بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس

بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرّسالة العثمانيّة

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس


المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٥

ومن مناقب أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الغزاة البدرية ما رواه الواحدي عند قوله تعالى ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) (١) روى عن البخاري ومسلم أنها نزلت في حمزة وعبيدة وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابني (٢) ربيعة والوليد بن عتبة ورواه مرفوعا عن (٣) أبي ذر و (٤) أنه كان يقسم على ذلك (٥).

__________________

قال سلمة بن الأكوع : فجئت به أقوده الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مالك؟ قال : رمدت فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادن منّي ، فدنى منه ، فتفل في عينيه ، فما شكى وجعهما بعد ، حتى مضى لسبيله ، ثم اعطاه الراية ، فنهض بالراية وعليه حلّة ارجوان حمراء قد أخرج كميّها ، فأتى مدينة خيبر ، فخرج مرحب صاحب الحصن ، وعليه مغفر ، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ويقول :

قد علمت خيبر انّي مرحب

شاكي السلاح بطل مجرّب

اطعن احيانا وحينا اضرب

اذ الحروب اقبلت تلهب

كان حماي كالحما لا يقرب

فبرز اليه علي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فقال :

انا الذي سمتني امي حيدرة

كليث غابات شديد القسوره

اكتالكم بالسيف كيل السندره

فاختلفا ضربتين ، فبدره علي عليه‌السلام بضربة فقدّ الحجر والمغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الاضراس ، وأخذ المدينة ، وكان الفتح على يديه.

وكذلك نقل هذا الخبر عن الثعلبي السيد هاشم البحراني في غاية المرام : ٤٦٧.

وقد أشار ابن ابي الحديد الى فرار الشيخين في قصيدته العلوية بقوله :

وما انس لا انس اللذين تقدما

وفرهما والفرقد علما حوب

وللراية العظمى وقد ذهبا بها

ملابس ذل فوقها وجلابيب

(١) الحج : ١٩.

(٢) ن : ابن ابي ربيعة.

(٣) ق : الى.

(٤) لا توجد في : ق.

(٥) قال الواحدي :

اخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم المزكي ، قال : اخبرنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف ،

١٤١

وزعم ملقح الفتن عدو الصحابة والقرابة أن منصوره خص بمخاطبته عند قذف مسطح لابنته بالذكر (١) وليس ذلك كما أثنى على جملة المهاجرين والأنصار فقال ( وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ) (٢).

أقول : إن هذا الترجيح من ملقح الفتن ما جهل مفرط بالسيرة وهو خلق من لا اهتمام له بالإسلام أو حلية مغالط مدلس يهزأ في مباحثه ولا يربطه رباط دين ولا يقيده قيد حياء إذ أمير المؤمنين صلوات الله عليه المخصوص بنزول القرآن المتكاثر فيه من طريق من ليس من عدادنا ولو جمع ذلك لكان عدة أجزاء وسأذكر نبذة يسيرة من ذلك من كتاب الشيخ

__________________

قال : أخبرنا يوسف بن يعقوب القاضي قال : اخبرنا عمر بن مرزوق قال : أخبرنا شعبة عن أبي هاشم ، عن ابي مجلز عن قيس بن عبادة قال : سمعت ابا ذر يقول : اقسم بالله لنزلت ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) في هؤلاء الستة : حمزة وعبيدة ، وعلي بن ابي طالب ، وعتبة ، وشيبة ، والوليد بن عتبة.

ورواه البخاري عن حجاج بن منهال ، عن هشيم بن هاشم.

انظر : أسباب النزول : ١٧٦.

وذكر نزول الآية بشأن هؤلاء الستة جماعة آخرون وسطروها في كتبهم نذكر منها : شواهد التنزيل : ١ / ٣٨٦ ، صحيح البخاري : ٦ / ٩٨ ، وصحيح ابن ماجة : في ابواب الجهاد ، والمستدرك : ٢ / ٣٨٦ ، وتفسير الرازي : ٢٣ / ٢٩ ، ومشكل الآثار : ٢ / ٢٦٨ والجامع لأحكام القرآن : ١٢ / ٢٥ وتفسير ابن كثير : ٣ / ٢١٢ وجامع الاصول : ٢ / ٣٢٢ والصواعق المحرقة : ١٢٤ وذخائر العقبى : ٨٩ والرياض النضرة : ٢٠٧.

(١) قال الجاحظ : ( ضمن كلام له ) :

حتى انزل الله سبحانه على رسوله براءة عائشة ، وامر أبا بكر بالانفاق على مسطح وعياله ، وبالعفو عنه. وان يعيده الى رحله وتحت جناحه ، فأنزل الله في محكم كتابه على نبيه يريد أبا بكر ( الى ان قال ) فقال الله ـ وهو يريد أبا بكر ـ : ( وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ... ) الآية. فقال ابو بكر : بلى يا رب ، فرده الى رحله ، وعفا عنه كما أمره الله.

انظر العثمانية : ٥٥.

(٢) النور : ٢٢.

١٤٢

الإمام الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (١) قال بعد الخطبة :

واعلم أدام الله رعايتك أن القرآن مجزأ على أربعة أجزاء فربع فيه وفي أهل بيته ومواليه وربع في مخالفه (٢) ومعاديه وربع حلال وحرام وربع فرائض وأحكام (٣).

