إستقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار - ج ٢

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-174-5
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة ترىٰ في المنام ما يرىٰ الرجل ، قال : « إن أنزلت فعليها الغسل ، وإن لم تنزل فليس عليها الغسل » .

السند‌ :

في الأوّل : ظاهر الحال لا ارتياب فيه بعد ما قدّمناه ، إلّا أنّه ينبغي أن يعلم أنّ عمر بن اُذينة الظاهر أنّه عمر بن محمد بن اُذينة كما هو في النجاشي (١) .

والشيخ رحمه‌الله ذكر في أصحاب الصادق عليه‌السلام من كتاب الرجال عمر ابن اُذينة مهملاً (٢) ، وفي أصحاب الكاظم عليه‌السلام قال : عمر بن اُذينة ثقة له كتاب (٣) .

وفي الفهرست : عمر بن اُذينة ثقة له كتاب (٤) .

والكشي قال : ما روي في عمر بن اُذينة (٥) .

وابن داود جعل عمر بن اُذينة غير عمر بن محمد بن اُذينة (٦) .

وكتب جدّي قدس‌سره في بعض فوائده علىٰ كتابه : أنّ الحق أنّهما واحد (٧) ، وأظنّ أنّ كلام ابن داود لا وجه له ، وما قد يتوهم من كلام

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥٢ .

(٢) رجال الطوسي : ٢٥٣ / ٤٨٢ .

(٣) رجال الطوسي : ٣٥٣ / ٨ .

(٤) الفهرست : ١١٣ / ٤٩٢ .

(٥) رجال الكشي ٢ : ٦٢٦ .

(٦) رجال ابن داود : ١٤٤ / ١١١١ و ١٤٦ / ١١٣١ .

(٧) حواشي الشهيد الثاني علىٰ الخلاصة : ٢٠ ( مخطوط ) .

١٦١
 &

النجاشي يدفعه أنّه قال في آخر الطريق إليه : عن عمر بن اُذينة .

واتفق للعلّامة في الخلاصة أنّه نقل عن الكشي أنّه قال : قال حمدويه : سمعت أشياخي منهم العبيدي وغيره أنّ ابن اُذينة كوفي وكان هرب من المهدي ومات باليمن ، فلذلك لم يرو عنه كثير (١) .

وابن طاووس نقل الحكاية وقال : لم يرو عنه كتبه (٢) . والعلّامة كثير التبع لابن طاووس ، فربما احتمل كون لفظ « كثير » تصحيف « كتبه » إلّا أنّ المنقول في كتاب شيخنا ـ سلّمه الله ـ عن الكشي كما في الخلاصة (٣) .

وما قاله في الخلاصة : من أنّ عمر بن اُذينة يقال : اسمه محمد بن عمر بن اُذينة غلب عليه اسم أبيه (٤) . هو قول الشيخ في كتاب الرجال ، فإنّه قال في موضع من رجال الصادق عليه‌السلام : محمد بن عمر بن اُذينة غلب عليه اسم أبيه (٥) .

وفي الثاني : لا يخلو من ارتياب في رواية أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير بغير واسطة كما قدمنا فيه كلاماً أيضاً ، إلّا أنّ الغالب كونها الحسين بن سعيد ، والمرتبة لا تأبىٰ رواية أحمد عن ابن أبي عمير .

ثم إن العدّة التي يروي عنها محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمد ما ذكره العلّامة في الخلاصة نقلاً عن محمد بن يعقوب أنّه قال : والمراد بقولي : عدة من أصحابنا ـ يعني عن أحمد بن محمد بن عيسىٰ ـ هو محمد ابن يحيىٰ ، وعليّ بن موسىٰ الكُميذاني ، وداود بن كورة ، وأحمد بن

__________________

(١) خلاصة العلّامة : ١١٩ / ٢ .

(٢) التحرير الطاووسي : ٤١٨ .

(٣) منهج المقال : ٢٤٩ .

(٤) خلاصة العلّامة : ١١٩ / ٢ .

(٥) رجال الطوسي : ٣٢٢ / ٦٨٢ .

١٦٢
 &

إدريس ، وعليّ بن إبراهيم بن هاشم (١) .

وأنّه قال أيضاً : كلّما ذكرته في كتابي المشار إليه عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي : فهم عليّ بن إبراهيم ، وعليّ بن محمد ابن عبد الله بن اُذينة ، وأحمد بن عبد الله بن اُميّة (٢) ، وعليّ بن الحسن .

وحينئذ فأحمد بن محمد المذكور في الحديث المبحوث إن كان ابن خالد أو ابن عيسىٰ فالحال ما سمعته ، وإن كان الظاهر أنّه ابن عيسىٰ ، وما قاله العلّامة في الخلاصة لم نره في الكافي .

