جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٦

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٦

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٤

فإن فسخ بعد الأخذ فالمشفوع للمشتري ، وإن فسخ قبله فلا حق للبائع ، وفي المشتري إشكال.

______________________________________________________

يأخذ بالشفعة ، وذلك في صورة ما إذا اشتمل البيع الأول على خيار فللمشتري الأول ـ وهو الذي اشتمل بيعه على الخيار ـ الأخذ بالشفعة ، لأنه شريك حقيقة وإن كان بيعه مشتملا على خيار ، إذ لا منافاة بين ثبوت الخيار وكونه مالكا المقتضي لكونه شريكا.

قوله : ( فإن فسخ بعد الأخذ فالمشفوع للمشتري ، وإن فسخ قبله فلا حق للبائع ، وفي المشتري إشكال ).

أما إذا فسخ صاحب الخيار بعد الأخذ فوجه كون المشفوع للمشتري انه في وقت الأخذ كان شريكا فاستحق الشفعة ، فلما أخذ عن استحقاق وصار مالكا حقيقة فلا يضر طروء الفسخ المزيل للملك كما لو زال بسبب آخر ، وأما إذا كان الفسخ قبل الأخذ فوجه عدم استحقاق البائع ـ اعني البائع الأول الذي عاد اليه الملك بالفسخ ـ أنه لم يكن شريكا في وقت البيع الثاني ، وشرط الاستحقاق للشفعة ثبوت الشركة في وقت البيع.

وهل يستحق المشتري؟ ـ يعني المشتري الأول وهو الذي فسخ بيعه ـ إشكال ينشأ : من سبق ثبوته والأصل بقاؤه ، ومن زوال سبب الاستحقاق قبل الأخذ فيزول الاستحقاق ، وهو الأصح.

فعلى هذا يشترط لثبوت الشفعة كونه شريكا وقت البيع ووقت الأخذ ، فلو باع الشريك استحقاقه بعد بيع شريكه لم يستحق شفعة ولو كان جاهلا ، وسيأتي إن شاء الله تعالى أن فيه وجهين.

واعلم أن عبارة المصنف تشعر بأن استحقاق الشفعة للمشتري الأول مع الخيار إنما هو حيث يكون الخيار للبائع ، إذ العطف ، بـ ( ان ) الوصلية يقتضي أن يكون هذا هو الفرد الأخفى ، مع أن ثبوت الشفعة إذا كان الخيار للمشتري‌

٣٦١

الفصل الثاني : في الآخذ والمأخوذ منه.

أما الأخذ : فكل شريك متحد بحصة مشاعة قادر على الثمن ، فلا تثبت لغير الشريك الواحد على رأي ،

______________________________________________________

أخفى ، خصوصا إذا طرأ الفسخ من قبله.

وأما أن لا يكون العطف صحيحا ، أو يكون المراد عدم ثبوت الشفعة للمشتري إذا كان له خيار ، والظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الخيار له أو لا ، وعلى قول الشيخ بعدم انتقال المبيع إلا بعد انقضاء خيار البائع (١) فيجب أن يكون الخيار له لبقاء الشركة ولو فسخ فأولى.

قوله : ( فكل شريك متحد بحصة مشاعة قادر على الثمن ، فلا تثبت لغير الشريك الواحد على رأي ).

هذا هو المشهور وكاد يكون إجماعا ، وادعاه ابن إدريس (٢) ، وتدل عليه صحيحة ابن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام : « لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يتقاسما ، فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة » (٣).

وقال ابن الجنيد (٤) ، والصدوق بثبوتها مع الكثرة (٥) ، لروايات‌

__________________

(١) المبسوط ٣ : ١٢٣.

(٢) السرائر : ٢٥٠.

(٣) الكافي ٥ : ٢٨١ حديث ٧ : التهذيب ٧ : ١٦٤ حديث ٧٢٩ ، الاستبصار ٣ : ١١٦ حديث ٤١٢.

(٤) المختلف : ٤٠٣.

(٥) الفقيه ٣ : ٤٦ ، علما بان الصدوق فصل حيث شرط الشفعة بين شريكين في الحيوان خاصة ، وأما في غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء وان كانوا أكثر من اثنين.

وقال في المفتاح ٦ : ٣٣١ : وقد نسب إليهما معا ثبوتها مع الكثرة من دون تفصيل : أبو العباس في المقتصر والمهذب ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد وغيرهما. وحكى المصنف في المختلف وولده عن ابي علي ثبوتها مع الكثرة ، وحكيا عن الصدوق في الفقيه التفصيل المذكور.

٣٦٢

ولا للعاجز ، ولا المماطل والهارب.

______________________________________________________

ضعيفة (١) ، لا تنهض حجة مع معارضتها بأقوى منها ، والمذهب الأول.

قوله : ( ولا للعاجز ولا المماطل والهارب ).

اشتراط القدرة على الثمن يقتضي أن لا شفعة للعاجز ، ويتحقق العجز باعترافه ، وهل يتحقق بفقره وإعساره؟ فيه نظر : لإمكان أن يحصله بقرض ونحوه فينتظر به الثلاثة.

