جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

إلاّ القضاء لو جامع في الفرج قبل الوقوف فان الوجوب عليه دون الولي ، ولا يصح في الصّبا بل بعد بلوغه ، وأداء حجة الإسلام مع وجوبها.

______________________________________________________

أصلا ، ولا يجب على المكلفين منعه ، ففي الوجوب قوّة.

قوله : ( إلاّ القضاء لو جامع في الفرج قبل الوقوف ... ).

استثناء من انّ لوازم المحظورات على الوليّ ، وانّما كان القضاء عليه ، لأنه لا يعقل صدور القضاء من غير من تعلق به ، لأنّ النيابة لا تدخله اختيارا بخلاف الكفارة.

وقد بنى الشيخ تعلق القضاء بالصّبي ، وسقوطه على ما سبق في الكفارة (١) ، والمعتمد الأوّل.

قوله : ( فانّ الوجوب عليه دون الولي ).

أراد بالوجوب : ما لا بدّ منه كالطهارة المترتبة على حدثه ، أو الوجوب الحقيقي بعد بلوغه.

قوله : ( ولا يصحّ في الصّبا ، بل بعد بلوغه ).

إنّما لم يصحّ في الصّبا ، لأنّ فعله لا يوصف بالشّرعية. قيل : قد سبق أنّ حجه صحيح ، فلم لا يجزئ؟ ولو قلنا انه غير شرعي ، فإذا كان السّبب غير شرعي فليكن المسبب مثله.

قلنا : الإفساد سبب في القضاء ، وكونه سببا ثابت شرعا ، فهو كالحدث للطهارة ، والجنابة للغسل ، فيجب أن يكون مسبّبه معتبرا في نظر الشارع ليسقط مقتضاه ، ولا يكون شرعيّا إلاّ بعد بلوغه ، وليس حجة الأوّل في الصّبا هو السّبب ، فإذا بلغ تعلق به مقتضى السّبب وهو القضاء ، فوجب عليه فعله.

ويجب تقديم حج الإسلام عليه ، لأن سببه أسبق ، إذ هو واجب بأصل الشرع ، وهي الأوامر الشرعية المتقدّمة على هذه الأسباب ، ففي أوّل بلوغه يتعلق به قبل تعلق غيرها.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٢٩.

١٢١

ويجب أن يذبح عن الصبي المتمتع الصغير ، ويجوز أمر الكبير بالصيام ، فان لم يوجد هدي ، ولا قدر الصبي على الصوم وجب على الولي الصوم عنه.

والولي هو ولي المال ، وقيل للأم ولاية الإحرام بالطفل ، والنفقة الزائدة على الولي.

الثاني : الحرية ، فالعبد لا يجب عليه الحج وإن أذن مولاه ، ولو تكلفه بإذن لم يجزئه عن حجة الإسلام ، إلاّ أن يدرك عرفة أو المشعر معتقا.

______________________________________________________

قوله : ( ويجوز أمر الكبير بالصيام ).

لأنّ الصّبي بالنسبة إلى الهدي فقير ، إذ لا يجوز صرفه من ماله ، ولا يتحتم من مال الولي ، لأنّ له بدلا يتمّم به ، والانتقال إلى البدل منوط بالفقر من المناسك ، لقوله تعالى ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ) (١).

قوله : ( وقيل : للأم ولاية الإحرام بالطفل (٢) ).

هذا القول قوي ، وبه رواية (٣) ، وقد اختاره في المختلف (٤) ، وعليه الفتوى.

قوله : ( والنفقة الزائدة ... ).

أي على نفقة الحضر.

قوله : ( إلاّ أن يدرك عرفة ، أو المشعر معتقا ).

لا بدّ من الاستطاعة للاجزاء في العبد إذا أعتق ، والصّبي والمجنون إذا‌

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) قاله الشهيد في الدروس : ٨٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٦ حديث ١٦ ، الاستبصار ٢ : ١٤٦ حديث ٤٧٨.

(٤) المختلف : ٢٥٧.

١٢٢

ولو أفسد وأعتق بعد الموقفين وجبت البدنة ، والإكمال ، والقضاء ، وحجة الإسلام ويقدمها ، فلو قدم القضاء لم يجز عن إحديهما ، ولو أعتق قبل المشعر فكذلك الا أن القضاء يجزئ عن حجة الإسلام.

وللمولى الرجوع في الاذن قبل التلبس لا بعده ، فلو لم يعلم العبد صح حجه ، وللمولى أن يحلله على اشكال.

______________________________________________________

أكملا ، وظاهرهم أنّ الاستطاعة المعتبرة هي من البلد ، وهو محل كلام.

قوله : ( ولو أفسد وأعتق بعد الموقفين ).

الظرف متعلق بـ ( أعتق ) لا بـ ( أفسد ).

قوله : ( وجبت البدنة والإكمال والقضاء وحجة الإسلام ).

أما البدنة ، فلأنه قد صار حرا ، وأما وجوب حجة الإسلام مع القضاء ، فلأنّ الحج الّذي أفسده لم يكن مجزئا له ، لعدم حصول الحريّة قبل الموقفين.

قوله : ( ويقدّمها ).

لأنّ سببها بأصل الشرع ، فهو سابق على ما وجب بالشروع.

