بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس

بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس


المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٥

قال وضاح (١) ما رأيت أحدا قط أعلم بالحديث من محمد بن مسعود ولا (٢) بالرأي من سحنون (٣).

وذكر المشار إليه قبل هذا ما صورته قال الحسن الحلواني (٤) وحدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن قال أسلم علي وهو ابن خمس عشرة سنة (٥).

وقال عن ابن إسحاق أول ذكر آمن بالله ورسوله علي بن أبي طالب وهو يومئذ ابن عشر سنين (٦).

قال أبو عمر قيل أسلم علي وهو ابن ثلاث عشرة سنة وقيل ابن اثنتي عشرة سنة وقيل ابن خمس عشرة سنة (٧) (٨) وقيل ابن ست عشرة سنة وقيل ابن عشر

__________________

وجاء في العقد الفريد : ٢ / ١٩٤ ، قال : قال أبو الحسن أسلم علي وهو ابن خمس عشرة سنة ، وهو أول من شهد ان لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله.

وذكر الشيخ سراج الدين الغزنوي في كتابه الغرة المنيفة : ١٢٧ : وقد قيل ان عليا رضي‌الله‌عنه كان وقت اسلامه بالغا ابن خمس عشرة سنة.

والخطيب التبريزي في اكمال الدين : ٦٨٧ قال : هو أول من أسلم من الذكور في أكثر الأقوال ، وقد اختلف في سنه يومئذ ، قيل : كان له خمس عشرة سنة ، وقيل ستة عشرة ، وقيل ثماني سنين ، وقيل عشر سنين.

(١) في المصدر : ابن وضاح.

(٢) في المصدر بزيادة : اعلم.

(٣) الاستيعاب : ٣ / ١٠٩٣.

(٤) في جمع النسخ : الحلوى والصحيح ما اثبتناه.

(٥) الاستيعاب : ٣ / ١٠٩٣.

(٦) الاستيعاب : ٣ / ١٠٩٣.

(٧) ما بين القوسين لا يوجد في : ج.

(٨) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

٦١

وقيل ابن ثمان (١).

وذكر عمر بن شبة عن ابن المدائني (٢) عن ابن جعدبة (٣) عن نافع عن ابن عمر قال أسلم علي وهو ابن ثلاث عشرة سنة.

قال وذكر أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا سريج بن النعمان ـ قال حدثنا الوليد (٤) بن السائب ـ عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال أسلم علي بن أبي طالب وهو ابن ثلاث عشرة سنة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.

قال أبو عمر هذا أصح ما قيل في ذلك وقد روي عن ابن عمر من وجهين جيدين (٥).

وأما بيان الوجه الثاني من كون بغضته (٦) كفرا فيدل عليه

ما رواه أحمد بن حنبل عن مسافر (٧) الحميري ـ عن أبيه (٨) عن أم سلمة تقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق (٩).

__________________

(١) الاستيعاب : ٣ / ١٠٩٣.

(٢) في المصدر : عن المدائني.

(٣) كذا في المصدر وهو الصحيح وفي النسخ : ابن جعدة.

(٤) في المصدر : الفرات.

(٥) الاستيعاب : ٣ / ١٠٩٣ و ١٠٩٥.

(٦) ن : بغضه.

(٧) المصدر : مساور.

(٨) المصدر : عن امه.

(٩) فضائل الصحابة : ٢ / ٦١٩ وبطريق ثان عن مسافر ، في مسنده : ٦ / ٢٩٢ وذكر احمد بن حنبل أيضا في مسنده : ١ / ١٢٧ قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن أبيه ، قال : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن عليّ عليه‌السلام قال : عهد النبيّ ـ صلى الله عليه [ وآله ] ـ اليّ : انه لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق.

٦٢

ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري من سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه إنا كنا لنعرف المنافقين ببغضهم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه (١).

__________________

وذكره أيضا في فضائله : ٢ / ٥٦٣ حديث ٩٤٨.

ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي ، الحديث التاسع من مسند أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ عليه‌السلام ـ من افراد مسلم ( على ما في عمدة ابن البطريق : ٢١٨ ) قال : عن زر بن حبيش ، قال : قال علي ـ عليه‌السلام ـ والذي فلق الحبة وبرئ النسمة انه لعهد النبي الامّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ اليّ لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق.

وأورده ايضا أبو داود في صحيحه على ما في عمدة ابن البطريق : ٢١٨.

وذكر الهيثمي في مجمعه : ٩ / ١٣٣ قال :

وعن ابن عباس قال : نظر رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم الى علي ـ عليه‌السلام ـ فقال : لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق ، من احبك فقد احبني ، ومن ابغضك فقد ابغضني ، وحبيبي حبيب الله ، وبغيضي بغيض الله ، ويل لمن ابغضك بعدي. ثم قال : رواه الطبراني في الأوسط.

وذكر أيضا في : ٩ / ١٣٣ فقال :

وعن عمران بن الحصين ، ان رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ قال لعلي ـ عليه‌السلام ـ :

لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق ، قال : رواه الطبراني في الأوسط.

(١) نقله عن الصحاح الستة ابن البطريق في عمدته : ٢١٨ والبحراني في غاية المرام : ٦١٠.

