الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩
ولا يجوز الإحرام قبل هذه المواقيت إلا لناذر بشرط أن يوقع الحج في أشهره ، أو لمعتمر مفرد في رجب مع خوف تقضيه ، ولو أحرم غيرهما لم ينعقد وإن مر بالميقات ما لم يجدده فيه.
ولا يجوز تأخيره عنها إلا لعذر ، فيجب الرجوع مع المكنة ، ولا معها يحرم حيث زال المانع.
ولو دخل مكة خرج الى الميقات ، فان تعذر فالى خارج الحرم ،
______________________________________________________
قوله : ( إلا لناذر يوقع الحج في أشهره ).
قال ابن إدريس : لا يجوز مطلقا وإن كان ناذرا ، لأنّ نذر مالا يشرع لا ينعقد (١) ، والأصح الانعقاد ، للروايات المعتبرة ، ومنها صحيحة الحلبي (٢) ، لكن إن كان الإحرام في الحج اشترط كونه في أشهر الحج ، لامتناع وقوعه قبلها ، وكذا عمرة التمتع أما العمرة المفردة ، فمتى نذر إحرامها قبل الميقات انعقد ، وصح في جميع السنة.
قوله : ( أو لمعتمر مفردة في رجب ).
ورد أنّ عمرة رجب كالحج (٣) في الفضل (٤) ، فإذا خاف تقضية وأراد إدراك إحرامها فيه ، شرع له الإحرام قبل الميقات للنص والإجماع.
قوله : ( ولو دخل مكة خرج إلى الميقات ).
ولو خرج إلى ميقات آخر فالظاهر الاجزاء ، لعموم كونها مواقيت لكل من مرّ بها.
__________________
(١) السرائر : ١٢٣.
(٢) التهذيب ٥ : ٥٣ حديث ١٦٢ ، الاستبصار ٢ : ١٦٣ حديث ٥٣٤.
(٣) في « ن » و « ه » : تلي الحج.
(٤) علل الشرائع : ٤٠٨ حديث ١٤٤.
فان تعذر فمنها ، وكذا الناسي ، ومن لا يريد النسك ، والمجاور بمكة مع وجوب التمتع عليه.
ولو تعمد التأخير لم يصح إحرامه ، إلاّ من الميقات وإن تعذر.
وناسي الإحرام إذا أكمل المناسك يجزئه على رأي.
______________________________________________________
قوله : ( وكذا الناسي ).
وكذا الجاهل.
قوله : ( ومن لا يريد النسك ).
لو أراد دخول مكة دون النسك فظاهرهم أنه كغيره ، إذ يجب عليه الإحرام بعمرة مفردة ، إذ لا يجوز الدخول بغير إحرام ، إلا المتكرر والمعذور ، فلو أخلّ بالإحرام حينئذ وتعذر العود ، ففي تحريم الدخول حينئذ ، وعدم الاكتفاء بالإحرام من أدنى الحل نظر.
قوله : ( ولو تعمد التأخير لم يصح إحرامه ، إلا من الميقات وإن تعذر ).
فلا نسك له عندنا ، ولو أحرم المتعمد من ميقات آخر أجزأ ، واختاره في الدروس (١).
قوله : ( وناسي الإحرام إذا أكمل المناسك تجزئه على رأي ).
الحق أنه إن كان المنسي النية لم يجزئ ، وإن كان المنسي التلبيات أجزأ والأخبار لا تدل على أكثر من ذلك (٢).
ولا يقدح في صحة الإحرام ترك التجرد ولبس ثوبي الإحرام ، واختار المصنف في المختلف أنّ الإحرام مركب من اللبس والنية والتلبية (٣) ، وهو بعيد.
__________________
(١) الدروس : ٩٥.
(٢) الكافي ٤ : ٣٢٥ حديث ٨ ، التهذيب ٥ : ٦٠ ، ٦١ حديث ١٩١ ، ١٩٢.
(٣) المختلف : ٢٦٤.
ولو لم يتمكن من الإحرام لمرض وغيره أحرم عنه وليه ، وجنبه ما يجتنبه المحرم ، والحيض والنفاس لا يمنعان الإحرام ولا غسله.
المطلب الثاني : في مقدمات الاحرام :
يستحب توفير شعر الرأس من أول ذي قعدة للمتمتع ، ويتأكد عند هلال ذي الحجة ، وتنظيف الجسد عند الإحرام ، وقص الأظفار ، وأخذ الشارب ، والإطلاء ، ولو تقدم بأقل من خمسة عشر يوما أجزأ ، والغسل فإن تعذر فالتيمم.
ولو أكل بعده ، أو لبس ما يمنع منع أعاد الغسل استحبابا.
ويقدم لو خاف فقد الماء ، فان وجده استحب إعادته ، ويجزئ غسل أول النهار لباقيه ، وكذا أول الليلة لآخرها ما لم ينم.
______________________________________________________
قوله : ( ولو لم يتمكن من الإحرام ، لمرض وغيره أحرم عنه وليه ).
يشكل ذلك ، بأنّ المريض مكلف يقدر على النية والتلبية ، فلا تتصور نيابة الولي عنه فيهما ، وتعذر نزع المخيط لا يخل بالإحرام.
