بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس

بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس


المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٥

وأصحابه في قتال أهل الردة ـ : ورواه عن النبي مرفوعا أنهم قوم أبي موسى الأشعري عن عياض الأشعري قال ورواه الحاكم في صحيحه عن عثمان بن السماك عن عبد الملك بن محمد عن وهب عن جرير عن شعبة.

أقول و (١) قال محمد بن حبان أبو حاتم صاحب كتاب المجروحين وهو غير متهم فيما يذكره على رجال المخالفين في الفضل بن دلهم سمعت الحنبلي يقول سمعت أحمد بن زهير يقول سألت يحيى بن معن (٢) عن الفضل بن دلهم فقال ضعيف الحديث (٣).

وأما ما يتعلق بالضحاك فقد ذكر ابن حبان ثلاثة بهذا الاسم وضعفهم وهم الضحاك (٤) بن بيراس (٥) والضحاك بن الأهوار (٦) والضحاك (٧) بن حجرة المسبحي (٨).

وقال وأما ما يتعلق بجويبر بن سعد (٩) أصله من بلخ ضعفه يحيى بن

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا توجد في : ن.

(٢) ن : معين وكذا المصدر.

(٣) المجروحين : ٢ / ٢١٠.

(٤) قال ابن حبان :

اخبرنا الحنبلي قال : حدثنا احمد بن زهير عن يحيى بن معين ، قال : الضحاك بن نبراس ليس بشيء. المجروحين : ١ / ٣٧٩.

(٥) ن : نيراس وفي المصدر : نبراس.

(٦) ن : الضحاك بن زيد الاهوازي وكذا في المصدر. قال محمد بن حبان : يروى عن اسماعيل ابن ابي خالد وروى عنه عبد الملك بن مروان الاهوازي وكان ممن يرفع المراسيل ويسند الموقوف ، لا يجوز الاحتجاج به ، لما كثر منها. راجع المجروحين : ١ / ٣٧٩.

(٧) في المصدر : الضحاك بن حجوة المنبجي وقال عنه : يروى عن ابن عيينة وأهل بلده ، العجائب اخبرنا عنه عمر بن سعيد بن سنان بنسخة مقلوبة يطول ذكرها ، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه الا للمعرفة فقط. انظر المجروحين ١ / ٣٧٩.

(٨) ن : المسيحي.

(٩) ن : وقال جويبر بن سعيد ... الى اخره.

٢٦١

سعد (١) يروي عن الضحاك أشياء (٢) مقلوبة فقال كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن جويبر بن سعد سمعت محمد بن محمود (٣) يقول قلت ليحيي بن معن (٤) جويبر كيف حديثه فقال ضعيف (٥).

قال وقالت العثمانية فإن زعمت الرافضة أن الله أنزل في علي آيا كثيرا وذكر قوله تعالى ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٦) وضعف الرواية ورجح قصة الغار ومسطح (٧).

وسوف نعتبر أصل هذه الرواية كذا حكى عن الأصحاب أن قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (٨) أنها نزلت في علي وسوف نعتبر أصل هذه الرواية إن شاء الله تعالى.

أقول : إني اعتبرت كتاب الشيخ العالم أبي الفرج الأصفهاني الأموي في الآي النازل (٩) في أهل البيت عليهم‌السلام فرأيته قد روى من عدة طرق منها أخبرني أحمد بن الحسن قال حدثنا أبي قال حدثنا حصين بن مخارق عن سعيد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه‌السلام في

__________________

(١) ن : سعيد وكذا المصدر.

(٢) ن : اسانيد.

(٣) ن بزيادة : سمعت الدارمي يقول. وكذا في المصدر.

(٤) ن : معين. وكذلك في المصدر.

(٥) راجع المجروحين : ١ / ٢١٧.

(٦) النساء : ٥٩.

والآية كاملة هي : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ).

(٧) العثمانية : ١١٥ و ١١٧.

(٨) البقرة : ٢٠٨.

وتتمتها : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ).

(٩) ن : النازلة.

٢٦٢

قوله تعالى ( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (١) فقال (٢) ولايتنا أهل البيت (٣)

وروى من طريقين أحدهما عن الباقر والآخر عن علي بن الحسين عليه‌السلام أن الدخول في السلم ولاية آل محمد.

وفي رواية أخرى في الآية عن الباقر أنه قال أمروا والله بولاية علي بن أبي طالب وآل محمد عليهم‌السلام (٤).

وأما الأولى : فرواها الشيخ المذكور بإسناده إلى أبي مريم قال سألت جعفر بن محمد الصادق عن هذه الآية ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ ) الآية فقال كان أمير المؤمنين عليه‌السلام منهم فقلت يا ابن رسول الله أكانت طاعته مفترضة فقال والله ما كانت لأحد من هذه الأمة إلا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة من أطاع رسول الله فليطع أمير المؤمنين من طاعة الله عز وجل (٥)

ورواه (٦) بهذا الطريق أنها نزلت في علي بن أبي طالب وآل محمد عليهم‌السلام (٧) قال وزعموا أن الله أنزل ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ )

__________________

(١) البقرة : ٢٠٨.