والنجاشي ذكر في ترجمة الكليني ما هذا لفظه : وقال أبو جعفر الكليني : كلما كان في كتابي عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسىٰ فهم (٣) . . . إلىٰ آخر ما قاله العلّامة في ابن عيسىٰ .

نعم في الكافي ، في باب المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه : عدّة من أصحابنا ـ عليّ بن إبراهيم ، ومحمد بن جعفر ، ومحمد بن يحيىٰ ، وعليّ بن محمد بن عبد الله القميّ ، وأحمد بن عبد الله ، وعليّ بن الحسن جميعاً ـ عن أحمد بن محمد بن خالد (٤) ، وفي أول حديث في الكافي عدّة من أصحابنا منهم محمد بن يحيىٰ العطار عن أحمد بن محمد (٥) .

__________________

(١) خلاصة العلّامة : ٢٧١ ، ٢٧٢ .

(٢) في « فض » : زيادة : هكذا في الخلاصة واظنه ابن ابنته أي ابن ابنة أحمد بن محمد بن خالد .

(٣) رجال النجاشي : ٣٧٧ / ١٠٢٦ .

(٤) الكافي ٦ : ١٨٣ / ٥ . إلّا انه قال : عدّة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد . ولم يصرح باسم العدّة . ولكن نقله عن نسخة من الكافي في الوسائل ٢٣ : ٣٧ أبواب العتق ب ١٨ ح ٥ .

(٥) اصول الكافي ١ : ١٠ / ١ .

١٦٣
 &

ولا يبعد أن يكون هذا عاماً لكل عدّة ، إلّا أنّه خاص بأحمد بن محمد بن عيسىٰ علىٰ ما في الخلاصة والنجاشي ، لأنّ محمد بن يحيىٰ ليس في العدّة التي تروي عن أحمد بن محمد بن خالد علىٰ ما سمعته من نقلهما .

المتن :

ما ذكره الشيخ في الأوّل لا يخلو من وجه ، واستدلاله بالخبر الثاني غير محتاج إليه ، لكثرة الأخبار الدالة عليه كما لا يخفىٰ .

اللغة :

قال ابن الأثير في إحكام الأحكام : الاحتلام في الوضع افتعال من الحُلْم بضم الحاء وسكون اللام ، وهو مّا يراه النائم في نومه ، يقال منه حلم واحتلم ، واحتلمت به واحتلمته ، وأمّا في الاستعمال والعرف العام فإنه قد خصّ هذا الوضع اللغوي ببعض ما يراه النائم وهو ما يصحبه إنزال الماء ، فلو رأىٰ غير ذلك لصح أن يقال له احتلم وضعاً ولم يصح عرفاً .

وفي النهاية : الهاء في « هراق » بدل من همزة أراق ، يقال : أراق الماء يريقه وهراقه يهريقه بفتح الهاء ، وقد يقال فيه : أهرقت الماء اُهرقه إهراقاً فيجمع بين البدل والمبدل (١) .

قال :

فأمّا ما رواه الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن نوح بن

__________________

(١) النهاية لابن الاثير ٥ : ٢٦٠ .

١٦٤
 &

شعيب ، عمّن رواه ، عن عبيد بن زرارة قال : قلت له : هل علىٰ المرأة غسل من جنابتها إذا لم يأتها الرجل ؟ قال : « لا ، وأيّكم يرضىٰ أن يرىٰ و (١) يصبر علىٰ ذلك ، أن يرىٰ ابنته أو اُخته أو اُمّه أو زوجته أو أحداً (٢) من قرابته قائمة تغتسل فيقول : ما لك ، فتقول : احتلمت ، وليس لها بعل » ثمّ قال : « لا ليس عليهن ذاك وقد وضع الله ذلك عليكم (٣) ، قال الله تعالىٰ ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) (٤) ولم يقل ذلك لهنّ » .

فهذا خبر مرسل لا يعارض به ما قدّمناه من الأخبار ، ويحتمل أن يكون الوجه فيه ما قدمناه في الخبر الأوّل سواء .

ويزيد ذلك بياناً :

ما رواه أحمد بن محمد ، عن إسماعيل بن سعد الأشعري قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن الرجل يلمس فرج جاريته حتىٰ تنزل الماء من غير أن يباشر ، يعبث بها (٥) بيده [ حتىٰ تنزل ] (٦) قال : « إذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل » .

عنه (٧) ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت الرضا عليه‌السلام

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٠٧ / ٣٥٣ : أو .

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠٧ / ٣٥٣ : واحدة .

(٣) في « فض » و « د » : عنكم ، وفي « رض » : وقد وضع ذلك عنهم ( عنكم ) ، والصحيح ما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٧ / ٣٥٣ .

(٤) المائدة : ٦ .

(٥) ليست في النسخ ، أثبتناها من الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٤ .

(٦) ليست في النسخ ، أثبتناها من الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٤ .

(٧) في الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٥ : وعنه .

