اليواقيت الحسان في تفسير سورة الرّحمن

آية الله مجد الدّين النّجفي الإصفهاني

اليواقيت الحسان في تفسير سورة الرّحمن

المؤلف:

آية الله مجد الدّين النّجفي الإصفهاني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الذخائر
الطبعة: ١
الصفحات: ١٣٥

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على رسوله وآله الطيبين.

أما بعد :

فيقول العبد المسكين مجد الدين ابن الشيخ محمد رضا النجفي الاصبهانى :

هذه جملة فرائد من الأشعار اخترتها من قصائد الأكابر والأحرار ، وسميته ( المختار من القصائد والأشعار ) ليطابق الأسم والمسمى ويوافق اللفظ والمعنى ، ولم أذكر من ديوان شيخي الصناعة ومقدمي الفن ابى تمام وابى الطيب المتنبى الا نادراً ، لأن ديوانهما مأثور مشهور.

وعلى الله التوكل وهو حسبى ونعم الوكيل.

٨١

قال الوالد أدام الله تعالى ظلاله :

أبت لي همومي أن أذوق مناما

فلا تعذلينى ان سهرت (أماما)

على م أشيم البرق للدهر خلب

وأرقب سحباً للزمان جهاما

الى أن قال :

وان انتضي من غمد سيفي شعلة

فأملأ آفاق البلاد ضراما

وأترك أزواج الملوك أراملا

وأترك أولاد الملوك يتاما

فان منعونا أن نعيش أعزة

فما منعونا أن نموت كراما

ولي في أباء الضيم يا ( سعد ) مذهب

أخذت ( ابا السجاد ) فيه اماما

قلت : القصيدة طويلة جداً وكلها في غاية الجودة.

وقال مالك الأشتر النخعي رضوان الله عليه :

بقيت وفري وانحرفت عن العلى

ولقيت أضيافي بوجه عبوس

ان لم أشن على ابن حرب غارة

لم تخل يوماً من نهاب نفوس

خيلا كأمثال السعالى شزباً

تعدو ببيض في الكريهة شوس

حمى الحديد عليهم فكأنهم

ومضان برق أو شعاع شموس

٨٢

وقال الطرماح :

حواس أرى نفسي تتوق الى أمور

ويقصر دون مبلغهن مالي

فنفسي لا تتطاوعني للبخل

ومالى لا يبلغني معالي

وقالت عابدة المهلبية :

ألست ترى استراق الدهر حظي

وكيف بقيت في أدب الخمول

ءأبغي العون منه وهو خصمي

كما استبكت ضرائرها الثكول

وقال جار الله الزمخشري :

كثر الشك والخلاف وكل

يدعي الفوز بالصراط السوي

فاعتصامي بلا اله سواه

ثم حبى لأحمد وعلي

فاز كلب بحب أصحاب كهف

كيف أشقى بحب آل النبى

قلت : الباء في المصراع الأول من الشعر الأخير للسببية ، أي فاز كلب بسبب حب أصحاب الكهف. كما أن الباء في المصراع الأصير بمعنى مع ، أي كيف أشقى مع حب آل النبى. ويحتمل أن تكون للسببية أيضاً.

وقال المحقق الطوسي رحمه‌الله :

ما للقياس الذي مازال مستهراً

للمستقيسين في الشرطي تسديد

أما رأوا وجه من أهوى وطرته

فالشمس طالعة والليل موجود

وقال الشافعي :

لا يدرك الحكمة من عمره

يكدح في مصلحة الأهل

ولا ينال العلم الا فتى

خال من الأفكار والشغل

لو ان لقمان الحكيم الذي

سارت به الركبان بالفضل

بلى نففة وعيال لما

فرق بين التبن والبقل

٨٣

وقال الزمخشري :

العلم للرحمن جل جلاله

وسواه في جهلاته يتغمغم

ما للتراب وللعلوم وانما

يسعى ليعلم أنه لايعلم

وقال مهيار الديلمي يرثي السيد الرضي رضي الله عنهما :

أفريش لا لفم أراك ولا يد

فتو اكلي غاض الندى وخلا الندي

الى أن قال :

