جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

ويجزئ الجذع من الضأن لسنته تاما ، فلا يجزئ العوراء ، ولا العرجاء البيّن عرجها ، ولا مكسورة القرن الداخل ، ولا مقطوعة الاذن ، ولا الخصي ، ولا المهزولة وهي التي ليست على كليتها شحم ، إلاّ أن يكون قد اشتراها على أنها سمينة ،

______________________________________________________

من المعز ما دخل في الثالثة. ذكره المصنف في المنتهى في كتاب الزكاة (١) ، وحكاه عن الشيخ ، والأصح إجزاء ما دخل في الثانية مطلقا في غير الإبل.

قوله : ( ويجزئ الجذع من الضأن لسنة ).

إذا أكمل سبعة أشهر ودخل في الثامن ، وقيل : إذا دخل في السادس (٢).

قوله : ( فلا تجزئ العوراء ).

سواء كان عورها بيّنا ـ وهي المنخسفة العين ـ أم لا ، صرح به في المنتهى (٣) فلو كان على عينها بياض ظاهر لم تجزئ.

قوله : ( ولا العرجاء البين عرجها ).

وهي التي لا تسير مع القطيع.

قوله : ( ولا مقطوعة الأذن ).

بخلاف المشقوقة من غير أن يبين منها شي‌ء فإنها تجزئ ، ولو تعذر إلا المعينة فالظاهر الانتقال إلى الصوم.

قوله : ( ولا المهزولة ، وهي التي ليس على كليتيها شحم ).

الكلية بالضم.

قوله : ( إلا أن يكون قد اشتراها على أنها سمينة ).

فإنّ ظهور هزالها لا يقدح في الصحة ، ويجب أن يكون ذلك مقيدا بما إذا‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٩١.

(٢) قاله العلامة في المنتهى ٢ : ٧٤٠ ، والتذكرة ١ : ٣٨١.

(٣) المنتهى : ٢ : ٧٤٠.

٢٤١

ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم تجزئ.

ويستحب أن تكون سمينة ، تنظر في سواد ، وتمشي فيه ، وتبرك فيه ، قد عرّف بها ، اناثا من الإبل والبقر ، وذكرانا من الضأن والمعز ، وقسمته أثلاثا بين الأكل والهدي والصدقة ، والأقوى وجوب الأكل.

______________________________________________________

لم يظهر الحال قبل الذبح ، فإن علم هزاها قبله لم تجزئ.

قوله : ( ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم تجزئ ).

للفرق مع النص خفاء الأول بخلاف الثاني.

قوله : ( ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد ... ).

يمكن أن يكون المراد بنظرها في السواد إلى آخره : الكناية عن سمنها من حيث سعة ظلها ، بحيث تمشي فيه وتنظر فيه لو أنها سمنت ، لأنها نظرت ومشت وبركت في السواد الذي هو العلف الأخضر.

ويمكن أن يراد : سواد هذه المواضع منها ، وهو حقيقة اللفظ ، لكن لمّا كان المقصود نفع الفقراء كان المجاز هنا راجحا.

قوله : ( قد عرّف بها ).

أي : أحضرت عشية عرفة بعرفة ، كذا فسره المصنف في المنتهى (١) والتذكرة (٢) ، ويكفي قول بائعها.

قوله : ( وقسمته أثلاثا بين الأكل والهدي والصدقة ، والأقوى وجوب الأكل ).

الأصح وجوب القسمة ، ووجوب الأكل منه بما يقع عليه اسمه ، والإهداء ، والصدقة. وظاهر عبارة المصنف أنّ الأكل واجب دون الإهداء ، ولا يعلم حال الصدقة من عبارته. لكن قال في التذكرة : إنه على القول بوجوب الأكل لا يضمن بتركه ، بل بتركه الصدقة ، لأنه المطلوب الأصلي من الهدي ، قال :

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٤٢.

(٢) التذكرة ١ : ٣٨٢.

٢٤٢

______________________________________________________

ولو أخلّ بالإهداء ، فإن كان بسبب أكله ضمن ، وإن كان بسبب الصدقة فلا (١).

ومقتضى هذه العبارة أمور :

وجوب كل من الأمور الثلاثة ، على القول بوجوب القسمة فيأثم لو لم يهد ، كما يأثم إذا لم يأكل ، وإن كان لا يضمن مع الصدقة.

ويفهم منه أنه لو لم يتصدق يضمن ، ويفهم منه أنه لا يكفي في الصدقة القليل ، ـ كما صرح به ابن إدريس (٢) ـ ، وأنه يضمن لو صرفه في غيرها.

واعلم أنّ مستحق الصدقة هو الفقير المؤمن ، والقانع هو الذي يقنع بما أعطي ، والمعتر أغنى منه ، وهو الذي يعتريك فلا يسألك ، كذا في الرواية ، وفيها أنّ المساكين هم السؤّال وان لهم ثلثا ، وللقانع والمعتر ثلثا (٣) ، وهو خلاف ما عليه الأصحاب ، وخلاف ظاهر الآية (٤).