١٦٥
 &

عن الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج فتنزل المرأة هل (١) عليها غسل ؟ قال : « نعم » .

الحسين بن سعيد ، عن محمد بن إسماعيل (٢) قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن المرأة ترىٰ في منامها فتنزل أعليها (٣) غسل ؟ قال : « نعم » .

أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة ترىٰ أنّ الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتىٰ تنزل ، قال : « تغتسل » .

السند‌ :

في الأوّل : ـ كما قال الشيخ ـ مرسل ، والإشكال في كلام الشيخ قد تقدم القول فيه ، وينبغي أن يعلم أنّ نوح بن شعيب قد ذكره العلّامة في الخلاصة قائلاً : إنّه البغدادي ، وإنّه من أصحاب أبي جعفر محمد بن عليّ الثاني عليه‌السلام ، ونقل عن الفضل بن شاذان : أنّه كان فقيها (٤) .

وذكر أيضاً نوح بن صالح البغدادي ، قال : وذكر الكشي عن أبي عبد الله الشاذاني ، عن أبي محمد الفضل بن شاذان ما يشهد أنّه من شيعة أهل البيت عليهم‌السلام (٥) .

والذي وجدناه في الكشي صورته : نوح بن صالح البغدادي ، سأل

__________________

(١) ليست في النسخ ، اثبتناها من الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٥ .

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٦ : بن بزيع ، زيادة من « د » .

(٣) في النسخ : عليها ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٦ .

(٤) خلاصة العلّامة : ١٧٤ / ١ .

(٥) خلاصة العلّامة : ١٧٥ / ٢ .

١٦٦
 &

أبو عبد الله الشاذاني أبا محمد الفضل بن شاذان . . . وذكر ما يدل علىٰ أنّه فقيه ، وأنّه يقال له : نوح بن شعيب (١) . وظاهره أنّ ابن صالح هو ابن شعيب ، فالتعدد لا وجه له .

ثم الجزم بأنّ القول من ابن شاذان في نوح بن شعيب ، والحكاية عن أبي عبد الله الشاذاني في ابن صالح غريب ، فإنّ الحكاية واحدة كما ذكرناه ، وأبو عبد الله الشاذاني محمد بن نعيم غير معلوم الحال .

ثم إنّ في كتاب رجال الشيخ في أصحاب الجواد عليه‌السلام ، نوح بن شعيب البغدادي ، ذكر الفضل بن شاذان أنّه كان فقيهاً عالماً صالحا مرضيّاً ، وقيل : إنّه نوح بن صالح (٢) .

وهذا من الشيخ أيضاً لا يخلو من غرابة ، لأنّ الظاهر أنّه من الكشي ، واستفادة ما قاله منه بعيدة ، إلّا أنّ قول الشيخ : « وقيل » لا يلائم قول الكشي ، وكذلك الزيادة الواقعة فيه ، ولعلّه من غير الكشي ، وشيخنا أيّده الله لم يذكر في كتاب الرجال كلام الشيخ (٣) ، فلعلّه ليس في نسخته ، والله تعالىٰ أعلم بالحال .

والثاني : لا ارتياب فيه .

وكذلك الثالث : إلّا أنّ ضمير « عنه » راجع إلىٰ أحمد بن محمد ، وروايته عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قد يحصل فيها نوع شك ، لأنّ الرواية عن الحسين بن سعيد عنه بكثرة كما في الرابع ، إلّا أنّه لا يضر بالحال مع وجود المرتبة ، واحتمال سقوط الحسين بن سعيد لا يضر أيضاً .

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٨٣٢ / ١٠٥٦ .

(٢) رجال الطوسي : ٤٠٨ / ١ .

(٣) منهج المقال : ٣٥٤ .

١٦٧
 &

والخامس : واضح كالرابع .

المتن :

في الأوّل : لا وجه لردّه إلّا بالإرسال ، وما قاله الشيخ : من أنّ الوجه فيه ما قاله في الخبر الأول . لا يحوم حوله التسديد ، بعد صراحة الخبر في المنافي له .

ثمّ إنّ الرواية لا تخلو من تهافت في المتن من حيث ذكر الزوجة ثمّ قوله : « وليس لها بعل » وإن أمكن عود الضمير لغير الزوجة ، إلّا أنّ وقوع مثل هذا من الإمام عليه‌السلام يكاد أن يقطع بنفيه .

ثم قوله : « ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ولم يقل ذلك لهن » لا يخلو من شي‌ء ، إلّا أن يقال في هذا : إنّ وجوب غسل الجنابة علىٰ المرأة بالإجماع لا من القرآن .

وما تضمنه الخبر الثاني من قوله : « إن أنزلت من شهوة » فقد قدّمنا فيه القول من حيث الاكتفاء بالشهوة .

وقول السائل في الخبر الثالث : فيما دون الفرج . يحتمل أن يراد به ما يعمّ الدبر ، إلّا أنّ كلام السائل ( لا يفيد حكماً ) (١) ولا تقرير الإمام عليه‌السلام في مثل هذا ، كما يعرف بالتأمّل في الحديث حق التأمّل .

