بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس

بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس


المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٥

وإن ادعى مدع أن محصل الإمامة (١) غير ذلك من صنوف الإجماع فلنذكره (٢) ولا أرى إلى ذلك سبيلا.

[ و ] (٣) قال ما الشيء الذي كان علي أجزأ منه فيه ولم تكن الفتن إلا على رأسه ولم تغلق الفتوح إلا في زمانه (٤).

والذي يقال على هذا إنه تعرض برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسب له إذ سبه سبه كما سلف (٥) وأذاه أذاه وقد سلف أن عليا على الحق (٦) فإن كان الجاحظ أراد أنه كان (٧) على الخطأ فقد كذب رسول الله وإن ذهب إلى أنه كان فيما فعل على الحق فلا عيب وإن قال لم يكن فيه على غلط ولا صواب بل هو أمر عارض فلا حيلة ولا ذنب على من لم يجن وكلام الجاحظ يظهر منه التنقص (٨).

وأما الفتن إذا اعتبرت فإن لسان الجارودية يقول إن مسببها الشورى إذ جعل علي أسوة بغيره من أصحاب الشورى مع الذي روى من لا يتهم من كون عمر رضوان الله عليه قال إن ولوها عليا حملهم على المحجة وسنذكر دليل قوله وربما ذكرنا عيبه غير علي وإنما أخذ على علي الدعابة وقد بينا أنها أخلاق النبوة فالطعن على علي بها مشكل فلما كان أحد ستة

__________________

(١) ن : الامامية.

(٢) ن : فليذكره.

(٣) لا توجد في : ن.

(٤) العثمانية : ١٨٥.

(٥) تقدم ص : (١٠٤).

(٦) تقدم ص : (٩٤).

(٧) لا يوجد في : ن.

(٨) ن : النقض.

٣٦١

تعلقت خواطر الحمية (١) بها وعلي كان يرى نفسه حقا المحل (٢) القابل لها وأنه مستحق الخلافة (٣) فلما ولي عثمان ولي علي ضعف بمن عداه من رجال الشورى المتشوقين إلى الخلافة المتقوين بإدخالهم في الشورى وضم إلى ذلك حوادثه فقتل وكان الحادث الذي جرى بالبصرة بسبب قتله واختلاف الجماعة على علي عليه‌السلام ثم كان فرع قتل عثمان صفين وقيام معاوية في الأخذ بثأره ثم كانت الواقعة الخارجية بسبب حرب صفين. وقد بينا مع قطع النظر عن النصوص الناصرة ـ أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه لم يكن سبب شيء مما جرى وأنه بمقام من بغي عليه عن قرب فكيف وقد ثبت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر بما جرى من مخاصمته للناكثين والقاسطين والمارقين وأن عمارا رحمه‌الله تعالى تقتله الفئة الباغية في الصحيح وتلك المحاربات كانت الشاغلة عليا عليه‌السلام عن الفتوح فليس عليه درك ولأن ألزم الدرك غير مهمل لزم ذلك الأنبياء في تخلف من تخلف عنهم واختلال أحوال الرعية فيما صدر منهم وهو باطل لا محالة.

وذكر شيئا يتعلق بحال سلمان في موافقته (٤) (٥) وليس ذلك مما يثبت حقا أو ينقض (٦) باطلا لضعف أصله.

الإشارة إلى ما وعدت به من ذكر قول عمر رضوان الله عليه إن ولوها

__________________

(١) ن : الخمسة.

(٢) ق : والمحل.

(٣) ق ون : للخلافة.

(٤) ن : موافقة.

(٥) العثمانية : ١٨٦.

(٦) ن : ينقص.

٣٦٢

عليا حملهم على المحجة فأقول (١) إن السيد المعظم المرتضى حكاه عن البلاذري في تاريخه صورة اللفظ إن ولوها الأجيلح سلك بهم الطريق.

قال ابن عمر فما يمنعك منه قال أكره أن أتحملها حيا وميتا (٢).

ونقلنا من كتاب السقيفة تصنيف الجوهري ما يناسب هذا.

وقد روى صاحب كتاب الاستيعاب في إسناد (٣) لا أتهم فيه أحدا على السنة معروفا بقول باطل متصل يقول في سياق الحديث :

فقال ويحك يا ابن عباس ما أدري ما أصنع بأمة محمد قلت ولم (٤) وأنت بحمد الله قادر على أن تضع ذلك مكان الثقة قال إني أراك تقول إن صاحبك أولى الناس بها يعني عليا قلت أجل والله إني لأقول (٥) ذلك في سابقته (٦) وصهره قال إنه كما ذكرت ولكنه كثير الدعابة (٧).

__________________

(١) ن : واقول.

(٢) الشافي : ٢٥٨.