( والذي يقتضيه النظر وجوب قسمة الهدي أثلاثا ، ووجوب الأكل من ثلث ، وإن كان الحديث يقتضي أكل الثلث جميعه (٥) ، لعدم قائل بوجوب أكل جميع الثلث ، ولأنّ مطلق العبادة يتأدى بذلك ، ووجوب إهداء ثلاث إلى المعتر ، الذي هو أغنى من القانع ، ووجوب الصدقة بثلث على القانع ، تمسكا بظاهر الاية (٦).

ومتى أخلّ بشي‌ء من ذلك ، فالذي ينبغي أن يقال مع ثبوت الإثم عليه : يضمن سهم الصدقة قطعا. وفي ضمان سهم الإهداء تردد ، ينشأ من أنه لم يأت‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٨٥.

(٢) السرائر : ١٤١.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٢٣ حديث ٧٥٣.

(٤) الحج : ٣٦.

(٥) الكافي ٤ : ٤٨٨ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ حديث ٦٧٢.

(٦) الحج : ٣٦.

٢٤٣

وتكره التضحية بالجاموس ، والثور ، والموجوء.

ويجب في الذبح النية ، ويجوز أن يتولاها عنه الذابح.

ويستحب نحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة ،

______________________________________________________

بالمأمور به على وجهه ، إذ مطلق الصدقة هنا غير مطلوب ، بل صدقة مخصوصة ولم يأت بها ، ومن أن الصدقة على الأحوج أبلغ من الصدقة على غيره إن أعطاه القانع ، وإن أعطاه للمعتر فالإخلال إنما هو لخصوصية نية الإهداء ، ولا يكاد يخرج عن معنى الصدقة ، والنظر ينساق إلى الأول ، وإلاّ لم يأثم. فإن قلنا به ضمن القيمة ، فيهديها إلى المعتر.

وأما ثلث الأكل إذا خالف به فضمانه أبعد. ويمكن أن يقال : يأثم بتركه ، ويتحقق الإجزاء ووجوب شي‌ء آخر خلاف الأصل.

ولا يرد هذا في سهم الإهداء ، لأنّ المستحق لم يصرف إليه وصرفه ممكن ، وقول المصنف في التذكرة باجزائه إن تصدق به (١) غير واضح ، لأنّ هذه الصدقة منهي عنها لوجوب الإهداء ، فكيف تقع مجزية ، فإن النهي في العبادة يدل على الفساد؟ ) (٢)

قوله : ( وتكره التضحية بالجاموس ).

وكذا الجمل.

قوله : ( والموجوء ).

هو مرضوض الخصيتين.

قوله : ( وتجب في الذبح النية ).

مقارنة له ، مستدامة الحكم ، مشتملة على تعيين الحج الذي يذبح فيه والوجه.

قوله : ( قد ربطت بين الخف والركبة ).

أي : ربطت يداها معا كذلك.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٨٥.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في « س ».

٢٤٤

وطعنها من الجانب الأيمن ، والدعاء عند الذبح ، والمباشرة فإن لم يحسن فجعل اليد مع يد الذابح.

ولو ضل الهدي فذبحه غير صاحبه لم يجزء عنه.

وباقي الدماء الواجبة يأتي في أماكنه.

البحث الثالث : في هدي القران والأضحية ، وهما مستحبان ، ولا يخرج هدى القران عن ملك سائقه ، وله إبداله والتصرف فيه وإن أشعره أو‌ قلده ،

______________________________________________________

قوله : ( وطعنها من الجانب الأيمن ).

أي : يقف الذابح من جانبها الأيمن ، ويطعنها في النقرة ، وهي الوهدة.

قوله : ( ولو ضل الهدي ، فذبحه غير صاحبه لم يجزئ عنه ).

الأصح أنه يجزئ إذا ذبحه عن صاحبه ، للرواية الصحيحة (١) ، واختاره في الدروس (٢) وهل يجب تعريفه؟ في رواية : أنه يعرفه ثلاثة أيام ، ثم يذبحه (٣) ، ولم أجد لأحد تصريحا بالوجوب. وصرح في الدروس بالاستحباب (٤) ، ولعله لكون الفعل يدخله النيابة ، فلا يلزم من عدم التعريف فساد.

ويمكن أن يقال : إنّ التعريف فائدته عدم احتياج مالكه الى هدي آخر ، وكيف قلنا : فلو ترك التعريف قبل الذبح صح ، ويتجه أن يعرفه بعد ذلك ، فان لم يجد المالك ينبغي أن يقال : يتصدق به ، ويسقط وجوب الأكل حينئذ ، ولا أعلم بهذا التفصيل تصريحا.

قوله : ( ولا يخرج هدي السياق عن ملك سائقه ، وله إبداله والتصرف فيه وإن أشعره أو قلده ).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣١.

(٢) الدروس : ١٢٨.

(٣) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣١.

(٤) الدروس : ١٢٩.

٢٤٥

لكن متى ساقه فلا بد من نحره.

______________________________________________________

هذا مخالف لعبارة الشيخ (١) وابن إدريس (٢) ، فإنهما حكما بأنّ له ذلك إذا لم يشعره ولم يقلده.