وذكر احمد بن حنبل في فضائله : ٢ / ٥٧٩ فقال :

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثني ابي ، قال : حدثنا اسود بن عامر ، قال : حدثنا اسرائيل ، عن الأعمش ، عن ابي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : انما كنا نعرف منافقيني الانصار ببغضهم عليا عليه‌السلام.

وفي : ٢ / ٦٣٩ من فضائله وبسنده عن جابر بن عبد الله ، قال :

ما كنا نعرف منافقينا معشر الانصار الا ببغضهم عليا عليه‌السلام.

وذكره الترمذي في صحيحه : ٢ / ٢٩٩.

بسنده عن ابي سعيد الخدري ، قال : انا كنا لنعرف المنافقين ـ نحن معشر الانصار ـ ببغضهم علي

٦٣

ومن الكتاب أيضا من صحيح البخاري بحذف الإسناد قالت أم سلمة قال النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن (١).

__________________

ابن أبي طالب عليه‌السلام.

ورواه أيضا أبو نعيم في حلية الأولياء : ٦ / ٢٩٤.

وجاء في مستدرك الصحيحين : ٣ / ١٢٩.

بسنده عن أبي عبد الله الجدلي ، عن أبي ذر ـ رضوان الله تعالى عليه ـ قال : ما كنا نعرف المنافقين الا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات والبغض لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وذكره المتقي الهندي في كنز العمال : ٦ / ٣٩ والمحب الطبري في الرياض النضرة : ٢ / ٢١٤.

وروى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : ٣ / ١٥٣.

بسنده عن أبي الأحوص ، قال : كنا عند ابن مسعود فتلا ابن عباس هذه الآية ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ... ) الى أن قال ابن عباس : ( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) علي بن ابي طالب ، كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ببغضهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب : ٢ / ٤٦٤.

عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : ما كنا نعرف المنافقين الا ببغض علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وذكره أيضا الهيثمي في مجمعه : ٩ / ١٣٢ باختلاف في اللفظ يسير.

(١) الجمع بين الصحاح الستة : مخطوط.

وقد ذكر هذا الحديث بهذا اللفظ أيضا الترمذي في صحيحه : ٢ / ٢٩٩ وجاء في كنز العمال : ٦ / ١٥٦.

لا يبغض عليا مؤمن ولا يحبه منافق.

وأيضا في : ٦ / ١٥٨ من نفس الكتاب ، قال : لا يحب عليا الاّ مؤمن ، ولا يبغضه الاّ منافق.

ثم قال : أخرجه الطبراني عن ام سلمة.

٦٤

ومن مسند ابن حنبل (١) في جملة حديث عن النبي عليه‌السلام (٢) في علي بن أبي طالب ـ لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق في غير ذلك من آثار عدة تركت إثباتها إذ نحن في غير هذه المباحث.

وذكر ما حاصله :

( إن إسلامه مع قلة العمر تلقين القيم ورياضة السائس وبعد أن يكون في ذلك السن (٣) هو تام العقل ) (٤).

وهي عصبية منه لا تستند إلى برهان وإنما دأب الناصب تكثير الألفاظ مع قلة الحاصل منها وصدود (٥) الحق عنها.

وادعى أنه يعلم أن طباعه كطباع حمزة (٦) غير مسند (٧) ذلك إلى أمارة

__________________

(١) ما في المسند هو بلفظ : لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق أنظر المسند : ٦ / ٢٩٢.

وأما الحديث المذكور فقد رواه احمد في فضائله : ٢ / ٦٢٢ حديث ١٠٦٦ وأوله :

بسنده عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، عن أبيه ، قال : خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة ، فقال : يا أيها الناس قدموا قريشا ولا تقدموها ، وتعلموا منها ولا تعلموها ، قوة رجل من قريش قوة رجلين من غيرهم ، وأمانة رجل من قريش تعدل أمانة رجلين من غيرهم ، يا أيها الناس أوصيكم بحب ذي أقربها ، اخي وابن عمي علي بن ابي طالب ، فانه لا يحبه الاّ مؤمن ، ولا يبغضه الاّ منافق ، من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد ابغضني ، ومن ابغضني عذبه الله عز وجل ، قال : أخرجه ابن النجار.

اقول : وكذلك ورد في كنز العمال : ٧ / ١٤٠ ، والرياض النضرة ٢ / ٢١٣.

(٢) ن : صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٣) ن بزيادة : و.

(٤) العثمانية : ٧.

(٥) ق : صدور.

(٦) قال الجاحظ : فالمعلوم عندنا في الحكم وفي المغيب جميعا ، أن طباعه كطباع عميه ، حمزة والعباس. العثمانية : ٩.

(٧) ن : مستند.

٦٥

فضلا عن دليل.

وتعلق بأن أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يدع ذلك (١).

والذي يرد على قول الناصب :

أن أبا عمرو المغربي الشاطبي قال إن النبي عليه‌السلام قال عن علي إنه أول أصحابي إسلاما (٢) فلو كان تلقينا لا مزية له في ذلك على غيره لما مدحه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك.

وروى ذلك في إسناد متصل عن سلمان عن النبي عليه‌السلام (٣) وأما أن عليا ما تمدح (٤) بوفور العقل وسداد الرأي المقررين (٥) شرف إسلامه (٦) فيكفي في ذلك قوله عليه‌السلام متمدحا ـ إني أول من صلى

__________________

(١) قال : وأعجب من ذلك انه لم يدّع هذا له أحد في دهره كما لم يدعه لنفسه. العثمانية : ١١.

