الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤
______________________________________________________
السّجود عليهما (١) مطلقا بخلاف نحو قشر الجوز ، واللّوز ، والبطيخ وما أشبهها.
والثّياب في عبارة الكتاب ـ بالثاء المثلثة والباء الموحدة أخيرا ـ جمع ثوب ، وربما كتبت بالنّون والباء الموحدة من تحت ، والتاء المثنّاة من فوق ، والظّاهر أن الأوّل أنسب ، لأن النّبات مطلقا لا يمكن عده معتاد الأكل ، ولا معتاد اللّبس ، فلا يناسب عطفه على الفاكهة بخلاف الثّياب ، فإنّها معتادة اللّبس ، فتكون العبارة في تقدير : ومعتاد الأكل كالفاكهة ، ومعتاد اللّبس كالثّياب ، وإن كانت لا تخلو من ارتكاب تكلّف.
والتمثيل بالثّياب قد يوهم جواز السّجود على ما لا يعد ثوبا كالقطن والكتان قبل الغزل [ بل ] (٢) بعد الغزل وقبل نسجه ، وقد توقف في المنع من السّجود عليه حينئذ في التّذكرة (٣) والمنع أقوى ، لأن توقف اللّبس على صفة غير حاصلة الآن لا يخلّ بكونه ملبوسا.
وقول السيّد المرتضى بجواز السّجود على القطن والكتان مطلقا (٤) تعويلا على رواية داود الصرمي (٥) ، عن الصّادق عليهالسلام (٦) ضعيف لمعارضة هذه الرّواية بالرّوايات الكثيرة الشّهرة (٧) ، وإمكان حملها على الضّرورة.
ولو كان القطن في قشره لم يمنع من السّجود على القشر ، لأنّه غير ملبوس ، والقنّب إن عدّ ملبوسا لم يجز السّجود عليه ، وجزم المصنّف في المنتهى بعدم السّجود على
__________________
(١) في « ح » : عليها.
(٢) هذه الزيادة في « ح » و « ن ».
(٣) التذكرة ١ : ٩٢.
(٤) رسائل الشريف المرتضى ١ : ١٧٤.
(٥) في « ع » و « ن » : الصيرفي ، وهو تصحيف لانه لا وجود له في المعاجم ، والصحيح داود الصرمي ، وروايته عن الصادق (ع) غير صحيح ، بل الصحيح روايته عن أبي الحسن الثالث (ع) ، راجع جامع الرواة ١ : ٣٠٥ ، ورجال البرقي : ٥٩ ، داود بن ما فنّه الصرمي مولى بني قرة. ثم بني صرمة ، منهم كوفي يكنى أبا سليمان بقي الى أيام أبي الحسن صاحب العسكر ( الهادي (ع) ) ، راجع النجاشي : ١١٦ ، وعليه فما في النسختين من وجود الصيرفي لا اعتماد عليه بل غلط واضح.
(٦) التهذيب ٢ : ٣٠٧ حديث ١٢٤٦ ، الاستبصار ١ : ٣٣٢ حديث ١٢٤٦ وفيهما : عن أبي الحسن الثالث (ع).
(٧) منها : ما رواه الصدوق في الفقيه ١ : ١٧٧ حديث ٨٤٠ ، علل الشرائع : ٣٤١ حديث ١ ، والشيخ في التهذيب ٢ : ٢٣٤ حديث ٩٢٥.
ولا على الوحل لعدم تمكن الجبهة فإن اضطر أومأ ،
______________________________________________________
الثّوب المعمول منه (١) ، وقطع به في الذّكرى معلّلا بأنّه ملبوس في بعض البلدان (٢).
قوله : ( ولا على الوحل لعدم تمكّن الجبهة ).
روى عمّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن حدّ الطّين الّذي لا يسجد عليه ، ما هو؟ قال : « إذا غرقت الجبهة ولم تثبت على الأرض » (٣) ، ولعدم تسميته أرضا حينئذ.
ويستحبّ زيادة التمكّن ، لما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّي لأكره للرّجل أن أرى جبهته جلحاء (٤) ليس فيها أثر السّجود » (٥).
قوله : ( فان اضطر أومأ ).
أي : إن اضطر في الصّلاة إلى الوحل بأن لم يتمكن من غيره لم يسجد عليه ، بل يومئ للسّجود ويراعي في إيمائه أن يكون جالسا إن أمكنه ، وأن ينحني مقربا جبهته من الوحل بحسب الممكن.
أمّا الإيماء ، فلما رواه عمّار ، عن الصّادق عليهالسلام في الرّجل يومئ في المكتوبة إذا لم يجد ما يسجد عليه ، ولم يكن له موضع يسجد فيه؟ قال : « إذا كان هكذا فليومئ في الصّلاة كلّها » (٦) ، وروى الشّيخ في التّهذيب أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى في يوم وحل ومطر في المحمل (٧).
وأما وجوب رعاية ما قلناه فلأن الميسور لا يسقط بالمعسور ، وفي رواية عمّار ، عن الصّادق عليهالسلام : « إيماء من عجز عن السّجود للطين وهو قائم (٨) ، وحملها على من لم يتمكّن من الجلوس جمعا بين الأدلّة أوجه.
__________________
(١) المنتهى ١ : ٢٥١.
(٢) الذكرى : ١٦١.