والمراد بـ ( المماطل ) : القادر على الأداء ولا يؤدي ، وهل يتحقق كونه مماطلا قبل الثلاثة؟ ظاهر إطلاقهم يقتضي ذلك ، ولإشعار رواية ابن مهزيار عن الجواد عليه‌السلام : بانتظاره ثلاثة أيام حيث لم ينض الثمن (٢).

أما الهارب فإن كان قبل الأخذ فلا شفعة له ، وإن بعده فللمشتري الفسخ ، ولا يتوقف على الحاكم كما صرح به في التحرير (٣) ، لعموم : « لا ضرر ولا ضرار » (٤) ، ولأن الأخذ لما كان مبنيا على القهر لم يلزم المشتري حكمه ، بخلاف ما إذا هرب المشتري عن أداء ثمن المبيع.

وإن قيل : من اين دخل المماطل والهارب في مفهوم المخالفة في قوله : ( قادر على الثمن )؟

قلنا : باعتبار المقصود من القدرة ، وهو بذل الثمن ، إذ لا أثر للقدرة المجردة ، فعبّر عن المسبب بالسبب ، والمراد بالثمن هنا : المثل أو القيمة كما لا يخفى.

__________________

(١) انظر : الفقيه : ٣ : ٤٥ حديث ١٥٥ ، ١٥٦.

(٢) التهذيب ٧ : ١٦٧ حديث ٧٣٩.

(٣) تحرير الأحكام ٢ : ١٤٥.

(٤) الكافي ٥ : ٢٩٢ حديث ٢ : الفقيه ٣ : ٤٥ حديث ١٥٤ ، التهذيب ٧ : ١٦٤ حديث ٧٢٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ حديث ٢٣٤٠ ، ٢٣٤١ ، مسند أحمد ١ : ٣١٣ و ٥ : ٣٢٧ ، سنن الدار قطني ٤ : ٢٢٧ حديث ٨٣.

٣٦٣

فإن ادّعى غيبة الثمن أجّل ثلاثة أيام ، فإن أحضره وإلاّ بطلت شفعته بعدها.

ولو ذكر أنه في بلد آخر أجل بقدر وصوله منه وثلاثة أيام بعده ما لم يستضر المشتري.

______________________________________________________

قوله : ( فإن أحضره وإلا بطلت شفعته بعدها ).

أي : إن أحضر الثمن على رأس الثلاثة فهو أحق ، وإلا بطلت شفعته بعد مضيها إن لم يكن أخذ ، فإن أخذ فللمشتري الفسخ.

ثم إن ابتداء الثلاثة من حين البيع أم من حين علمه به؟ ظاهر الرواية تشعر بالثاني ، لأن فيها : فذهب على أن يحضر المال فلم ينض ، فقال عليه‌السلام : « إن كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة أيام » (١). فإن المتبادر من ذلك انتظار ثلاثة أيام من حين ذهابه لإحضار المال ، وذهابه لذلك واجب على الفور كما كان أخذه فوريا من حين العلم ، وتعتبر الثلاثة ملفقة ولو وقع البيع في خلال اليوم.

وهل تعتبر الليالي بحيث يلفق ثلاثة أيام وثلاثة ليال؟ لا تصريح بذلك ، ولو قلنا : إن مسمى اليوم شامل لليلة اعتبرت ، نعم لو وقع البيع أول الليل فالليالي داخلة هنا تبعا.

قوله : ( ولو ذكر أنه في بلد آخر أجّل بقدر وصوله ... ).

أي : لو ذكر الشفيع أن الثمن في بلد آخر أجّل مقدار ما يسافر الى تلك البلدة ويعود ، ملحوظا في ذلك حصول الرفيق إن احتيج إليه عادة والظاهر أنه لا يجب عليه استئجار الرفقاء لذلك بل ينتظر حصولهم كما هو المستمر في العادة.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ١٦٧ حديث ٧٣٩.

٣٦٤

فإن كان المشتري مسلما اشترط في الشفيع الإسلام وإن اشتراه من ذمي ، وإلاّ فلا.

وللأب وإن علا الشفعة على الصغير والمجنون وإن كان هو المشتري لهما ، أو البائع عنهما على اشكال ،

______________________________________________________

وهل يستثني له وقت تكون فيه في ذلك البلدة زيادة؟ الظاهر لا ، لاندفاع الحاجة بالثلاثة الأيام ، وهذا إذا لم يتضرر المشتري بالصبر ، ويتحقق تضرره بطول المسافة بما لم تجر العادة بمثله ، فحينئذ إنما يثبت التأجيل بما ذكر إذا لم يلزم طول كثير لم تجرد العادة بمثله ، كسفر من العراق الى الشام ، ونحو ذلك والمحكم في ذلك العرف.

قوله : ( فإن كان المشتري مسلما اشترط في الشفيع الإسلام وإن اشتراه من ذمي ، وإلاّ فلا ).

لما كان الشفيع إنما يأخذ من المشتري اشترط إسلام الشفيع إن كان المشتري مسلما : لأن الشفعة حق قهري فلا تثبت للكافر على المسلم لقوله تعالى ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (١) سواء كان البائع مسلما أو ذميا ، وإن لم يكن المشتري مسلما لم يشترط إسلام الشفيع وإن كان البائع مسلما.

قوله : ( وللأب وإن علا الشفعة على الصغير والمجنون وإن كان هو المشتري لهما أو البائع عنهما على اشكال ).