نعم لو كان مجنونا أو مغمى عليه أحرم عنه وليه ، وإذا أفاق قبل الموقفين أجزأه عن حجة الإسلام مع الاستطاعة.
قوله : ( يستحب توفير شعر الرأس من أول ذي القعدة للمتمتع ).
يستحب له ولغيره.
قوله : ( ويقدم لو خاف فقد الماء ).
أي : يقدم على الميقات لو خاف فقده في الميقات ، وإلى كم يجزئ؟ ليس في كلامهم تحديد لإجزائه ، ويمكن الاقتصار به على اليوم أو الليلة (١) ، ويكون التقديم هو الرخصة.
__________________
(١) في « ن » : والليلة.
ولو أحدث فإشكال ينشأ : من التنبيه بالأدنى على الأعلى ، ومن عدم النص عليه.
ولو أحرم من غير غسل ، أو صلاة ناسيا تدارك وأعاد الإحرام ، وأيهما المعتبر؟ اشكال.
وتجب الكفارة بالمتخلل بينهما ، والإحرام عقيب فريضة الظهر ، وإلا ففريضة ، وإلا فستّ ركعات ، وإلا فركعتان عقيب الغسل ، ويقدم نافلة الإحرام على الفريضة مع السعة.
______________________________________________________
قوله : ( ولو أحدث فإشكال ، ينشأ من التنبيه بالأدنى على الأعلى ).
في كونه كذلك نظر ، لمنع كون الحدث أقوى من النوم ، وعدم الاستحباب أظهر لعدم الدليل.
قوله : ( وأيهما المعتبر؟ إشكال ).
المعتبر هو الأول في الصحة ، والثاني في الكمال.
وتظهر الفائدة في عد الشهر من حين إحرامه إن قلنا به ، وفيمن نذر الإحرام بعد الأول فإنه يبرأ بالثاني ، وفي جعلها عمرة التمتع إذا كان الثاني قد وقع في الأشهر خاصة ، أما الكفارة فتجب على التقديرين.
والحق : انّ اعتبار الثاني إنما هو بالكمال ، وما أشبهه بالصلاة المعادة.
والظاهر أنه ينوي بالإحرام الثاني ما ينويه بالأول ، حتى الوجوب لو كان واجبا ، ولو لا هذا لم يكن للتردد في أن أيهما المعتبر وجه.
قوله : ( وإلا ففريضة ).
ولو كانت مقضية ، وإطلاق الفريضة يتناول نحو الكسوف.
قوله : ( وتقدم نافلة الإحرام على الفريضة مع السعة ).
أي : ثم يصلي الفريضة ثم يحرم ، ومع الضيق يقتصر على الإحرام عقيب الفريضة.
المطلب الثالث : في كيفيته ، وتجب فيه ثلاثة :
ا : النية ، وهي القصد الى ما يحرم له من حج الإسلام أو غيره ، متمتعا أو غيره ، لوجوبه أو ندبه قربة الى الله تعالى.
ويبطل الإحرام بتركها عمدا وسهوا ، ولا اعتبار بالنطق ، فلو نوى نوعا ونطق بغيره صح المنوي ، ولو نطق من غير نية لم يصح إحرامه ، ولو نوى الإحرام ولم يعين لا حجا ولا عمرة ، أو نواهما معا فالأقرب البطلان وإن كان في أشهر الحج.
______________________________________________________
قوله : ( من حج الإسلام أو غيره ).
يندرج في غيره : عمرة التمتع ، والافراد للإسلام وغيره ، وحج النذر ، والإفساد ، والنيابة وغيرها (١).
قوله : ( متمتعا أو غيره ).
قيل عليه : لا دلالة في العبارة على وجوب قصد كونه متمتعا في النية ، لأنّ المعنى : القصد إلى ما ذكر متمتعا كان أو غيره.
قوله : ( ويبطل الإحرام بتركها عمدا وسهوا ).
قد يقال : ما سبق ـ أنّ ناسي الإحرام حتى أتى بالمناسك يجزئه ما فعل ـ ينافي ما ذكره هنا من بطلان الإحرام إلى آخره.
ويمكن الجواب : بأنّ بطلان الإحرام لا يخلّ بصحة المناسك ، إذا أتى بها الناسي ، فلا منافاة.
قوله : ( ولو نوى الإحرام ولم يعين حجا ولا عمرة ، أو نواهما معا فالأقرب البطلان ، وإن كان في أشهر الحج ).
حاول بقوله : ( وإن كان في أشهر الحج ) الاعتناء بالرد على ابن أبي
__________________
(١) في « س » لم يرد قوله : ( من حج الإسلام أو غيره ) يندرج في غيره.
ولو نسي ما عيّنه تخيّر إذا لم يلزمه أحدهما ، وكذا لو شك هل أحرم بهما أو بأحدهما.
______________________________________________________
عقيل (١) ومن وافقه ، القائلين بجواز الإحرام بالحج والعمرة معا مع سياق الهدي (٢) ، وهو تفسير القران عنده ، ولا يتحلل من العمرة حتى يأتي بأفعال الحج ويجزئه سعيه الأول عن سعيه للزيارة.
