جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

الفصل الثالث : في كفارات الإحرام وفيه مطالب :

الأول : الصيد وفيه مباحث :

الأول : يحرّم الحرم والإحرام الصيد البري ، ولا كفارة في قتل السباع ماشية وطائرة ، وروي في الأسد إذا لم يرده كبش.

______________________________________________________

يجتنب ما يجتنبه المحرم إلا أنه لا يلبي ، ويواعدهم أيضا لنحره ، وإذا حضر الوعد تحلل. ففي العبارة قصور ما. والعمل على الروايات الدالة على ذلك (١) ، وخلاف ابن إدريس ضعيف (٢).

قوله : ( ماشية وطائرة ).

أي : بنوعيها ما يمشي منها ، وما يطير. ويلوح من هذه العبارة وما قبلها أنّ قتل السّباع كلها محرم ، وحكاه في الدروس قولا عن الحلبي (٣) ، وتشهد له رواية معاوية بن عمار (٤) ، لكن قول المصنف والجماعة : لو أدخل شيئا من السّباع إلى الحرم أسيرا جاز إخراجه ، يؤذن بأنها لا تعد صيدا.

قوله : ( وروي في الأسد إذا لم يرده كبش ).

أي : إذا كان لا يريد القاتل ، فان أراده فلا شي‌ء قطعا ، لأنه يدفع عن نفسه ، والرواية ضعيفة (٥) ، وحملها على الاستحباب هو الوجه.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٠ حديث ٣ ، ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٠٦ حديث ١٥١٧ ، التهذيب ٥ : ٤٢٤ ، ٤٢٥ حديث ١٤٧٢ ـ ١٤٧٤.

(٢) السرائر : ١٥١.

(٣) الدروس : ٩٩.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٣ حديث ٢ ، علل الشرائع : ٤٥٨ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٥ حديث ١٢٧٣.

(٥) الكافي ٤ : ٢٣٧ حديث ٢٦ ، التهذيب ٥ : ٣٦٦ حديث ١٢٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ حديث ٧١٢.

٣٠١

ويجوز قتل الأفعى ، والعقرب ، والبرغوث ، والفأر ، ورمي الحدأة

______________________________________________________

قوله : ( والبرغوث ).

جعله في المستثنيات من التحريم ، وأفتى في التذكرة (١) والمنتهى (٢) والتحرير بالتحريم (٣) ، وكذا الشيخ في التهذيب (٤) نقله عنه في الدروس (٥). والذي في صحيحة معاوية بن عمار ، عن الصادق عليه‌السلام : « المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة ، فإنها من جسده ، فإن أراد أن يحوّل قملة من مكان إلى مكان فلا يضره » (٦) ولم يفت في الدروس بشي‌ء ، ولم أقف فيه على نص ، ولا ريب أنّ التحريم أحوط (٧) ، لما في قتله من الترفه المنافي لحال الإحرام (٨).

قوله : ( ورمي الحدأة ).

الحدأة كعنبة : طائر معروف واحد جموعه كعنب ، قال في حياة الحيوان : ومن ألوانه السود والرمد (٩) ، والذي في رواية معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « وارم الغراب والحدأة رميا عن ظهر بعيرك » (١٠) وفي أخرى : « ويقذف الغراب » (١١) فظاهر هاتين الروايتين يشعر بعدم جواز قتلهما ، إلا أن يفضي الرمي إليه.

ويقتضي أنّ رمي الحدأة إنما هو عن ظهر بعيره ، لأن في أول الاولى : « اتق قتل الدواب كلها ، إلا الأفعى. » ، فأما الغراب فمقتضى الثانية جواز‌

__________________

(١) التذكرة : ١ : ٣٣٠.

(٢) المنتهى ٢ : ٨٠٠.

(٣) تحرير الأحكام ١ : ١١٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٦٦ ذيل حديث ١٢٧٥.

(٥) الدروس : ١٠١.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٣٠ حديث ١٠٩١ ، التهذيب ٥ : ٣٣٦ حديث ١١٦١.

(٧) الجملة بين الشولتين لم ترد في « ن ».

(٨) هذا القول ـ والبرغوث ـ وشرحه لم يرد في « س ».

(٩) حياة الحيوان ١ : ٢٢٩.

(١٠) الكافي ٤ : ٣٦٣ حديث ٢ ، علل الشرائع : ٤٥٨ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٥ حديث ١٢٧٣.

(١١) التهذيب ٥ : ٣٦٦ حديث ١٢٧٤.

٣٠٢

والغراب مطلقا ، وشراء القماري والدباسي وإخراجها من مكة للمحل ، وفي المحرم اشكال ، ويحرم قتلها وأكلها.

______________________________________________________

رميه مطلقا.

وينبغي التقييد بالغراب المحرم الذي هو من الفواسق الخمس ، أما المحلل فإنه محرّم لا يعد من الفواسق ، ولم أجد التقييد به.

وقد قيد شيخنا الشهيد في حواشيه رمي الحدأة بكونه عن بعيره كما في الرواية.

ومعنى قوله : ( مطلقا ) إنّ ذلك ثابت للمحلل والمحرّم.

قوله : ( وشراء القماري والدباسي (١) وإخراجها من مكة للمحل ، وفي المحرم إشكال ).

لو كانت صيدا محرّما لحرمت على المحل أيضا ، فلم يجز له إخراجها من مكة ، والحل قوي.

