اليواقيت الحسان في تفسير سورة الرّحمن

آية الله مجد الدّين النّجفي الإصفهاني

اليواقيت الحسان في تفسير سورة الرّحمن

المؤلف:

آية الله مجد الدّين النّجفي الإصفهاني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الذخائر
الطبعة: ١
الصفحات: ١٣٥

الى أن قال :

هم معشر نهضوا بدين محمد

في اصبهان وأتلفوا القانونا

والمقتفي القانون في أحكامه

أولى به ان لم يكن مختونا

هدروا دم القوم الذين تزندقوا

ودم الزنادق لم يكن محقونا

لو أن بابياً تعلق بالسها

للأمن منهم لم يكن مأمونا

أقول : لعمنا الحاج الشيخ نور الله طاب ثراه كتاب نفيس في ترجمه وحالاته وأخلاقه الحميدة ومراتب زهده وورعه السامية الشهيرة ، ولا نتكلم في هذه المواضع ببنت شفة لأنه خارج عن موضوع كتابنا الأدبى.

ما أصدق ما قاله الناصر الخليفة العباسي :

قسماً بمكة والحطيم وزمزم

والراقصات وسعيهن الى منى

بغض الوصي علامة مكتوبة

كتبت على جبهات أولاد الزنى

من لم يوال من البرية حيدراً

سيان عند الله صلى أو زنى

وله :

لو أن عبداً أتى بالصالحات غداً

وود كل نبى ومرسل وولي

وعاش ما عاش آلافاً مؤلفة

خلواً من الذنب معصوماً من الزلل

وقام ما قام قوماً بلا كسل

وصام ما صام صواماً بلا ملل

وطار في الجو لايأوى الى جبل

وغاص في البحر لا يخشى من الليل

فليس ذلك يوم البعث ينفعه

الا بحب أمير المؤمنين علي

لله در قائل :

لو كان رزقي يجري

على حساب انتخابي

لبعت عمر مشيبى

بساعة من شبابى

١٠١

ومن قطعة لبكر بن حماد في رثاء مولانا أميرالمؤمنين صلوات الله عليه :

قل لابن ملجم والأفدار غالبة

هدمت ويلك للاسلام أركانا

قتلت أفضل من يمشي على قدم

وأول الناس اسلاماً وايمانا

وأعلم الناس بالقرآن ثم بما

سن الرسول لنا شرعاً وتبيانا

صهر النبي ومولاه وناصره

أضحت مناقبه نوراً وبرهانا

وكان منه على رغم الحسود له

مكان هارون من موسى بن عمرانا

ومن قصيدة فريدة لأبى محمد الخازن في مدح الصاحب رضي‌الله‌عنه :

لو ان سحبان باراه لأسحبه

على خطابته أذيال فأفاء

أرى الأفاليم مذألقت مقالدها

اليه مستفتيات أي القاء

فساس سبعتها منه بأربعة

أمر ونهي وتثبيت وامضاء

كذاك توحيده ألوى بأربعة

كفر وجبر وتشبيه وارجاء

حتى قال :

نعم تجنب لا يوم العطاء كما

تجنب ( ابن عطاء ) لثغة الراء

لابن عصرنا سماحة الحسيب النسيب الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء بتسلى الوالد دام ظله السامي :

أبقية الماضين من آبابه

كانوا لدين الحق كالسور

ان راح ( نور الله ) محتجباً

فاسلم فانك شعلة النور

قال الوالد دام ظله مرتجلا مضمناً قول الشاعر الفارسي الحافظ الشيرازي :

( ألا يا ايها الساقي )

أدر لي قهوة الريق

( أدر كأساً وناولها )

وخالف كل زنديق

( كه عشق آسان نمود أول )

بتدقيق وتحقيق

١٠٢

( ولى افتاد مشكلها )

فألقاني بتضييق

ومما ينسب الى الأمير شمس المعالي قابوس :

قل للذي بصروف الدهر عيرنا

هل حارب الدهر الامن له خطر

أما ترى البحر يعلو فوقه جيف

ويستقر بأقصى قعره الدرر

فان يكن يشبت أيدي الزمان بنا

ونالنا من تمدي بؤسه الضر

ففي السماء نجوم مالها عدد

وليس يكسف الا الشمس والقمر

وقال ابوالحسن اللحام البحراني هاجياً ابن عزيز :