(٢) الاستيعاب : ٣ / ١٠٩٩.

(٣) قال ابن عبد البر : حدثنا احمد بن قاسم ، حدثنا قاسم بن اصبغ ، حدثنا الحرث بن أبي اسامة ، حدثنا يحيى بن هشام ، حدثنا سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن خنيس بن المعتمر ، عن عليم الكندي ، عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ :

اولكم ورودا عليّ الحوض ، اولكم اسلاما علي بن ابي طالب. انظر الاستيعاب : ٣ / ١٠٩١.

(٤) ن : يمدح.

(٥) ن : المقر ومن.

(٦) العثمانية : ١٤.

وايضا رواه الحاكم في المستدرك : ٣ / ١٣٦.

بسنده عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : اولكم واردا عليّ الحوض اولكم اسلاما علي بن ابي طالب.

وروى هذا الحديث أيضا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : ٢ / ١٨ وابن الأثير في اسد الغابة : ٤ / ١٧ والمتقى في كنز العمال : ٦ / ٤٠٠ والهيثمي في مجمعه : ٩ / ١٠٢.

وجاء في مسند احمد بن حنبل : ٥ / ٢٦.

بسنده عن معقل بن يسار قال : وضأت النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ذات يوم ، فقال :

٦٦

مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

__________________

هل لك في فاطمة تعودها؟ فقلت : نعم فقام متوكئا عليّ فقال : اما انه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك ، قال : فكأنه لم يكن عليّ شيء حتى دخلنا على فاطمة عليها‌السلام فقال لها : كيف تجدينك؟ قالت : والله لقد اشتد حزني واشتدت فاقتي ، وطال سقمي ، قال ابو عبد الرحمن : وجدت في كتاب ابي بخط يده في هذا الحديث قال : أو ما ترضين اني زوجتك اقدم امتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما.

الاصابة : ج ١٨ القسم ١ ص ١١٨.

قال : واخرج ابن مندة من رواية علي بن هاشم بن البريد ، حدثتني ليلى الغفارية قالت : كنت اغزو مع النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، فاداوي الجرحى ، وأقوم على المرضى فلما خرج علي عليه‌السلام الى البصرة خرجت معه ، فلما رأيت عائشة اتيتها فقلت : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فضيلة في علي عليه‌السلام؟ قالت : نعم ، دخل على رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وهو معي وعليه جرد قطيفة فجلس بيننا فقلت : أما وجدت مكانا هو أوسع لك من هذا؟ فقال النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : يا عائشة ، دعي لي اخي فانه أول الناس اسلاما ، وآخر الناس بي عهدا ، وأول الناس لي لقيا يوم القيامة.

وجاء في اسد الغابة : ٥ / ٥٢٠ في سياق حديث ذكره الى ان قال : فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فقال : مالك تبكين يا فاطمة؟ فو الله لقد أنكحتك اكثرهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم سلما وذكره في كنز العمال : ٦ / ٣٩٢.

وكذلك في الرياض النضرة : ٢ / ١٨٢ في ضمن حديث ساقه الى أن قال فقال : ما يبكيك؟ وقد زوجتك اقدمهم سلما واحسنهم خلقا.

كنز العمال : ٦ / ٣٩٥ قال :

عن عمر قال : لن تنالوا عليا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم يقول : ثلاثة لئن يكون لي واحدة منهن احب اليّ مما طلعت عليه الشمس ، كنت عند النبي صلى الله عليه و ( وآله ) وسلم وعنده أبو بكر ، وأبو عبيدة بن الجراح وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فضرب بيده على منكب علي عليه‌السلام فقال : انت أول الناس اسلاما ، وأول الناس ايمانا ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، قال : أخرجه ابن النجار.

كنز العمال : ٥ / ١٥٣.

قال عن ابي اسحاق : ان عليا عليه‌السلام لما تزوج فاطمة عليها‌السلام ، قال لها النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم : لقد زوجتكه وانه لأول اصحابي سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، قال : أخرجه الطبراني.

(١) روى ذلك النسائي في خصائصه : ص ٢.

٦٧

وروى المشار إليه أن النبي عليه‌السلام (١) استنبئ يوم الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء (٢).

إذا عرفت هذا فتمدحه بالإسلام ينبئ أنه كان يرى ذلك فخرا تماما وشرفا باذخا ولو كان على سبيل التلقين تقليدا غير بان له على قاعدة

__________________

بسنده عن حبة العرني ، قال سمعت عليا عليه‌السلام يقول : انا أول من صلّى مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم.

ورواه أيضا احمد بن حنبل في مسنده : ١ / ١٤١ وابن سعد في طبقاته : ج ٣ القسم ١ ص ١٣ ، وابن الأثير في اسد الغابة : ٤ / ١٧.

وجاء في كنز العمال : ٦ / ٣٩٥ ، قال :

عن علي عليه‌السلام قال : أنا أول رجل صلّى مع النبي صلى الله عليه و ( آله ) وسلّم ، قال أخرجه أبو داود الطيالسي ، وابن أبي شيبة ، وأحمد بن حنبل ، وابن سعد.

وذكر الواحدي في أسباب النزول ص ١٨٢.