(٣) الكافي ٣ : ٣٩٠ حديث ١٣ ، الفقيه ١ : ٢٨٦ حديث ١٣٠١ ، التهذيب ٢ : ٣١٢ حديث ١٢٦٧.
(٤) قال الطريحي في مجمع البحرين ٢ : ٣٤٥ مادة ( جلح ) بعد أن ذكر هذا الحديث : الجلحاء : الملساء.
(٥) التهذيب ٢ : ٣١٣ حديث ١٢٧٥.
(٦) التهذيب ٢ : ٣١١ حديث ١٢٦٥.
(٧) التهذيب ٣ : ٢٣٢ حديث ٦٠٢.
(٨) التهذيب ٣ : ١٧٥ حديث ٣٩٠.
ولا على يديه إلاّ مع الحر ولا ثوب معه ، ولا على النجس وإن لم يتعد إليه.
ولا تشترط طهارة مساقط باقي الأعضاء مع عدم التعدي على رأي.
______________________________________________________
قوله : ( ولا على يديه إلا مع الحرّ ولا ثوب معه ).
لأنّ البدن ليس أرضا ولا نباتها ، وقد تقدم أنّه يشترط في المسجد أن يكون أحدهما ، ومع الحر المانع من السّجود على الأرض يسجد على ثوبه ، إذا لم يجد شيئا يصلح للسّجود يجعله فوق الثّوب من تراب ونحوه ، ولو بأن يأخذ شيئا من التّراب بيده إلى أن يبرد.
ولو لم يكن معه شيء يضعه على الأرض في هذه الحالة ويسجد عليه سجد على [ ظهر ] (١) ، كفّه ، لما روي عن أبي جعفر عليهالسلام في خائف الرمضاء يسجد على ثوبه ، ومع عدم الثّوب على ظهر كفّه قال : « فإنّها أحد المساجد » (٢) والرمضاء : الأرض إذا اشتد وقع الشّمس عليها.
ولو منعه شدّة البرد فالظاهر أنّه كذلك تحصيلا لمسمى السّجود.
قوله : ( ولا على النجس وإن لم يتعد إليه ).
أجمع الأصحاب على عدم جواز السّجود على النجس ، سواء كانت نجاسته يابسة أو متعدية ، أما ما يقع عليه باقي الأعضاء غير الجبهة فيشترط خلوه من نجاسة متعدّية قطعا ، أما غيرها فيشترط عند البعض أيضا (٣) ، بل قيل باشتراط طهارة ما يحاذي بدن المصلّي كلّه (٤) ، والأكثر على خلافه ، وقد سلف تحقيق ذلك كلّه.
ولرد قول البعض المخالف أتى المصنّف بقوله : ( ولا تشترط طهارة مساقط باقي الأعضاء مع عدم التعدّي على رأي ) ، فإنّه كما يقتضي الرد على من يقول باشتراط طهارة موضع باقي المساجد ، يقتضي الرد على القائل باشتراط طهارته مع ما يحاذي البدن بطريق أولى.
__________________
(١) هذه الزيادة وردت في « ح » و « ن ».
(٢) التهذيب ٢ : ٣٠٦ حديث ١٢٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٣٣ حديث ١٢٤٩.
(٣) منهم : أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٤٠ ـ ١٤١.
(٤) قاله المرتضى كما نقله عنه في إيضاح الفوائد ١ : ٩٤ ، ٩٦.
ويشترط الملك أو حكمه.
ويجوز على القرطاس ان اتخذ من النبات ، فإن كان مكتوبا كره.
______________________________________________________
قوله : ( الملك أو حكمه ).
جميع ما سبق الكلام عليه من اعتبار الملك أو حكمه في مكان المصلّي وتفسير حكم الملك ، وبطلان الصّلاة في المغصوب بعينه آت في مسجد الجبهة ، فلا حاجة إلى إعادته.
قوله : ( ويجوز على القرطاس إن اتخذ من النّبات ، فإن كان مكتوبا كره ).
أي : يجوز السّجود على القرطاس ، روى داود بن فرقد ، عن أبي الحسن عليهالسلام : جواز السّجود على القراطيس والكواغذ المكتوب عليها (١) ، وروى صفوان الجمّال أنّه رأى أبا عبد الله عليهالسلام في المحمل يسجد على قرطاس (٢).
وانّما يجوز السّجود عليه غذا اتخذ من النّبات ، فلو اتخذ من غيره كالإبريسم لم يجز قطعا.
وإطلاق النّبات في العبارة يقتضي جواز السّجود على المتخذ من القطن والكتان مع كونهما من جنس ما يلبس ، لخروجه ـ بصيرورته قرطاسا ـ عن كونه ملبوسا ، وقد احتمله في الذّكرى (٣).
وإطلاق الأخبار بجواز السّجود على القرطاس يقتضي عدم الفرق بين المتخذ من القطن وغيره ، ويمكن الجواب بأن المطلق يحمل على المقيّد ، وإلاّ لجاز السّجود على المتّخذ من الإبريسم ، والظاهر عدم الجواز ، ولو جوزنا السّجود على القطن والكتان قبل نسجهما فلا إشكال في الجواز هاهنا.
ولو اتخذ القرطاس من القنّب ـ كما هو الغالب في البلاد الشّامية ـ فظاهر
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٦ حديث ٨٣٠ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ ، ٣٠٩ حديث ٩٢٩ ، ١٢٥٠ وفي المصدرين عن : داود بن يزيد ، الاستبصار ١ : ٣٣٤ حديث ١٢٥٧.