طعام محمد بن العزيز

تداوى به المعدة الفاسده

حشائش ( بقراط ) بعجونة

به وعقاقيره الفارده

جرادقه (١) ذرة ذرة

على عدد الفتية الوارده

على عدد القوم رغفانه

فلست ترى لقمة زائده

أرى الصوم في أرضه للفتى

اذا حلها أعظم الفائده

وله في ابي عبدالله الشبلي :

وألف اير من أيور الزنج

مضروبه في رقعة الشطرنج

بلا حزام وبلا برطنج

في أست بعض الناس من بوشنج

وقال ابوالحسن محمد بن محمد المرادي :

هل لكم في مطفل

شربه شرب قبره

لو رأى في جواره

خيط زق لأسكره

ولما احتضر أرسل اليه الجبهاني ثياباً للكفن فأفاق وأنشأ يقول :

كساني بنوجبهان حياً وميتاً

فأحييت آثاراً لهم آخر الزمن

__________________

١) الجرادق جمع الجردق : الرغيف.

١٠٣

فأول بر منهم كان خلعة

وآخر برمنهم صار لي كفن

ومن قصيدة لهفية للسيد يحيى القرطبي الأندلسي عند انقراض السلطنة الاسلامية واستيلاء الأروبيين في فتنة الأندلس وهو من جملة الأسرى ، أولها :

لكل شئ اذا ماتم نقصان

فلا يغر بطيب العيش انسان

هي الأمور كما شاهدتها دول

من سره زمن ساءته أزمان

الى أن قال :

أين الملوك ذوي التيجان من يمن

وأين منهم أكاليل وتيجان

واين ماشاده شداد من أرم

وأين ما ساسه في الفرس ساسان

وأين ما حازه قارون من ذهب

وأين عاد وشداد وقحطان

أتى على الكل أمر لا مرد له

حتى مضوا فكأن الكل ما كانوا

وصار ما كان من ملك

كما حكى عن خيال الطيف وسنان

ومن ملك دار الزمان على دارا وقاتله

وأم كسرى فما آواه أيوان

كأنما الصعب ام يسهل له سبب

يوماً ولم يملك الدنيا سليمان

فجائع الدهر أنواع منوعة

وللزمان مسرات وأحزان

وللمصائب سلوان بهولتها

وما لما حل بالاسلام سلوان

دهى الجزيرة خطب لا عزاء له

هوى له أحد وانهل ثهلان

أصابها العين في الاسلام فامتحنت

حتى خلت منه أقطار وبلدان

فسل بلنسية ماشان مرسية

وأين قرطبة أم أين جيان

ثم أخذ في ذكر البلاد المنهوبة حتى قال :

بتكى حنفية البيضاء من أسف

كما بكى لفراق الالف هيمان

مضى المحاريب تبكي وهي جامده

حتى المنابر تبكي وهي عيدان

على ديار من الاسلام خالية

قد اقفرت ولها بالكفر عمدان

١٠٤

حيث المساجد قد أمست كنائس

ما بينهن الا نواقيس وصلبان

يا غافلا وله في الدهر موعظة

ان كنت في سنة والدهر يقظان

وماشياً مرحاً تلهيه موطنه

أبعد حمص يعز المرء أوطان

تلك المصيبة أمست ما تقدمها

ومالها مع طويل الدهر نسيان

يا راكبين عناق الخيل مضمرة

كأنما في مجال السبق عقبان

وحاملين سيوف الهند مرهفة

كأنها في ظلام الليل نيران

وراتعين وراء النهر من دعة

لهم بأوطانهم عز وسلطان

أعندكم نبأ من أمر أندلس

فقد سرى لحديث القوم ركبان

كم يستغيث صناديد الرجال وهم

أسرى وقتلى فلا يهتز انسان

ماذا التقاطع في الاسلام بينكم

وأنتم يا عباد الله اخوان

لله در القائل :

اذا افتخر الأبطال يوماً بسبقهم

وعدوه مما يكسب المجد والكرم

كفى قلم الكتاب فخراً ورفعة

مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم

قال حطان بن المعلى العبدي ، وقد أحسن وأجاد :

وان الذي بينى وبين بنى امي

وبين بني عمي لمختلف جدا

فان يأكلو الحمي وفرت لحومهم

وان يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا

وان زجروا طيراً بنحس يمربى

زجرت لهم طيراً يمربهم سعدا

واني لعبد الضيف مادام ثلوياً

وما خصلة بى غير ذا يشبه العبدا

لا أعلم قائله :

رماني الدهر بالفات حتى

فؤادي في غشاء من نبال

وكنت اذا أصابتني سهام

تكسرت النصال على النصال

١٠٥

أقول : لقد صدق وأجاد وكأنه قد أدرك زماننا هذا.