قوله : ( فلو لم يعلم العبد صح حجة ).

لأنّ تكليفه برجوع المولى يقتضي تكليف الغافل ، وهو محال ، وما أشبهها برجوع الموكل قبل التصرّف ولم يعلم الوكيل.

قوله : ( وللمولى أن يحلّله على إشكال ).

ينشأ من أنّ للمولى حقّا ، حيث أنه رجع قبل إحرام العبد ، ولمّا لم يعلم برجوعه امتنع الحكم بفساد إحرامه فيكون صحيحا ، وله أن يحلله جمعا بين الحقين ، ومن عموم قوله تعالى ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (١).

وفي هذا الاشكال نظر ، لأنّ صحّة الحج إنّما تكون لبطلان رجوع المولى قبل الإحرام ، حيث لم يعلم العبد ، إذ لا واسطة بين صحّة الرّجوع وبطلانه. فإن‌

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

١٢٣

والفائدة تظهر في العتق قبل المشعر ، وإباحة التحليل للمولى.

وحكم المدبر ، والمكاتب ، والمعتق بعضه ، وأم الولد حكم القن. وللزوج والمولى معا منع الأمة المزوجة عن الحج.

ولو هاياه وأحرم في نوبته فالأقوى الصحة

______________________________________________________

صحّ كان إحراما بدون الاذن فلم ينعقد ، وإن لم يصحّ الرّجوع انعقد الإحرام لوقوعه بالاذن ، كما لو لم يرجع سواء ، فجواز التحليل لا وجه له أصلا ، لانتفاء حق المولى حينئذ بالكليّة.

والإحرام ليس من العبادات الجائزة ، وإنما يجوز الخروج منه في مواضع مخصوصة استثنيت شرعا ، ولم يتحقق أنّ هذا منها ، فاللازم إمّا الفساد من رأس ، أو عدم جواز التحليل أصلا.

قوله : ( والفائدة تظهر في العتق قبل المشعر ، وإباحة التحليل للمولى ).

هذه لا تعدّ فائدة ، لأنّ إباحة التحليل ليس أمرا زائدا على الحكم بأن للمولى أن يحلله ، والصّواب في العبارة أن يقول : وإباحة التحليل للمولى لا التحلل ، لأنه لازم.

قوله : ( ولو هاياه مولاه ، وأحرم في نوبته فالأقوى الصحّة ).

ينبغي أن تكون المسألة مفروضة فيما إذا كانت مدّة المهاياة بحيث تتسع لجميع أفعال الحجّ ، وأن لا يكون فيه ضرر متوقع في نوبة المولى ، وأن يكون مأذونا في السّفر إن توقف الحجّ عليه ، وحينئذ فيجب القول بالصحّة ، سواء أطلق له اللفظ في التصرّف أو عمم له فيما يختار من التصرّفات.

هذا إن لم نقل بوجوب كفارات الإحرام والإفساد ، والتمكين منها ، والتمكين من القضاء على المولى الآذن في الإحرام ، فإن قلنا بالوجوب لم يصح ، وإلاّ صح وسيأتي أنه لا يجب على المولى شي‌ء من ذلك ، فيكون صحيحا.

١٢٤

ـ وللمولى التحليل مع قصورها عن أفعال الحج ـ والإجزاء عن حجة الإسلام إن أعتق قبل أحد الموقفين ، ولو أحرم القن بدون اذن وأعتق قبل المشعر وجب تجديد إحرام من الميقات ، فان تعذر فمن موضعه.

ولو أفسد غير المأذون لم يتعلق به حكم.

ولو أفسد المأذون وجب القضاء ، وعلى السيد التمكين على اشكال.

ولو تطيّب المأذون ، أو لبس فعليه الصوم ، وللمولى منعه لأنه لم يأذن فيه ، أما بدل الهدي فليس له منعه.

______________________________________________________

قوله : ( وللمولى التحليل مع قصورها ).

أي : مع قصور نوبة العبد عن أفعال الحجّ ، سواء ظن اتساعها لأفعال الحج ثم تبين خلافه ، أم لا.

ويبعد القول بصحّة الإحرام حينئذ ، إلاّ أن يحمل التحليل على مجازه ، أعني : الحكم ببطلان ما شرع فيه من الإحرام وغيره ، وحينئذ فيكون في قوة الاستثناء من إطلاق الحكم بصحة الإحرام في نوبته ، وإن كان لا يخلو من بعد وخفاء ، أو يحمل قصور المدة على عروض مانع من الإتيان بجميع الأفعال فيها من نحو مرض أو عدوّ ، إلا أنّ الحكم بالتحليل هنا مشكل ، لأنّ الإحرام من العبادات اللازمة لا الجائزة.

وجواز التحلل منحصر في مواضع استثناها الشارع فلا يتعدّاها ، لكن على ما احتمله المصنّف من جواز تحليل المولى مأذونه إذا رجع قبل الشروع ولم يعلم ، يتجه التحليل هنا بطريق أولى ، لانتفاء الإذن الصّريح هنا بخلافه. ثم وعلى إطلاق الحكم بالصحّة يحتاج إلى التقييد بسعة النّوبة ، وغيره من القيود السّابقة.

