إستقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار - ج ١

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-173-7
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٥١٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وإن كان قد استنجىٰ بالحجر فحينئذٍ يستحب له الانصراف من الصلاة ما دام فيها ويستنجي بالماء ويعيد الصلاة ، وإذا انصرف منها لم يكن عليه شي‌ء ، ولو كان لم يستنج أصلاً لكان عليه إعادة الصلاة علىٰ كل حال انصرف أو لم ينصرف علىٰ ما بيناه .

السند‌ :

في الخبرين ليس فيه ارتياب بعد ما قدّمناه .

المتن :

في الأول استدل به القائلون باعتبار العدد في الأحجار (١) ، وبعض القائلين بالاكتفاء بما يحصل به النقاء حمله علىٰ الاستحباب ، أو علىٰ أنّ الغالب عدم حصول النقاء بما دون الثلاثة (٢) وقد تقدم كلام في هذا (٣) .

والظاهر أنّ الإجزاء الوارد في هذا الخبر بالنسبة إلىٰ الماء ، واستدل به علىٰ أكملية الماء علىٰ الأحجار ، وله وجه ، وإن كان للمناقشة في ثبوت الاستحباب بمجرد هذا مجال .

ثم القائلين بالتعدد صرح بعضهم بأنّ ، النقاء لو حصل بدون الثلاثة وجب الإكمال تعبّداً (٤) .

__________________

(١) نقله عنهم السيّد العاملي في مدارك الأحكام ١ : ١٦٨ .

(٢) منهم العلّامة في المختلف ١ : ١٠١ ، والاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٩٢ ، وصاحب المدارك ١ : ١٦٩ .

(٣) في ص ٣٦٢ ـ ٣٦٤ .

(٤) منهم الحلي في السرائر ١ : ٩٦ ، والمحقق في الشرائع ١ : ١١ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٤ .

٣٨١
 &

ونقل في المختلف عن الشيخ أنّه قال : إذا طهر المحل بدون الثلاثة استعمل الثلاثة سنّةً ، وقال في المبسوط : الثلاثة عبادة ، ونقل ابن إدريس عن المفيد جواز الاقتصار علىٰ الواحد لو نقي المحل به ، وأوجب ابن إدريس استعمال الثلاثة وإن نقي بدونها . هذه عبارة المختلف ، ثم قال : والوجه اختيار الشيخ إنّ قصد الاستحباب كما ذهب إليه المفيد ، لنا أنّ القصد إزالة النجاسة وقد حصل فلا يجب الزائد ، ولأنّ الزائد لا يفيد تطهيراً . لأنّ الطهارة حصلت بالإزالة لعين النجاسة الحاصلة بالحجر الأوّل فلا معنىٰ لإيجاب الزائد (١) . انتهىٰ .

وأنت خبير بما في هذا الاستدلال من النظر .

ولا يخفىٰ صراحة الخبر المبحوث عنه في الثلاثة أحجار ، فلو استعمل ذو الجهات الثلاثة لا يصدق عليه الثلاثة أحجار .

وذهب العلّامة في المختلف إلىٰ الإجزاء ، مستدلاً بأنّ المراد ثلاث مسحات كما لو قيل : إضربه عشر ضربات بسوط ؛ ولأنّ المقصود إزالة النجاسة وقد حصل ؛ ولأنّها لو انفصلت لأجزأت فكذا مع الاتصال (٢) . انتهىٰ ملخصاً ، وجوابه أظهر من أن يخفىٰ .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الأصحاب الذين رأينا كلامهم ذكروا أنّه يعتبر في أداة الاستجمار الطهارة فلا يجزئ النجس .

قال في المنتهىٰ : إنّ هذا الاعتبار عند علمائنا أجمع ، واحتجّ له مع ذلك بقول أبي عبد الله عليه‌السلام في رواية مرسلة : « جرت السنّة في الاستنجاء

__________________

(١) المختلف ١ : ١٠٢ بتفاوت يسير .

(٢) المختلف ١ : ١٠١ .

٣٨٢
 &

بثلاثة أحجار أبكار » (١) .

قال : وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلّا أنّها موافقة للمذهب لأنّه إزالة للنجاسة فلا يحصل بالنجس (٢) انتهىٰ .