قال : قال الحسن والشعبي والقرطبي : نزلت الآية في علي عليه‌السلام ، والعباس ، وطلحة بن شيبة ، وذلك انهم افتخروا ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه واليّ ثياب بيته ، وقال العباس : انا صاحب السقاية والقائم عليها ، وقال علي عليه‌السلام : ما ادري ما تقولان لقد صليت ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ ... ) الى آخر الآية.

وايضا ذكره الطبري في تفسيره : ١٠ / ٦٨ والرازي في تفسيره ايضا في ذيل تفسير الآية في سورة التوبة.

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٢) الاستيعاب : ٣ / ١٠٩٥.

وذكر الترمذي في صحيحه : ٢ / ٣٠٠

بسنده عن أنس بن مالك قال : بعث النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم يوم الاثنين وصلّى علي عليه‌السلام يوم الثلاثاء وقال : وروى هذا عن مسلم عن حبة عن علي عليه‌السلام.

وأورد ابن جرير الطبري في تاريخه : ٢ / ٥٥ بسنده عن جابر مثل ذلك وروى الحاكم في المستدرك : ٣ / ١١٢ بسنده عن بريدة ، قال :

انطلق ابو ذر وساق الحديث ( الى أن قال ) : واوحي الى رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم يوم الاثنين ، وصلى علي عليه‌السلام يوم الثلاثاء.

٦٨

لذهب معنى التمدح به وفي ذلك رد على الناصب.

وتعلق الناصب في كون إسلام أمير المؤمنين عليه‌السلام ما كان فرعا لتمام آرائه (١) وهو صبي بأنه لو كان كذلك لاحتج به (٢).

وذكر فنونا تجري في هذا الباب غثة (٣) ساقطة ألفاظا (٤) سمينة جدا (٥) هزيلة المعنى جدا يسأمها اللبيب ويعافها الأريب ولو لا أنه لا يليق بمن دخل في أمر أن يتعاجز عنه لرأيت ترك الخوض في هذا الوشل (٦) المهين أولى من الدخول فيه وأيضا فإن الخصم و (٧) ذا الذهن الغال (٨) قد يؤثر عنده كلام الهازل ويقرر عنده قواعد الباطل.

والجواب عما قال :

بما أن من أعيان الصحابة من كان يناظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما يأمر به ويرد عليه وهو حي بين أظهرهم في عز رئاسة ينافس عليها وإمامة يسارع إليها فكيف يؤثر قول علي عليه‌السلام بعده في شيء حاصله الدفع عن مراتب الملك وتسنم درجات العز.

ونتنزل (٩) عن هذا ونقول للناصب :

وأنت بالآخرة معرض عن موالاة أمير المؤمنين عليه‌السلام وموازرته

__________________

(١) ج : أرابه.

(٢) العثمانية : ١٠ نقله بالمعنى.

(٣) ق ون : عنه.

(٤) ن : الفاظ.

(٥) ن : جسدا.

(٦) الوشل : الماء القليل.

(٧) لا توجد في : ن.

(٨) ن : الغافل.

(٩) ق : ننزل وفي ج : ينزل.

٦٩

مع كون الانحراف عنه كفرا.

وبعد فإن أبلغ ما كان يقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه (١) في مدح فطنته وطباعه ـ (٢) : إني كنت أيام الصبوة صحيح الذهن مقوم الفطنة وأي وازع (٣) هذا للخصم عن مخاصمته (٤) على الملك ومصادمته عن مراتب المجد بل لو ذكر هذا كان بمقام الطرد له عن الرئاسة والدفع له عن الإمامة إذ هو تعلق غث يضع المتعلق به ويهبط درجات المتمسك بهديه.

قال الناصب ولو أن عليا كان أيضا بالغا لكان إسلام زيد (٥) وخباب (٦) أفضل من إسلامه لأن الرجلين تركا المألوف وعلي نشأ على

__________________

(١) ق : فان ابلغ ما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول ... الى آخره.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٣) ن : رادع.

(٤) ن بزيادة : في مدح فطنته وطباعه.

(٥) هو زيد بن حارثة بن شراحيل ، من أوائل المسلمين ، زارت سعدى أم زيد قومها وزيد معها ، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية على أبيات بني معن ، فاحتملوا زيدا وهو غلام فأتوا به في سوق عكاظ ، فعرضوه للبيع فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربعمائة درهم ، فلما تزوجها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهبته له ، وتبناه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزوجه بنت عمته زينب بنت جحش. وقد ورد اسمه في القرآن المجيد ، امّره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على غزوة مؤتة واستشهد فيها وهو ابن خمس وخمسين سنة. انظر : الاصابة : ١ / ٥٦٣.

(٦) هو خبّاب بن الأرتّ ، بن جندلة ، بن سعد ، بن خزيمة ، بن كعب ، أبو عبد الله كان من السابقين الأولين ، ومن المستضعفين ، قيل : انه اسلم سادس ستة وعذب عذابا شديدا لأجل ذلك. روى الطبراني من طريق زيد بن وهب ، قال : لما رجع علي من صفين مرّ بقبر خبّاب ، فقال : رحم الله خبابا ، اسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، وابتلى في جسمه احوالا ، ولن يضيع الله أجره. وشهد خباب بدرا وما بعدها ، ونزل الكوفة ومات بها سنة سبع وثلاثين. انظر : الاصابة : ١ / ٤١٦.