(٣) والحديث كما جاء في المصدر :

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه من كتابي وهو ينظر في كتابه ، قال : حدثنا ابو محمد قاسم بن اصبغ ، حدثنا ابو عبيد بن عبد الواحد البزار ، حدثنا محمد بن أحمد بن أيوب ، قال قاسم : وحدثنا محمد بن اسماعيل بن سالم الصائغ ، حدثنا سليمان بن داود ، قالا حدثنا ابراهيم بن سعد ، حدثنا : محمد بن اسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس ، قال : بينا انا امشي مع عمر يوما اذ تنفس نفسا ظننت انه قد قبضت اضلاعه ، فقلت : سبحان الله ، والله ما اخرج منك هذا يا أمير المؤمنين الا امر عظيم ، فقال : ويحك يا ابن عباس ... الى آخره.

(٤) ق : وهم.

(٥) ق : لا اقول.

(٦) في المصدر بزيادة : وعلمه وقرابته.

(٧) الاستيعاب : ٣ / ١١١٩.

٣٦٣

ولم أثبت ما أعرفه من الطرق (١) في ذلك إذ هذا الموضع موضع إيجاز (٢) الغرض منه ما ينهض بالرد على الجاحظ ومنع أن يكون سلمان رضي‌الله‌عنه قال ما قال من الكلام الفارسي لأنه كان يريد تثبيت إمامة علي عليه‌السلام والحاضرون عرب (٣).

والجواب بما أن المصدور ينفث ولو كان خاليا ويتأوه ولو كان فريدا ولما رأى سلمان أن الرئاسة قد خرجت عن يد أربابها وغلب عليها الأبعد دون الأقرب والمفضول دون الأفضل قال ما قال اتباعا لعادة المكروب عند كربته وشدته.

قال وإذا كان جميع من حضر لا يعرف تفسير الكلمة تعين أن يكون سلمان فسرها لهم ولو كان كذا لنقل (٤). وأقول :

إن هذا فاسد وما يدري الجاحظ أنه ما حضر المجلس من يفهم الكلمة إذ العرب كانوا مترددين إلى بلاد فارس وغيرها فبين مستجد (٥) وتاجر أو معاشرين لمن كان هذا فنه.

أما أن العرب الذين حضروا ما خلطوا أعجميا ولا من خالط أعجميا عرفوا منه شيئا من كلام العجم فتحكم ساقط مدفوع لا يذهب إليه ذو حس وأما أنه لو كان فسرها لنقل فممنوع إذ الجمهور ممن حضر كانوا

__________________

(١) ن : الطريق.

(٢) ق : انجاز.

(٣) قال الجاحظ : وان كان سلمان على ما قد وصفتم ، وبالمكان الذي وصفتم من الحكمة والبيان ، فما دعاه الى ان يكلم العرب والاعراب بالفارسية ، وهو عربي اللسان فصيح الكلام ، وهو يعلم انه لم يكن بحضرة المدينة فرس ولا من يتكلم بالفارسية ولا من يفهمها. انظر العثمانية : ١٨٧.

(٤) العثمانية : ١٨٨ نقله بالمعنى.

(٥) ق : مستنجد.

٣٦٤

بمقام الانحراف عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مع أنه ليس كل مقول منقولا ولا كل منقول متصلا (١).

وتعلق بأن سلمان لو قال ذلك وعرف أنكر عليه شيع أبي بكر (٢). والجواب عن هذا بما أن أبا عثمان بعيد عن الحكمة نازح عن التدبير الموزون ذو لفظ غثه أكثر من سمينه لا يعرف وجوه الرأي ولا يستوري زند الاعتبار فلهذا يتفوه بما يتفوه به وينهض تارة مع أمير المؤمنين عليه‌السلام وتارة مع العباسية وتارة مع العثمانية يريد بذلك رضا الجميع وذلك موضع السفه إذ الجميع عند ذلك ساخطون عليه ذامون له عائبون عليه فعله قادحون في دينه.

وإذا عرفت هذا فإن الحكمة قاضية بأن الأمور إذا استقرت أو ما استقرت وطعن فيها طاعن يريد نقض إبرامها وتهويشها أن يلغى (٣) حديثه ويقع الإضراب عن مراجعته لئلا يتسع الحديث ويتنبه المتنبه ويراجع ذهنه الغافل ويعطف على تنقيبه العاقل ويكون ذلك مادة لنقض الإبرام ودحض ما أظفر به الوقت من المرام.

واعترض التعلق بمخالفة (٤) خالد بقوله يا بني عبد مناف أرضيتم بأن يلي هذا الأمر غيركم بأن قال إن خالدا إن كان أراد عموم بني عبد مناف فليس لقول خالد معنى وإن كان في (٥) قوم دون قوم فليس هو عاما وإن كان في عبد مناف للشرف والقرابة ـ فالعباس أولى بذلك من علي

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ق.

(٢) العثمانية : ١٨٩ منقول بالمعنى.

(٣) ق : نلغى.

(٤) ق : مخالفة.

(٥) ن : من.

٣٦٥

وجميع بني عبد مناف (١).

أقول إن الجارودية تستفسر أبا عثمان فإن قال أردت بالشرف العلم والفضل والزهد والجهاد والمعاني النفسانية والكسبية فإن العيان يكذبه ولسان النبوة ولسان السيرة وإن أراد بالشرف تعظيم الرسول له وتعظيم الله له فقد كذب وإن أراد بالشرف أن العباس كان أكبر من علي فليس ذلك موضع الشرف وإن أراد أنه كان عند الصحابة أكبر (٢) قدرا من علي فقد كذب ولئن كان هذا فهو قدح في الصحابة عظيم إذ يرجحون العباس رضي‌الله‌عنه على علي عليه‌السلام ويؤيد ذلك أن عمر لم يدخله في الشورى ولا أهله رضي‌الله‌عنه لها.