لا ريب أن للأب وإن علا الشفعة على الولد للعموم ، ولا بحث في البالغ العاقل ، إنما الكلام في الصبي والمجنون إذا كان هو المشتري لهما أو البائع عنهما ، فإن فيه اشكالا عند المصنف ينشأ : من أن إيقاع العقد يتضمن الرضى به وذلك مسقط للشفعة ، ومن أن إيقاع العقد المذكور تمهيد للأخذ‌

__________________

(١) النساء : ١٤١.

٣٦٥

وكذا الوصي على رأي ، والوكيل.

______________________________________________________

بالشفعة وتحقيق لسببه ، فلا يكون الرضى به مسقطا لها ، إذ الرضى بالسبب من حيث هو سبب يقتضي الرضى بالمسبب فكيف يسقط.

ولا يتخيل أن البيع أو الشراء المذكورين مع إرادة الشفعة لا يقعان صحيحين ، إذ لا غبطة للصغير (١) والمجنون في ذلك ، لأن الفرض صحة التصرف ، وهو مقيّد بالمصلحة فمتى وجدت صح. وإلا فلا ، والأصح الثبوت.

وهل يستحق الولد على والده شفعة ، فيأخذ منه لو كان مشتريا؟ فيه احتمالان ، وفي الاستحقاق قوة.

قوله : ( وكذا الوصي على رأي ).

أي : له الأخذ بالشفعة إذا باع أو اشترى لمن هو مولى عليه ، خلافا للشيخ فإنه جوّز في الأب والجد له ذلك ، ومنع في الوصي إذا باع مال المولى عليه (٢) ، إذ لا يؤمن (٣) أن يترك النظر والاستقصاء ، وتسامح في البيع ليأخذ بالثمن والنجش ، كما أنه لا يمكن من بيع ماله لنفسه بخلاف الأب والجد له ، لأن ولايتهما أقوى وشفعتهما أكثر ، ويجوز لكل منهما أن يبيع من نفسه. والأصح الجواز ، لأن الفرض وقوع البيع على الوجه المعتبر فلا يرد ما ذكره ولو رفع الأمر إلى الحاكم فباع فأخذ بالشفعة فلا بحث في الصحة.

قوله : ( والوكيل ).

أي : في الشراء أو في البيع له أن يأخذ بالشفعة لنفسه قولا واحدا بخلاف الوصي ، لأن الموكل ناظر لنفسه يعترض ويستدرك إن وقف على تقصير‌

__________________

(١) في « م » : للطفل.

(٢) المبسوط ٣ : ١٥٨.

(٣) في « م » : لا يؤمن عليه.

٣٦٦

وتثبت للصغير والمجنون ، ويتولى الأخذ عنهما الولي مع المصلحة ، فلو ترك فلهما بعد الكمال المطالبة ، إلاّ أن يكون الترك أصلح.

______________________________________________________

الوكيل ، والصبي عاجز عن ذلك. واستشكل ذلك المصنف في التذكرة بأنه كيف تتحقق الشفعة مع قصد البيع ورضاه به (١) ، وجوابه يعرف مما سبق.

قوله : ( وتثبت للصغير والمجنون ويتولى الأخذ عنهما الولي مع المصلحة ، فلو ترك فلهما بعد الكمال المطالبة ، إلا أن يكون الترك أصلح ).

لا شبهة في ثبوت الشفعة بشروطها للصغير والمجنون ، وبه رواية عن علي عليه‌السلام (٢) ، ويتولى الأخذ عنهما الولي بشرط المصلحة كسائر التصرفات ، فلو ترك في موضع الثبوت فلهما بعد الكمال المطالبة ، ولو ترك لانتفاء (٣) المصلحة فلا شفعة فليس لهما بعد الكمال المطالبة.

واعلم ان قوله : ( فلو ترك فلهما بعد الكمال المطالبة ، إلا أن يكون الترك أصلح ) يقتضي أنه لو جهل الحال لهما المطالبة بعد الكمال ، لشمول‌ قوله : ( فلو ترك فلهما بعد الكمال المطالبة ) لذلك ، إذ لو قيد بثبوت المصلحة لم يكن الاستثناء متصلا ، وهو خلاف الظاهر ، وفي استحقاقهما المطالبة والحال هذه نظر ، لأن المطالبة فرع الثبوت حينئذ ، والثبوت إنما يتحقق مع المصلحة ، والغرض جهالة الحال فلا مقتضى للثبوت ، وهذا وجيه.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٩٢.

(٢) الكافي ٥ : ٢٨١ حديث ٦ ، التهذيب ٧ : ١٦٦ حديث ٧٣٧. قال في المفتاح ٦ : ٣٣٦ : وهو وان خص اليتيم والغائب الا انه لا قائل بالفصل بين الصبي والمجنون ، بل والسفيه. وقد سمعت ما في جامع المقاصد من جعل الصبي والمجنون من سنخ واحد حيث نسب ذلك الى الرواية.

(٣) في « ق » : لانقضاء.

٣٦٧

ولو أخذ الولي مع أولوية الترك لم يصح ، والملك باق للمشتري.

وتثبت للغائب والسفيه والمكاتب وإن لم يرض المولى ، ويملك صاحب مال القراض بالشراء لا بالشفعة إن لم يكن ربح أو كان ، لأن العامل لا يملكه بالبيع وله الأجرة.