وروى أبو الفرج الأصفهاني الأموي (٤) هذا المعنى أو ما يناسبه عن علي عليه‌السلام بالسند المتصل صورة المتن قال

__________________

(١) ابو نعيم احمد بن عبد الله بن احمد بن اسحاق بن موسى بن مهران الاصبهاني ، الحافظ المشهور صاحب كتاب « حلية الأولياء » كان من الاعلام المحدثين وأكابر الحفاظ ، وله كتاب « اخبار اصبهان » يقال : ان اول من اسلم من أجداده مهران وانه مولى عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن ابي طالب عليه‌السلام.

ولد ابو نعيم في رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وقيل غير ذلك ، وتوفي في صفر وقيل يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة بأصبهان.

ترجم له : وفيات الأعيان : ١ / ٩١ تذكرة الحفاظ : ٣ / ٢٩٢ طبقات الشافعية : ٤ / ١٨.

(٢) ن : مخالفيه.

(٣) ما نزل من القرآن في علي : مخطوط.

(٤) هو ابو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن احمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله ابن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن ابي العاص بن امية القرشي الأموي الكاتب الاصبهاني جده مروان بن محمد المذكور آخر خلفاء بني امية وهو اصبهاني الأصل بغدادي المنشأ كان من أعيان ادباءها وأفراد مصنفيها وكان عالما بأيام الناس والأنساب والسير له مصنفات كثيرة منها كتاب « الأغاني » يقال انه جمعه في خمسين سنة وحمله الى سيف الدولة فأعطاه ألف دينار وله أيضا « الاماء الشواعر » و « مقاتل الطالبيين » و « آداب الغرباء » وغير ذلك.

ولد سنة اربع وثمانين ومائتين وتوفى يوم الأربعاء رابع عشر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاثمائة ببغداد وقيل سنة سبع وخمسين.

ترجم له : وفيات الأعيان : ٣ / ٣٠٧ ، ومعجم الادباء : ١٣ / ٩٤ ، اخبار اصبهان : ٢ / ٢٢ معجم المؤلفين : ٧ / ٧٨ ، تاريخ بغداد : ١١ / ٣٩٨.

١٤٣

نزل القرآن ربعا فينا وربعا في عدونا وربعا سير وأمثال (١) وربعا فرائض وأحكام ولنا كرائم القرآن (٢).

وروى نحو هذا عن عدة طرق في كتابه المتعلق بما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام (٣).

وروى أبو نعيم عن محمد بن عمر بن غالب قال حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال حدثنا عباد بن يعقوب (٤) قال حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أنزل الله تعالى آية فيها ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلا وعلي رأسها وأميرها كذا حدثناه مرفوعا (٥).

ورواه غير مرفوع من عدة طرق وفي بعض ما رواه إلا وعلي سيدها وشريفها (٦).

__________________

(١) ن : في امثال.

(٢) ما نزل من القرآن في أهل البيت : مخطوط ومفقود.

(٣) وذكر القندوزي في ينابيع المودة : ١٢٦ ( ط اسلامبول ) :

روى في المناقب عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه‌السلام قال : نزل القرآن على أربعة أرباع ، ربع فينا وربع في عدونا وربع سنن وامثال وربع فرائض وأحكام ولنا كرائم القرآن.

وجاء في حبيب السير لغياث الدين بن همام : ٢ / ١٣ ( ط طهران ) : روى الحافظ أبو بكر احمد ابن موسى بن مردويه بسنده عن علي كرم الله وجهه قال : نزل ربع القرآن في شأننا وربعه في اعداءنا وربعه في السير والأمثال وربعه في الفرائض والأحكام ولنا كرائم كلام الملك العلاّم.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٥) حلية الأولياء ١ / ٦٤.

وذكره ايضا الخوارزمي في المناقب : ص ١٧٩ ، والمتقي في منتخب كنز العمال : ٥ / ٣١ ( المطبوع بهامش المسند ) ، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى : ٨٩ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٥٤ ، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٩ ، وسليمان القندوزي في ينابيع المودة : ١٢٥.

(٦) ورواه بهذا اللفظ اضافة على حلية الاولياء ، جماعة من علماء العامة منهم : أخطب خوارزم في

١٤٤

وروى بإسناده عن ابن عباس قال لما نزلت ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (١) أومأ بيده إلى منكب علي فقال أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي (٢).

ومن غريب ما يرد على المخذول ما رواه أبو الفرج (٣) بإسناده المتصل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال نزلت في علي عليه‌السلام ثمانون آية صفوا ما شركه فيها أحد من هذه الأمة (٤).

__________________

مناقبه : ١٨٩ ، والهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ١١٢ ، بزيادة : ولقد عاتب الله أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير مكان وما ذكر عليا الاّ بخير. والسيوطي في تاريخ الخلفاء : ٦٦ ، والمتقي في منتخب كنز العمال : ٥ / ٢٨ ، واحمد بن حنبل في فضائله : ٣ / ٦٥٤ ، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى : ٨٩ ، وفي الرياض النضرة : ٢٠٧ ، والكنجي في كفاية الطالب : ٥٤ ، والفخر الرازي في نهاية العقول : ١٩٦ ، والشبلنجي في نور الابصار : ١٠٥ ، وابن حجر في صواعقه : ٣٨ و ١٢٥ ، والقندوزي في ينابيع المودة : ١٢٦ ، والبرزنجي في مقاصد الطالب : ١٠.