قوله : ( ويحرم قتلها وأكلها ).

يحتمل أن يكون المراد : تحريم قتلها وأكلها بمكة قبل الإخراج ، فلا تحريم بعده ، ويحتمل تحريم ذلك مطلقا ، وإنّ الذي يجوز إنما هو الإخراج. لكن هذا بعيد ، لأنّ جواز إخراجها يلحقها بغيرها من الحيوانات التي لا حرمة لها بعد الإخراج.

__________________

(١) القمري : طائر معروف مطوق ، والدبسي بضم الدال : طائر صغير منسوب الى دبس الرطب ، لأنهم يغيرون في النسب كالدهري والسهلي والقامي تابع القوم ، والقياس قومي ، والأدبس من الطير والخيل الذي في لونه غبرة بين السواد والحمرة. ثم قال : ومن طبع الدبسي أن لا يرى ساقطا على وجه الأرض ، بل في الشتاء له مشتى ، وفي الصيف له مصيف ، ولا يعرف له. ذكر في حياة الحيوان.

هذا الكلام ورد في متن نسخة « هـ » ، وفي الهامش وردت هذا العبارة : « تعريف القماري والدباسي في شرحه الشريف بخطه الأشرف مكتوب على الحاشية ولأن بعض الكتّاب في بعض النسخ أدخلوه بين السطور كما في نسختنا هذه » م ع.

٣٠٣

ويكفّر في قتل الزنبور عمدا بكف من طعام وشبهه ، ولا شي‌ء في الخطأ فيه ،

وأقسام ما عدا ذلك عشرة.

أ : في قتل النعامة بدنة فان عجز قوّم البدنة ، وفض ثمنها على البر ، وأطعم لكل مسكين نصف صاع.

ولا تجب الزيادة على ستين ، ولا الإتمام لو نقص ، فإن عجز صام عن كل نصف صاع يوما ، فان انكسر أكمل ، ولا يصام عن الزائد لو كان.

والأقرب الصوم عن الستين وإن نقص البدل ، فان عجز صام ثمانية عشر‌ يوما ،

______________________________________________________

قوله : ( ويكفّر في قتل الزنبور عمدا بكف من طعام وشبهه ).

شبه الطعام نحو التمر والزبيب ، وكأنه أراد بالطعام : ما يقع عليه هذا الاسم بحسب الغالب ، فانّ جميع ما يطعم طعام ، وعبارة الدروس تنبه على ما قلناه (١).

قوله : ( في قتل النعامة بدنة ).

أو جزور ، روي في بعض الأخبار. البدنة : ما لها ست سنين ودخلت في السابعة.

قوله : ( والأقرب الصوم عن الستين وإن نقص البدل ).

قد يومئ إلى ذلك وجوب ثمانية عشر يوما ، عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام ، ولا دلالة له صريحة ، لجواز أن يكون المراد : البدل عما هو نهاية ما يجب من الإطعام. وليس في الروايات صيام ستين ، بل صيام يوم عن نصف صاع (٢) ، لكن الأحوط وجوب الستين.

قوله : ( فان عجز صام ثمانية عشر يوما ).

__________________

(١) الدروس : ١٠١.

(٢) الكافي ٤ : ٣٨٧ حديث ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٤١ ، ٤٦٦ حديث ١١٨٣ ، ١٦٢٦.

٣٠٤

وفي وجوب الأكثر لو أمكن إشكال.

ولو عجز بعد صيام شهر فأقوى الاحتمالات وجوب تسعة ، ثم ما قدر ، ثم السقوط.

______________________________________________________

في حاشية الشهيد المراد به : عجز غير محصور ، ولا يظهر له معنى ، فانّ وجوب ثمانية عشر يوما لا شبهة فيه ، والاشكال (١) في الزائد.

قوله : ( وفي وجوب الأكثر إشكال ).

الحق لا يجب ، لأنه مقتضى البدلية ، ولعدم شمول قوله عليه‌السلام : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » (٢) له ، والاحتياط طريق آخر.

قوله : ( ولو عجز بعد صيام شهر فأقوى الاحتمالات وجوب تسعة ، ثم ما قدر ، ثم السقوط ).

يشهد للأول قوله عليه‌السلام في الرواية : « مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام » (٣). ويشكل القول به ، بأنه يحتمل ذلك إرادة البدلية استقلالا وبيان التوزيع ، ولو كان المراد البدلية عنه استقلالا لوجب بدل ما عجز عنه من الإطعام مع إطعام المقدور ، فلو قدر على إطعام ثلاثين مسكينا صام عن ثلاثين.

وإعراض جميع الأصحاب عن ذلك يشعر بأنهم لم يفهموا من لفظ الرواية إرادة البدلية على الوجه المخصوص ، على أنّ تطرق الاحتمال كاف في عدم تعيين البدلية.

أما الثاني : فلا يظهر له وجه ، فانّ الحديث لا يتناوله ـ أعني : قوله : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » ـ إذ لو تناوله لوجب مقدوره وإن زاد عن ثمانية عشر ، وهو ينافي كونها بدلا من الستين الذي دلت عليه الروايات (٤).

__________________

(١) في « ن » : ولا إشكال.

(٢) صحيح البخاري ٩ : ١١٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٧٥ حديث ٤١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣ باب ٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٣ حديث ١١٨٧.

(٤) الكافي ٤ : ٣٨٥ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٣ حديث ١١١٢ ، التهذيب ٥ : ٣٤٢ ، ٣٤٣ حديث ١١٨٦ ، ١١٨٧.