______________________________________________________

قوله : ( ولو أخذ الولي مع أولوية الترك لم يصح والمالك باق للمشتري ).

لا ريب أنه لو أخذ مع عدم المصلحة لا يصح الأخذ ، لأن فعله مقيد بالمصلحة وقوله : ( والملك باق للمشتري ) يمكن أن يكون من تتمة قوله : ( ولو أخذ ... ) ، ويمكن أن يكون من تتمة قوله : ( فلو ترك فلهما المطالبة بعد الكمال ) فيكون جوابا عن سؤال مقدرة تقديره : انه لو ثبت الاستحقاق بعد الكمال لكان الأخذ إنما هو بالعقد السابق ، فينكشف ان الملك لم يكن للمشتري.

وجوابه : أن الملك باق للمشتري ، والأخذ إنما يفيد الملك من حينه ، كذا في بعض حواشي الشهيد. وليس بشي‌ء ، لأن العبارة تأباه ، وكلام التذكرة (١) يشهد بأن هذا من تتمة قوله : ( ولو أخذ ... ).

قوله : ( ويثبت للغائب والسفيه والمكاتب وإن لم يرض المولى ).

للعموم ، وقد انقطعت سلطنة المولى عن المكاتب ، وإنما يأخذ للسفيه وليه.

قوله : ( ويملك صاحب مال القراض بالشراء لا بالشفعة إن لم يكن ربح ، أو كان ، لأن ، العامل لا يملكه بالبيع وله الأجرة ).

أي : لو اشترى العامل بمال المضاربة شقصا لرب المال فيه شركة ملك‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٩٢.

٣٦٨

______________________________________________________

رب المال الشقص بالشراء لا بالشفعة ، لأنه مشتر بعين ماله فلا يقع الشراء إلا له ، ولا يجوز أن يستحق أن يملك ملكه ، بخلاف الجناية الموجبة للقصاص فإنها ليست مالا ، سواء لم يكن هناك ربح أصلا أو كان ، لأن العامل لا يملك الربح بالبيع ، إذ البيع إنما يقع للمالك لأنه بماله ، بل يملكه إما بالبيع بعد الظهور أو بالإنضاض وله الأجرة على المالك.

وفي حواشي شيخنا الشهيد : أن في ذلك نظرا ، لأنه سيجي‌ء في فتوى المصنف أن الربح يملك بالظهور ، وحينئذ فيملك العالم بقدر حصته من الشقص فيكون شريكا. ثم أجاب بما لا يدفع السؤال ، ثم اعترف بورود السؤال.

وفي التذكرة حكى عن بعض الشافعية وجها ثالثا في هذه المسألة ، وهو أن للمالك أن يأخذ بحكم فسخ المضاربة ، لأنه لما امتنع استحقاقه الشفعة لم يثبت ، أما استحقاقه قطع سلطنة العالم عن الشقص فإنه ممكن ، فلا يلزم من انتفاء الشفعة لامتناعها انتفاء هذا ، كما نقول : إذا جنى المرتهن على عبد آخر للمولى كان له فكه من الرهن بسبب الجناية ، وحينئذ فيكون له على المولى اجرة المثل عن عمله لكونه محترما ، سواء ظهر ربع أم لا (١).

ويرد عليه أن فسخ المالك إذا طرأ على المضاربة لا يسقط استحقاق العامل من الربح الذي قد ثبت استحقاقه ، لأن الفسخ إنما يؤثر بالنسبة إلى مستقبل الزمان لا فيما مضى ، فيجب أن يقال : إن ظهر ربح فللعامل حقه منه إن قلنا بملكه بالظهور ، وإلا فله الأجرة وهو المطابق لما في الدروس (٢).

لكن يرد عليه أيضا ان هذا الحكم ثابت في جميع أقسام المضاربة ، فلا خصوصية لكون الشقص مشفوعا في ثبوت الفسخ.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٦٠٠.

(٢) الدروس : ٣٨٧.

٣٦٩

وأما المأخوذ منه : فهو كل من تجدد ملكه بالبيع ، واحترزنا بالتجدد عن شريكين اشتريا دفعة.

______________________________________________________

ويمكن الجواب عن السؤال الأول : بأن العامل وإن استحق الحصة من الربح بالظهور إلا أن استحقاق الاختصاص بالعين بسبب الشركة سلط المالك على قطع استحقاقه من العين ، فإن الشركة هنا إن لم تكن موجبة لاستحقاقه التملك ، لكونه ( مالكا ) (١) حقيقة ، فلتكن دافعة لتملك العامل بعض العين.

ومتى فات حقه من الربح استحق اجرة المثل ، ولو لم يظهر ربح ففي استحقاقه الأجرة إلى حين الفسخ كلام يأتي إن شاء الله تعالى ، وهذا لا بأس به.

إذا عرفت ذلك فقول المصنف : ( لأن العامل لا يملكه بالبيع ) تعليل لقوله : ( ويملك صاحب مال القراض بالشراء لا بالشفعة ) على تقدير الربح ، ومعناه أن استحقاق العامل متأخر عن العقد فلا يمكن أخذه بالشفعة ، وفيه تنبيه على ( الاستحقاق بها واختصاص العين ) (٢) من دون العامل وإن ظهر ربح ، لأن حق المالك ـ وهو الاختصاص بسبب الشركة ـ أسبق فلا يزيله حق العامل الطارئ ، بل للمالك فسخ استحقاقه وينتقل إلى أجرة المثل ، وهذا هو تحقيق هذا المحل.