يا ناشد الحسنات طوف فاليا

عنها وعاد كأنه لم ينشد

اهبط الى مضر فسل حمراءها

من صاح بالبطحاء يا نار اخمدي

بكر النعي فقال أردى خيرها

ان كان يصدق فالرضي هو الردي

عادت أراكة هاشم من بعده

خوراً لفأس الحاطب المتوقد

فجعت بمعجز آية مشهودة

ولرب آيات لها لم تشهد

كانت اذا هي في الامامة نوزعت

ثم ادعت بك حقها لم تجحد

رضي الموافق والمخالف رغبة

بك واقتدى الغاوي بري المرشد

الى أن قال :

ورآك طفال شيبها وكهولها

فتزحزحوا لك عن مكان السيد

أنفقت عمرك ضائعاً في حفظها

وعققت عيشك في صلاح المفسد

كالنار للساري الهداية والقرى

من ضوئها ودخانها للموقد

من راكب يسع الهموم فؤاده

وتناط منه بقارح متعود

الى أن قال :

قرب قربت من التلاع فانها

(أم المناسك ) مثلها لم يقصد

دأباً به حتى تريح ( بيثرب )

فتنيخه نقضاً بباب المسجد

واحث التراب على شحوبك حاسراً

وانزل فعز محمداً بمحمد

٨٤

الى أن قال :

بكت السماء له وودت أنها

فقدت غزاليها ولما يفقد

قلت : القصيدة جيدة كلها وهذا ما بقي في ذهننا منها.

وقال الامام الرازي :

نهاية اقدام العقول عقال

وغاية سعي العالمين ضلال

ولم نستفد من سعينا طول عمرنا

سوف أن جمعنا فيه قيل وقال

وأرواحنا محبوسة في جسومنا

وحاصل دنيانا أذى ووبال

ومن قصيدة لمهيار يمدح أهل البيت عليهم‌السلام :

ألا سل ( قريشاً ) ولم منهم

من استوجب اللوم أو فند

وقل ما لكم بعد طول الضلا

لم تشكروا نعمة المرشد

الى أن قال :

وقد جعل الأمر من بعده

لحيدر بالخبر المسند

وسماه مولى بافرار من

لو اتبع الحق لم يجحد

فملتم بها حسد الفضل عنه

ومن يك خير الورى يحسد

وقلتم بذاك قضى الاجتماع

ألا انما الحق للمفرد

يعز على هاشم والنبى

تلاعب تيم بها أو عدي

وارث علي لأولاده

اذا آية الارث لم تفسد

أقول : هذه القصيجة طويلة تقارب خمسين بيتاً وكلها في غاية المتانة والجودة وأبهى مراتب الحسن ، ومن العجب أن أشعاره عريقة في العربية مع أنه فارسي ، وكان مجوسياً وأسلم على يد السيد الرضي رضي الله تعالى عنه.

قال الوالد أدام الله تعالى معاليه :

٨٥

كم من صديق قد رجوت وداده

واخترته من بين هذا الناس

فزرعت في قلبي أزاهير المنى

لكنني لم أجن غير الياس(١)

قلت : أنشأ دام ظله هذين الشعرين حين أهدى بعض الأعلام من الأصدقاء الورد المعروف بـ ( الياس ) ، وهو هنا مستعمل في معنييه اللغوي والعرفي بناء على جواز استعمال المشترك في اكثر من معنى واحد كما هو التحقيق.

لا أدري قائله :

قلبي معكم وليس عنكم ببعيد

من فرقتكم ان عذابى لشديد

ام مت من الشوق فمالي أسف

من مات من الشوق فقد مات شهيد

لعبد الملك الحارثي وقيل للسموأل اليهودي :

اذ المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

فكل رداء يرتديه جميل

وان هو لم يحمل على النفس ضيمها

فليس الى حسن الثناء سبيل

تعيرنا أنا قليل عديدنا

فقلت لها ان الكرام قليل

قال الاسكافي الزنجاني :

واني لأستحيى العمائم أن ترى

على أرؤس أولى بهن المقانع

ولقائل :

ماذا يضر الشمس وهي منيرة

أن لايرى الخفاش ساطع نورها

وقال الشاعر :

وليس من الانصاف أن يدفع الفتى

يد النقص عنه بانتقاص الأفاضل

لا أحفظ قائله :

__________________

١) منه ولم أظفر بغير الياس ـ خ ل.