وينبغي أن (٣) يحمل على ما إذا لم يكن الإشعار والتقليد على الوجه المعتبر ، وهو الذي يعقد به الإحرام ، أو يؤكد به إذا عقد بالتلبية ، لأنه إذا أشعره أو قلده كذلك تعين ذبحه أو نحره ، لقول الصادق عليه‌السلام في صحيحة الحلبي : « وإن كان أشعرها نحرها » (٤) وبه صرح في المنتهى (٥) ، ولهذا يجب ذبحه لو ضل فأقام غيره ثم وجده قبل ذبح الأخير. وحينئذ فلا يجوز إبداله ، ولا إتلافه ، ولا التفريط فيه ، كما سيأتي في عبارته.

قوله : ( لكن متى ساقه فلا بد من نحره ).

لا يراد بسياقه أمر زائد على إشعاره أو تقليده فينبغي أن يحمل عليه ، ويكون السياق الأول يراد به مطلق المصاحبة من غير إشعار ولا تقليد ، فان السياق بمجرده لا يوجب ذلك قطعا اتفاقا.

ومقتضى النص وكلام الأصحاب عدم الاحتياج إلى ضميمة مع الإشعار أو التقليد في ذلك.

فعبارة المصنف لا تخلو من تدافع ، لأنّ جواز إبداله يمنع من وجوب نحره متحتما ، ومن ضمانه مع التفريط ، ومن وجوب ذبح الأول إذا ضل فأقام بدله ، ثم وجده.

والتأليف الذي حاوله شيخنا الشهيد في هذه العبارة لم يتم له : لأنّ تدافعها باق ، نعم لا دليل يدل على خروجه عن ملك مالكه.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٧٥.

(٢) السرائر : ١٤١.

(٣) في « س » : أن يقال يحمل.

(٤) التهذيب ٥ : ٢١٩ حديث ٧٣٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٧١ حديث ٩٦٢.

(٥) المنتهى ٢ : ٧٥٠.

٢٤٦

ولا يتعين هدي السياق للصدقة إلاّ بالنذر ، ولو هلك لم يجب بدله.

والمضمون كالكفارات يجب البدل فيه ، ولو عجز هدي السياق ذبح أو نحر مكانه ، وعلّم بما يدل أنه‌ صدقة ،

______________________________________________________

قوله : ( ولا يتعين هدي السياق للصدقة إلاّ بالنذر ).

مقتضى هذه العبارة مع ما قبلها أنّ الواجب هو النحر خاصة ، دون ما سواه ، فإذا نحره فعل به ما يفعل بسائر أمواله.

والحق : أنه يجب فيه ما وجب في هدي التمتع ، وسيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى.

قوله : ( والمضمون كالكفارات يجب البدل فيه ).

أي : وهدي السياق المضمون إلى آخره ، فيعلم منه أنّ هدي السياق لا يشترط أن يكون متبرعا به ، بل لو كان مستحقا صح. فإذا ساق هديا وجب في ذمته بكفارة ، أو نذر ـ لإهداء ما ليس معينا ـ تعين ، فإذا هلك وجب بدله ، لأنّ الذي في الذمة أمر كلي ، وإنما يتحقق الخروج عن عهدته إذا ذبحه على الوجه المعتبر ، فمتى لم يتحقق ذلك عاد إلى الذمة كما كان.

ويمكن أن يكون معنى العبارة : والهدي المضمون كالكفارات إلى آخره ، وكيف كان فالعبارة صالحة لأن يكون هذا الهدي هدي سياق ، وإن كان لا يستفاد منها إلا بارتكاب تكلّف ، وهو إدخاله في أحكام هدي السياق.

ويفهم من العبارة أنّ غير المضمون كالمنذور بعينه ، لا يجب بدله إذا هلك وهو حق ، والأخبار شاهدة بذلك (١).

قوله : ( ولو عجز هدي السياق ذبح أو نحر مكانه ، وعلّم بما يدل على أنه صدقة ).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٢١٥ حديث ٧٢٤ ـ ٧٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٩ حديث ٩٥٥ ، ٩٥٦.

٢٤٧

ويجوز بيعه لو انكسر ، فيستحب الصدقة بثمنه أو شراء بدله.

______________________________________________________

المتجه كون ذلك كله على طريق الوجوب ، لأنّ النحر واجب فلا يسقط ، وتعذر مكان الواجب لا يسقط الوجوب ، ولأنه حق الفقراء ، فيمتنع القول بسقوطه. ويجب الأكل منه (١) إن قلنا بوجوبه من هدي السياق ، وسيأتي. ولو كان منذور الصدقة به لم يجز الأكل منه. وعلى هذا تنزل رواية عمر بن حفص الكلبي ، عن الصادق عليه‌السلام وقد قال له : رجل ساق الهدي ، فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه ، ولا من يعلمه أنه هدي ، قال : « ينحره ، ويكتب كتابا ويضعه عليه ، ليعلم من يمر به انه صدقة » (٢).