وكأنّه فهم من الأبكار غير النجسة ، وربما يظن أنّها غير المستعملة وإن كانت طاهرة ، ولعلّه لا إشكال في الاستعمال مع الطهارة وإن استعمل ، فإنّ العلّامة قال في المنتهىٰ : لو استجمر بحجر ثم غسله جاز الاستجمار به ثانياً ؛ لأنّه حجر يجزئ غيره الاستجمار به فأجزأه كغيره قال : ويحتمل علىٰ قول الشيخ عدم الإجزاء (٣) . وأراد ـ رحمه‌الله ـ بقول الشيخ اعتبار التعدّد لا كونه مستعملاً ، كما يظهر من كلامه لمن راجعه .

واعتبر أيضاً في الأداة أن تكون جافّة ، كما ذكره جماعة (٤) ، واحتجّ له العلّامة في النهاية بأنّه مع الرطوبة ينجس البلل الذي عليها بإصابة النجاسة له ، ويعود شي‌ء منه إلىٰ محل النجو ، فيحصل عليه نجاسة أجنبية ، فيكون قد استعمل النجس ـ إلىٰ أن قال ـ : ويحتمل الإجزاء ، لأنّ البلل ينجس بالانفصال كالماء الذي يغسل به النجاسة لا بإصابة النجاسة (٥) .

وفي هذا الوجه نظر واضح ، وأمّا الوجهان الأوّلان ففيهما أنّ عود شي‌ء من البلل إلىٰ محل النجو إنّما يكون مع زيادة الرطوبة .

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٦ / ١٣٠ ، الوسائل ١ : ٣٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٤ .

(٢) المنتهىٰ ١ : ٤٦ بتفاوت يسير .

(٣) المنتهىٰ ١ : ٤٦ بتفاوت يسير .

(٤) منهم العلّامة في المنتهىٰ ١ : ٤٦ ، والشهيد الثاني في الروضة البهية ١ : ٨٣ ، وصاحب معالم الفقه : ٤٤٩ .

(٥) نهاية الإحكام ١ : ٨٨ بتفاوت يسير .

٣٨٣
 &

وفي التذكرة وجّه اشتراط الجفاف بأنّ الرطب لا ينشف المحل (١) .

وفيه : أنّه لا يتم في غير المسحة الأخيرة ، لأنّ الرطوبة حينئذٍ موجودة إلّا أن يقال : إنّ الرطوبة الخارجية هي المضرة بالحال ، فتأمّل .

قال :

ويزيد ذلك بياناً ما رواه محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسىٰ ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضّأت ونسيت أن تستنجي فذكرت بعد ما صلّيت فعليك الإعادة ، فإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتىٰ صلّيت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغَسل ذكرك لأنّ البول مثل البراز » .

السند :‌

قد تكرر القول فيه بما يغني عن الإعادة .

المتن :

قوله : « فلم تهرق الماء » يراد به البول ، ولا يخفىٰ دلالة الحديث علىٰ غير مطلوب الشيخ من وجه وإن دل من وجه آخر ، فإنّ إعادة الوضوء لمن لم يستنج من البول لا يقول به الشيخ بل يحمله علىٰ الاستحباب ، وإذا دل

__________________

(١) التذكرة ١ : ١٢٧ .

٣٨٤
 &

علىٰ الاستحباب يقرب دلالته علىٰ الاستحباب في إعادة الصلاة أيضاً ، واحتمال أن يقال : إنّ إعادة الوضوء إنّما حملت علىٰ الاستحباب للمعارض ، يقال مثله في الصلاة ، فالتأييد غير واضح .

أمّا قوله : « إنّ البول مثل البراز » فلم يتضح معناه ، بل الظاهر أنّه ليس مثل البراز ، كما يستفاد من سياق الرواية إن اُريد بالبراز الغائط (١) ، وإن اُريد غيره فلم أعلمه الآن .

قال :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة ، عن العباس بن عامر القصباني ، عن المثنىٰ الحناط ، عن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي صلّيت فذكرت أنّي لم أغسل ذكري بعد ما صلّيت أفأُعيد ؟ قال : « لا » .

فالوجه في قوله عليه‌السلام « لا » أن نحمله علىٰ أنّه لا يجب عليه إعادة الوضوء ، لأنّه إنّما يجب (٢) إعادة غَسل الموضع ، وليس في الخبر أنّه لا يجب عليه إعادة الصلاة ، والذي يدل علىٰ هذا التأويل ما تقدم من الأخبار .

ويزيد ذلك بياناً .

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اُذينة ، عن زرارة قال : توضّأت يوماً ولم أغسل ذكري ثم صلّيت فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، فقال : « اغسل ذكرك وأعد صلاتك » .

فأوجب إعادة الصلاة وغَسل الموضع علىٰ ما فصّلناه .

