدم معلومية حال الجارح.

المتن :

في الأوّل ظاهر الدلالة على الصلاة عرياناً ( قائماً بالإيماء ) (٢) ، والثاني : موافق له في نزع الثوب والإيماء ومخالف له من جهة الجلوس على رواية الشيخ ، وما أشار إليه من رواية محمد بن يعقوب فقد رواه الشيخ في التهذيب عن محمد بن يعقوب ، عن جماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، وذكر المتن بمغايرة سهلة ، إلى أن قال : « ويصلّي عرياناً قاعداً ويومئ » (٣).

وما قاله الشيخ في الجمع بين الخبرين لم يذكر ما يدل عليه ، وبدونه قد يتوجه احتمال التخيير بين القيام والجلوس على تقدير عدم الرواية ، على أنّ عدم تعرضه لبيان عدم الالتفات إلى رواية الكليني غير ظاهر الوجه.

وقد روى في زيادات الصلاة من التهذيب ما يدل على التفصيل الذي ذكره ، فالعجب من عدم تعرّضه له ، وهو : ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة ، قال : « يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد ، فإن رآه أحد صلّى جالساً » (٤).

__________________

(١) معالم العلماء : ٥٦.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) التهذيب ٢ : ٢٢٣ / ٨٨١ ، الوسائل ٣ : ٤٨٦ أبواب النجاسات ب ٤٦ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦٥ / ١٥١٦ ، الوسائل ٤ : ٤٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ٣.

١١٢

ولا يخفى حال سند الحديث ، فإثبات تعيّن القيام مع الأمن من المطّلع مشكل بعد صحة رواية محمد (١) الحلبي.

ويؤيّدها ما رواه الشيخ في زيادات الصلاة من التهذيب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل خرج من سفينة عرياناً أو سلب ثيابه ولم يجد شيئاً يصلّي فيه ، فقال : « يصلّي إيماءً ، وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها ، وإن كان رجلاً وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيومئان إيماءً ، ولا يركعان ولا يسجدان » الحديث (٢). ونحوه ( من الأخبار ) (٣).

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن الشيخ القول بأنّ من ليس معه إلاّ ثوب واحد نجس وتعذّر تطهيره ينزعه ويصلّي عرياناً مومئاً (٤) ، وأنّه استدل بهاتين الروايتين. وينقل عن ابن الجنيد أنّ الصلاة في الثوب أحبّ إليه من الصلاة عرياناً (٥). وعن المعتبر والمنتهى التخيير من غير ترجيح (٦).

وفي المختلف : لو كان معه ثوب واحد وأصابه نجاسة ولم يتمكّن من غسله نزعه وصلّى عرياناً ، فإن لم يتمكن من نزعه صلّى فيه ، فاذا وجد الماء غسله ، وهل يعيد الصلاة أم لا؟ قال الشيخ يعيد ، إلى آخره (٧).

__________________

(١) لفظة : محمد ، ليست في « رض ».

(٢) التهذيب ٢ : ٣٦٤ / ١٥١٢ ، الوسائل ٤ : ٤٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ٦.

(٣) في « فض » و « د » : أيضاً من أخبار.

(٤) نقله عنه في المنتهى ١ : ١٨٢ وهو في المبسوط ١ : ٣٨ ، والخلاف ١ : ٣٩٨ ، والنهاية : ٥٥.

(٥) نقله عنه في المختلف ١ : ٣٣٠.

(٦) نقله عنهما في المدارك ٢ : ٣٦٠ وهو في المعتبر ١ : ٤٤٥ ، والمنتهى ١ : ١٨٢.

(٧) المختلف ١ : ٣٢٨.

١١٣

وهذا الكلام يعطي أنّ الخلاف في إعادة الصلاة ، لكنّه نقل بعد هذا ما ذهب إليه في المنتهى من التخيير.

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس معه ثوب غيره قال : « يصلّي فيه إذا اضطرّ إليه ».

وقد روى علي بن جعفر ، عن أخيه [ موسى عليه‌السلام (١) ] قال : سألته عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوباً نصفه دم أو كلّه ، يصلّي فيه أو يصلي عرياناً ، فقال : « إن وجد ماءً غسله ، وإن لم يجد [ ماءً (٢) ] صلّى فيه ولم يصلّ عرياناً ».

وروى سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن علي بن الحكم ، قال ، سألته عن الرجل يجنب في ثوب وليس معه غيره ولم يقدر على غسله ، قال : « يصلّي فيه ».

فلا تنافي بين هذه الأخبار وبين الأخبار الأولة ، لأنا نحمل هذه الأخبار على حال لا يمكن نزع الثوب فيها من ضرورة ، ومع ذلك إذا تمكّن من غسل الثوب غسله وأعاد الصلاة ، يدل على ذلك :

ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٦٩ / ٥٨٥.

(٢) زيادة من الاستبصار ١ : ١٦٩ / ٥٨٥.

١١٤

الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّه سئل عن رجل ليس عليه إلاّ ثوب ولا يحل له الصلاة فيه وليس يجد ماءً يغسله كيف يصنع؟ قال : « يتيمم ويصلي فإذا أصاب ماءً غسله وأعاد الصلاة ».

