الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩
ويجزئ الجذع من الضأن لسنته تاما ، فلا يجزئ العوراء ، ولا العرجاء البيّن عرجها ، ولا مكسورة القرن الداخل ، ولا مقطوعة الاذن ، ولا الخصي ، ولا المهزولة وهي التي ليست على كليتها شحم ، إلاّ أن يكون قد اشتراها على أنها سمينة ،
______________________________________________________
من المعز ما دخل في الثالثة. ذكره المصنف في المنتهى في كتاب الزكاة (١) ، وحكاه عن الشيخ ، والأصح إجزاء ما دخل في الثانية مطلقا في غير الإبل.
قوله : ( ويجزئ الجذع من الضأن لسنة ).
إذا أكمل سبعة أشهر ودخل في الثامن ، وقيل : إذا دخل في السادس (٢).
قوله : ( فلا تجزئ العوراء ).
سواء كان عورها بيّنا ـ وهي المنخسفة العين ـ أم لا ، صرح به في المنتهى (٣) فلو كان على عينها بياض ظاهر لم تجزئ.
قوله : ( ولا العرجاء البين عرجها ).
وهي التي لا تسير مع القطيع.
قوله : ( ولا مقطوعة الأذن ).
بخلاف المشقوقة من غير أن يبين منها شيء فإنها تجزئ ، ولو تعذر إلا المعينة فالظاهر الانتقال إلى الصوم.
قوله : ( ولا المهزولة ، وهي التي ليس على كليتيها شحم ).
الكلية بالضم.
قوله : ( إلا أن يكون قد اشتراها على أنها سمينة ).
فإنّ ظهور هزالها لا يقدح في الصحة ، ويجب أن يكون ذلك مقيدا بما إذا
__________________
(١) المنتهى ١ : ٤٩١.
(٢) قاله العلامة في المنتهى ٢ : ٧٤٠ ، والتذكرة ١ : ٣٨١.
(٣) المنتهى : ٢ : ٧٤٠.
ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم تجزئ.
ويستحب أن تكون سمينة ، تنظر في سواد ، وتمشي فيه ، وتبرك فيه ، قد عرّف بها ، اناثا من الإبل والبقر ، وذكرانا من الضأن والمعز ، وقسمته أثلاثا بين الأكل والهدي والصدقة ، والأقوى وجوب الأكل.
______________________________________________________
لم يظهر الحال قبل الذبح ، فإن علم هزاها قبله لم تجزئ.
قوله : ( ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم تجزئ ).
للفرق مع النص خفاء الأول بخلاف الثاني.
قوله : ( ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد ... ).
يمكن أن يكون المراد بنظرها في السواد إلى آخره : الكناية عن سمنها من حيث سعة ظلها ، بحيث تمشي فيه وتنظر فيه لو أنها سمنت ، لأنها نظرت ومشت وبركت في السواد الذي هو العلف الأخضر.
ويمكن أن يراد : سواد هذه المواضع منها ، وهو حقيقة اللفظ ، لكن لمّا كان المقصود نفع الفقراء كان المجاز هنا راجحا.
قوله : ( قد عرّف بها ).
أي : أحضرت عشية عرفة بعرفة ، كذا فسره المصنف في المنتهى (١) والتذكرة (٢) ، ويكفي قول بائعها.
قوله : ( وقسمته أثلاثا بين الأكل والهدي والصدقة ، والأقوى وجوب الأكل ).
الأصح وجوب القسمة ، ووجوب الأكل منه بما يقع عليه اسمه ، والإهداء ، والصدقة. وظاهر عبارة المصنف أنّ الأكل واجب دون الإهداء ، ولا يعلم حال الصدقة من عبارته. لكن قال في التذكرة : إنه على القول بوجوب الأكل لا يضمن بتركه ، بل بتركه الصدقة ، لأنه المطلوب الأصلي من الهدي ، قال :
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٧٤٢.
(٢) التذكرة ١ : ٣٨٢.
______________________________________________________
ولو أخلّ بالإهداء ، فإن كان بسبب أكله ضمن ، وإن كان بسبب الصدقة فلا (١).
ومقتضى هذه العبارة أمور :
وجوب كل من الأمور الثلاثة ، على القول بوجوب القسمة فيأثم لو لم يهد ، كما يأثم إذا لم يأكل ، وإن كان لا يضمن مع الصدقة.
ويفهم منه أنه لو لم يتصدق يضمن ، ويفهم منه أنه لا يكفي في الصدقة القليل ، ـ كما صرح به ابن إدريس (٢) ـ ، وأنه يضمن لو صرفه في غيرها.
واعلم أنّ مستحق الصدقة هو الفقير المؤمن ، والقانع هو الذي يقنع بما أعطي ، والمعتر أغنى منه ، وهو الذي يعتريك فلا يسألك ، كذا في الرواية ، وفيها أنّ المساكين هم السؤّال وان لهم ثلثا ، وللقانع والمعتر ثلثا (٣) ، وهو خلاف ما عليه الأصحاب ، وخلاف ظاهر الآية (٤).