قوله : ( ولو أفسد المأذون وجب القضاء ).

وعلى السيّد التمكين على إشكال ، ولو تطيّب المأذون أو لبس فعليه الصوم ، وللمولى منعه ، لأنّه لم يأذن له فيه.

١٢٥

البحث الثالث : الاستطاعة ، والمراد بها : الزاد والراحلة.

اما الزاد : فهو أن يملك ما يمونه من القوت والمشروب بقدر حاله الى الحج ، والى الإياب إلى وطنه وإن لم يكن له أهل ، فاضلا عن حاجته من المسكن ، وعبد الخدمة ، وثياب البذلة ، والتجمل ، ونفقة عياله إلى الإياب.

______________________________________________________

أمّا الصوم فلأنّ الكفارة بغيره لا يتصوّر وجوبها عليه ، لعدم ملكه ، ولا على المولى خلافا للمفيد (١) ، لأنّ المأذون فيه هو الحجّ ، لا إفساده.

وليس الإفساد من لوازم معنى الحجّ ، بل من منافيات المأذون فيه ، لأنّ الإذن في الفعل الخالي عن موجبات الكفارة ـ حيث أنّ الإذن في العبادة الموجبة للثواب ـ دون ما يترتب العقاب على فعله ، ومن ثم تبيّن عدم وجوب تمكين السيّد من الصوم.

وأمّا القضاء فالفرق بينه وبين الكفارة : أنّ القضاء هل هو الفرض ، والفاسد هو العقوبة ، أو بالعكس؟ فعلى الثاني لا يجب التمكين ، لمثل ما قلناه سابقا ، وعلى الأوّل يحتمل الوجوب ، لأنّ الإذن بمقتضى الإفساد انصرف الى القضاء ، وقد لزم بالشروع فلزمه التمكين. ويحتمل العدم ، لأنّه وإن كان هو الفرض إلاّ أنّ الإذن إنّما يتناول الأوّل خاصة ، وهو الّذي حصل بالشّروع فيه ، وليس للاذن بالحج دلالة على القضاء بوجه من الوجوه ، والأصحّ عدم الوجوب.

قوله : ( أما الزّاد فهو أن يملك ... ).

فيه تسامح ، لأن ملك ذلك ليس هو الزاد.

قوله : ( وثياب البذلة ).

بالكسر : ما يبتذل ، أي : يمتهن ولا يصان.

__________________

(١) المقنعة : ٦٩.

١٢٦

وأما الراحلة : فتعتبر في حق من يفتقر الى قطع المسافة وإن قصرت عن مسافة القصر ، ويشترط راحلة مثله وإن قدر على المشي ، والمحمل إن افتقر اليه ، أو شق محمل مع شريك ، ولو تعذر الشريك سقط إن تعذر الركوب بدونه.

وإن لم يجد الزاد والراحلة ، وأمكنه الشراء وجب وإن زاد عن ثمن المثل على رأي.

ولو منع من دينه وليس غيره فعاجز ، وإلا فقادر. والمديون يجب عليه الحج إن فضل ماله عما عليه ، وإن كان مؤجلا بقدر الاستطاعة ، وإلاّ فلا.

______________________________________________________

قوله : ( ولو لم يجد الزاد والراحلة ، وأمكنه الشراء وجب ، وإن زاد عن ثمن المثل على رأي ).

الأصحّ الوجوب ما لم يجحف بماله.

قوله : ( ولو منع من دينه ... ).

سواء كان المنع حسيا أو شرعيا.

قوله : ( والمديون يجب عليه الحجّ إن فضل ما له عما عليه ـ وإن كان مؤجلا ـ بقدر الاستطاعة ، وإلاّ فلا ).

أي : إن فضل بقدر الاستطاعة ، والا فلا يجب وإن كان الدّين مؤجلا ، فيكون قوله : ( وإن كان مؤجلا ) اعتراضا بين الجار ومتعلقة ، وجملة الاعتراض معطوفة على جملة محذوفة.

وكان حقّها أن تكون بعد قوله : ( وإلاّ فلا ) لأنّ ماله إذا فضل عن دينه بقدر الاستطاعة ، لا يكون بين مؤنة الحجّ والدّين مزاحمة أصلا ، فلا معنى لعطف الوجوب مع التأجيل بـ ( أن ) الوصلية. نعم ، على تقدير أن لا يفضل مقدار ذلك ، قد يتوهم الوجوب حينئذ ، لعدم توجّه المطالبة بالدين حينئذ ، فهذه الجملة لدفع التوهّم المذكور.

١٢٧

ويصرف المال الى الحجّ لا الى النكاح ، وإن احتاج اليه وشق تركه.

ويصرف رأس ماله الذي لا يقدر على التجارة إلاّ به إلى الحج.

ولا يجب الاقتراض للحج ، إلاّ أن يفضل ماله بقدر الحاجة المستثناة عن القرض.

______________________________________________________

قوله : ( لا إلى النكاح ، وإن احتاج إليه وشق تركه ).

إلاّ مع المشقة الشديدة المفضية إلى الضّرر ، فيجوز.

قوله : ( ولا يجب الاقتراض للحجّ إلاّ أن يفضل ماله بقدر الحاجة ).