لسماحة النسيب الحسيب الشيخ مرتضى في وصف كتاب « ذخائر المجتهدين » من مصنفات الوالد دام ظله :

علم الأوائل والأواخر

في طي ألفاظ ( الذخائر )

أحيت شرائع جعفر

وأعادت السنن الدوائر

عن مصدر العلم الذي

كشف الغطاء عن السرائر

فلك الفقاهة لم يكن

لولاه في الفقهاء دائر

حاز الرهان بسبقه

وسواه في الحلبات عاثر

وللأديب الأريب الاغا مصطفى التبريزي رحمه‌الله في وصف الكتاب المذكور :

كتاب حوى من كل علم لبابه

ففاق على ما صنفته الأوائل

هو البحر حدث عنه ماشئت صادقاً

له من زلال الفضل لج وساحل

فلا زال محفوظاً ولا زال ربه

يلوذ به في المعضلات الأفضل

وللأديب الكامل الشيخ محمد حسين في وصف الكتاب المذكور :

لله درك من امام حاز من

عز العلوم أجلهن مفاخرا

لما اهتدى المسترشدون بجده

وجدوا من الأرشاد فيه (ذخائر)

وله فيه أيضاً :

طالعت فيه وانني

أرجو البقاء لصاحبه

جربت كل فصاحة

وبلاغة يا صاح به

ومن قصيدة لهفية تظلمية للشيخ الشهيد محمد بن مكي ( الشهيد الاول ) لماحبسه السلطان محمد ( بيدمر ) في قلعة دمشق ، والقصة شهيرة مأثورة في كتب السير منشورة :

١٠٦

يا ايها الملك المنصور بيدمر

بكم خوارزم والأقطار تفتخر

اني أراعي لكم في كل آونة

وما جنيت لعمري كيف أعتذر

لا تسمعن في أقوال الوشاة فقد

باؤا بزور وافك ليس ينحصر

والله والله أيماناً مؤكدة

انى بريء من الافك الذي ذكروا

عقيدتي مخلصاً حب النبى ومن

أحبه وصحاب كلهم غرر

يكفيك في فضل صديق وصاحبه

فاروقه الحق في أقواله عمر

جوار أحمد في دنياً وآخرة

وآية الغار للألباب معتبر

والبحر عثمان والمنعوت حيدرة

وطلحة وزبير فضلهم شهر

سعداهم وابن عوف هم عاشرهم

ابو عبيدة قوم بالتقى فخروا

الفقه والنحو والتفسير يعرفني

ثم الأصولان والقرآن والأثر

حتى قال :

لا أستغيث من الضراء يعلم ذا

ربى وأستار دار ظل يدكر

فامنن أميري ومخدومي على رجل

واغنم دعاي سراراً بعد اذ جهروا

في كل عام لنا حج وكان لنا

في خدمة النجل في ذا العام محتضر

محمد شاه سلطان الملوك بقي

ممتعاً بحماكم عمره عمرو

ثم الصلاة على المختار سيدنا

والال والصحب طراً بعده زهر

أقول : قوله « عقيدتي مخلصاً حب النبى ومن » الى قوله « ابو عبيدة قوم بالتقى فخروا » للسيد محمد بن احمد الخافي الشافعي في كتابه « التبر المذاب في منقبة الال والأصحاب » ، وقد استخدمه الشهيد «ره» هنا لنكتة غير خفية عملا بواجب التقية.