والأصح البطلان في المسألتين ، أما الأولى فلانتفاء النية التي هي شرط الصحة فإنّ : « لكل امرئ ما نوى » (٣) ، وأما الثانية فلدلالة الأخبار على المنع منه (٤) ، والنهى يقتضي الفساد.
قوله : ( ولو نسي ما عيّنه تخير إذا لم يلزمه أحدهما ).
إن لزمه أحدهما صرف إليه عملا بالظاهر ، وإلاّ فلا سبيل إلى الحكم بالخروج من الإحرام بعد الحكم بانعقاده ، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر ، فيتخير بينهما.
قوله : ( وكذا لو شك هل أحرم بهما أو بأحدهما؟ ).
أي : وكذا يتخير بينهما لو شك إلى آخره ووجهه أنه لا طريق إلى تعيين ما أحرم به ، ولا يبطل الإحرام إذا حكم بصحته ، إذا ليس بفعل جائز.
هذا إذا لم يكن بعد الطواف ، فان كان بعده يمنع كما قاله المصنف ، قال في الدروس : وهو حسن إن لم يتعين عليه غيره ، والا صرف اليه (٥).
ويشكل أصل الحكم ، بأنه مع الشك في وقوع النية صحيحة كيف يحكم بالصحة؟
__________________
(١) نقله عنه في المعتبر ٢ : ٨٠٠.
(٢) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣١٦ ، وليس فيه شرط سياق الهدي.
(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ حديث ٢٢٠١.
(٤) الفقيه ٢ : ٢٠٣ حديث ٩٢٨ ، ٩٣٠.
(٥) الدروس : ٩٧.
ولو قال : كإحرام فلان صح إن علم حال النية صفته ، وإلاّ فلا.
ب : التلبيات الأربع ، وصورتها : لبيك اللهم لبيك ، لبيك إن الحمد والنعمة والملك لك ، لا شريك لك لبيك.
ولا ينعقد إحرام المتمتع والمفرد إلاّ بها ، والأخرس يشير مع عقد قلبه بها.
ويتخير القارن في عقد إحرامه بها ، أو بالإشعار المختص بالبدن ، أو التقليد المشتركبينها.
______________________________________________________
قوله : ( ولو قال : كإحرام فلان صح إن علم حال النية صفته ، وإلا فلا ).
ظاهر الخبر عن علي عليهالسلام الصحة وإن لم يعلم الصفة حال النية (١) ، وهو اختيار الشيخ (٢) ، وذهب إليه جماعة (٣) ، واختاره في الدروس قال : فان لم ينكشف له حاله تمتع احتياطا (٤).
وما ذكره المصنف هنا أحوط ، لكن ينبغي أن يعتبر مع علمه صفة إحرام فلان قصده إليه ، على وجه تكون الأمور المعتبرة في النية قصدها حاصلة.
قوله : ( وصورتها ... ).
الواجب هو التلبيات الأربع ، ووجوب زيادة : إنّ الحمد إلى آخره أحوط.
قوله : ( والأخرس يشير مع عقد قلبه بها ).
أي : يشير بإصبعه ، ويجب أن يحرك لسانه بها أيضا ، وتجب المقارنة بالتلبيات كالمقارنة بتكبيرة الإحرام.
قوله : ( أو التقليد المشترك بينها ).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٤٥ حديث ٤ ، التهذيب ٥ : ٤٥٤ حديث ١٥٨٨.
(٢) المبسوط ١ : ٣١٦ ـ ٣١٧.
(٣) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : ١٧٦.
(٤) الدروس : ٩٧.
ولو جمع بين التلبية وأحدهما كان الثاني مستحبا.
ولو نوى ولبس الثوبين من غير تلبية لم تلزمه كفارة بفعل المحرم ، وكذا القارن إذا لم يلبّ ، ولم يشعر ، ولم يقلد.
ج : لبس ثوبي الإحرام ، يأتزر بأحدهما ويتوشح بالآخر أو يرتدي به. وتجوز الزيادة والإبدال ، لكن الأفضل الطواف فيما أحرم فيه ، وشرطهما جواز الصلاة في جنسهما ، والأقرب جواز الحرير للنساء ، ويلبس القباء منكوسا لو فقدهما.
______________________________________________________
في العبارة مناقشة ، لأنّ الضمير في ( بينها ) إن كان للبدن فلا بد من ذكر المشارك لها ، وإن عاد إلى البدن وغيرها عاد إلى غير مذكور.
قوله : ( ويتوشح بالآخر ، أو يرتدي به ).
التوشح : تغطية أحد المنكبين ، والارتداء : تغطيتهما ، كذا ذكره الشيخ (١) ، نقله الشهيد في حواشيه.
قوله : ( والأقرب جواز الحرير للنساء ).
هذا أصحّ ، للرواية الصحيحة الصريحة (٢).
قوله : ( ويلبس القباء منكوسا لو فقدهما ).
المراد بكونه منكوسا : كون ذيله على الكتفين ، كما فسره في رواية البزنطي (٣) ، وفي اخرى : إنه يقلبه (٤) ، وفيها ما يدل على أنّ المراد جعل باطنه ظاهره ، ولا يخرج يديه من كميه ، وكل من التفسيرين معتبر على الأصح.