هنا سؤال يرد على هذه المسألة ونظائرها ـ مثل المحرم في المرأة ، والقائد في الأعمى ، والحافظ في المبذّر ، وبذل الزائد عن ثمن المثل ، أو اجرة المثل ، في آلات السّفر ـ وصورته : أنّ هذه شروط للواجب المشروط ، فلا يجب تحصيلها ، لأنّ شرط الواجب المشروط لا يجب تحصيل شرطه.

وحلّه بتحقيق المقام : وذلك أنّ شرط الواجب المشروط الّذي لا يجب تحصيله هو الذي قرن به الأمر ، أمّا غيره من الشروط الباقية فإن الأمر بالإضافة إليها مطلق ، فيجب تحصيلها ، والأمر بالحجّ مشروط بالاستطاعة ، فكلما يكون داخلا في مسمّى الاستطاعة لا يجب تحصيله ، ولا يجب الحج إلاّ إذا حصل.

أما غيره فيجب تحصيله مع القدرة ، وبدونه يسقط وجوب الحجّ ، والاقتراض ليس داخلا في الاستطاعة قطعا إذا كان المال حاصلا ، وكذا القائد في الأعمى ، والدّواء في المريض المحتاج إليه الذي لا يضر وبالسّفر والركوب.

وأراد بقوله : ( الحاجة المستثناة ).

ما سبق استثناؤه ، كثياب البذلة والتجمل ، وفرس الركوب ، وغيرها.

ولو كانت هذه المستثنيات نفيسة يجتزئ بما دونها ، فان كان حاله يقتضيها‌

١٢٨

وفاقد الاستطاعة لو قدر على التكسب ، أو وهب قدرها ، أو بعضها وبيده الباقي لم يجب إلاّ مع القبول.

ولو بذلت ، أو استؤجر للمعونة بها ، أو اشرطت له في الإجارة ، أو بعضها وبيده الباقي وجب.

______________________________________________________

عادة ، فتكلّف الاكتفاء بما دونها ، فالظاهر أنه لا يجب بيعها ، ولا يجزئه الحج لو باعها وحجّ بالفاضل عما يكتفى به.

قوله : ( وفاقد الاستطاعة لو قدر على التكسب ، أو وهب قدرها ، أو بعضها وبيده الباقي لم يجب إلاّ مع القبول ).

عطف قوله : ( أو بعضها ) على ( الاستطاعة ) ، أي : وفاقد بعضها وبيده الباقي لو قدر على تكسب البعض الآخر ، أو وهبه لم يجب القبول ، وفيه تكلّف حذف كثير.

ويمكن أن يكون معطوفا على ( قدرها ) أي : لو قدر على التكسب قدرها ، أو وهب قدرها أو بعضها ، أي قدر على التكسب بعضها ، أو وهب بعضها وبيده الباقي.

ويكون كل من الصور مندرجا في قوله : ( فاقد الاستطاعة ) لأنّ الفقد صادق بأن لا يملك شيئا أصلا ، أو يملك البعض ، وهذا أحسن من الأوّل.

قوله : ( ولو بذلت له ، أو استؤجر للمعونة بها ، أو شرطت له في الإجارة ، أو بعضها وبيده الباقي وجب ).

يراد بقوله : ( أو بعضها ) في جميع المسائل ، ولا يخفى أنه لا بدّ في الإجارة والشرط من قبول ذلك ، ليتحقق العقد الملزم ، فلا يجب من دونه.

أمّا البذل لمجموعها ، أو لبعضها وبيده الباقي ففي وجوب الحجّ بمجرّده قولان : أصحّهما أنه إن كان على وجه لازم كالنذر وجب ، وإلاّ لم يجب ما لم يقبل اشتراطه في عقد لازم ، ونحوه كما في الهبة.

وقول المصنّف : ( وجب ) على إطلاقه لا يستقيم ، لأنّ الإجارة لا بد فيها‌

١٢٩

ولو حج الفاقد نائبا لم يجز عنه لو استطاع.

وليس الرجوع الى كفاية من صناعة ، أو حرفة شرطا على رأي.

وأوعية الزاد والماء داخلة في الاستطاعة ، فإن تعذرت مع الحاجة سقط الوجوب. ويجب شراؤها مع وجود الثمن وإن كثر.

وعلف البهائم المملوكة ومشروبها كالزاد والراحلة. وليس ملك عين الراحلة شرطا بل ملك منافعها.

ولو وجد الزاد والراحلة ، وقصر ماله عن نفقة عياله الواجبي النفقة ، والمحتاج إليهم ذهابا وعودا سقط الحج.

______________________________________________________

من القبول اتفاقا ، فلا يجب بدونه.

قوله : ( وليس الرّجوع إلى كفاية ... ).

الأصحّ أنّه لا يشترط ذلك ، لصدق الاستطاعة ، وليس في الرّواية صراحة بمدعي الشّيخ والجماعة (١).

قوله : ( ويجب شراؤها مع وجود الثمن وإن كثر ).

إلا أن يجحف ، أو يضربه.

قوله : ( وعلف البهائم المملوكة ... ).

لا بدّ من تقييدها بكونها محتاجا إليها في الطريق ، أو لكونها من المستثنيات ، وإلا فلا يعدّ من الاستطاعة.