وعبارة المصنف هنا تحتمل الوجوب وعدمه ، وفي التحرير عبر بالجواز (٣) ، والذي أذهب إليه الوجوب ، لأنّ طريق التوصل إلى التصدق به انحصر في ذلك ، ولا تجب الإقامة عنده وإن أمكنت.

نعم لو أمكن إيصاله إلى موضع ذبحه بغير مشقة وجب ، وإعلامه بما يدل على حاله ( يكون ) (٤) بالكتابة ـ كما في الرواية ـ (٥) وبغمس النعل في دمه ، وضرب صفحة سنامه به. ويعول على ذلك حينئذ ، فيجوز الأكل منه.

ويلزم منه شيئان : الاكتفاء في التذكية بالقرينة ، والاعتماد في الأكل من مال الغير على الكتابة ونحوها.

قوله : ( ويجوز بيعه لو انكسر ، فيستحب الصدقة بثمنه ، أو شراء بدله ).

هذا الحكم مشكل ، لأنّ هدي السياق صار متعينا نحره ، فيكف يجوز‌

__________________

(١) في « س » : بسقوط الأكل منه.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١٨ حديث ٧٣٦.

(٣) تحرير الأحكام ١ : ١٠٧.

(٤) لم ترد في « ن ».

(٥) التهذيب ٥ : ٢١٨ حديث ٧٣٦.

٢٤٨

______________________________________________________

بيعه؟ ثم إنه لا معنى لتخصيص الحكم بذلك بالكسر ، فإن الأخبار خالية عن الدلالة على أنّ ذلك حكم الكسر وحده ، فإنّ حسنة الحلبي ـ قال : سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ، ويستعين بثمنه في هدي آخر؟ قال : « يبيعه ، ويتصدق بثمنه ، ويهدي هديا آخر » (١) ـ مصرحة بالكسر والعطب كما هو واضح.

وكذا صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدي آخر؟ قال : « لا يبيعه ، وإن باعه تصدق بثمنه ، وليهد هديا آخر » (٢).

والذي يقتضيه صحيح النظر أنّ ذلك حكم الهدي المضمون في الذمة ، إذا عينه في هدي بقوله : هذا الهدي الفلاني ، فإنه يتعين بغير خلاف ، نفل الإجماع عليه في المنتهى (٣) فإذا عرض له كسر ونحوه فإنه يبطل التعيين على الأصح ، ويعود إلى ملكه ، فيقيم بدله وجوبا ، وإن شاء باع هذا أو وهبه ، لأنه ملكه ، وإن شاء ذبحه وتصدق به استحبابا ، نظرا إلى أنه قد عينه. وإن باعه فالأفضل له الصدقة بثمنه ، فالصدقة بثمنه (٤) وذبحه مع الآخر في الروايتين (٥) محمولان على ( الاستحباب ، لما قلناه من بطلان التعيين الخاص لامتناعه.

ولا يمكن حمل الروايتين على ) (٦) هدي السياق ، للقطع بعدم وجوب إقامة البدل ، وبطلان القول بجواز بيعه لتعيين نحره بإشعاره ، ومنافاة ذلك للرواية السابقة بالذبح (٧). فيحملان على الهدي المضمون جمعا بين الأخبار والدلائل ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٤ حديث ٤ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣٠.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٩٨ حديث ١٤٨٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣١.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٤٩.

(٤) لم ترد في « ن ».

(٥) الكافي ٤ : ٤٩٤ ، حديث ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٩٨ حديث ١٤٨٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣٠ ، ٧٣١.

(٦) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».

(٧) التهذيب ٥ : ٢١٨ حديث ٧٣٦.

٢٤٩

ولو سرق من غير تفريط لم يضمن وإن كان معينا بالنذر ، ولو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه.

______________________________________________________

وتقليلا لارتكاب المجاز بحسب الإمكان.

وهذا هو الذي يلوح من عبارة المصنف في المنتهى (١) والتذكرة (٢) ولم أجد هذا في كلام أحد من الأصحاب ، بل الجميع يجوزون البيع من غير تقييد.

نعم عبارة المصنف في الكتابين ترشد إلى ذلك ، فعلى هذا قول المصنف : ( ويجوز بيعه ) لا يمكن أجزاؤه في هدي السياق فلا بد من التنبيه ، لكون ذلك حكم الهدي المضمون ، لا هدي السياق.

قوله : ( ولو سرق من غير تفريط لم يضمن ، وإن كان معينا بالنذر ).

جملة إن الوصلية معطوفة على جملة محذوفة تقديرها : إن لم يكن معينا بالنذر ، وإن كان معينا بالنذر. ويندرج في الأولى المضمون المعين بالقول ، فإنه ليس معينا بالنذر ، مع أنه يجب إقامة بدله قطعا ، وفي عدة من الأخبار دلالة عليه (٣) ، وهذا من مدلول العبارة بمنطوقها ، لأنّ المحذوف لدليل كالمذكور.

وزعم شيخنا الشهيد أنّ هذا مستفاد بمفهوم الموافقة ، وليس كذلك. ويفهم من القيد في قوله : ( وإن كان معينا بالنذر ) أنّ المعين بغيره يجب بدله ، وليس كذلك ، لأنّ المعين بالقول مع النية يتعين ، ولا يجب إقامة بدله ، وكذا المعين بالإشعار ، فالعبارة غير جيدة.