(١) الرعد : ٧.

(٢) روى ابن جرير الطبري في تفسيره : ١٣ / ٧٢ بسنده عن ابن عباس قال لما نزلت ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) وضع ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ يده على صدره ، فقال : أنا المنذر ، ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) ، واومأ بيده الى منكب علي ـ عليه‌السلام ـ فقال : انت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون بعدي.

وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية في سورة الرعد والفخر الرازي في تفسيره في ذيل تفسير الآية والمتقي في كنز العمال : ٦ / ١٥٧ والشبلنجي في نور الأبصار ص ٧٠ والمناوي في كنوز الحقائق ص ٤٢ والحاكم في المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٢٩. فقد روى هؤلاء هذا الحديث مع اختلافات في بعض ألفاظه.

(٣) ق : ابو الفتوح.

(٤) روى الخطيب في تاريخ بغداد : ٢ / ٢٢١ بسنده عن ابن عباس قال : نزلت في علي عليه‌السلام ثلاثمائة آية.

ابن حجر في الصواعق المحرقة ص ٧٢ والشبلنجي في نور الابصار ص ٧٣ عن ابن عباس قال : نزل في علي عليه‌السلام ثلاثمائة آية.

١٤٥

إذا عرفت هذا فاعلم أن ملقح الفتن فضل على علي غيره بجماعة يسيرة نزرة رغبهم منصوره في الإسلام كما ادعى وهم (١) الزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن وعثمان وبلال ومسطح وعامر بن فهيرة (٢).

أقول وقد نبهت على شيء من قواعدهم أو قواعد أعيانهم عنده وهذه الرواية الواردة من عدة طرق ومنها يا علي بك يهتدي المهتدون دالة على أن كل مهتد بعده على وجه الأرض إلى أن تقوم القيامة مهتدون بأمير المؤمنين صلوات الله عليه فأين النفر الذين أشار إليهم ممن لا يحصى عدده (٣) ولا تضبط أفراده (٤) مع حوادث جرت من أعيان من ذكر رضوان الله عليهم.

وروى مرفوعا عن ابن عباس في قوله تعالى ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٥) قال عن ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأين من

__________________

وكذلك أيضا ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء : ١١٧ ، والعلامة الكنجي في كفاية الطالب : ١٠٨ ، وسليمان القندوزي في ينابيع المودة : ١٢٦.

(١) الاضافة منا.

(٢) العثمانية : ٥٤.

(٣) ن : عددهم.

(٤) ن : افرادهم.

(٥) الصافات : ٢٤.

وذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة : ص ٨٩ قال :

الآية الرابعة قوله تعالى ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) قال : اخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري ان النّبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم قال : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) عن ولاية عليّ عليه‌السلام ( ثم قال ) وكأنّ هذا هو مراد الواحدي بقوله : روي في قوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) اي عن ولاية عليّ عليه‌السلام وأهل البيت.

وانظر أيضا تذكرة الخواص : ٢١ ارجح المطالب : ٦٣ ينابيع المودّة : ١١٢.

١٤٦

تسأل جميع الأمة عن ولايته ممن أمر مثلا بالنفقة على ابن خالته قاذف ابنته وهو بمقام منهي عن كلفته (١) وهي عندنا منزهة وإنما ملقح الفتن ذكرها في كتابه لأمر غير مهم لا يفي (٢) بذكرها لا أحسن الله تعالى جزاءه.

وروى ما هو مشهور من نزول قوله تعالى ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) (٣) الآية في علي عليه‌السلام وأقل مراتبها ناصركم فإذا أمير المؤمنين ناصر جميع المؤمنين فكل منهم مغموس في حقه مرموس في مواهبه.

وروى عن ابن عباس مرفوعا في قوله جل وعز ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٤) أن النبي عليه‌السلام قال لعلي أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك (٥) يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوك غضابا مقمحين قال يا رسول الله ومن عدوي قال من تبرأ منك ولعنك ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من قال رحم الله عليا رحمه‌الله (٦).

__________________

(١) ن : خلقيّته.

(٢) ن : نفي.

(٣) ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) المائدة : ٥٥.

لقد روى الحديث نزول هذه الآية بشأن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام طائفة من الرواة وحملة الحديث منهم : الفخر الرازي في تفسيره في سورة المائدة في ذيل الآية المذكورة ، والزمخشري في الكشاف في ذيل الآية ، ابن جرير الطبري في تفسيره : ٦ / ١٨٦ والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير الآية ، كنز العمال : ٦ / ٣١٩ و ٧ / ٣٠٥ والهيثمي في مجمع الزوائد : ٧ / ١٧ والمحب الطبري في ذخائر العقبى : ص ٨٨ وص ١٠٢.

(٤) البيّنة : ٧.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.

(٦) اورده الحسكاني في شواهد التنزيل : ٢ / ٣٥٧ باختلاف يسير في بعض الفاظه.

١٤٧

إذا عرفت هذا فاعلم أن ملقح الفتن بما أراد من ترجيح غيره عليه كاذب بالنقل الذي لا يتهم راويه (١) ولا يغلط من روى عنه صلوات الله عليه وأقل المراتب أن يكون علي وشيعته خير البشر إذا كانت اللفظة بغير همز وإن كانت بهمزة كان الفضل بها على جميع المكلفين بالإطلاق هذا نوع تنبيه يليق بما نحن فيه في هذه الأوراق المختصرة.