لجمال الدين المصري صاحب كتاب « لسان العرب » :

بالله ان جزت بوادي الأراك

وقبلت عيدانه الخضر فاك

١٠٧

ابعث الى عبدك من بعضها

فاني والله مالي سواك

وللشيخ بهاء الدين العاملي «ره» عند عزمه على بناء مكان لمحافظة نعال زوار المشهد الغروي بأن يكتب عليه هذا البيتان :

هذا الأفق المبين قد لاح لديك

فاسجد متذللا وعفى خديك

ذا طور سنين فاغضض الطرف به

هذا حرم العزة فاخلع نعليك

أمدح شعر قالته العرب :

ألستم خير من ركب المطايا

واندى العالمين بطون راح

للشريف الرضي رضي‌الله‌عنه :

أعيذ مجدك ان أبقى على طمع

وأن تكون عطاياك المواعيد

وأن أعيش بعيداً عن لقائكم

ظمآن قلب وذاك الورد مورود

للعلامة احمد الحفظي :

قال الامام احمد بن حنبل

لسائل عن فضل مولانا علي

ماذا أقول بعد كتمان العدى

للنصف من فضل الولي حسدا

ونصفه خوفاً من القتل وذا

حقيقة يعرفها من اجتذا

وأظهر الله من الكتمين

ما ملأ البرين والبحرين

قال عباس بن عبد المطلب حين بويع لأبى بكر بالخلافة من أبيات أولها :

ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفاً

عن هاشم ثم منها عن ابى حسن

من فيه ما فيهم من كل صالحة

وليس في كلهم ما فيه من حسن

أليس أول من صلى لقبلتكم

وأعرف الناس بالقرآن والسنن

وأقرب الناس عهداً بالنبى ومن

جبريل عون له في الغسل والكفن

ماذا يردكم عنه فنصرفه

ها ان بيعتكم من أول الفتن

١٠٨

وقال الشافعي :

آل النبى ذر يعتي

وهم اليه وسيلتي

أرجوبهم أعطى غداً

بيدي اليمين صحيفتي

وله أيضاً :

يا راكباً قف بالمحصب من منى

واهتف بقاعد خيفها والناهض

سحراً اذا فاض الجيج الى منى

فيضاً كملتطم الفرات الفائض

ان كان رفضاً حب آل محمد

فليشهد الثقلان أني رافضي

وله أيضاً :

يا اهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له

اقول : للشافعي في هذا الباب أشعار شهيرة وأبيات كثيرة أهملناها حذار الاطالة ولكن يكفي من القلادة ما أحاطت بالنحر.

ولقد أحسن القائل في مرثية فخر الدولة :

هي الدنيا تقول بملء فيها

حذار حذار من بطشي وفتكي

فلا يغرركم حسن ابتسامي

فقولي مضحك والفعل مبكي

لابن عصرنا الشيخ جواد شبيب :

جبينك لاح أم نور الصباح

وثغرك شع أم نور الأفاح

وطرفك يا بنية الاعراب ترنو

لواحظه عن الأجل المتاح

بفرعك ضل ركب الصبح داج

وفي خديك ركب الليل ضاحي

أشاكية السلاح ولست أقوى

عليك وأنت شاكية السلاح

تعطف يعطف الحرصان عنه

وطرف رد قاطعة الصفاح

١٠٩

فؤادي خافق يهواك اما

خطرات وأنت خافقة الوشاح

تحكم طرفك ( السفاح ) فيه

فأصبح غير ( مأمون ) الجراح

ومن قصيدة فريدة له يمدح الوالد دام ظله مهنئاً له بمولود كان يسمى بـ « الشيخ غانم » ولم يعيش الا قليلا :

أعقيق ما شقه الحسن أم قم

شق قلب البروق حين تبسم

وعلى وجنتيك خط يراع الـ

حسن حرفاً بمسكة الخال معجم

سقمى منك يا بن كحل سقيم

صح فتكاً ومهجة الصب أسقم

حكمته على سلطنة الحسن

فأجرى بأمر الهوى وتحكم

فلدى المعطى من الأنس لكن

وافق الريم طبعه فترنم

ناظر فاتر الجنون وخصر

كاذ ضعفاً بالسلك ينظم بالسم

حتى قال :

وجناه الهوى على وجنات

منه قد خالسوا الشقيق المكهم

عن دم أشربت بأحمر قان

فهي محمرة الخد غير عندم

ناظري في الجنان منها ولكن

ليدي من لهيبها في جهنم

أيها المجتلى المحيا أبدر

مشرق قد جلوت من مطلع التم

أم صفات ( الرضا ) تجلت فشمنا

أنجماً من ثواقب النجم أنجم

أقول : للسيد جعفر الحلي أيضاً قصيدة وحيدة في تهنئة المولود المذكور ولم نتعرض لها حذار الاطالة والاطالة مظنة الملالة.