اللغة :

قال في النهاية في حديث أبي جعفر الأنصاري : فملأت ما بين

__________________

(١) في « رض » : لا يعتد به .

١٦٨
 &

فروجي ، جمع فرج ، وهو ما بين الرِّجلين ، إلىٰ أن قال : وبه سمي فرج الرجل والمرأة ، لأنهما بين الرِّجلين (١) .

وقال في كتاب إحكام الأحكام : إنّ صيغة الفرج لها وضعان لغوي وعرفي ، فأمّا اللغوي فهو مأخوذ من الانفراج فعلىٰ هذا يدخل فيه الدبر ، وأمّا العرفي فالغالب استعماله في القبل من الرجل والمرأة .

وفي القاموس : الفرج العورة (٢) .

إذا عرفت هذا فما وقع في بعض هذه الأخبار من الفرج لا يبعد أن يكون المراد به القبل إلّا أنّ باب الاحتمال واسع ، وستظهر فائدة الخلاف فيما يأتي إن شاء الله تعالىٰ .

قال :

باب أن التقاء الختانين يوجب الغسل

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيىٰ ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيىٰ ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته متىٰ يجب (٣) الغسل علىٰ الرجل والمرأة ؟ فقال : « إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم » .

وبهذا الإسناد عن محمد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسىٰ ، عن محمد بن إسماعيل قال : سألت‌

__________________

(١) النهاية لابن الأثير ٣ : ٤٢٣ ( فرج ) .

(٢) القاموس المحيط ١ : ٢٠٩ ( فرج ) .

(٣) في الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٨ : يوجب .

١٦٩
 &

الرضا عليه‌السلام عن الرجل يجامع المرأة قريباً من الفرج فلا ينزلان متىٰ يجب الغسل ؟ فقال : « إذا التقىٰ الختانان فقد وجب الغسل » فقلت (١) : التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة ؟ قال : « نعم » .

وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين بن علي ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها أعليها غسل ؟ قال : « إذا وضع الختان علىٰ الختان فقد وجب الغسل ، البكر وغير البكر » .

السند‌ :

في الجميع واضح بعد ما قدمناه .

المتن :

في الأوّل : كما ترىٰ ظاهره أنّ الإدخال موجب للثلاثة المذكورة ، وهو متناول للقبل والدبر ، إلّا أن يقال بالانصراف إلىٰ القبل ، أو يخصّ بغيره ، كما في الخبر الثاني ، فإنّ التقاء الختانين لا يتصور في غير القبل ، وقول السائل : التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة . وإن احتمل أن يكون المراد به أنّ هذا اللفظ علم علىٰ غيبوبة الحشفة سواء كان في القبل أو الدبر ، إلّا أنّ ظهور إرادة كون مجرّد الالتقاء غير كاف في وجوب الغسل بل لا بد من الغيبوبة في القبل لا ريب فيه .

وما تضمنه الخبر الثالث : من أنّ مجرد الوضع كاف في وجوب الغسل لا يخلو من منافاةٍ للخبرين الأوّلين ، فالعجب من عدم تعرّض الشيخ

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٠٩ / ٣٥٩ : قلت .

١٧٠
 &

له ، سيّما وفي الحديث « البكر » والغيبوبة فيها غير ظاهرة إلّا علىٰ احتمال .

وأعجب من ذلك قول بعض محققي المتأخرين : إنّ قوله في الحديث : لا يفضي إليها . إمّا بمعنىٰ لا يولجه بأجمعه ، أو بمعنىٰ أنّه لا ينزل (١) . فليتأملّ .

نعم احتمال إرادة عدم إدخال الجميع لها وجه وإن بَعُد ، لضرورة الجمع ، وعدم العلم بالقائل بمضمونه .

ثم قوله عليه‌السلام : « البكر وغير البكر » محذوف الخبر : أي سواء .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلّامة في المختلف استدل بالأخبار المذكورة علىٰ أن الغسل واجب لنفسه ، قال : وتقرير الاستدلال من وجهين : الأوّل : أنّه علّق وجوب الغسل بالإدخال فلا يكون معلّقاً بغيره ، وإلّا لم يكن معلّقاً علىٰ مطلق الإدخال .

الثاني : أنّه علّق وجوب المهر والرجم علىٰ الإدخال ، ولا خلاف في أنّهما غير مشروطين بشرط عبادة من العبادات ، وكذا الغسل قضيةً للعطف (٢) . انتهىٰ .

وقد يقال علىٰ الأول : إنّ ما قاله حق إذا لم يوجد المعارض والحال أنّه موجود ، وهو ما استدل به لابن إدريس من رواية عبد الله بن يحيىٰ الكاهلي الموصوفة بالصحة منه ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة يجامعها الرجل فتحيض في المغتسل فتغتسل أم لا ؟ قال : « قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل » (٣) .