وقد روى ابن مردويه من نيف وأربعين طريقا ـ أن عليا خير البشر (٢).

__________________

وذكر ابن حجر في صواعقه : ٩٦ قال :

الآية الحادية عشرة قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال : أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي ، عن ابن عباس : ان هذه الآية لما نزلت قال ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ لعلي ـ عليه‌السلام ـ : هو انت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي عدوك غضابا مقمحين قال : ومن عدوي؟ قال : من تبرأ منك ولعنك.

وذكر هذا أيضا الشبلنجي في نور الابصار : ٧٠ و ١٠١.

وذكر السيوطي في الدر المنثور : في ذيل تفسير الآية :

اخرج ابن عساكر ، عن جابر بن عبد الله ، قال كنا عند النبي ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم فأقبل علي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي نفسي بيده ، انّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ، ونزلت : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) فكان أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا اقبل علي قالوا : جاء ( خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ).

وقال ايضا : اخرج ابن مردويه عن علي قال : قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم الم تسمع قول الله : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) انت وشيعتك ، موعدي وموعدكم الحوض ، اذا جاءت الامم للحساب تدعون غرا محجلين.

وذكره ايضا الالوسي في روح المعاني : ٣٠ / ٢٠٧ ( ط مصر ).

وذكر ابن الصباغ في الفصول المهمة : ١٠٥ ( ط النجف ) عن ابن عباس ـ رضي‌الله‌عنه ـ لما نزلت هذه الآية : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال لعلي : هو أنت وشيعتك ، تأتي يوم القيامة انت وهم راضون مرضيون. ويأتي اعداءك غضابا مقمحين.

(١) ن : رواته.

(٢) وروى الخطيب في تاريخ بغداد : ٧ / ٤٢١ بسنده عن جابر ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ : علي خير البشر فمن امترى فقد كفر.

١٤٨

وهذا مؤكد لرد ملقح الفتن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في تفضيل غير علي عليه.

وذكر ملقح الفتن أن سعدا فخر عليه فلم يعارضه (١).

ولا يمتنع أن يكون غرض ملقح الفتن بذلك الطعن على سعد ونحن لا نستثبت ما حكاه إذ كان قد ثبت (٢) أن من آذى عليا آذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وثبت أن سبه سبه (٣) وثبت أن مفارق علي مفارق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤)

وروى من طريق الخصم أن مبغض علي منافق (٥).

وروى المخالف لنا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه من مات على بغض علي فلا يبالي مات يهوديا أو نصرانيا (٦) وقد روينا آنفا أن

__________________

وروى ايضا في : ٣ / ١٩ من الكتاب المذكور ، بسنده عن زر عن عبد الله عن علي ـ عليه‌السلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ : من لم يقل علي خير الناس فقد كفر.

وذكر هذا ايضا ابن حجر في تهذيب التهذيب : ٩ / ٤١٩.

كنوز الحقائق : ص ٩٢ قال :

علي خير البشر من شك فيه كفر.

الرياض النضرة : ٢ / ٢٢٠ قال :

عن عقبة بن سعد العوفي ، قال : دخلنا على جابر بن عبد الله ـ وقد سقط حاجباه على عينيه ـ فسألناه عن علي عليه‌السلام ، قال : فرفع حاجبيه بيده فقال : ذاك من خير البشر.

وذكره ايضا المحب الطبري في ذخائر العقبى : ص ٩٦ والحديث أيضا ورد في لسان الميزان : ٣ / ١٦٦ وفرائد السمطين : ١ / ١٥٤ وكنز العمال : ٦ / ١٥٩.

(١) العثمانية : ٥٦.

(٢) مرت الاشارة الى عدة أحاديث في هذا الباب ص : ٣٤.

(٣) مرت الاشارة الى عدة أحاديث في هذا الباب ص : ٤٦.

(٤) مرت الاشارة الى عدة أحاديث في هذا الباب ص : ٣٥.

(٥) مرت الاشارة الى عدة احاديث في هذا الباب ص : ٢٠.

(٦) ابن المغازلي في مناقبه : ٥٠.

١٤٩

عليا عليه‌السلام خير البشر وإذا كان الأمر كذا فمن حاول تقدمه عليه بالشرف وعلوه عليه بالمنزلة كان رادا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومشاقا (١) له ونحن ننزه خلصاء الصحابة عن ذلك.

ولو ثبت أن غير سعد كان المخاطب لأمير المؤمنين عليه‌السلام بالفخر عليه وأنه سكت عنه لكان الوجه في الرد عليه منه كونه لا يحفل بما وقع اعتبارا بما نظمته في مثل هذا المقام أو فيما يناسبه والدهر مولع بأرباب السجايا الميمونة الكرام.

إذا الفلك الأعلى الأثير تعرضت

لعز علاه الساقطات النوازل

أبى مجده الأسمى الحجاج وعابه

بنادي النهى يوم الفخار التفاضل.

وشرع يصف سعدا مستثمرا من ذلك أنه مستجيب لمن نصره (٢).