(٢) المحاسن : ٣٧٣ حديث ١٤٠ ، التهذيب ٢ : ٣٠٩ حديث ١٢٥١ ، الاستبصار ١ : ٣٣٤ حديث ١٢٥٨.
(٣) الذكرى : ١٦٠.
______________________________________________________
الذّكرى عدم التّوقف في جواز السّجود عليه ، ويشكل على قوله بأن القنب ملبوس في بعض البلاد.
ولو كان القرطاس مكتوبا كره السّجود عليه ، لرواية جميل بن درّاج ، عن الصّادق عليهالسلام أنّه كره أن يسجد على قرطاس عليه ، لرواية جميل بن درّاج ، عن الصّادق عليه اللام أنّه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة لاشتغاله بقراءته (١).
قال الشّيخ : ولا يكره في حقّ الأمي ، ولا في القارئ إذا كان هناك مانع من البصر (٢) ، وهو متجه إذا لم يبصر ، لانتفاء العلة ، أمّا مع الإبصار فغير واضح ، لأن الاشتغال حاصل وإن كان أميّا ، وقد تقدّم في المكان مثله.
قال شيخنا في الذّكرى : وفي النّفس من القرطاس شيء من حيث اشتماله على النورة المستحيلة ـ أي عن اسم الأرض بالإحراق ـ قال : إلا أن نقول : الغالب جوهر القرطاس ، أو نقول : جمود النّورة يرد إليها اسم الأرض (٣).
وما أورده أوّلا وارد ، وما اعتذر به غير ظاهر ، لأن أغلبيته جوهر القرطاس ، مع أن أجزاء النّورة منبثة فيه وساترة له لا يفيده ، وأبعد منه القول بأنّ النّورة تعود أرضا بجمودها ، لكنّ هذا الإشكال لا وجه له مع ورود النصّ ، وإطباق الأصحاب على الجواز.
واشتمال الكتابة على ما لا يجوز السّجود عليه غير قادح في السّجود على المكتوب ، لبقاء بياض يقع عليه اسم السّجود غالبا ، فلو لم يبق هذا المقدار لم يصح السّجود.
ومثله ما لو عملت الخمرة بضم الخاء المعجمة ، وهي : السجادة الصّغيرة ، بسيور ونحوها ، وعليه تنزّل رواية محمّد بن ريان المرسلة عن أبي جعفر عليهالسلام الواردة بمنع السّجود إذا كانت معمولة بسيور ، لا إذا عملت بخيوط (٤).
وتخيل كون الحبر عرضا والسّجود بالحقيقة إنّما هو على القرطاس فاسد ، لأنّه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٣٢ حديث ١٢ ، التهذيب ٢ : ٣٠٤ حديث ١٢٣٢ ، الاستبصار ١ : ٣٣٤ حديث ١٢٥٦.
(٢) المبسوط ١ : ٩٠.
(٣) الذكرى : ١٦٠.
(٤) الكافي ٣ : ٣٣١ حديث ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٠٦ حديث ١٢٣٨.
ويجتنب كلّ موضع فيه اشتباه بالنجس إن كان محصورا كالبيت ، وإلاّ فلا.
الفصل السادس : في الأذان والإقامة : وفيه أربعة مطالب :
______________________________________________________
أجسام محسوسة مشتملة على اللّون المخصوص. وكذا ما كان مصبوغا من النبات إذا كان للصّبغ جرم ، أما المتلون بنحو لون الحناء فلا منع فيه ، وإلا لامتنع السّجود على الجبهة إذا تلونّت بالخضاب ، ولم يجز خضبها ، ولم يجز التيمّم باليد المخضوبة ، وفساده بيّن.
وقد يستفاد من إطلاق عبارة المصنّف ـ السّجود على الأرض ونباتها ـ عدم الفرق بين المحمول وغيره ، فلو سجد على كور العامة ـ بفتح الكاف وإسكان الواو ، ثم الراء ، وهي : من جنس ما يصح السّجود عليه ـ صحّ ، وإطلاق منع الشّيخ عدم الجواز على المحمول يمكن تنزيله على الغالب ، من كون ما يحمل من الثّياب متخذا مما لا يجوز السّجود عليه (١) ، وإن أراد المنع مطلقا فلا وجه له.
قوله : ( ويجتنب كلّ موضع فيه اشتباه بالنّجس إن كان محصورا كالبيت ، وإلاّ فلا ).
لما كان المشتبه بالنّجس قد امتنع التمسّك فيه بأصل الطّهارة ـ للقطع بحصول النّجاسة في أحد المشتبهين النّاقل عن حكم الأصل ـ كان للمشتبه بالنّجس حكم النّجس ، في أنّه لا يجوز السّجود عليه ولا الانتفاع به في شيء ممّا تشترط فيه الطهارة ، كلبسه في الصّلاة لو كان ثوبا ، وكذا مصاحبته فيها ، وأكله ، أو شربه لو صلح لأحدهما.
وهذا إذا كان محصورا في العادة كالبيت والبيتين ، أمّا ما لا يعد محصورا عادة كالصّحراء ، فإنّ حكم الاشتباه فيه ساقط ، والظّاهر أنّه اتّفاقي لما في وجوب اجتناب الجميع من المشقّة.