وللأديب الشهير السيد محمد سعيد الحبوبي النجفي ، وهي من محاسن نظمه :

لج كوكباً وامش غصناً والتفت ريماً

فان عداك اسمها لم تعدك السما

١١٠

وجه أغر وجيد زانه جيد

وقامة تخجل الخطي تقويما

يا من تجل عن التمثيل صورته

ءأنت مثلت روح الحسن تجسيما

قطعت بالشعر سحراً فيك حين غداً

هاروت جفنك ينشى السحر تعليما

لو شاهدتك النصارى في كنائسها

ممثلا رفعت فيك الأقانيما

لابن عصرنا السيد حسن محمود الأمين في كبر الهمة وقد أجاد :

وقائلة ما بال جسمك ناحلا

اذا زال سقم عنه حل به سقم

فقلت لها ما ذاك سقم وانما

تحملت نفساً لا يقوم بها الجسم

ولبعضهم يذم الصاحب :

ان كان اسماعيل لم يدعنى

لأن آكل الخبز صعب لديه

فانني آكل في منزلي

اذا دعاني ثم أمضي اليه

ولأبى بكر الجوزري يذمه وكان أصعب شعر عليه :

لا يعجبنك ابن عباد وان هطلت

يداه بالجود حتى أخجل الديما

فانها خطرت من وساوسه

يعطي ويمنع لابخلا ولا كرما

ولعبد الرحمن بن اسماعيل الملقب بوضاح المن في أم البنين زوجة الوليد بن عبدالملك الخليفة الأموي وكان مولعاً بها ومولعة به وكان ذلك سبباً في قتل الوليد له :

حتى م نكتم حزننا حتى ما

وعلى م نستبقى الدموع على ما

ان الذي قد تفاقم واعتلى

ونما وزاد وأورث الأسقا ما

قد أصبحت أم البنين مريضة

تخشى وتشفق أن يكون حماما

يا رب أمتعني بطول بقائها

واجبر بها الأرمال والأيتاما

١١١

واجبربها الرجل الغريب بأرضها

قد فارق الأخول والأعماما

كم راغبين وراهبين وبؤس

عصموا بغرب جنابها اعصاما

بجناب ظاهرة الثنا محمودة

وايستطاع كلامها اعظاما

وله ايضاً :

ترحل وضاح وأسبل بعد ما

تكهل حيناً في الكهول وما احتلم

وعلق بيضاء العوارض طفلة

مخضبة الأطراف طيبة النسم

اذا قلت يوماً ناوليني تبسمت

وقالت معاذ الله في فعل ما حرم

فما نولت حتى تضرعت عندها

وأخبرتها ما رخص الله في اللمم

ولامرئ القيس عند موته بأنقرة من بلاد الرم منصرفاً من قيصر وكان قد خرج اليه يستنصره في خبر يطول وقددس اليه أعداؤه فسمه القيصر فلما أحس بالموت سأل عن قبر بنت قيصر الملك فقال :

أجارتنا ان الخطوب تؤب

واني مقيم ما أقامت عسيب

أجارتنا انا غريبان ههنا

وكل غريب للغريب نسيب

اجتمع يوماً عند عبد الملك بن مروان أشراف الناس فسألهم عن أرق بيت قالته العرب فأجمعوا على قول امرئ القيس ، وهو من معلقته الشهيرة :

أغرك مني أن حبك قاتلى

وانك مهماتأمري القلب يفعل

وما ذرفت عيناك الا لتصربى

بسهميك في أعشار قلب مقتل

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « علموا أولادكم لامية العرب فانها تعلمهم مكارم الأخلاق » ، أولها :

أقيموا بنى أمي صدور مطيكم

فاني الى قوم سواكم لأميل

فقد حمت الحاجات والليل مقمر

وشدت لطيات المطيات راحل

١١٢

وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى

وفيها لمن خاف القلى متعزل

لعمرك ما في الأرض ضيق على امرئ

سرى راغباً أو راهباً وهو يعقل

ولي دونكم أهلون سيد عملس

وأرقط زهلول وعرفاء جيأل

ومن لامية العجم :

لو كان في شرف المأوى بلوغ منى

لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل (١)