__________________

(١) كتاب العين ٧ : ٣٦٤ ( برز ) .

(٢) في الاستبصار ١ : ٥٦ / ١٦٣ : يجب عليه .

٣٨٥
 &

السند :

في الأوّل كما ترىٰ الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة في بعض النسخ وهو ثقة ، وفي بعض النسخ عن الحسن بن علي عن عبد الله بن المغيرة ، والحسن حينئذٍ مشترك (١) .

والمثنىٰ الحناط مشترك بين ابن عبد السلام وابن الوليد ، وهو غير موثق علىٰ التقديرين (٢) .

المتن :

ظاهر في عدم إعادة الصلاة ، وفيه تأييد لما قدّمناه من الحمل علىٰ الاستحباب فيما يتضمن الإعادة .

وما قاله الشيخ في تأويله من إرادة إعادة الوضوء ، في غاية البعد ؛ وما ذكره من الرواية الدالة علىٰ تأويله قد تقدم القول فيها .

وقول الشيخ : إنّها دالة علىٰ وجوب إعادة الصلاة . متوجه لو سلمت من المعارض ، وقد مضىٰ منه ما فيه كفاية .

وبالجملة : فأمر الشيخ في هذه المسألة غريب كما يعلم بالتأمّل الصادق ، والله سبحانه العالم بالحقائق .

قال :

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن الهيثم بن أبي

__________________

(١) هداية المحدثين : ١٩٠ .

(٢) هداية المحدثين : ١٣٦ .

٣٨٦
 &

مسروق النهدي ، عن الحكم بن مسكين ، عن سماعة قال : قلت لأبي الحسن (١) عليه‌السلام : إنّي أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجي‌ء منّي من البلل ما يفسد سراويلي ، قال : « ليس به بأس » .

فليس بمناف لما قلناه : من أنّ البول لا بُدّ من غسله . لشيئين :

أحدهما : أنّه يجوز أن يكون ذلك مختصاً بحال لم يكن فيها واجداً للماء ، فجاز له حينئذٍ الاقتصار علىٰ الأحجار .

والثاني : أنّه ليس في الخبر أنّه قال : يجوز له استباحة الصلاة بذلك وإن لم يغسله ، وإنّما قال : « ليس به بأس » يعني بذلك البلل الذي يخرج منه بعد الاستبراء ، وذلك صحيح لأنّه المذي ، وذلك طاهر علىٰ ما نبيّنه فيما بعد إن شاء الله .

السند :

فيه الهيثم وقد تقدم القول فيه وأنّه غير ثقة (٢) ، والحكم بن مسكين مهمل في الرجال (٣) .

المتن :

ما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من تأمّل ، أمّا أوّلاً : فلما تقدم من الخبر عن زرارة : أنّ البول لا بُدّ من غسله ، (٤) والخبر الآتي كذلك ، حيث دل علىٰ

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٥٦ / ١٦٥ يوجد : موسىٰ .

(٢) في ص ٣٤١ .

(٣) رجال النجاشي : ١٣٦ / ٣٥٠ ، رجال ابن داود : ٨٣ / ٥١٤ .

(٤) في ص ٣٨٠ .

٣٨٧
 &

أنّه لا يجزئ من البول إلّا الماء (١) .

وأمّا ثانياً : فلأنّ الاستدلال علىٰ الاكتفاء بالأحجار للضرورة إن كان بهذا الخبر ففيه احتمال أن يراد بنفي البأس عدم نقض الوضوء لا الطهارة للماء الخارج .

وأمّا ثالثاً : فقوله في الوجه الثاني : إنّ المذي طاهر . مسلّم لكن احتمال النجاسة لعدم طهارة المحل ، ولو سلّم طهارة المحل بالأحجار تمّ الأوّل ، فلا وجه لعدم استباحة الصلاة .

وقد روىٰ الشيخ في الصحيح عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذاه ، قال : « يغسل ذكره وفخذيه » (٢) .

وهذا الخبر ربما يظنّ أنّه مناف لما قاله الشيخ ـ رحمه‌الله ـ هنا غير أنّ احتمال أن يقال : العلّة في غسل الفخِذ المسح بحجر واحد ، فلا يدلّ علىٰ حكم المسح بالأحجار ، له وجه .