__________________

(١) هو الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٣٨ .

(٢) المختلف ١ : ١٦٠ .

(٣) المختلف ١ : ١٦١ .

١٧١
 &

وجواب العلّامة عن الرواية : بأنّ الغسل إنّما يجب إذا كان رافعاً للحدث ، وهو غير متحقق في الحائض فلا يجب عليها (١) . محل نظر ، لأنّه قرّر أوّل المسألة في تحرير محل الخلاف : أنّ الجنب إذا خلا من عبادة تجب فيها الطهارة كالطواف والصلاة الواجبين ومسّ كتابة القرآن وقراءة العزائم الواجبين ودخول المساجد الواجب إذا أوقع الغسل هل يوقعه علىٰ جهة الوجوب أو الندب ، ثم قال : والأقرب الأول (٢) .

وهذا الكلام وإن ظن منه ـ حيث قيّد بالواجب في الجميع ـ أنّ اعتبار الندب من العبادة لا بد منه ، إلّا أنّه لا دليل علىٰ اعتباره علىٰ القول بالوجوب لنفسه .

وحينئذ نقول : إنّ اعتبار رفع الحدث إن أراد به رفع الحدث المانع من استباحة الصلاة ونحوها المندوبة فهو مطالب بدليله علىٰ تقدير الوجوب لنفسه ، وإن أراد به رفع الحدث من حيث هو فكذلك .

فإن قلت : لا معنىٰ لوجوب الغسل إلّا هذا .

قلت : أيّ مانع من كون الغسل واجبا من حيث هو ، كما في غسل المسّ علىٰ القول بأنّ المسّ غير ناقض ، وكالغسل المندوب في الجمعة والإحرام ، وحينئذ فإذا دل الخبر علىٰ عدم الوجوب لنفسه أمكن حمل الأخبار علىٰ الوجوب إذا حصل المشروط به ، وكون المهر والرجم‌ لا يتوقف علىٰ مشروط بهما بالإجماع هو الذي أخرجهما .

وما قد يقال : إنّ الرجم يتوقف علىٰ ثبوت الحدود مع عدم ظهور الإمام عليه‌السلام ، والخلاف واقع في ذلك ، قد يجاب عنه بأنّ الوجوب

__________________

(١) المختلف ١ : ١٦١ .

(٢) المختلف ١ : ١٥٩ .

١٧٢
 &

لا يتوقف بالإجماع ، نعم الفعل يتوقف علىٰ الخلاف .

ويمكن أن يقال نحو ذلك في الغسل ، فإنّه يجب بمجرّد الإدخال ، لكن الفعل مشروط بالصلاة كما في نفس الصلاة ، فإنّ الشروط لفعلها غير الشروط لوجوبها ، إلّا أنّ للكلام مجالاً في المقام .

هذا علىٰ تقدير صحة الخبر المذكور من العلّامة ، وإلّا ففي الصحة بحث ، علىٰ أنّه ربما يقال ـ بتقدير الصحة ـ : إنّها محتملة لأن يراد أنّ المرأة قد جاءها ما يفسد الصلاة التي هي أعظم الواجبات ، فغسل الجنابة الذي واجب أدنىٰ يفسد بطريق أولىٰ ، فليتأملّ .

أمّا ما استدل به ابن إدريس من الآية الشريفة علىٰ ما حكاه العلّامة موجّهاً له بأنّه سبحانه عطف الجملة علىٰ جملة الوضوء فتشتركان في الحكم و( لمّا لم يجب الوضوء لغير الصلاة فكذا الغسل ، [ وجواب ] (١) العلّامة عنه : بمنع المساواة في الحكم في ) (٢) عطف الجمل بعضها علىٰ بعض ، سلّمنا لكن الآية تدلّ علىٰ وجوب الغسل عند إرادة الصلاة ولا تنفي الوجوب عند عدم الإرادة (٣) .

فلي (٤) فيه بحث : أمّا أوّلاً : فلأنّه إن اُريد بعطف الجملة علىٰ الجملة أن الجملة ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا ) معطوفة علىٰ جملة ( إِذا قُمْتُمْ ) فلا وجه للمشاركة في إرادة الصلاة إلّا علىٰ احتمال لا يخلو من تكلّف ، بل أظنّ عدم القائل به ؛ وإن اُريد أن جملة ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا ) معطوفة علىٰ جملة

__________________

(١) في النسخ : فجواب ، غيرناه لاستقامة العبارة .

(٢) ما بين القوسين ساقط من « رض » .

(٣) المختلف ١ : ١٦١ .

(٤) في « فض » : ولي .

١٧٣
 &

( فَاغْسِلُوا ) فالمشاركة في الحكم المتوقفة عليه الاُولىٰ لا وجه لمنعه ، وحينئذ فمنع العلّامة المساواة في الحكم علىٰ الإطلاق غير تام ، بل الأولىٰ تفصيل ما قلناه .