والآية كاملة : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ).

(٢) ن : قال.

(٣) ما نزل من القرآن في أهل البيت : مخطوط ومفقود.

(٤) روى نزول الآية بشان أمير المؤمنين بالاضافة الى ابي الفرج الاصفهاني القندوزي في ينابيع المودة : ١١١.

(٥) ن : من اطاع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطاع الله عزّ وجلّ.

(٦) ن : ورواية هذا الطريق.

(٧) ما نزل من القرآن في أهل البيت : مخطوط.

وروى نزول هذه الآية بشان أمير المؤمنين عليه‌السلام جماعة منهم :

النيشابوري في تفسيره : ٥ / ٧٩ والقندوزي في ينابيع المودة : ١١٦ والحسكاني في شواهد التنزيل : ١ / ١٤٨ وابن حيان الاندلسي المغربي في تفسيره ( على ما في احقاق الحق : ٣ / ٤٢٤ ).

٢٦٣

الآية (١).

أقول والكلام ناقص إذ يفوته (٢) في علي.

وروى هو غير ذلك من كونها نزلت في قصة أشار إليها (٣) قال وإن يكن الأمر على غير ذلك فليس (٤) تأويل الرافضة بأقرب التأويل (٥).

والذي أقول على هذا إن أبا عثمان لم يسند روايته وكذا الواحدي وهو إلى العداوة أقرب لم يسند قوله أنها في غير علي عليه‌السلام وإنما حكى ذلك حكاية.

__________________

(١) العثمانية : ١١٨.

(٢) ن : بدل ( يفوته ) ( تتمته ).

(٣) قال الجاحظ :

اما ظاهر الكلام ، فيدل على ما قال اصحاب التأويل كابن عباس وغيره ، حين زعموا انها نزلت في عبد الله بن سلام ورهط من مشركي أهل الكتاب ، وذلك انهم اتوا النبي (ص) عند الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، ان بيوتنا قاصية ، ولا نجد مسجدا دون هذا المسجد ، وان قومنا لما صدقنا الله ورسوله عادونا ، وتركوا مخالطتنا ، واقسموا الا يكلمونا ، فبينما هم يشكون عداوة قومهم لهم ، اذ نزلت : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ). فلما قرأها النبي (ص) قالوا : رضينا بولاية الله ورسوله والمؤمنين واذّن بلال للصلاة فخرج النبي (ص) الى المسجد وهم معه ، والناس من بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فتلا النبي (ص) ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) فان تكن هذه الآية كما قال ابن عباس ومجاهد ، فليس لعلي فيها ذكر. انظر العثمانية : ١١٨.

(٤) لا توجد في ق.

(٥) قال الجاحظ : وقد عرفنا ان تأويل هذا الكلام يشبه غير الذي قالوا ، وليس لنا ان نجعله كما قالوا الا بخبر عن النبي (ص) او باجماع من اصحاب التاويل على تفسيره وذلك ان قوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) يدل على العدد الكبير ، وانتم تزعمون انه عنى عليا وحده ، وليس لأحد ان يجعل ( الَّذِينَ ) لواحد الا بخبر يجمع عليه ، فان لم يقدر على ذلك فليس له ان يحوّل معنى الكلام عن ظاهر لفظه : انظر العثمانية : ١١٩.

٢٦٤

إذن (١) نحن نثبت ما يدعيه الأصحاب بالروايات المتكاثرات المعتبرات وإذا تقرر ذلك حملنا قوله تعالى ( وَهُمْ راكِعُونَ ) بلفظ الجمع على تفخيم أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد يأتي لفظ الجمع ويراد به الواحد قال الراجز

جاء الشتاء وقميصي أخلاق

شراذم يضحك مني النواق (٢)

وهذا ظاهر في باب الأدب. الإشارة إلى جملة من الروايات في ذلك من طرق شيخ لا يتهم نحكي منها المعنى إيثارا للإيجاز فنقول :

روى الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بإسناده المتصل إلى أبي رافع قال دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو نائم وحية في جانب البيت فكرهت أن أثب عليها وأوقظ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخفت أن يكون يوحى (٣) إليه فاضطجعت بين الحية وبين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأن كان فيها سوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دونه فمكثت ساعة فاستيقظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه وهنيئا لعلي تفضيل الله تعالى إياه (٤)

__________________

(١) ق ون : بدل ( اذن ) ( لكنا ).

(٢) النواق : اسم ابن الشاعر كما في الهامش.

(٣) ن : اوحي.