قال وأما قوله أرضيتم يا بني عبد مناف فإنه لم يرد عليا بالتخصيص (٣).

وأطال كلامه الغث الذي لا ينهض بحجة إذ غرض الخصم أنه ما وافق على خلافة أبي بكر رضوان الله عليه والإجماع إنما ينتظم باتفاق الجميع وهو أصل الخلافة فإذا انتفى انتفت.

وليس الجارودية متعلقين (٤) بخلاف خالد في أن ذلك مثبت خلافة علي ولو صرح خالد بخلافة علي ما قامت من ذلك حجة عند عاقل إذ الرواية من طريق الخصم واردة باستخلافه وما قامت عنده بذلك حجة فكيف تقوم بقول خالد هذا محال.

__________________

(١) العثمانية : ١٩٠.

(٢) ج و ق : اكثر.

(٣) العثمانية : ١٩١ منقول بالمعنى.

(٤) ق : في الجارودية من يتعلق.

٣٦٦

وقال إن خالدا رجع (١) وهذه دعوى.

وقال إن الأنصار بعد قولهم منا أمير ومنكم أمير رجعوا (٢) وهذا قول رجل جاهل بالسيرة أو معاند إذ رأس الأنصار مات على الخلاف وهو سعد بن عبادة والأنصار خصمتهم رواية (٣) أبي بكر الأئمة من قريش.

[ و ] (٤) قال عن علي عليه‌السلام ولو ذكروه (٥) إشارة إلى من خالف ما كان لذكرهم دليل على أنه أولى بالإمامة من أبي بكر مع ما (٦) عددناه من خصاله التي لا يفي بها علي ولا غيره (٧).

والذي يقول لسان الجارودية في هذا إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بنى عليه وأثبت (٨) قصة الغار والعريش وربما تعلق بقصة مسطح وصدقة أبي بكر وقال إن ما سوى ذلك مما لا يبرئ من سقم ولا يرد من حيرة (٩) يجب تركه في الجانبين.

والذي يقول لسان الجارودية في هذا إنا قد أجبنا عن حديث الغار والعريش والصدقة وعن حال مسطح وكذا أجبنا عن غير ذلك من فنون عددها (١٠) في السيرة.

__________________

(١) العثمانية : ١٩٢.

(٢) العثمانية : ١٩٣.

(٣) ق : برواية.

(٤) لا توجد في : ق.

(٥) ن : ولو لا ما.

(٦) في المصدر : مهما.

(٧) العثمانية : ١٩٣.

(٨) ج وق : اثبته.

(٩) ن : حرة.

(١٠) ق : عددتها.

٣٦٧

وإذا عرفت هذا فاعلم أن عدو أمير المؤمنين محجوج بقوله في كون الذي روى غير ما أشار إليه لا عبرة به وقد بينا الجواب عما أشار إليه.

ولنذكر شيئا جمليا من ممادح أمير المؤمنين عليه‌السلام الثابتة عند القوم فنقول :

ـ ولقد أحسن ابن عبد البر وهو ممن لا يتهم في قوله قال أبو عمر فضائله لا يحيط بها كتاب وقد أكثر الناس من جمعها فرأيت الاقتصار منها على النكت التي يحسن المذاكرة بها وحكى عن أحمد بن حنبل ما صورته قال أحمد بن حنبل وإسماعيل بن إسحاق القاضي لم يرو في فضل أحد من الصحابة بالأحاديث (١) الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب وكذلك قال أحمد بن شعيب (٢) بن علي النسائي (٣).

وقال أخطب خطباء خوارزم في أول كتابه (٤) المناقب وذكر فضائل

__________________

(١) ق : الاحاديث.

(٢) كل النسخ : احمد بن سعيد بن علي النسوي وفي ق : السري.

(٣) الاستيعاب : ٢ / ٤٦٦.

وذكره ايضا ابن حجر في صواعقه : ٧٢ ، والعسقلاني في فتح الباري : ٨ / ٧١ والشبلنجي في نور الابصار : ٧٣.

وفي مستدرك الصحيحين : ٣ / ١٠٧.

روى بسنده عن محمد بن منصور الطوسي يقول : سمعت احمد بن حنبل يقول : ما جاء لاحد من اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الفضائل ما جاء لعلي بن ابي طالب عليه‌السلام.

وجاء في الامامة والسياسة : ٩٣.

قال : وذكروا ان رجلا من همدان يقال له برد قدم على معاوية فسمع عمروا يقع في علي عليه‌السلام فقال له : يا عمرو ان اشياخنا سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فحق ذلك ام باطل؟ فقال عمرو : حق! وانا ازيدك انه ليس احد من صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له مناقب مثل مناقب علي. ففزع الفتى ... الحديث.

(٤) ق : كتاب.