ولا يبعد أن يدعىٰ ظهور العطف علىٰ جملة ( فَاغْسِلُوا ) ويكون هو مراد ابن إدريس ؛ لأنّ جملة ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضىٰ . . . ) معطوفة علىٰ جملة ( فَاغْسِلُوا ) من حيث إنّ المعروف بين الأصحاب كون التيمم يجب لغيره ، ولولا الاتحاد في الحكم مع الوضوء لم يتم ذلك ، وعلىٰ هذا فتوافق [ الجُمَل ] (١) يقتضي المشاركة في الغسل .

وما قد يقال : إنّ التيمم فيه الخلاف أيضا ، كما حكاه الشهيد في الذكرىٰ علىٰ ما نقله شيخنا قدس‌سره من أنّ الطهارات كلها واجبة لأنفسها عند بعض (٢) .

يمكن الجواب عنه باحتمال أن يوجد القائل بالعطف علىٰ جملة ( إِذا قُمْتُمْ ) وكلامنا علىٰ تقدير القول بوجوب التيمم لغيره ، فإنّه لا بد أن يقال في الآية بالعطف علىٰ جملة ( فَاغْسِلُوا ) إلّا أن يقال : إنّ العطف علىٰ جملة ( إِذا قُمْتُمْ ) ممكن والدليل خص التيمم بدخول الوقت ، وتكون الآية من قبيل المجمل بسبب العطف المذكور ، وبيانها من غيرها ، والقائل بكون الطهارات واجبة لأنفسها لا بد له في آية الوضوء من التوجيه فله أن يقول مثله في التيمم ، فليتأملّ .

وأمّا ثانياً : فما ذكره العلّامة من تسليم كون الآية تدل علىٰ وجوب الغسل عند إرادة الصلاة . . . ففيه : أنّ التسليم إن كان مع عطف جملة ( وَإِنْ

__________________

(١) في النسخ : الحمل ، والظاهر ما أثبتناه .

(٢) مدارك الأحكام ١ : ١٠ ، وهو في الذكرىٰ ١ : ١٩٦ .

١٧٤
 &

كُنْتُمْ ) علىٰ قوله : ( إِذا قُمْتُمْ ) فالوجه فيه غير ظاهر ، بل علىٰ ( توجه الإجمال الذي أشرنا إليه و ) (١) عدم معلومية القائل به في عطف الجمل ، ومثله يشكل الحكم به ، وبتقدير القول به فآية الوضوء تدل بمفهوم الشرط علىٰ نفي الضوء عند عدم إرادة الصلاة ، ومثله يقال في الغسل ، فإنّ مفهوم الشرط حجّة عند العلّامة ، فقوله : إنّه لا ينفي الوجوب . محل بحث .

إلّا أن يقال : إنّ مفهوم الشرط حجّة إذا لم يعارضه المنطوق ( وما دل علىٰ وجوب الغسل بمجرد الإدخال معارض له .

وفيه : أنّ المفهوم بتقدير الحجية إذا تعارض مع المنطوق ) (٢) يرجح المنطوق عليه إذا لم يكن للمنطوق معارض ، والحال أنّا قد ذكرنا المعارض له ، وهو الخبر المحكوم بصحته عند المصنف ، فلا يتم القول منه ، نعم من لا يقول بصحّة الخبر يمكنه توجيه الاستدلال .

وما قاله في المختلف : من أنّه ذكر المسألة في المنتهىٰ مطولة (٣) . لم أقف عليه ، وإنّما ذكرت ما خطر في البال ، إلىٰ أن يوفّق الله سبحانه لرؤية ما ذكره .

أمّا استدلاله في المختلف (٤) علىٰ الوجوب لنفسه بصحيح زرارة عن الباقر عليه‌السلام إنّه قال : « جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل ؟ فقالت الأنصار : الماء من الماء ، وقال المهاجرون : إذا التقىٰ الختانان فقد وجب الغسل ، فقال عمر

__________________

(١) في « رض » : الاحتمال الذي أشرنا إلىٰ ، وفي « فض » الإجمال الذي أشرنا إليه في .

(٢) ما بين القوسين ساقط من « فض » .

(٣) المختلف ١ : ١٦٢ .

(٤) المختلف ١ : ١٦٠ .

١٧٥
 &

لعليّ عليه‌السلام : ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال عليّ عليه‌السلام : أتوجبون عليه الرجم والحدّ ولا توجبون عليه صاعاً من ماء ، إذا التقىٰ الختانان فقد وجب الغسل » (١) .

ثمّ قال العلّامة : ووجه الاستدلال أنّه عليه‌السلام أنكر إيجاب الحدّ والرجم ونفي إيجاب الغسل بأنّ إيجاب أصعب العقوبتين يقتضي إيجاب أسهلهما ، ولمّا كان إيجاب الأصعب غير مشروط بعبادة فكذلك وجوب الأدنىٰ (٢) .