قوله : ( ولو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه ).

الظاهر أنّ المراد به : هدي السياق بدليل سوق العبارة. فلا يرد أنّ ذلك ليس على إطلاقه ، بل تستثنى منه الكفارة والنذر المطلق ، إلا أنّ العناية بالتنبيه على‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٥٠.

(٢) التذكرة ١ : ٣٨٤.

(٣) منها ما في الكافي ٤ : ٤٩٣ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ حديث ٧٣٣.

٢٥٠

ولو أقام بدله ، ثم وجده ذبحه ، ولا يجب ذبح الأخير ، ولو ذبح الأخير استحب ذبح الأول ، ويجب مع النذر ، ويجوز ركوبه وشرب لبنه مع عدم الضرر به وبولده.

______________________________________________________

حكمهما أمر مطلوب ، لأنه ربما أو هم التعميم ، وجميع ما سبق في هدي التمتع إذا فعل آت هنا.

قوله : ( ولو أقام بدله ، ثم وجده ذبحه ، ولا يجب ذبح الأخير ، ولو ذبح الأخير استحب ذبح الأول ).

قد سبق أنه لا يجب إقامة بدله ، وحينئذ فلا يكون الذبح واجبا ، فكيف يجزئ عن الواجب المعين ، أعني : ذبح الأول؟

وينبغي أن يكون هذا الحكم للهدي المضمون إذا عينه ، أما هدي السياق فإنه يتعين ذبحه ، سواء ذبح الثاني أم لا ، ولو نذر ذبح الثاني عنه فذبحه ، فالظاهر أنه لا يسقط وجوب ذبح الأول عند وجدانه.

قوله : ( ويجب مع النذر ).

أي : ويجب ذبح الأول مع كون ذبحه منذورا ، وإن ذبح الثاني ، وكذا ينبغي أن يقال في هدي السياق.

قوله : ( ويجوز ركوبه وشرب لبنه ).

أي : هدي السياق ، لأنه لم يخرج عن ملكه كما قلناه ، بخلاف ما لو خرج بنذر وشبهه ـ كما صرح به ابن الجنيد (١) ، والمصنف في المختلف (٢) ـ فيغرم لمساكين الحرم لو فعل.

قوله : ( ما لم يضرّ به وبولده ).

يعلم منه أنّ حال ولده كحاله في وجوب الذبح ، وهو الأصح.

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ٣٠٧.

(٢) المختلف : ٣٠٧.

٢٥١

ولا يجوز إعطاء الجزار من الواجب شيئا ، ولا من جلودها ، ولا الأكل ، فإن أكل ضمن ثمن المأكول.

ويستحب أن يأكل من هدي السياق ، ويهدي ثلثه ، ويتصدق بثلثه كالمتمتع ، وكذا الأضحية.

ويجزئ الهدي الواجب عن الأضحية ، والجمع أفضل ، فإن تعذرت تصدق بثمنها ، فان اختلفت تصدق بثلث الأعلى والأوسط والأدون.

______________________________________________________

قوله : ( ولا يجوز إعطاء الجزار من الواجب شيئا ).

أي : من الواجب في نذر ، أو كفارة ونحوهما.

قوله : ( فإن أكل ضمن ثمن المأكول ).

هذا هو المناسب ، وفي عبارة التحرير ضمن مثل المأكول (١) ، وهو غير ظاهر.

قوله : ( ويستحب أن يأكل من هدي السياق ... ).

الأصح الوجوب كهدي التمتع ، للرواية (٢) ، وهو مقرب الدروس (٣) واختيار أبي الصلاح (٤).

قوله : ( ويجزئ الهدي الواجب عن الأضحية ).

لأنّ التضحية تتحقق بالذبح ، وإن كان واجبا.

قوله : ( فان اختلف تصدق بثمنه الأعلى والأوسط والأدون ).

أي : إن اختلف الثمن ، وقد كان الاشمل أن يقول : تصدق بثمن نسبته إلى المجموع نسبة الواحد إلى عدد الأثمان.

__________________

(١) تحرير الأحكام ١ : ١٠٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤٨٨ ، حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ حديث ٦٧٢.

(٣) الدروس : ١٢٩.

(٤) الكافي في الفقه : ٢٠٠.

٢٥٢

ويكره التضحية بما يربيه ، وأخذ شي‌ء من جلودها وإعطاؤها الجزار ، بل يستحب الصدقة بها.

البحث الرابع : في مكان إراقة الدماء وزمانها.

أما دم التحلل فإن كان عن صد فمكانه موضعه ، وزمانه من حين الصد الى ضيق الوقت ، فيتعين التحلل بالعمرة ، فإن منع عنها تحلل بالهدي ، فإن عجز صام. وإن كان عن حصر فمكانه منى إن كان حاجا ، ومكة إن كان معتمرا وزمانه يوم النحر وأيام التشريق.

