جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

سقيت سيحا أو بعلا أو عذيا ، ونصف العشر إن سقيت بالغرب والدوالي والنواضح ، فان اجتمعا حكم للأكثر ، ويسقط مع التساوي ، ثم كلما زادت وجب بالحساب.

وتتعلق الزكاة عند بدو صلاحها ، والإخراج واعتبار النصاب عند الجفاف حالة كونها تمرا أو زبيبا ، وفي الغلة بعد التصفية من التبن والقشر.

وإنما تجب الزكاة بعد المؤمن جمع كالبذر ، وثمن الثمرة وغيره ، لا ثمن أصل النخل ،

______________________________________________________

قوله : ( أو بعلا أو عذيا ).

البعل : ما يشرب بعروقه ، والعذي بكسر العين : ماء المطر ، وقيل : بالعكس.

قوله : ( بالغرب ).

الغرب ـ بفتح الغين ـ : الدّلو الكبير ، ( والدّوالي ) جمع دالية : وهي دولاب معروف ، ( والنواضح ) جمع ناضح : وهو البعير الّذي يستقى عليه.

قوله : ( وتتعلق الزّكاة عند بدو صلاحها ، والإخراج واعتبار النصاب عند الجفاف ).

هذا الحكم كالمتدافع ، نظرا الى الدّليل.

قوله : ( تجب الزّكاة بعد المؤن أجمع كالبذر ) (١).

المراد بها : المؤن المتكرّرة في كل سنة. وإنّما استثنى البذر إذا كان مزكى ، أو مما لا يجب الزّكاة فيه.

__________________

(١) « المراد بها المؤمن السابقة على بدو الصلاح بشرط بقاء النصاب بعد استثنائها ، لأن الشرط وجود النصاب وهو ما يتعلق به الزكاة والمتأخرة لا يحل إسنادا لسقوط الزكاة على الباقي كما لو تلف البعض » ، وردت هذه العبارة في متن الكتاب من النسخة « ه‍ ». وفي الهامش عبارة : ربما كان الكلام الطويل مكتوبا على الحاشية وأدخل في المتن.

٢١

وبعد حصة السلطان.

ولا تتكرر الزكاة فيها بعد الإخراج وإن بقيت أحولا.

ولا يجزئ أخذ الرطب عن التمر ، ولا العنب عن الزبيب ، ولو أخذه الساعي رجع بما نقص عند الجفاف.

فروع :

أ : تضم الزروع المتباعدة ـ والثمار المتفرقة ـ في الحكم ، سواء اتفقت في الإيناع أو اختلفت. وما يطلع مرتين في الحول يضم السابق الى اللاحق.

ب : الحنطة والشعير جنسان هنا لا يضم أحدهما إلى الأخر.

ج : العلس حنطة ، حبتان منه في كمام واحد على رأي ،

______________________________________________________

قوله : ( وبعد حصّة السّلطان ).

المراد به : خراج الأرض ، أو قسمتها ولو كان السّلطان جائرا ، لأنّ ذلك يتعلق بالأرض.

قوله : ( سواء اتفقت في الإيناع ).

بالنضج.

قوله : ( وما يطلع مرّتين ).

هو بضمّ أوله ، من أطلع النخل ، وهذا هو الأصح خلافا للشّيخ (١).

قوله : ( جنسان ).

هنا بخلاف الرّبا.

قوله : ( العلس حنطة ).

هذا هو الأصحّ لتصريح أهل اللّغة به (٢).

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢١٥.

(٢) انظر الصحاح ( علس ) ٣ : ٩٥٢.

٢٢

والسلت يضم الى الشعير لصورته ، ويحتمل إلى الحنطة لاتفاقهما طبعا ، وعدم الانضمام.

د : لا يسقط العشر بالخراج في الخراجية.

هـ : لو أشكل الأغلب في السقي فكالاستواء ، وهل الاعتبار في الأغلبية بالأكثر عددا ، أو نفعا ونموا؟ الأقرب الثاني.

و : مع اتحاد الجنس تؤخذ منه ، ومع الاختلاف إن ماكس قسّط.

ز : يجوز للساعي الخرص ، فيضمن المالك حصة الفقراء والساعي حصة المالك ، أو يجعل حصة الفقراء أمانة في يد المالك فليس له الأكل حينئذ.

ومع التضمين لو تلف من الثمرة شي‌ء بغير تفريط ، أو أخذه ظالم‌

______________________________________________________

قوله : ( والسّلت يضم الى الشعير ).

هذا أصحّ لتصريح أهل اللغة بأنّه نوع من الشّعير (١) ، والاحتمالان الآخران ضعيفان.

قوله : ( لو أشكل الأغلب في السّقي فكالاستواء ).