ولو أخرج يديه من كميه لزمه كفارة لبس المخيط حينئذ ، لا قبله لتحقق النهي حينئذ.
__________________
(١) النهاية : ٢١٢.
(٢) التهذيب ٥ : ٧٤ حديث ٢٤٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٩ حديث ١١٠٠.
(٣) السرائر : ٤٧٤.
(٤) الكافي ٤ : ٣٤٧ حديث ٥.
المطلب الرابع : في المندوبات والمكروهات.
يستحب رفع الصوت بالتلبية للرجل ، وتجديدها عند كل صعود وهبوط ، وحدوث حادث كنوم ، واستيقاظ ، وملاقاة غيره ، وغير ذلك الى الزوال يوم عرفة للحاج ، ومشاهدة بيوت مكة للمتمتع ، ومشاهدة الكعبة للمعتمر إفرادا إن كان قد خرج من مكة ، وإلاّ فعند دخول الحرم ، والجهر بالتلبية للحاج على طريق المدينة حيث يحرم للراجل ، وعند علو راحلته البيداء للراكب. وللحاج من مكة إذا أشرف على الأبطح ،
______________________________________________________
قوله : ( يستحب رفع الصوت بالتلبية للرجل ).
أي : في التلبية مطلقا ، إلاّ ما يستثني.
قوله : ( وحدوث حادث كنوم ).
أي : وجود علاماته ، أو إرادة فعله.
قوله : ( ومشاهدة بيوت مكة للمتمتع ).
وحدّها عقبة المدنيين في أعلى مكة ، وعقبة ذي طوى في أسفلها.
قوله : ( إن كان قد خرج من مكة ).
أي : إن كان خرج منها للإحرام بالعمرة وخيّر الصدوق في المفردة بين قطعها عند مشاهدة الكعبة ودخول الحرم (١) ، لاختلاف الأخبار (٢) ، ونزّلها الشيخ على اختلاف حال المعتمر (٣) ، وهو الأصح.
قوله : ( والجهر بالتلبية للحاج على طريق المدينة حيث يحرم للراجل ، وعند علو راحلته البيداء للراكب ).
هذا كالمنقح لما سبق من استحباب رفع الصوت بالتلبية للراجل ، وبناؤه
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٧٧.
(٢) الكافي ٤ : ٣٩٩ باب قطع تلبية المتمتع ، التهذيب ٥ : ٩٤ ـ ٩٥ حديث ٣٠٧ ـ ٣١٥ ، الاستبصار ٢ : ١٧٦ باب المتمتع متى يقطع التلبية.
(٣) المبسوط ١ : ٣١٧.
والتلفظ بالمنوي به والاشتراط بان يحله حيث حبسه وإن لم تكن حجة فعمرة ، والإحرام في القطن خصوصا البيض.
ويكره الإحرام في المصبوغة بالسواد ، والمعصفر ، وشبهه ، والنوم عليها ، والوسخة ، والمعلمة ،
______________________________________________________
أنّ الحاج على طريق المدينة إنما يرفع صوته بالتلبية إذا كان راكبا ، إذا علت راحلته البيداء ، وهي الأرض التي تخسف بجيش السفياني على ميل من مسجد الشجرة ، اقتداء بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه هكذا فعل (١).
وهذه غير التلبية التي يعقد بها الإحرام في الميقات لامتناع تأخير الإحرام عنه ، وامتناع عقده بغير التلبية ، فيعقد بها هناك سرا ، كما نبه عليه في المنتهى (٢).
وأما الراجل فحيث يحرم ، ومن حج على غير طريق المدينة فموضع إحرامه يرفع صوته.
قوله : ( والاشتراط بأن يحله حيث حبسه ... ).
المفهوم من الأخبار أنّ موضع الاشتراط قبل النية (٣) ، لأنه مذكور في الدعاء الذي يستحب عند إرادة الإحرام وفي بعض الأخبار ما يدل على ذكره في التلبيات (٤) ، وليس من طرقنا ، ويمكن ذكره في خلال النية ، كما صرح به بعض الأصحاب في الشرط في الاعتكاف المندوب.
والظاهر إجزاء الجميع حتى الثاني ، لأنّ التلبية هي التي بها يتحقق عقد الإحرام ، ولم أجد لأحد من الأصحاب تصريحا بشيء من ذلك.
قوله : ( والنوم عليها ).
أي : على المصبوغة بالسواد الى آخره.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢١١ حديث ٩٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٥.
(٢) منتهى المطلب ٢ : ٦٧٩.
(٣) الكافي ٤ : ٣٣٣ ، ٣٣٥ حديث ٦ ، ١٥ ، التهذيب ٥ : ٨٠ ـ ٨١ حديث ٢٦٦ ـ ٢٦٩ ، الاستبصار ٢ : ١٦٩ حديث ٥٥٦ ، ٥٥٧.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٨٦٨ حديث ١٠٦ ، السنن الكبرى ١ : ٢٢٢ ، المغني لابن قدامة ٣ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.