٣٠٥

وفي فرخ النعامة صغير من الإبل على رأي ، ومع العجز يساوي بدل الكبير.

ب : في كل من بقرة الوحش وحماره بقرة أهلية ، فإن عجز قوّم البقرة وفض ثمنها على البر واطعم كل مسكين نصف صاع ، والزائد على ثلاثين مسكينا له.

ولا يجب الإكمال لو نقص ، فان عجز صام عن كل نصف صاع يوما ، فان عجز فتسعة أيام.

______________________________________________________

وأما الثالث : فبناه الشارح على أنّ المكلف إذا علم انتفاء شرط التكليف قبل دخول وقته لا يحسن منه التكليف ، فان المكلف ـ والحال ما ذكر ـ لا يجوز تكليفه بالستين وإن ظن حسن ذلك ظاهرا ، بل إنما عليه ثمانية عشر يوما ، وقد صامها في ضمن ثلاثين (١).

وهذا التوجيه لا يناسب عبارة المصنف ، لأنه لا سقوط حينئذ لشي‌ء من الصوم. ويشكل على أصله أنه لو تم له ما ذكره من القاعدة الأصولية أمكن منع الإجزاء عن الثمانية عشر ، لأنه حينئذ إنما أتى بالصوم على أنه من جملة الستين التي هي الواجب الثالث ، لا أنه البدل الذي هو ثمانية عشر ، ومن أتى بعبادة ظانا وجوبها بسبب ، ثم تبين وجوب بعضها خاصة بسبب آخر ففي إجزائها نظر ، وقد سبق في الصوم في نظير هذه وجوب ثمانية عشر ، وهذا هو المتجه ، لما ذكر ولأنّ العجز إنما تحقق حينئذ.

قوله : ( وفي فرخ النعامة صغير من الإبل على رأي ).

هذا هو الأصح ، لظاهر قوله تعالى ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (٢) وعليه الأكثر ، وربما يوجد التقييد بأنّ أقله بنت مخاض ، ولا شاهد له.

قوله : ( ومع العجز يساوي بدل الكبير ).

أي : يجب فضه على البر ، أو إطعام ستين إن بلغ إلى آخره.

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٣٣٠ ـ ٣٣١.

(٢) المائدة : ٩٥.

٣٠٦

ج : في الظبي شاة ، فإن عجز قوّمها ، وفض ثمنها على البر ، وأطعم كل مسكين مدين.

ولا يجب الزائد عن عشرة ، فإن عجز صام عن كل مدين يوما ، فان عجز صام ثلاثة أيام.

وفي الثعلب والأرنب شاة ، وقيل كالظبي. والإبدال على الترتيب على رأي.

د : في كسر كل بيضة من النعام بكرة من الإبل إذا تحرك فيها‌

______________________________________________________

قوله : ( وفي الثعلب والأرنب شاة ، وقيل : كالظبي ).

المراد : أنّهما كالظبي في الأبدال ، على معنى أنه إذا عجز عن الشاة قوّمها ، وفض ثمنها على البر إلى آخره. وبعض الأصحاب اقتصر على الشاة (١) ، والأصح الثاني ، لظاهر الآية والرواية (٢). وربما قيل بأنه ينتقل إلى الرواية العامة وهي : أنّ من وجب عليه شاة فلم يجد يطعم عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة أيام (٣) ، وصحيحة محمد بن مسلم (٤) تدل على الأول ، والعمل عليها.

قوله : ( والأبدال على الترتيب على رأي ).

هذا أحوط ، والتخيير أقوى : ( لظاهر الآية (٥) وللرواية الصحيحة الدالة على أنّ « أو » في القرآن للتخيير ) (٦) حيث وقع (٧).

قوله : ( بكرة من الإبل ).

في القاموس : هي الفتية من الإبل (٨).

__________________

(١) منهم : ابن الجنيد وابن أبي عقيل كما في المختلف : ٢٧٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٤٢ حديث ١١٨٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٢ حديث ١١٨٦ ، ١١٨٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٤٢ حديث ١١٨٤.

(٥) المائدة : ٩٥.

(٦) ما بين القوسين في « ن ».

(٧) الكافي ٤ : ٣٨٦ حديث ٣.

(٨) القاموس المحيط ١ : ٣٧٦ « بكر ».

٣٠٧

الفرخ ، وإن لم يتحرك أرسل فحولة الإبل في إناث منها بعدد البيض فالناتج هدي.

فإن عجز فعن كل بيضة شاة ، فإن عجز اطعم عن كل بيضة عشرة مساكين ، فان عجز صام ثلاثة أيام.

هـ : في كسر كل بيضة من القطاة ، والقبج ، والدراج ، من صغار

______________________________________________________

قوله : ( في إناثها بعدد البيض ).

أي : الإناث بعدد البيض ، أما الفحولة فيكفي فيها ما جرت به العادة.

إن قيل : لم قصر الحكم في الترتيب ، أو التخيير على هذه الثلاثة دون ما بعدها؟ قلنا : ظاهر الآية لا يتناوله ، لأنّ الصيد لا يتناول البيض. فان قلت : إذا تحرك الفرخ تناوله ، لأنه صيد حينئذ كسائر الفراخ. قلنا : وإن تحرك الفرخ في البيضة لا يقال له : فرخ ، بل بيضة فرخها متحرك ، ولو سلم فالحكم للأغلب ، ومن ثم لم يكن خلاف في أنّ باقي الأقسام على الترتيب.

