بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس

بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس


المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٥

تاركي وصاحبي (١)

والذي يقول لسان الجارودية على هذا مثل الذي قال على غيره.

ثم إن قوله أن جميع الناس كذبوه إلا أبا بكر فإنه مشكل لثبوت تقدم إسلام غيره عليه وبلا خلاف خديجة.

ثم (٢) ما أغث سياقه عند من اعتبر أكد هذا بمثله وتعلق أيضا بقولهم إن النبي عليه‌السلام قال إن أبا بكر لم يسؤني قط (٣) وهذا يرد عليه شيء مما أورده الجارودية على مثله وهو (٤) ظاهر التناقض مؤكد بكونه لم يسؤه في الماضي بيانه لفظة (٥) قط (٦) وعلى هذا فقد كان النبي لا يسؤه كفر أبي بكر رضوان الله عليه والقول بذلك كفر.

وقال بعد هذا ما معناه فإن كان ما رويتموه في شأن علي حقا وما رووه في شأن أبي بكر حقا لزم التناقض وجهل الحال فيما يبنى عليه من ذلك (٧).

وأقول إن الجارودية تقول أما ما روي من طرقكم لنا ووثقتم راويه فلا مرية في أنه حجة عليكم وفي نفس الأمر إذا أنصفتم (٨) لأن ذلك بعيد عن التهمة وما رويتموه لكم ووثقتموه (٩) فإنه مرجوح للتهمة وما رويتموه

__________________

(١) العثمانية : ١٣٧.

(٢) ن بزيادة : ان.

(٣) العثمانية : ١٣٧.

(٤) ق : وهذا.

(٥) ن : لفظ.

(٦) « قط » ظرف زمان لاستغراق الماضي وتختص بالنفي فتقول : « ما فعلت هذا قط » اي : في ما مضى من عمري.

(٧) العثمانية : ١٣٧.

(٨) ن : اتفقتم.

(٩) ن : زيفتموه.

٣٤١

علينا ووثقتموه فإنه مرجوح لا محالة عندنا وعندكم.

وإذا تقرر هذا فلا وجه للتوقف إذ الروايات في جانب أمير المؤمنين عليه‌السلام وفضله رواها الخصم ووثق رواتها وصححها كما سلف والمصحح عندهم في نصرتهم لا يقف بإزاء ذلك على ما سلف فكيف إذا كان ضعيفا عند الخصم.

وإذا تقرر هذا وضح ما تقوله الإمامية وخفي ما عداه ولا يورد على هذا منصف والتكلف والمدافعة لا وجه له عند من كان ذا حياء وأنفة والله الموفق.

وكرر حديث صلاة أبي بكر بالناس (١) ولا يعرف ذلك (٢) إن ثبت أنه (٣) صدر بإذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولو ثبت فلا يدل على إمامة ورئاسة عامة.

[ و ] (٤) قرر كون الصلاة لا تكون إلا بإذن من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث لم يقع إنكار (٥).

والجارودية تقول على هذا إنه لا مانع أن يكون المسلمون رأوا رجلا يصلي بالناس فتوهموا أن ذلك عن رضى ولا يدرون باطن الحال فلم ينكروا.

وعارض كون ذلك لا يكون عن إذن بأنه كيف يتقدر أن يجيء رجل من

__________________

(١) العثمانية : ١٧٠.

(٢) لا توجد في : ج.

(٣) لا يوجد في : ج وق.

(٤) لا يوجد : ن.

(٥) العثمانيّة : ١٧١.

٣٤٢

تلقاء نفسه يصلي (١).

والجارودية لها أن تقول لا مانع أن يكون بعض من كان عند النبي عليه‌السلام أشار بذلك والنبي عليه‌السلام لا يعلم والمرض شاغل خاصة مرض الموت.

وعارض من نازعه في الإجماع على أبي بكر بالخلافة بأنه لا يعتد بالخلاف (٢) وفيه إشكال على مدعي إمامته (٣) إذ كان النص غير معروف والإجماع ممتنع فتضعضعت أركان الرئاسة.

وعارض بتخلف من تخلف عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (٤).

والجواب عنه لو ثبت بأن الإمامية لا تبني على الإجماع بل على النص المروي من طرق العامة والخاصة وبالأفضلية وتقرير ذلك في كتبهم واضح ليس هذا موضع ذكره.

والمباحث لا تكرر في كل كتاب ولا ينطق بها لسان الأقلام مع كل باحث بل مع أرباب الأهلية وذوي الأذهان المعتبرة الناقدة وإلى الآن ما عرفت ذلك جرى ولا رأيته روى رواية يصلح لناقد التعلق بها بل روايات مرسلات جدا وهو ضعف بين.

ومنها ما رددناه من غير هذا الوجه بل أبنا (٥) ضعفه من طرفهم بل الذي رأيته فيما بحثناه (٦) ودافع عنه طريقنا إليه من طرقهم أقوى من طرقهم فيما

__________________

(١) ن : فيصلّي.

(٢) ن : الخلافة.

(٣) ج : الاماميّة.

(٤) العثمانيّة : ١٧٢.

(٥) ق : أنبأ. ن : انما.

(٦) ن : يخشاه.

٣٤٣

يختصون به إلى ما يرومونه.

ولنا في منع إجماعهم مواد كثيرة قد تضمنتها طيات الاجتهاد وحوتها أكف الإرشاد (١).