( والذي يقتضيه النظر وجوب قسمة الهدي أثلاثا ، ووجوب الأكل من ثلث ، وإن كان الحديث يقتضي أكل الثلث جميعه (٥) ، لعدم قائل بوجوب أكل جميع الثلث ، ولأنّ مطلق العبادة يتأدى بذلك ، ووجوب إهداء ثلاث إلى المعتر ، الذي هو أغنى من القانع ، ووجوب الصدقة بثلث على القانع ، تمسكا بظاهر الاية (٦).
ومتى أخلّ بشيء من ذلك ، فالذي ينبغي أن يقال مع ثبوت الإثم عليه : يضمن سهم الصدقة قطعا. وفي ضمان سهم الإهداء تردد ، ينشأ من أنه لم يأت
__________________
(١) التذكرة ١ : ٣٨٥.
(٢) السرائر : ١٤١.
(٣) التهذيب ٥ : ٢٢٣ حديث ٧٥٣.
(٤) الحج : ٣٦.
(٥) الكافي ٤ : ٤٨٨ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ حديث ٦٧٢.
(٦) الحج : ٣٦.
وتكره التضحية بالجاموس ، والثور ، والموجوء.
ويجب في الذبح النية ، ويجوز أن يتولاها عنه الذابح.
ويستحب نحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة ،
______________________________________________________
بالمأمور به على وجهه ، إذ مطلق الصدقة هنا غير مطلوب ، بل صدقة مخصوصة ولم يأت بها ، ومن أن الصدقة على الأحوج أبلغ من الصدقة على غيره إن أعطاه القانع ، وإن أعطاه للمعتر فالإخلال إنما هو لخصوصية نية الإهداء ، ولا يكاد يخرج عن معنى الصدقة ، والنظر ينساق إلى الأول ، وإلاّ لم يأثم. فإن قلنا به ضمن القيمة ، فيهديها إلى المعتر.
وأما ثلث الأكل إذا خالف به فضمانه أبعد. ويمكن أن يقال : يأثم بتركه ، ويتحقق الإجزاء ووجوب شيء آخر خلاف الأصل.
ولا يرد هذا في سهم الإهداء ، لأنّ المستحق لم يصرف إليه وصرفه ممكن ، وقول المصنف في التذكرة باجزائه إن تصدق به (١) غير واضح ، لأنّ هذه الصدقة منهي عنها لوجوب الإهداء ، فكيف تقع مجزية ، فإن النهي في العبادة يدل على الفساد؟ ) (٢)
قوله : ( وتكره التضحية بالجاموس ).
وكذا الجمل.
قوله : ( والموجوء ).
هو مرضوض الخصيتين.
قوله : ( وتجب في الذبح النية ).
مقارنة له ، مستدامة الحكم ، مشتملة على تعيين الحج الذي يذبح فيه والوجه.
قوله : ( قد ربطت بين الخف والركبة ).
أي : ربطت يداها معا كذلك.
__________________
(١) التذكرة ١ : ٣٨٥.
(٢) ما بين القوسين لم يرد في « س ».
وطعنها من الجانب الأيمن ، والدعاء عند الذبح ، والمباشرة فإن لم يحسن فجعل اليد مع يد الذابح.
ولو ضل الهدي فذبحه غير صاحبه لم يجزء عنه.
وباقي الدماء الواجبة يأتي في أماكنه.
البحث الثالث : في هدي القران والأضحية ، وهما مستحبان ، ولا يخرج هدى القران عن ملك سائقه ، وله إبداله والتصرف فيه وإن أشعره أو قلده ،
______________________________________________________
قوله : ( وطعنها من الجانب الأيمن ).
أي : يقف الذابح من جانبها الأيمن ، ويطعنها في النقرة ، وهي الوهدة.
قوله : ( ولو ضل الهدي ، فذبحه غير صاحبه لم يجزئ عنه ).
الأصح أنه يجزئ إذا ذبحه عن صاحبه ، للرواية الصحيحة (١) ، واختاره في الدروس (٢) وهل يجب تعريفه؟ في رواية : أنه يعرفه ثلاثة أيام ، ثم يذبحه (٣) ، ولم أجد لأحد تصريحا بالوجوب. وصرح في الدروس بالاستحباب (٤) ، ولعله لكون الفعل يدخله النيابة ، فلا يلزم من عدم التعريف فساد.
ويمكن أن يقال : إنّ التعريف فائدته عدم احتياج مالكه الى هدي آخر ، وكيف قلنا : فلو ترك التعريف قبل الذبح صح ، ويتجه أن يعرفه بعد ذلك ، فان لم يجد المالك ينبغي أن يقال : يتصدق به ، ويسقط وجوب الأكل حينئذ ، ولا أعلم بهذا التفصيل تصريحا.
قوله : ( ولا يخرج هدي السياق عن ملك سائقه ، وله إبداله والتصرف فيه وإن أشعره أو قلده ).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣١.
(٢) الدروس : ١٢٨.
(٣) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣١.
(٤) الدروس : ١٢٩.
لكن متى ساقه فلا بد من نحره.
______________________________________________________
هذا مخالف لعبارة الشيخ (١) وابن إدريس (٢) ، فإنهما حكما بأنّ له ذلك إذا لم يشعره ولم يقلده.