ففيه : أنّه لا يخرج عن الكلام الذي قلناه في استدلاله بحديث : « إذا التقىٰ الختانان فقد وجب الغسل » وإن كان ظاهر قول عليّ عليه‌السلام الإيجاب علىٰ الإطلاق ، إلّا أنّ الخلاف الواقع بين المهاجرين والأنصار لم يعلم أنّه علىٰ الإطلاق أو حال وجوب العبادة ، وكلام عليّ عليه‌السلام تابع لذلك ، فالاستدلال به محل كلام .

وللعلّامة استدلال بوجهين آخرين : أحدهما قوله عليه‌السلام : « إنّما الماء من الماء » (٣) (٤) وفيه نحو ما قدّمناه .

وثانيهما لا يصلح أن يذكر ، بل العجب من وقوع مثله من مثله ، كما يعرف من راجع كلامه . والله تعالىٰ أعلم بحقيقة الأحوال .

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ١١٩ / ٣١٤ ، الوسائل ٢ : ١٨٤ أبواب الجنابة ب ٦ ح ٥ .

(٢) المختلف ١ : ١٦٠ بتفاوت يسير .

(٣) مسند أحمد ٣ : ٢٩ ، صحيح مسلم ١ : ٢١٩ / ٨١ ، سنن أبي داود ١ : ٥٦ / ٢١٧ .

(٤) المختلف ١ : ١٦٠ .

١٧٦
 &

عن عنبسة بن مصعب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان عليّ عليه‌السلام لا يرىٰ في شي‌ء الغسل إلّا في الماء الأكبر » .

فالوجه في هذا الخبر أنّه إذا لم يلتق الختانان لا يجب الغسل إلّا في الماء الأكبر ، لأنّه ربما رأىٰ الرجل في النوم أنّه جامع فلا يرىٰ إذا انتبه شيئاً فلا يجب عليه الغسل إلّا إذا انتبه ورأىٰ الماء .

يدل علىٰ ذلك [ من ] (١) أنّه مخصوص بهذه الحال :

ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيىٰ ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يرىٰ في المنام حتىٰ يجد الشهوة وهو يرىٰ أنّه قد احتلم ، فإذا استيقظ لم ير في ثوبه الماء ولا في جسده ، قال : « ليس عليه الغسل » وقال : « كان عليّ عليه‌السلام : إنّما الغسل من الماء الأكبر ، فإذا رأىٰ في منامه ولم ير الماء الأكبر فليس عليه غسل » .

السند‌ :

في الأوّل : ليس فيه ارتياب إلّا من جهة أبان ، والّذي قال : إنّه كان ناووسيّاً (٢) ، عليّ بن الحسن بن فضال (٣) ، وهو فطحيّ ثقة ، فمن يعمل بالموثق يلتزم بأن أبان ناووسيّ ثقة ، فحديثه من الموثق ويلزمه العمل به ،

__________________

(١) أضفناه من الاستبصار .

(٢) النّاووسية فرقة قالت : إنّ جعفر بن محمد عليه‌السلام حيّ لم يمت ولا يموت حتىٰ يظهر ويلي أمر النّاس وهو القائم المهدي ، سميت بذلك لرئيس كان لهم يقال له : فلان بن الناووس . المقالات والفرق : ٧٩ ، ورجال الكشي ٢ : ٦٥٩ .

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٤٠ .

١٧٧
 &

مضافاً إلىٰ تأييد الإجماع علىٰ تصحيح ما يصح عنه ، كما نقله الكشي (١) ، ومن لم يعمل بالموثق فليس أبان بداخل في ما قيل فيه .

وما يوجد في كلام بعض المتأخّرين من تصحيح حديث أبان للإجماع علىٰ تصحيح ما يصح عنه مع عمله بالموثق (٢) ، لا يخلو من خروج عن اصطلاح المتأخّرين في تصحيح الأحاديث ، والوالد قدس‌سره لا يعمل بالموثق واتفق له ما يوجب الإشكال في كلامه كما نبّهنا عليه في مواضع ممّا كتبناه .

وأمّا عنبسة بن مصعب : فقد قال الكشي نقلاً عن حمدويه : إنّه ناووسي واقفي (٣) ، وذكر في رواية عن عليّ بن الحكم ، عن منصور بن يونس ، عن عنبسة بن مصعب إلىٰ آخر الرواية (٤) ، والشيخ في التهذيب في باب الأذان روىٰ عن منصور بن يونس ، عن عنبسة العابد (٥) ، وعنبسة العابد هو ابن بجاد علىٰ قول النجاشي ، وهو ثقة وكان قاضياً كما ذكره النجاشي أيضا (٦) .