٧٠

الإسلام (١). والذي يقال للناصب (٢) إنه ما كفاه الانحراف عن أمير المؤمنين حتى ضم إلى ذلك الانحراف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يناظره ويقاهره.

بيانه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ما رويناه عن صاحب كتاب الاستيعاب وهو مروي من طريق غيره أثنى على أمير المؤمنين صلوات الله عليها بتقدم إسلامه وإذا كان إسلامه في حال الطفولية بمقام الشرف على غيره فكيف ما إذا كان إسلامه بعد انتظام سداده وتمام رشاده.

ثم إن التعلق الذي تعلق به باغض أمير المؤمنين ضعيف من جهة الاعتبار بما أن أمير المؤمنين قبل الإسلام كان يخالط الكفار كما يخالطهم زيد وخباب ويسمع مقالتهم كما يسمعها الرجلان فإن كان والحال هذه عنده (٣) من (٤) السداد التام والنقد المعتبر ما لا يعتد بما سمع (٥) فهذه مرتبة له شريفة نفسانية قدسية تعاف مهابط الخطإ وتترك مساقط الضلال يفضل بها من سواه ويعلو (٦) بها قذال غيره وإن كان لا ينفر عنها (٧) ولا يوافق عليها فهو أيضا نوع شرف يفوق به غيره ويتميز به على من سواه.

وأي منقبة لمن رجع عن عبادة الأصنام وخدمة الأوثان وقد بلغ رشده وعرف قصده إلى خدمة الصانع الأزلي الأبدي هل هذا عند من

__________________

(١) العثمانية : ٢٢.

(٢) في النسخ : على الناصب.

(٣) ق : فله.

(٤) ج : فمن.

(٥) ن : يسمع.

(٦) ن : يعلق.

(٧) ق : عليها.

٧١

عقل من المناقب البليغة في شيء أو مما يستطرف.

قال عدو أمير المؤمنين صلوات الله عليها ولو كان علي أسلم بالغا مدركا و (١) كان مع إدراكه وبلوغه كهلا كان إسلام زيد وخباب أفضل من إسلامه لأن من أسلم وهو يعلم أن له ظهرا كأبي طالب وردء كبني هاشم ليس كغيره (٢). (٣) ولم أحك فص (٤) كلامه لأنه حشو بغيض غمام لا غيث فيه وقشر لا لب يقارنه ويدانيه.

والجواب عنه بما أنه كان ينبغي أن يقرر أن عليا صلوات الله عليها لو خلا من أبي طالب لوقف عن الإسلام وإذا لم يفعل ذلك فقد فجر إذ حكم على غيب وادعى مشاركة إله الوجود في خاص صفات مجده وهو كفر.

ثم ما يدريه أن خبابا وزيدا ما كانا آمنين بجوار بعض رؤساء الكفار كما كان غيرهما آمنا بذلك من أذى المشركين ثم ما يدريه أنهما لما أسلما كانا (٥) بمقام إظهار الإسلام والإشكال إنما يتوجه بذلك.

ثم ما يدري مبغض أمير المؤمنين عدو رسول الله بل عدو الله إذ قد روى ابن حنبل وغيره أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (٦) أن زيدا وخبابا كانا (٧) مقيمين بين كفار متعصبين

__________________

(١) لا توجد الواو في : ن.

(٢) ن : لغيره.

(٣) العثمانية : ٢٣.

(٤) ن : نص.

(٥) ن : كان.

(٦) فضائل الصحابة : ٢ / ٥٩٩ ح ١٠٢٢ و ٦١٠ ح ١٠٤٢ وسوف يأتي ذكر طرق هذا الحديث مفصلا فانتظر.

(٧) ن : كان.

٧٢

على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهذا إن كان كما قلت فالإشكال زائل وإن لم يكن فقد كان ينبغي أن ينبه عليه ليتم تعلقه.

وزعم مؤذي أمير المؤمنين عليه‌السلام بل مؤذي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنقل الثابت من طريق الخصم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال من آذى عليا فقد آذاني (١) وصورة ما اعتمد المشار إليه أذى

__________________

(١) فقد روى هذا الحديث جملة من علماء العامة ، نشير الى بعض منها ، فقد رواه احمد بن حنبل في فضائله : ٢ / ٦٣٣ ح ١٠٧٨.

وروى الحاكم في المستدرك : ٣ / ١٢٢.

بسنده عن عمرو بن شاس الاسلمي ـ وكان من أصحاب الحديبية ـ قال خرجنا مع علي عليه‌السلام الى اليمن فجفاني في سفره ذلك حتى وجدت في نفسي ، فلما قدمت اظهرت شكايته في المسجد ، حتى بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، قال : فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم في ناس من اصحابه ، فلما رآني أبدني عينيه ـ يقول : حدد اليّ النظر ـ حتى اذا جلست قال : يا عمرو أما والله لقد آذيتني فقلت : اعوذ بالله ان اوذيك يا رسول الله ، قال : بلى من آذى عليا فقد آذاني.

ورواه ايضا احمد بن حنبل في مسنده : ٣ / ٤٨٣ ، وابن الاثير في اسد الغابة : ٤ / ١١٣ ، وابن حجر في الاصابة : ج ٤ القسم ١ ص ٣٠٤ ، وقال : اخرجه احمد والبخاري في تاريخه وابن حبان في صحيحه وابن مندة.