قوله : ( وأما المأخوذ منه : فهو كل من تجدد ملكه بالبيع ، واحترزنا بالتجدد عن شريكين اشتريا دفعة ).

في كون هذا احتراز عن شراء الشريكين دفعة مناقشة ، لأن كلا منهما يصدق عليه الضابط المذكور ، وهو انه تجدد ملكه بالبيع ، ولو قال : وهو كل من تجدد ملكه بالبيع لشقص من عقار مشترك لكان أولى.

__________________

(١) لم ترد في « ق ».

(٢) في « ق » : استحقاق الغير.

٣٧٠

ولو باع المكاتب شقصا بمال الكتابة ثم فسخ السيد الكتابة للعجز لم تبطل الشفعة.

ولو اشترى الولي للطفل شقصا في شركته جاز أن يأخذ‌ بالشفعة ،

______________________________________________________

قوله : ( ولو باع المكاتب شقصا بمال الكتابة ، ثم فسخ السيد الكتابة للعجز لم تبطل الشفعة ).

أي : لو باع المكاتب سيده شقصا من مشترك بمال الكتابة الذي في ذمته للسيد ، ثم فسخ السيد الكتابة لعجز المكاتب لم تبطل الشفعة للشريك الثابتة بالبيع وإن ملك السيد جميع ما في يد المكاتب حينئذ لعوده الى الرق ، لأن التصرفات (١) السابقة منه كانت صحيحة معتبرة ، وقد انقطعت سلطنة السيد عنه حينئذ.

لا يقال : بالفسخ بطلت الكتابة فيبطل العوض الذي هو ثمن المبيع فيبطل البيع ، فكيف تثبت الشفعة؟

لأنا نقول : بطلان الكتابة حين الفسخ لا قبله ، فلا يبطل البيع السابق.

واحتمل المصنف في التحرير بطلانها لخروجه عن كونه مبيعا (٢) ، وفيه منع. ويحتمل أن تكون الباء للسببية ، بأن يكون بيع المكاتب بسبب مال الكتابة لشخص آخر فتثبت الشفعة بهذا البيع للسيد إن كان هو الشريك ، أو غيره على المشتري إن كان هو السيد أو غيره.

وجعله شيخنا الشهيد في حواشيه أولى ، لأن البيع بمال الكتابة لا يتم إلا إذا أريد به البيع ببعضه. وليس بواضح ، لإمكان البيع بجميع نجوم الكتابة بعد الحلول.

قوله : ( ولو اشترى الولي شقصا للطفل في شركته جاز أن يأخذ‌

__________________

(١) في « ق » و « م » : تصرفات.

(٢) تحرير الأحكام ٢ : ١٥٤.

٣٧١

ولو حابى في مرض الموت فإن خرج من الثلث أخذه الشفيع بالمسمى ، وإلا ما يخرج منه بالنسبة

______________________________________________________

بالشفعة ).

نزل شيخنا الشهيد في حواشيه هذا التكرار على أحد أمرين : تخصيص الاشكال السابق بالبيع ، والرجوع عن الإشكال إلى الجزم فتكون فائدته ذلك ، وهو تكلف بين‌

قوله : ( ولو حابى في مرض الموت فإن خرج من الثلث أخذه الشفيع بالمسمى ، وإلا ما يخرج منه بالنسبة ).

أي : لو باع المريض بيعا فيه محاباة ـ وهي العطية ـ أي : باع بيعا مشتملا على عطية بأن باع بدون ثمن المثل ، فإن خرجت المحاباة من الثلث ـ بناء على أن تبرعات المريض إنما تكون من الثلث ـ فالبيع صحيح ويأخذ الشفيع بالمسمى.

وإن لم تخرج من الثلث فما يخرج منه بنسبته من الثمن على أصح الوجهين ، فلا يبطل من المبيع شي‌ء إلا ويبطل من الثمن ما يقابله ، فتكون المسألة دورية حيث أنه لا يعرف قدر ما يصح فيه من المبيع ، إلا بعد أن يعرف قدر التركة ليخرج المحاباة من ثلثها ، ولا يعرف ذلك إلا إذا عرف قدر الثمن ، لأنه محسوب من التركة لانتقاله الى ملك المريض بالبيع.

فلو باع ما قيمته مائتان ـ وهو تمام تركته ـ بمائة فطريقه أن نقول : صح البيع في شي‌ء من الشقص بنصف شي‌ء من الثمن ، وهو شي‌ء قيمته نصف شي‌ء ، فقد حابى بنصف شي‌ء هو ثلث التركة فيجب أن يبقى مع الورثة ضعفه ، فيجب أن يبسط المبيع على شي‌ء ونصف ، فالشي‌ء ثلثاه فيصح البيع في ثلثيه بثلثي الثمن.

٣٧٢

وإن كان الوارث الشفيع وللولي البائع عن أحد الشريكين الأخذ للآخر ، وكذا الوكيل لهما.