والكشي نقل عن حمدويه عن أشياخه أنّ ابن بجاد كان خيراً فاضلاً (٧) ، وعلىٰ مقتضىٰ ما قدمناه الاتحاد ، إلّا أن يقال بجواز رواية منصور‌

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣ / ٧٠٥ .

(٢) مدارك الأحكام ١ : ٢٦٦ .

(٣) أي وقف علىٰ أبي عبد الله عليه‌السلام ، وليس بمعناه المصطلح . رجال الكشي ٢ : ٦٥٩ .

(٤) رجال الكشي ٢ : ٦٥٩ .

(٥) لم نعثر عليها في باب الأذان ، وهي موجودة في باب المواقيت من التهذيب ٢ : ٢٧٥ / ١٠٩٣ ، الوسائل ٤ : ٢٧٥ أبواب المواقيت ب ٥٧ ح ٢ .

(٦) رجال النجاشي : ٣٠٢ / ٨٢٢ .

(٧) رجال الكشي ٢ : ٦٧٠ / ٦٩٧ .

١٧٨
 &

ابن يونس عن الرجلين ، وهو غير بعيد ، أو الوهم من الشيخ في الرواية أو من الكشي ، وعلىٰ كل حال فعنبسة بن مصعب مع القول بالوقف فيه لا يكون حديثه من الصحيح ، إلّا علىٰ تقدير تقديم قول النجاشي الذي ظاهره التوثيق من غير ذكر الوقف والحكم بالاتحاد ، والإشكال فيه واضح .

فما في كلام شيخنا قدس‌سره من أن الشيخ روىٰ في الصحيح عن عنبسة ابن مصعب (١) ، محل كلام ، إلّا أن تكون الصحة إضافية ، وقد قدّمنا فيه قولا (٢) ، والإعادة لأمر ما غير خفي .

والثاني : فيه الحسين بن أبي العلاء ، ولا أعلم إلّا كونه ممدوحاً بتقدير استفادته من قولهم : إنّه أوجه من أخويه (٣) ، وثقة أحد الأخوين (٤) في استفادة توثيقه منها تأمّل ، وكذلك من توثيق ابن طاووس له في البشرىٰ ، وقد تقدم أيضاً (٥) .

وعليّ بن الحكم لا ارتياب فيه بعد رواية أحمد بن محمد بن عيسىٰ عنه ، والظاهر أنّ أحمد هو المذكور لا ابن خالد ليتوجه نوع سؤال .

المتن :

ما قاله الشيخ في الأوّل واستدلاله بالثاني لا يخلو من تأملّ ، لأنّ حاصل كلامه القول بخروج وجوب الغسل إذا التقىٰ الختانان ، وخصوص هذا الخبر بمن رأىٰ في النوم وانتبه فلم ير شيئاً ، فإن أراد به ثبوت‌

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ٢٦٦ .

(٢) راجع ج ١ : ١٢٢ .

(٣) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٧ .

(٤) رجال النجاشي : ٢٤٦ / ٦٤٧ .

(٥) راجع ج ١ : ١٥٢ ـ ١٥٣ .

١٧٩
 &

مخصّص لما قاله ، ففيه : أنّ بيان صحة الحصر (١) هي المهمة ، وإن أراد أن الحصر إضافيّ بالنسبة إلىٰ غير الماء الأكبر من مثل المذي فهو صحيح إلّا أنّه لا يلائم الاختصاص بمن رأىٰ في النوم ، فأنّ الماء الأكبر يتحقق فيه الحصر بمن ذكره وغيره ، والخبر المستدل به لا يدل علىٰ الحصر بل هو في الحصر المذكور في كلام عليّ عليه‌السلام .

فإن قلت : أيّ فرق بين عدم الدلالة علىٰ الحصر والدخول في الحصر ؟ .

قلت : الفرق ظاهر ، فإنّ مقتضىٰ قول الشيخ أنّ كلام عليّ عليه‌السلام خاص بمورد الرواية المذكورة للاستدلال من الشيخ ، والحال أنّ الرواية من جملة أفراد مدلول الحصر ، كما يعرف بأيسر نظر في الرواية .

وبالجملة : فالأولىٰ أن يقال : إنّ الحصر إضافي بالنسبة إلىٰ غير الماء الأكبر من المذي ونحوه ، وحينئذٍ لا يضر بالحال ، وقد قدّمنا القول في كلام عليّ عليه‌السلام (٢) فيما سبق ، فليتأمّل .

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل احتلم فلما انتبه وجد بللاً قليلاً ، قال : « ليس بشي‌ء إلّا أن يكون مريضاً فإنّه يضعف فعليه الغسل » .

فلا ينافي الخبر الأوّل أنّ الغسل يجب من الماء الأكبر ، لأنّه لا يمتنع أن يكون هذا الماء هو الماء الأكبر إلّا أنّه يخرج ( قليلاً من

__________________

(١) في « رض » : الخبر .

(٢) في ص ٦٣ ـ ٦٤ .

١٨٠