(٤) المائدة : ٥٥. روى نزول هذه الآية بشأن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام طائفة من المفسرين والمحدثين منهم :

محب الدين الطبري في ذخائر العقبى : ٨٨ والآلوسي في روح المعاني : ٦ / ١٤٩ والشوكاني في فتح القدير : ٢ / ٥٠ وابن حيان الاندلسي في البحر المحيط : ٣ / ٥١٣ وابن كثير في ، تفسيره : ٢ / ٧١ والنيسابوري في اسباب النزول : ١٤٨ والسيوطي في لباب النقول : ٩٠ وسبط

٢٦٥

وروى بإسناده المتصل عن ابن عباس في قول الله عز وجل ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) إلى قوله تعالى ( فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (١) قال أتى عبد الله بن سلام ورهطه من أهل الكتاب نبي الله فقالوا يا رسول الله إن بيوتنا قاصية لا نجد أحدا يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد وإن قومنا لما رأونا صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا العداوة وأقسموا لا يخالطونا ولا يؤاكلونا فشق ذلك علينا فبينما (٢) هم يشكون ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ نزلت هذه الآية على رسوله ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فنودي بالصلاة صلاة الظهر وخرج رسول الله إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد فإذا مسكين يسأل فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أعطاك أحد شيئا قال نعم قال (٣) من قال ذاك الرجل القائم قال على أي حال

__________________

ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٨ والشبلنجي في نور الابصار : ١٠٥ والطبري في تفسيره : ٦ / ١٦٥ والخازن في تفسيره : ١ / ٤٧٥ والقندوزي في ينابيع المودة : ١ / ١١٤ والزمخشري في الكشاف ١ / ٣٤٧ والرازي في تفسيره : ١٢ / ٢٦ والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير الآية. وذكر المتقى في كنز العمال : ٧ / ٣٠٥ قال :

عن ابي رافع دخلت على رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم وهو نائم ـ او يوحى اليه ـ واذا حيّة في جانب البيت فكرهت ان اقتلها وايقظه فاضطجعت بينه وبين الحيّة فاذا كان شيء كان بي دونه ، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فقال : الحمد الله فرآني الى جنبه فقال : ما اضجعك هنا؟

قلت : لمكان هذه الحيّة ، قال : قم اليها فاقتلها فقتلتها ، ثم اخذ بيدي فقال : يا ابا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا ، حقا على الله جهادهم ، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك شيء. قال اخرجه الطبراني وابن مردويه وابو نعيم.

(١) ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) المائدة : ٥٦.

(٢) ن : فبينا.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ج.

٢٦٦

أعطاكها قال وهو راكع قال وذلك علي بن أبي طالب فكبر رسول الله عند ذلك وهو يقول ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (١).

ورواه بالسند المتصل إلى محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس فأنشد حسان بن ثابت يقول في ذلك :

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطيء في الهدى (٢) ومسارع

أيذهب مدحي والمحبر ضائعا

وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا

أقول فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

فبينها (٣) في محكمات الشرائع

وروى في إسناده المتصل عن جعفر بن محمد أنها نزلت في علي وروي عن الباقر كلاما يشتبه الحال فيه (٤).

وروى بإسناده المتصل عن عبد الوهاب بن مجاهد عن ابن عباس ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) قال علي بن أبي طالب :

وروى مسندا إلى مجاهد أنها نزلت في علي بن أبي طالب (٥) ولم أحك اللفظ.

وروى ذلك في إسناد متصل بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ورواه مرفوعا إلى عمار بن ياسر ورواه في إسناد متصل بميمون بن مهران عن ابن

__________________

(١) المائدة : ٥٦ وذكره ايضا السيوطي في الدر المنثور في ذيل الآية الشريفة باختلاف في اللفظ.

(٢) ق : الهوى.

(٣) ن : وبيّنها.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

٢٦٧

عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب (١).

ورواه في إسناد متصل بسلمة بن كهيل (٢) وروى ذلك (٣) في إسناد متصل عن الحسن بن زيد عن أبيه عن آبائه ورواه من طريق آخر عن ابن عباس ومن طريقين آخرين ومن طريق آخر متصل بابن عباس (٤).

[ وروى بإسناده المتصل عن مجاهد ] (٥).

[ ورواه بإسناد متصل (٦) عن السدي ] (٧) ورواه في إسناد متصل بالضحاك عن ابن عباس ورواه الثعلبي في إسناد متصل بعباية الربعي في متن مطول حسن قال في سياقه قال أبو ذر فو الله ما استتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام من عند الله عز وجل فقال يا محمد اقرأ قال وما أقرأ قال (٨) اقرأ ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

وذكر أن إعطاء السائل الخاتم كان بعين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ودعاءه بعد ذلك اللهم ف ( اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) ... ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ) عليا اشدد به ظهري (٩) وحكى الثعلبي عن السدي وعتبة (١٠) بن أبي حكيم وعتبة بن عبد الله إنما عنى بقوله سبحانه ( وَالَّذِينَ آمَنُوا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ق.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٣) ن : ورواه.

