غاية الأمر أنّه يتوجه علىٰ الشيخ أنّ الحديث المفصّل دل علىٰ بيان الأغسال المسنونة ، وخصّ من بينها الجنابة بالفريضة ، فإخراج غسل من مسّ ميتاً إلىٰ الوجوب محل كلام .
ويجاب : بأن الأخبار الدالة علىٰ وجوب غسل المسّ هي المخرجة ، كما أنّ الأخبار الدالة علىٰ عدم وجوب غسل الإحرام عند الشيخ أدخلته في المسنون بمعنىٰ (١) المستحب .
وإنّما يبقىٰ سؤال اختصاص غسل الإحرام باسم الفرض مع كونه مستحباً ، وجواب الشيخ بأنّ ثوابه ثواب الفرض محل كلام ، إذ المستحب مستبعد بلوغه مرتبة الواجب ، ولعل الاستبعاد يندفع بوجود الدليل عليه ، إلّا أنّ إثباته من مجرد تسميته فريضة مشكل ، لجواز إرادة زيادة الثواب عن غيره من المستحبات وإن لم يصل إلىٰ حدّ الواجب ، إلّا أن يقال : إنّ إطلاق الفرض عليه يقتضي المساواة ، وفيه ما فيه .
ثم إنّ إطلاق الفرض علىٰ غسل من مسّ ميتاً يراد به الوجوب ، وحينئذ قد يستبعد استعمال الفرض في معاني مختلفة في بعضها حقيقة وبعضها مجاز .
ويدفعه أنّ الممنوع ( منه ) (٢) إرادة الحقيقة والمجاز من لفظ واحد ، علىٰ أنّ المنع ليس علىٰ الإطلاق أيضاً كما حقق في الاُصول .
وما عساه يقال : إنّ استعمال اللفظ الموهم لغير ما هو مطلوب منه ينافي الحكمة .
يمكن الجواب عنه : بأنّه من قبيل المجمل ، وتأخير البيان عن وقت
__________________
(١) في « رض » : يعني .
(٢) ليس في « رض » .