لأنّ الأصل عدم الزّيادة ، مع العلم بأصل الاشتراك.

قوله : ( نفعا أو نموّا ، الأقرب الثّاني ).

هذا أقرب ، لكن لو كان حفظه أكثر من نموه ، كما إذا قارب الزّرع البلوغ ، وخيف عليه اليبس لو لا السقي فمشكل.

قوله : ( يجوز للساعي الخرص ).

ولو لم يكن ساع جاز للمالك أن يخرج عدلا يخرصه ، ولو خرص بنفسه جاز ، كما صرح به في التذكرة (٢) ، لكن يراعى الاحتياط.

__________________

(١) انظر الصحاح ( سلت ) ١ : ٢٥٣.

(٢) التذكرة ١ : ٢٢١.

٢٣

سقط الضمان عن المتعهد.

ويجوز تجفيف الثمرة بعد الخرص مع الحاجة فيسقط بحسابه ، ويجوز القسمة على رؤوس النخل والبيع ، ولو ادعى المالك النقص المحتمل قبل دون غيره.

ويقبل قوله لو ادعى الجائحة ، أو غلط الخارص ، أو التلف من غير سبب لا كذب الخارص عمدا.

ح : الرطب الذي لا يصير تمرا تجب الزكاة فيه ، ويعتبر بالخرص ـ على تقدير الجفاف ـ إن بلغ النصاب وجبت ، وتخرج منه عند بلوغه رطبا ، وكذا العنب.

ط : يكفي الخارص الواحد.

ي : لو باع الثمرة بعد الخرص والضمان صح البيع ، ولو كان قبله بطل في حصة الفقراء ما لم يضمن القيمة.

خاتمة : الزكاة تجب في العين لا الذمة ، فإن فرّط ضمن ، والتأخير مع إمكان التفريق أو الدفع إلى الساعي أو الإمام تفريط.

ولو أهمل المالك الإخراج من النصاب الواحد حتى تكرر الحول فزكاة واحدة.

ولو كان أكثر من نصاب جبر ناقص الأول بالزيادة ، فلو حال على تسع حولان فشاتان ، وهكذا الى أن تنقص عن النصاب فلا يجب‌

______________________________________________________

قوله : ( ويقبل قوله لو ادعى الجائحة ).

هي ما يجتاح الزّرع والثمر ويهلكه ، وكما يجوز الخرص في الثمرة يجوز في غيرها.

قوله : ( يكفي الخارص الواحد ).

بشرط العدالة والمعرفة.

٢٤

شي‌ء.

ويصدّق المالك في عدم الحول ، وفي الإخراج عن غير بينة ولا يمين ، ويحكم عليه لو شهد عليه عدلان.

المقصد الثالث : فيما تستحب فيه الزكاة ، وفيه مطلبان :

الأول : مال التجارة على رأي ، وهو المملوك بعقد معاوضة للاكتساب عند التملك ، فلا يستحب في الميراث ، ولا الهبة ، ولا ما يقصد به القنية ابتداء أو انتهاء ، ولا ما يرجع بالعيب ، ولا عوض الخلع ، ولا النكاح ، ولا ما قصد به الاكتساب بعد التملك.

ولو اشترى عرضا للقنية بمثله ، ثم رد ما اشتراه بعيب ، أو رد عليه ما باعه به فأخذه على قصد التجارة لم ينعقد لها.

ولو اشترى عرضا للتجارة بعرض قنية فرد عليه بالعيب انقطع حول التجارة.

ولو كان عنده عرض للتجارة فباعه بآخر للقنية ، ثم رد عليه لم يكن مال تجارة لانقطاع التجارة بقصد القنية.

ولا بد من استمرار نصاب أحد النقدين طول الحول ، فلو نقص في الأثناء ولو حبة فلا زكاة ، ومن عدم الخسران فلو طلب بنقص من‌

______________________________________________________

قوله : ( ويحكم عليه لو شهد عدلان ).

في ثبوت الحول ، وفي شاة معيّنة ، وفي نفي محصور ، لا في النّفي المطلق.

قوله : ( ثم ردّ ما اشتراه بعيب ... ).

هذا بخلاف ما إذا كان المدفوع والمأخوذ كلاهما للتجارة.

قوله : ( ولا بدّ من استمرار نصاب أحد النّقدين طول الحول ).

هذا إذا كان الشراء بنقد مخصوص فيعتبر به لا بغيره ، ولو كان بعروض كفى أحدهما.

٢٥

رأس المال ولو حبة سقطت ، إلاّ أن يمضي أحوال كذلك فتستحب زكاة سنة.