ونحن غير قادحين في سعد ولا ينهض الثناء عليه بكون من حثه على الإسلام أشرف من أمير المؤمنين عليه‌السلام سيد البشر حسب النقل الذي أشرنا إليه ولا يكون سعد مدانيا لأمير المؤمنين في شرفه أو مقارنا له في

__________________

بسنده عن معاوية بن جيدة القشيري ، قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول لعلي : لا يبالي من مات وهو يبغضك مات يهوديا أو نصرانيا.

وكذلك أورده الهمداني الحسيني في مودة القربى : ٦٣. وفي ص ٩١ : يا علي لا يبغضك من الانصار الاّ من كان يهوديا.

وكذلك ذكر القندوزي في ينابيع المودة : ٢٥٧.

وأيضا في نفس الكتاب ص ٢٥١ : من احبك يا علي كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة ومن مات يبغضك فلا يبالي مات يهوديا أو نصرانيا.

(١) من : مشتاقا.

(٢) العثمانية : ٥٦ فانه قال : وقد فخر عليه سعد فلم يعارضه ، فأين مبلغ ما ذكرتم مما ذكرنا اذا كان مثل سعد من مستجيبه وهو المستجاب الدعوة وأول من أراق دما في الاسلام وأول من رمى بسهم يوم بدر ... الى آخره.

١٥٠

منزله فكيف فرعه الذي يستثمر ملقح الفتن الشرف به لمن عول عليه.

قال ملقح الفتن مفارق أمير المؤمنين ما معناه إنكم إذا قلتم بأن المحارب أبلغ رتبة من الوادع كان ذلك طعنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ (١) كان علي محاربا والنبي عليه‌السلام وادعا (٢).

والجواب بما أن الكلام في كون غير الرئيس وادعا وغيره محاربا يشرب (٣) كئوس المتاعب ويخضب من دماء الأقران بنان القواضب.

وذكر ملقح الفتن عدو الدين ما حاصله إن الرئيس يعالج أتعابا كثيرة (٤) بخلاف المحارب (٥).

وهذا كلام مدغل إذ لم يكن منصوره أيام رسول الله رئيسا حتى يتم له ما أراد وهو موضع البحث.

أضربنا عن هذا الكلام (٦) بأن (٧) الجارودية تمنع هذا وتقول لو سلمنا أن أتعاب الرئيس أشد لما فضل على علي غيره إلا بعد تقرير أن ذلك الاجتهاد (٨) مشروع وأين ذاك.

أضربنا عن هذا فإن أتعاب علي عليه‌السلام ما (٩) تحمله من أعباء

__________________

(١) ن : اذا.

(٢) العثمانية : ٥٧.

(٣) ن : يرشف.

(٤) ن : كبيرة.

(٥) العثمانية : ٥٧ و ٥٨.

(٦) لا توجد في : ن.

(٧) ن : فان.

(٨) ن : لاجتهاد.

(٩) ن : بما.

١٥١

الخلافة وأتعاب من تقدم (١) عليه جزء يسير (٢) وعين اليقين (٣) شاهدة (٤) ولا يساوي الأنزر الأغزر ولا الأصغر التافه الأكبر.

وأخذ (٥) يصغر من حال عمرو بن عبد ود وحال الوليد بن عتبة متعصبا على أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو بما أشار إليه مكذب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ كانت الرواية من طرق القوم لضربة علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود تعدل عمل أمتي إلى يوم القيامة (٦) ولا يقال لمن قتل نكسا (٧) أو صادم خائما (٨) أو لاقى جبانا.

هذا وروى أخطب خطباء خوارزم (٩) في إسناده أن عليا عليه‌السلام لما قتل عمروا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم أعط علي بن أبي طالب فضيلة لم تعطها أحدا قبله ولا تعطيها أحدا بعده (١٠).

__________________

(١) ن : يعدم.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن ، وبدله : عنه حروبه.

(٣) ن : التعين.

(٤) ن : ساهرة.

(٥) العثمانية : ٥٩.

(٦) تقدمت الاشارة الى بعض المصادر التي ذكرت هذا الحديث هامش ص (٥٩).

(٧) النكس بالكسر فالسكون : الرجل الضعيف ( المنجد ).

(٨) ن : حاتما ، والخائم : الجبان المنكسر والمتراجع ( لسان العرب ـ خيم ـ ).

(٩) هو الحافظ الموفق بن احمد بن محمد ( أو اسحاق ) البكري المكي الحنفي المعروف بأخطب خوارزم ، يكنى بأبي المؤيد وأبي محمد وأبي الوليد ، كان فقيها حافظا ومحدثا خطيبا طائر الصيت وأديبا شاعرا وكان يخطب بجامع خوارزم سنين كثيرة ، ولد سنة ٤٨٤ ه‍ وتوفي في اليوم الحادي عشر من صفر سنة ٥٦٨ ه‍ وقيل غير ذلك له مؤلفات كثيرة منها : مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وكتاب الأربعين وكتاب مقتل الحسين عليه‌السلام.

ترجم له : معجم المؤلفين : ١٣ / ٥٢ الغدير. ٤ / ٣٩٨ وأنباه الرواة : ٣ / ٣٣٢ اعلام الزركلي : ٧ / ٣٣٣.

(١٠) مناقب الخوارزمي : ١٠٥ و ١٠٦.