وأورده ايضا ابن عبد البر في الاستيعاب بطريقين : ٢ / ٤٤٢ ، والمتقي في كنز العمال : ٦ / ١٥٢ و ٤ / ٤٠٠ ، والهيثمي في مجمعه : ٩ / ١٢٩. وقال : رواه احمد والطبراني باختصار.

وذكره ايضا المحب الطبري في الرياض النضرة : ٢ / ١٦٥.

وذكر الهيثمي في مجمعه : ٩ / ١٢٨ قال :

وعن سعد بن ابي وقاص قال : كنت جالسا في المسجد انا ورجلين معي ، فنلنا من علي فاقبل رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم غضبان يعرف في وجهه الغضب ، فتعوذت بالله من غضبه ، فقال : ما لكم وما لي؟ من آذى عليا فقد آذاني.

وذكر هذا ايضا ابن حجر في صواعقه : ص ٧٣ ، والشبلنجي في نور الأبصار ص ٧٢.

وذكر المحب الطبري في ذخائر العقبى : ٦٥.

قال : وعنه ـ أي عن عمرو بن شاس الاسلمي ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم : من احب عليا فقد احبني ، ومن ابغض عليا فقد ابغضني ، ومن آذى عليا فقد آذاني.

ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل ، قال : اخرجه ابو عمر النمري.

٧٣

لأمير المؤمنين فتبرهن ما قلته.

قال المشار إليه وإسلام أبي بكر أفضل من إسلام زيد وخباب لأنهما كانا مغمورين وكان أبو بكر ظاهرا معروفا فإسلامه أجمل (١) وأنبل والناس إلى قوله أميل (٢).

وادعى أن أبا بكر كان له مال وأن عتبة بن ربيعة (٣) كان فقيرا وأنه كان يغشاه (٤). ولم يبرهن على شيء من ذلك بنقل من سيرة معروفة وكتاب مشهور وقد أظهرنا كذبه في مقدمة (٥) عمر أمير المؤمنين عليه‌السلام أو بغضته ومن كان بهذه الصفة فدعواه (٦) غير متقبلة وحكايته جد مهملة وقد أكثر أصحابنا الطعن على دعوى عتبة وأنه كان خياطا.

ونقول مع هذا (٧) ما يدري مفارق علي بل مفارق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بل مفارق الله أن خبابا لو كان بحال أبي بكر ما كان يكون كحالهما في الإسلام إذ البرهان إنما يتقرر حيث يريد الإثبات بهذا.

وأما قوله إن الناس كانوا إلى إسلامه أميل فمما يحتاج إلى دليل.

والدليل على صواب ما رميت به صاحب الرسالة ما نقلته من كتاب

__________________

(١) ن : اكمل.

(٢) العثمانية : ٢٤ نقله بالمعنى.

(٣) هو عتبة بن ربيعة بن خالد بن معاوية البهراني حليف الأوس وهو من بني بهز بن امرئ القيس ، قيل انه شهد بدرا وذكر بعض انه شهد اليرموك وكان من الامراء ، أنظر : الاصابة : ٢ / ٤٥٣.

(٤) العثمانية : ٢٥ و ٢٦.

(٥) ن : مقدار.

(٦) ن : فدعاويه.

(٧) ن بزيادة : ايضا.

٧٤

فضائل علي عليه‌السلام رواية ولده عنه (١) ما صورته :

قال و (٢) حدثني أبي قال (٣) حدثني (٤) ابن نمير قال حدثنا عامر بن السبط قال حدثنا (٥) أبو الجحاف عن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر الغفاري قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) يا علي إنه من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني (٧).

وزعم أن أبا بكر رضوان الله عليه كان داعية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٨) وليس هذا مما نحن فيه من تقدم الإسلام أو شرف

__________________

(١) يعني : احمد بن حنبل.

(٢) لا توجد في المصدر ولا في ، ن.

(٣) ن بزيادة : و.

(٤) في المصدر : حدثنا.

(٥) في المصدر : حدثني.

(٦) ن بزيادة : وسلّم تسليما.

(٧) فضائل الصحابة ٢ / ٥٧٠ ح ٩٦٢ وقد روى هذا الحديث جماعة من العامة منهم :

الحاكم في المستدرك : ٣ / ١٢٣ بسنده عن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر قال : قال النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم : يا علي من فارقني فقد فارق الله ، ومن فارقك يا علي فقد فارقني.

وذكره ايضا الذهبي في ميزان الاعتدال : ١ / ٣٢٣ والهيثمي في مجمعه : ٩ / ١٣٥ والمحب الطبري في الرياض النضرة : ٢ / ١٦٧.

وقال الهيثمي في مجمعه : ٩ / ١٢٨.

وعن بريدة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم عليا عليه‌السلام أميرا على اليمن وبعث خالد بن الوليد على الجبل فقال : ان اجتمعتما فعلي عليه‌السلام على الناس ، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ( الى أن قال ) : فخرج ـ يعني النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ فقال : ما بال اقوام ينتقصون عليا ، من تنقص عليا فقد تنقصني ، ومن فارق عليا فقد فارقني ، ان عليا مني وأنا منه ، خلق من طينتي وخلقت من طينة ابراهيم ... الى آخره.

وجاء في كنز العمال : ٦ / ١٥٦ انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من فارق عليا فارقني ، ومن فارقني فقد فارق الله ، قال : أخرجه الطبراني عن ابن عمر.