______________________________________________________

والوجه الآخر أن يصح البيع في ثلث التركة ، وما قابل الثمن بمثل (١) الثمن ، فيصح البيع في خمسة أسداس الشقص بكل الثمن ، وليس للمشتري الجاهل الفسخ لتبعض الصفقة حينئذ ، إلا إذا لم يأخذ (٢) الشفيع بالشفعة ، قاله في التذكرة (٣).

ولا فرق بين أن يكون الشفيع وارثا أو لا عندنا ، لأن المحاباة للوارث جائزة عندنا خلافا للعامة ، فلذلك اختلفوا : فمنهم من حكم بصحة البيع ومنع الشفعة ، ومنهم من منعهما ، ومنهم من أثبتهما ، ومنهم من أثبت الشفعة بمقدار (٤) الثمن فقط ، وكل هذا ساقط عندنا.

والى ذلك أشار بقوله : ( وإن كان الوارث الشفيع ).

ولو عكس فقال : وإن كان الشفيع الوارث لكان أوفق لمراده ، إذ المراد : إثبات الحكم للشفيع على تقدير كونه وارثا ، لا للوارث على تقدير كونه شفيعا.

قوله : ( وللولي البائع عن أحد الشريكين الأخذ للآخر ، وكذا الوكيل لهما ).

مع مراعاة المصلحة ، ولا يرد الاشكال بالرضى ، لأنا قد أجبنا عنه.

والمراد بـ ( الوكيل ) : من كان له نيابة الأخذ إما لعموم التوكيل ، أو لشمول الوكالة للأخذ بالشفعة ، إذ الوكيل في البيع ينعزل بفعله.

__________________

(١) في « م » : بكل.

(٢) في « ق » : يأذن.

(٣) التذكرة ١ : ٩٥٣.

(٤) في « م » : في مقدار.

٣٧٣

ولو بيع شقص في شركة حمل لم يكن لوليه الأخذ بالشفعة إلا بعد أن يولد حيا.

ولو عفا ولي الطفل مع غبطة الأخذ كان للولي أيضا المطالبة على اشكال ينشأ : من أدائه إلى التراخي ، بخلاف الصبي عند بلوغه لتجدد الحق له حينئذ.

ولو ترك لإعسار الصبي لم يكن له الأخذ بعد يساره ، ولا‌ للصبي.

______________________________________________________

قوله : ( ولو بيع شقص في شركة حمل لم يكن لوليه الأخذ بالشفعة إلا بعد أن يولد حيا ).

أما عدم الأخذ له إذا كان حملا فلعدم تيقن حياته ولا ظنها بالاستناد الى الاستصحاب ، وأما أخذه بعد أن يولد فلعموم دلائل الشفعة. ويحتمل العدم ، لأن الحمل لا يملك بالابتداء إلا الإرث بالوصية فلا يمكن إنشاء ملك له. ويشكل بأنه لو لم يمكن له صلاحية الملك لم يرث ، ومختار المصنف هنا هو مختاره في التذكرة (١) ، وفيه قوة ، وتردد في الدروس (٢).

قوله : ( ولو عفا ولي الطفل مع غبطة الأخذ كان للولي أيضا المطالبة على اشكال ينشأ : من أدائه إلى التراخي ، بخلاف الصبي عند بلوغه لتجدد الحق له حينئذ ).

ومن أن الحق ثابت للطفل ، والفرض بطلان العفو ، فللولي المطالبة به كسائر الحقوق ، وتقصيره بالتراخي لا يسقط حق الطفل ، والحق لا يتجدد للصبي عند البلوغ وإنما المتجدد أهلية الأخذ والحق ثابت قبل ذلك ، والأصح أن له المطالبة.

قوله : ( ولو ترك لإعسار الصبي لم يكن له الأخذ بعد يساره ، ولا‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٦١٠.

(٢) الدروس : ٣٨٧.

٣٧٤

والمغمى عليه كالغائب

وللمفلس الأخذ بالشفعة ، وليس للغرماء الأخذ بها ، ولا إجباره عليه ، ولا منعه منه وإن لم يكن له فيها حظ ، نعم لهم منعه من دفع المال ثمنا فيها ،

______________________________________________________

للصبي ).

إذ لا حق حينئذ ، لعدم الاستحقاق من وقت البيع فليس له المطالبة ولا للصبي.

قوله : ( والمغمى عليه كالغائب ).

وإن تطاول الإغماء ، ولا ولاية لأحد عليه فلا يتصور الأخذ عنه.

قوله : ( وللمفلس الأخذ بالشفعة ).

للعموم الشامل له ، وربما رضي الغرماء بدفع الثمن أو المشتري بذمته.

قوله : ( وليس للغرماء الأخذ بها ).

إذ لا ملك لهم ، ولا له قبل الأخذ ليثبت لهم استحقاقه.

قوله : ( ولا إجباره عليه ، ولا منعه منه وإن لم يكن له فيها حظ ).

أي : ولا لهم إجباره على الأخذ ، إذ لا يجب عليه الاكتساب لهم ولا منعه من الأخذ ، لأن ذلك حق له ، وليس من لوازمه التصرف في الأموال التي تعلقت حقوقهم بها ، فلا تعلق لهم بذلك وإن لم يكن له في الأخذ حظ وغبطة.

قوله : ( نعم لهم منعه من دفع المال ثمنا فيها ).

أي : في الشفعة ، لسبق تعلق حقوقهم بالأموال السابقة والمتجددة ولو بهبة واكتساب كما سبق (١).