(٤) ن : عن السدى.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ق ون.

(٦) ق : وروى باسناده المتصل.

(٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٨) لا يوجد في : ج.

(٩) الكشف والبيان : مخطوط.

(١٠) ق : عنه ابن ابي حكيم.

٢٦٨

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) علي بن أبي طالب مر به سائل وهو في المسجد فأعطاه خاتمه (١).

أقول : وقد روى الثعلبي بإسناد عن ابن عباس أنها نزلت في عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وروى الشيخ الفاضل العالم يحيى بن البطريق (٢) من طريق ابن المغازلي الشافعي بالإسناد الذي له إليه قال أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن (٣) الحسن بن شاذان البزاز إذنا قال حدثنا الحسن (٤) بن علي العدوي قال حدثنا سلمة بن شبيب قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) قال نزلت في علي عليه‌السلام (٥).

وهذا طريق لا أعرف فيه متهما مقدوحا فيه وفي صحيح النسائي عن ابن سلام قال أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلنا يا رسول الله إن قومنا حادونا لما صدقنا (٦) الله ورسوله وأقسموا لا يكلموننا فأنزل الله تعالى ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ثم أذن بلال موذنه لصلاة الظهر فقام الناس يصلون فمن بين ساجد وراكع وسائل يسأل (٧) فأعطى علي خاتمه وهو راكع فأخبر السائل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقرأ

__________________

(١) الكشف والبيان : مخطوط.

(٢) عمدة عيون صحاح الاخبار : ١٢٢.

(٣) ق : عن.

(٤) في المصدر : الحسين.

(٥) مناقب ابن المغازلي : ٣١١ حديث ٣٥٤.

(٦) ن : صدوا.

(٧) ن : اذ سائل بسوال.

٢٦٩

علينا رسول الله ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) إلى آخر الآية (١).

أقول إن الترجيح لما رويناه من وجوه.

أحدها كثرة الرواية (٢) والقائلين ونزارة هذه الرواية.

الوجه الثاني أن أيام رسول الله عقبتها دول مختلفة منها دولة بني أمية وعبد الله بن الزبير والجميع أعداء مجاهرون إلا عمر بن عبد العزيز وكان معاوية يبذل الرغائب على الوضع من علي عليه‌السلام وسبه وكانوا يعلمون الصبيان في المكاتب فنونا تضع من علي عليه‌السلام حتى أن معاوية بذل لسمرة بن جندب (٣) أربعمائة ألف درهم على معنيين يجعل أحدهما في علي والآخر في عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله فأجاب إلى ذلك وهو قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (٤) والمعنى الآخر ( وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها ) (٥) المعنى المتعلق بالمدح في

__________________

(١) عمدة عيون صحاح الاخبار : ١٢١ نقلا عن الجمع بين الصحاح الستة من صحيح النسائي وكذلك غاية المرام : ١٠٤ والدر المنثور : ٢ / ٢٩٣.

(٢) ن : الروايات.

(٣) سمرة بن جندب بن هلال الفزاري ، نزل البصرة وسكن بها.

عن ابي هريرة : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعشرة في بيت من اصحابه : « اخركم موتا في النار » فيهم سمرة بن جندب فكان سمرة اخرهم موتا. عن عامر بن ابي عامر ، قال : كنا في مجلس يونس بن عبيد فقالوا : ما في الارض بقعة نشفت من الدم ما نشفت هذه ، يعنون دار الامارة قتل بها سبعون الفا. فسالت يونس ، فقال : نعم من بين قتيل وقطيع ، قيل من فعل ذلك؟ قال : زياد وابنه وسمرة. مات سمرة سنة ثمان وخمسين وقيل : سنة تسع وخمسين انظر : سير اعلام النبلاء : ٣ / ١٨٣ واسد الغابة : ٢ / ٣٥٤ والاصابة : ٢ / ٧٨ والجرح والتعديل : ٤ / ١٥٤.

(٤) البقرة : ٢٠٧ واخر الآية : ( وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ).

(٥) البقرة : ٢٠٥

٢٧٠

عبد الرحمن والمتعلق بالذم في علي.

ثم إن الرواية عن ابن عباس ليس فيها صورة حال وجملة من هذه الروايات فيها صورة أحوال وهي قرينة (١) صوابها.

وأما رواية ابن عباس إن صحت عنه فلعله سمع من غير ثقة فأدى ذلك على ما سمع أو حسن ظنه مثلا (٢) بمن لم يحسن الظن به.

وتعلق الجاحظ في الخلاف بفنون منها أن عليا كان أزهد الناس فكيف يحول الحول وعنده مال يجب فيه الزكاة (٣).

قال ولو كان ذلك كذلك ما كان بلغ من قدر صنيع رجل في إعطاء درهم ودرهمين من زكاته الواجبة ما إن يبلغ به إلى هذه القدر الذي ليس فوقه قدر (٤).