٣٦٨

أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب هذا لفظه بل ذكر شيء منها فإن (١) ذكر جميعها يقصر عنه باع الإحصاء بل ذكر أكثرها يضيق عنه نطاق طاقة الاستقصاء ويدل (٢) على صدق ما ذكرت (٣) ما أنبأني الإمام الحافظ صدر الحفاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني و (٤) قاضي القضاة الإمام الأجل نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي قالا (٥) أخبرنا الشريف الإمام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي رحمه‌الله عن الإمام محمد بن أحمد بن (٦) علي بن الحسن بن شاذان قال حدثنا المعافى بن زكريا أبو الفرج عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج عن الحسن بن محمد بن بهرام عن يوسف بن موسى القطان عن جرير عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو أن الغياض أقلام والبحر مداد والجن حساب والإنس كتاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب (٧).

قال وبهذا الإسناد عن ابن شاذان قال حدثني أبو محمد

__________________

(١) المصدر : اذ.

(٢) في المصدر : يدلك.

(٣) في المصدر بزيادة : ما اخبرني به السيد الامام الاول المرتضى شرف الدين ، عز الاسلام ، علم الهدى ، نقيب نقباء الشرق والغرب ، ابو الفضل محمد بن علي بن محمد بن المطهر بن المرتضى الحسيني في كتابه اليّ من مدينة الري ، جزاه الله عني خيرا. قال : اخبرني السيد ابو الحسن علي بن ابي طالب الحسيني السيلقي ( وفي نسخة السليقي ) بقراءتي عليه قال : اخبرني الشيخ العالم ابو النجم محمد بن عبد الوهاب بن عيسى السمان الرازي ، قال : اخبرني الشيخ العالم ابو سعيد محمد بن احمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي ، اخبرني محمد بن علي بن محمد بن جعفر الاديب بقراءتي عليه. وانبأني الامام الحافظ ... الى آخر.

(٤) في المصدر : قال انبأني.

(٥) في المصدر : قال انبأنا.

(٦) ق : ابي الثلج عن الحسن بن محمد بن بهرام عن يوسف بن موسى القطان ... الى آخره.

(٧) مناقب الخوارزمي : ٢.

٣٦٩

الحسين (١) بن أحمد بن مخلد المخلدي من (٢) كتابه عن الحسين بن إسحاق عن محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمار عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه [ عن ] أمير المؤمنين عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله تعالى جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثرة (٣) فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه (٤) ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة (٥) رسم ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع (٦).

ثم قال النظر إلى علي (٧) عبادة وذكره عبادة ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه (٨).

وقد رأيت الاقتصار على هذا إذ الشروع في أمثال هذا يقطعنا عما نحن بصدده من مبادرة الانتصار لمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في فنون سوف يأتي في مطاوي هذه الأوراق.

وذكر القصة في مناظرة علي أصحاب الشورى وهي جميلة جدا في إسناد مرفوع (٩).

__________________

(١) المصدر : الحسن.

(٢) المصدر : في.

(٣) ن والمصدر : كثيرة.

(٤) في المصدر بزيادة : وما تأخر.

(٥) في المصدر : لذلك الكتاب.

(٦) في المصدر بزيادة : ومن نظر الى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.

(٧) في المصدر : النظر الى اخي علي بن ابي طالب عبادة.

(٨) مناقب الخوارزمي : ١ و ٢.

(٩) قال الخوارزمي في مناقبه : ٢٢١. واخبرني الشيخ الامام شهاب الدين افضل الحفاظ ابو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي ، فيما كتب اليّ من همدان ، اخبرني

٣٧٠

__________________

الحافظ ابو علي الحسن بن احمد بن الحسن الحداد ، فيما اذن لي في الرواية عنه ، اخبرني الشيخ الاديب ابو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن ابراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين واربعمائة ، اخبرني الامام الحافظ طراز المحدثين ابو بكر احمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني ، قال الشيخ الامام شهاب الدين ابو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني ، واخبرنا بهذا الحديث عاليا الامام الحافظ سليمان بن ابراهيم الاصبهاني في كتابه اليّ من اصبهان سنة ٤٨٨ ، عن ابي بكر احمد بن موسى بن مردويه ، حدثني سليمان بن محمد بن احمد ، حدّثني يعلى بن سعد الرازي ، حدثني محمّد بن حميد ، حدّثني زاهر بن سليمان بن الحرث بن محمد ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال :

كنت مع عليّ في البيت يوم الشورى ، وسمعته يقول لهم : لاحتجنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم تغيير ذلك ، ثم قال : انشدكم الله أيها النفر جميعا أفيكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا : لا. قال : فانشدكم الله ، هل منكم احد له اخ مثل جعفر الطيّار في الجنّة مع الملائكة؟ قالوا : اللهم لا. قال : انشدكم الله ، هل فيكم احد له عم كعميّ حمزة اسد الله واسد رسوله سيد الشهداء غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : انشدكم بالله ، هل فيكم احد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيّدة نساء اهل الجنّة غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : انشدكم بالله هل فيكم احد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنّة غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله ، هل فيكم احد ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر مرات ، قدّم بين يديّ نجواه صدقة ، قبلي؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله ، هل فيكم احد قال له رسول الله من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، ليبلغ الشاهد الغايب غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم الله ، هل فيكم احد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللهم ائتني باحب خلقك اليك والي ، واشدهم لك حبّا ولي حبّا يأكل معي من هذا الطير فاتاه واكل معه غيري؟ قالوا : اللهمّ ، لا. قال : فانشدكم الله ، هل فيكم احد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، لا يرجع حتّى يفتح الله على يده اذ رجع غيري منهزما غيري؟ قالوا : اللهم ، لا قال : فانشدكم الله هل فيكم احد قال فيه رسول الله لوفد بني وليعة لتنتهين ، او لأبعثنّ اليكم رجلا نفسه كنفسي ، وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي ، يقتلكم بالسيف غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم احد قال رسول الله كذب من زعم انه يحبّني ويبغض هذا غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم أحد سلّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ملك من الملائكة ، منهم جبرئيل ، وميكائيل واسرافيل حيث جئت بالماء الى رسول الله من القليب غيري؟ قالوا : اللهم ، لا.

٣٧١

__________________

قال : فانشدكم الله هل فيكم احد قال له جبرئيل هذه هي المواساة فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه منّي وانا منه وقال جبرئيل : وأنا منكما غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم احد نودي من السماء لا سيف الا ذو الفقار ، ولا فتى الاّ عليّ غيري؟

قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم احد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النّبي غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم احد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّي قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم احد ردّت عليه الشمس حتّى صلّى العصر في وقتها غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم احد امره رسول الله ان يأخذ براءة من أبي بكر ، فقال أبو بكر : يا رسول الله نزل في شيء؟ فقال : انّه لا يؤدّي عنّي الاّ علي غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم احد قال له رسول الله لا يحبك الاّ مؤمن ولا يبغضك الاّ كافر غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله اتعلمون انه تعالى امر بسد ابوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك ، فقال رسول الله ما سددت ابوابكم ولا فتحت بابه ، بل الله سد ابوابكم ، وفتح بابه غيري؟ قالوا : اللهم ، نعم. قال : فانشدكم بالله ، اتعلمون انه ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك فقلتم ناجاه دوننا ، فقال : ما انا انتجيته بل الله انتجاه غيري؟ قالوا : اللهم ، نعم. قال : فانشدكم الله اتعلمون ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الحق مع علي وعلي مع الحق يدور الحق مع علي كيف ما دار ، قالوا : اللهم ، نعم. قال : فانشدكم بالله اتعلمون ان رسول الله قال : اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. قالوا : اللهم ، نعم. قال : فانشدكم الله هل فيكم احد وقى رسول الله من المشركين بنفسه ، واضطجع في مضجعه غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم احد بارز عمرو بن عبدود العامري حيث دعاكم الى البراز غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم احد انزل الله فيه آية التطهير حيث قال : انما يريد ... الى آخره غيري؟ قالوا : اللهم ، لا.

قال : فانشدكم الله هل فيكم احد قال له رسول الله : انت سيد العرب غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم احد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما سألت الله شيئا الاّ سألت لك غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال ابو الطفيل : كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الاصوات بينهم فسمعت عليا [ عليه‌السلام ] يقول : بايع الناس أبا بكر وانا والله اولى بالامر واحق به منه ، فسمعت واطعت مخافة ان يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف. ثم بايع ابو بكر لعمر وانا والله احق بالامر منه فسمعت واطعت مخافة ان يرجع الناس كفارا ، ثم انتم تريدون ان تبايعوا لعثمان اذن لا اسمع ولا اطيع ، ان عمر جعلني في خمس نفر

٣٧٢

__________________

انا سادسهم ، لايم الله لا يعرف لي فضل في الصلاح ولا يعرفونه لي كما نحن فيه شرع سواء وايم الله لو اشاء ان اتكلم ثم لا يستطيع عربهم ولا عجمهم ، ولا المعاهد منهم ، ولا المشرك ان يرد خصلة منها ثم قال : انشدكم الله ايها الخمسة امنكم اخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد له عم مثل عمي حمزة بن عبد المطلب اسد الله واسد رسوله غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد له ابن عم مثل ابن عمي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد له اخ مثل اخى المزين بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنة؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيدة نساء هذه الامة؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد له سبطان مثل ولدي الحسن والحسين سبطي هذه الامة ابني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد قتل مشركي قريش غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد وحدّ الله قبلي؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد صلّى الى القبلتين غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد امر الله بمودته غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد سكن المسجد يمر فيه جنبا غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قربّ اليه الطير فاعجبه : اللهم ايتني باحب خلقك اليك ، يأكل معي من هذا الطير ، فجئت وانا لا اعلم ما كان من قوله فدخلت فقال : واليّ يا رب ، واليّ يا رب غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد كان اقتل للمشركين عند كل شديدة تنزل برسول الله غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد كان اعظم عناء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني حتى اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت مهجتي غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد كان يأخذ الخمس غيري وغير زوجتي فاطمة؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد كان له سهم في الخاص وسهم في العام غيري؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد يظهره كتاب الله غيري حتى سد النبي ابواب المهاجرين وفتح بابي اليه حتى قام اليه عماه حمزة والعباس فقالا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سددت ابوابنا وفتحت باب علي فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما انا فتحت بابه ، ولا سددت ابوابكم بل الله فتح بابه وسد ابوابكم؟ قالوا : لا. قال : امنكم احد تمم الله نوره من السماء حين قال ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) غيري؟ قالوا : اللهم ، لا قال : امنكم احد ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ست عشر مرة غيري حين قال : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) اعمل بها احد غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : امنكم احد ولى غمض رسول الله غيري؟ قالوا : اللهم ، لا. قال : امنكم احد آخر عهده برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين وضعه في حفرته غيري؟ قالوا : لا.