ولو طلب في أثناء الحول بزيادة فحول الأصل من حين الانتقال ، والزيادة من حين ظهورها.

ولو اشترى بنصاب زكاة في أثناء الحول متاعا للتجارة استأنف حولها من حين الشراء على رأي ، ولو كان أقل من نصاب استأنف إذا بلغه ، والزكاة تتعلق بقيمة المتاع لا بعينه ويقوّم بالنقدين.

ويستحب لو بلغه بأحدهما دون الآخر ، والمخرج ربع عشر القيمة ، وإن شاء أخرج من العين.

______________________________________________________

قوله : ( ولو اشترى بنصاب زكاة في أثناء الحول متاع التجارة‌ استأنف حولها ... ).

هذا هو الأصحّ خلافا للشّيخ (١).

قوله : ( والزّكاة تتعلق بقيمة ).

هذا هو الأصحّ ، وقيل : يعتبر من العين ، فيتفاوت لو زادت قيمة العين بعد الحول ، أو في آخره (٢).

قوله : ( ويقوّم بالنقدين ).

هذا إذا اشترى بعروض ، وإلاّ تعيّن التقويم بالنقد الّذي وقع الشراء به.

قوله : ( ويستحبّ لو بلغه بأحدهما دون الآخر ).

هذا إذا كان رأس المال عروضا ، أو بلغ بالذي اشترى به.

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٨٧ مسألة ٦٣ كتاب الزكاة.

(٢) قاله السيد المرتضى في الانتصار : ٧٩.

٢٦

فروع :

أ : لو ملك أربعين شاة للتجارة فحال الحول وجبت المالية وسقطت الأخرى. ولو عاوض أربعين سائمة بمثلها للتجارة استأنف حول المالية على رأي.

ب : لو ظهر في المضاربة الربح ضممنا حصة المالك منه الى الأصل ونخرج منه الزكاة ، ومن حصة العامل إن بلغت نصابا وإن لم ينض المال على رأي ، لأن الاستحقاق أخرجه عن الوقاية. والأقرب عدم المنافاة بين الاستحقاق والوقاية ،

______________________________________________________

قوله : ( ولو عاوض أربعين سائمة ... ).

هذا هو المعتمد ، سواء كانت الأولى للتجارة أم لا ، لأنّ النصاب إذا تبدل لم يتعلق به الزكاة ، لعدم صدق حولان الحول عليه بخلاف حول التجارة ، إذا كانت الأولى للتجارة.

قوله : ( لو ظهر في المضاربة الربح ـ إلى قوله ـ ومن حصة العامل إن بلغت نصابا وإن لم ينض المال على رأي ... ).

المتجه عدم الوجوب.

قوله : ( والأقرب عدم المنافاة ).

هذا مشكل ، لأنّ الاستحقاق إذا أخرجه عن الوقاية كان ذلك فرع التنافي ، وثبوت التالف في ذمة العامل لا يخرجه عن المنافاة بينهما ، وإلاّ لاجتمعا في المال إذ كلّ متنافيين لا يمتنع فيهما الوجود في محلين.

وعلى تقدير المنافاة الذي هو مقابل الأقرب ، يحتمل سقوط الزكاة ، فيحتمل ثبوت الضّمان في ذمّة العامل ، فلا يستقيم ما ذكره : وكأنّه حاول الجمع بين ثبوت الزّكاة وعدم سقوط حق المالك من استحقاق عوض ما يتلف ، فلم تساعده العبارة بحلها.

٢٧

فيضمن العامل الزكاة لو تم بها المال.

ج : الدين لا يمنع الزكاتين وإن فقد غيره.

د : عبد التجارة يخرج عنه الفطرة وزكاة التجارة. ولو اشترى معلوفة للتجارة ثم أسامها فالأقرب استحباب زكاة التجارة في السنة الأولى.

هـ : في كون نتاج مال التجارة منها نظر ، فعلى تقديره لو اشترى نخلا للتجارة فأثمر فالعشر المخرج لا يمنع من انعقاد حول التجارة على الثمرة ، ولا على الأصل.

ولو اشترى أرضا للتجارة ، وزرعها ببذر القنية وجبت المالية في الزرع ، ولم يسقط استحباب التجارة عن الأرض.

______________________________________________________

قوله : ( فيضمن ... ).

المتجه والمعتمد عدم الوجوب ، لأنّ الملك غير حقيقي ، وإلاّ لملك ربح الرّبح ، ولعدم إمكان التصرّف قبل القسمة.

قوله : ( الدّين لا يمنع الزكاتين وإن فقد غيره ).

أي : غير ما يقضى به الدّين ، وإن كان خلاف المتبادر من العبارة.

قوله : ( عبد التجارة يخرج عنه الفطرة وزكاة التجارة ).