قال وكيف اتفق له ألا يزكى إلا وهو يصلي (٥) قال فإن لا تفيد الآية الدلالة إلا أن تكون مشهورة كقصة (٦) الغار أو يكون لفظه يدل على غير ما قال غيرهم أو أن ينص الرسول على أن هذه الآية نزلت في علي ولو كان كذلك ما اختلف فيه أصحاب التأويل (٧).

__________________

وتتمتها : ( وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ ).

(١) ق : قريبة.

(٢) لا يوجد في : ق.

(٣) العثمانية : ١١٩.

(٤) المصدر السابق.

(٥) المصدر السابق.

(٦) ق : كقضية.

(٧) العثمانية : ١٢٠.

٢٧١

والذي أقول على هذه الجملة (١) إن أبا عثمان أسلف فيما مضى أن أبا بكر أزهد من أمير المؤمنين وهاهنا ذكر أن أمير المؤمنين أزهد الناس فهو لا محالة كاذب في أحد القولين.

قوله كيف يجامع الزهد استبقاء المال حولا يجب فيه الزكاة قول ساقط من وجوه أحدها أن الله تعالى قال لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) (٢) أي لا تكن بخيلا ولا متلافا فتعينت متابعته ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٣).

أضربنا عن هذا فبناء الجاحظ على أن الزكاة وجوبها محصور في حئول (٤) الحول دليل جهله إذ الغلات لا يراعى في (٥) وجوبها الحول فلعل مولانا زرع زرعا أو جاءه ثمر (٦) نخل تعينت فيه الزكاة وكان أداؤه في وقت ذلك.

أضربنا عن هذا فهل يستنكر لزاهد أو نبي أن يكون عنده خمسة أباعر لسفره وحركته ومنفعته الفنون (٧) في حضرته؟

هذا لا ينكره إلا سفيه لا يعرف السنة ولا مذاهب الحكمة وشرف المزايا إذ من بذل ما في يديه احتاج إلى غيره وذل لمن سواه والمؤمن لا

__________________

(١) ج ون : بزيادة ( اولا ).

(٢) الاسراء : ٢٩.

(٣) الاحزاب : ٢١.

تتمتها : ( لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً ).

(٤) ن : حول.

(٥) لا توجد في : ن.

(٦) ق : تمر.

(٧) الفنون : ما يشعر مزاولها بلذة عند مزاولته اياها كركوب الخيل ( المنجد ).

٢٧٢

يذل نفسه وما كل نفس ترضى بالمهابط السفلية والرذائل الدنية.

قوله وما بلغ من قدر الصدقة بدرهمين حتى يبلغ به هذا المبلغ (١).

قلت هذا مع الذي قررناه (٢) من صواب الرواية بحث مع إله الوجود.

أضربنا عن هذا فإن الذي شرع فيه ناقضا (٣) لغرضنا بان لغرضنا إذ كان الشكر التمام كما ذكر مع نزارة الدرهمين برهان إخلاص مولانا صلوات الله عليه وإلا (٤) فهي نظرا إلى حقارتها ليست موضع المدح التام كما ذكر.

أضربنا عن هذا فلعل الله تعالى جلاله أراد أن يوقظ أحداق (٥) الغافلين بالثناء الجم حيث لم يفعلوا مثل فعله مقوما لهم عوج غفلتهم بذلك.

أضربنا عن هذا فلعل الله تعالى (٦) جلاله أراد أن يبين أن كثيرا ممن يتصدق لا تقارن أعماله خلوص النية ليرجع إلى الله تعالى في إخلاص النية حيث يرى أثرها.

أضربنا عن هذا فلعل الله تعالى أراد أن يبين لمن يبالغ في الثناء على إنسان عند إعطاء الأموال الوافرة أن هاتيك الصدقات غير منوطة بالمقاصد الصالحات لئلا يعتمدوا عليه ويقصدوا في المهمات إليه فيزلوا.

بيان ذلك أنهم يرون الثناء الجم توجه لأجل درهمين ولا يتوجه إلى

__________________

(١) العثمانية : ١١٩.

(٢) ق : كررناه.

(٣) ق : ناقصا.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٥) ن : حذّاق.

(٦) ن بزيادة : جل.

٢٧٣

غيره بإعطاء المال الجم أو ليزيل (١) عن خاطر من يظن أنه مخلص أنه مخلص (٢) لئلا يدخله الزهو والعجب.

وأما استطرافه (٣) لكونه أدى الزكاة في حال صلاته لا في غير تلك الحال فإن الجواب عنه بما أنه رأى المحل القابل وقعود من حضر عن مساعدته فرأى اغتنام (٤) رحمته أو لأن الله تعالى بعث ذلك السائل ليظهر للحاضرين قدر عناية الله تعالى به عقيب صدقته بما أنزل من الآي في مدحته وإرغام الأعداء بتفخيم ناحيته (٥) من حضر منهم ومن غاب عنهم.