أهبت بالخط لو ناديت مستمعاً

والخط عني بالجهال في شغل

لعله ان بدا فضلي ونقصهم

لعينه نام عنهم أو تنبه لي

أعلل النفس بالامال أرقبها

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

لم ارتض العيش والأيام مقبلة

فكيف أرضى وقد ولت على عجل

غالى بنفسي عرفاني بقيمتها

فصنتها عن رخيص القدر مبتذل

وعادة السيف أن يزهى بجوهره

وليس يعمل الا في يدي بطل

ما كنت أوثر أن يمتد بى زمني

حتى أرى دولة الأوغاد والسفل

تقدمتني أناس كان شوطهم

وراء خطوي ولو أمشي على مهل

هذا جزاء امري أقرانه درجوا

من قبله فتمنى فسحة الأجل

فان علاني من دوني فلا عجب

لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل(٢)

فاصبر لها غير محتال ولا ضجر

في حادث الدهر ما يغني عن الحيل

أعدى عدوك أدنى من وثقت به

فحاذر الناس وأصحبهم على دخل

__________________

١) ترجمة هذا البيت للمؤلف :

اگر در مكان بود عز وخوشى

هميشه بدى شمس أندر حمل

٢) ترجمة الابيات المرقمة من المؤلف :

اگر برترى جست پس ترزمن

مرا اسوه باشد به شمس وزحل

١١٣

فانما رجل الدنيا وواحدها

من لايعول في الدنيا على رجل (١)

وحسن ظنك بالأيام معجزة

فظن شراً وكن منها على وجل

غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت

مسافة الخلف بين القول والعمل (٢)

ومن قصيدة لزهير بن ابى سلمى ، وهي من السبعة المعلقة :

ومن يجعل المعروف من دون عرضه

يغره ومن لا يتق الشتم يشتم

ومن يك ذافضل فيبخل بفضله

على قومه يستغن عنه ويذمم

ومن يوف لا يذمم ومن يهد قبله

الى مطمئن البر لا يتجمجم

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه

وان يرق أسباب السماء بسلم

ومن يجعل المعروف في غير أهله

يكن حمده ذماً عليه ويندم

ومن يعص أطراف الزجاج فانه

يطيع العوالي ركبت كل لهدم

ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه

يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم

ومن يقترب يحسب عدواً صديقه

ومن لا يكرم نفسه لا يكرم

ومهما تكن عند امرئ من خليقة

وان خالها تخفى على الناس تعلم

وكائن ترى من صامت لك معجب

زيادته أونقصه في التكلم

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده

فلم يبق الا صورة اللحم والدم

وان سفاه الشيخ لا حلم بعده

وان الفتى بعد السفاهة يحلم

سألنا فأعطيتم وعدنا وعدتم

ومن اكثر التسآل يوماً سيحرم

مطالع القصائد السبع المعلقة هي :

القصيدة الأولى لامرئ القيس :

قفانبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحومل

__________________

يگانه رجل در جهان آن كس است

كه تعويل نارد بديگر رجل

همانا وفا رفت وغدر آمده است

مسافت بود بين قول وعمل

١١٤

القصيدة الثانية لطرفة بن العبد البكري :

لخولة أطلال ببرقة ثهمد

ئلوخ كباقي الوشم في ظاهر اليد

القصيدة الثالثة لزهير بن ابى سلمى :

امن ام أوفى دمنة لم تكلم

تجومانة الدراج فالمتثلم

القصيدة الرابعة للبيد بن ربيعة الأنصاري :

عفت الديار محلها فمقامها

بمنى تأبد غولها فرجامها

القصيدة الخامسة لعمر بن كلثوم :

ألا هبى بصحنك فأصبحينا

ولا تبقى خمور الأندرينا

القصيدة السادسة لعنترة بن شداد العبسى :

هل غادر الشعراء من متردم

أم هل عرفت الدار بعد توهم

القصيدة السابعة للحرث من جلزة اليشكري :

آذنتنا ببنيها أسماء

رب ثاويمل منه الثواء

ومن قصيده للدكتور شبلي شميل المادي في مدح النبي الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وشرائع لو أنهم عقلوا بها

ما قيدوا العمران بالعادات

نعم المدبر والحكيم وانه

رب الفصاحة مصطفى الكلمات

رجل الحجى رجل السياسة والدها

بطل حليف النصر في الغارات

ببلاغة القرآن قد خلب النهى

وبسيفه ارخى على الهامات

من دون الأبطال في كل الورى

من سابق أو لاحق أو آت

لأبى العلاء المعري في الحماسة :

ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل

عفاف واقدام وحزم ونائل

وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم

باخفاء شمس ضوؤها متكامل

١١٥

بهم التالى بعض ما أنا مضمر

ويثقل رضوى دون ما أنا حامل

واني وان كنت الأخير زمانه

لات بمالم يأته الأوائل

وأغدو ولو أن الصباح صوارم

وأسري ولو أن الظلام جحافل

واني جواد لم يحل لجامه

ونصل سمان أغفلته الصياقل

فان كان في ليس الفتى شرف له

فما السيف الا غمده والحمائل

ولي منطق لم يرض لي كنه منزلى

على أنني بين السماكين نازل

ولي موطن يشتاقه كل سيد

ويقصر عن ادراكه المتناول

ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً

تجاهلت حتى ظن أني جاهل

فواعجباً كم يدعي الفضل ناقص

ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل

اذا وصف الطائى بالبخل مادر

وعير قساً بالفهاهة باقل

وقال السهي للشمس أنت خفية

وقال الدجى للصبح لونك حائل

وطاولت الأرض السماء سفاهة

وفاخرت الشهب الحصى والجنادل

فياموت زر ان الحياة ذميمة

ويا نفس جدي ان دهرك هازل

ولابن النقيب هذه الأبيات وقد كتبها مع هدية أهداها لأحد الكبراء معتذراً :

وهديت اليسير فأنعم وقابل

نزره بالقبول والامتنان

فلو أن العيوق والشمس والبدر

مع الفرقدين في امكاني

كنت أهديته وقدمت عذراً

ورأيت القصر من ذاك شاني

وكتب في صدر رسالة :

أيها الفاضل الذي خصه

الله من الفضل والحجى بلبابه

ان شوقى اليك ليس بشوق

يمكن المرء شرحه في كتابه

وكتب لمن أعاره مجموعاً :

مولاي هب ان المحب فؤاده

هبة مسلمة بعز رجوع

١١٦

فاقنع فديتك بالفؤاد تفضلا

وانعم ولا تبيعه بالمجموع

وللصاحب طاب ثراه :

بحب علي تتم الأمور

وتصفو النفوس وتزكو النجار

فمهما رأيت محباً له

فثم الذكاء وثم الفخار

ومهما رأيت محباً له

ففي أصله نسب مستعار

فلا تعذلوه على فعله

فحيطان دار أبيه قصار

للامام مولى الامام الصادق عليه‌السلام :

أثمامن (١) بالنفس النفيسة ربها

فليس لها في الخلق كلهم ثمن

بها يشترى الجنات ان بعتها

بشئ سواها ان ذلكم غبن

اذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها

فقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن

وكتب الملك الأفضل علي بن السلطان صلاح الدين يوسف الأيوبى الى الخليفة الناصر لدين الله يشكو من عمه الملك العادل ابى بكر وأخيه العزيز عثمان هذه الأبيات :

مولاي ان ابابكراً وصاحبه

عثمان قد غصبا بالسيف حق علي


والأمر بينهما والنص فيه جلي

فانظر الى حظ هذا الاسم كيف لقي

من الأواخر ما لاقي من الأول

فكتب الناصر في جوابه شعراً :

وافى كتابك يابن يوسف ناطقاً

بالحق يشهد أن أصلك طاهر

غصبوا علياً حقه اذ لم يكن

بعد النبى له بيثرب ناصر

فاصبر فان غداً عليه حسابهم

وابشر فناصرك الامام الناصر

__________________

١) من المثمانية ، أى المداقة فى الثمن عند البيع.

١١٧

ومما ينسب الى امير المؤمنين عليه‌السلام :

الناس من جهة التمثال اكفاء

ابوهم آدم والأم حواء

فان يكن لهم من أصلهم شرف

يفاخرون به فالطين والماء

لا فضل الا لأهل العلم أنهم

على الهدى لمن استهدى أدلاء

وقيمة المرء ما قد كان يحسنه

والجاهلون لأهل العلم أعداء

فقم بعلم ولا تبغي له بدلا

فالناس موتى وأهل العلم أحياء

وقال الفيلسوف الحكيم الحاج ملا هادي السبزواري حشره الله تعالى مع الأبرار المتخلص بأسرار :

والعلم ثم العلم حبذا رصد

فليطلبوا من مهدكم الى اللحد

فليبتغوا ولو بسفك المهج

وليفحصوا ولو بخوض اللجج

وللأمير الأديب سيف الدولة وقد قاله في أخيه ناصر الدولة :