١٥٢

وهذا شاهد تكثير (١) النكاية في المشركين والأثر البين في الكافرين. وقد ذكر الثعلبي أن الجراح أثبتت عمرا يوم بدر فلم يحضر أحدا (٢).

ومن أثبتته (٣) الجراح وبعد شرب كأسه أقدم على الحرب متقدما أبطالا كثيرة كانوا معه في الجيش يطلب المبارزة عين الندب الشجاع وقلب أنجاد البهم المكافحين.

وحكى الثعلبي صورة حال محاورته عليا قبل مصاولته تشهد بأن المشار إليه كان من النجدة في قلتها والشجاعة في ذروتها (٤).

__________________

(١) ن : ثليين ( كذا ).

(٢) الكشف والبيان : مخطوط.

(٣) ن : اثبته.

(٤) روى الحاكم في المستدرك : ٣ / ٣٢ بسنده عن ابن اسحاق ، قال : كان عمرو بن عبدود ثالث قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة ولم يشهد أحدا ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده ، فلما وقف هو وخيله قال له علي ـ عليه‌السلام ـ : يا عمرو قد كنت تعاهد الله لقريش ان لا يدعوك رجل الى خلتين الا قبلت منه احداهما ، فقال عمرو : اجل ، فقال له علي ـ عليه‌السلام ـ : فاني ادعوك الى الله عز وجل والى رسوله والى الاسلام. فقال : لا حاجة لي في ذلك ، قال : فاني ادعوك الى البراز ، قال : يا ابن اخي لم؟ فو الله ما احب ان أقتلك فقال علي عليه‌السلام : لكني والله أحب ان اقتلك ، فحمى عمرو فاقتحم عن فرسه فعقره ثم أقبل فجاء الى علي عليه‌السلام وقال : من يبارز؟ فقال علي عليه‌السلام وهو مقنع في الحديد فقال : انا له يا نبي الله ، فقال انه عمرو بن عبدود ، اجلس فنادى عمرو : الاّ رجل؟ فاذن له رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ فمشى اليه علي عليه‌السلام وهو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نبهة وبصيرة والصدق منجي كل فائز

إني لأرجو ان اقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز

فقال له عمرو : من أنت؟ قال : أنا علي ، قال ابن من؟ قال : ابن عبد مناف ، أنا علي ابن أبي طالب ، فقال : عندك يا ابن أخي من اعمامك من هو أسن منك فانصرف فاني أكره أن أهريق دمك ، فقال علي عليه‌السلام : لكني والله ما اكره أن أهريق دمك ، فغضب فنزل فسلّ

١٥٣

ولم يذكر المدغل طائلا حتى يكون الكلام بحسبه.

ثم من المستغرب أن يكون لمنصور ملقح الفتن شرف بمحاربة مستجيبيه ولا يكون لأمير المؤمنين عليه‌السلام الشرف بمحاربة يمينه كما أسلفت (١).

ولقد ضرب مقدم العلماء في زمنه ابن الخطيب الرازي (٢) المثل بأمير المؤمنين عليه‌السلام وحاتم هذا في شجاعته وهذا في سخاوته جاعلا ذلك في جانب الأمور الضرورية والعلوم الجلية.

ولقد بلغنا خبر طريف عن رجل يقال له مفرج الفرنجي وقد حضر

__________________

سيفه كأنه شعلة نار ، ثم اقبل نحو علي عليه‌السلام مغضبا واستقبله علي ـ عليه‌السلام ـ بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه ، وضربه علي ـ عليه‌السلام ـ على حبل العاتق فسقط وثار العجاج فسمع رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم التكبير فعرف ان عليا عليه‌السلام قتله ( الى آخر الحديث ).

وذكره الشبلنجي ايضا في نور الابصار : ص ٧٩.

وزاد ابياتا لعمرو يقول :

ولقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ وقف الشجاع مواقف القرن المناجز

وكذاك اني لم أزل متسرعا قبل الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

فأجابه علي عليه‌السلام :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

( الى آخر الأبيات المتقدمة ).

(١) لا توجد في : ن.

(٢) هو محمد بن عمر بن الحسن ، التميمي البكري الرازي الشافعي المعروف بالفخر الرازي وبابن خطيب الري. مفسر متكلم فقيه اصولي اديب شاعر طبيب ، ولد بالري سنة ٥٤٣ وقيل ٥٤٤ وتوفي سنة ٦٠٦ ه‍ له تآليف كثيرة منها التفسير الكبير.

انظر : وفيات الأعيان : ١ / ٦٠٠ وطبقات الشافعية : ٥ / ٣٥. ميزان الاعتدال : ٢ / ٣٢٤ لسان الميزان : ٤ / ٤٢٦.

١٥٤

بساط بعض الملوك فسئل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وغيره فجهل غيره وقال عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه إنه مصور عندنا في البيع لا ينال صورته إلا بطاليا (١) وهو رجل حاسر يلقى دارعا.

وإن شروعنا في التنبيه على هذا يلحقنا بملقح الفتن في عبارة أو عقلية (٢) فلنقتصر على هذا حذارا من خطر زلته.

قال عدو السنة ما معناه إن الشيعة ترى أن الذي (٣) منع العرب من تقديمه كونه قتل منهم الأحبة في كلام بسيط ودافع بأن أبا سفيان وكان وجها كان (٤) مع بني هاشم على أبي بكر وذكر أبا حذيفة (٥) وأطرأه وكان علي قتل أخاه (٦).