وأما قوله (٦) إنه إما لفظ دال أو ما يناسب خبر الغار فقد بينا فيما روينا صريحا عن أعيان وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقرائن أحوال أن الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وأما حديث الغار فقد تكرر وتكرر الجواب عنه.

وقال لسان الجارودية عند استثمار الشرف منه :

على أنني راض بأن أحمل الهوى

وأخلص منه لا علي ولا ليا.

وأما قوله إن النبي لو نص على أن الآية في أمير المؤمنين ما اختلفوا فيه (٧) فقول رجل جاهل بالسنة بعيد عن صواب النقل إذ الآثار النبوية مختلفة جدا وما لزم ذلك بطلانها.

__________________

(١) ن : فيزول.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٣) ن : استطراقه.

(٤) ق وج : اغنام.

(٥) ن : ناحية.

(٦) لا يوجد في : ج.

(٧) العثمانية : ١٢٠.

٢٧٤

وعلى قود بحث الجاحظ يلزم الطعن في القرآن المجيد إذ المسلمون مختلفون (١) عنه حسب الآيات المختلفة في ظاهرها فلأن لزم الاختلاف في التأويل بطلان ما اختلفوا فيه كان هذا سعيا في فساد القرآن وهو كفر وما يجهل مثل هذا إلا غبي.

هذا فيما يرجع إلى أحكام ليست أغراضا للمختلفين فكيف ما هو مظنة لاختلاف المختلفين ومنع قول من قال إن قول الله تعالى ( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (٢) علي (٣).

فقد (٤) ذكرنا ما عندنا في ذلك في مطاوي هذه الأوراق وقرائن الأحوال شاهدة بأنه المحل القابل لها ولو لم تنطق هذه الرواية بها وقد سلف تبيينه (٥) على ذلك.

قال وكذب إن النبي مات ولم يجمع القرآن (٦) إذ القراء المشهورون يروون عن الأوائل الذين مصدر القراءة عنهم أنهم قرءوه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكيف يقرؤه من لا يجمعه؟

وقد ذكر ابن عبد البر المغربي أن جماعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منهم علي (٧).

__________________

(١) ن : يختلفون.

(٢) الرعد : ٤٣.

والآية كاملة هي : ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ).

(٣) العثمانية : ١٢١.

(٤) ن : وقد.

(٥) ق : تبنيه.

(٦) العثمانية : ١٢١.

(٧) لم اعثر عليه في الاستيعاب المطبوع.

٢٧٥

وقد سبق من قبل في كلام المخذول على ما حكيته عنه أن جماعة كانوا مخصوصين بحفظ القرآن على عهد رسول الله فكيف يحفظ شيء (١) لم يجمع بعد ولكن المخذول يتكلم (٢) بحسب الهوى غير ناظر في عاقبة.

وطعن بما أن السائل إذا سأل عن علماء التأويل ذكروا ابن عباس ونحوه ولم يذكروه (٣) وقد سبق جواب الجاهل عن ذلك وأتمم ذلك فأقول :

إنه قد يكون إغفال ذكره لاشتهار أمره إذ الشمس لا تحتاج إلى دال عليها ولا كاشف لها وأما أن أبا بكر وعمر لا يذكران في علماء التأويل كما قال فإن الوجه فيه عدم ضبطهما القرآن وحفظه فكيف يتأول متأول شيئا لا يحويه ولا يدريه.

وقد كان عمر رضوان الله عليه حفظ البقرة في سبع عشرة سنة وقيل في اثنتي عشرة سنة ونحر جزورا (٤).

وهذا يوضح عذره رضوان الله عليه في عدم المعرفة بالتأويل وكذا نعذر أبا بكر (٥) في عدم المعرفة بالأب وعمر أيضا (٦).

__________________

(١) ن : بزيادة : و.

(٢) ن : تكلم.

(٣) العثمانية : ١٢١.

(٤) عن عبد الله بن عمر ، قال : تعلم عمر سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا. انظر : تفسير القرطبي ١ / ٣٤ وشرح ابن ابي الحديد : ٣ / ١١١ والدر المنثور : ١ / ٢١.

(٥) اخرج ابو عبيدة عن ابراهيم التيمي قال :

سئل ابو بكر عن قوله تعالى : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا )؟ فقال : اي سماء تظلني؟ او اي ارض تقلني ان قلت في كتاب الله ما لا اعلم؟ وفي لفظ القرطبي : اي سماء تظلني؟ واي ارض تقلني؟ واين اذهب؟ وكيف اصنع؟ اذا قلت في حرف من كتاب الله بغير ما اراد تبارك وتعالى.