ولو لاقى شيئا من المشتبه بمحل طاهر مع الرّطوبة ، فالمحلّ على طهارته ما لم يستوعب ملاقاة الجميع ، لانتفاء المقتضي للتنجيس.
قوله : ( الفصل السّادس : في الأذان والإقامة : وفيه أربعة مطالب ).
__________________
(١) الخلاف ١ : ٧١ مسألة ٦٠ كتاب الصلاة.
الأول : المحل : يستحب الأذان والإقامة في المفروضة اليومية خاصة ، أداء وقضاء ، للمنفرد والجامع ، للرجل والمرأة بشرط أن تسر.
______________________________________________________
الأذان لغة : الإعلام ، وشرعا : أذكار مخصوصة موضوعة للإعلام بأوقات الصّلاة ، وشرعيّتها ثابتة بإجماع العلماء ، والأخبار في ذلك لا تحصى (١).
قوله : ( الأوّل : المحل : يستحبّ الأذان والإقامة في المفروضة اليوميّة خاصة أداء وقضاء ، للمنفرد والجامع ، الرّجل والمرأة بشرط أن تسر ).
عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أذّن في سبيل الله لصلاة واحدة إيمانا واحتسابا ، وتقربا الى الله غفر الله له ما سلف من ذنوبه ، ومنّ عليه بالعصمة فيما بقي من عمره ، وجمع بينه وبنى الشهداء في الجنّة « رواه بلال في حديث طويل (٢). وعن علي عليهالسلام : « من صلّى بأذان وإقامة صلّى خلفه صفان من الملائكة ، لا يرى طرفاهما ، ومن صلّى بأذان صلّى خلفه ملك » (٣) وعن أبي الحسن عليهالسلام : « من صلّى بأذان وإقامة صلى. وراءه صفان من الملائكة ، وإن أقام بغير أذان صلّى عن يمينه واحد ، وعن يساره واحد ». (٤)
ولا يشرع الأذان لغير الصلوات الخمس بإجماع العلماء ، ويستحب فيها ، ولا يجب عند الأكثر ، لقول الباقر عليهالسلام : « إنّما الأذان سنة » (٥) ، وكذا الإقامة ، وقيل بوجوبه في الصّبح والمغرب ، ووجوب الإقامة في جميع الخمس (٦).
وقيل بوجوبهما على الرّجال خاصّة في صلاة الجماعة ، في السّفر والحضر والإقامة عليهم خاصّة في كلّ فريضة (٧) ، والمشهور الاستحباب مطلقا.
__________________
(١) انظر : الوسائل ٤ : ٦١٢ أبواب الأذان والإقامة.
(٢) الفقيه ١ : ١٨٩ حديث ٩٠٥.
(٣) الفقيه ١ : ١٨٦ حديث ٨٨٩ وفيه : « ومن صلى بإقامة صلى خلفه ملك ».
(٤) الفقيه ١ : ١٨٦ حديث ٨٨٨.
(٥) التهذيب ٢ : ٢٨٥ حديث ١١٣٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٤ حديث ١١٣٠.
(٦) قاله ابن عقيل كما في المختلف : ٨٧.
(٧) قال السيد المرتضى في جمل العلم والعمل : ( والإقامة دون الأذان تجب على كل من الرجال في كل صلاة مكتوبة ) ، وهذه العبارة موجودة في النسخة التي اعتمدها ابن البراج في ه ، والتي طبعتها جامعة مشهد ص ٧٨ ، ونقلها العلامة في المختلف : ٨٧ ، أما في النسخة التي حققها أحمد الحسيني ، والنسخة التي حققها السيد مهدي الرجائي فلا وجود لهذه العبارة.
ويتأكدان في الجهرية ، خصوصا الغداة والمغرب.
______________________________________________________
والمرأة كالرّجل في الاستحباب ، وإن لم يتأكد في حقّها ، لما روي عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ليس على النساء أذان ولا إقامة » (١) ، ومثله عن الصّادق عليهالسلام (٢) ، وتجزئها الشّهادتان ، لما رواه زرارة ، عن الباقر عليهالسلام : « إذا شهدت الشهادتين فحسبها » (٣). ويعتد بأذانها للنّساء ومحارم الرّجال عندنا ، أما الأجانب فلا ، لتحريم إسماع الرّجل أصواتهن.
وحكى في الذّكرى عن ظاهر المبسوط (٤) اعتدادهم بآذانهنّ ، واحتمل استثناء سماع صوت الأجنبيّة في القرآن والأذكار ، فلا يكون محرما (٥) ، وهو بعيد.
ومقتضى قول المصنّف : ( بشرط أن تسر ) عدم جوازه جهرا بحيث يسمع الأجنبي ، فلا يعتد به لو فعلت ، وهو الأصحّ ، والخنثى كالمرأة في ذلك ، وكالرّجل في عدم جواز تأذين المرأة لها.
قوله : ( ويتأكدان في الجهريّة خصوصا الغداة والمغرب ).
أمّا تأكدهما في الجهريّة فلأن في الجهر دلالة على اعتناء (٦) الشّارع بالتّنبيه عليها ، وفي الأذان زيادة تنبيه فيتأكد فيها ، وأمّا الغداة والمغرب فلصحيحة ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « يجزئك في الصّلاة إقامة واحدة ، إلا الغداة والمغرب » (٧). وعن سماعة قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « لا تصلّى الغداة والمغرب إلا بأذان واقامة ورخص في سائر الصّلوات بالإقامة ، والأذان أفضل » (٨).