وينبغي أن (٣) يحمل على ما إذا لم يكن الإشعار والتقليد على الوجه المعتبر ، وهو الذي يعقد به الإحرام ، أو يؤكد به إذا عقد بالتلبية ، لأنه إذا أشعره أو قلده كذلك تعين ذبحه أو نحره ، لقول الصادق عليهالسلام في صحيحة الحلبي : « وإن كان أشعرها نحرها » (٤) وبه صرح في المنتهى (٥) ، ولهذا يجب ذبحه لو ضل فأقام غيره ثم وجده قبل ذبح الأخير. وحينئذ فلا يجوز إبداله ، ولا إتلافه ، ولا التفريط فيه ، كما سيأتي في عبارته.
قوله : ( لكن متى ساقه فلا بد من نحره ).
لا يراد بسياقه أمر زائد على إشعاره أو تقليده فينبغي أن يحمل عليه ، ويكون السياق الأول يراد به مطلق المصاحبة من غير إشعار ولا تقليد ، فان السياق بمجرده لا يوجب ذلك قطعا اتفاقا.
ومقتضى النص وكلام الأصحاب عدم الاحتياج إلى ضميمة مع الإشعار أو التقليد في ذلك.
فعبارة المصنف لا تخلو من تدافع ، لأنّ جواز إبداله يمنع من وجوب نحره متحتما ، ومن ضمانه مع التفريط ، ومن وجوب ذبح الأول إذا ضل فأقام بدله ، ثم وجده.
والتأليف الذي حاوله شيخنا الشهيد في هذه العبارة لم يتم له : لأنّ تدافعها باق ، نعم لا دليل يدل على خروجه عن ملك مالكه.
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٧٥.
(٢) السرائر : ١٤١.
(٣) في « س » : أن يقال يحمل.
(٤) التهذيب ٥ : ٢١٩ حديث ٧٣٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٧١ حديث ٩٦٢.
(٥) المنتهى ٢ : ٧٥٠.
ولا يتعين هدي السياق للصدقة إلاّ بالنذر ، ولو هلك لم يجب بدله.
والمضمون كالكفارات يجب البدل فيه ، ولو عجز هدي السياق ذبح أو نحر مكانه ، وعلّم بما يدل أنه صدقة ،
______________________________________________________
قوله : ( ولا يتعين هدي السياق للصدقة إلاّ بالنذر ).
مقتضى هذه العبارة مع ما قبلها أنّ الواجب هو النحر خاصة ، دون ما سواه ، فإذا نحره فعل به ما يفعل بسائر أمواله.
والحق : أنه يجب فيه ما وجب في هدي التمتع ، وسيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى.
قوله : ( والمضمون كالكفارات يجب البدل فيه ).
أي : وهدي السياق المضمون إلى آخره ، فيعلم منه أنّ هدي السياق لا يشترط أن يكون متبرعا به ، بل لو كان مستحقا صح. فإذا ساق هديا وجب في ذمته بكفارة ، أو نذر ـ لإهداء ما ليس معينا ـ تعين ، فإذا هلك وجب بدله ، لأنّ الذي في الذمة أمر كلي ، وإنما يتحقق الخروج عن عهدته إذا ذبحه على الوجه المعتبر ، فمتى لم يتحقق ذلك عاد إلى الذمة كما كان.
ويمكن أن يكون معنى العبارة : والهدي المضمون كالكفارات إلى آخره ، وكيف كان فالعبارة صالحة لأن يكون هذا الهدي هدي سياق ، وإن كان لا يستفاد منها إلا بارتكاب تكلّف ، وهو إدخاله في أحكام هدي السياق.
ويفهم من العبارة أنّ غير المضمون كالمنذور بعينه ، لا يجب بدله إذا هلك وهو حق ، والأخبار شاهدة بذلك (١).
قوله : ( ولو عجز هدي السياق ذبح أو نحر مكانه ، وعلّم بما يدل على أنه صدقة ).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٢١٥ حديث ٧٢٤ ـ ٧٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٩ حديث ٩٥٥ ، ٩٥٦.
ويجوز بيعه لو انكسر ، فيستحب الصدقة بثمنه أو شراء بدله.
______________________________________________________
المتجه كون ذلك كله على طريق الوجوب ، لأنّ النحر واجب فلا يسقط ، وتعذر مكان الواجب لا يسقط الوجوب ، ولأنه حق الفقراء ، فيمتنع القول بسقوطه. ويجب الأكل منه (١) إن قلنا بوجوبه من هدي السياق ، وسيأتي. ولو كان منذور الصدقة به لم يجز الأكل منه. وعلى هذا تنزل رواية عمر بن حفص الكلبي ، عن الصادق عليهالسلام وقد قال له : رجل ساق الهدي ، فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه ، ولا من يعلمه أنه هدي ، قال : « ينحره ، ويكتب كتابا ويضعه عليه ، ليعلم من يمر به انه صدقة » (٢).
وعبارة المصنف هنا تحتمل الوجوب وعدمه ، وفي التحرير عبر بالجواز (٣) ، والذي أذهب إليه الوجوب ، لأنّ طريق التوصل إلى التصدق به انحصر في ذلك ، ولا تجب الإقامة عنده وإن أمكنت.