__________________

(١) في « م » : على ما سبق.

٣٧٥

فإن رضي الغرماء بالدفع أو المشتري بالصبر تعلق حق الغرماء بالمشفوع وإلا كان للمشتري الانتزاع ، وللعبد المأذون في التجارة الأخذ بالشفعة ، ولا يصح عفوه.

ولو بيع شقص في شركة مال المضاربة فللعامل الأخذ بها مع عدم الربح

______________________________________________________

قوله : ( فإن رضي الغرماء بالدفع أو المشتري بالصبر تعلق حق الغرماء بالمشفوع وإلا كان للمشتري الانتزاع ).

أي : إذا أخذ فإن رضي الغرماء بدفع الثمن من أمواله فقد استقر ملكه ، وكذا لو رضي المشتري بالصبر فيتعلق حق الغرماء على كل من التقديرين بالمشفوع ، لتعلق حقهم بما يتجدد له من المال ، وإلا ـ أي : وإن انتفى الأمران ـ فللمشتري الانتزاع للضرر بأخذ الملك منه قهرا من غير دفع ثمن.

قوله : ( وللعبد المأذون في التجارة الأخذ بالشفعة ).

لأنه من جملة أقسام التجارة.

قوله : ( ولا يصح عفوه ).

بخلاف الوكيل فإن له أن يفعل ما تقتضيه المصلحة إذا كان وكيلا عاما فإذا عفا مع المصلحة لم يكن للموكل المطالبة ، صرح به في التذكرة (١).

والفرق أن الاذن للعبد استخدام له ، وهو أضعف من التوكيل ، ولهذا ينعزل بالإباق.

قوله : ( ولو بيع شقص في شركة مال المضاربة فللعامل الأخذ بها مع عدم الربح ).

إذ لا مانع حينئذ ، لانتفاء تكثر الشركاء ، وكونه نائبا للمالك في التصرف‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٩٨.

٣٧٦

ومطلقا إن أثبتناها مع الكثرة ، فإن تركها فللمالك الأخذ.

وقيل : تثبت مع الكثرة ، فقيل : على عدد الرؤوس ، وقيل : على قدر السهام. فروع على القول بالثبوت مع الكثرة :

______________________________________________________

بمال المضاربة بكل ما يشتمل على الغبطة‌

قوله : ( ومطلقا إن أثبتناها مع الكثرة ).

أي : وله الأخذ مع عدم الربح ، ومعه على القول بثبوت الشفعة مع الكثرة لا بدونه بالنسبة الى الأمر الثاني ، لأنه مع الربح يكون شريكا للمالك في الشقص فيتعدد الشركاء.

قوله : ( فإن تركها فللمالك الأخذ ).

أي : إن ترك العامل الشفعة على تقدير الثبوت فللمالك الأخذ ، ولا يسقط حقه بترك العامل ، ولو عفي مع المصلحة فهل هو كالوكيل؟ يحتمل العدم ، لأن مطلق عقد القراض لا يقتضي عموم التصرفات ، إلا أن ينص له على ما يشمل ذلك.

قوله : ( وقيل : تثبت مع الكثرة ، فقيل : على عدد الرؤوس ، وقيل : على قدر السهام ).

استطرد إلى ذكر الخلاف في ثبوت الشفعة مع الكثرة ، وإن كانت العبارة لا تخلو من سماجة ، فقال أكثر الأصحاب ـ وكاد يكون إجماعا ، وادعاه ابن إدريس (١) ـ : لا تثبت معها.

وقال ابن الجنيد ، والصدوق بالثبوت ، فقال ابن الجنيد : تثبت على قدر السهام لأن المقتضي للشفعة هو الشركة ، فإذا كانت أقوى كان أثرها أكثر (٢) ،

__________________

(١) السرائر : ٢٥٠.

(٢) المختلف : ٤٠٤.

٣٧٧

أ : لو كان لأحد الثلاثة النصف ، ولآخر الثلث ، وللثالث السدس فباع أحدهم فانظر مخرج السهام فخذ منها سهام الشفعاء ، فإذا علمت العدة قسمت المشفوع عليها ويصير العقار بين الشفعاء على تلك العدة ،

______________________________________________________

وقال الصدوق : على عدد الرؤوس (١) ، للرواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إن الشفعة تثبت على عدد الرجال » (٢). والأصحّ عدم الثبوت مع الكثرة ، للأخبار الصحيحة الدالة على ذلك (٣).

ولو قلنا بالثبوت لكان قول الصدوق أوجه ، للرواية (٤) ، ولأن الشركة في البعض القليل سبب في استحقاق الكثير ، والأصل عدم التفاضل ، ولا دليل على ما ذكره.

قوله : ( ولو كان لواحد النصف ، ولآخر الثلث ، وللثالث السدس فباع أحدهم فانظر مخرج السهام فخذ منها سهام الشفعاء ، فإذا علمت العدة قسمت المشفوع عليها ، ويصير العقار بين الشفعاء على تلك العدة ).