وظاهر هذه الأخبار وإن كان يقتضي الوجوب ، إلا أنّ الحمل على
__________________
(١) الخصال : ٥١١ حديث ٢.
(٢) الفقيه ١ : ١٩٤ حديث ٩٠٧.
(٣) التهذيب ٢ : ٥٧ حديث ٢٠١.
(٤) المبسوط ١ : ٩٧.
(٥) الذكرى : ١٧٢.
(٦) في « ع » : اعتبار.
(٧) التهذيب ٢ : ٥١ حديث ١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٠٠ حديث ١١٠٧.
(٨) التهذيب ٢ : ٥١ حديث ١٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢٩٩ حديث ١١٠٦.
ولا أذان في غيرها كالكسوف ، والعيد ، والنافلة ، بل يقول المؤذن في المفروض غير اليومية : الصلاة ثلاثا ، ويصلي عصر الجمعة والعصر في عرفة بإقامة ،
______________________________________________________
الاستحباب المؤكّد ، ـ للخبر الدال على جواز ترك الأذان في المغرب (١) ، وما تقدّم من قول الباقر عليهالسلام : « إنّما الأذان سنة » (٢) أي : مستحبّ ، لأنّه أشهر معاني السّنة ـ أولى.
قوله : ( ولا أذان في غيرها ، كالكسوف والعيد والنّافلة ، بل يقول المؤذّن في المفروض غير اليوميّة : الصّلاة ثلاثا ).
أي : لا يشرع الأذان في شيء ممّا سوى اليوميّة ممّا ذكره اتفاقا ، ولمّا كانت الجمعة عوض الظّهر لم يحتج إلى التّصريح بها بخصوصها ، إذ كأنها من جملة اليوميّة.
ويقول المؤذن فيما سواها ممّا هو مفروض : الصّلاة ثلاثا : بالنصب على حذف العامل ، والرّفع على حذف المبتدأ أو الخبر ، واحترز بالمفروض عن النّافلة ، فظاهر أنّه لا يستحبّ فيها ذلك.
وفي النّهاية للمصنّف : أنّه ينادي لصلاة العيدين والكسوف والاستسقاء : الصلاة ثلاثة ، وتردد في استحبابه لصلاة الجنازة من عموم الأمر به ، ومن الاستغناء عنه بحضور المشيعين (٣). وقال ابن أبي عقيل : يقول في العيدين : الصّلاة جامعة (٤). ولا فرق في صلاة العيدين بين كونها مستحبّة ، أو واجبة في استحباب ذلك.
وهل يستحبّ ذلك في الصّلاة المنذورة؟ (٥) فيه التردّد.
أما الأذان والإقامة فلا يشرعان قطعا.
قوله : ( ويصلّي عصر الجمعة والعصر في عرفة بإقامة ).
وكذا القول في عشاء المزدلفة ، أما عصر الجمعة فلقول أصحابنا : أن يوم الجمعة
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٥١ حديث ١٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٠ حديث ١١٠٨.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٥ حديث ١١٣٩.
(٣) النهاية ١ : ٤١٧.
(٤) نقله عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٥٩.
(٥) في « ع » و « ح » : المندوبة.
______________________________________________________
يجمع فيه بين الصّلاتين ، ويسقط ما بينهما من النّوافل ، فيكتفي فيهما بأذان واحد ، كذا ذكره في المنتهى (١).
وأمّا عصر عرفة وعشاء المزدلفة فلصحيحة ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « السّنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظّهر ، ثم يصلّي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان ، وكذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة » (٢).
وهل الأذان الثّاني هنا بدعة أم يكره؟ صرّح المصنّف في المنتهى بالأوّل (٣) ، وهو قول الشّيخ في النّهاية (٤) ، وقال ابن إدريس : إنّما يسقط أذان العصر عمّن صلى [ الجمعة ، أمّا المصلّي ظهرا فلا ]. (٥) (٦).
وفي الذّكرى : الأقرب الجزم بانتفاء التحريم (٧) ، والقول بالكراهيّة قريب ، لأن كون الأفضل ترك الأذان للثّانية لا يقتضي تحريمه.
ولو جمع الحاضر أو المسافر بين الصّلاتين في وقت إحداهما ، فالمشهور بين الأصحاب أن أذان الثّانية يسقط ، صرّح بذلك كثير منهم ، لأن الأذان إعلام بدخول الوقت وقد حصل الأذان الأوّل ، ولما روي صحيحا عن الباقر عليهالسلام : « أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع بين الظّهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين » (٨).
والمراد بسقوط أذان الثّانية : أنّه إن جمع بينهما في وقت الاولى كان الأذان مختصّا بها لأنّها صاحبة الوقت ، وإن كان الجمع في وقت الثّانية أذان أولا لصاحبة الوقت ، أعني : الثّانية ، وأقام لكلّ منهما.
ويظهر من الذّكرى عدم سقوط الأذان للثّانية ، فإنّه قال : يسقط أذان الإعلام ،
__________________
(١) المنتهى ١ : ٢٦١.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٢ حديث ١١٢٢.