٨٦

حلف الزمان ليأتين بمثله

حنثت يمينك يازمان فكفري

وقال الزمخشري :

ومن عجب أن الصوارم والقنا

تحيض بأيدي المرء وهي ذكور

وأعجب من ذا أنها في اكفهم

تأجج ناراً والأكف بحور

وقال مهيار مفتخراً :

أعجبت بى بين نادي قومها

أخت سعد (١) فمضت تسأل بي

سرها ما علمت من أدبي (٢)

فأرادت علمها ما حسبى

لا تخالي نسباً يخفضني

أنا من أرضك (٣) عند النسب

قومي استولوا على الدهر فتى

ومشوا فوق رؤس الحقب

عمموا بالشمس هاماتهم

وبنوا أبياتهم بالشهب

وأبى كسرى على ايوانه

أين في الناس اب مثل أبى

سورة الملك القدامى وعلى

شرف الاسلام لي والأدب

قد قبست المجد من خير أب

وقبست الدين من خير نبى

وضممت الفخر من أطرافه

سؤدد الفرس ودين العرب

لا أعلم قائله :

وتنهدت جزعاً فأثر كفها

في صدرها فنظرت مالم أنظر

أقلام ياقوت كتبن بعنبر

بصحيفة البلور خمسة أسطر

أهجى شعر قالته العرب :

__________________

١) اخت سعد.

٢) من خلقى.

٣) من يرضيك.

٨٧

قوم اذا استنبح الأضياف كلبهم

قالوا لأمهم بولي على النار

فضيقت فرجها بخلا ببولتها

فلا تبول لهم الا بمقدار

لبعضهم يذم المبرد محمد بن يزيد النحوي :

سألنا عن ثمالة كل حي

فقال الناس طراً ما ثماله

فقلت محمد بن يزيد منهم

فقالوا الان قد زدنا جهاله

وقال ابو نؤاس :

انما الدنيا طعام

وغلام ومدام

فاذا فاتك هذا

فعلى الدنيا السلام

لبعض المتأخرين في وصف كتاب المغني :

ألا انما ( مغنى اللبيب ) مصنف

لطيف به النحوي يحوي أمانيه

وما هو الا جنة قد تزخرفت

ألم تنظر الأبواب منه ثمانيه

لا أعلم قائله :

ملأت يدي من الدنيا مراراً

وما طمع العواذل في اقتصادي

ولا وجبت علي زكاة مال

وهل تجب الزكاة على الجواد

حاتم الطائي :

أضاحك ضيفي قبل انزال رحله

ويخصب عندي والمحل جديب

وما الخصب للاضياف أن يكثر القرى

ولكنما وجه الكريم خصيب

أفخر شعر قالته العرب :

ما من مصيبة نكبة أرمى بها

الا تشرفنى وترفع شاني

واذا سألت عن الكرام وجدتني

كالشمس لا تخفى بكل مكان

٨٨

قال الخليل في وصف كتابي أستاذه :

بطل النحو جميعاً كله

غير ما صنف عيسى بن عمر

ذاك ( اكمال ) وهذا ( نافع )

وهما للناس شمس وقمر

قال ابو دلامة في ابنة ولدت له :

فما ولدتك مريم أم عيسى

ولم يكفلك لقمان الحكيم

ولكن قد تضمك أم سوء

الى لباتها وأب لئيم

لبعض فضلاء العجم في مرثية حضرة عمنا آية الله على الاطلاق الحاج الشيخ نور الله طاب ثراه :

يا وقعة حدثت للشرع هائلة

وأهله بين مخذول ومكسور

صال المصاب علينا في كتائبه

والخلق ما بين مغلول ومأسور

لقد مضى العالم النحير في رجب

وراح نحو رياض الخلد والحور

لما مضى أفجع الاسلام فاجعة

والناس يرثيه في الأسواق والدور

والخلق من فقد هذا الغوث كلهم

صاروا حيارى كمجنون ومخمور

فالدمع ان لم يصر في ذا العزاء دماً

يكون عندي ملوماً غير معذور

لاح المصاب لنا ما فوق طاقتنا

والصبر منا عليه غير مقدور

قد صار في الطور ( نور الله ) مرموساً

ما الطور ظل لذا نوراً على نور

سألت ( عبد الكريم ) حول رحلته

أجاب منه بدر النظم منثور

ألقى ثماناً من المصراع زائدة

فقال قد يتوارى النور في الطور

أقول : وفي هذه السنة توفي الى رحمة الله تعالى يوم الاثنين غرة رجب سنة ست وأربعين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة المقدسة على مهاجرها ألف ثناء وسلام وتحية ، وقد اشتد به المرض قبل وفاته بأيام قلائل