ذكره القرطبي في تفسيره : ١ / ٢٩ الزمخشري في الكشاف : ٣ / ٢٥٣ وابن كثير في تفسيره : ١ / ٥ الخازن في تفسيره : ٤ / ٣٧٤ النسفي في تفسيره : ٨ / ٣٨٩ السيوطي في الدر المنثور : ٦ / ٣١٧ ابن حجر في فتح الباري : ١٣ / ٢٣٠.

(٦) عن انس بن مالك قال :

٢٧٦

ورجح عبد الله بن عباس في معرفة التأويل قال في معرفته ولم نجد عند أحد شطره ولا قريبا منه (١) يعرض بأمير المؤمنين.

ويكفينا في الشهادة (٢) على تكذيبه ذل الحبر المعظم ابن عباس بين يديه واستخذاؤه عند ما نبهه عليه (٣) من معنى ( الْعادِياتِ ) عليه وقد سلف (٤) من طريق لا يتهم فأراد الجاحظ أن يضع من علي فرفع منه إذ كان المدعى له معرفة التأويل ضارعا عنده مستفيدا منه مقرا على نفسه بالعجز عن مداناته على ما أسلفت فأراد الجاحظ أن يذم فمدح وأن يفضح فافتضح.

__________________

ان عمر قرأ على المنبر : ( فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً. وَحَدائِقَ غُلْباً. وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) ، قال : كل هذا عرفناه فما الاب؟ ثم رفض عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله هو التكلف ، فما عليك ان لا تدري ما الاب؟ اتبعوا ما بيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه الى ربه. وفي لفظ اخر : قال انس : بينا عمر جالس في اصحابه اذ تلا هذه الآية : ( فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا ) ... الى اخرها ثم قال : هذا كله عرفناه فما الاب؟ قال : وفي يده عصية يضرب بها الارض فقال : هذا لعمر الله التكلف ، فخذوا ايها الناس بما بيّن لكم فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه الى ربه. وبلفظ اخر ان عمر قرأ هذه الآية فقال : كل هذا عرفناه فما الاب؟ ثم رفض عما كانت بيده وقال : هذا لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن ام عمر ان لا تدري ما الاب ، ثم قال : اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب وما لا فدعوه وعن ثابت : ان رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) : ما الاب؟ فقال عمر : نهينا عن التعمق والتكلف اورد هذه الاحاديث :

ابن جرير في تفسيره : ٣٠ / ٣٨ والحاكم في المستدرك : ٢ / ٥١٤ والخطيب في تاريخ بغداد : ١١ / ٤٦٨ والزمخشري في الكشاف : ٣ / ٢٥٣ ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة : ٢ / ٤٩ وابن الاثير في النهاية : ١ / ١٠ وابن كثير في تفسيره : ٤ / ٤٧٣ والخازن في تفسيره : ٤ / ٣٧٤ والسيوطي في الدر المنثور : ٦ / ٣١٧ والمتقى في كنز العمال : ١ / ٢٢٧ وابن حجر في فتح الباري : ١٣ / ٢٣٠ والقسطلاني في ارشاد الساري : ١٠ / ٢٩٨.

(١) العثمانية : ١٢٢.

(٢) ن : بالشهادة.

(٣) ج : تممه.

(٤) ص : (١٠٧).

٢٧٧

وأما أنه لو كانت الآية كما تزعم الروافض كما قال لعرفها ابن عباس فقد روينا عنه (١) ما يشهد بما حاولناه من غير طريق الروافض كما زعم وأراه إشارة إلى قوله تعالى ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية. ادعى أن العثمانية فضلت أبا بكر على علي بما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سماه الصديق قال ولم يسم النبي عليا باسم يبينه (٢) به (٣).

وهذا قول جاهل بالسيرة أو معاند وكلا القسمين يمنعان ذا الدين أن يجاري أهل الفضل في ميادينه ويساميهم في براهينه إذ قد روى المحدثون من غيرنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بانه بكونه أمير المؤمنين (٤) ذكر أخي السعيد رضى

__________________

(١) ن : عليه.

(٢) في المصدر : ينسبه.

(٣) العثمانية : ١٢٢.

(٤) روى ابو نعيم الاصفهاني في حلية الاولياء ١ / ٦٣ بسنده عن انس قال :

قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] : يا انس اسكب لي وضوءا ثم قام فصلى ركعتين ثم قال : يا انس اول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين قال انس : قلت : اللهم اجعله رجلا من الانصار وكتمته اذ جاء علي فقال : من هذا يا انس؟ فقلت : علي فقام مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه ويمسح عرق وجه علي بوجهه قال علي : يا رسول الله لقد رايتك صنعت بي شيئا ما صنعت بي من قبل قال وما يمنعني وانت تودي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي.

وروى الحديث بعين ما تقدم :

الخوارزمي في مناقبه : ٤٢ وكمال الدين الشافعي في مطالب السوول : ٢١ والحمويني في فرائد السمطين : ١ / ١٤٥ وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق : ٢ / ٢٥٩.