وقد ذكر المحقق في المعتبر والعلّامة في المنتهىٰ (٣) : أنّه إذا لم يجد الماء لغَسل مخرج البول أو تعذر استعماله لمانع كالجرح أجزأه مسحه بما يزيل عين النجاسة كالحجر والخرق والكرسف وشبهه ، لأنّه يجب إزالة النجاسة وأثرها ، وإذا تعذرت إزالة النجاسة بقيت إزالة العين .

وهذا الكلام محل نظر ، لكنه لا يدل علىٰ الطهارة بالحجر ونحوه لمحل البول ، بل العلّامة صرّح في المنتهىٰ بأنّه لو وجد الماء بعد ذلك

__________________

(١) في ص ٣٨٩ .

(٢) التهذيب ١ : ٤٢١ / ١٣٣٣ ، الوسائل ٣ : ٤٤١ أبواب النجاسات ب ٢٦ ح ١ .

(٣) المعتبر ١ : ١٢٦ ، المنتهىٰ ١ : ٤٣ .

٣٨٨
 &

غسله . وكون مذهب الشيخ ما ذكره هنا محل تأمّل ؛ لما كرّرنا فيه القول من اضطراب الشيخ في هذا الكتاب .

قال :

والذي يدل علىٰ أنّه لا بُدّ في البول من الماء زائداً علىٰ ما تقدم :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن أبان بن عثمان ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : « يجزئ من الغائط المسح بالأحجار ، ولا يجزئ من البول إلّا الماء » .

والذي يدل علىٰ التأويل الأوّل :

ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن خالد ، عن عبد الله بن بكير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط ، قال : « كل شي‌ء يابس ذكي » .

السند :‌

في الأوّل : فيه القاسم بن محمّد الجوهري وقد كررنا ذكره (١) .

والثاني : فيه محمّد بن خالد وهو مشترك (٢) ، ( وعبد الله بن بكير مشهور ، قال الشيخ رحمه‌الله : إنّه ثقة فطحي (٣) . والنجاشي لم يذكر الأمرين (٤) ،

__________________

(١) في ص ١٨٢ ، ٢٨٦ .

(٢) هداية المحدثين : ٢٣٧ .

(٣) الفهرست : ١٠٦ .

(٤) رجال النجاشي : ٢٢٢ .

٣٨٩
 &

وفي الكشي نقل الإجماع علىٰ تصحيح ما يصح عنه (١) ، وفي ظني أنّ عدم تعرّض النجاشي لشي‌ء ممّا ذكر فيه منه (٢) عدم ثبوته عنده وهو ثبت في الرجال ، فليتأمّل ) (٣) .

المتن :

في الأوّل : ظاهره تعيّن الماء للبول ، فهو مؤيّد لغيره من الأخبار .

وأمّا الثاني : ففي دلالته علىٰ مطلوب الشيخ نظر إن عنىٰ الطهارة ، وإن قصد عدم تنجيس غير محل البول مع الجفاف ـ كما يدل عليه كلامه أوّلاً حيث لم يجوّز الصلاة مع استعمال الحجر وإن كان آخر كلامه يدل علىٰ خلافه ـ أمكن تسليم دلالة الخبر علىٰ ذلك ، لأنّ قوله : « كل شي‌ء يابس ذكيّ » لا وجه لأنّ يراد أنّ كل يابس مطهِّر أو طاهر ؛ ضرورة أنّ الأعيان النجسة والمنجّسة لا تطهّر ، بل الظاهر من كونه ذكياً أنّه لا ينجّس غيره مع الجفاف بنوع من التجوز .

ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره الوالد ـ قدس‌سره ـ : من أنّ [ عدم ] (٤) طهارة البول بالأحجار ليس بموضع خلاف بين الأصحاب معروف . لا يتوجه عليه أنّ كلام الشيخ ينافي ذلك ، فليتأمّل .

اللغة :

قال في النهاية في حديث محمّد بن علي « ذكاة الأرض يبسها » :

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣ .

(٢) كذا ، ولعل الأنسب : قرينة .

(٣) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « رض » .

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنىٰ ، فإنّ المتفق عليه عدم الطهارة ، راجع معالم الفقه : ٤٤٧ .

٣٩٠
 &

يريد طهارتها من النجاسة ، جعل يبسها من النجاسة الرطبة في التطهير بمنزلة تذكية الشاة في الإحلال ، لأنّ الذبح يطهّرها ويحلّ أكلها (١) .