قوله : ( فان عجز أطعم عن كل بيضة عشرة مساكين ).

لكل مسكين مد ، ذكره في الدروس (١) والمصنف في التذكرة (٢) وغيرها (٣) ، وهو في رواية علي بن أبي حمزة (٤).

ولو بان البيض فاسدا ، أو كان الفرخ ميتا ، أو عاش سويا فلا شي‌ء عليه ، صرحوا به ، والرواية تدل عليه (٥).

قوله : ( في كسر كل بيضة من بيض القطا والقبج والدراج من صغار الغنم ).

هذا هو الذي تقتضيه المناسبة ، وليس له تقدير.

__________________

(١) الدروس : ١٠٠.

(٢) التذكرة ١ : ٣٤٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٨٢٣ ، تحرير الأحكام ١ : ١١٦.

(٤) الكافي ٤ : ٣٨٧ حديث ١١ ، التهذيب ٥ : ٣٥٤ حديث ١٢٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠١ حديث ٦٨٤.

(٥) الكافي ٤ : ٣٨٧ حديث ١١ ، التهذيب ٥ : ٣٥٤ حديث ١٢٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠١ حديث ٦٨٤.

٣٠٨

الغنم ، وقيل : مخاض من الغنم ، وهو ما من شأنه أن يكون حاملا إن كان قد تحرك فيه الفرخ ، وإلاّ أرسل فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض فالناتج هدي ، فإن عجز فكبيض النعام.

قيل معناه : يجب عن كل بيضة شاة.

وهذه الخمسة تشترك في أن لها بدلا على الخصوص وأمثالا من‌

______________________________________________________

قوله : ( وقيل : مخاض من الغنم ... ).

هذا هو الأصح ، وعليه نزّلت صحيحة سليمان بن خالد (١) ، وعليه الفتوى ، وهو مشهور بين الأصحاب ، وعليه سؤال سيأتي.

قوله : ( فان عجز فكبيض النعام ، قيل : معناه : يجب عن كل بيضة شاة ).

هذا القول تفسير ابن إدريس (٢) لعبارة الشيخ (٣) ، وهو قول المفيد (٤) ، وليس بشي‌ء ، لأن الانتقال في البدل من الأدنى إلى الأعلى غير معهود ، وهو مستبعد.

والمماثلة الواقعة في رواية سليمان بن خالد بينه وبين بيض النعام (٥) لا يدل على كمال المساواة ، فالحمل على إطعام عشرة مساكين ، فان عجز صام ثلاثة أيام ، ولم يذكروا في إطعام العشرة مساكين مقدّرا ، فالظاهر أنه لكل مسكين مدّ من الطعام.

قوله : ( وهذه الخمسة تشترك في أنّ لها بدلا على الخصوص ).

أي : ورد في النص تعيين بدله بعينه بخلاف غيرها.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٥٦ حديث ١٢٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٣ حديث ٦٩٢.

(٢) السرائر : ١٣٢.

(٣) النهاية : ٢٢٧.

(٤) المقنعة : ٦٨.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٥٧ حديث ١٢٤٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٤ حديث ٦٩٣.

٣٠٩

النعم ، و : الحمام كل مطوق أو ما يهدر ، أي : يرجع صوته ، أو يعب أي : يشرب كرعا.

وفي كل حمامة شاة على المحرم في الحل ، ودرهم على المحل في الحرم. ويجتمعان على المحرم في الحرم.

______________________________________________________

قوله : ( الحمام كل مطوق أو ما يهدر ... ).

المعروف أنّ هذين تعريفان عند أهل اللغة :

أحدهما : ما نقله الكسائي ، وهو كل مطوق.

والثاني : ما يهدر ويعب الماء.

فيدخل في المطوق الحجل ، ويدخل في الثاني القماري والدباسي والفواخت والوراشين والقطا ، ومعنى يهدر : إنه يواتر صوته ، ومعنى يعب الماء : يكرع كرعا ، لا يأخذه قطرة قطرة بمنقاره كالدجاج والعصافير.

ولا ريب أنّ الثاني أعرف بين أهل اللغة ، ويظهر من عبارة المصنف أنّ هذه الأمور الثلاثة التي عطف بينها بـ ( أو ) متباينة ، وأنّ كل ما صدق عليه أحدها حمام ، فاما التباين فغير ظاهر ، لأنّ ظاهر كلامهم أن كل ما يهدر يعب الماء.

وأما الثاني فمحتمل ، نظرا إلى عدم المنافاة في ثبوت الحكم للجميع ، وكيف كان فانّ للحجل كفارة معينة فلا بد من إخراجه ، وكذا القطا.

قوله : ( ودرهم على المحل في الحرم ).

لورود النص على ذلك (١) ، وإطلاق الأصحاب الحكم به. واحتاط المصنف في التذكرة (٢) ، والمنتهى بوجوب أكثر الأمرين من الدرهم والقيمة (٣) نظرا إلى أنّ النص بالدرهم يمكن أن يكون مستندا الى أنّ القيمة حينئذ كانت درهما ، ولا مانع من الاحتياط.

لكن إذا كانت القيمة السوقية أزيد فاجزاء الدرهم في غاية الإشكال إذا‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٨٨ حديث ١٢.

(٢) التذكرة ١ : ٣٤٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٨٢٥.