هذا ضابط لاستخراج حق كل واحد من الشفعاء على رأي ابن الجنيد (٥). وتحقيقه : أن ينظر الى مخرج سهام جميع الشركاء فيأخذ منها سهام الشفعاء ، فإذا علمت عدتها ـ أي : عدة سهام الشفعاء ـ قسمت المشفوع عليها ويصير بعد ذلك العقار كله بين الشفعاء على تلك العدة ، أعني عدة سهام الشفعاء. إذا عرفت ذلك فسهام الشركاء في المثال المذكور ستة ، وذلك لأنها مخرج السدس ومخرج الثلث ومخرج النصف داخلان.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٣٦ ذيل الحديث ١٦٢.

(٢) الفقيه ٣ : ٤٥ حديث ١٥٥ ، ١٥٦.

(٣) منها ما في الكافي ٥ : ٢٨١ حديث ٧ ، التهذيب ٧ : ١٦٤ حديث ٧٢٩ ، الاستبصار ٣ : ١١٦ حديث ٤١٢.

(٤) المصدر السابق.

(٥) المختلف : ٤١٤.

٣٧٨

فلو كان البائع صاحب النصف فسهام الشفعاء ثلاثة : اثنان لصاحب الثلث وللآخر سهم ، فالشفعة على ثلاثة ويصير العقار كذلك ، ولو كان صاحب الثلث فالشفعة أرباعا : لصاحب النصف ثلاثة أرباعه وللآخر ربعه.

ولو كان صاحب السدس فهي بين الآخرين أخماسا : لصاحب النصف ثلاثة وللآخر سهمان ، وعلى الآخر يقسّم المشفوع نصفين.

______________________________________________________

قوله : ( فلو كان البائع صاحب النصف فسهام الشفعاء ثلاثة : اثنان لصاحب الثلث وللآخر سهم ، فالشفعة على ثلاثة ، ويصير العقار كذلك ).

انما كان سهام الشفعاء ثلاثة لأن صاحب الثلث له سهمان من ستة هما الثلث ، ولصاحب السدس سهم ، فإذا أخذوا (١) النصف بالشفعة صار العقار بينهم كذلك ، أي أثلاثا‌

قوله : ( ولو كان صاحب الثلث فالشفعة أرباعا : لصاحب النصف ثلاثة أرباعه وللآخر ربعه ).

أي : لو كان البائع صاحب الثلث فسهام الشفعاء أربعة : النصف وهو ثلاثة من ستة ، والسدس فالشفعة تكون أرباعا ، ولآخر نصف لكل سهم من سهمي الثلث ، فتضرب اثنين في ستة تبلغ اثنا عشر ، لصاحب النصف ثلاثة أرباع الثلث وللآخر الربع فيكون العقار بينهم أرباعا.

قوله : ( ولو كان صاحب السدس فهي بين الأخيرين أخماسا : لصاحب النصف ثلاثة وللآخر سهمان ).

لأن سهامهما خمسة فيكون العقار بينهم أخماسا.

قوله : ( وعلى الآخر يقسم المشفوع نصفين ).

أي : على القول الآخر ، وهو القسمة على عدد الرؤوس.

__________________

(١) في « ق » : أخذا.

٣٧٩

ب : لو ورث أخوان أو اشتريا ، فمات أحدهما عن ابنين فباع أحدهما نصيبه فالشفعة بين أخيه وعمه.

ج : لو باع أحد الثلاثة من شريكه استحق الثالث الشفعة دون المشتري ، وقيل بالشركة ، وحينئذ لو قال المشتري : قد أسقطت شفعتي فخذ الكل أو اترك لم يلزم ، لاستقرار ملكه على قدر حقه ، فكان كما لو أخذا بالشفعة ثم عفا أحدهما عن حقه

______________________________________________________

قوله : ( لو ورث أخوان أو اشتريا ، فمات أحدهما عن ابنين ، فباع أحدهما نصيبه فالشفعة بين أخيه وعمه ).

لكونهما شريكين ، وبعض العامة يخص الشفعة بالأخ لمشاركته البائع في سبب الملك (١) ، وليس بشي‌ء فإن مدار الشفعة على الشركة.

قوله : ( لو باع أحد الثلاثة من شريكه استحق الثالث الشفعة دون المشتري ، وقيل بالشركة ، وحينئذ لو قال المشتري : قد أسقطت شفعتي فخذ الكل أو اترك لم يلزم ، لاستقرار ملكه على قدر حقه ، فكان كما لو أخذا بالشفعة ثم عفا أحدهما عن حقه ).

أي : لو كان الشركاء ثلاثة فباع أحدهم من شريكه استحق الشريك الثالث الشفعة دون المشتري ، لأن الشفعة للإنسان على نفسه غير معقولة ، لامتناع أن يستحق الإنسان تملك ملك نفسه بالشفعة ، وهو قول الشيخ في الخلاف (٢). وقال فيه وفي المبسوط : يشتركان في الشفعة لاشتراكهما في العلة الموجبة لهما ، ولا يمتنع أن يستحق تملك الشقص بسببين البيع والشفعة ، لأن علل الشرع وأسبابه لما كانت معرفات لم يمتنع اجتماع علتين على معلول واحد ، ولأن للشفعة أثرا وهو منع الشريك الآخر تملك مقدار‌

__________________

(١) ذهب إليه الشافعي في القديم ، راجع : المجموع ١٤ : ٣٣٢ ، ٣٣٣.

(٢) الخلاف ٢ : ١١١ مسألة ٢٦ كتاب الشفعة.

٣٨٠