واعلم أن هذا كلام لا حاصل له ناصرا (٧) لملقح الفتن إذ الإمامية تقول أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام منصوص عليه فسواء بايعته العرب أو لم تبايعه لا ينقص ذلك ما (٨) ثبت من النص المعلوم عليه وإن دوفعت عن النص فهم قائلون أنه كان أفضل الصحابة والأفضل مقدم سواء وقعت الموافقة على بيعته أو لا.

فإن قال إنما أردت أن الشيعة تقول إنه منصوص عليه وإنما عدلوا عن النص لتلك العلة وهي قتل الأحبة من العرب.

__________________

(١) ن : بايطاليا.

(٢) ق : غفلة.

(٣) ن : الذين.

(٤) لا توجد في : ق.

(٥) يعني أبا حذيفة بن عتبة.

(٦) العثمانية : ٦٠.

(٧) ن : ناصر.

(٨) ق : مما.

١٥٥

قلت فقد كان ينبغي أن يبين ذلك وما بينه سلمنا أنه ذكر ذلك لكن أمير المؤمنين عليه‌السلام ما كان قتله مقصورا على الجماعة الذين أشار إليهم حتى يتوجه الكلام إذ كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه قتل ولده حنظلة وشرك في عتبة وربيعة وقتل الوليد بن عتبة وعلى الإيراد بحنظلة قول.

ولقد تضمنت السيرة أنه قتل يوم أحد من أرباب الألوية تسعة فكيف من عداهم وله المناقب المأثورة في بني قريظة وما صنعه في خيبر والأحزاب وغير ذلك من المقامات المعلومة والمصادمات المفهومة وقد فهم عمر ذلك وهو أقرب عهدا وأعرف بالقواعد فقال إن قريشا تنظر إليكم يعني بني هاشم نظر الثور إلى جازره.

ولو لم تبن الإمامية دفع النص على قتل أمير المؤمنين ع لأحبة (١) المشركين لكان له وجه بما أنه ع كان مشغولا بجهاز النبي ع وخلا الجمهور بالملك فغلبوا عليه والحكم للحاضر.

وهذا كما قال بعض الوعاظ وقد سئل عن خبر السقيفة فقال ضاق نطاق الوقت عن شرح ما تم ثم مات الشاه فاشتغل (٢) الرخ (٣) بتجهيزه تفرزن (٤) البيذق (٥).

أو نقول إنهم أحسوا من أمير المؤمنين بخشونته في الدين وحموسته في الحق فتجافاه من تجافاه لذلك.

__________________

(١) ق : احبة.

(٢) ق وج : اشتغل.

(٣) الرخ بالضم فالسكون : قطعة من قطع الشطرنج ( المنجد ).

(٤) ق وج : تفرزت.

(٥) ق وج : البيدق. والبيذق هو الماشي راجلا ومنه بيدق الشطرنج وتفرزن البيذق ، صار فرزانا ، والفرزان : الملكة في لعب الشطرنج. ( المنجد ).

١٥٦

أو نقول إن أمير المؤمنين عليه‌السلام جمع محاسن الشرف فرأى كثير منهم أنه إذا انضم إلى ذلك شرف الرئاسة غارت نجومهم عند مجده النفساني والعرضي فرأوا تقديم غيره ممن ليس كذا.

وأقول إن عمر فهم ما يشبه هذا في قوله إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم الخلافة والنبوة.

وقال إنه لم يحضر من بني هاشم غير علي وحضر من بني تيم رجلان أبو بكر وطلحة وربما كانت إشارته بذلك إلى وقعة أحد (١).

أقول إن تمام المعنى على مذهب عدو الإسلام ـ فبنو تيم أفضل من بني هاشم وأدفع وأشد عناء.

والجواب عن هذا بما أنه لم يجعل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصيبا في الحضور وأن وجوده وعدمه سيان فإن قال إنما أردت بذلك من عدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت من اعتبر (٢) عرف أن حاصل الكلام يفيد بظاهره أن شرف القبيلة التيمية أشرف من القبيلة الهاشمية وإلا فقد كان يكفي أن يقول إن بلاء علي دون بلاء فلان وفلان لكنه تلفظ بلفظ حاصله :

إن القبيلة أشرف من القبيلة وهو كذب و (٣) تكذيب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون كفرا.

سلمنا أنه قال إن بلاء اثنين من بني تيم أفضل وأحمد (٤) من بلاء علي وهو كذب متعمد أو قول جاهل جدا لا يصلح له أن يجري في

__________________

(١) العثمانية : ٦٣ نقله بالمعنى.

(٢) ق : اعترف.

(٣) فقط في : ن.

(٤) ن وق : اكمل.

١٥٧

الصحائف يراعته (١) ولا تسري في فلوات اللطائف عزمته إذ بسيف أمير المؤمنين عليه‌السلام قتل تسعة من أرباب الألوية فكيف بمن عداهم وقتل الواحد الفرد من أرباب الألوية يقاوم قتال جيش لاكتناف الصناديد بهاتيك البنود ومعرفتهم أن الحراسة بعزها (٢) المعقود وبكونهم (٣) روح الأنجاد الأمجاد الصابرين على الجلاد قوام العساكر قوام عزها الباهر وما عرفنا لمن أشار إليه اصطلام قرن أو كشف غمه بل الذي نقله السدي أن طلحة استسلم وعزم على ما لا أقدم (٤) على حكايته ولا أرى التهجم بروايته.