٣٧٣

وكذا مدح ابن عباد (١) مولانا صلّى الله عليه بغرائب فنون معلومة معروفة لا تدفع وكذا غيره (٢).

ونقلت من كتاب مقاتل الطالبيين بعد أن ذكر مصنفه فنونا من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ما صورته :

قال أبو الفرج علي بن الحسين قد أتينا على صدر من أخباره فيه مقنع وفضائله رضوان الله عليه أكثر من أن تحصى والعامل (٣) فيها لا

__________________

(١) هو اسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن احمد بن ادريس الملقب بكافي الكفاة وبالصاحب ( لانه صحب الوزير ابن العميد من الصبا ) كان أديبا شاعرا ، كاتبا ، مؤلفا ، تولى الوزارة لآل بويه ولد سنة ٣٢٠ وقيل ٣٢٤ وقيل غير ذلك وتوفي عام ٣٨٤ أو ٣٨٥. وللصاحب قصائد كثيرة في مدح مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد اثبت له اخطب خوارزم اربع مقطوعات في ص : ٥٥ و ٦٥ و ١٠٨ و ٢٤٠ ونحن نكتفي بذكر واحدة منها :

حب النبي واهل البيت معتمدي

اذا الخطوب اساءت رأيها فينا

ايا ابن عم رسول الله افضل من

ساد الانام وساس الهاشمينا

يا قدوة الدين يا فرد الزمان اصخ

لمدح مولى يرى تفضيلكم دينا

هل مثل سبقك للإسلام لو عرفوا

وهذه الخصلة الغراء تلفينا

هل مثل علمك ان زلوا وان وهنوا

وقد هديت كما اصبحت تهدينا

هل مثل جمعك للقرآن تعرفه

لفظا ومعنى وتاويلا وتبيينا

هل مثل حالك عند الطير تحضره

بدعوة نلتها دون المصلينا

هل مثل بذلك للعاني الأسير

وللطفل الصغير وقد اعطيت مسكينا

هل مثل صبرك اذ خانوا واذ خبروا

حتى جرى ما جرى في يوم صفينا

هل مثل فتواك اذ قالوا مجاهرة

لو لا علي هلكنا في فتاوينا

يا رب سهل زياراتي مشاهدهم

فان روحي تهوى ذلك الطينا

يا رب صير حياتي في محبتهم

ومحشري معهم آمين آمينا

(٢) كذلك اثبت قطعات من الشعر لجماعة يمدحون بها أمير المؤمنين عليه‌السلام منهم : العباس بن عبد المطلب : ٨ وخزيمة بن ثابت الانصاري : ١٦ وبديع الزمان الهمداني : ٣٨ و ٩٩ وحسان بن ثابت : ٨٠ والسيد الحميري : ٩٩ و ١٠٨ بالاضافة الى قصائد اخطب خوارزم المنتشرة في الكتاب.

(٣) المصدر : القليل منها.

٣٧٤

موقع له في (١) هذا الكتاب والإكثار منها يخرجه (٢) عما شرطناه من الاختصار وإنما ينبه (٣) على من جهل (٤) عند (٥) الناس ذكره ولم يشع فيهم فضله وأما أمير المؤمنين (٦) فالمخالف والممالي (٧) والمضاد والموالي على ما لا يمكن من غمضه (٨) ولا يساغ (٩) ستره من فضائله المشهورة في العامة لا (١٠) المكتوبة عند الخاصة تغني من (١١) تفضيله بقول والاستشهاد عليه برواية (١٢).

أقول فعلى قول أبي الفرج لا أرى للجاحظ موضعا يذكر فيه إذ قد خرج عن قاعدة الموالين والممالين (١٣) ولا لوم على أبي الفرج (١٤) في قوله إذ الذي شرع الجاحظ فيه شيء ما يتخيل لعاقل أن بشرا يقدم عليه أو يشير إليه جازاه الله تعالى بسيئ عمله.

قال الجاحظ ما معناه إنا لا نلتزم وفاق الكل وصورة (١٥) كلامه

__________________

(١) المصدر : مثل.

(٢) المصدر : والاكثار يخرجنا عما شرطناه من الاختصار.

(٣) المصدر : ننبه.

(٤) المصدر : خمل.

(٥) المصدر بزيادة : بعض.

(٦) المصدر : فأمير المؤمنين.