٨٩

في محروسة قم ، وكنت حاضراً مواظباً من أول مرضه الى حين وفاته ، ولقد عاش سعيداً ومات شهيداً :

حلف الزمان ليأتين بمثله

حنثت يمينك يا زمان فكفري

هو واحد الدنيا فلم يوجد له

ند ولا حتى القيامة يوجد

وترجمة ـ أعلى الله مقامه ـ تحتاج الى مجلدات ضخمة ، ونريد أن نكتب شيئاً انشاء الله تعالى ، والتكلم في هذا الموضوع خارج عن موضوع كتابنا هذا ولانتعرض لسائر ما قيل فيه من المراثي والأشعار الرنانة لأنه أجنبى عن الكتاب.

وقال الأندلسي :

كريم على العلات جزل عطاؤه

ينيل وان لم يعتمد لنوال

وما الجود من يعطي اذا ما سألته

ولكن من يعطي بغير سؤال

وقال ابوالأسود الدئلي :

كساني ولم أستكسه فحمدته

أخ لك يعطيك الجزيل وناصر

وان أحق الناس ان كنت شاكراً

بشكرك من أعطاك والعرض وافر

وقال حبيب بن أوس الطائي :

ماماء كفك ان جادت وان بخلت

من ماء وجهي اذا أفنيته عوض

اني بأيسر ما أدنيت منبسط

كما بأيسر ما أقصيت منقبض

لا أعلم قائله :

اني رأيت وفي الأيام تجربة

للصبر عاقبة محمودة الأثر

وقل من جد في أمر يحاوله

فاستصحب الصبر الا فاز بالظفر

أجود شعر قالته العرب في كبر الهمة :

٩٠

له همم لا منتهى لكبارها

وهمته الصغرى أجل من الدهر

له راحة لو أن معشار جودها

على البركان البر أندى من البحر

رؤبة ، وقد ناداه ابو مسلم صاحب الدعوة :

لبيك اذ دعوتني لبيكا

أحمد رباً ساقني اليكا

الحمد والنعمة في يديكا

لأعرابى يمدح الحكم بن حنطب :

وكان آدم حين حان وفاته

أوصاك وهو يجود بالحوباء

ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم

فكفيت آدم علية الأبناء

لا أعلم قائله :

ما يفعل الله باليهود

ولا بعاد ولا ثمود

ولا بفرعون اذ عصاه

ما يفعل الشعر بالخدود

ومن قصيدة طويلة للسيد جعفر الحلي قدس‌سره يمدح بها الوالد دام ظله وقد أجاد :

اني اختبرت بنى الورى فرأيتهم

ان الوفاء بهم أقل قليل

وأرى بأجيال الزمان تنازلا

وأشد منها في التنازل جيلي

لا عولت نفسي عليهم انني

بعد الاله على ( الرضا ) تعويلى

مولى يلوذ الخائفون بظله

والاملون تفوز بالمأمول

خلق الاله يمينه مبسوطة

للبطش والتنويل والتقبيل

يا من حمى دين النبى بفكرة

تمضى مضاء الصارم المصقول

مازلت تنطق بالصواب كأنما

يوحي اليك لسان جبرائيل

شابهت أهليك الكرام بمجدهم

والشبل أشبه في أسود الغيل

٩١

شيدت مجدهم وفزت بعزهم

ضعفاً وهم كانوا أعز قبيل

وكان السيد رحمه‌الله قد تزوج زوجته الثانية فلم بزره الوالد دام ظله مباركاً له فكتب اليه معاتباً له ، والعجب من جامع ديوانه حيث عكس الأمر :

شروط الحب نحن لها وفينا

وأنتم ما وفيتم بالشروط

صددت فام تبارك لي بعرس

لخوفك سوء عاقبة النقوط

فكتب الوالد دام ظله في الجواب :

ألا قل للذي قد قال فينا

بأنا ما وفينا بالشروط

ولم نعهد لنا ذنب اليه

سوى تأخير ارسال النقوط

نقوط الطفل ارسال الهدايا

له والشيخ ارسال الحنوط

ألا فاقنط فمالك يابن ودي

نقوط عندنا غير القنوط

لأبى العتاهية (١) في زوال الدنيا :