قال :

باب النهي عن استقبال الشعر في غسل الأعضاء‌

أخبرني الشيخ ـ رحمه‌الله ـ عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسىٰ ، عن ابن اُذينة (٢) ، عن بكير وزرارة ابني أعين أنّهما سألا أبا جعفر عليه‌السلام عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدعا بطشت أو بتور (٣) فيه ماء فغسل كفيه ثم غمس كفه اليمنىٰ في التور فغسل وجهه بها واستعان بيده اليسرىٰ بكفه علىٰ غسل وجهه ، ثم غمس كفه اليمنىٰ في الماء فاغترف بها من الماء فغسل يده اليمنىٰ من المرفق إلىٰ الأصابع لا يرد الماء إلىٰ المرفقين ، ثم غمس كفه اليمنىٰ في الماء فاغترف بها من الماء فأفرغه علىٰ يده اليسرىٰ من المرفق إلىٰ الكف لا يرد الماء إلىٰ المرفق كما صنع باليمنىٰ ، ثم مسح رأسه وقدميه إلىٰ الكعبين بفضل كفيه لم يجدّد ماءً .

السند‌ :

فيه عثمان بن عيسىٰ المانع من وصفه بالموثق ، كما بينا وجهه فيما سبق (٤) .

__________________

(١) النهاية لابن الأثير ٢ : ١٦٤ ( ذكا ) .

(٢) الاستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٨ في « ج » : عمر بن اذينة .

(٣) التَور : بالفتح والسكون : اناء صغير من صفر أو حجارة كالاجانة وقد يتوضأ منه ـ النهاية لابن الاثير ١ : ١٩٩ ( تور ) .

(٤) في ص ٧١ ـ ٧٤ .

٣٩١
 &

( وينبغي أن يعلم أنّ الثقة الجليل محمّد بن يعقوب روىٰ هذا الحديث عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر ابن اُذينة ، عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفر عليه‌السلام وذكر الحديث ، وزاد فيه بعد ما نقلناه مع مغايرة في المتن المذكور هنا لا تضرّ بالحال ، والزيادة طويلة ، والمهم (١) منها أنّه قال عليه‌السلام : « فإذا مسح بشي‌ء من رأسه أو بشي‌ء من قدميه ما بين الكعبين إلىٰ أطراف الأصابع فقد أجزأه » قال : فقلنا : أيّ (٢) الكعبان ؟ قال : « ها هنا » يعني المفصل دون عظم الساق ، فقلنا : هذا ما هو ؟ فقال : « هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك » فقلنا : أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذراع ؟ قال : « نعم إذا بالغت (٣) ، والثنتان تأتيان علىٰ ذلك كله » (٤) .

وسيجي‌ء من الشيخ رواية ما تضمنه الحديث من الأحكام بطرق اُخر فروىٰ قوله عليه‌السلام : « إذا مسح بشي‌ء من رأسه » عن الشيخ ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسىٰ ، عن الحسين بن سعيد ، وأبيه محمّد بن عيسىٰ ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن اُذينة ، عن زرارة وبكير (٥) .

وروىٰ قوله : فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة ، بطريقه عن محمّد ابن يعقوب ، وبسائر الطريق المتقدم عن الكافي (٦) .

__________________

(١) في « رض » : والمقصود .

(٢) في الكافي ٣ : ٢٦ / ٥ : أين .

(٣) في الكافي ٣ : ٢٦ / ٥ يوجد : فيها .

(٤) الكافي ٣ : ٢٥ / ٥ ، الوسائل ١ : ٣٨٨ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٣ .

(٥) الاستبصار ١ : ٦١ / ١٨٢ .

(٦) الاستبصار ١ : ٧١ / ٢١٦ .

٣٩٢
 &

وهذا قد يتعجب من وقوعه من الشيخ ، حيث فرّق الحديث بأسانيد مختلفة ، مع أنّه في الكافي بطريق واحد .

لكن الذي يظهر من الشيخ ـ رحمه‌الله ـ أنّه لا ينظر إلىٰ صحة الطريق ، بل إلىٰ المتن ، وإنّما يذكر الطريق لئلّا يدخل الخبر في حيّز الإرسال ، ولولا هذا لكان طريق الكافي أولىٰ في الذكر من بعض الطرق المذكورة هنا كالمبحوث عنه .

ولا يخفىٰ علىٰ الناظر فيما قلنا أنّ الخبر يمكن إرجاعه إلىٰ سند معتبر ، فلا يضر ضعف بعض الطرق ، وهذا في كلام الشيخ كثير ، إلّا أنّه موقوف علىٰ زيادة تتبّع وقد [ ضاعت بسببه ] (١) أحاديث كثيرة من كتابي الشيخ بسبب ضعف الإسناد وإثبات (٢) الشيخ للطريق الضعيف ) (٣) .