(٣) المنتهى ١ : ٢٦١.
(٤) النهاية : ١٠٧.
(٥) هذه الزيادة وردت في « ن ».
(٦) السرائر : ٦٧.
(٧) الذكرى : ١٧٤.
(٨) التهذيب ٣ : ١٨ حديث ٦٦.
والقاضي إن أذن لأول ورده وأقام للبواقي كان أدون فضلا.
______________________________________________________
ويبقى أذان الذكر والإعظام (١).
وما ذكره غير ظاهر ، لأن الأذان واحد ، وأصل شرعيّته لغرض الإعلام بدخول الوقت وهو منتف هنا ، وشرعيته في القضاء لورود النّص لا ينافي ذلك ، وكيف قلنا ، فالأذان للثّانية جائز.
قوله : ( والقاضي إن أذّن لأوّل ورده ، وأقام للبواقي كان أدون فضلا ).
وإن أذن وأقام لكلّ فريضة إن أذّن كان أفضل ، وقال بعض العامة : إنّ ترك الأذان لما عدا الأولى أفضل (٢) ، وقيل : مطلقا (٣). أما الاستحباب مطلقا فلقوله عليهالسلام : « من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته » (٤).
وقد كان من حكم الفائتة استحباب تقديم الأذان عليها ، فكذا قضاؤها.
وما رواه عمّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سئل عن الرّجل إذا أعاد الصّلاة هل يعيد الأذان والإقامة؟ قال : « نعم » (٥). وأمّا الاجتزاء بالأذان أولا ، فلما روى الجمهور أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شغل يوم الخندق عن أربع صلوات حتّى ذهب من اللّيل ما شاء الله ، قال فأمر بلالا فأذن وأقام وصلّى الظّهر ، ثم أمره فأقام وصلّى العصر ، ثم أمره فأقام وصلّى المغرب ، ثم أمره فأقام وصلّى العشاء (٦).
وهو على تقدير صحّته غير مناف للعصمة ، لما روي من انّ الصّلاة كانت تسقط مع الخوف ثم تقضى ، إلى أن نسخ ذلك بقوله تعالى ( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ ) (٧) (٨) أو لأن قصر الكيفية لم يكن مشروعا حينئذ ، وهو قريب من الأوّل.
__________________
(١) الذكرى : ١٧٤.
(٢) قال الشافعي في أحد أقواله : ولا يؤذن لما عداها ، انظر : فتح العزيز ٣ : ١٥٣ ، والمجموع ٣ : ٨٣.
(٣) ذهب إليه الأوزاعي وإسحاق ، انظر : المجموع ٣ : ٨٥.
(٤) الكافي ٣ : ٤٣٥ حديث ٧ ، التهذيب ٣ : ١٦٢ حديث ٣٥٠.
(٥) التهذيب ٣ : ١٦٧ حديث ٣٦٧.
(٦) مسند أحمد ٣ : ٢٥ ، ٤٩ ، ٦٧ ، مسند الطيالسي : ٤٤ حديث ٣٣٣.
(٧) النساء : ١٠٢.
(٨) رواه الشهيد في الذكرى : ١٧٤.
ويكره للجماعة الثانية الأذان والإقامة ، إن لم تتفرق الاولى ، وإلاّ استحبّا ،
______________________________________________________
وروى زرارة صحيحا ، عن ابي جعفر عليهالسلام الاكتفاء بالأذان أولا ، والإقامة لكل واحدة من البواقي (١).
قوله : ( ويكره للجماعة الثّانية الأذان والإقامة إن لم تتفرق الاولى ، وإلاّ استحبا ).
يدلّ على ذلك ما رواه أبو بصير ، عن الصّادق عليهالسلام في الرّجل يدخل المسجد وقد صلّى القوم ، أيؤذّن ويقيم؟ قال : « إن كان دخل ولم يتفرق الصّف صلّى بأذانهم وإقامتهم ، وإن كان قد تفّرق الصّف أذّن وأقام » (٢).
وعن علي عليهالسلام أنّه قال لرجلين دخلا المسجد ، وقد صلّى النّاس : « إن شئتما فليؤم أحدكما صاحبه ، ولا يؤذن ولا يقيم » (٣) ، وهو محمول على عدم التفرّق ، لأن المطلق يحتمل على المقيد.
وعن الصّادق عليهالسلام وقد قال له أبو علي : صلينا الفجر فانصرف بعضنا ، وجلس بعض في التّسبيح ، فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمعناه ، فقال الصّادق عليهالسلام : « أحسنت ، ادفعه عن ذلك ، وامنعه أشدّ المنع » فقلت : فان دخلوا وأرادوا أن يصلّوا فيه جماعة؟ قال : « يقومون في ناحية المسجد ، ولا يبدو بهم امام » (٤) ، وقد دلت الاولى على أن المنفرد لا يؤذن ولا يقيم ، والثّانية على نفيهما في الجماعة ، والثّالثة على نفيهما فيهما جميعها ، فيكون حجة على ابن حمزة حيث نفى الكراهيّة عن المنفرد (٥). وتفرّق الصّف إنّما يتحقّق بتفرق الجميع ، إذ لو بقي واحد صدق أنّ جميع أهل الصّف لم يتفرقوا ، وقد صرّح به في الرّواية الثّالثة (٦).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٩١ حديث ١ ، التهذيب ٣ : ١٥٨ حديث ٣٤٠.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٨١ حديث ١١٢٠.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٨١ حديث ١١١٩ ، و ٣ : ٥٦ حديث ١٩١.