(٨) العثمانية : ٢٦.

٧٥

مقامات الإسلام في شيء إذ للفضائل والتفاخر مقام غير هذا المقام مع أن الإسكافي أجاب عن هذا الكلام بما هو معروف (١).

__________________

(١) قال ابو جعفر الاسكافي ( في رده على عثمانية الجاحظ المطبوع في آخر كتاب العثمانية ص ٣١٣ ) :

ما أعجب هذا القول ، اذ تدعي العثمانية لأبي بكر الرفق في الدعاء وحسن الاحتجاج وقد اسلم ومعه في منزله ابنه عبد الرحمن فما قدر أن يدخله الاسلام طوعا برفقه ولطف احتجاجه ، ولا كرها بقطع النفقة عنه وادخال المكروه عليه ، ولا كان لابي بكر عند ابنه عبد الرحمن من القدر ما يطيعه فيما يأمره به ويدعوه اليه ، كما روي ان أبا طالب فقد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما وكان يخاف عليه من قريش أن يغتالوه فخرج ومعه ابنه جعفر يطلبان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوجده قائما في بعض شعاب مكة يصلي وعلي عليه‌السلام معه عن يمينه ، فلما رآهما أبو طالب قال لجعفر : تقدم وصل جناح ابن عمك! فقام جعفر عن يسار محمد صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم فلما صاروا ثلاثة تقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتأخر الاخوان ، فبكى أبو طالب وقال :

ان عليا وجعفرا ثقتي

عند ملمّ الخطوب والنوب

لا تخذلا وانصرا ابن عمكما

اخي لأمي من بينهم وأبي

والله لا اخذل النبي ولا

يخذله من بنيّ ذو حسب

فتذكر الرواة ان جعفرا اسلم منذ اليوم لأن أباه أمره بذلك وأطاع امره ، وابو بكر لم يقدر على ادخال ابنه عبد الرحمن في الاسلام ، حتى أقام بمكة ، على كفره ثلاث عشرة سنة ، وخرج يوم احد في عسكر المشركين ينادي : انا عبد الرحمن بن عتيق هل من مبارز!! ثم مكث بعد ذلك على كفره حتى أسلم عام الفتح ، وهو اليوم الذي دخلت فيه قريش في الاسلام طوعا وكرها ، ولم يجد احد منها الى ترك ذلك سبيلا.

وأين كان رفق ابي بكر وحسن احتجاجه عند ابيه أبي قحافة وهما في دار واحدة؟ هلاّ رفق به ودعاه الى الاسلام فاسلم ، وقد علمتم انه بقي على الكفر الى يوم الفتح فاحضره ابنه عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة فنفر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه وقال : غيروا هذا فخضبوه ثم جاءوا به مرة اخرى فاسلم ، وكان ابو قحافة فقيرا مدقعا سيئ الحال وأبو بكر عندهم كان مثريا فائض المال ، فلم يمكنه استمالته الى الاسلام بالنفقة والاحسان.

وقد كانت امرأة أبي بكر ام عبد الله ابنه ـ واسمها نملة بنت عبد العزى بن اسعد بن عبدود العامرية ـ لم تسلم وأقامت على شركها بمكة ، وهاجر أبو بكر وهي كافرة ، فلما نزل قوله تعالى ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) فطلقها أبو بكر. فمن عجز عن ابنه وابيه وامرأته فهو عن

٧٦

وأما (١) أنا فأرى التباعد عن قذف خلصاء الصحابة والتنازح (٢) عن التعرض بالقرابة (٣).

قال المخذول عند الله تعالى بدليل ما رواه الخوارزمي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال اللهم انصر من نصره واخذل من خذله (٤) ما صورته :

( ولا سواء إسلام من أسلم على (٥) أن يمون ويكلف وإسلام من كان يمان قبل إسلامه ويكلف بعد إسلامه وفرق بين الكهل الدافع والحدث وأن أبا بكر كان يلقى في الله ورسوله ما لم يكن علي يلقاه ) (٦).

هذا شيء من معنى كلامه متعصبا على أمير المؤمنين عليه‌السلام ويكفيه في الجواب بعد ثبوت ما ظهر من انحرافه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) إلى قوله تعالى ( مُهِيناً ) (٧).

وقد سبق تنبيه على هذا ويزيده وضوحا ما رواه أبو المؤيد الخوارزمي عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي قال حدثني وهو آخذ

__________________

غيرهم من الغرباء أعجز ومن لم يقبل منه ابوه وابنه وامرأته لا برفق واحتجاج ولا خوفا من قطع النفقة عنهم وادخال المكروه عليهم فغيرهم أقل قبولا منه وأكثر خلافا عليه.

(١) أضفنا الكلمة ليستقيم الكلام.

(٢) تنازح : بعد.

(٣) ن : للقرابة.

(٤) مناقب الخوارزمي : ٨٠ ، ٩٤ وفي ن بزيادة : الى آخره.

(٥) لا توجد في : ن.

(٦) العثمانية : ٢٦ و ٢٧.

(٧) في ن : الآية كلها مثبتة ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) الأحزاب : ٥٧.

٧٧

بشعره قال حدثني أبي علي بن الحسين عليه‌السلام وهو آخذ بشعره قال حدثني حسين بن علي وهو آخذ بشعره قال حدثني علي بن أبي طالب عليه‌السلام وهو آخذ بشعره قال حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو آخذ بشعره قال يا علي من آذى شعرة منك (١) فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله لعنه ملك السماوات والأرض (٢).