لعدم التنافي ، إذ ليس زكاة الفطرة من العبد ، حتّى يلزم الثني في الزّكاة.

قوله : ( فالأقرب استحباب زكاة التّجارة في السّنة الأولى ).

يشكل حينئذ بلزوم الثني ، فالمتجه كون استحباب زكاة التجارة مراعى بعدم اجتماع شرائط المالية إلى آخر الحول ، فيستحب ، والا فلا.

قوله : ( في كون نتاج مال التجارة منها نظر ).

الظاهر أنّه ليس منها بخلاف الربح ، لأنّه في مقابل بعض العين ، إذ هو بعض القيمة.

٢٨

المطلب الثاني : في باقي الأنواع :

الأول : كل ما عدا ما ذكرنا من الغلات تستحب فيه الزكاة كالعدس ، والماش ، والأرز ، وغيرها مما تنبته الأرض من مكيل أو موزون.

وحكمه في قدر النصاب ، واعتبار السقي ، وقدر المخرج ، وإسقاط المؤن حكم الواجب ، ولا زكاة في الخضراوات ، وفي ضمّ ما زرع مرتين في السنة كالذرة بعضه مع بعض نظر.

الثاني : الخيل تستحب فيها الزكاة بشرط الأنوثة ، والسوم ، والحول. ففي كل فرس عتيق ديناران في كل حول ، وعن البرذون دينار.

الثالث : العقار المتخذ للنماء يستحب الزكاة في حاصله ، فان بلغ نصابا وحال عليه الحول وجبت ، ولا تستحب في شي‌ء غير ذلك.

______________________________________________________

قوله : ( ولا زكاة في الخضراوات ).

وكذا البقول ، وما يسرع إليه الفساد.

قوله : ( وفي ضم ما يزرع مرتين في السنّة ـ كالذرة ـ بعضه مع بعض نظر ).

أي يضم نظرا إلى أنّه غلة سنة واحدة.

قوله : ( وعن البرذون دينار ).

البرذون ، بكسر أوّله : العجمي ، والمراد به ما عدا العتيق. ويشترط أن لا تكون عوامل وأن لا تكون مشتركة.

قوله : ( العقار المتخذ للنماء ).

المراد به : نحو الدّكاكين والبيوت ، لأنّ العقار ـ بفتح العين وكسرها ـ المنزل ، ولا يشترط الحول ولا النصاب ، وربّما اشترطهما المصنّف تمسّكا بالعموم.

٢٩

المقصد الرابع : في المستحق وفيه فصلان :

الأول : في الأصناف وهم ثمانية :

الأول ، والثاني : الفقراء والمساكين ، ويشملهما من قصر ماله عن مؤنة سنة له ولعياله.

واختلف في أيهما أسوء حالا ، فقيل : الفقير للابتداء بذكره الدال على الاهتمام ، ولقوله تعالى ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ ) ولتعوذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه وسؤاله المسكنة.

وقيل المسكين للتأكيد به ، ولقوله تعالى ( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ).

ويمنع القادر على تكسب المؤنة بصنعة وغيرها ، وصاحب الخمسين إذا قدر على الاكتفاء بالمعاش بها.

ويعطى صاحب ثلاثة مائة مع عجزه وصاحب دار السكنى ، وعبد الخدمة ، وفرس الركوب ، وثياب التجمل.

ولو قصر التكسب جاز أن يعطى أكثر من التتمة على رأي.

ويصدّق مدعي الفقر فيه من غير يمين وإن كان قويا ، أو ذا مال قديم ، الاّ مع علم كذبه ، فإن ظهر استعيد منه ، ومع التعذر فلا ضمان على الدافع مالكا كان أو إماما أو ساعيا أو وكيلا ، وكذا لو بان كافرا أو واجب النفقة أو هاشميا ولا يجب إعلام أنها زكاة.

______________________________________________________

قوله : ( ولو قصر التكسب جاز أن يعطى أكثر من التتمة على رأي ).

يجوز إذا كان دفعة.

قوله : ( أو واجب النفقة ).

إلاّ أن يكون عبده ، لأنّ يده كيده ، والظاهر أنّ زوجته كذلك ، لأنّها‌

٣٠

الثالث : العاملون ، وهم السعاة في جباية الصدقة ، ويتخير الامام بين الجعالة والأجرة عن مدة معينة.

الرابع : المؤلفة ، وهم قسمان :

كفار يستمالون الى الجهاد أو إلى الإسلام.

ومسلمون : إما من ساداتهم لهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب النظراء في الإسلام ، وإما سادات مطاعون يرجى بعطائهم قوة أيمانهم ومساعدة قومهم في الجهاد ، وإما مسلمون في الأطراف إذا أعطوا منعوا الكفار من الدخول ، وإما مسلمون إذا أعطوا أخذوا الزكاة من مانعيها.