(٧) الممالي : مالأه على الامر : ساعده وعاونه ( المنجد ).

(٨) ن والمصدر : غمطه.

(٩) ن والمصدر : ينساغ.

(١٠) ن بزيادة : و.

(١١) المصدر : عن.

(١٢) مقاتل الطالبيين : ١٨.

(١٣) ق : تقديم وتأخير.

(١٤) ن بزيادة : الاصفهاني.

(١٥) لا توجد في : ق ون.

٣٧٥

وكيف تتفق أطباعهم على أسلوب (١) واحد والناس (٢) بين حاسد وراض وعصي (٣) وتقي وحكيم (٤) وسفيه (٥) وغالط ومصيب وعاقل وأحمق (٦).

وقال ما معناه إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمز (٧) تعلق بقوله تعالى ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ ) (٨) قال ولو كان هذا وشبهه ناقضا إمامة أبي بكر كان لإمامة (٩) علي أنقض وأفسد وتعلق بخلاف من خالف عليه (١٠). والذي أقول على هذا إن المثبت للخلافة لا يخلو إما أن يكون اتفاق جميع الأمة حسب (١١) الخبر الذي يروونه أمتي لا تجتمع على ضلالة أو اتفاق جميع عقلائهم أو إجماع المجربين منهم أو إجماع (١٢) ديانيهم أو اتفاق جميع علمائهم أو ما يترتب من هذه الأقسام هذا الذي يليق أن يذكر في القسمة فإن كان الأول فلا بد من اتفاق الجميع وإلا فالإمامة غير ثابتة وليس المراد من الجميع الذين كانوا في زمن النبي عليه‌السلام بل الأمة كافة إلى قيام القيامة ولا يرد على هذا أنه كانت تكون الإحالة على

__________________

(١) المصدر : سكون.

(٢) المصدر بزيادة : من.

(٣) ق : عصبي.

(٤) المصدر : حليم.

(٥) المصدر : سخيف.

(٦) العثمانية : ١٩٣.

(٧) ن : لمن.

(٨) التوبة : ٥٨.

والآية كاملة : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ ).

(٩) ق وج : امامة.

(١٠) العثمانية : ١٩٥.

(١١) ق : حيث.

(١٢) ن : اجتماع.

٣٧٦

الممتنع إذ النبي عليه‌السلام ما قال ابنوا على ما اتفقت عليه أمتي بل أبان أن أمته شريفة لا تجتمع على خطأ.

وكيف ما تقلبت الأقسام فهذا المعنى متعذر في التعلق بالرواية حسب ما يريد الخصم وإن كان المراد أحد الأقسام المذكورة في زمن أبي بكر رضوان الله عليه وكذا فيما بعده من الأزمنة فلا بد من برهان يدل عليه سلمناه لكن أين الإحاطة بجميع ما احتوى عليه أحد الأقسام.

وإن قال المعول على بعض من أعيان المسلمين فما برهانه بل ما أمارته ولئن ثبت ذلك لتكثرن الأئمة وإن قال بل هو إشارة إلى جماعة أعيان من الصحابة ولا يتعدى أشكل (١) لعدم البرهان عليه ومن كون باب الاستدلال بالإجماع يصير مسدودا على الخصم بعد الصحابة وهو لا يوافق عليه.

وإن تعلق الجاحظ بقوله كونوا مع السواد الأعظم فإنه لا بد لثبوت هذه الرواية من أصل قطعي (٢) لأنه منع رواية أنس الثقة عندهم في شأن علي بكونه واحدا.

ثم الذي يرد على الرواية كونها قاضية بخلاف القرآن المجيد رادة عليه لأن الله تعالى قال ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) (٣) وقال تعالى ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) (٤) في غير ذلك من الآي الناهض بأن

__________________

(١) لا توجد في : ن.

(٢) ج بزيادة : و.

(٣) سورة ص : ٢٤.

والآية : ( قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ ، وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ ).

(٤) سبأ : ١٣.

٣٧٧

الزلل مع الغالب والصواب مع الأقل والعيان شاهد به.

ومما أقوله في تضعيف الرواية بالسواد الأعظم ينبغي أن يكون راويها (١) من غير السواد الأعظم منزها من التهمات عدلا في نفسه وأين ذاك.

وأما قياس الجاحظ بحال النبي عليه‌السلام فإنه قول سفيه إذ نبوة النبي عليه‌السلام لم تثبت بالإجماع ولم تتقرر (٢) قواعدها بالبشر بل بخالق البشر ومن كانت هذه مباحثه ومن الجهالة بالسنة والقرآن ما نبهنا عليه بمعزل عن منازلة أرباب الفضل ومصادمة أصحاب الاستنباط.