وتقرير ذلك بما يأتي من الرواية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لعلي أنت مني بمنزلة رأسي من بدني ورواه (٣) صاحب كتاب الاستيعاب (٤).

والجواب عما قاله أنه أحال على دعوى في أن أبا بكر رضوان الله عليه كان يلقى في الله ورسوله ما لم يكن علي يلقاه ولئن سلمنا ذلك فليس هذا من العلم بأن إسلام أبي بكر أشرف من إسلام علي إلا بعد أن يثبت بالبرهان أن أبا بكر (٥) لما أسلم علم أو غلب على ظنه أنه يؤذى وأن أمير المؤمنين علم أو غلب على ظنه (٦) أنه لا يؤذى بل الذي كان يظهر

__________________

(١) ن : قال من شعرة مني فقد آذاني.

(٢) في المصدر : ملء السماوات وملء الأرض ، انظر مناقب الخوارزمي : ٢٣٥ باختلاف في اللفظ يسير.

(٣) ن : وروى.

والحديث لم أجده في الاستيعاب في الطبعة التي عندي ولكن الحديث رواه باللفظ المذكور أعلاه أو بلفظ : « علي مني مثل رأسي من بدني » أو بلفظ « علي مني كرأسي من بدني » جماعة منهم : ابن المغازلي في مناقبه : ٩٢ رواه باللفظين والخوارزمي في مناقبه : ٨٦ و ٨٩ والهيثمي في الصواعق المحرقة : ٧٥ والخطيب في تاريخ بغداد : ٧ / ١٢ والمحب في الرياض النضرة ٢ / ١٦٢ وذخائر العقبى : ٦٣ والقندوزي في ينابيع المودة : ١٨٥ و ٢٨٤.

(٤) ما بين المعقوفتين فقط في : ن.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

٧٨

غير ذلك إذ أمير المؤمنين ورسول الله صلوات الله عليهما كانا فيما أتياه بمقام المتعرضين للفتك بهما لأنهما أصل القاعدة في تغيير سنن الشرك فإقدامه على الإسلام بدء تعرض للتلف (١) وأما (٢) أن أبا طالب كان منيعا في قومه فمن عرف السيرة عرف أن بني هاشم لم يكونوا بمقام المقاومة (٣) للمشركين كافة من قريش وغيرهم بل من بطون قريش عدا بني هاشم فلو اغتالا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليا عجز بنو هاشم عن (٤) مصارمتهم (٥) ومصادمتهم وخاصة إذا كان الفاتك بهما غير مشهور والقاصد إليهما بالاغتيال غير معلوم.

وفيما أوردته وأورده إن شاء الله تعالى على صاحب الرسالة أنه إن كان بمقام (٦) مذعن (٧) بما (٨) قلت وحاد عنه فهو مبغض لا محالة فيكفيه وعيد بغضة (٩) أمير المؤمنين صلوات الله عليه وإن كان بمقام جاهل فهو حال في مقام المحذور إذ دخل في باب مخطر من غير أن يعرف ما ينتهي (١٠) خطره إليه فالرزية قلادة المذكور بين معرفته وجهالته.

وأما أن أبا بكر أسلم على أن يمون ويكلف وكون علي كان يمان

__________________

(١) ق : بالتلف.

(٢) فقط في : ن.

(٣) ن : المقدم.

(٤) ن : عند.

(٥) المصارمة : المقاطعة ( المنجد ).

(٦) ق : مقام.

(٧) ن : من على.

(٨) في جميع النسخ : ما قلت.

(٩) ن : بغضته.

(١٠) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ق.

٧٩

ويكلف بعد الإسلام (١) فقول هاذ (٢) أي برهان قام على ما ذكر أو أمارة.

وأما أن أمير المؤمنين كان يمان ويكلف بعد إسلامه فرد ظاهر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ لو كان إسلامه ضعيف القواعد ما مدحه رسول الله في عدة روايات مشرفات له على غيره (٣) فيلحقه إذن من الوعيد ثمرات قوله تعالى ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ) (٤) وأما أنه كان يكلف بعد الإسلام فدعوى لا برهان عليها.

ومتى فتح باب البحث كيف كان ساغ أن يقول قائل إن أبا عثمان ملحد من غير دليل وكما أن هذا لا يقوم به حجة قبل إقامة برهانه (٥) فكذا هذا.

وأما أنه فرق بين إسلام الحدث والكهل فقد أجبنا عن مثله.

قال شانئ أمير المؤمنين عليه‌السلام ما حاصله إن أبا بكر كان فيه معاضدة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد إسلامه (٦) وليس هذا معنى يتعلق بالإسلام الذي البحث فيه بل هو شيء خارج عن ذلك.

ولو (٧) كان ذلك في مقابلة قول من قال إنه ما دافع ولا نصر رسول الله أصلا كان لذلك وجه لكن هذا ما جرى فإذن (٨) المذكور يسر

__________________

(١) العثمانية : ٢٦.

(٢) ن : هاز.

(٣) قد مرت الاشارة الى بعضها هامش ص ( ١٣ و ١٤ ).

(٤) النساء : ١١٥.

(٥) ن : برهان.

(٦) العثمانية : ٢٨.

(٧) ق : فلو.

(٨) ن : فان.

٨٠