المتن :

لا ريب أنّ ما تضمنه من كونه عليه‌السلام دعا بطست يدل علىٰ أنّ الاستدعاء ليس مكروهاً ، لتنزههم عليهم‌السلام عن فعل المكروه ، إلّا أن يقال : إنّ فعله لبيان الجواز .

والموجود في كلام من رأينا كلامه كراهة الاستعانة ، وظاهرها طلب الإعانة ، إلّا أنّ شُرّاح مثل هذه العبارة قالوا : ويتحقق الإعانة بصبّ الماء في اليد ليغسل المتوضّئ به (٤) . وهذا لا يفيد الحصر .

__________________

(١) في « رض » : صاعت ستة ، وفي « فض » : صاعت شسه ، والظّاهر ما أثبتناه .

(٢) في « رض » : وايثار .

(٣) ما بين القوسين ساقط من « د » .

(٤) منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : ٤٢ ، وصاحب المدارك ١ : ٢٥١ ، والشيخ البهائي في الحبل المتين : ١١ .

٣٩٣
 &

وصرح شيخنا ـ قدس‌سره ـ في المدارك بأنّ الاستعانة تتحقق بنحو إحضار الماء (١) .

وقد يتوجه عليه أنّ الأخبار المعتبرة وردت باستدعاء الماء وإن لم يكن هذا الخبر منها ، ولعلّ ما قلناه من بيان الجواز هو الجواب .

ثم ما تضمّنه الخبر من غسل الكفّين يدل علىٰ ما قاله المتأخّرون : من استحباب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء (٢) ، والأخبار المعتبرة التي تقدمت إنّما دلّت علىٰ غَسل اليمنىٰ (٣) .

ولا يخفىٰ عدم صلاحية هذه الرواية إلّا بتقدير التساهل في أدلّة السنن .

وما قد يقال : إنّ هذه الرواية تدل علىٰ غَسل الكفّين أمّا أنّه قبل إدخالهما الإناء فلا . فدفعه أنّ الظاهر من قوله : ثم غمس كفه اليمنىٰ في التور ، أنّ غَسل الكفّين لم يكن إلّا بالإدخال في التور ، وإن كان باب الاحتمال واسعاً .

أمّا ما تضمّنه من الاستعانة باليد اليسرىٰ ففيه مخالفة للأخبار المعتبرة (٤) وما عليه الأصحاب (٥) .

ولا أدري الوجه في عدم تعرض الشيخ لذلك ، أمّا من لا يعمل بالخبر فهو في راحة من التوجيه ، ولعل المراد بالاستعانة باليسرىٰ وضع

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ٢٥١ .

(٢) منهم العلّامة في المنتهىٰ ١ : ٤٨ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٤١ ، والاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١ : ١١٧ .

(٣) راجع ص ٣٥٦ ـ ٣٥٧ .

(٤) الوسائل ١ : ٣٨٧ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢ ـ ١٠ .

(٥) منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٦٤ ، والكركي في جامع المقاصد ١ : ٢٢٩ ، وصاحب المدارك فيه ١ : ٢٤٥ .

٣٩٤
 &

الكف فوق الكف لا الغَسل بالكفّين ، إلّا أنّ الخبر عرفت حاله ، فالكلام فيه أكثر من هذا لا فائدة فيه .

اللغة :

قال ابن الأثير (١) في كتاب إحكام الأحكام : التور بالتاء المثناة هو الطست ، والطست بكسر الطاء وفتحها وبإسقاط التاء لغات . وفي الحبل المتين : يروىٰ بالسين والشين المعجمة (٢) .

قال :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن العباس ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بمسح الوضوء مقبلاً ومدبراً » .

فهذا الخبر مخصوص بمسح الرِّجلين ، لأنّه يجوز استقبالهما واستدبارهما والذي يدل علىٰ ذلك :

ما رواه محمّد بن يعقوب ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن محمّد بن عيسىٰ ، عن يونس قال : أخبرني من رأىٰ أبا الحسن عليه‌السلام بمنىٰ يمسح ظهر قدميه من أعلىٰ القدم إلىٰ الكعب ومن الكعب إلىٰ أعلىٰ القدم .

السند :‌

في الأوّل : لا ريب فيه علىٰ الظاهر ، لما تقدم من أنّ العباس هو‌

__________________

(١) في « د » : قال بعض محقّقي المخالفين .

(٢) الحبل المتين : ١٨ .