ومكان الكفارات جمع منى إن كان حاجا ، والاّ مكة. وزمانها‌

______________________________________________________

قوله : ( وتكره التضحية بما يربيه ).

للنص على ذلك (١) ، بل يشتري ويضحي.

قوله : ( وإعطاؤها الجرار ).

يكره إعطاؤه من الجلود واللحم ، والمراد : إعطاؤه أجرة ، فلو كان فقيرا فلا شبهة في الجواز ، لفقره.

قوله : ( وزمانه من حين الصد إلى ضيق الوقت ).

المراد : ضيق وقت الحج ، بحيث يعلم فواته باعتبار عدم سعة الوقت له ، فحينئذ يتعين العمرة ، فإن تعذرت تحلل بالهدي.

قوله : ( فان عجز صام ).

المروي : ثمانية عشر (٢) ، وقيل عشرة كهدي التمتع (٣) ، وهو بناء على أنّ لهدي الصد بدلا ، وقيل : لا بدل له (٤) ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

قوله : ( ومكان الكفارات جمع ).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٤ حديث ٢٠ ، التهذيب ٥ : ٤٥٢ حديث ١٥٧٨.

(٢) الكافي ٤ : ٣٨٥ حديث ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٣٢ حديث ١١١١ ، التهذيب ٥ : ٢٣٧ حديث ٨٠٠.

(٣) قاله ابن حمزة في الوسيلة : ١٨٦.

(٤) القول لابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٢١.

٢٥٣

وقت حصول سببها ، ومكان هدي التمتع منى.

ويجب إخراج ما يذبح بمنى الى مصرفه بها ، وزمانه يوم النحر قبل الحلق ، ولو أخره أثم وأجزأ ، وكذا يجزئ لو ذبحه في بقية ذي الحجة.

ومكان هدي السياق منى إن كان الإحرام للحج ، وإن كان للعمرة ففناء الكعبة بالحزورة. وزمانه كهدي التمتع.

ومن نذر نحر بدنة وعيّن مكانا تعيّن ، وإلاّ نحرها بمكة ، ولا يتعين للأضحية مكان ، وزمانها بمنى أربعة : يوم النحر ، وثلاثة بعده ، وفي الأمصار ثلاثة.

ويجوز ادخار لحمها ، ويكره أن يخرج به من منى ، ويجوز إخراج ما ضحاه غيره.

______________________________________________________

بضم الجيم وفتح الميم ، تأكيد للكفارات.

قوله : ( ويجب إخراج ما يذبح بمنى إلى مصرفه بها ).

أي : يجب صرفه إلى ذلك.

قوله : ( فبفناء الكعبة بالحزورة ).

هي بفتح الحاء المهملة ، وإسكان الزاي وتخفيف الواو المفتوحة ، والراء بعدها ، وفناء الدار بكسر الفاء : ما امتد من جوانبها.

قوله : ( ويجوز إخراج ما ضحاه غيره ).

وكذا يجوز إخراج السنام ، ولو اشترى اللحم من المسكين جاز أيضا ، ذكره في الدروس (١). ويشكل لو كان لحم أضحيته ، لإطلاق الأخبار بكراهة إخراجه عن منى (٢).

__________________

(١) الدروس : ١٣١.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٢٦ حديث ٧٦٥ ، ٧٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٤ باب ١٨٩.

٢٥٤

المطلب الثالث : في الحلق والتقصير ، ويجب بعد الذبح.

أما الحلق أو التقصير بمنى ، والحلق أفضل خصوصا للملبّد والصرورة ، ولا يتعين عليهما على رأي.

ويجب على المرأة التقصير ، ويحرم الحلق وفي إجزائه نظر.

ويجزئ في التقصير قدر الأنملة.

______________________________________________________

قوله : ( والحلق أفضل ).

أي : أفضل الواجبين المخير فيهما.

قوله : ( خصوصا للملبد والصرورة ).

الملبد بكسر الباء الموحدة مشددة ، قال في التذكرة : وتلبيد الشعر : أن يأخذ عسلا أو صمغا ، ويجعله في رأسه لئلا يقمل أو يتسخ (١).

قوله : ( ولا يتعين عليهما على رأي ).

الأصح أنه لا يتعين عليهما ، لظاهر الآية (٢).

قوله : ( ويجب على المرأة التقصير ـ إلى قوله : ـ وفي إجزائه نظر ).

الأصح أنه لا يجزئ ، للنهي عنه تبعا للنهي عن الجملة المقصودة دون الأبعاض.

قوله : ( ويجزئ في التقصير قدر الأنملة ).

بل أقل المجزئ أقل ما يقع عليه اسم التقصير عرفا ، لإطلاق الأخبار (٣) ، وبه صرح في المنتهى (٤).

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٩٠.

(٢) الفتح : ٢٧.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٩ حديث ٤ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ حديث ١١٣٦ ، ١١٣٨ ، التهذيب ٥ : ١٦٢ حديث ٥٤٢ ، ٥٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٤ حديث ٨٥١ ، ٨٥٢.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٦٣.