٣١٠

وفي فرخها حمل على المحرم في الحل ، ونصف درهم على المحل في الحرم ، ويجتمعان على المحرم في الحرم.

وفي كسر كل بيضة بعد التحرك حمل ، وقبله درهم على المحرم في الحل ، وربع على المحل في الحرم ، ويجتمعان على المحرم في الحرم.

ز : في قتل كل واحد من القطاة ، والحجل ، والدراج حمل قد فطم ورعى‌ الشجر.

______________________________________________________

كان مملوكا ، لأنّ المحل إذا قتل المملوك في غير الحرم تلزمه قيمته السوقية بالغة ما بلغت ، فيكف يجزئ الأنقص في الحرم؟

قوله : ( وفي فرخها حمل ).

هو بالتحريك : من أولاد الضأن ما له أربعة أشهر فصاعدا ، ذكره المصنف في المنتهى قال : فإنّ أهل اللغة يسمون ولد الضأن حملا بعد أربعة أشهر (١) ، وشيخنا الشهيد في الدروس (٢) وفي رواية جدي (٣) ، وهو من أولاد المعز ماله أربعة أشهر.

قوله : ( وفي كسر كل بيضة بعد التحرك حمل وقبله درهم ... ).

أطلق الحمل في كسر البيضة بعد التحرك ، وفصّل بكون الكاسر محرما في الحل ، أو محلا في الحرم ، أو محرما في الحرم فيما قبله.

وتحقيقه : أنّ فيها ما في الفرخ حمل إن كان محرما في الحل ، ونصف درهم على المحل في الحرم ، ويجتمعان على المحرم في الحرم ، لأنها بعد تحرك الفرخ قد صارت فرخا ، ونبه على ذلك في الدروس (٤).

قوله : ( في قتل كل واحد من القطا ، والحجل ، والدراج حمل قد فطم ، ورعي الشجر ).

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٨٢٥.

(٢) الدروس : ١٠٠.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٥٨ حديث ١٢٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٤ حديث ٦٩٦.

(٤) الدروس : ١٠٠.

٣١١

ح : في قتل كل واحد من القنفذ ، والضب ، واليربوع ، جدي.

______________________________________________________

أي : قد آن وقت فطامه ورعيه وإن لم يكن قد حصل ، وهو ماله أربعة أشهر.

لكن يشكل بأنّ في بيض كل واحد منها بعد تحرك الفرخ مخاضا ، وهي ما من شأنها أن تكون حاملا ، فكيف يجب في فرخ البيضة مخاض؟ وفي المبسوط حمل (١) ، ونزّل ذلك في الدروس (٢) على أحد أمرين :

أما إرادة بنت المخاض من المخاض وهو بعيد ، وخروج عن النص (٣) ، وكلام الأصحاب ، أو تصرف غير واضح فيهما ، أو على وجوب ( ذلك ) (٤) في ذلك في الطائر منها بطريق أولى ، ويكاد يكون خلاف الإجماع ، أو على التخيير جمعا بين الأخبار ، وهو في الخروج عن كل من كلام الأصحاب بمنزلة الأول.

ويمكن أن يقال : شرعنا مبني على الفرق بين المتماثلات ، والاستبعاد لا دخل له في الأحكام بعد ثبوت مداركها.

لكنّ قول المصنف فيما سبق : أن في الفرخ من صغار الغنم أوجه في الجمع ، ودفع الإشكال هذا هو أحد الأمور التي ذكرها في الدروس (٥) وهو مختار أبي القاسم بن سعيد (٦).

قوله : ( في قتل كل واحد من القنفذ والضب واليربوع جدي ).

هو من أولاد المعز كما قدمناه ، قال الشيخان : وكذا ما أشبهها (٧) ، وكذا قال ابن إدريس (٨) ، وليس ببعيد ، لظاهر قوله تعالى : ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٤٠.

(٢) الدروس : ١٠٠ ـ ١٠١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٥٦ حديث ١٢٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٣ حديث ٦٩٢.

(٤) لم ترد في « ن ».

(٥) الدروس : ١٠٠.

(٦) الجامع للشرائع : ١٩٠.

(٧) المفيد في المقنعة : ٦٨ ، والطوسي في المبسوط ١ : ٣٤٠ ، والنهاية : ٢٢٣.

(٨) السرائر : ١٣١.

٣١٢

ط : في كل واحد من العصفور ، والقبرة ، والصعوة مد من طعام.

ى : في قتل الجرادة ، والقملة يرميها عنه كف من طعام ، وفي كثير الجراد شاة.

وهذه الخمسة لا بدل لها على الخصوص.

______________________________________________________

النَّعَمِ ) (١).

قوله : ( في كل واحد من العصفور والقنبرة والصعوة مد من طعام ).

وكذا ما أشبهها ، ذكره الأصحاب (٢) ، والصواب القبرة بغير نون كما نص عليه أهل اللغة ، وصرح صاحب الصحاح بأنّ النون فيه من محرفات العامة (٣) ، ولكن هكذا وجد في نسخة الأصل وغيرها من مصنفات المصنف (٤).

قوله : ( في الجرادة والقملة يلقيها عنه كف من طعام ).

أي : في الجرادة بقتلها ، وكذا في قتل القملة بطريق أولى ، خلافا للشيخ في المبسوط (٥).

قوله : ( وفي كثير الجراد شاة ).