نعم لو أمكن إيصاله إلى موضع ذبحه بغير مشقة وجب ، وإعلامه بما يدل على حاله ( يكون ) (٤) بالكتابة ـ كما في الرواية ـ (٥) وبغمس النعل في دمه ، وضرب صفحة سنامه به. ويعول على ذلك حينئذ ، فيجوز الأكل منه.
ويلزم منه شيئان : الاكتفاء في التذكية بالقرينة ، والاعتماد في الأكل من مال الغير على الكتابة ونحوها.
قوله : ( ويجوز بيعه لو انكسر ، فيستحب الصدقة بثمنه ، أو شراء بدله ).
هذا الحكم مشكل ، لأنّ هدي السياق صار متعينا نحره ، فيكف يجوز
__________________
(١) في « س » : بسقوط الأكل منه.
(٢) التهذيب ٥ : ٢١٨ حديث ٧٣٦.
(٣) تحرير الأحكام ١ : ١٠٧.
(٤) لم ترد في « ن ».
(٥) التهذيب ٥ : ٢١٨ حديث ٧٣٦.
______________________________________________________
بيعه؟ ثم إنه لا معنى لتخصيص الحكم بذلك بالكسر ، فإن الأخبار خالية عن الدلالة على أنّ ذلك حكم الكسر وحده ، فإنّ حسنة الحلبي ـ قال : سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ، ويستعين بثمنه في هدي آخر؟ قال : « يبيعه ، ويتصدق بثمنه ، ويهدي هديا آخر » (١) ـ مصرحة بالكسر والعطب كما هو واضح.
وكذا صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدي آخر؟ قال : « لا يبيعه ، وإن باعه تصدق بثمنه ، وليهد هديا آخر » (٢).
والذي يقتضيه صحيح النظر أنّ ذلك حكم الهدي المضمون في الذمة ، إذا عينه في هدي بقوله : هذا الهدي الفلاني ، فإنه يتعين بغير خلاف ، نفل الإجماع عليه في المنتهى (٣) فإذا عرض له كسر ونحوه فإنه يبطل التعيين على الأصح ، ويعود إلى ملكه ، فيقيم بدله وجوبا ، وإن شاء باع هذا أو وهبه ، لأنه ملكه ، وإن شاء ذبحه وتصدق به استحبابا ، نظرا إلى أنه قد عينه. وإن باعه فالأفضل له الصدقة بثمنه ، فالصدقة بثمنه (٤) وذبحه مع الآخر في الروايتين (٥) محمولان على ( الاستحباب ، لما قلناه من بطلان التعيين الخاص لامتناعه.
ولا يمكن حمل الروايتين على ) (٦) هدي السياق ، للقطع بعدم وجوب إقامة البدل ، وبطلان القول بجواز بيعه لتعيين نحره بإشعاره ، ومنافاة ذلك للرواية السابقة بالذبح (٧). فيحملان على الهدي المضمون جمعا بين الأخبار والدلائل ،
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٤ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣٠.
(٢) الفقيه ٢ : ٢٩٨ حديث ١٤٨٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣١.
(٣) المنتهى ٢ : ٧٤٩.
(٤) لم ترد في « ن ».
(٥) الكافي ٤ : ٤٩٤ ، حديث ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٩٨ حديث ١٤٨٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣٠ ، ٧٣١.
(٦) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».
(٧) التهذيب ٥ : ٢١٨ حديث ٧٣٦.
ولو سرق من غير تفريط لم يضمن وإن كان معينا بالنذر ، ولو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه.
______________________________________________________
وتقليلا لارتكاب المجاز بحسب الإمكان.
وهذا هو الذي يلوح من عبارة المصنف في المنتهى (١) والتذكرة (٢) ولم أجد هذا في كلام أحد من الأصحاب ، بل الجميع يجوزون البيع من غير تقييد.
نعم عبارة المصنف في الكتابين ترشد إلى ذلك ، فعلى هذا قول المصنف : ( ويجوز بيعه ) لا يمكن أجزاؤه في هدي السياق فلا بد من التنبيه ، لكون ذلك حكم الهدي المضمون ، لا هدي السياق.
قوله : ( ولو سرق من غير تفريط لم يضمن ، وإن كان معينا بالنذر ).
جملة إن الوصلية معطوفة على جملة محذوفة تقديرها : إن لم يكن معينا بالنذر ، وإن كان معينا بالنذر. ويندرج في الأولى المضمون المعين بالقول ، فإنه ليس معينا بالنذر ، مع أنه يجب إقامة بدله قطعا ، وفي عدة من الأخبار دلالة عليه (٣) ، وهذا من مدلول العبارة بمنطوقها ، لأنّ المحذوف لدليل كالمذكور.
وزعم شيخنا الشهيد أنّ هذا مستفاد بمفهوم الموافقة ، وليس كذلك. ويفهم من القيد في قوله : ( وإن كان معينا بالنذر ) أنّ المعين بغيره يجب بدله ، وليس كذلك ، لأنّ المعين بالقول مع النية يتعين ، ولا يجب إقامة بدله ، وكذا المعين بالإشعار ، فالعبارة غير جيدة.