وادعى لمنصوره فضلا راجحا كاملا على فضل غيره (٢) والجارودية تنازع في ذلك بما يروى من طريق الخصم رادا على هذا القول من الطرق المعتبرة الواضحة والمزايا المعلومة لأمير المؤمنين غير مستفادة (٣) من نقل خاص وخبر معين ولو لم يكن إلا ما رواه أرباب الحديث من قول ربع السنة أحمد بن حنبل ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب لكفى (٤) فكيف والأمر أجلى من هذا وأبين.

وذكر حديث طلحة وخروجه عليه وعائشة وحرب أهل الشام وادعى أن سعيد بن زيد بن عمرو (٥) بن نفيل طعن عليه وعلى طلحة (٦) وذكر شيئا من ذلك عن أسامة (٧).

والذي يقال على هذا إنا قد أوردنا من طريق الخصم ـ أن الحق مع

__________________

(١) ن : الارتياد.

(٢) العثمانيّة : ١٧٢.

(٣) ن : بدله ( فضلا عن المستفادة ).

(٤) تقدّم ص (٨٠).

(٥) ق : عمر.

(٦) قال الجاحظ : وطعن عليه سعد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعلى طلحة وقال : فتنة عمياء يخبط اهلها. قال طلحة : ابن عمّك كان اعلم بي وبك حين جعلني في الشورى واخرجك منها.

قال : ان ابن عمّي خافك وامنني. انظر العثمانيّة : ١٧٥.

(٧) قال : ودعا الى بيعته وعونه اسامة بن زيد فقال : انّي اذن لمفتون واسامة هو الّذي كان طلحة استشهده على قوله : قد بايعت واللج على قفيّ ، فسأل اسامة عن ذلك فكلمه طلحة بكلام غليظ. العثمانيّة : ١٧٥.

٣٤٤

علي عليه‌السلام وإذا تقرر هذا كان الدرك على الممتنع لا على الممتنع منه (١).

وأما حديث طلحة وعائشة فإن من عرف السيرة عرف أنهما كانا أصل وقعة البصرة القادحين في عثمان عرضاه للمتالف ثم خرجا آخذين بدمه وهذا لا يجهله إلا جاهل بالسيرة جدا إذ هو ظاهر عند العدو العارف فضلا عن الصديق المؤالف.

ثم إن أمير المؤمنين عليه‌السلام عند الجاحظ وغيره من المسلمين وقعت البيعة له وصحت وإذا تقرر هذا فينبغي أن يقوم البرهان على جواز الخروج عليه وما عرفناه.

ولهذه المباحث مواضع معروفة وهذا الذي ذكرنا (٢) فيه مقنع إذ هو كيف تقلبت الحال أقوى من كلام الجاحظ عند من اعتبر وأنصف والمدافعات باب لا يغلق إلا بيد الإنصاف.

ولو أني مثلا أوردت ما أعرف مفصلا لأمكن الجاحظ أن يقول لا نسلم (٣) وأن أحيل على كتاب لهم يقول لا أقبل وإن قبل تأول (٤) وإن تأول عاند في تأويله وإن لم يتأول أضرب عن الجواب شرع في فحش أو قطع الحديث مارا في غلوائه (٥) ساريا في بيداء أهوائه.

ونبرهن (٦) على هذا ما أظهرناه عليه من البهت وفنون المدافعات عيانا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٢) ق : ذكرناه.

(٣) ن : او.

(٤) ق : فاوّل.

(٥) الغلواء : الغلو ( المنجد ).

(٦) ج : يبرهن.

٣٤٥

وقد أسلفنا ما يلزم من الدرك في الطعن على أمير المؤمنين عليه‌السلام والمباعدة له من طريق القوم.

ولنذكر ما روي من قول النبي عليه‌السلام إنك تقاتل (١) الناكثين والقاسطين والمارقين من طرق القوم إن شاء الله تعالى.

قال أبو عمر الحافظ ابن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب المغربي وروي من حديث علي ومن حديث ابن مسعود وحديث أبي أيوب الأنصاري أنه أمر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

وروي عنه أنه قال ما وجدت إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله يعني والله أعلم ( وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ) (٢) وما كان مثله هذا آخر كلامه (٣).

ثم قال : وذكر أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في المؤتلف والمختلف (٤) قال حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا قال حدثنا عباد بن يعقوب قال حدثنا عفان بن سنان (٥) ـ قال حدثنا أبو حنيفة عن عطاء

__________________

(١) ن : قاتل.

(٢) الحج ٧٨.

والآية كاملة هي : ( وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ، وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ).

(٣) الاستيعاب : ٣ / ١١١٧.

وايضا في فرائد السمطين : ١ / ٢٧٩ وانساب الأشراف : ٢ / ٢٣٦ والمستدرك : ٣ / ١١٥ وتاريخ دمشق ترجمة امير المؤمنين : ٣ / ١٧٤.

(٤) ظاهرا انه مخطوط.

(٥) ن : شيبان. وفي المصدر : سيار.

٣٤٦

قال : قال ابن عمر ما آسى على شيء إلا على ألا أكون قاتلت الفئة الباغية وعلى صوم الهواجر (١).

وأقول : إن الشيخ العالم الفاضل يحيى بن البطريق روى في كتابه العمدة من الجمع بين الصحيحين قال وبالإسناد المقدم ذكره عن أبان بن سليمان (٢) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال من سل علينا السيف

__________________

(١) الاستيعاب : ٣ / ١١١٧ ، ورواه ايضا المحب الطبري في الرياض النضرة ٢ / ٢٤٢ باختلاف في اللفظ يسير.