والنقاب للمرأة ، والحناء قبله بما يبقى معه ، والحمام ، وذلك الجسد فيه وتلبية المنادي بل يقول يا سعد ، وشم الرياحين.
المطلب الخامس : في أحكامة.
يجب على كل داخل مكة الإحرام ، إلاّ المتكرر كالحطاب ، ومن سبق له الإحرام قبل مضي شهر من إحرامه أو إحلاله على اشكال ، والداخل بقتال مباح.
______________________________________________________
قوله : ( والنقاب للمرأة ).
الأصح أنه يحرم.
قوله : ( بل يقول : يا سعد ).
أي : يقول هذا اللفظ في جواب المنادي ، كما وردت به الرواية (١).
قوله : ( وشم الرياحين ).
الأصح أنه يحرم ، للرواية (٢).
قوله : ( الا المتكرر كالحطاب ).
في المنتهى : إنّ البريد لا يجب عليه الإحرام لدخولها على إشكال (٣).
وينبغي اعتبار صدق التكرر وعدمه ، ويستثني العبد ، لأنه لا يجوز له إنشاء الإحرام إلاّ بإذن السيد.
قوله : ( ومن سبق له إحرام قبل مضي شهر من إحرامه أو إحلاله على إشكال ).
أي : من إحرامه على إشكال أو من إحلاله كذلك ، فإنه لا معنى للترديد بين الأمرين ، وكونه على إشكال.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٦٦ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٨٦ حديث ١٣٤٨.
(٢) الكافي ٤ : ٣٥٥ حديث ١٢ ، التهذيب ٥ : ٢٩٧ ، ٣٠٧ حديث ١٠٠٥ ، ١٠٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١٧٨ حديث ٥٩٠.
(٣) المنتهى : ٢ : ٦٨٩.
ولو تركته الحائض ظنا أنه لا يجوز رجعت الى الميقات وأحرمت ، فإن تعذر فمن موضعها ، فان دخلت مكة خرجت إلى أدنى الحل ، فان تعذر فمن مكة ولا يجوز للمحرم إنشاء آخر قبل إكمال الأول ، ويجب إكمال ما أحرم له من حج أو عمرة.
ولو أكمل عمرة التمتع المندوبة ففي وجوب الحج اشكال.
______________________________________________________
والأصح أنه من إحلاله ، لأنه ما دام محرما لا يطلب منه الإحرام لدخولها ، ولو بقي شهرين وأزيد ، فامتنع إرادة الشهر من الإحرام في هذا القسم ، ويلزم مثله في الباقي ، لعدم الفاضل.
قيل : فيه نظر ، لأنّ موضع النزاع إنما هو المحل دون المحرم ، إلا أنّ ترجيح اعتبار الإحلال يتحقق بمساعدة الأصل ، إذ الأصل براءة الذمة من زيادة التكليف.
قوله : ( لو تركته الحائض ظنا أنه لا يجوز ... ).
يمكن أن يراد : تركها للإحرام اللازم لها بقصد دخول مكة ، فيكون مفهوم الصفة أنها لو علمت الحال وتركت امتنع منها النسك ، فيمتنع الدخول.
ويمكن تعلقه بأصل الباب ، فيكون المراد : إنّ الحائض لو تركت الإحرام من الميقات مع إرادة النسك أو الدخول ، فيتناول الحكم المذكور بإطلاقه ، لكن امتناع الدخول في هذه الحالة قد يستبعد.
وربما يقال : لا بعد فيه ، لأنّ مريد النسك إذا ترك عمدا يمتنع منه الدخول أيضا ، فلا مزية لهذا الفرد عليه.
قوله : ( ولو أكمل عمرة التمتع المندوبة ففي وجوب الحج إشكال ).
الأصح الوجوب ، وفي الأخبار ما يدل عليه ، مثل قول الصادق عليهالسلام في الفرق بين المتمتع والمعتمر : « إنّ المتمتع مرتبط بالحج ، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء » (١) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « دخلت العمرة في الحج
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٣٥ حديث ٤ ، التهذيب ٥ : ٤٣٧ حديث ١٥١٩ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٨ حديث ١١٦٣.
ويجوز لمن نوى الإفراد مع دخول مكة الطواف ، والسعي ، والتقصير ، وجعلها عمرة التمتع ما لم يلبّ ، فان لبى انعقد إحرامه. وقيل : إنما الاعتبار بالقصد لا التلبية.
______________________________________________________
هكذا وشبك بين أصابعه » (١).
قوله : ( ويجوز لمن نوى الافراد ).
هذا إذا لم يكن متعينا عليه ، لا مطلقا.
قوله : ( ما لم يلب ، فان لبّى انعقد إحرامه ، وقيل : إنما الاعتبار بالقصد ، لا التلبية (٢) ).
الأصح الأول ، لرواية أبي بصير الصحيحة (٣). ويشهد لها من حيث المعنى الأخبار الدالة على أنّ التلبية عقيب الطواف تعقد إحرام المفرد ، إذا طاف بعد دخول مكة ، ولولاها لأحل (٤).