قوله : ( ولو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه ).
الظاهر أنّ المراد به : هدي السياق بدليل سوق العبارة. فلا يرد أنّ ذلك ليس على إطلاقه ، بل تستثنى منه الكفارة والنذر المطلق ، إلا أنّ العناية بالتنبيه على
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٧٥٠.
(٢) التذكرة ١ : ٣٨٤.
(٣) منها ما في الكافي ٤ : ٤٩٣ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣٣.
ولو أقام بدله ، ثم وجده ذبحه ، ولا يجب ذبح الأخير ، ولو ذبح الأخير استحب ذبح الأول ، ويجب مع النذر ، ويجوز ركوبه وشرب لبنه مع عدم الضرر به وبولده.
______________________________________________________
حكمهما أمر مطلوب ، لأنه ربما أو هم التعميم ، وجميع ما سبق في هدي التمتع إذا فعل آت هنا.
قوله : ( ولو أقام بدله ، ثم وجده ذبحه ، ولا يجب ذبح الأخير ، ولو ذبح الأخير استحب ذبح الأول ).
قد سبق أنه لا يجب إقامة بدله ، وحينئذ فلا يكون الذبح واجبا ، فكيف يجزئ عن الواجب المعين ، أعني : ذبح الأول؟
وينبغي أن يكون هذا الحكم للهدي المضمون إذا عينه ، أما هدي السياق فإنه يتعين ذبحه ، سواء ذبح الثاني أم لا ، ولو نذر ذبح الثاني عنه فذبحه ، فالظاهر أنه لا يسقط وجوب ذبح الأول عند وجدانه.
قوله : ( ويجب مع النذر ).
أي : ويجب ذبح الأول مع كون ذبحه منذورا ، وإن ذبح الثاني ، وكذا ينبغي أن يقال في هدي السياق.
قوله : ( ويجوز ركوبه وشرب لبنه ).
أي : هدي السياق ، لأنه لم يخرج عن ملكه كما قلناه ، بخلاف ما لو خرج بنذر وشبهه ـ كما صرح به ابن الجنيد (١) ، والمصنف في المختلف (٢) ـ فيغرم لمساكين الحرم لو فعل.
قوله : ( ما لم يضرّ به وبولده ).
يعلم منه أنّ حال ولده كحاله في وجوب الذبح ، وهو الأصح.
__________________
(١) نقله عنه في المختلف : ٣٠٧.
(٢) المختلف : ٣٠٧.
ولا يجوز إعطاء الجزار من الواجب شيئا ، ولا من جلودها ، ولا الأكل ، فإن أكل ضمن ثمن المأكول.
ويستحب أن يأكل من هدي السياق ، ويهدي ثلثه ، ويتصدق بثلثه كالمتمتع ، وكذا الأضحية.
ويجزئ الهدي الواجب عن الأضحية ، والجمع أفضل ، فإن تعذرت تصدق بثمنها ، فان اختلفت تصدق بثلث الأعلى والأوسط والأدون.
______________________________________________________
قوله : ( ولا يجوز إعطاء الجزار من الواجب شيئا ).
أي : من الواجب في نذر ، أو كفارة ونحوهما.
قوله : ( فإن أكل ضمن ثمن المأكول ).
هذا هو المناسب ، وفي عبارة التحرير ضمن مثل المأكول (١) ، وهو غير ظاهر.
قوله : ( ويستحب أن يأكل من هدي السياق ... ).
الأصح الوجوب كهدي التمتع ، للرواية (٢) ، وهو مقرب الدروس (٣) واختيار أبي الصلاح (٤).
قوله : ( ويجزئ الهدي الواجب عن الأضحية ).
لأنّ التضحية تتحقق بالذبح ، وإن كان واجبا.
قوله : ( فان اختلف تصدق بثمنه الأعلى والأوسط والأدون ).
أي : إن اختلف الثمن ، وقد كان الاشمل أن يقول : تصدق بثمن نسبته إلى المجموع نسبة الواحد إلى عدد الأثمان.
__________________
(١) تحرير الأحكام ١ : ١٠٧.
(٢) الكافي ٤ : ٤٨٨ ، حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ حديث ٦٧٢.
(٣) الدروس : ١٢٩.
(٤) الكافي في الفقه : ٢٠٠.
ويكره التضحية بما يربيه ، وأخذ شيء من جلودها وإعطاؤها الجزار ، بل يستحب الصدقة بها.
البحث الرابع : في مكان إراقة الدماء وزمانها.
أما دم التحلل فإن كان عن صد فمكانه موضعه ، وزمانه من حين الصد الى ضيق الوقت ، فيتعين التحلل بالعمرة ، فإن منع عنها تحلل بالهدي ، فإن عجز صام. وإن كان عن حصر فمكانه منى إن كان حاجا ، ومكة إن كان معتمرا وزمانه يوم النحر وأيام التشريق.
ومكان الكفارات جمع منى إن كان حاجا ، والاّ مكة. وزمانها
______________________________________________________
قوله : ( وتكره التضحية بما يربيه ).