وروى الحاكم في مستدركه : ٣ / ١١٥.

بسنده عن شعيب بن ابي حمزة القرشي عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، انه بينما هو جالس. مع عبد الله بن عمر اذ جاءه رجل من اهل العراق فقال : يا ابا عبد الرحمن اني والله لقد حرصت ان اتسمت بسمتك واقتدي بك في امر فرقة الناس واعتزال الشر ما استطعت ، واني اقرأ آية من كتاب الله محكمة قد اخذت بقلبي فاخبرني عنها ، أرأيت قول الله عزّ وجلّ : ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ).

اخبرني عن هذه الآية ، فقال عبد الله : مالك ولذلك ، انصرف عني فانطلق حتى توارى عنا سواده واقبل علينا عبد الله بن عمر فقال : ما وجدت في نفسي من شيء في امر هذه الآية ما وجدت في نفسي اني لم اقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عزّ وجلّ.

وابن سعد في طبقاته : ج ٤ القسم ١ ص ١٣٦.

بسنده عن سعيد بن جبير في حديث ساقه الى ان قال : قال ابن عمر : ما آسى من الدنيا الاّ على ثلاث ، ظمأ الهواجر ، ومكابدة الليل ، والا اكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلت بنا.

وايضا في الطبقات : ج ٤ القسم ١ ص ١٣٧.

بسنده عن حبيب بن ابي ثابت قال : بلغني عن ابن عمر في مرضه الذي مات فيه انه قال : ما اجدني آسى على شيء من امر الدنيا الا اني لم اقاتل الفئة الباغية.

ورواه ايضا ابن الاثير في اسد الغابة : ٤ / ٣٣.

وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد : ٣ / ١٨٢.

قال وعن ابن عمر قال : ما آسى على شيء فاتني الا الصوم والصلاة ، وتركي الفئة الباغية الا اكون قاتلتها واستقالتي عليا عليه‌السلام البيعة. قال : رواه الطبراني في الكبير والاوسط.

(٢) في المصدر : عن اياس بن سلمة عن ابيه.

٣٤٧

فليس منا (١).

أقول إنه أراد والله أعلم من ديننا وقد أسلفت أن عليا من رسول الله بمنزلة الرأس من الجسد (٢).

وروى أخطب خطباء خوارزم حديثا مرفوعا إلى أبي سعيد الخدري (٣) صورة لفظه :

أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين قلت يا رسول الله أمرتنا أن نقاتل هؤلاء فمع من قال مع علي بن أبي طالب معه يقتل (٤) عمار بن ياسر

ورفع حديثا آخر إلى عبد الله (٥) قال خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى منزل أم سلمة فجاء علي فقال رسول الله هذا والله

__________________

(١) عمدة عيون صحاح الاخبار : ٣٤٢ نقله عن الجمع بين الصحيحين للحميدي.

اقول : ذكره مسلم في صحيحه : ١ / ٩٨ كتاب الايمان.

(٢) تقدم ص : ١٠٨.

(٣) قال الخوارزمي : اخبرني سيد الحفاظ ابو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب اليّ من همدان اخبرني ابو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة اخبرني ابو جعفر محمد بن علي بن رحيم الشيباني حدثني الحسين بن الحكم الحبري حدثني اسماعيل بن ابان حدثني اسحاق بن ابراهيم الازهر عن ابي هارون العبدي عن ابي سعيد الخدري قال :

امرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين فقلنا يا رسول الله امرتنا بقتال هؤلاء فمع من نقاتل؟ قال : مع علي بن ابي طالب خاصة ومعه يقتل عمار بن ياسر. انظر مناقب الخوارزمي : ١٢٢ ورواه ايضا ابن الاثير في اسد الغابة ٤ / ٣٢ والامر تسري في ارجح المطالب : ٦٠٢ والحمويني في فرائد السمطين : ١ / ٢٨١.

(٤) ج وق : مقتل.

(٥) قال : واخبرنا ابو منصور شهردار هذا فيما كتب اليّ من همدان ، اخبرني ابو الفتح عبدوس هذا كتابة ، اخبرني الامام ابو بكر احمد بن اسحاق الفقيه ، حدثني الحسن بن علي ، حدثني زكريا ابن يحيى الخزاز المقري ، حدثني اسماعيل بن عباد المقري ، حدثني شريك ، عن منصور ،

٣٤٨

قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من (١) بعدي (٢)

ورفع حديثا آخر إلى أبي أيوب (٣) نحو حديث ابن معبد ورفع (٤) حديثا آخر إلى (٥) النبي عليه‌السلام أنه قال لعمار تقتلك الفئة الباغية ثم قال أخرجه مسلم في الصحيح (٦)

__________________

عن ابراهيم عن علقمة ، عن عبد الله ، قال :

خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] ـ : فأتى منزل ام سلمة فجاء علي عليه‌السلام فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] ـ : هذا والله قاتل القاسطين والمارقين والناكثين بعدي.

(١) لا توجد في : ج.

(٢) انظر مناقب الخوارزمي : ١٢٢.

ورواه ايضا المتقي الهندي في كنز العمال : ٦ / ٣١٩ والمحب الطبري في الرياض النضرة : ٢ / ٢٤٠ والحمويني في فرائد السمطين : ١ / ٢٨٣ وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق : ٣ / ١٦٢.