ومعنى قوله : ( وقيل : إنما الاعتبار بالقصد لا التلبية ) معناه : ان الاعتبار بقصد الإهلال بالتلبية ، لا بالتلبية وحدها ، فيكون مقتضاه أنه لو لبّى قاصدا إلى عقد الإحرام بطلت المتعة حينئذ ، لا بدون ذلك.
ويشكل بأنّ التلبية إذا لم تكن مقتضية لعقد الإحرام ، كيف تكون مؤثرة مع النية ، ولا دليل على ذلك؟
ويحتمل أن يكون المراد : انّ الاعتبار بقصده أولا إلى المتعة ، ولا عبرة بالتلبية الواقعة بعد ذلك ، وكلام ابن إدريس محتمل للأمرين ، وإن كان أظهر في المعنى الأول (٥).
__________________
(١) إعلام الورى : ١٣١.
(٢) قاله ابن إدريس في السرائر : ١٢٣.
(٣) الفقيه ٢ : ٢٠٤ حديث ٩٣١ ، التهذيب ٥ : ٩٠ حديث ٢٩٥.
(٤) الكافي ٤ : ٢٩٨ حديث ١ ، التهذيب ٥ : ٤٤ حديث ١٣١.
(٥) السرائر : ١٢٣.
وللمشترط مع الحصر التحلل بالهدي ، وفائدة الشرط جواز التحلل على رأي.
وإنما يصح الشرط مع الفائدة ، مثل إن مرضت ، أو منعني عدو ، أو قلت نفقتي ، أو ضاق الوقت.
ولو قال : أن تحلني حيث شئت
______________________________________________________
قوله : ( وللمشترط مع الحصر التحلل بالهدي ).
المراد : انه لا يجوز بدونه ، وإن كان ظاهر العبارة لا يدل عليه ، لأنّ اللام تقتضي الجواز ، إلا أنّ السياق يرشد اليه.
قوله : ( وفائدة الشرط جواز التحلل على رأي ).
جواب عن سؤال مقدر يرد على ما سبق ، وصورته : أنه لا فرق بين المشروط وغيره ، فلا فائدة للشرط حينئذ.
وجوابه : انّ فائدته ما ذكره (١) ، وهو كون التحلل مستحقا بالأصالة بعد أن كان رخصة.
ومن فوائده أنه عبادة فيترتب عليه الثواب ، ولا يخفى ما في العبارة من المناقشة ، فإنّ جواز التحلل ليس هو الفائدة ، بل ثبوت الجواز حينئذ أصالة.
قوله : ( وإنما يصح الشرط ... ).
أي : إنما يصح بحيث يترتب عليه أثره الذي اختلف فيه الأصحاب ، إذا علق بالعذر الذي فائدة الشرط إنما تتحقق معه.
ولا يخفى ما في العبارة من التعسف والتعقيد ، فإنّ الفائدة المذكورة هنا إن أريد بها الفائدة السابقة ، لم يبق للعبارة معنى بدون تكلّف تقدير شيء لا يدل عليه الكلام ، وإن أريد بها العذر ، كان تسميته بالفائدة أمرا خفيا ، لا ينتبه إليه.
قوله : ( ولو قال : أن تحلني حيث شئت ).
لو أتى بالفاء لكان أولى.
__________________
(١) في « ه » : غير ما ذكره.
فليس بشرط ، ولا مع العذر.
ولا يسقط الحج عن المحصور بالتحلل مع وجوبه ، ويسقط مع ندبه.
المطلب السادس : في تروكه ، والمحرم عشرون :
أ : الصيد ، وهو الحيوان الممتنع بالأصالة اصطيادا وأكلا ـ وإن
______________________________________________________
قوله : ( فليس بشرط ، ولا مع العذر ).
المراد : أنّه ليس بشرط في حالة لا بدون العذر وهو ظاهر ، ولا معه ، لعدم صحته فيكون ولا معه معطوفا على محذوف ، إلا أنه لو قال : ولو مع العذر لكان أولى.
ويمكن عطفه على ( حيث شئت ) والمعنى لو قال : أن تحلني حيث شئت فليس بشرط ، وأن تحلني لا مع العذر ، والمراد : أنه ليس بشرط أيضا.
والأول أسبق إلى الفهم وأقل تكلفا ، والثاني ألصق بالمقام وأوقع في المعنى ، لأنّ ما لا يكون شرطا لا يتفاوت الحال في عدم شرطيته بعروض العذر وعدمه ، فالتعرض إليه لا موقع له.
قوله : ( ولا يسقط الحج عن المحصر بالتحلل مع وجوبه ).
أي : مع استقرار وجوبه ، فلو كان واجب عامه ، ولم يسبق استقراره فلا حج عليه بعد ذلك ، إلا أن تبقى الاستطاعة.
ويلوح من قوله : ( ويسقط مع ندبه ) أنّ المراد بقوله : ( مع وجوبه ) : إنشاؤه واجبا ، فيحتاج حينئذ إلى استثناء من لم يسبق استقراره عليه ، ولم تبق الاستطاعة له ، كما صنع شيخنا الشهيد في حواشيه.
قوله : ( وهو الحيوان الممتنع بالأصالة ).