انما أنت مستعير لما سو

ف تردن والمعار ترد

كيف يهوى امرؤ لذاذة أيا

م عليه الأنفاس فيها تعد

ومن قطعة له في معناه :

ألا انما الدنيا متاع غرور

ودار صعود مرة وحدور

كأني بيوم ما أخذت تأهباً

له في رواحي عاجلا وبكوري

كفى عبرة أن الحوادث لم تزل

تصير أهل الملك أهل قبور

خليلي كم من ميت قد حضرته

ولكنني لم أنتفع بحضوري

ومن لم يزده السن ما عاش عبرة

فذاك الذي لا يستنير بنور

__________________

١ ) كان نقش خاتم أبي العتاهية :

سيكون الذي قضى

سخط العبد أم رضى

٩٢

وأهدى الوالد دام ظله الى أعز أصدقائه السيد جعفر الحلي قدس‌سره ساعة فقال :

وافرنجية قد آنستني

برقص فيه شائبة الغناء

تعلمني وليس لها لسان

وتخبرني بأخبار السماء

فكم لا مستها من غير عشق

فتستر وجهها لا عن حياء

تسير الدهر أجمعه حثيثاً

ولم تتعد حاشية الرداء

لها فنر وليس له ضياء

وهل فنر يفيد بلا ضياء

عقاربها تدب بكل وقت

وليس تكن حتى في الشتاء

وقال الوالد أدام الله ظله في معناه :

وذات قلب فلق خافق

ولم تكن قط بمرتاعه

تحمل في الوجه على رغمها

( عقارباً ) ليست بلساعه

وان تكن حاملها ساعة

( يسأنك الناس عن الساعه )

وكتب ملك الروم هذين البيتين من شعر ابى العتاهية على أبواب مجالسه وباب مدينته بعد اباء ابى العتاهية أن يذهب اليه :

ما اختلف الليل والنهار ولا

دارت نجوم السماء في الفلك

الا نقل السلطان من ملك

قد انقضى ملكه الى ملك

قال السيد جعفر الحلي وقد اهدى الشيخ مهدي الكاتب حبة أرز عليها سورة الاخلاص فكتب معها في مدح السلطان عبد الحميد خان العثماني وقد أجاد :

يا من له ذلت جبابرة العدى

وأطاعه داني الورى والقاصي

لك بيعة في عنق كل موحد

هي لا تزال ولات حين مناص

وجميع حبات القلوب كحبة

وفدت عليك بسورة الاخلاص

٩٣

قال ابوالعتاهية في تقرب الاجال والموت :

أيا اخوتي آجالنا تتقرب

ونحن مع الأهلين نلهو ونلعب

أعدد أيامي وأحصي حسابها

ويا غفلتى عما أعد وأحسب

غداً أنا من ذا اليوم أدنى من الفنا

وبعد غد أدنى اليه وأقرب

قال السيد جعفر الحلي «ره» مخاطباً للفاضل الشربياني والشيخ على المنبر بعد فراغه من التدريس :

أشيخ الكل قد اكثرت بحثاً

بأصل براءة وباحتياط

وهذا فصل زوار و ( نوط )

فباحثنا بتنقيح المناط

ابو العتاهية وقد سأله الربيع كيف أصبحت فقال :

أصبحت والله في مضيق

فهل سبيل الى طريق

أف لدنياً تلاعبت بى

فخذي منه أو دعي

ولما حضرت ابا العتاهية الوفاة أوصى بأن يكتب على قبره :

اذن حي سمعي

اسمعي ثم عي وعي

أنا رهن مضجعي

فاحذري مثل مصرعي

عشت تسعين حجة

في ديار التزعزع

ليس زاد سوى التقى

فخذي منه أو دعي

لا أعلم قائله :

كأن لم يكن بين الحجون الى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا

صروف الليالي والجدود العواثر

وقال ابوالعتاهية في صديق الصدق :

صديقي من يقاسمني همومي

ويرمي بالعداوة من رماني

٩٤

ويحفظني اذا ماغبت عنه

وأرجوه لنائبة الزمان

وقال في من يدعي الصداقة كاذباً :