(٣) قال : واخبرني ابو منصور شهردار هذا كتابة ، اخبرني ابو الفتح عبدوس هذا كتابة ، اخبرني ابو بكر محمد بن بالويه ، حدثني الحسن بن علي بن شبيب المعمري ، حدثني محمد بن حميد ، حدثني سلمة بن الفضيل ، قال : حدثني ابو زيد الاحول ، عن غياث ، عن ثعلبة ، قال :

حدثني ابو ايوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطاب ، قال :

امرني رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] ـ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علي بن ابي طالب عليه‌السلام انظر : مناقب الخوارزمي : ١٢٢ وايضا المستدرك : ٣ / ١٣٩ وفرائد السمطين : ١ / ٢٨٢.

(٤) قال : وبهذا الاسناد عن ابراهيم بن مرزوق هذا ، حدثنا ابو داود ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن الحسن بن ابي الحسن ، عن ابيه ، عن ام سلمة : ان رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] ـ قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية.

(٥) ن : انّ.

(٦) مناقب الخوارزمي : ١٢٣. اقول : لقد وردت احاديث كثيرة لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمار بن ياسر : تقتلك الفئة الباغية ونحن نشير الى قسم من المصادر التي ذكرت هذا الحديث. منها :

صحيح البخاري : في كتاب الصلاة في باب التعاون في بناء المسجد ١ / ١٢٢ وصحيح مسلم : في كتاب الفتن واشراط الساعة في باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى ان يكون مكانه ، بطريقين ٤ / ٢٢٣٥. وصحيح الترمذي : ٥ / ٦٦٩. في مناقب عمار. ومستدرك الصحيحين : ٢ / ١٤٨ و ٣ / ٣٨٥ و ٣ / ٣٨٦ و ٣ / ٣٨٧ ، ومسند احمد بن حنبل : ٢ / ١٦١ و ٢ / ١٦٤ و ٤ / ١٩٧

٣٤٩

وقال أخطب خطباء خوارزم فيما رواه في كتاب المناقب إن عليا عليه‌السلام فسر الناكثين بأصحاب الجمل والمارقين بالخوارج والقاسطين بأهل الشام (١) ومن كتاب الطرائف عن الخطيب أن أبا أيوب فسر الناكثين والقاسطين بما فسره (٢) أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال وأما المارقون فهم (٣) أهل الطرفاوات (٤) وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروانات والله ما أدري أين هم ولكن لا بد من قتالهم (٥).

__________________

و ٦ / ٢٨٩. ومسند ابي داود الطيالسي : ٣ / ٩٠ وحلية الاولياء : ٤ / ١٧٢ وتاريخ بغداد : ١٣ / ١٨٦ و ٥ / ٣١٥ و ٧ / ٤١٤. وطبقات ابن سعد : ج ٣ ق ١ ص ١٧٧ وج ٣ ق ١ ص ١٧٩ وج ٣ ق ١ ص ١٨١. واسد الغابة : ٢ / ١٤٣ و ٢ / ٢١٧ والامامة والسياسة : ١٠٦ والاصابة : ج ١ ق ٤ ص ١٢٥ والرياض النضرة : ١ / ١٤ ، ونور الابصار : ٨٩ وكنز العمال : ٧ / ٧٢ و ٧ / ٧٣ و ٧ / ٧٤ ومجمع الزوائد : ٩ / ٢٩٧ و ٧ / ٢٤٢ و ٩ / ٢٩٦.

(١) مناقب الخوارزمي : ١٢٥.

ومجمع الزوائد : ٧ / ٢٣٨ وينابيع المودة : ١٢٨.

(٢) ن : فسّر.

(٣) لا توجد في : ن.

(٤) ج وق : الطرقاوات.

(٥) الطرائف ( لرضي الدين علي بن موسى بن طاووس رحمه‌الله ) : ١ / ١٠٣ ورواه ايضا الخطيب في تاريخ بغداد : ١٣ / ١٨٦ بسنده عن علقمة والاسود قالا :

اتينا ابا ايوب الانصاري عند منصرفه من صفين فقلنا له : يا ابا ايوب ان الله اكرمك بنزول محمد صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وبمجيء ناقته تفضلا من الله وكراما لك حتى اناخت ببابك دون الناس ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به اهل لا اله الا الله ، فقال : يا هذا ان الرائد لا يكذب اهله ، وان رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم امرنا بقتال ثلاثة مع علي عليه‌السلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فاما الناكثون فقد قاتلناهم ، اهل الجمل طلحة والزبير ، واما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم ـ يعني معاوية وعمرا ـ واما المارقون فهم اهل الطرقات واهل السعيفات واهل النخيلات واهل النهروانات ، والله ما ادري اين هم ولكن لا بد من قتالهم ان شاء الله.

قال : وسمعت رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يقول لعمار : تقتلك الفئة الباغية وانت اذ ذاك مع الحق والحق معك ، يا عمار بن ياسر ان رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس واديا غيره فاسلك مع علي فانه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى ، يا عمار من تقلد سيفا اعان

٣٥٠

__________________

به عليا على عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من در ، ومن تقلد سيفا اعان به عدو علي عليه قلده الله يوم القيامة وشاحين من نار ، قلنا يا هذا حسبك رحمك الله حسبك رحمك الله.

رواه أيضا المتقي في كنز العمال : ٤ / ١٥٥ الاّ أنه قال فيه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من الهدى.

وروى الحاكم في مستدركه : ٣ / ١٣٩.

بسنده عن عقاب بن ثعلبة ، حدثني ابو ايوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطاب ، قال : امر رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم علي بن ابي طالب عليه‌السلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

وايضا في مستدرك الصحيحين : ٣ / ١٣٩.