وقيل المؤلفة الكفار خاصة.

الخامس : في الرقاب ، وهم ثلاثة : المكاتبون ، والعبيد تحت الشدة ، والعبد يشترى للعتق مع عدم المستحق.

ويعطى مدعي الكتابة من غير بينة ولا يمين مع انتفاء التكذيب ،

______________________________________________________

غنية به بخلاف غيرها من واجب النفقة ، ويحتمل في الزّوجة العدم.

قوله : ( وقيل : المؤلفة الكفار خاصة ) (١).

هذا أشهر ، وبالأوّل شواهد.

قوله : ( وهم ثلاثة ... ).

هذه الأقسام مجمع عليها.

قوله : ( مع انتفاء التكذيب ).

أي : من السيد.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٢٤٩.

٣١

ويجوز الدفع قبل النجم ، ولو صرفه في غيره ارتجع ، إلاّ أن يدفع اليه من سهم الفقراء.

ويدفع السيد الزكاة إلى المكاتب ثم يدفعها اليه ، ويجوز إعطاء سيد المكاتب.

والأقرب جواز الإعتاق من الزكاة ، وشراء الأب منها.

السادس : الغارمون ، وهم المدينون في غير معصية ، والأقوى في المجهول حاله الاستحقاق ، وله أن يدفع الى من أنفق في معصية من سهم الفقراء ، ثم يقضي هو ، ويجوز المقاصة.

ولو كان الغارم ميتا جاز القضاء عنه والمقاصة ، وإن كان واجب النفقة جاز القضاء عنه حيا وميتا ، والمقاصة.

ولو صرف ما أخذه في غير القضاء ارتجع ، ويقبل قوله في الغرم‌

______________________________________________________

قوله : ( قبل النجم ).

هو الفرض المضروب لمال الكتابة.

قوله : ( ويجوز إعطاء سيّد المكاتب ).

مع الإذن وعدمه تمسكا بالعموم.

قوله : ( والأقرب جواز الإعتاق من الزّكاة ، وشراء الأب منها ).

الظاهر تقييده بما إذا لم يوجد مستحق ، وما ورد في الكفارة محمول على إعطاء الفقير ، ليشتري الرقبة ويعتقها عنه.

قوله : ( والأقوى في المجهول حاله الاستحقاق ).

هذا هو الأصحّ.

قوله : ( ولو كان الغارم ميتا جاز القضاء عنه ... ).

ولو كان له مال فالظاهر الجواز أيضا ، لأنّه فقير ، والتركة تنتقل إلى الوارث ، وتعلق الدّين بها لا يمنع ، إذ لا يخرج بذلك عن كونه فقيرا.

٣٢

من غير يمين إذا تجرد عن تكذيب الغريم.

السابع : في سبيل الله ، وهو كل مصلحة كبناء القناطر ، وعمارة المساجد ، واعانة الزائر والحاج ، ومساعدة المجاهدين ، وقيل يخص به الأخير ، ولو اعطي الغازي منه فصرفه في غيره استعيد.

ويسقط سهم المؤلفة والساعي والغازي حال الغيبة ، إلا مع الحاجة الى الجهاد ، ولا يشترط في الغازي والعامل الفقر.

الثامن : ابن السبيل ، وهو المنقطع به وإن كان غنيا في بلده ، وكذا الضيف ، ولا يزاد على قدر الكفاية ، فإن فضل أعاده.

الفصل الثاني : في الأوصاف ، يشترط في الأصناف السبعة غير المؤلفة الإيمان ، فلا يعطى كافر ، ولا مخالف للحق.

والأولاد تتبع الآباء في الإيمان وعدمه ، ويعيد المخالف ما اعطي مثله ، وفي اعتبار العدالة قولان.

ويشترط أن لا يكون هاشميا ، إلاّ أن يكون المعطي منهم ، أو يقصر ما يصل اليه من الخمس عن كفايته مع حاجته ، أو تكون مندوبة.

______________________________________________________

قوله : ( وهو كل مصلحة ).

هذا أصح.

قوله : ( وكذا الضيف ).

يشترط فيه ما يشترط في ابن السّبيل ، فهو راجع إليه في الحقيقة.

قوله : ( وفي اعتبار العدالة قولان ).

لا يعتبر وإن كانت أحوط ، وآكد منه مجانبة الكبائر.

قوله : ( أو يقصر ما يصل إليه من الخمس عن كفايته مع حاجته ).