للنص على ذلك (١) ، بل يشتري ويضحي.
قوله : ( وإعطاؤها الجرار ).
يكره إعطاؤه من الجلود واللحم ، والمراد : إعطاؤه أجرة ، فلو كان فقيرا فلا شبهة في الجواز ، لفقره.
قوله : ( وزمانه من حين الصد إلى ضيق الوقت ).
المراد : ضيق وقت الحج ، بحيث يعلم فواته باعتبار عدم سعة الوقت له ، فحينئذ يتعين العمرة ، فإن تعذرت تحلل بالهدي.
قوله : ( فان عجز صام ).
المروي : ثمانية عشر (٢) ، وقيل عشرة كهدي التمتع (٣) ، وهو بناء على أنّ لهدي الصد بدلا ، وقيل : لا بدل له (٤) ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
قوله : ( ومكان الكفارات جمع ).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٤٤ حديث ٢٠ ، التهذيب ٥ : ٤٥٢ حديث ١٥٧٨.
(٢) الكافي ٤ : ٣٨٥ حديث ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٣٢ حديث ١١١١ ، التهذيب ٥ : ٢٣٧ حديث ٨٠٠.
(٣) قاله ابن حمزة في الوسيلة : ١٨٦.
(٤) القول لابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٢١.
وقت حصول سببها ، ومكان هدي التمتع منى.
ويجب إخراج ما يذبح بمنى الى مصرفه بها ، وزمانه يوم النحر قبل الحلق ، ولو أخره أثم وأجزأ ، وكذا يجزئ لو ذبحه في بقية ذي الحجة.
ومكان هدي السياق منى إن كان الإحرام للحج ، وإن كان للعمرة ففناء الكعبة بالحزورة. وزمانه كهدي التمتع.
ومن نذر نحر بدنة وعيّن مكانا تعيّن ، وإلاّ نحرها بمكة ، ولا يتعين للأضحية مكان ، وزمانها بمنى أربعة : يوم النحر ، وثلاثة بعده ، وفي الأمصار ثلاثة.
ويجوز ادخار لحمها ، ويكره أن يخرج به من منى ، ويجوز إخراج ما ضحاه غيره.
______________________________________________________
بضم الجيم وفتح الميم ، تأكيد للكفارات.
قوله : ( ويجب إخراج ما يذبح بمنى إلى مصرفه بها ).
أي : يجب صرفه إلى ذلك.
قوله : ( فبفناء الكعبة بالحزورة ).
هي بفتح الحاء المهملة ، وإسكان الزاي وتخفيف الواو المفتوحة ، والراء بعدها ، وفناء الدار بكسر الفاء : ما امتد من جوانبها.
قوله : ( ويجوز إخراج ما ضحاه غيره ).
وكذا يجوز إخراج السنام ، ولو اشترى اللحم من المسكين جاز أيضا ، ذكره في الدروس (١). ويشكل لو كان لحم أضحيته ، لإطلاق الأخبار بكراهة إخراجه عن منى (٢).
__________________
(١) الدروس : ١٣١.
(٢) التهذيب ٥ : ٢٢٦ حديث ٧٦٥ ، ٧٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٤ باب ١٨٩.
المطلب الثالث : في الحلق والتقصير ، ويجب بعد الذبح.
أما الحلق أو التقصير بمنى ، والحلق أفضل خصوصا للملبّد والصرورة ، ولا يتعين عليهما على رأي.
ويجب على المرأة التقصير ، ويحرم الحلق وفي إجزائه نظر.
ويجزئ في التقصير قدر الأنملة.
______________________________________________________
قوله : ( والحلق أفضل ).
أي : أفضل الواجبين المخير فيهما.
قوله : ( خصوصا للملبد والصرورة ).
الملبد بكسر الباء الموحدة مشددة ، قال في التذكرة : وتلبيد الشعر : أن يأخذ عسلا أو صمغا ، ويجعله في رأسه لئلا يقمل أو يتسخ (١).
قوله : ( ولا يتعين عليهما على رأي ).
الأصح أنه لا يتعين عليهما ، لظاهر الآية (٢).
قوله : ( ويجب على المرأة التقصير ـ إلى قوله : ـ وفي إجزائه نظر ).
الأصح أنه لا يجزئ ، للنهي عنه تبعا للنهي عن الجملة المقصودة دون الأبعاض.
قوله : ( ويجزئ في التقصير قدر الأنملة ).
بل أقل المجزئ أقل ما يقع عليه اسم التقصير عرفا ، لإطلاق الأخبار (٣) ، وبه صرح في المنتهى (٤).
__________________
(١) التذكرة ١ : ٣٩٠.
(٢) الفتح : ٢٧.
(٣) الكافي ٤ : ٤٣٩ حديث ٤ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ حديث ١١٣٦ ، ١١٣٨ ، التهذيب ٥ : ١٦٢ حديث ٥٤٢ ، ٥٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٤ حديث ٨٥١ ، ٨٥٢.
(٤) المنتهى ٢ : ٧٦٣.