لله در أبيك أي زمان

أصبحت فيه وأي أهل زمان

كل يوازيك المودة دائباً

يعطي ويأخذ منك بالميزان

فاذا رأى رجحان حبة خردل

مالت مودته مع الرجحان

وله أيضاً :

أنا بالله وحده واليه

انما الخير كله في يديه

أحمد الله وهو الهمني

الحمد على المن والمريد لديه

كم زمان بكيت منه قديماً

ثم لما مضى بكيت عليه

ومن قصيدة للسيد جعفر الحلي «ره» يرثي بها العلامة ميرزا حسين الأردكاني ويعزي جناب السيد محمد الطباطبائي أعلى الله مقامهما :

ولا عجب اذا أضحى ( محمد ) في

أفق العلى و ( حسين ) بات مستترا

( محمد ) للورى شمس وذا قمر

( والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا )

وله رحمه الله تعالى في الدخان :

للهم نيران بأحشائي فقد

تخبو وقد تزداد بالاسعار

فاذا ارتشفت من السبيل دخانة

دل الدخان على وجود النار

ومن قصيدة له رحمه‌الله يمدح بها آية الله الحاج ميرزا حسن الشيرازي «ره» حين فسخ التزام الدخان في ايران :

مروانه واحكم فأنت اليوم ممتثل

والأمر أمرك لا ما تأمر الدول

عنك الملوك انثنوا عجزاً وما علموا

ءانت زدت علواً أم هم سفلوا

٩٥

الى أن قال :

ما الروس والفرس يوماً كابن فاطمة

ولا كملته الأديان والملل

فكم له من يد في الدين يشكرها

بها تحدثت الركبان والابل

الدولة اليوم في أبناء فاطمة

بشرى فقد رجعت أيامنا الأول

أحيى مأثر آل المصطفى ( حسن )

كأنهم قط ما ماتوا وما قتلوا

قال الحاجري :

من لي بموت يريح قلبى

من حادث الدهر والدوائر

واخجلتا من وداد خل

لست على نفعه بقادر

وله ايضاً :

يقولون لما تم أس عذاره

سلا كل قلب كان منه سقيما

لقد كنت أهوى ورد خديه زائراً

فكيف اذا ما الامر جاء مقيما

وقال أيضاً :

احبانا الدنيا علي بأسرها

من ساعة الهجران ربع موحش

عودتم سمعي بطيب حديثكم

بحياتكم لا تمنعوه فيطرش

وله ايضاً :

بدر البها في فلك خديك قد أنجم

وهو الذي للعواذل والوشاة ألجم

والحسن قد خط في خدك وقد ترجم

سطرين بالمسك ذا معرب وذا معجم

ولحسام الدين الحاجري المذكور :

لما وردت فديتها أسطركم

أرسلت جوابها لكي أشكركم

لو امكنني بعثت مع خط يدى

عيني فلعل ساعة نظركم

٩٦

وقال ابن الرومي :

اذا غمر الماء النخيل وجدته

يزيد به يبساً وان ظن يرطب

وليس عجيباً ذاك منه فانه

اذا غمر الماء الحجارة تصلب

ولقائل :

لو عبر البحر بأمواجه

في ليلة مظلمة بارده

وكفه مملوءة خردلا

ما سقطت من كفه واحده

ولقائل أيضاً :

ولي صديق وله لحية

كبيرة ليس لها فائده

كأنها بعض ليالي الشتا

طويلة مظلمة بارده

ولبعضهم :

ولو أنني أعطيت من دهري أنني

وما كل من يعطى المنى بمسدد

لعلت لأيام مضين ألا ارجعي

وقلت لأيام بقين ألا ابعدي

وكتب الصاحب «ره» الى ابى العلاء الحسين بن محمد لما تزوج بابنة ابى الحسن بن اسحاق :

قلبي على الجمرة يا ابا العلا

فهل فتحت الموضع المقفلا

وهل فضضت الكيس عن ختمه

وهل كحلت الناظر الأحولا

ان كان قد قلت نعم صادقاً

فابعث نثاراً يملأ المنزلا

وان تجيئ من حياء بلا

أنفذ اليك القطن والمغزلا

ولقائل في معناه :