وأما ابن عمه فما عرفت أنه ذكر في تلك الوقعة بمقام صيال ومحل جلاد.

وتعلق (٥) في شجاعة منصوره بشتم بديل بن ورقاء يوم الحديبية وشتم عروة بن مسعود (٦) وكان ذلك وهو مع رسول الله ومعه أصحابه هذا هو

__________________

(١) ن : يراعة.

(٢) ن : يعزها.

(٣) ن : يلويهم.

(٤) ق : اقدر.

(٥) قال الجاحظ في العثمانية : ٦٤.

« وأبو بكر الذي لما أتى بديل بن ورقاء الخزاعي يوم الحديبية في نفر من أصحابه فأقبل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا محمد لقد اغتررت بقتال قومك ، وان قريشا ستقاتلكم عن ذراريهم واموالهم ، قد استنفروا الأحابيش وخرجوا الى بلدح معهم العوذ المطافيل ، والله ما ارى معك احدا له وجه مع اني اراكم قوما لا سلاح لكم ، ولو قد عض هؤلاء الحديد لقد اسلموكم. قال ابو بكر : عضضت ببظر اللات ، أنحن نسلمه؟ قال له بديل : أما والله لو لا يدلك عندي لاجبتك والله اني وقومي لنحب أن يظهر محمد ».

(٦) قال الجاحظ :

« وأقبل عروة بن مسعود في نفر من قومه حتى أناخ راحلته عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : اني تركت كعبا وعامرا على أعداد الحديبية ، معهم العوذ المطافيل وما أرى معك أحدا أعرف

١٥٨

المعروف قال لسان الجارودية عند هذا مع ثبوته :

أين السباب لمفردين مسالمي

عز الرسول وحزبه الكرار (١)

ألقى سلاحهما الأمان فلا يد

ترجو الدفاع بصارم بتار

من خوض ملتطم الحتوف فسائح

أو سابح (٢) في موجه التيار (٣)

تستسلم الأنجاد فيه لضيغم

وترى الفرار منزها من عار (٤)

لو لا غلاب الموت كل مدرع

لكسا الممات ملابس الفرار

شهدت له الأسماع بعد وقبلها

عين العيان لحاضر نظار (٥)

صهر الرسول وسيفه ووصيه

وأخوه وارث علمه الزخار

حاز العلاء تقاصرت عن شأوه

شمس النهار ببرجها السيار

فليصمت المثني عليه وشانئ

حلى الجميع بحلية الإحصار.

وتعلق في شجاعته بتجهيز الجيش إلى أهل الردة وإصبائه (٦) على ذلك (٧).

وهذا تعلق واه إذ هو قار (٨) والجيش هو المصادم وعدة أولئك بالأخلق القلة وعدة الجيش بالكثرة فأين البسالة الباهرة الراجحة على

__________________

وجهه ونسبه ، وأنهم لخلقاء أن يخذلوك ـ والقوم سكوت ـ فغضب أبو بكر وقال : امصص بظر اللات ، انحن نخذله؟ قال عروة : أما والله لو لا يدلك عندي لأجبتك » أنظر العثمانية : ٦٤.

(١) في الهامش : للمصنف جزاه الله أفضل الجزاء.

(٢) ق : سارح.

(٣) ن : من خوض ملتطم الحضوف ( كذا ) لضيغم وترى الفرار ـ منزها عن عار.

(٤) لا يوجد هذا البيت في : ن.

(٥) ن : النظار.

(٦) اصبأ القوم : هجم عليهم ( المنجد ).

(٧) العثمانية : ٦٥.

(٨) ن : فار.

١٥٩

شجاعة أمير المؤمنين عليه‌السلام من هذا.

وتعلق في شجاعته بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعله على ميمنته يوم حنين ولم يذكر أن عليا عليه‌السلام ثبت وذكر أن أبا بكر ثبت في موضعه (١).

والذي يقال على هذا إنا لا نعرف ثبوت ما قال وقد حكينا ما جرت عليه الحال في وقعة هوازن وهي وقعة يوم حنين من طريق المفضل بن سلمة ولو ثبت فما عرفنا للمشار إليه قتيلا ولو ثبت فما ذهب أحد إلى أن المشار إليه رضوان الله عليه ما كان بمقام من لا يحضر حربا ولا يقف في صف حتى يتوجه الطعن بما قال بل هو في مقام المفاخرة بينه في النجدة وبين أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولا نسبة بين نجدة أمير المؤمنين وصورة ما أشار إليه بل المروي (٢) أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان من الثابتين المحاربين الصابرين المصاولين.

وذكر مخاطبة أبي بكر رسول الله في أسرى بدر وإشارته بأخذ الفدية (٣).

وروى الثعلبي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال (٤) في سياق حديث أبكي للذي على أصحابك في أخذهم الفداء ولقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله (٥).

وذكر شيئا لا نعرفه وإذا فتح تصديق الخصم أعضل على الفريقين.

__________________

(١) العثمانية : ٦٦.

(٢) ج ون : عن.

(٣) العثمانية : ٦٧ ـ ٦٨.

(٤) لا توجد في : ن.

(٥) الكشف والبيان : مخطوط.

١٦٠