وهبت لك العلياء وقد كنت أهلها

وقلت لهم بيني وبين أخي فرق

وما كان لي عنها نكول وانما

تجاوزت عن حقي فتم لك الحق

أما كنت ترضى أن اكون مصلياً

اذا كنت أرضى أن يكون لك السبق

للأديب الشاعر محمد بن احمد الأبيوردي المتوفى فى اصفهان :

تنكر لي دهري ولم يدر أنني

أعز وأهوال الزمان تهون

وضل يرينى الخطب كيف اعتداؤه

وبت أريه الصبر كيف يكون

وقد قال عامر بن الحارث الجرهمي :

كأن لم يكن بين الجؤن الى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا

صروف الليالي والجدود العواثر

وكان قبيلة الشاعر من ولاة البيت شرفه الله تعالى.

وقال ناصح الدين احمد بن محمد بن الحسين المشهور بالقاضي الأرجاني :

١١٨

ولما بلوت الناس أطلب عندهم

أخا ثقة عند اعتراض الشدائد

تطلعت في حالي رجاء وشدة

وناديت في الأحياء هل من مساعد

فلم أر فيما ساءني غير شامت

ولم أر فيما سرني غير حاسد

تمتعتما يا ناظري بنظرة

وأوردتما قلبي أمر الموارد

أعيني كفا عن فؤادي فانه

من البغي سعي اثنين في قتل واحد

للفيلسوف ابن سينا صاحب القانون في الطب والمصنفات الكثيرة الشائعة :

اسمع بني وصيتى واعمل بها

فالطب معقود بنص كلامي

اجعل طعامك كل يوم مرة

واحذر طعاماً قبل هضم طعام

لا تشربن عقيب أكل عاجلا

فتقود نفسك للأذى بزمام

واحفظ منيك ما استطعت فانه

ماء الحياة يراق في الأرحام

القاضي يحيى بن اكثم المتوفى سنة ٢٤٢ قاضي قضاة العامة كان مشهوراً بحب الصبيان وهوى الغلمان وقيل فيه بسبب ذلك أشعار منها :

وكنا نرجى أن نرى العدل ظاهراً

فأعقبنا بعد الرجاء قنوط

متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها

وقاضي القضاة المسلمين يلوط

وقال احمد بن نعيم في ذلك :

أنطقني الدهر بعد اخراس

لنائبات أطلن وسواسي

لا أصلحت أمة وحق لها

بطول نكس وطول اتعاس

ترضى بيحيى يكون سائسها

وليس يحيى لها بوسواس

قاض يرى الحدفى الزناء ولا

يرى على من يلوط من باس

ويحكم للامردالغدير على

مثل جرير ومثل عباس

فالحمد لله كيف قد ذهب الـ

ـعدل وقل الوفاء في الناس

أميرنا يرتشى وحاكمنا

يلوط والراس شر ما راس

١١٩

لا احسب الجور ينقضي وعلى

الأمة وال من آل عباس

أنشد الرشيد العباسي الخليفة الخامس من بنى العباس عند الموت هذه الأبيات :

أحين دنى ما كنت أخشى دنوه

رمتني عيون الناس من كل جانب

فأصبحت مرحوماً وكنت محسداً

فصبراً على مكروه مر العواقب

سأبكي على الوصل الذي كان بيننا

وأندب أيام السرور الذواهب

وأنشد المعتضد الخليفة السادس عشر من بني العباس المتوفى سنة ٢٨٩ عند دنو الأجل هذه الأبيات :

ولا تأمنن الدهر اني أمنته

فلم يبق لي خلا ولم يرع لي حقاً

قلت صناديد الرجل ولم أدع

عدواً ولم أمهل على طفية خلقا

وأخليت دار الملك من كل نازع

فشردتهم غرباً وغيبتهم شرقا

فلما بلغت النجم عزاً ورفعة

وصارت رقاب الخلق أجمع لي شقا

رماني الردى سهماً فأخمد جمرتي

فها انذا في حفرتي عاجلا ألقى

ومما ينسب الى اميرالمؤمنين عليه‌السلام وقد أنشدها الامام علي الهادي عليه‌السلام في مجلس بعض الحكام على سبيل الارشاد والهداية في قصة طويلة وفي كتب أهل السير مروية :

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فلم تنفعهم القلل

واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم

الى مقابرهم يا بئسما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا

أين الأسرة والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الأستار والكلل

فأصفح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود ينتقل

١٢٠