أبا حسن قل لي وأنت المصدق

هل انجاب ذاك العارض المتفالق

٩٧

وهل غاب ذاك الحوت في قعر لجة

رأيتك منها تستعين وتغرق

فقد قيل ان الباب دونك مغلق

وان عليك الرحب منه مضيق

وللصابى :

أيا رب كل الناس أولاد علة

أما تغلط الدنيا لنا بصديق

وجوه بها من مضمر الغل شاهد

ذوات أديم في النفاق صفيق

ولأبى فراس الحمداني :

نعم دعت الدنيا الى الغدردعوة

أجاب اليها عالم وجهول

فيا حسرتي من لي بخل موافق

أقول بشجوي مرة ويقول

وللعباس بن الأحنف :

أستغفر الله الا من محبتكم

فانها حسناتي يوم ألقاه

فان زعمت بأن الحب معصية

فالحب أحسن ما يعصى به الله

كان للرشيد ثلاث جوار يعشقهن فقال :

ملك الثلاث الانسات عناني

وحللن من قلبى بكل مكان

مالي تطاوعني البرية كلها

وأطيعهن وهن في عصياني

ما ذاك الا أن سلطان الهوى

ونه قوين أعز من سلطاني

عاش المستوغر بن زبيد ثلاثمائة سنة ، ولما بلغ الثلاثمائة قال :

ولقد سئمت من الحياة وطولها

وعمرت من بعد السنين مئينا

مائة جزتها بعدها مثتان لي

ازددت من عدد الشهور سنينا

هل ما بقي الا كما قد فاتنا

يوماً يمر وليلة تحدونا

وقال منصور :

٩٨

من شاب قد مات وهو حي

يمشي على الأرض وهو هالك

لو كان عمر الفتى حساباً

لكان في شبيه فذلك

ولابن طباطبا في الموفي بوعيده دون وعده :

وفى بما أوعدني

وما وفى بما وعد

ولقائل في عكسه :

فاني اذا أوعدته أو وعدته

لمخلف ايعادي ومنجز موعدي

اعترضت امرأة المأمون وكان قد غصبها ضيعة فقالت :

ألا أيها الملك المرتجى

لريب المنون وصرف الزمن

بحق النبي وحق الوصي

وحق الحسين وحق الحسن

وحق التي غصبت حقها

ووالدها بعد ذا ما اندفن

شفعت اليك بأهل الكسا

فان لم تشفع شفيعي فمن

ولابن طباطبا في مجدور :

لنا صديق نفسه

في ( ... ) منهمكه

ذو جدري وصفه

يحكيه جلد السمكه

ولابن الرومي :

ليس بالراجح من

رجحانه لحم وشحم

من رأيتم بعد طالو

ت له جسم وعلم

ولقائل :

يا أميراً على جريب من الأر

ض له تسعة من الحجاب

قاعد في الخراب يحجب عنه

ما رأينا بحاجب في خراب

٩٩

لا أعلم ناظمه :

مالك للدهر غير شك

ان لم تبادر به استكائه

أو لنسيب قريب رحم

ان مت أضحى له وراثه

أنفقه من قبل ذين تغنم

ولا تكن أعجز الثلاثه

ولعلي بن الجهم :

ولو قرنت بالبحر سبعة أبحر

لما بلغت جدوى أنامله العشر

ولأبى نؤاس في المدام :

لا تسقني الدهر ما كنت لي سكناً

الا التى نص بالتحريم جبريل

ان كان حرمها الفرقان بعد فقد

أحلها قبل توراة وانجيل

وله فيه :

فخذها ان أردت لذيذ عيش

ولا تعدل خليلي بالمدام

فان قالوا حرام قل حرام

ولكن اللذاذة في حرام

ولابن الرومي :

أباح العراقي النبيذ وشربه

وقال حرامان المدامة والسكر

وقال الحجازي الشرابان واحد

فحل لنا من بين قوليهما الخمر

ومن قصيدة طويلة للسيد جعفر الحلي «ره» يرثي بها الجد العلامة الشيخ محمد حسين أعلى الله مقامه صاحب التفسير الشهير ويعزي الوالد دام ظله ، وقد أجاد :

اكفف سهامك يا زمان عن الورى

فلقد صرعت كما اشتهيت الدنيا

لوتتركن لنا الامام ( ابا الرضا )

لتركت للشرع الشريف أمينا

وأمضّ في أحشائنا من فقده

انا وقد عزم الرحيل بقينا

١٠٠