المراد : كفايته في السّنة له ولواجبي النفقة عليه لا في اليوم والليلة ، إلا‌

٣٣

وهم الآن أولاد أبي طالب ، والعباس ، والحارث ، وأبي لهب.

ويجوز إعطاء مواليهم ، ويشترط في الفقراء والمساكين أن لا تجب نفقتهم على المعطي بالنسب والملك والزوجية.

ويجوز الدفع الى غيرهم وإن قرب كالأخ ، ولو كان عاملا ، أو غازيا ، أو غارما ، أو مكاتبا ، أو ابن السبيل جاز إعطاؤه مطلقا ، إلاّ ابن السبيل فيعطى الزائد عن النفقة مع الحاجة إليه كالحمولة.

ويشترط في العامل بعد الإيمان العدالة ، والتفقه في الزكاة ، والحرية على اشكال. وفي المكاتب عدم ما يصرفه في الكتابة سوى ما يعطى ، وفي ابن السبيل والضيف اباحة سفرهما.

المقصد الخامس : في كيفية الإخراج وفيه مطالب :

الأول : في الوقت ، ويتعين على الفور مع المكنة ووجود المستحق.

______________________________________________________

أن يرجى حصول الخمس في أثناء السنّة على وجه لا يتوقع معه ضرر ، فإنّه يعطي تدريجا.

والتقييد بقوله : ( مع حاجته ) ليخرج ما لو كان مكتسبا بعض السنّة ، ويحصّل البعض الآخر من الخمس ، فإنّه لا يعطى.

قوله : ( ويشترط في الفقراء والمساكين ... ).

هل يجوز الإعطاء لهم ممن لا يجب عليه نفقتهم؟ جوّز في الدروس إعطاء من عدا الزّوجة (١).

قوله : ( والحرية على إشكال ).

الاشتراط قويّ ، لأن الآية تدل على الملك (٢) والعبد ليس أهلا له ، وهل يشترط الذكورة؟ يحتمل ذلك.

__________________

(١) الدروس : ٦٢.

(٢) إشارة إلى الآية (٦٠) في سورة التوبة.

٣٤

ولا يكفي العزل على رأي فيضمن لو تلف ، ويأثم ، وكذا الوصي بالتفريق أو بالدفع الى غيره ، أو المستودع مع مطالبة المالك.

ولو لم يوجد مستحق ، أو حصل مانع من التعجيل جاز التربص ، ولا ضمان حينئذ.

ولا يجوز تقديمها ، فان فعل كان قرضا لا زكاة معجلة على رأي ، فان تم بها النصاب سقطت ، وإلاّ احتسبها عند الحول منها مع بقاء الأخذ على الاستحقاق والمال على الوجوب ، وله استعادتها والصرف الى غيره ، أو صرف غيرها اليه أو الى الغير.

______________________________________________________

قوله : ( ولا يكفي العزل على رأي ).

لا يكفى.

قوله : ( وكذا الوصي ).

أي : مطلقا ، أو في الزّكاة.

قوله : ( أو بالدّفع إلى غيره ).

احترز عما لو كان مفوّضا بالدفع الى نفسه ، والظاهر أنّها لو كانت زكاة وجب الأخذ على الفور ، لأنّها على الفور.

قوله : ( والمستودع مع مطالبة المالك ).

أي : في الوديعة مطلقا ، أو في وديعة الزّكاة.

قوله : ( فان فعل كان قرضا ، لا زكاة معجّلة على رأي ).

فيه مناقشة ، لأنّه لا يجوز إلاّ قرضا ، فلو قصد الزكاة المعجلة لم يملكها الفقير أصلا ، لعدم القصد الى القرض ، وعدم صحة حمل الآخر. وهل هي مضمونة حينئذ؟ يحتمله ، لأنّ صحيح هذا الدّفع مضمون لدخوله في الملك ، ويحتمل العدم ، لعدم وجوب الغرم بتلفه ، والظاهر أنّه مضمون ، لأنّه يملكه ، فتبرأ به ذمّة المالك.

٣٥

وللقابض دفع العوض ، مثلا أو قيمة ، إن كانت ذات قيمة وقت القبض ، وإن كره المالك.

ولو خرج عن الاستحقاق ، وتعذرت الاستعادة غرم المالك.

ولو قال المالك هذه الزكاة معجلة فله الرجوع وإن لم يصرح بالرجوع ، والقول قول المالك في دعوى قصد التعجيل ، أو ذكره مع اليمين على اشكال ينشأ : من أن المرجع الى نيته وهو أعرف ، ومن أصالة عدم الاشتراط ، وأغلبية الأداء في الوقت.

ولو لم يذكر التعجيل ، وعلم الفقير ذلك وجب الرد مع الطلب ، ولو انتفى العلم فالأقرب عدم الرجوع.