قوله : ( وقصر ماله عن نفقة عياله الواجبي النفقة والمحتاج إليهم ... ).

أي : المحتاج إليهم ولا تجب نفقته كالخادم الذي لا يشترط ، لكنه إذا لم ينفق عليه يذهب.

__________________

(١) ادعاه الشيخ في المبسوط ١ : ٢٩٧ ـ ٢٩٨ ، والرواية وردت في الكافي ٤ : ٢٦٧ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٣ حديث ٢ ، الاستبصار ٢ : ١٣٩ حديث ٤٥٤.

١٣٠

ولو تكلف الحج مع فقد الاستطاعة ، أو حج عنه من يطيق الحج مع الاستطاعة وبدونها لم يجزئه.

ولا يجب على الولد بذل الاستطاعة للأب.

البحث الرابع : إمكان المسير ، ويشتمل على أربعة مباحث :

أ : الصحة ، فلا يجب على المريض المتضرر بالركوب والسفر ، ولو لم يتضرر وجب. وهل يجب على المتضرر الاستنابة؟ الأقرب العدم.

والدواء في حق غير المتضرر مع الحاجة إليه كالزاد.

______________________________________________________

قوله : ( أو حج عنه من يطيق الحج مع الاستطاعة وبدونها ... ).

هذه العبارة لا تخلو من شي‌ء ، لأنّ من يطيق الحج كأنه لا فائدة فيه ، فيكون مستدركا ، إلا أن يتكلف لها ما يصير به مسامحة.

قوله : ( ولا يجب على الولد ... ).

وكذا العكس بطريق أولى.

قوله : ( وهل يجب على المتضرر الاستنابة؟ الأقرب العدم ).

سوق الكلام يقتضي أنّ الحكم فيمن لم يسبق استقرار وجوب الحج في ذمّته ، وبه صرّح في شرح الإرشاد.

ويظهر من استدلال المختلف ـ أن وجوب الاستنابة في حقّ هذا الفرد لا كلام فيه (١) ، وإليه يرشد تعليل ابن إدريس ـ نفي الوجوب (٢) ، وقد صرّح الشّيخ (٣) والمصنّف بأنّ وجوب الاستنابة إنّما هو مع اليأس من زوال العذر ، أمّا معه فلا (٤) ، وهو واضح ، وإلا لم يتحقق اعتبار التمكن من المسير في الاستطاعة في حقّ أحد من المكلفين ، وهو معلوم البطلان ، وحينئذ فالأصحّ الوجوب تمسكا‌

__________________

(١) المختلف : ٢٥٧.

(٢) السرائر : ١٢١.

(٣) المبسوط ١ : ٢٩٩.

(٤) المنتهى ٢ : ٦٥٥.

١٣١

ويجب على الأعمى ، فإن افتقر إلى قائد وتعذر ـ لفقده ، أو فقد مؤنته ـ سقط ، وإلاّ فلا.

ويجب على المحجور المبذّر ، وعلى الولي أن يبعث معه حافظا.

والنفقة الزائدة في مال المبذّر ، واجرة الحافظ جزء من الاستطاعة إن لم يجد متبرعا.

______________________________________________________

بظاهر الآية (١) والاخبار (٢) ، وإذا بري‌ء فقد صرّح الشّيخ والمصنّف بوجوب الإعادة ، وهو الأصحّ.

ويشكل بأنّ الاستنابة إن كانت فرضه لم يجب حج آخر ، وإلا لم يجب الاستنابة ، للأخبار المصرحة بأنّ الحج في العمر مرة واحدة.

ولو استناب من يرجو زوال العذر جاز وإن لم يجب ، وإذا بري‌ء فلا كلام في وجوب الحج مع تحقق الاستطاعة.

ولو مات بعد البرء وقبل الحج وجب الاستئجار عنه ، وكذا القول في المأيوس من برئه. ولو مات قبله ، فان استناب المأيوس فلا شي‌ء ، وإلا وجبت الاستنابة أما غير المأيوس فقد صرّح المصنّف بعدم وجوب الاستنابة بعد الموت وإن لم يستنب قبله.

والممنوع بكبر ، أو زمن (٣) ـ بحيث لا يستمسك على الراحلة ـ ، أو بعدو كالمريض في ذلك كله (٤).

قوله : ( فان افتقر إلى قائد ـ إلى قوله : ـ إن لم يجد متبرعا ).

قد سبق في جواب الإشكال تنقيح ذلك ، وفي المبذّر بزيادة ، فإن المنع مستند إليه ، فإن التبذير من فعله ، وهو قادر على تركه ، فإذا لم يفعل كان هو‌

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٢) الكافي ٤ : ٢٦٦ باب استطاعة الحج ، التهذيب ٥ : ٣ باب وجوب الحج ، الاستبصار ٢ : ١٣٩ باب ماهية الاستطاعة وانها شرط في وجوب الحج.

(٣) في « ن » : مرض.

(٤) المنتهى ٢ : ٦٥٥.

١٣٢

ب : التشبث على الراحلة ، فالمغصوب غير المستمسك عليها ، والمحتاج الى الزميل مع فقده لا حج عليهما. ولو لم يستمسك خلقة لم تجب الاستنابة على رأي.