بسنده عن الاصبغ بن نباتة عن ابي ايوب الانصاري قال : سمعت النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يقول لعلي بن ابي طالب عليه‌السلام : تقاتل الناكثين والقاسطين بالطرقات والنهروانات وبالسعفات ، قال ابو ايوب : قلت : يا رسول الله مع من نقاتل هؤلاء الاقوام؟ قال : مع علي ابن ابي طالب.

وذكر الخطيب في تاريخ بغداد : ٨ / ٣٤٠.

بسنده عن خليد العصري قال : سمعت أمير المؤمنين عليا عليه‌السلام يقول يوم النهروان : امرني رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.

وابن الاثير في اسد الغابة : ٤ / ٣٣.

بسنده عن مخنف بن سليم قال : اتينا ابا ايوب الانصاري فقلنا : قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ثم جئت تقاتل المسلمين قال : امرني رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين. وايضا في اسد الغابة : ٤ / ٣٣.

بسنده عن علي بن ربيعة قال : سمعت عليا عليه‌السلام على منبركم هذا يقول : عهد اليّ رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ان اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

والمتقي في كنز العمال : ٦ / ٨٢.

قال : عن علي بن ربيعة قال : سمعت عليا عليه‌السلام على المنبر واتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين مالي اراك تستحل الناس استحلال الرجل ابله ، أبعهد من رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم أو شيئا رأيته؟

قال : والله ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي بل عهد من رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم عهده اليّ وقد خاب من افترى ، عهد اليّ النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ان اقاتل

٣٥١

وقد كان يونس بن حبيب (١) يقول أحب أن أتولى حساب ثلاثة منهم طلحة والزبير ما الذي نقما على علي حتى خرجا عليه أو شيئا شبه هذا المعنى (٢).

هذا ما نقلناه على سبيل التخصيص (٣) وأما ما يقال على سبيل العموم فإن ابن المغازلي الشافعي روى بإسناده عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاني جبرئيل عليه‌السلام بدرنوك من

__________________

الناكثين والقاسطين والمارقين.

وايضا في كنز العمال : ٦ / ٨٨.

قال : عن الثوري ومعمر عن ابي اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن ابي صادق قال : قدم علينا ابو ايوب الانصاري العراق فقلت له : يا ابا ايوب قد كرمك الله بصحبة نبيه محمد صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وبنزوله عليك ، فمالي اراك تستقبل الناس تقاتلهم ، تستقبل هؤلاء مرة وهؤلاء مرة ، فقال : ان رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم عهد الينا ان نقاتل مع علي عليه‌السلام الناكثين ، فقد قاتلناهم ، وعهد الينا ان نقاتل مع علي عليه‌السلام المارقين فلم ارهم بعد.

وايضا في كنز العمال : ٦ / ٧٢.

قال : عن علي عليه‌السلام قال : امرت بقتال ثلاثة : القاسطين والناكثين والمارقين ، فاما القاسطون فاهل الشام واما الناكثون فذكرهم واما المارقون فاهل النهروان ـ يعني الحرورية ـ.

وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ٢٣٥.

قال : وعن عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ قال : امر رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. وقد ذكر ايضا روايات بهذه المضامين وان اختلفت الالفاظ في مجمعه. انظر : ٩ / ٢٣٥ و ٧ / ٢٣٨.

(١) لعله يونس بن حبيب النحوي وكنيته ابو عبد الرحمن وهو مولى ضبة ولد سنة ٩٠ واخذ الادب عن ابي عمرو بن العلاء وحماد بن سلمة وكان النحو اغلب عليه ، له من الكتب : « معاني القرآن الكريم » و « اللغات » و « الامثال » و « النوادر » مات ١٨٢ وقيل غير ذلك ترجم له : وفيات الاعيان : ٧ / ٢٤٤ ومعجم الادباء : ٢٠ / ٦٤ وتهذيب التهذيب : ٥ / ٣٤٦.

(٢) ن بزيادة : وقد ذكرنا في كتاب الموضوعات طرفا من هذه المواضيع.

(٣) ن : التلخيص.

٣٥٢

الجنة (١) فجلست عليه فلما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني فما علمني (٢) شيئا إلا علمه عليا (٣) ثم دعاه (٤) إليه فقال (٥) يا علي سلمك سلمي وحربك حربي وأنت العلم فيما بيني وبين أمتي (٦) بعدي (٧).

وذكر كلاما عن الشعبي لا طائل فيه وهو عدو مبين من حزب عبد الملك وقد كانت للشعبي قصة في السرقة للدراهم ولا ينبغي أن يقبل قول سارق وهو مع ذلك خليط بني مروان وأمير المؤمنين مشنوؤهم (٨) صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال عن الشعبي إنه لم يشهد الجمل ممن شهد بدرا أكثر من أربعة! (٩) وقول الشعبي كلا قول (١٠) ولو لم يشهد من أهل بدر إلا أربعة فإن الدرك عليهم إذ (١١) البيعة وقعت لأمير المؤمنين عليه‌السلام وصحت عند الخصوم فالمتخلف زاهق والناهض معه موفق لاحق ومن عرف السير (١٢) وعرف أصل القاعدة في حروب أمير المؤمنين عليه‌السلام كان

__________________

(١) في المصدر بزيادة : من درانيك الجنة.

(٢) ج وق : علمه.

(٣) في المصدر بزيادة : فهو باب مدينة علمي.