(٤) التهذيب ٣ : ٥٥ حديث ١٩٠ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ حديث ٢١٥.
(٥) قال السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٦٦ : (. وظاهرها قصد الحكم على الجماعة دون المنفرد كما نقله في الذكرى عن ابن حمزة ، ولم أجد في الوسيلة سوى قوله : يكره الاجتماع مرتين في صلاة ومسجد واحد ).
(٦) التهذيب ٣ : ٥٥ حديث ١٩٠.
ويعيدهما المنفرد لو أراد الجماعة ،
______________________________________________________
وإطلاق الأخبار يتناول من يصلّي تلك الصّلاة وغيرها ، وفي المبسوط : إذا اذن في مسجد دفعة لصلاة بعينها ، كان ذلك كافيا لمن يصلّي تلك الصّلاة في ذلك المسجد ، ويجوز له أن يؤذن فيما بينه وبين نفسه ، وإن لم يفعل فلا شيء عليه (١).
ومقتضى كلامه اختصاص الاكتفاء بالأذان لمن يصلّي تلك الصّلاة ، وهو متجّه إن كان قد تجدّد دخول وقت الصّلاة الأخرى ، أمّا لو أذّنوا وصلّوا الظهر في وقت ، فالظاهر أن من دخل ليصلّي العصر حينئذ لا يؤذن تمسكا بإطلاق الأخبار.
ولا بدّ من اتحاد المسجد ، فلو تعدّد فالظاهر عدم المنع وإن تقاربا ، وفي كلام الشّيخ أنّه يؤذن سرّا (٢) ، وهو خلاف ما في الاخبار (٣). وهل الصحراء كالمسجد؟ يحتمل ذلك نظرا إلى عدم تعقل الفرق ، والعدم لاختصاص المسجد بالنصّ ، وساوى بينهما في الذّكرى (٤).
ومعنى قول المصنّف : ( والا استحبّا ) : وإن تفرقت الأولى ، ـ أي : بالتمام ـ استحبّ الأذان والإقامة.
قوله : ( ويعيدهما المنفرد لو أراد الجماعة ).
لما رواه عمّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : في الرّجل يؤذن ويقيم ليصلّي وحده ، فيجيء رجل آخر فيقول له : نصلّي جماعة ، هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : « لا ، ولكن يؤذن ويقيم » (٥) ، والطريق وإن كان ضعيفا إلاّ أن الشّهرة وعمل الأصحاب يعضده.
ويظهر من المصنّف في المنتهى عدم العمل بها (٦) ، لما سيأتي من الأخبار الدّالة على اجتزاء المصلّي بأذان غيره ، وإن كان منفردا فبأذان نفسه أولى ، وكذا المحقق نجم الدّين (٧). ويمكن الفرق بأنّ أذان الغير صادف نية السامع للجماعة ، فكان بمنزلة من
__________________
(١) المبسوط ١ : ٩٨.
(٢) المصدر السابق.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٨١ حديث ١١٢٠ ، الفقيه ١ : ٢٦٥ حديث ١٢١٤.
(٤) الذكرى : ١٧٣.
(٥) الفقيه ١ : ٢٥٨ حديث ١١٦٨ ، التهذيب ٣ : ٢٨٢ حديث ٨٣٤.
(٦) المنتهى ١ : ٢٦٠.
(٧) المعتبر ٢ : ١٣٧.
ولا يصح إلاّ بعد دخول الوقت.
وقد رخص في الصبح تقديمه ، لكن تستحب إعادته عنده.
المطلب الثاني : في المؤذن : وشرطه : الإسلام ، والعقل مطلقا ، والذكورة ، إلاّ أن تؤذن المرأة لمثلها أو للمحارم ،
______________________________________________________
أذن للجماعة ، ولا كذلك من أذن بنية الانفراد.
قوله : ( ولا يصح إلاّ بعد دخول الوقت ، وقد رخص في الصّبح تقديمه ، لكن تستحبّ إعادته عنده ).
لا يصحّ الأذان إلاّ بعد دخول الوقت بإجماع علماء الإسلام ، لأنّه وضع للإعلام بدخول الوقت ، فلا يقع قبله لأنّه يخل بمقصوده.
وأمّا تقديمه في الصّبح فليتأهب النّاس في الصّلاة ، ولقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ ابن أم مكتوم يؤذّن بليل ، فإذا سمعتم أذانه فكلّوا واشربوا حتّى تسمعوا أذان بلال » (١). وتستحب إعادته بعد طلوعه ، ليحصل العلم بقرب الوقت من الأوّل ، وبالدّخول من الثّاني.
وفي صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قلت له : إن لنا مؤذنا يؤذّن بليل ، فقال : « إنّ ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصّلاة ، وأما السنة فإنّه ينادي من طلوع الفجر » (٢) ولا حدّ لهذا التقديم عندنا ، بل ما قارب الفجر ، وينبغي أن يجعل ضابطا في ذلك ليعتمد عليه النّاس ، وتترتب عليه الفائدتان. ولا فرق بين رمضان وغيره عندنا ، ولا بين كون المؤذن واحدا أو اثنين في استحباب التقديم.