يدخل فيه المحلل والمحرم ، وبعض المحرم لا يحرم ، ولو قيد بالمحلل خرج ما يحرم من المحرم ، ويندرج فيه الوحشي ، إذا تأنس كما يخرج مقابله.
ذبحه وصاده المحل ـ واشارة ، ودلالة ، وإغلاقا ، وذبحا فيكون ميتة يحرم على المحلّ والمحرم ، والصلاة في جلده ، والفرخ والبيض كالأصل. والجراد صيد ، وما يبيض ويفرخ في البر.
ولا يحرم صيد البحر ، وهو ما يبيض ويفرخ فيه ، ولا الدجاج الحبشي ، ولا فرق بين المستأنس والوحشي ، ولا يحرم الانسي بتوحشه ،
______________________________________________________
قوله : ( وإن ذبحه وصاده المحل ).
هو وصلي لقوله : ( وأكلا ).
قوله : ( وإشارة ودلالة ).
الإشارة معلومة ، والدلالة نحو القول والكتابة.
قوله : ( وما يبيض ويفرخ في البر ).
كالبط ونحوه ، فإنه لا يبيض في الماء وإن كان لازمه ، وبه صرح في التذكرة (١) وغيرها (٢) ، حاكيا إجماع العلماء ، الا من شذّ (٣).
والمعيار فيما يعيش في البر والماء بيضه ، فان كان في البر فصيد ، وإلا فبحري ، ولو اختلف جنسه في ذلك فلكل حكم نفسه كالسلحفاة ، فإن منها برية ومنها بحرية.
قوله : ( ولا الدجاج الحبشي ).
للنص على ذلك عندنا ـ خلافا لبعض العامة ـ ، فإنه لا يطير بين السماء والأرض كما في الرواية (٤).
قوله : ( ولا فرق بين المستأنس والوحشي ).
أي : من الوحشي.
__________________
(١) التذكرة ١ : ٣٣١.
(٢) المنتهى ٢ : ٨٠٢.
(٣) هو عطاء كما في المغني لابن قدامة ٣ : ٣٤٨.
(٤) الكافي ٤ : ٢٣٢ حديث ٢ ، الفقيه ٢ : ١٧٢ حديث ٧٥٦.
ولا فرق بين المملوك والمباح ، ولا بين الجميع وأبعاضه.
ولا يختص تحريمه بالإحرام ، بل يحرم في الحرم أيضا ، والاعتبار في المتولد بالاسم ، ولو انتفى الإسمان فان امتنع جنسه حرم ، وإلاّ فلا.
ب : النساء وطأ ، ولمسا بشهوة لا بدونها ، وعقدا له ولغيره. ـ والأقرب جواز توكيل الجد المحرم محلا ، وشهادة عليه ، وإقامة على اشكال ، وإن تحمل محلا ويجوز بعد الإحلال وإن تحمل محرما ـ ، وتقبيلا
______________________________________________________
قوله : ( ولا بين المملوك والمباح ).
أي : في القسمين المستأنس من الوحشي وعكسه ، أو في مطلق الانسي والوحشي ، وكل ما له نوعان وحشي وانسي كالبقر ، فلكل نوع حكم نفسه.
قوله : ( ولو انتفى الاسمان فان امتنع جنسه حرم ، وإلاّ فلا ).
المراد : كونه ممتنعا بالعدو أو الطيران ، وكأنه أراد بالجنس مشابهه ، وفيه تكلف ظاهر ، لأنه مع انتفاء الاسمين عنه كيف يكون جنسه ممتنعا؟ وقد كان ينبغي اعتبار امتناعه بنفسه ، لأنّه حينئذ صيد بصفته ، ولا مانع ينافي ذلك من نسبته إلى جنس آخر.
قوله : ( والأقرب جواز توكيل الجد المحرم محلا ).
لا أرى وجها لتخصيص الجد بالذكر ، فإن الأب مثله ، وكذا غيرهما من الأولياء. والأصح عدم الجواز ، لأنه يشترط في الموكل أن يملك مباشرة التصرف الذي يوكل فيه ، ولأنّ الفعل حينئذ نيابة عنه.
قوله : ( وإقامة على إشكال ).
الأصح التحريم ، لإطلاق النصوص النهي عن الشهادة على النكاح (١) ، وهو شامل لمحل النزاع ، لكن مع خوف حصول الزنى المحرم بترك الشهادة ، يعلم الحاكم بأن عنده شهادة ، فليوقف الحكم إلى إحلاله ، ويفهمه ما يقتضي إيقاف
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٧٢ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٠ حديث ١٠٩٥ ، التهذيب ٥ : ٣١٥ حديث ١٠٨٧ ، الاستبصار ٢ : ١٨٨ حديث ٦٣٠.
ونظرا بشهوة ، وفي معناه الاستمناء.
ويقدم إنكار إيقاع العقد حالة الإحرام على ادعائه ، فإن كان المنكر المرأة فالأقرب وجوب المهر كملا ، ويلزمها توابع الزوجية ، وبالعكس ليس لها المطالبة مع عدم القبض ، ولا له المطالبة معه.
______________________________________________________
الحكم ، فلا يلزم حصول ضرر ، ولا فرق بين كونها على محلين ، أو محرمين ، أو بالتفريق.