ولو رحل عن منى قبل الحلق رجع فحلق بها ، فان تعذر حلق ، أو قصر مكانه وجوبا وبعث بشعره ليدفن بها ندبا ، ولو تعذر لم يكن عليه شيء.
ويمر من لا شعر على رأسه الموسى عليه.
ويجب تقديم الحلق أو التقصير على طواف الحج وسعيه ، فإن أخره عامدا جبره بشاة ، ولا شيء على الناسي ويعيد الطواف.
______________________________________________________
قوله : ( ولو تعذر لم يكن عليه شيء ).
أي : لو تعذر البعث.
قوله : ( ويمر من لا شعر على رأسه الموسى عليه ).
سواء كان حالقا في إحرام العمرة أو كان أصلعا كما سبق ، لكن يجب الإمرار في الأول ، ويستحب في الثاني ، للرواية (١).
وهل يجزئ عن التقصير؟ فيه قولان ، وفي رواية ما يدل على الاجزاء (٢) ، ولا ريب أنّ وجوب التقصير أولى ، والاستدلال بالرواية لا يخلو من شيء.
ولا يمتنع وجوب الأمرين على الحالق في إحرام العمرة ، نظرا إلى إمكان كون وجوب الحلق عقوبة.
قوله : ( ويعيد الطواف ).
الأصح أنه لا فرق في وجوب إعادة الطواف بين العامد والناسي.
وهل يعيد السعي؟ يفهم من العبارة العدم ، وصرح المصنف في التذكرة (٣) ، والمنتهى بإعادته (٤) ، وهو الأصح ، ( لظاهر رواية علي بن يقطين (٥) ،
__________________
(١) لم نعثر على هكذا رواية ، وقال في المسالك ١ : ٩٣ : إن لهذا التفصيل رواية ، وفي الجواهر ١٩ : ٢٤٥ ، والمدارك : ٤٨٦ : ان ما ذكره في المسالك من وجود رواية لهذا التفصيل لم نقف عليه ، وفي المستند ٢ : ٢٧٠ : ان القول بالتفصيل لا دليل عليه.
(٢) الكافي ٤ : ٥٠٤ حديث ١٣ ، التهذيب ٥ : ٢٤٤ حديث ٨٢٨.
(٣) التذكرة ١ : ٣٩٠.
(٤) المنتهى ٢ : ٧٦٤.
(٥) التهذيب ٥ : ٢٤١ حديث ٨١١.
ويستحب أن يبدأ في الحلق بناصيته من قرنه الأيمن ، ويحلق الى العظمين ويدعو ، فإذا حلق أو قصر أحل من كل شيء إلاّ الطيب والنساء والصيد على اشكال ،
______________________________________________________
وللأخبار الدالة على عدم الاعتداد بالسعي لو لم يكن طاف (١) ) (٢).
قوله : ( ويستحب أن يبدأ في الحلق بناصيته من قرنه الأيمن ).
المراد : انه يبدأ بشق ناصيته الأيمن ، ويحلق قرنه الأيمن.
قوله : ( ويحلق إلى العظمين ).
المراد بهما : العظمان اللذان في أسفل الصدغ ، يحاذيان وتدي الأذنين ، وهما الهيئتان اللتان في مقدمهما. ولا يخفى أنه تجب في الحلق أو التقصير النية مقارنة لأوله مستدامة الحكم ، ولا بد من التعرض لكونه في حج الإسلام أو غيره ، والوجه من وجوب أو ندب.
ولو قدم الطواف والسعي على الذبح ، ففي الدروس : إنّ الكلام فيه كالكلام في الحلق ، قال : وكذا لو قدم الطواف على الرمي ، أو على جميع مناسك منى ، يجزئ مع الجهل ، وفي التعمد والنسيان الاشكال (٣).
قوله : ( إلا الطيب والنساء والصيد على إشكال ).
الإشكال في الصيد خاصة ، والمراد به : الصيد الذي حرمه الإحرام دون الذي حرمه الحرم ، فانّ ذلك يبقى وإن طاف للنساء.
ومنشأ الإشكال من زوال الإحرام المقتضي للتحريم ، ومن أنّ بقاء شيء من محرماته يقتضي بقاء التحريم ، وللاستصحاب ، والأصح تحريمه إلى أن يطوف للنساء.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٢١ حديث ١ ، ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٢ حديث ١٢١٧ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ حديث ٤٢٦ ـ ٤٢٨.
(٢) ما بين القوسين لم ترد في « ن ».
(٣) الدروس : ١٣٣.
وهو التحلل الأول للمتمتع.
أما غيره فيحل له الطيب أيضا ، فإذا طاف للحج حل له الطيب وهو التحلل الثاني ، فإذا طاف للنساء حللن وهو التحلل الثالث ، ولا تحل النساء إلاّ به.
ويحرم على المرأة الرجل لو تركته على اشكال ( ط ) ولو وجب عليها قضاؤه.
______________________________________________________
قوله : ( وهو التحلل الأول للمتمتع ، أما غيره فيحل له الطيب أيضا ).
المراد بغيره : القارن والمفرد ، وإنما يحل لهما الطيب إذا قدما طواف الحج وسعيه على الوقوفين ، فإنه يجوز لهما ذلك اختيارا على الأصح.