٢٥٥

ولو رحل عن منى قبل الحلق رجع فحلق بها ، فان تعذر حلق ، أو قصر مكانه وجوبا وبعث بشعره ليدفن بها ندبا ، ولو تعذر لم يكن عليه شي‌ء.

ويمر من لا شعر على رأسه الموسى عليه.

ويجب تقديم الحلق أو التقصير على طواف الحج وسعيه ، فإن أخره عامدا جبره بشاة ، ولا شي‌ء على الناسي ويعيد الطواف.

______________________________________________________

قوله : ( ولو تعذر لم يكن عليه شي‌ء ).

أي : لو تعذر البعث.

قوله : ( ويمر من لا شعر على رأسه الموسى عليه ).

سواء كان حالقا في إحرام العمرة أو كان أصلعا كما سبق ، لكن يجب الإمرار في الأول ، ويستحب في الثاني ، للرواية (١).

وهل يجزئ عن التقصير؟ فيه قولان ، وفي رواية ما يدل على الاجزاء (٢) ، ولا ريب أنّ وجوب التقصير أولى ، والاستدلال بالرواية لا يخلو من شي‌ء.

ولا يمتنع وجوب الأمرين على الحالق في إحرام العمرة ، نظرا إلى إمكان كون وجوب الحلق عقوبة.

قوله : ( ويعيد الطواف ).

الأصح أنه لا فرق في وجوب إعادة الطواف بين العامد والناسي.

وهل يعيد السعي؟ يفهم من العبارة العدم ، وصرح المصنف في التذكرة (٣) ، والمنتهى بإعادته (٤) ، وهو الأصح ، ( لظاهر رواية علي بن يقطين (٥) ،

__________________

(١) لم نعثر على هكذا رواية ، وقال في المسالك ١ : ٩٣ : إن لهذا التفصيل رواية ، وفي الجواهر ١٩ : ٢٤٥ ، والمدارك : ٤٨٦ : ان ما ذكره في المسالك من وجود رواية لهذا التفصيل لم نقف عليه ، وفي المستند ٢ : ٢٧٠ : ان القول بالتفصيل لا دليل عليه.

(٢) الكافي ٤ : ٥٠٤ حديث ١٣ ، التهذيب ٥ : ٢٤٤ حديث ٨٢٨.

(٣) التذكرة ١ : ٣٩٠.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٦٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٤١ حديث ٨١١.

٢٥٦

ويستحب أن يبدأ في الحلق بناصيته من قرنه الأيمن ، ويحلق الى العظمين ويدعو ، فإذا حلق أو قصر أحل من كل شي‌ء إلاّ الطيب والنساء والصيد على اشكال ،

______________________________________________________

وللأخبار الدالة على عدم الاعتداد بالسعي لو لم يكن طاف (١) ) (٢).

قوله : ( ويستحب أن يبدأ في الحلق بناصيته من قرنه الأيمن ).

المراد : انه يبدأ بشق ناصيته الأيمن ، ويحلق قرنه الأيمن.

قوله : ( ويحلق إلى العظمين ).

المراد بهما : العظمان اللذان في أسفل الصدغ ، يحاذيان وتدي الأذنين ، وهما الهيئتان اللتان في مقدمهما. ولا يخفى أنه تجب في الحلق أو التقصير النية مقارنة لأوله مستدامة الحكم ، ولا بد من التعرض لكونه في حج الإسلام أو غيره ، والوجه من وجوب أو ندب.

ولو قدم الطواف والسعي على الذبح ، ففي الدروس : إنّ الكلام فيه كالكلام في الحلق ، قال : وكذا لو قدم الطواف على الرمي ، أو على جميع مناسك منى ، يجزئ مع الجهل ، وفي التعمد والنسيان الاشكال (٣).

قوله : ( إلا الطيب والنساء والصيد على إشكال ).

الإشكال في الصيد خاصة ، والمراد به : الصيد الذي حرمه الإحرام دون الذي حرمه الحرم ، فانّ ذلك يبقى وإن طاف للنساء.

ومنشأ الإشكال من زوال الإحرام المقتضي للتحريم ، ومن أنّ بقاء شي‌ء من محرماته يقتضي بقاء التحريم ، وللاستصحاب ، والأصح تحريمه إلى أن يطوف للنساء.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢١ حديث ١ ، ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٢ حديث ١٢١٧ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ حديث ٤٢٦ ـ ٤٢٨.

(٢) ما بين القوسين لم ترد في « ن ».

(٣) الدروس : ١٣٣.

٢٥٧

وهو التحلل الأول للمتمتع.

أما غيره فيحل له الطيب أيضا ، فإذا طاف للحج حل له الطيب وهو التحلل الثاني ، فإذا طاف للنساء حللن وهو التحلل الثالث ، ولا تحل النساء إلاّ به.

ويحرم على المرأة الرجل لو تركته على اشكال ( ط ) ولو وجب عليها قضاؤه.

______________________________________________________

قوله : ( وهو التحلل الأول للمتمتع ، أما غيره فيحل له الطيب أيضا ).

المراد بغيره : القارن والمفرد ، وإنما يحل لهما الطيب إذا قدما طواف الحج وسعيه على الوقوفين ، فإنه يجوز لهما ذلك اختيارا على الأصح.