وفي تاريخ بغداد : ١٣ / ١٢٢ بسنده عن ابن عباس قال :

قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن اربعة فقام عمه العباس فقال له : فداك ابي وامي انت ومن؟ قال : اما انا فعلى دابة الله البراق ، واما اخي صالح على ناقة الله التي عقرت ، وعمي حمزة اسد الله واسد رسوله على ناقتي العضباء ، واخي

٢٧٨

الدين (١) قدس الله تعالى روحه فيما سطره إلي ما صورته

__________________

وابن عمي وصهري علي بن ابي طالب على ناقة من نوق الجنة.

( الى ان قال ) فلا يمر بملأ من الملائكة الا قالوا : هذا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو حامل عرش رب العالمين ، فينادي مناد من لدنان العرش ـ او قال : من بطنان العرش ـ ليس هذا ملكا مقربا ، ولا نبيا مرسلا ، ولا حامل عرش رب العالمين ، هذا علي بن ابي طالب أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين الى جنان رب العالمين ، افلح من صدقه ، وخاب من كذبه ، ولو ان عابدا عبد الله بين الركن والمقام الف عام والف عام حتى يكون كالشن البالي ولقي الله مبغضا لآل محمد اكبه الله على منخره في نار جهنم.

وفي مناقب اخطب خطباء خوارزم : ٨٦ بسنده عن ابن عباس قال :

قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] هذا علي بن ابي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبي بعدي وقال يا ام سلمة اشهدي واعلمي واسمعي هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي وبابي الذي اوتى منه ، اخي في الدين وخدني في الآخرة ومعي فى السنام الاعلى.

(١) هو السيد رضي الدين ابو القاسم علي بن موسى بن جعفر الحسني اخو المؤلف.

عالم زاهد فقيه ورع اديب شاعر صاحب الكرامات والمقامات العالية.

قال عنه العلامة في بعض اجازاته : وكان رضي الدين علي صاحب كرامات حكى لي بعضها وروى لي والدي البعض الاخر.

وقال في موضع اخر : ان السيد رضي الدين كان ازهد اهل زمانه. وقال عنه الحر العاملي في امل الامل : ٢ / ٢٠٥ :

حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة والفقه والجلالة والورع اشهر من ان يذكر وكان ايضا شاعرا اديبا منشئا بليغا.

وقال عنه الامين في اعيان الشيعة : ٨ / ٣٥٨.

وكان ابرز اعلام هذه الاسرة ـ يعني اسرة بني طاووس ـ السيد النقيب رضي الدين علي بن سعد الدين ابي ابراهيم موسى بن جعفر ( الى ان قال ) ولد قبل ظهر يوم الخميس منتصف المحرم سنة ٥٨٩ بالحلة وبها نشأ وترعرع ثم عد من كتبه ٤٨ كتابا.

ثم قال عنه : كان رضي الدين على جانب كبير من العلم والفضل والمعرفة كما تشهد به مؤلفاته واثاره واقوال المؤرخين والرجاليين الذين ترجموا له.

توفي سنة ٦٦٤ وحمل الى مشهد جده علي بن ابي طالب عليه‌السلام.

٢٧٩

ومن جملته باب فيها كتاب له أول بخطبة وأخر نحو سبع كراريس تضمنت مائة وخمسة أحاديث عن ثمانية عشر شيخا برجالهم إلا شاذا عسى فيه بعض رجالهم كما ذكر من عدها في تسمية مولانا علي صلوات الله عليه في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) بأمير المؤمنين (٢) منها ما سماه الله تعالى (٣) جلاله به (٤) ومنها ما سماه جبرئيل عليه‌السلام به (٥) ومنها ما سماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالوحي.

ومنها ما قاله ولم يذكر أنه أوحى إليه (٦).

ومنها ما سماه به (٧) حيوان صامت.

ومنها ما سماه به جماد بإذن الله جل جلاله وذكر غير هذا.

وفي بعض ما ذكرت مقنع إذ هو في مقابلة دعوى لا أصل لها.

ثم من طريف الأمور أن يدعي إجماع المسلمين على هذا الاسم وأنه لأبي بكر دون غيره (٨).

واعلم أن الذي يرد على عدو السنة فيما قال ما رواه الشيخ الثقة يحيى

__________________

ترجم له كثيرون من ارباب التراجم منهم :

الحر العاملي في امل الامل : ٢ / ٢٠٥ والامين في اعيان الشيعة : ٨ / ٣٥٨ لؤلؤة البحرين : ٢٣٥ مقدمة البحار : ١ / ١٤٣ روضات الجنات : ٤ / ٣٢٥.

(١) ما بين القوسين لا يوجد في : ن.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ق.

(٣) ن بزيادة : جل.

(٤) لا يوجد في : ق.

(٥) لا توجد في : ن.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٧) لا توجد في : ج وق.

(٨) العثمانية : ١٢٣.

٢٨٠