وعبارة المصنف مطلقة ، وظاهرها الجواز مطلقا ، وكذا عبارات أكثر الأصحاب وهو مشكل ، لأنّ روايات تحريم الطيب حتى يطوف ويسعى مطلقة (١).
وطريق الجمع : الحمل على تقديمهما ، وبه صرح في الدروس (٢) والظاهر أنّ المتمتع لو قدمهما لضرورة كذلك.
قوله : ( فإذا طاف للحج حل له الطيب ).
الأصح أنه لا بد في حله من الإتيان بالسعي أيضا ، لرواية منصور بن حازم (٣).
قوله : ( فإذا طاف للنساء حللن له ).
وحينئذ فيحل الصيد الإحرامي.
قوله : ( ويحرم على المرأة الرجل لو تركته على إشكال ).
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٢٤ حديث ١٠٥١ ، التهذيب ٥ : ٢٩٨ حديث ١٠٠٩.
(٢) الدروس : ١٣٣.
(٣) التهذيب ٥ : ٢٤٥ حديث ٨٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٧ حديث ١٠١٨.
ولو تركه الحاج متعمدا وجب عليه الرجوع الى مكة والإتيان به لتحل له النساء ، فان تعذر استناب ، فإذا طاف له النائب حل له النساء.
وهل يشترط مغايرته لما يأتي به من طواف النساء في إحرام آخر؟
اشكال.
ويحرم على الميز النساء بعد بلوغه لو تركه على اشكال ، ويحرم على العبد المأذون ،
______________________________________________________
منشؤه عدم النص ، وأنّ الظاهر اشتراك التحريم ، والأصح الثاني ، إذ لا معنى لوجوب طواف النساء عليها لو لا ذلك.
قوله : ( فان تعذر استناب ).
أي : لزم منه المشقة الشديدة.
قوله : ( فإذا طاف النائب حل له النساء ).
إذا علم بذلك ، ـ كما صرح به ابن إدريس (١) ـ لا مطلقا ، وفي الدروس : لو وعده في وقت بعينه فالأقرب حلهن بحضوره عملا بالظاهر ، فلو تبين عدمه اجتنب (٢) ، والذي ينبغي عدم الجواز حتى يعلم إتيان النائب.
قوله : ( وهل يشترط مغايرته لما يأتي به من طواف النساء ... ).
الأصح أنه يشترط ذلك ، ولا تحل النساء بدونهما معا ، ويتخير في تقديم أيهما شاء ، لكن يشكل إنشاء إحرام آخر قبل طواف النساء للأول.
قوله : ( وتحرم على المميز النساء بعد بلوغه لو تركه على إشكال ).
لأنه من باب الأسباب ، ولهذا يجب على الولي منعه منهن حال الإحرام. وتجب عليه الكفارة لو فعل موجبها ، إما مطلقا أو إذا كانت بحيث تجب بالمحرم عمدا وسهوا ، والأصح التحريم.
__________________
(١) السرائر : ١٤٢.
(٢) الدروس : ١٣٤.
وإنما يحرم بتركه الوطء دون العقد.
ويكره لبس المخيط قبل طواف الزيارة ، والطيب قبل طواف النساء ، فإذا قضى مناسك منى مضى إلى مكة للطوافين والسعي ليومه ، والاّ فمن غده خصوصا المتمتع ، فإن أخره أثم وأجزأ.
ويجوز للقارن والمفرد تأخير ذلك طول ذي الحجة على كراهية.
______________________________________________________
( ومقتضى العبارة أنه لو لم يتركه لم تحرم عليه النساء وهو ممكن ، ويمكن القول بالتحريم ، كما لو أحدث فتطهّر ، ثم بلغ.
والتقييد بالمميز يخرج غير المميز ، وانعقاد إحرامه ووجوب مجانبته على الولي ما يجتنبه المحرم يقتضي عدم الفرق ، بل المجنون لو أحرم عنه وليه ينبغي أن يكون كذلك للحكم بصحة إحرامه ، ولهذا لو أفاق قبل أحد الموقفين اعتبر حجه واجتزأ به.
وفي وجوب الطواف على المميز وغيره قوة ، وبه صرح في الدروس (١) ، بل وكذا المجنون ) (٢).
قوله : ( وإنما تحرم بتركه الوطء دون العقد ).
الظاهر أنّ هذا راجع إلى أصل الباب ، أي : إنما نحرم على تارك طواف النساء ، والأصح تحريم العقد أيضا ، وكلما حرّمه الإحرام مما يتعلق بالنساء عملا بالاستصحاب.
قوله : ( خصوصا المتمتع ، فإن أخره أثم وأجزأ ).
الأصح أنّ التأخير مكروه ـ وهو اختياره في المختلف (٣) ـ للنصوص الدالة على ذلك (٤).
__________________
(١) الدروس : ١٣٤.
(٢) ما بين القوسين لم ترد في « ن ».
(٣) المختلف : ٣٠٩.
(٤) التهذيب ٥ : ٢٥٠ حديث ٨٤٥ ، ٨٤٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٩١ حديث ١٠٣٣.