يمكن أن يراد بالكثير : ثلاثة فصاعدا ، وهو أولى ، فإنه أقل مراتب الكثرة ، وبعض الأخبار قد يمكن جعله شاهدا له (٦) ، ويمكن رده إلى العرف كسائر الأمور العرفية.

قوله : ( وهذه الخمسة لا بدل لها على الخصوص ).

أي : لم يتعين لكفارة كل منها بدل ، بل بدلها بدل سائر الكفارات عند تعذرها ، وهو الاستغفار ، لكن في صحيحة معاوية : « من كان علية شاة فلم يجد‌

__________________

(١) المائدة : ٩٥.

(٢) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣٤٠.

(٣) الصحاح ( قبر ) ٢ : ٧٨٥.

(٤) المنتهى ٢ : ٨٢٦ ، التذكرة ١ : ٣٤٧ ، تحرير الأحكام ١ : ١١٦.

(٥) المبسوط ١ : ٣٣٩.

(٦) الكافي ٤ : ٣٩٣ حديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦٤ حديث ١٢٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ حديث ٧٠٨.

٣١٣

فروع‌

أ : يجزئ عن الصغير مثله ، والأفضل مثل الكبير ، وعن المعيب مثله بعيبه لا بغيره ، فلا يجزئ الأعور عن الأعرج ، ويجزئ أعور اليمين عن أعور اليسار ، والأفضل الصحيح ، والمريض عن مثله ، والذكر عن الأنثى ، وبالعكس ، والمماثل أفضل ، ولا شي‌ء في البيض المارق ولا في الحيوان الميت.

ب : يستوي الأهلي من الحمام والحرمي في القيمة إذا قتل في الحرم ،

______________________________________________________

أطعم عشرة مساكين ، فان لم يجد صام ثلاثة أيام » (١) والعمل بها قريب.

قوله : ( يجزئ عن الصغير مثله ).

أي : في السن ، وقد سبق الخلاف في فرخ النعام ، وفي الفرخ إذا تحرك في البيضة من بيض القطا والقبج والدراج.

قوله : ( ويجزئ أعور اليمين عن أعور اليسار ).

على أصح الوجهين ، لاتحاد العيب ، وإن اختلف محله.

قوله : ( والذكر عن الأنثى وبالعكس ).

التردد في إجزاء الذكر عن الأنثى ، الا أنّ الشيخ أفتى بالإجزاء (٢) ، وتبعه جماعة (٣) ، لأنّ هذا المقدار من التخالف لا يخرجه عن المماثلة ، وهو قريب.

قوله : ( يستوي الأهلي من الحمام والحرمي في القيمة ، إذا قتل في الحرم ).

متعلق الجار هو ( يستوي ) و ( إذا ) ظرف له بمقتضى السياق ، والمعنى :

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٤٣ حديث ١١٨٧.

(٢) المبسوط ١ : ٣٤٤.

(٣) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ٢٨٧.

٣١٤

لكن يشتري بقيمة الحرمي علف لحمامه.

ج : يخرج عن الحامل مما له مثل حامل ، فان تعذر قوّم الجزاء حاملا.

د : لو ضرب الحامل فألقته ميتا ضمن تفاوت ما بين قيمتها حاملا ومجهضا ، ولو ألقته حيا ثم ماتا فدى كلا منهما بمثله ، ولو عاشا من‌

______________________________________________________

استواؤهما في القيمة ، إذا قتل كل منهما في الحرم.

وقد يستشكل وجود الأهلي في الحرم ، لأنّ الحمام لا يملك في الحرم وإن كان من الحل ، فيدفع بإمكان ذلك في القماري والدباسي.

والتقييد بقتله في الحرم للاحتراز عن القتل في الحل ، وهو ظاهر في حمام الحرم ، لأنه إذا قتل في الحل لم تلزم به كفارة على المشهور.

أما الأهلي فالظاهر أنّ الحال لا يتفاوت فيه ، فيمكن قصر التقييد بالظرف على الحمام الحرمي للاحتراز عن قتله في الحلّ ، فلا يحتاج الى تكلف تصوير قتل الأهلي في الحرم لاختصاص الشرط بالأخير ، فيتحقق الحكم في الأول بقتل الأهلي خارج الحرم ، والمراد بالقيمة إما الدرهم ، أو الفداء.

قوله : ( لكن يشتري بقيمة الحرمي علف لحمامه ).

وليكن قمحا ، صرح به في الدروس (١) ، وهو في بعض الأخبار (٢) ، ولو فقد احتمل إجزاء مطلق العلف ، لأنّ في بعض الأخبار ( علف حمام الحرم بها ) (٣) وفي بعضها التخيير بينه وبين الصدقة بها (٤) ، وأما فداء المملوك فلصاحبه كما سيجي‌ء إن شاء الله تعالى.

قوله : ( لو ضرب الحامل فألقته ميتا ضمن تفاوت ما بين قيمتها حاملا ومجهضا ).

__________________

(١) الدروس : ١٠١.

(٢) الكافي ٤ : ٣٩٠ حديث ١٠.

(٣) الكافي ٤ : ٢٣٣ حديث ٧ ، الفقيه ٢ : ١٧١ حديث ٧٥١.

(٤) الكافي ٤ : ٣٩٥ حديث ١ ، التهذيب ٥ : ٣٧٠ حديث ١٢٨٩.

٣١٥

غير عيب فلا شي‌ء ومعه الأرش ، ولو مات أحدهما فداه خاصة.