ولو احتاج الى حركة عنيفة يعجز عنها سقط في عامه ، فإن مات قبل التمكن سقط.

ج : أمن الطريق في النفس والبضع والمال ، فيسقط الحج مع الخوف على النفس من عدو أو سبع ، ولا تجب الاستنابة على رأي.

ولو كان هناك طريق غيره سلكه واجبا ، وإن كان أبعد مع‌

______________________________________________________

المضيع للحج.

قوله : ( فالمغصوب ).

المراد به : الضعيف النضو ، أو الزمن الذي لا حراك به.

قوله : ( والمحتاج إلى الزّميل ).

الزميل : هو الرّديف.

قوله : ( ولو لم يستمسك خلقة ... ).

نظم هذه العبارة غير جيّد ، لأنّ غير المستمسك مطلقا هل تجب عليه الاستنابة أم لا ، إذا بئس من برئه؟ فيه قولان ، وأيضا فإنّ العبارة تقتضي أن تكون هذه مسألة مستأنفة ، وفي الواقع هي بعض أقسام أحكام المعضوب ، والأصحّ فيه ما قلناه في المريض.

قوله : ( ولو احتاج إلى حركة عنيفة ـ إلى قوله : ـ سقط ).

هذه تقتضي أنّ المسائل كلها مفروضة فيمن لم يسبق الوجوب في حقّه.

قوله : ( فيسقط الحج مع الخوف على النفس من عدوّ أو سبع ، ولا تجب الاستنابة على رأي ).

تجب الاستنابة مع اليأس من زواله أصلا عادة كما سبق في المريض والمعضوب على الأصحّ ، وإلا فلا ، وجميع ما سبق هناك آت هنا.

١٣٣

سعة النفقة.

والبحر كالبر إن ظن السلامة به وجب ، وإلاّ فلا.

والمرأة كالرجل في الاستطاعة ، ولو خافت المكابرة أو احتاجت الى محرم وتعذر سقط ، وليس المحرم مع الغنى (١) شرطا. ولو تعذّر إلاّ بمال مع الحاجة وجب مع المكنة ، ولو خاف على ماله سقط.

ولو كان العدو لا يندفع إلا بمال ، وتمكن من التحمل به ففي سقوط الحج نظر.

ولو بذل له باذل وجب ، ولا يجب لو قال : اقبل المال وادفع أنت.

______________________________________________________

قوله : ( ولو خاف على ماله سقط ).

محترز قوله أولا : ( والمال ) في قوله : ( أمن الطريق ).

قوله : ( ولو كان العدو لا يندفع إلا بمال ، وتمكن من التّحمل به ففي سقوط الحج نظر ).

أي : وتمكن من تحمل الحج بالمال ، ولا يخفى ضعف هذا التركيب ، ومنشأ النظر من الشك في دخول ذلك في الاستطاعة وعدمه.

فإن قلنا بالأوّل لم يجب لفقد الاستطاعة ، وإلاّ وجب. وفي السّقوط بعد الشك في دخول ذلك في الاستطاعة ، ولأنه لو احتاج الى بذل المال لإصلاح الطريق ، أو قنطرة النهر ونحوهما لزم أن لا يجب.

والأصحّ الوجوب ، إلاّ أن يجحف بماله ، وموضع التردّد ما إذا لم يكن قد أحرم ، فإن أحرم ثم عرض المنع وجب البذل.

قوله : ( ولا يجب لو قال : اقبل المال ، وادفع أنت ).

الفرق أنّ هذا تحصيل للشرط ، أعني : الاستطاعة ، إذ المال المبذول لا شبهة في دخوله في الاستطاعة.

__________________

(١) أي عن المحرم.

١٣٤

ولو وجد بدرقة بأجرة ، وتمكن منها فالأقرب عدم الوجوب.

ولو افتقر الى القتال فالأقرب السقوط مع ظن السلامة.

ولو تعددت الطرق تخيّر مع التساوي في الأمن ، والاّ تعين المختص به وإن بعد ، ولو تساوت في الخوف سقط ، ولو افتقر إلى الرفقة وتعذرت سقط.

د : اتساع الوقت لقطع المسافة ، فلو استطاع وقد بقي من الوقت ما لا يتسع لإدراك المناسك سقط في عامه. ولو مات حينئذ لم يقض‌

______________________________________________________

قوله : ( ولو وجد بدرقة ، بأجرة ، وتمكن منها فالأقرب عدم الوجوب ).

البدرقة : الخفير ، وإنما أفتى بعدم الوجوب هنا ، لأنه بعد بذل المال لا يتحقق أمن الطريق الا بوجود البدرقة وكونه مع الحاج ، والأصحّ الوجوب كما سبق.

قوله : ( ولو افتقر إلى القتال فالأقرب السّقوط مع ظن السّلامة ).

المراد به : العلم المستفاد من العادات ، والأصحّ عدم الوجوب ، لما فيه من التغرير بالنفس ، والانتفاء صدق الاستطاعة حينئذ.

قوله : ( وإن تساوت في الخوف سقط ).

لكن لو توسّط الطريق المخوف ، واستوى عوده وذهابه فليس ببعيد الوجوب ، ويكون كمن توسّط أرضا مغصوبة يتعذر معه من الخروج منها ، فحيث تعلق غرض بالذّهاب ولا ضرر زيادة متوقعا تعين.