(٤) في المصدر بزيادة : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٥) في المصدر بزيادة : له.

(٦) في المصدر بزيادة : من.

(٧) مناقب ابن المغازلي : ٥٠ حديث ٧٣.

(٨) ن : مسبوبهم.

(٩) العثمانية : ١٧٦.

(١٠) ق : بدله ( على قول ).

(١١) ق : او.

(١٢) ق : المسير.

٣٥٣

المصوب له وإن لم يرد حديث بأن موافقته صواب والعدول عنه خطأ. أول الحال أن أصحاب الجمل نقموا على عثمان ما نقم عليه غيرهم (١) وكانوا محاربيه معاديه وعلي مخاصم طلحة على حمل الماء (٢) إليه وعائشة فحاله معها معلوم رواه الرواة ودونوه وقد ذكر جملة منه صاحب كتاب الاستيعاب الذي لا يتهم (٣) فلما قتل عثمان شرعوا مطالبين عليا بدمه إلا أن خروجهم كان لغير ذلك لأنه لم يتجدد من علي شيء أصلا يخاصمونه عليه ويؤاخذونه به ولا طالت له مدة يحدث (٤) فيها حوادث ولا عرفت محقا ولا مبطلا ادعى ذلك.

ثم شرع معاوية يطالب بدم ابن عمه عثمان محاربا أمير المؤمنين عليه‌السلام باغيا عليه فكان ما كان.

وقد قال (٥) مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام فأينا كان أهدى لمقاتله (٦).

ثم كان من الخوارج ما كان قهروه على التحكيم فلما فعل حاربوه عليه وهذه أمور لا يبنى عليها من حديث خاص بل هذه سير يعرفها الخائضون في السير بل من قاربهم فضلا عن الإيغال (٧) معهم فيما أوغلوا فيه.

__________________

(١) ق : بدله ( ما نقموا عليه وغيرهم ).

(٢) ن : المال.

(٣) الاستيعاب : ٣ / ١٠٣٧ ـ ١٠٥٢.

(٤) ن : فحدثت.

(٥) نهج البلاغة كتاب ٢٨.

وهو جواب الى معاوية منه : ثم ذكرت ما كان من امري وامر عثمان فلك ان تجاب عن هذه لرحمك منه فاينا كان اعدى له واهدى الى مقاتله؟ امن بذل له نصرته فاستقعده واستكفه. امن استنصره فتراخى عنه وبث المنون اليه حتى اتى قدره عليه ... الى آخره.

(٦) ن : لمقاتلته.

(٧) ق : الافعال.

٣٥٤

واعترض الطعن بخلاف سلمان على أبي بكر بوهن (١) حاله في الإسلام (٢) وهو دفع للمعلوم وبأنه ولي لعمر بن الخطاب وبأنه كان عند عمر معظما ولا يكون عنده معظما من (٣) يطعن في أبي بكر ونبه على ذلك بأن عمر نازل أبا بكر في خالد بن سعيد لما عقد له على أجناد الشام لما وقعت منه كلمة في بيعة أبي بكر حتى عزله (٤).

والذي يقال على هذه الجملة أن أبا عمر صاحب كتاب الاستيعاب المغربي قال في جملة صفاته (٥) أول مشاهده الخندق ولم يفته بعد ذلك مشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان خيرا (٦) فاضلا عالما زاهدا متقشفا (٧) وذكر جملة حسنة من حال زهده وتقشفه (٨).

__________________

(١) ق : موهن.

(٢) قال الجاحظ : انه ليس من المهاجرين ولا ممن شهد بدرا ولا احدا ولا لقي في الله ما لقي نظراؤه عند الناس كبلال وصهيب وخباب وعمار ولا كان من ( الَّذِينَ آوَوْا ، وَنَصَرُوا ) ، وذكروا في القرآن وقدموا وكان حديث الإسلام ، قليل المشاهد ، وانما اسلم حتى انحسرت الشدة وانكشف عنهم معظم الكربة ... الى اخر كلامه. انظر العثمانية : ١٧٨.

(٣) ق : لمن.

(٤) العثمانية : ١٧٨ ـ ١٧٩.

(٥) يعني سلمان الفارسي.

(٦) في المصدر بزيادة : حبرا.

(٧) الاستيعاب : ٢ / ٦٣٥.

(٨) قال صاحب الاستيعاب : ذكر هشام بن حسان عن الحسن قال : كان عطاء سلمان خمسة الاف ، وكان اذا خرج عطاءه تصدق به ، وياكل من عمل يده ، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها. وذكر ابن وهب وابن نافع عن مالك قال : كان سلمان يعمل الخوص بيده فيعيش منه ، ولا يقبل من احد شيئا ، قال : ولم يكن له بيت وانما كان يستظل بالجذور والشجر : وان رجلا قال له : الا ابني لك بيتا تسكن فيه؟ فقال : مالي به حاجة ، فما زال به الرجل حتى قال له : اني اعرف البيت الذي يوافقك ، قال : فصفه لي ، قال : ابني لك بيتا اذا انت قمت فيه اصاب رأسك سقفه ، وان انت مددت فيه رجليك اصاب اصابعهما الجدار ، قال : نعم ، فبنى له بيتا كذلك. الاستيعاب : ٢ / ٦٣٥.

٣٥٥

إذا عرفت هذا فما بعد (١) هذا مرتبة في رفعة.