ولو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته احتمل وجوب عشر الشاة ، لوجوبها في الجميع ، وهو يقتضي التقسيط أو عشر ثمنها.

والأقرب ان وجد المشارك في الذبح فالعين والاّ فالقيمة.

ولو أزمن صيدا وأبطل امتناعه احتمل كمال الجزاء ـ لأنه كالهالك ـ

______________________________________________________

أي : مسقطا ، فيدخل قيمة الحمل في ذلك ، ولا يتعين فداء وإن كان الحمل يتحرك ، إذ لا يعد حيوانا إلاّ بعد وضعه حيا.

قوله : ( ولو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته ، احتمل وجوب عشر الشاة ، لوجوبها في الجميع وعشر قيمتها ).

أي : قيمة الشاة ، لأنّ التجزئة تستلزم ضررا زائدا على ضرر قدر الواجب ، فينتقل إلى بدل العشر وهو قيمته ، والعشر مثال ، وإلا فالربع والخمس كذلك.

قوله : ( والأقرب أنه إن وجد المشارك في الذبح فالعين وإلاّ فالقيمة ).

هذا أصح ، لاندفاع الضرر ، وعشر الكفارة ـ التي هي الشاة ـ أقرب الى مماثلة المجني عليه من القيمة ، فيتعين لإيماء قوله تعالى ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (١) إلى ذلك ، فإنه مع تعذر الحقيقة يصار إلى أقرب المجازات.

ويتحقق المشارك بوجود من عليه من الكفارة بقدر ما بقي ، أو كونه محتاجا إليه لأكل ونحوه ، وكذا لو احتاج إليه المكفر لنحو الأكل. والضابط أن لا يلزم ضررا زائدا على أصل الكفارة الواجبة.

قوله : ( ولو أزمن صيدا أو أبطل امتناعه احتمل كمال الجزاء ، لأنه كالهالك ).

هذا هو الأصح ، فإنه ببطلان امتناعه تمكن منه كل قاتل من سبع ومحل‌

__________________

(١) المائدة : ٩٥.

٣١٦

والأرش ، ولو قتله آخر فقيمة المعيب.

ولو أبطل أحد امتناعي النعامة والدراج ضمن الأرش.

هـ : لو قتل ما لا تقدير لفديته فعليه القيمة ، وكذا البيوض ، وقيل في البطة والإوزة والكركي‌ شاة.

______________________________________________________

في الحل ، فقد صيره بإبطال امتناعه أكلة للآكل.

قوله : ( والأرش ).

أي : ويحتمل وجوب الأرش خاصة ، لأنه عوض جنايته ، والظاهر الأول ، لأنّ الصيد مأخوذ فيه بالاحتياط التام وأبعد الاحتمالات.

قوله : ( ولو قتله آخر فقيمة المعيب ).

أي : مع القيمة الكاملة على الأول ، صرح به في التذكرة (١) لاستقرار وجوبها عليه.

وقال الشيخ : على كل منهما فداء كامل (٢) ، والمماثلة تعني الفداء الكامل على الثاني. ولا استبعاد في وجوب القيمة كلها على الأول ، وقيمة المعيب على الثاني ، لأنّ الأول أعده لقتل الثاني ، فلا أقل من أن يكون ممسكا.

قوله : ( ولو أبطل أحد امتناعي النعامة ... ).

الفرق بقاء الامتناع هنا بخلاف الأول.

قوله : ( لو قتل ما لا تقدير لفديته فعليه القيمة وكذا البيوض ).

أي : ما لا تقدير لقيمته شرعا ، ففيه القيمة السوقية بتقويم عدلين عارفين. وهذا إذا كان القاتل محلا في الحرم أو محرما في الحل ، وإلا تضاعف الفداء مع اجتماعهما ، ومع بلوغ البدنة إشكال.

قوله : ( وقيل : في البطة والإوزة والكركي شاة ) (٣).

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٤٨.

(٢) المبسوط ١ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦.

(٣) ذهب اليه ابن حمزة في الوسيلة : ١٨٤ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٣٤٦.

٣١٧

و : العبرة بتقويم الجزاء وقت الإخراج ، وفيما لا تقدير لفديته وقت الإتلاف ، والعبرة في قيمة الصيد بمحل الإتلاف ، وفي قيمة النعم بمنى إن كانت الجناية في إحرام الحج ، وبمكة في إحرام العمرة ، لأنها محل الذبح.

ز : لو شك في كون المقتول صيدا لم يضمن.

ح : يجب أن يحكم في التقويم عدلان عارفان ، ولو كان أحدهما القاتل أو كلاهما ، فان كان عمدا لم يجز

______________________________________________________

الإوزّة بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، مع تشديد ثالثه مفتوحا. وهذا القول هو الأصح ، وتشهد له رواية ابن بابويه بأنّ في ذبح الطير شاة (١) ، فيكون من المنصوص. وتوقف المصنف رحمه‌الله هنا ، نظرا إلى أنه غير منصوص على عينه.

قوله : ( العبرة بتقويم الجزاء وقت الإخراج ).

لأنه حينئذ وقت تحتم الوجوب ، وهو وقت التعذر.

قوله : ( وفيما لا تقدير لفديته وقت الإتلاف ).

لأنه حينئذ وقت لزوم الفدية ، فلا بد من لزوم شي‌ء معين ، وهو البدل حينئذ.