قوله : ( ونظر الشهوة ).
لا بدونها في الزوجة والأجنبية بالنسبة إلى النظرة الأولى ، بناء على جوازها.
قوله : ( وفي معناه الاستمناء ).
أي : وفي معنى ما ذكر ، من تحريم النساء باعتبار الوطء ونحوه الاستمناء.
قوله : ( فالأقرب وجوب المهر كملا ).
هذا هو الأصح ، لوجوب المهر كله بالعقد ، وانتفاء المقتضي للتنصيف وهو الطلاق.
وقيل بوجوب النصف (١) ، بناء على أنّ العقد يقتضيه فقط ، ويكون دعوى الزوج الفساد قبل الدخول بمنزلة الطلاق.
قوله : ( وتلزمها توابع الزوجية ).
بمقتضى إقرارها ، وكذا تلزمه حقوق الزوجية إذا حلفت ظاهرا ، وفيما بينه وبين الله يجب عليه ما يعلم أنه الحق.
قوله : ( وبالعكس ليس لها المطالبة مع عدم القبض ... ).
وعليها القيام بحقوق الزوجية ظاهرا ، وتفعل فيما بينها وبين الله تعالى ما تعلم أنه الحق ، وعلى الزوج بمقتضى الإقرار نفقتها والمبيت عندها ، وإن لم يكن لها المطالبة بذلك.
__________________
(١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣١٨.
ولو وكّل محرم محلا فأوقع العقد فيه بطل ، وبعده يصح.
ويجوز الرجعة للرجعية ، وشراء الإماء وإن قصد التسري ومفارقة النساء.
ويكره للمحرم الخطبة ، ولو كانت المرأة محرمة والرجل محلا فالحكم كما تقدم.
ج : الطيب مطلقا على رأي ، أكلا ولو مع الممازجة
______________________________________________________
وإنما عمل بالأصلين المتنافيين ، لأنّ حقوق العباد مبنية على التضيق ، فلا يجوز تضييع حقها ولا حقه ، بل يراعى الجمع بين الحقين ما أمكن.
قوله : ( وشراء الإماء ، وإن قصد التسري ).
ولو كان قصده فعل ذلك في حال الإحرام حرم الفعل ، ولا يفسد العقد ، لعدم منافاة الإحرام له ، والنهي لا يقتضي الفساد في المعاملات.
قوله : ( ومفارقة النساء ).
أي : يجوز ذلك بالطلاق وغيره.
قوله : ( ويكره للمحرم الخطبة ).
سواء له ولغيره.
قوله : ( ولو كانت المرأة محرمة ... ).
أي : الحكم في المرأة المحرمة ما تقدم في الرجل المحرم من الوطء ، والنظر ، والتقبيل ، والعقد ، والتوكيل فيه ، والشهادة ، وغير ذلك من الأحكام السابقة كلها.
قوله : ( الطيب مطلقا على رأي ).
يحرم كله على الأصح ، للنص (١).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٥٢ حديث ١ ، التهذيب ٥ : ٢٩٧ حديث ١٠٠٦ ، الاستبصار ٢ : ١٧٨ حديث ٥٩٠.
مع بقاء كيفه ، ولمسا ، وتطيبا وإن كان المحرم ميتا ، إلاّ خلوق الكعبة ، واضطرارا ويقبض على أنفه. ويتأكد المسك ، والعنبر ، والكافور ، والزعفران ، والعود.
ويجوز السعوط مع الضرورة ، والاجتياز في موضع يباع فيه ،
______________________________________________________
قوله : ( مع بقاء كيفيته ).
أي : من لون أو طعم أو رائحة ، ومع انتفاء الجميع واستهلاكه فلا بأس.
قوله : ( إلاّ خلوق الكعبة ).
هي بفتح الخاء : أخلاط من الطيب منها الزعفران ، فعلى هذا يحرم لو كان طيب الكعبة غيرها.
قال الشيخ : لو دخل الكعبة ، وهي تجمّر أو تطيّب لم يكن له الشم (١).
قوله : ( ويقبض على أنفه ).
أي : وجوبا ، فتجب الكفارة بدونه.
قوله : ( ويتأكد المسك ... ).
أي : يتأكد تحريم هذه ، نظرا إلى قوة مدركها ، للإجماع عليها ووقوع الخلاف في غيرها.
قوله : ( ويجوز السعوط مع الضرورة ).
هو بفتح السين ، والظاهر لزوم الكفارة. ويلوح من عبارة المنتهى (٢) والتذكرة العدم (٣) ، وكأنّه لوجود الأمر به في الرواية (٤) ، ويظهر من الدروس وجوب الكفارة (٥).
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢٥٤ مسألة ٩٧ كتاب الحج.
(٢) المنتهى ٢ : ٧٨٦.
(٣) التذكرة ١ : ٣٣٤.
(٤) الفقيه ٢ : ٢٢٤ حديث ١٠٥٤ ، التهذيب ٥ : ٢٩٨ حديث ١٠١٢ ، الاستبصار ٢ : ١٧٩ حديث ٥٩٥.
(٥) الدروس : ١٠٦.