ولو تكلف الحج في موضع الخوف والمشقة الشديدة مع المرض ففي الإجزاء نظر.

وينبغي أن يقال : إن تحقق بعد التكلّف كونه مستطيعا فقد تكلف تحصيل الشرط ، كما لو قاتل العدو ، أو بذل له مالا عظيما ـ لا يجب بذله ـ وزال ، وهو في موضعه فيجزئ ، وإن بقي المانع فلا.

١٣٥

عنه ، وكذا لو علم الإدراك لكن بعد طي المنازل وعجزه عن ذلك ، ولو قدر وجب.

مسائل :

أ : إذا اجتمعت الشرائط وأهمل أثم ، واستقر الحج في ذمته ، ويجب عليه قضاؤه متى تمكن منه على الفور ولو مشيا ، فان مات حينئذ وجب أن يحج عنه من صلب تركته من أقرب الأماكن إلى الميقات على رأي ، ولو لم يكن له مال أصلا استحب لوليه. ولو ضاقت التركة عن الدين ، واجرة المثل من أقرب الأماكن قسّطت عليهما بالنسبة ، فإن قصر نصيب الحج صرف في الدين.

ب : لو مات الحاج بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنه ولو‌

______________________________________________________

قوله : ( ولو قدر وجب ).

بشرط أن لا تلحقه مشقة شديدة لا يتحمل مثلها عادة.

قوله : ( من أقرب الأماكن إلى الميقات على رأي ).

بل من بلده ، إلاّ أن لا تفي التركة به ، وتجب أقل أجرة لأوسط العدول مع الاحتمال على الظاهر.

قوله : ( ولو ضاقت التركة عن الدّين واجرة المثل من أقرب الأماكن قسطت عليهما بالنسبة ).

هذا بناء على أنّ الاستئجار من أقرب الأماكن ، وعلى ما اخترناه فالتقسيط على الأجرة من بلده.

قوله : ( لو مات الحاج بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنه ).

إطلاق العبارة يتناول ما إذا عاد إلى الحل بعد دخول الحرم ومات فيه ، لكن أورد المفيد (١) رواية حكاها في المختلف (٢) تضمّنت اعتبار موته في الحرم.

__________________

(١) المقنعة : ٧٠.

(٢) المختلف : ٢٥٨.

١٣٦

كان نائبا ، وتبرأ ذمة المنوب. ولو مات قبل ذلك قضيت عنه إن كانت قد استقرت ، والاّ فلا والاستقرار بالإهمال بعد اجتماع الشرائط ، ومضي زمان جميع أفعال الحج ، أو دخول الحرم على اشكال.

ج : الكافر يجب عليه ولا يصح منه ، فإن أسلم وجب الإتيان به إن استمرت الاستطاعة ، والاّ فلا.

ولو فقد الاستطاعة بعد الإسلام ومات قبل عودها لم يقض عنه.

ولو أحرم حال كفره لم يعتد به وأعاده بعد الإسلام ، فإن تعذر الميقات أحرم من موضعه ولو بالمشعر.

د : لو ارتد بعد إحرامه لم يجده لو عاد ، وكذا الحج. ولو استطاع في حال الردة وجب عليه ، وصح عنه إن تاب. ولو مات أخرج من صلب تركته وإن لم يتب على اشكال.

هـ : المخالف لا يعيد حجه بعد استبصاره واجبا ، إلاّ أن يخل بركن ، بل يستحب.

______________________________________________________

قوله : ( أو دخول الحرم على إشكال ).

ينشأ من أنّ ذلك وقت في الجملة فيكفي مضيه في الوجوب ، ومن أن كونه وقتا مشروط بالإحرام ودخول الحرم ، والأصحّ أنه لا يكفي ذلك ، لأنّ هذا إنما يكفي إذا تحقق فعل الإحرام ودخول الحرم.

قوله : ( ولو مات اخرج من صلب تركته وإن لم يتب على إشكال ).

بعيد ، لأنّ الكافر لا يتصوّر القربة في حقّه منه ولا عنه ، لامتناعها بالنّسبة إليه ، فتمتنع العبادات المشروطة ، وفي المرتد فطرة مانع آخر ، وهو خروج التركة عنه بارتداده ، فالأصحّ عدم الاستئجار ، ولو عاد إلى الإسلام وكانت ردّته ملية أخرج عنه من تركته ، وإلاّ فلا.

قوله : ( إلاّ أن يخل بركن ).

١٣٧

و : ليس للمرأة ، ولا للعبد الحج تطوعا بدون اذن الزوج والمولى ، ولا يشترط اذن الزوج في الواجب ، وفي حكم الزوجة المطلقة رجعية لا بائنة.

ز : المشي للمستطيع أفضل من الركوب مع عدم الضعف ، ومعه الركوب أفضل.

المطلب الخامس : في شرائط النذر وشبهه ، قد بينا اشتراط التكليف ، والحرية ، والإسلام ، واذن الزوج خاصة. فلا ينعقد نذر‌

______________________________________________________

أي : عندنا‌ كما صرح به في المنتهى (١).