فإن قيل هذا شيء على (٢) غير الرأي والاعتبار فإن الجواب عنه بما أن عمر رضي رأيه واستنبله إذ جعله في مقام كسرى بالمدائن وأما أنه لو كان طعن على أبي بكر رضوان الله عليه ترك استنابته قياسا على خالد فإن الجواب عنه بما أن الأمور استقرت وانتظمت ورأى من قاعدة سلمان سدادا ومعرفة باللغة العجمية (٣) وهي (٤) بمقام العدم في العرب فولاه بلادا اللسان فيها اللغة (٥) العجمية وقد يغضي العاقل عن شيء لشيء كما يكره شيئا لشيء (٦).

ولم يكن ذا قوم يخاف على الملك منه ويحاذر عليه بطريقة فهاتان علتان اقتضت تقديم سلمان العجمة وعدم القوم ومنع من تقديم خالد ـ الكلمة المشار إليها وحصول القوم الذين لهم الشكيمة والقوة.

وأما أنه ولي لعمر بن الخطاب رضوان الله عليه فلأن الدين قاض بأنه إذا رأى الإنسان مصلحة للمسلمين دخل في ولاية من كان ومن الذي شهد على نية سلمان بأنه كان يمضي الأمور وينوي بذلك أنه نائب (٧) لعمر بن الخطاب رضوان الله عليه.

وفسر كلمة سلمان رحمه‌الله تعالى في شأن البيعة كرداد ونكرداد بمعنى أنكم صنعتم وما صنعتم وأن المراد من ذلك أنكم أقمتم فاضلا

__________________

(١) ج وق : فبعد.

(٢) لا توجد كلمة ( على ) في : ج ون.

(٣) ن بزيادة : كما يكره شيئا لشيء.

(٤) ن : وهو.

(٥) ق : بلغة.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٧) ن : كاتب.

٣٥٦

مجربا ولو كان غيره أفضل منه (١). والذي يقال على هذا أن الجارودية يكفيهم تفسير الجاحظ إذ سلمان أنكر ما جرى إذ قدموا المفضول على الفاضل إذ لو كان جيدا ما أنكره ولا يرد على هذا لعل (٢) في تقديم المفضول مصلحة اقتضت تقدمه إذ لو كان ذلك كذلك لما أنكره سلمان (٣).

إما أن يكون المراد من قوله صنعتم وما صنعتم صوابا أو بالعكس فإن كان الأول والثاني كان متناقضا لا يقع من سديد إذ يكون المعنى صنعتم صوابا بتقديمه وما صنعتم صوابا بتقديمه وإن كان الثالث كان محصلا لغرض الجارودية والرابع (٤) باطل بالإجماع منا ومن الجاحظ مع أن صورة ما أثبته بعض الثقات من صورة الكلمة كرديد ونكرديد وحق ميره ببرديد يعني فعلتم وما فعلتم وحق الرجل أذهبتم أي بايعتموه في حضرة الرسول ولم تفوا (٥) بالبيعة فكأنكم (٦) لم تبايعوه وأذهبتم حقه.

منع دعوى من ادعى أن بلالا أنكر على أبي بكر وعمر بكونه ولي لهما دمشق (٧).

أقول إن لسان الجارودية أجاب عن مثل هذا في حال سلمان. وادعى أن المقداد كان متنكرا (٨) لأمير المؤمنين عليه‌السلام مقويا بذلك

__________________

(١) العثمانيّة : ١٧٩.

(٢) ن : العمل.

(٣) ن بزيادة : صنعتم وما صنعتم.

(٤) ن بزيادة : هو.

(٥) ق : تفوه.

(٦) ن : وكأنّكم.

(٧) العثمانيّة : ١٨٠.

(٨) ن : منكرا.

٣٥٧

أنه ما أنكر خلافة أبي بكر (١). ولا نعرف هذا التنكر (٢) بل المقرر عند الإمامية خلافه ويكفي الإمامية في الإيراد مخالفة من خالف ولو لم تثبت إلا مخالفة خالد بن سعيد في كلمته لكفى وما قررته الإمامية من إنكار علي وجماعته وهو بحث طويل ذكره الأصحاب (٣) في كثير من كتبهم.

وحكى قصة كاذبة (٤) لا أصل لها مكذبة رسول الله صلى الله عليه

__________________

(١) العثمانية : ١٨١.

(٢) ن : النكر.

(٣) قال الطبرسي في الاحتجاج : ٧٥ « عن ابان بن تغلب قال : قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام : جعلت فداك هل كان احد في اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انكر على ابي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : نعم كان الذي انكر على ابي بكر اثنا عشر رجلا ، من المهاجرين : خالد بن سعيد بن العاص وكان من بني امية وسليمان الفارسي وابو ذر الغفاري والمقداد بن الاسود وعمار بن ياسر وبريدة الاسلمي ، ومن الانصار : ابو الهيثم بن التيهان وسهل وعثمان ابنا حنيف ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.

وابي بن كعب وابو ايوب الانصاري.

( الى ان قال ) فسار القوم حتى احدقوا بمنبر رسول الله وكان يوم الجمعة فلما صعد ابو بكر المنبر فاول من تكلم خالد بن سعيد بن العاص ثم باقي المهاجرين ثم بعدهم الانصار. ( الى ان قال ) فقام اليه خالد بن سعيد بن العاص وقال : اتق الله يا ابا بكر ، فقد علمت ان رسول الله ٦ قال ـ ونحن محتوشوه يوم بني قريظة حين فتح الله له وقد قتل علي بن ابي طالب يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم ـ : يا معشر المهاجرين والانصار اني موصيكم بوصية فاحفظوها ومودعكم امرا فاحفظوه ، الا ان علي بن ابي طالب اميركم بعدي وخليفتي فيكم بذلك اوصاني ربي الا وانكم ان لم تحفظوا فيه وصيتي وتؤازروه وتنصروه اختلفتم في احكامكم واضطرب عليكم امر دينكم ووليكم شراركم ، الا وان اهل بيتي هم الوارثون لأمري والعالمون لأمر امتي من بعدي. اللهم ، ومن اساء خلافتي في اهل بيتي فاحرمه الجنة التي ( عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ) » .. الحديث.