السند‌ :

في الأوّل القاسم بن محمد وقد تكرر فيه القول بأنّه الجوهري (١) ، لأن الراوي عنه الحسين بن سعيد في رجال الشيخ فيمن لم يرو (٢) ، والحاصل أنّ الرجل مذكور مهملاً في النجاشي (٣). والشيخ قال : إنّه واقفي في رجال الكاظم عليه‌السلام من كتابه (٤) ، مع أنّه ذكره في من لم يرو مهملا ، وربما يعطي ذلك التعدد ، وأنّ الواقفي غير من يروي عنه الحسين ، إلاّ أنّ الاعتبار في كتاب الشيخ لا يساعد على هذا بل ينفيه ، وحال الشيخ في الرجال لا يخلو من غرابة.

وفي الكشي قال نصر بن الصباح : القاسم بن محمد الجوهري لم يلق أبا عبد الله وهو مثل ابن أبي غراب قالوا : إنّه كان واقفيا (٥). ونصر بن الصباح ضعيف في الرجال (٦) ، وعلى تقدير الاعتماد عليه فالقائلون بالوقف غير معلومين ، ولعلّ الشيخ استفاد ما قاله من موضع آخر ، والإهمال فيه غير بعيد لما سمعته من كلام النجاشي ، والعلاّمة في الخلاصة جزم بأنّه‌

__________________

(١) راجع ص ١٢٩ ، ٣٩٦ ، ٢٠٧ ، ٥٣١.

(٢) رجال الطوسي : ٤٩٠ / ٥.

(٣) رجال النجاشي : ٣١٥ / ٨٦٢.

(٤) رجال الطوسي : ٣٥٨ / ١.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٧٤٨ / ٨٥٣.

(٦) راجع رجال النجاشي : ٤٢٨ / ١١٤٩ ، ورجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٢.

١١٥

واقفي لم يلق أبا عبد الله (١) ، وهو أعلم بالحال.

والثاني : لا ارتياب فيه ، لأنّ طريق الشيخ إلى علي بن جعفر في المشيخة عن الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر (٢). والعجب من شيخنا في فوائد الكتاب أنّه قال : رواية علي بن جعفر وإن كانت مرسلة هنا لكنها مروية في الفقيه بطريق صحيح.

والثالث : لا ارتياب فيه أيضاً ، لأنّ أبا جعفر هو أحمد بن محمد بن عيسى ، وعلي بن الحكم هو الثقة بتقدير الاشتراك لرواية أحمد عنه كما في النجاشي (٣).

فإن قلت : ما وجه الاعتماد على كون أبا جعفر هو أحمد بن محمد ، فإنّ رواية سعد عن أبي جعفر غيره موجودة ، ففي الكافي في باب مولد الصادق عليه‌السلام سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر محمد بن عمرو بن سعيد (٤).

قلت : قد صرّح العلاّمة في فوائد الخلاصة بما ذكرناه (٥) ، والاعتبار والتتبع في كلام الشيخ يفيد الظن بذلك ، وما ذكرته عن الكافي يوجب الريب في كلام غير الشيخ ، على أنّ ما وقع في الكافي لا يخلو من شي‌ء ذكرته في حاشية التهذيب.

ثم إنّ في سند الرواية هنا نوع نقص ، لأنّ الشيخ رواها في التهذيب‌

__________________

(١) الخلاصة : ٢٤٧ / ١.

(٢) مشيخة الاستبصار ( الاستبصار ٤ ) : ٣٤٠.

(٣) رجال النجاشي : ٢٧٤ / ٧١٨.

(٤) الكافي ١ : ٤٧٥ / ٨.

(٥) الخلاصة : ٢٧١ ، الفائدة الثانية.

١١٦

عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله قال : سألته. (١) ، والنسخ التي رأيتها اشتملت على ما كتبته (٢).

والرابع : موثق تكرّر فيه القول.

المتن :

ما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من بُعد بالنسبة إلى الثاني ، أمّا الأوّل فهو صريح في الاضطرار ، إلاّ أنّه مجمل في محلّه ، إذ يحتمل الاضطرار إليه في اللبس لبرد ونحوه ، أو اضطرّ إليه لعدم وجود غيره ، والشيخ كما ترى حمله على الاضطرار إلى اللبس ، وسيأتي من الشيخ في باب عرق الجنب نقل الرواية بطريق لا ريب فيه (٣).

ومتنه : قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل أجنب في ثوبه ولم يكن معه ثوب غيره قال : « يصلّي فيه فإذا وجد ماءً غسله » (٤).

وغير بعيد أن يكون محمد الحلبي نقل الأمرين ، إذ من المستبعد ( اختلاف المتن ) (٥) بمثل هذا ، فما قاله شيخنا قدس‌سره في فوائد الكتاب : من أنّ الشيخ أورد رواية الحلبي في باب عرق الجنب بسند صحيح ومتنها أوضح ممّا نقله هنا. لا يخلو من شي‌ء.