٣٩٥
 &

الثقة (١) ، وفي الثاني : محمّد بن عيسىٰ عن يونس ، وجهالة الرائي لأبي الحسن عليه‌السلام .

المتن :

ظاهر الأوّل جواز المسح مقبلاً ومدبراً في الوضوء الشامل للرأس والرِّجلين .

والخبر المفتتح به الباب لا ينافيه بوجه .

والذي استدل به الشيخ علىٰ تخصيص الرِّجلين لا يدل علىٰ ذلك ، بل هو دال علىٰ ما يوافق بعض مدلولات الخبر المعتبر ، ولا أدري كيف اشتبه الحال علىٰ الشيخ مع الظهور .

وفي خبر معدود من الصحيح عن حماد أيضاً عنه عليه‌السلام أنّه قال : « لا بأس بمسح القدمين مقبلاً ومدبراً » (٢) .

وينقل عن ظاهر ابن بابويه والمرتضىٰ وجوب الابتداء من رؤوس الأصابع (٣) .

وعن ابن إدريس أنّه قطع به جعلاً لـ ( إلىٰ ) في الآية الشريفة لإنهاء المسح لا الممسوح (٤) .

وفيه : أنّه لا دليل علىٰ تعيّن إنهاء المسح في الآية ، بل احتمال الممسوح قائم إذا قطع النظر عن الأخبار .

__________________

(١) في ص ٦٥ .

(٢) التهذيب ١ : ٨٣ / ٢١٧ ، الوسائل ١ : ٤٠٦ أبواب الوضوء ب ٢٠ ح ٢ .

(٣) حكاه عنهما في المختلف ١ : ١٢٧ .

(٤) السرائر ١ : ٩٩ .

٣٩٦
 &

وفي المختلف نقل عن ابن إدريس أنّه قال : إنّ الاستقبال مكروه . وعن ابن حمزة أنّه أوجب ترك الاستقبال . وعن السيّد المرتضىٰ أنّه قال : الفرض مسح مقدم الرأس من غير استقبال الشعر .

ثم استدل العلّامة علىٰ جواز الأمرين بخبر حماد ، وبصدق الامتثال ، ثم قال : احتجّوا بأنّه مستقبل للشعر فيكون منهياً عنه .

وأجاب بما حاصله تسليم المنع في شعر اليدين ، أمّا مسح الرأس فلا .

ونقل عن السيّد أنّه احتجّ بأنّ من مسح مقدم رأسه من غير استقبال الشعر مزيل للحدث ، والخلاف واقع في العدول عنه فيجب فعل المتيقن (١) ، ولا يخفىٰ حال هذا الاستدلال ، وبالجملة فالحكم لا ريب فيه ، والله تعالىٰ أعلم .

ثم إنّ الرواية الأخيرة لا يخلو قوله فيها : من أعلىٰ (٢) القدم إلىٰ الكعب ومن الكعب إلىٰ أعلىٰ القدم ، من خلل غير خفيّ ، وكأنّ المراد من الكعب إلىٰ الأصابع ، لكن الحديث حاله معلومة .

قال :

باب النهي عن استعمال الماء الجديد لمسح الرأس والرِّجلين

أخبرني أبو الحسين بن أبي جيد القمي ، عن محمّد بن الحسن ابن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير وفضالة ، عن جميل ، عن زرارة بن أعين قال :

__________________

(١) المختلف ١ : ١٢٤ بتفاوت يسير .

(٢) في « رض » زيادة : من .

٣٩٧
 &

حكىٰ لنا أبو جعفر عليه‌السلام وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بقدح من ماء فأدخل يده اليمنىٰ فأخذ كفّاً من ماء فأسدلها علىٰ وجهه من أعلىٰ الوجه ثم مسح بيده (١) الجانبين جميعاً ، ثم أعاد اليسرىٰ في الإناء فأسدلها علىٰ اليمنىٰ ثم مسح جوانبها ، ثم أعاد اليمنىٰ في الإناء ثم صبّها علىٰ اليسرىٰ وصنع بها كما صنع باليمنىٰ ، ثم مسح ببلّة ما بقي في يديه رأسه ورجليه ولم يعدهما في الإناء .

وبهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، وفضالة بن أيوب ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال : وضّأت أبا جعفر عليه‌السلام بجمع (٢) وقد بال فناولته [ ماءً ] (٣) فاستنجىٰ ، ثم صببت عليه كفاً فغسل وجهه وكفّاً غسل بها (٤) ذراعه الأيمن وكفّاً غسل بها (٥) ذراعه الأيسر ، ثم مسح بفضل الندىٰ رأسه ورجليه .