وعبارة المصنف مطلقة ، وظاهرها الجواز مطلقا ، وكذا عبارات أكثر الأصحاب وهو مشكل ، لأنّ روايات تحريم الطيب حتى يطوف ويسعى مطلقة (١).

وطريق الجمع : الحمل على تقديمهما ، وبه صرح في الدروس (٢) والظاهر أنّ المتمتع لو قدمهما لضرورة كذلك.

قوله : ( فإذا طاف للحج حل له الطيب ).

الأصح أنه لا بد في حله من الإتيان بالسعي أيضا ، لرواية منصور بن حازم (٣).

قوله : ( فإذا طاف للنساء حللن له ).

وحينئذ فيحل الصيد الإحرامي.

قوله : ( ويحرم على المرأة الرجل لو تركته على إشكال ).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢٤ حديث ١٠٥١ ، التهذيب ٥ : ٢٩٨ حديث ١٠٠٩.

(٢) الدروس : ١٣٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٤٥ حديث ٨٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٧ حديث ١٠١٨.

٢٥٨

ولو تركه الحاج متعمدا وجب عليه الرجوع الى مكة والإتيان به لتحل له النساء ، فان تعذر استناب ، فإذا طاف له النائب حل له النساء.

وهل يشترط مغايرته لما يأتي به من طواف النساء في إحرام آخر؟

اشكال.

ويحرم على الميز النساء بعد بلوغه لو تركه على اشكال ، ويحرم على العبد المأذون ،

______________________________________________________

منشؤه عدم النص ، وأنّ الظاهر اشتراك التحريم ، والأصح الثاني ، إذ لا معنى لوجوب طواف النساء عليها لو لا ذلك.

قوله : ( فان تعذر استناب ).

أي : لزم منه المشقة الشديدة.

قوله : ( فإذا طاف النائب حل له النساء ).

إذا علم بذلك ، ـ كما صرح به ابن إدريس (١) ـ لا مطلقا ، وفي الدروس : لو وعده في وقت بعينه فالأقرب حلهن بحضوره عملا بالظاهر ، فلو تبين عدمه اجتنب (٢) ، والذي ينبغي عدم الجواز حتى يعلم إتيان النائب.

قوله : ( وهل يشترط مغايرته لما يأتي به من طواف النساء ... ).

الأصح أنه يشترط ذلك ، ولا تحل النساء بدونهما معا ، ويتخير في تقديم أيهما شاء ، لكن يشكل إنشاء إحرام آخر قبل طواف النساء للأول.

قوله : ( وتحرم على المميز النساء بعد بلوغه لو تركه على إشكال ).

لأنه من باب الأسباب ، ولهذا يجب على الولي منعه منهن حال الإحرام. وتجب عليه الكفارة لو فعل موجبها ، إما مطلقا أو إذا كانت بحيث تجب بالمحرم عمدا وسهوا ، والأصح التحريم.

__________________

(١) السرائر : ١٤٢.

(٢) الدروس : ١٣٤.

٢٥٩

وإنما يحرم بتركه الوطء دون العقد.

ويكره لبس المخيط قبل طواف الزيارة ، والطيب قبل طواف النساء ، فإذا قضى مناسك منى مضى إلى مكة للطوافين والسعي ليومه ، والاّ فمن غده خصوصا المتمتع ، فإن أخره أثم وأجزأ.

ويجوز للقارن والمفرد تأخير ذلك طول ذي الحجة على كراهية.

______________________________________________________

( ومقتضى العبارة أنه لو لم يتركه لم تحرم عليه النساء وهو ممكن ، ويمكن القول بالتحريم ، كما لو أحدث فتطهّر ، ثم بلغ.

والتقييد بالمميز يخرج غير المميز ، وانعقاد إحرامه ووجوب مجانبته على الولي ما يجتنبه المحرم يقتضي عدم الفرق ، بل المجنون لو أحرم عنه وليه ينبغي أن يكون كذلك للحكم بصحة إحرامه ، ولهذا لو أفاق قبل أحد الموقفين اعتبر حجه واجتزأ به.

وفي وجوب الطواف على المميز وغيره قوة ، وبه صرح في الدروس (١) ، بل وكذا المجنون ) (٢).

قوله : ( وإنما تحرم بتركه الوطء دون العقد ).

الظاهر أنّ هذا راجع إلى أصل الباب ، أي : إنما نحرم على تارك طواف النساء ، والأصح تحريم العقد أيضا ، وكلما حرّمه الإحرام مما يتعلق بالنساء عملا بالاستصحاب.

قوله : ( خصوصا المتمتع ، فإن أخره أثم وأجزأ ).

الأصح أنّ التأخير مكروه ـ وهو اختياره في المختلف (٣) ـ للنصوص الدالة على ذلك (٤).

__________________

(١) الدروس : ١٣٤.

(٢) ما بين القوسين لم ترد في « ن ».

(٣) المختلف : ٣٠٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٥٠ حديث ٨٤٥ ، ٨٤٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٩١ حديث ١٠٣٣.

٢٦٠