ثم إنّ مدلول صحيح علي بن جعفر النهي عن الصلاة عارياً ، وبتقدير الحمل على الضرورة فالنهي على حقيقته ، أمّا على تقدير العمل بظاهره‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٢٤ / ٨٨٥ ، الوسائل ٣ : ٤٨٥ أبواب النجاسات ب ٤٥ ح ٦.

(٢) في « فض » : كتبه.

(٣) يأتي في ص ٢٨٦ ٢٨٨.

(٤) التهذيب ١ : ٢٧١ / ٧٩٩ ، الوسائل ٣ : ٤٤٧ أبواب النجاسات ب ٢٧ ح ١١.

(٥) في « رض » : خلاف الأمرين.

١١٧

نظراً إلى عدم صحة المعارض إن لم يثبت توثيق محمد بن عبد الحميد ، فالنهي محمول على غير ظاهره ، إذ الإجماع مدعى على جواز الصلاة عارياً (١) ، وإن كان في مثل هذا الإجماع كلام.

فإن قلت : كيف يدّعى الإجماع والمنقول عن ابن الجنيد لا يوافق ذلك (٢).

قلت : الظاهر أنّ مراد ابن الجنيد بكون الصلاة فيه أحب إليه : الاستحباب ، فلا ينافي جواز الصلاة عارياً وإن احتمل أن يريد بالأحب الفتوى بالتعين. هذا.

وللشيخ في التهذيب بعد نقل الأخبار المذكورة كلام في الجمع لا يخلو من غرابة ، والحاصل منه أنّه جعل وجه الجمع إمّا الحمل على صلاة الجنازة أو على دم السمك في خبر علي بن جعفر (٣) ، ومثل هذا لا ينبغي ذكره في كتب الحديث.

ولعلّ الأولى من الشيخ هنا ، أن يذكر خبر محمد بن علي الحلبي دليلاً على الجمع الذي ذكره ، لأن الظاهر من الضرورة ذلك.

وأمّا إعادة الصلاة فالخبر الذي ذكره دليلاً لو صلح للاعتماد أمكن حمله على مورده من إعادة المتيمم ، وظاهر الشيخ كما ترى إعادة المتيمم وغيره ممّن صلّى في النجس ، وكأنّه لما اعتمد على الأخبار الدالة على عدم إعادة المتيمم ( من حيث هو ) (٤) إلاّ في بعض الصور ، والنص مطلق ، فلا بدّ‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٣٩٨.

(٢) راجع ص ٨١٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٢٤.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض » و « د ».

١١٨

من حمل الإعادة على جهة نجاسة الثوب.

وربما يقال : إنّ الإعادة على الاستحباب في المتيمم ، لمعارضة الأخبار فلا ينحصر الأمر في النجاسة ( أو على الاستحباب من جهة النجاسة ) (١) لكن هذا لا يخلو من إشكال ، لأنّ الكلام بتقدير العمل بالخبر ، ومعه لا معارض له يقتضي الاستحباب. وكون الأمر يقتضي الإجزاء وقد وجد الأمر بالصلاة فيه بل النهي عن الصلاة عارياً لا ينافي ثبوت الإعادة بدليل آخر.

وما قاله في المختلف ـ من الاستدلال لعدم الإعادة بأنّه أتى بالمأمور به على وجهه ـ (٢) لا ريب فيه إذا لم نعمل بالرواية.

والحق أنّ الرواية الثانية عن علي بن جعفر فيها دلالة على عدم وجوب إعادة الصلاة حيث لم يذكر بعد وجود الماء إلاّ غسل الثوب ، فلو كانت الإعادة واجبة لتعيّن ذكرها ، وحينئذ فحمل خبر عمّار على الاستحباب واضح ، والعلاّمة في المختلف تكلّف في الاستدلال على سقوط الإعادة بعد ما نقلناه ، لا حاجة إلى نقله.

قوله :

باب كيفية التيمم‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه سُئل عن التيمم‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) المختلف ١ : ٣٢٨.

١١٩

فتلا هذه الآية : ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) (١) وقال : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) (٢) امسح على كفيك من حيث موضع القطع ، وقال تعالى ( وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) (٣) ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى (٤) ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن الكاهلي ، قال : سألته عن التيمم ، قال : فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ثم مسح كفّيه إحداهما على ظهر الأُخرى.

الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التيمم ، فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته وكفّيه مرّة واحدة.

أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التيمم فقال : « إنّ عماراً أصابته جنابة فتمعّك (٥) كما تتمعّك الدابّة ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يهزأ به يا عمار تمعّكت كما تتمعّك الدابّة » فقلنا له : فكيف التيمم؟ فوضع يديه على الأرض ثم رفعهما فمسح وجهه ويديه فوق الكفّ قليلا.

السند‌ :

في الأوّل : واضح الحال بالإرسال ، والإجماع المنقول في الكشي‌

__________________

(١) المائدة : ٣٨.

(٢) المائدة : ٦.

(٣) مريم : ٦٤.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٨٩ : عيسى.

(٥) تمعك : أي جعل يتمرغ في التراب مجمع البحرين ٥ : ٢٨٨ ( معك ).

١٢٠