السند‌ :

في الأوّل معدود في الصحيح نظراً إلىٰ ما قلناه سابقاً .

وفي الثاني الفضيل بن عثمان ، والنجاشي إنّما ذكر الفضل بن عثمان ووثقه (٦) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١ يوجد : اليمنىٰ ، وفي الهامش : زيادة في « د » .

(٢) في المصباح المنير ١ : ١٠٨ : ويقال لمزدلفة : جمع ، وفي القاموس المحيط ٣ : ١٤ : وبلا لام المزدلفة ، ويوم جمع يوم عرفة ، وأيام جمع أيام منىٰ .

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من الاستبصار .

(٤) في الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧٢ : به .

(٥) في الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧٢ : به .

(٦) رجال النجاشي : ٣٠٨ / ٨٤١ .

٣٩٨
 &

وابن داود قال : إنّه رأىٰ بخط الشيخ في كتاب الرجال : الفضيل مصغّراً ، وأنّه ابن اُخت علي بن ميمون المعروف بأبي الأكراد (١) .

والنجاشي ذكر في الفضل هذا الذي قاله ابن داود (٢) . والظاهر الاتحاد .

المتن :

لا يخفىٰ أنّ ظاهر قوله في الخبر الأوّل : وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . المراد به الوضوء الذي كان مستمراً عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحينئذٍ يندفع بعض الإشكالات الواردة علىٰ الاستدلال بالحديث للبدأة بالأعلىٰ في الوجه واليدين من جواز أنّ يكون البدأة بالأعلىٰ لكونها أحد أفراد الكلّي المأمور به ، إلّا أن يقال : إنّ فعل الإمام عليه‌السلام لذلك ويتم المطلوب من الإشكال ، وفيه نوع تأمّل ، وكذلك الإشكال في المسح ببقية البلل ، فليتأمّل .

وما تضمنه قوله : فدعا بقدح . من لزوم الاستعانة المكروهة قد قدّمنا فيه الكلام (٣) .

وعدم غسله عليه‌السلام يده اليمنىٰ أو يديه لأنّه بصدد تعليم الوضوء الواجب ، ولزوم وجوب إمرار اليد علىٰ الجانبين مسحاً وكذا مسح كل من جوانب اليدين سهل التوجيه .

وقوله : ثم أعاد اليسرىٰ . من باب المشاكلة علىٰ ما في الحبل المتين (٤) .

__________________

(١) رجال ابن داود : ١٥٢ / ١٢٠٣ .

(٢) رجال النجاشي : ٣٠٨ / ٨٤١ .

(٣) في ص ٣٩٣ .

(٤) الحبل المتين : ١٢ .

٣٩٩
 &

وقوله : مسح بيده الجانبين . هو الموجود في النسخ التي رأيناها (١) ، وفي بعض نسخ التهذيب « الحاجبين » بدل « الجانبين » (٢) وعلىٰ الموجود هنا قيل : يمكن أن يستدل به لابن الجنيد علىٰ وجوب إمرار اليد علىٰ الوجه (٣) ، وفيه ما فيه .

وما تضمنه الخبر من اتحاد الغرفة لا يدل علىٰ مرجوحية الثانية ، لما قدمناه من أنّ المقصود منه تعليم الواجب حسب .

اللغة :

الإسدال إرخاء الستر وطرف العمامة ونحوهما ، ومنه السديل وهو ما يرخىٰ علىٰ الهودج ، ففي الكلام استعارة تبعيّة كما في الحبل المتين (٤) .

وما تضمنه الخبر الثاني من قوله : وضّأت ، إلىٰ آخره ، يريد به مجرد مناولة ماء الوضوء كما ينبئ عنه الخبر ، وقوله : فناولته . الفاء فيه فاء التعقيب من عطف المفصّل علىٰ المجمل ، كما في الحبل المتين (٥) . وما قيل : من أنّ في كلام الراوي إشعاراً بأنّ ماء الاستنجاء محسوب من الوضوء (٦) . محل تأمّل بعد ما قررناه ، فليتأمّل .

قال :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسىٰ ، عن معمر بن خلّاد

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١ .

(٢) التهذيب ١ : ٥٥ / ١٥٧ .

(٣) كما في الحبل المتين : ١٢ .

(٤) الحبل المتين : ١٢ .

(٥) الحبل المتين : ١٣ .

(٦) كما في الحبل المتين : ١٣ .

٤٠٠