قوله : ( ليس للمرأة ، ولا للعبد الحجّ تطوّعا بدون إذن الزوج والمولى ).

وكذا الولد بالنسبة إلى والديه ، إذا استدعى سفرا.

قوله : ( المشي للمستطيع أفضل من الركوب ، مع عدم الضّعف ).

إلا أن يقصد الموسر به تقليل النفقة فالركوب أفضل ، لرواية البزنطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

قوله : ( قد بينا اشتراط التكليف والحرية والإسلام ).

قيل عليه : إن كان المراد شرائط نفس حج النذر فالحرية ليست شرطا ، وإن كان المراد شرائط نفس النذر وشبهه ، فاشتراط الإسلام في اليمين مخالف لما اختاره المصنّف في كتاب اليمين.

قوله : ( وإذن الزّوج خاصّة ).

يرد عليه أنّ إذن الوالد في الولد أيضا كذلك ، إن قلنا بعدم انعقاد يمينه من دون الاذن.

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٨٦٠.

(٢) الكافي ٤ : ٤٥٦ حديث ٣ ، علل الشرائع : ٤٤٧ حديث ٥.

١٣٨

الصبي ، ولا المجنون ، ولا السكران ، ولا المغمى عليه ، ولا الساهي ، ولا الغافل والنائم ، ولا العبد إلا بإذن المولى ، ومعه ليس له منعه ، وكذا الزوجة والولد ، وللأب حل يمين الولد.

وحكم اليمين والنذر والعهد في الوجوب والشرط واحد.

ولو نذر الكافر لم ينعقد ، ومع صحة النذر يجب الوفاء به عند وقته إن قيده بوقت ، وإلاّ لم يجب الفور.

نعم لو تمكن بعد وجوبه ومات لم يأثم ، ويقضى من صلب التركة.

ولو كان عليه حجة الإسلام قسّمت التركة بينهما.

ولو اتسعت لإحديهما خاصة قدمت حجة الإسلام ، ولو لم يتمكن ومات سقط.

ولو قيده بالوقت فأخل به مع القدرة قضى عنه ، ولا معها لمرض‌

______________________________________________________

ولو قلنا : بالانعقاد من دونه وللأب الحل ، فالزوجة والمملوك أيضا كذلك ، فلا وجه للفرق.

وفي الدّروس في باب الحج توقف في أنّ النذر من الولد والزّوجة والمملوك كاليمين في ذلك للشك في تسميته يمينا ، وأنّ النص إنما ورد على اليمين (١). وكيف كان فالفرق الذي فعله المصنّف لا يتبين وجهه.

قوله : ( وللأب حلّ يمين الولد ).

بل لا ينعقد إلاّ بالإذن كالزوجة.

قوله : ( ولو اتسعت لإحداهما خاصة قدمت حجة الإسلام ).

لسبق سببها ، ولأنه قد انكشف عدم صلاحيّة ذلك الزمان ، لتعلق النذر به.

__________________

(١) الدروس : ٨٦.

١٣٩

وعدو وشبههما يسقط.

ولو نذر أو أفسد وهو معضوب قيل وجبت الاستنابة.

ولو قيد النذر بالمشي وجب ، ويقف موضع العبور ، فان ركب طريقه قضاه ، ولو ركب البعض فكذلك على رأي. ولو عجز فان كان مطلقا توقع المكنة ، وإلا سقط على رأي.

______________________________________________________

قوله : ( ولو نذر أو أفسد وهو معضوب قيل : وجبت الاستنابة ) (١).

فرض الإفساد ظاهر الوقوع ، أمّا النذر فيشكل انعقاده ، لأنه إذا نذر مالا يستطيعه لا ينعقد لامتناعه.

ولو نذر الاستئجار لم يكن للتوقف في وجوبه وجه ، وكيف كان فمتى تعذر عليه الحج بعد وجوبه وجب الاستئجار عنه على الأصحّ.

قوله : ( ويقف موضع العبور ).

لرواية السّكوني المتضمّنة الأمر بالوقوف إذا عبر نهرا (٢) ، وقد عمل بها الشيخ (٣) ، وجمع (٤) ، ولا بأس بالعمل بها ، فلو أخل به لم يقدح في صحّة الحج ، لعدم تناول النّذر له ، نعم يأثم.

قوله : ( ولو ركب البعض فكذلك على رأي ).

هذا هو الأصح ، لعدم الإتيان بالمنذور.

قوله : ( ولو عجز ـ إلى قوله : ـ وإلاّ سقط على رأي ).

هذا هو الأصحّ ، لتعذر المنذور. ويستحب أن يحج راكبا ، ويسوق بدنة‌

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٢٩٩ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٢٣٠.

(٢) الكافي ٧ : ٤٥٥ حديث ٦ ، الفقيه ٣ : ٢٣٥ حديث ١١١٣ ، التهذيب ٥ : ٤٧٨ حديث ١٦٩٣ ، الاستبصار ٤ : ٥٠ حديث ١٧١.

(٣) المبسوط ١ : ٣٠٣ ، النهاية : ٢٠٥.

(٤) منهم : المحقق في المختصر النافع ١ : ٧٦ ، والشهيد في اللمعة : ٦٤ ، والسيوري في التنقيح الرائع ١ : ٤٢٢.

١٤٠