وأما أنه لو كان هذا وأمثاله قادحا في خلافة أبي بكر كانت إمامة علي أنقض وأفسد فإن الإمامية لا ترى البناء في إمامة علي على الإجماع لتعذر الوصول كما ذكرت إليه ولو كان ممكنا فإنهم غير بانين على ذلك بل على المنصوص في إمامته من جهة غير شيعته ومن جهة شيعته وبكون (٣) خصائصه المعظمة قدمته ومناقبه المفخمة رفعته ومزاياه الباهرة صدرته وأخرت غيره ممن لم يدانه وباعدته ثم إن الجاحظ خذله الله تعالى أوغل في شرح حال انتقاض الأمور على أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ألفاظ سردها تعاطى فيها البلاغة وتوخى بها الفصاحة وهي إلى اللكن أقرب منها إلى البلاغة وإلى الحصر أدنى منها إلى الخطابة كلام مخذولة معانيه طويلة ألفاظه طائشة مراميه يحاول به كسف الشمس بالهباء وخطف النجوم بغير يد من أعنان السماء قال في سياق كلامه ثم بعث رسولا قد

__________________

والآية : ( يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ).

(١) ج : روايها.

(٢) ق : يقرر.

(٣) ق ون : تكون.

٣٧٨

اختاره بالحكم عليه وله (١) وبعث خصمه رسولا قد اختاره بالحكم عليه وله فكان (٢) رسوله المخدوع ورسول خصمه الخادع (٣) ثم رجعت الأمور إلى خصمه وانتزعت منه ومن ولده مرة بالبطش ومرة بالحيلة (٤).

وذكر موافقة أصحاب عدو (٥) أمير المؤمنين لأميرهم ومخالفة أصحاب أمير المؤمنين له قال وهو يسر حسوا في ارتغاء فلم يكن ذلك عارا عندنا ولا عندكم على علي (٦). والذي يقال على هذا إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لم يحكم من أشار إليه ولقد كذب فيما ادعاه بل كان رأيه تصويب مرامي الحتف إلى عدوه وإرهاف شفار الصوارم إلى مخالفة فشرع أعداؤه في رفع المصاحف عند صدام المزاحف واعتراض الأخطار الخواطف فأثر ذلك في ضعفة أصحابه فبردوا أوار الحرب بجهالاتهم وصدوه عن إيثاره بسفاهاتهم.

وقد كاد (٧) عبد الله بن بديل (٨) يقتنص عدوه فريسة عزمه وطعمة

__________________

(١) لا توجد في : ج.

(٢) ق ون : وكان.

(٣) المصدر : المخادع.

(٤) العثمانية : ١٩٥.

(٥) لا توجد في : ن.

(٦) العثمانية : ١٩٥.

(٧) ن : كان.

(٨) عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي من افاضل اصحاب علي عليه‌السلام واعيانهم.

قال عنه ابن الاثير في اسد الغابة : اسلم مع ابيه قبل الفتح وكان سيد خزاعة وشهد الفتح وحنينا والطائف وتبوك وكان له نخل كثير وقتل هو واخوه عبد الرحمن بصفين مع علي وكان ( يعني عبد الله ) على الرجالة وهو الذي صالح اهل اصبهان مع عبد الله بن عامر في خلافة عثمان سنة تسع وعشرين قال الشعبي كان على عبد الله بن بديل درعان وسيفان وهو يضرب اهل الشام ويقول :

لم يبق الا الصبر والتوكل

ثم التمشي في الرعيل الاول

٣٧٩

صارمه فلم يكن لهم فيه (١) حيلة (٢) جلاد ولا عزيمة مصاولة بل اكتنفوه بالحجارة واعتوروه بالمكاثرة فقتلوه ووقف معاوية عليه وقد بهره حاله وبلغ منه صياله فأنشد مشيرا إليه :

أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها

وإن شمرت يوما له الحرب شمرا

كليث هزبر كان يحمي ذماره

رمته المنايا قصدها فتفطرا

ثم ألجأه سفهاء أتباعه إلى التحكيم وقهروه على أن يحكم أبا موسى الأشعري فأجابهم جواب المضطر ووافقهم موافقة المقهور.

ولا عار كم نجد أسالت دماءه

بعرض وكم عضب فرته النوازل.

وأما تعرضه ببنيه (٣) وانتزاع الرئاسة منهم وصرف الملك عنهم فليس مما يأخذه ناقد ولا يطعن به نبيه إذ كانت مؤاتاة (٤) الأغراض ليست عنوان الفخر ومداناة المحاب ليست تيجان الشرف ...

فكم في الأرض من عبد هجين (٥)

يقبل كفه حر هجان (٦)

__________________

مشي الجمال في حياض المنهل

والله يقضي ما يشا ويفعل

فلم يزل يقاتل حتى انتهى الى معاوية فاحاط به اهل الشام فقتلوه فلما رآه معاوية قال : والله لو استطاعت نساء خزاعة لقاتلتنا فضلا عن رجالها وتمثل بقول همام :

اخو الحرب ان عضت به الحرب عضها

... وكانت صفين سنة سبع وثلاثين. انظر : اسد الغابة : ٣ / ١٢٤ والاصابة : ٢ / ٢٨٠ الجرح والتعديل : ٥ / ١٤ شرح ابن ابي الحديد : ٥ / ١٩٦.

(١) ق : له فيهم.

(٢) ق : جبلة.

(٣) ن : لبنيه.

(٤) ن : مواطاة.

(٥) هجين : لئيم.

(٦) هجان : كريم ، حسيب ( المنجد ).

٣٨٠