(٤) قال الجاحظ : والاغلب علينا ان المقداد لم يزل متنكرا لعلي ، لان المقداد حين خطب ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الى النبي صلّى الله عليه [ وآله ] بعث النبي اليها عليا بذلك يخبرها ، وانه قد رضيه لها ، فكره علي ذلك فرجع الى النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وقال : رايتها كارهة.

فارسل النبي اليها رسولا فقالت : او لم اخبر عليا انني قد رضيت لنفسي بما رضي به النبي؟ فقام

٣٥٨

وآله في قوله إن الحق مع علي منافية شرف أمير المؤمنين مرجحا قول ضباعة (١) على قول أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وإذا بنيت المباحث على هذا فلقائل أن يقول إن الجاحظ كذب على الله ورسوله غير بانين (٢) ذلك على أصل وكما أن هذا لا ينبغي قبل ثبوته فكذا ذاك.

__________________

النبي صلّى الله عليه [ وآله ] خطيبا فحمد الله واثنى عليه ثم قال : « يا علي قم فانظر من عن يمينك وعن شمالك ، واعلم انه ليس لك فضل على اسودهم واحمرهم الاّ بالدين ».

انظر العثمانية : ١٨١.

وخالد بن سعيد بن العاص بن عبد شمس القرشي الاموي يكنى ابا سعيد.

قال عنه في الاستيعاب : ٢ / ٤٢٠ ـ ٤٢٤.

أسلم قديما يقال انه كان ثالثا أو رابعا وقيل كان خامسا هاجر الى ارض الحبشة مع امرأته الخزاعية وولد له بها ابنه سعيد بن خالد وابنته ام خالد وكان قدومه من الحبشه مع جعفر بن ابي طالب ، شهد مع رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] بعض غزواته وبعثه رسول الله على صدقات اليمن فتوفي رسول الله وهو باليمن وقال عنه : ٣ / ٩٧٣.

ضمن حديث : وبويع له [ يعني ابا بكر ] في اليوم الذي مات فيه رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] في سقيفة بني ساعدة ، ثم بويع البيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة ، وطائفة من الخزرج ، وفرقة من قريش ( الى ان قال ) وقيل انه تخلف عنه من قريش : علي والزبير وطلحة وخالد بن سعيد بن العاص. وقال : ٣ / ٩٧٥. وحدثنا احمد بن محمد ، حدثنا احمد بن الفضل ، حدثنا محمد بن جرير ، حدثنا محمد بن سلمة عن ابن اسحاق عن عبد الله بن ابي بكر : ان خالد بن سعيد لما قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] تربص ببيعته لابي بكر شهرين ولقي علي بن ابي طالب وعثمان بن عفان وقال : يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن امركم يليه غيركم ، فاما ابو بكر فلم يحفل بها واما عمر فاضطغنها عليه فلما بعث ابو بكر خالد بن سعيد اميرا على ربع من ارباع الشام ، وكان اول من استعمل عليها ، فجعل عمر يقول : اتؤمره؟ وقد قال ما قال ، فلم يزل بابي بكر حتى عزله وولى يزيد بن ابي سفيان.

(١) ق : منباعة. ج : متباعة.

(٢) ن : بان.

٣٥٩

وذكر شيئا يتعلق بحال عمار وطعنه على عثمان (١) وليس هذا غرضا طائلا فنتحدث عليه وأنه ما كان ذلك قبل إحداثه (٢) وذكر شيئا يتعلق بطاعة عمار لعمر وأن أبا ذر كان يعظم عمر (٣) قال ولو اعترضتم مائة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلتم إنهم كانوا طعانين على أبي بكر مؤكدين خلافة علي ما كان عندنا في أمرهم حديث قائم ولا خبر شاهد (٤).

وقال إن حكم الممسك الرضا والتسليم (٥).

وأقول إن هذا غلط لأنه إذا كانت الخلافة فرع الوفاق وثبت أنه لا ينسب إلى ساكت قول وقف الدليل إلا أن يقال إنا نعلم أن كل ساكت راض بباطنه وهو من الباطل الذي لا يشتبه على بصير.

ومدح سيرة أبي بكر رضوان الله عليه وهو يشكل إذ خلافة المشار إليه مبنية على الإجماع وإذا امتنع أشكل شكر شيء مما جرى فرعا عليها والإجماع متعذر فالشكر ممتنع بيانه :

أن الإجماع إنما يتقرر (٦) إذا اتفق جميع أهل الإسلام ما بين المشرق إلى المغرب والجنوب (٧) والشمال والعلم بهذا ممتنع فامتنع ما يبنى عليه فامتنع شكر ما تفرع عن الخلافة فتبرهن الإشكال على مذاهب الجارودية.

__________________

(١) العثمانية : ١٨٢.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٣) العثمانية : ١٨٢.

(٤) العثمانية : ١٨٣.

(٥) المصدر السابق.

(٦) ن : تقرر.

(٧) ن : الى.

٣٦٠