______________________________________________________

قوله : ( وقت القبض ).

ظرف للمثل والقيمة.

قوله : ( والقول قول المالك في دعوى قصد التعجيل ، أو ذكره مع اليمين على اشكال ، ينشأ من أنّ المرجع الى نيته ، وهو أعرف ، ومن أصالة عدم الاشتراط وأغلبية الأداء في الوقت ).

في العبارة إشكال ، من حيث أنّه ساوى بين دعوى المالك قصد التعجيل ، ودعواه ذكره ، مع أنّ المنشأ الذي ذكره لا يأتي عليهما ، بل أوّل شقيه وجه لتقديم قوله في القصد لا في الذكر.

والأصحّ أنّ القول قول الفقير مطلقا ، سواء كانت العين باقية أو تالفة ، عملا بظاهر صحّة الدّفع والقبض ، واقتضائهما الملك ، وانقطاع سلطنة المالك ظاهرا.

قوله : ( ولو انتفى العلم فالأقرب عدم الرّجوع ).

هذا أصحّ ، سواء كانت العين باقية أو تالفة.

وقد يقال في هذا ما يقتضي الرّجوع عن الإشكال السّابق ، لأنّه يقتضي تقديم قول المالك في القصد ، وإن لم يعلم الفقير على أحد الشقين.

٣٦

ولو تلفت في يد القابض ضمن المثل إن كان مثليا ، وإلاّ القيمة.

المطلب الثاني : في المخرج ، يتخير المالك بين الصرف الى الإمام ، والى المساكين ، والى العامل ، والى الوكيل. والأفضل الإمام خصوصا في الظاهرة ، فإن طلبها تعين ، فان فرقها المالك حينئذ أثم ، وفي الاجزاء قولان وولي الطفل والمجنون كالمالك.

ويجب أن ينصب الامام عاملا ، ويجب الدفع اليه لو طلبه ، وليس له التفريق بغير اذن الامام ، فان أذن جاز أن يأخذ نصيبه ، ويصدق المالك في الإخراج من غير بيّنة ويمين.

ويستحب دفعها الى الفقيه المأمون حال غيبة الامام وبسطها على الأصناف ، وإعطاء جماعة من كل صنف ، وصرفها في بلد المال ، وفي الفطرة في بلده ، والعزل مع عدم المستحق ، ودعاء الامام عند القبض على رأي ، ووسم النعم في القوي المنكشف ، وكتبة ما يفيد التخصيص.

______________________________________________________

قوله : ( ولو تلفت في يد القابض ضمن المثل ... ).

سواء أخذها زكاة معجّلة ، أو قرضا.

قوله : ( وفي الإجزاء قولان ).

لا يجزئ لتعيّن الدّفع الى الامام ، فلا يكون آتيا بالمأمور به على وجهه.

قوله : ( ودعاء الامام عند القبض على رأي ).

الأصحّ وجوبه على الإمام ، ومن يقوم مقامه ، لقوله تعالى ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) (١).

__________________

(١) التوبة : ١٠٣.

٣٧

ويجوز تخصيص صنف ، بل واحد بالجميع ، ولا يجوز العدول بها الى الغائب مع وجود المستحق ، ولا النقل من بلد المال معه ، وإن كان الى بلد المالك فيضمن ويأثم ، ولو فقد المستحق جاز النقل ولا ضمان به. ولو عيّن الفطرة من غائب ضمن بنقله مع وجود المستحق فيه.

المطلب الثالث : في النية ، وهي القصد إلى إخراج الزكاة المفروضة ، أو النافلة لوجوبها أو ندبها قربة الى الله.

ويشترط تعيين كونها زكاة مال أو فطرة ، ولا يشترط اللّفظ ، ولا تعيين الجنس المخرج عنه ، فلو نوى عن أحد ماليه ولم يعيّن جاز.

______________________________________________________

قوله : ( ولا يجوز العدول بها الى الغائب مع وجود المستحق ).

جوّز في الدّروس انتظار الأفضل (١) ، وفي التّذكرة البسط على الأصناف (٢) ، وفي البيان اشترط أن لا يعد مهملا للإخراج (٣) ، وهو حسن.

قوله : ( ولا تعيين الجنس المخرج عنه ، فلو نوى عن أحد ماليه ولم يعيّن جاز ).

قال في التّذكرة : ويعين بعد ذلك مما يشاء ، ثم استشكل ما لو تلف أحدهما ( فعين عن الباقي ) ، أو تفاوت السوق ، قال : نظر إلى ما يلزم من الضّرر على الفقراء (٤).

ومال شيخنا في البيان الى التقسيط ، فيكون عن المالين معا بالنسبة (٥) ، وفيه عدول ظاهر وإن كان للكلام مجال.