قوله : ( والعبرة في قيمة الصيد بمحل الإتلاف ).

لأنه وقت لزومها الذمة.

قوله : ( ولو كان أحدهما القاتل أو كلاهما ، فان كان عمدا لم يجز ).

بشرط أن يكون عدوانا ، وإنما لم يجز لأنه فاسق بفعله.

وقد يقال : إن هذا ليس من الكبائر ، فيفسق فاعله.

__________________

(١) قال فخر المحققين في إيضاح الفوائد ١ : ٣٣٥ : ( دليل ابن بابويه رواية عبد الله بن سنان ) ، وهذه الرواية لم نجدها في الفقيه ، بل في التهذيب ٥ : ٣٤٦ حديث ١٢٠١ ، والاستبصار ٢ : ٢٠١ حديث ٦٨٢ ، وفي الفقيه ٢ : ٢٣٣ حديث ١١١٧ ، الموجود رواية محمد بن فضل عن أبي الحسن ـ عليه‌السلام ـ ، وفيه : سألت أبا الحسن ـ عليه‌السلام ـ عن رجل قتل حمامة.

٣١٨

وإلا جاز.

ط : لو فقد العاجز عن البدنة البر دون قيمته فأقوى الاحتمالات التعديل عند ثقة ، ثم شراء غيره ، ففي الاكتفاء بالستين لو زاد‌ إشكال ،

______________________________________________________

ويجاب : بأنه قد ورد وجوب التعزير في معتمد قتل الصيد بين الصفا والمروة.

واختار في الدروس التعزير مطلقا (١) ، وحينئذ فيكون ذلك من الكبائر على بعض الآراء لكن إذا تاب القاتل جاز أن يكون أحد المقومين (٢).

قوله : ( وإلاّ جاز ).

إذ لا مانع من كونه قاتلا ومقوما ، لشمول الآية له.

قوله : ( لو فقد العاجز عن البدنة البر دون قيمته ، فأقوى الاحتمالات التعديل عند ثقة ).

المراد : تعيين القيمة وإفرادها ليجعلها عند ثقة يشتري بها برا. ووجه القوة : أنه مع وجود القيمة بمنزلة القادر على البر ، كما في الهدي الواجب في التمتع. وهذا إنما هو تفريع على القول بوجوب الجزاء والبدل مرتبا.

ويشكل بوجوب الكفارة على الفور ، وليست كالنسك الثابت بالأصالة ، ولأنّ الجدة تتحقق بوجود الثمن في الهدي ، وهي المعلق عليه في الانتقال إلى البدل ، وأما البر فغير موجود هنا قطعا.

قوله : ( ثم شراء غيره ).

هذا هو الاحتمال الثاني الذي هو الأدون من الأول في القوة ، وقد أشار إلى ذلك بـ ( ثم ) ، والمراد : شراء غيره من أصناف الطعام ، ووجهه : المشاركة في المعنى المطلوب بالبر.

قوله : ( وفي الاكتفاء بالستين لو زاد إشكال ).

__________________

(١) الدروس : ١٠٣.

(٢) في « ن » : ولو عارض العدلين عدلان في المماثلة ففي الحكم إشكال.

٣١٩

فإن تعدد احتمل التخيير ، والأقرب إليه ، ثم الانتقال الى الصوم ، والأولى إلحاق المعدل بالزكاة.

______________________________________________________

أي : تفريعا على هذا الاحتمال ، لو زاد البدل عن ستين ـ باعتبار القيمة في غير البر ـ فهل يسقط الزائد كما يسقط في البر؟ إشكال ينشأ من المشاركة وعدم النص. والأصح تفريعا على هذا الوجه لا يكتفى ، لعدم النص ، والكفارة منوطة بالقيمة ، والرخصة الثابتة في موضع لا تتعدي.

قوله : ( فان تعدد احتمل التخيير والأقرب إليه ).

هذا من الأحكام المتفرعة على الوجه الثاني ، أي : فان تعدد ذلك الغير احتمل التخيير ، لعدم ثبوت المرجح الشرعي ، فترجيح بعض على غيره ترجيح بلا مرجح.

ويحتمل وجوب الأقرب إليه كالشعير مع الذرة ، وهو أقوى تفريعا ، لأنه إذا تعين العدول عن المنصوص إلى غيره لتعذره ، أشبه العدول عن الحقيقة إلى المجاز ، فيطلب أقرب المجازات ، وكل ذلك ضعيف لابتنائه على ضعيف (١).

قوله : ( ثم الانتقال إلى الصوم ).

هذا أصح ، ( لتحقق العجز عن البدل الثاني ، فيصار إلى البدل الثالث ، لتحقق الشرط وهو العجز ، ولأنّ الكفارة واجبة على الفور ، فالتغرير بها بغير نص مشكل ) (٢).

قوله : ( والأولى إلحاق المعدل بالزكاة ).

المعدل بصيغة اسم المفعول : هو القيمة التي عدلها عند ثقة ، بناء على الاحتمال الأقوى عنده.

والمراد بإلحاقه بالزكاة : كونه إذا تلف بغير تفريط لا يكون مضمونا ، كما في الزكاة إذا عزلها عن ماله عند عدم المستحق.

__________________

(١) ورد في « ن » : فرع : لو عجز عن الصوم وقدر على القيمة فهل يجب التعديل عند ثقة؟ صرح شيخنا الشهيد في حواشيه بالوجوب ، وهو محتمل.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».

٣٢٠