__________________

(١) الدروس : ٦٤.

(٢) التذكرة ١ : ٢٤٤.

(٣) البيان : ٢٠٣.

(٤) التذكرة ١ : ٢٤٣. وبين القوسين ساقط من ( س ).

(٥) البيان : ٢٠١.

٣٨

ولو قال : إن كان مالي الغائب باقيا فهذه زكاته ، وإن كان تالفا فهي نفل أجزأ. ولو قال : إن كان باقيا فهذه زكاته أو نفل ، أو قال : هذه زكاة أو نفل ، أو نوى عن مال مترقب التملك وإن حصل لم يجزئ.

ولو قال : إن كان الغائب سالما فهذه زكاته ، فبان تالفا ففي النقل الى غيره اشكال.

ووقت النية عند إعطاء المالك للفقراء ، أو للساعي أو للإمام سواء نوى الإمام حالة الدفع الى الفقراء أولا.

ولو لم ينو المالك ونوى الإمام ، أو الساعي حالة الدفع ، فان كان أخذها كرها أجزأت ، لأنه أخذ الواجب ، وسقط اعتبار نية المالك بمنعه ، وإن أخذها طوعا لم يجزئ ، فيجب على الإمام النية في الأول‌

______________________________________________________

قوله : ( ولو قال إن كان مالي الغائب ... ).

الظاهر الإجزاء ، وهذا القدر من الترديد مغتفر للضّرورة ، لعدم الجزم بوجوده وإن كان الأصل بقاؤه ، لإمكان أن يكون تالفا ، فلا يكون المخرج زكاة ولا نفلا.

قوله : ( وإن حصل لم يجزئ ).

يفهم منه أنّه لو لم يحصل لا يجزئ أيضا ، وفيه توسّع لانتفاء الإجزاء ، وعدم الإجزاء في نحو ذلك.

قوله : ( ففي النقل إلى غيره إشكال ).

إن كانت العين باقية فله النقل إن علم الفقير ، وإن لم يعلم لبقاء الملك له مطلقا.

أما لو تلف والفقير عالم بالحال ففي النقل نظر ، من عدم الجزم بكونه ضامنا بالإتلاف ، ومن أنّ إباحته إنّما كانت على تقدير كونه زكاة ، وقد انتفى.

قوله : ( وإن أخذها طوعا لم يجزئ ، فيجب على الإمام النيّة في الأوّل خاصّة ).

٣٩

خاصة ، ولو دفع الى وكيله ونوى حينئذ ونوى الوكيل حال الدفع أجزأ.

ولو فقدت نية أحدهما لم يجزئ على اشكال ، أقربه الاكتفاء بنية الوكيل ، وولي الطفل والمجنون يتولى النية هو أو الساعي أو الإمام.

المطلب الرابع : في بقايا مباحث هذا الباب ، إذا تلفت الزكاة بعد قبض الساعي أو الإمام أو الفقيه لم يضمن المالك ، وتبرأ ذمته حين القبض ، ومع عدم هؤلاء ، والمستحق ، وإدراك الوفاة تجب الوصية بها.

وأقل ما يعطى الفقير عشرة قراريط ، أو خمسة دراهم على رأي استحبابا ، ولا حد للأكثر مع اتحاد الدفع.

ويشترط مع الكثرة عدم الاستغناء ، ولو دفع قرضا قبل الحول جاز الاحتساب بعده وإن استغنى به لا بغيره.

______________________________________________________

لو قيل بالإجزاء مطلقا ، لأنّ الإمام ولي عام مطلقا ، فيمكن توليه النيّة ، ولو لا ذلك لم يصحّ توليته لها ، إذا أخذها كرها.

قوله : ( على إشكال أقربه الاكتفاء بنية الوكيل ).

هذا أصحّ ، لأن النيّة يجب أن تقارن الدفع الى الفقير ، أو وكيله.

قوله : ( وأقل ما يعطى الفقير عشرة قراريط ، أو خمسة دراهم على رأي استحبابا ).

الخلاف هنا في مقدار الأقل ، وفي كونه وجوبا أو استحبابا ، والأصحّ أنّ الأقل ما ذكره ، وأنّه على وجه الاستحباب. ولو أخر قوله : ( على رأي ) عن قوله : ( استحبابا ) لكان أولى.

قوله : ( وان استغنى به لا بغيره ).

احترز به عما لو كان استغنى بنمائه ، أو بمال آخر ، فلا يجوز الاحتساب ، لكونه غنيا.

لكن يرد عليه ما لو استغنى به ، لأنّ قيمته قد ارتفعت ، بحيث يوفي قيمته‌

٤٠