قوله : ( المطلب الثّاني : في المؤذن : وشرطه : الإسلام والعقل مطلقا ، والذكورة ، إلاّ أن تؤذن المرأة لمثلها أو للمحارم ).
يشترط في المؤذن الإسلام والعقل إجماعا ، لعدم الاعتداد بعبارة المجنون ، ورفع القلم عنه ، وعدم تصور الأمانة في حقّه ، والمؤذن أمين ، وفي حكمه الصّبي غير المميّز ، والكافر ليس أهلا للأمانة ، ولا مستحقا للمغفرة ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) سنن البيهقي ١ : ٣٨٢.
(٢) التهذيب ٢ : ٥٣ حديث ١٧٧ وفيه : « مع طلوع الفجر ».
ويكتفى بأذان المميز.
ويستحب كون المؤذن عدلا ، مبصرا ، بصيرا بالأوقات ، صيّتا ، متطهرا ، قائما على علو.
______________________________________________________
« المؤذنون أمناء » (١) ، وقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اللهمّ اغفر للمؤذنين » (٢) ، وقال الصّادق عليهالسلام : « لا يجوز أن يؤذن إلاّ رجل مسلم عارف » (٣).
ولأنّه لا يعتقد مضمون الكلمات ولا الصّلاة الّتي دعا إليها ، فهو كالمستهزئ ، ولا يصير بتلفظه بالشّهادتين مسلما ، لأن المتلفّظ بهما قد لا يكون عارفا بمعناهما كالأعجم ، أو يكون مستهزئا أو حاكيا ، أو غافلا أو متأولا عدم عموم النبوّة كالعيسوية من اليهود ، الّذين يقولون : إنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم نبي إلى العرب خاصة ، فلا يوجب مطلق التلفظ بهما إسلامه.
ومع انتفاء الاحتمال لا يعتدّ بأذانه لوقوع أوله في الكفر ، والمراد بقوله : ( مطلقا ) ، كون الاشتراط على كلّ حال ، فلا يعتد بأذانهما في شيء من الأحوال ، بخلاف قيد الذكورة فإنّه ليس قيدا مطلقا ، بل في التأذين للرجال إذا لم يكونوا محارم لمن يؤذن ، وقد سبق تحقيقه.
قوله : ( ويكتفى بأذان المميّز ).
إذا كان ذكرا مطلقا ، أو أنثى للنساء أو محارم الرّجال إجماعا منّا ، ولقول الصّادق عليهالسلام في صحيحة ابن سنان : « لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم » (٤) ، ومثله عن علي عليهالسلام (٥).
قوله : ( ويستحبّ كون المؤذن عدلا مبصرا ، بصيرا بالأوقات ، صيتا ، متطهّرا ، قائما على علو ).
__________________
(١) سنن البيهقي ١ : ٤٣٠.
(٢) سنن البيهقي ١ : ٤٣٠ ، وسنن الترمذي ١ : ١٣٣ حديث ٢٠٧ ، وكنز العمال ٨ : ٣٣٨ حديث ٢٣١٥٨ نقلا عن شعب الإيمان للبيهقي.
(٣) الكافي ٣ : ٣٠٤ حديث ١٣.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٠ حديث ١١١٢.
(٥) الفقيه ١ : ١٨٨ حديث ٨٩٦ ، التهذيب ٢ : ٥٣ حديث ١٨١.
______________________________________________________
يستحبّ في المؤذّن أمور :
أحدها : العدالة ، ولا تشترط عندنا ، فيعتد بأذان الفاسق ـ خلافا لابن الجنيد ـ (١) لأنّه يصحّ أذانه لنفسه لكونه عاقلا مسلما ، فيعتبر في حقّ غيره لعدم المانع ، إلاّ أن العدل أفضل ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يؤذّن لكم خياركم » (٢) ، ولكونه مؤتمنا ، ولأن الفاسق لا يؤمن تطلعه على العورات حال أذانه على مرتفع.
ثانيها : كونه مبصرا ليتمكّن من معرفة الأوقات ، ولو أذن الأعمى جاز واعتدّ به ، لما ورد في أذان ابن أمّ مكتوم وكان أعمى (٣) ، ويكره بغير مسدّد عند الشّيخ (٤) ، وابن إدريس (٥).
ثالثها : أن يكون بصيرا بالأوقات ، أي : عارفا بها ، ليأمن الغلط ، ولو أذن الجاهل في وقته صح واعتد به لحصول المطلوب.
رابعها : أن يكون صيّتا ليعم النفع به ، فإنّ القصد به الإعلام ، والنفع بالصيت فيه أبلغ ، ولقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعبد الله بن زيد : « ألقه على بلال ، فإنّه أندى منك صوتا » (٦) ، أي : أرفع. ويستحبّ أن يكون حسن الصّوت لتقبل القلوب على سماعه.
خامسها : أن يكون متطهرا من الحدثين ، وعليه إجماع العلماء ، لقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حقّ وسنة أن لا يؤذن أحد ، إلا وهو طاهر » (٧) ، وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا يؤذن إلا متوضئ » (٨) ، وليست الطّهارة شرطا فيه عند علمائنا ، لأنّه
__________________
(١) نقله عنه في المختلف : ٩٠.
(٢) الفقيه ١ : ١٨٥ حديث ٨٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٠ حديث ٧٢٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٦١ حديث ٥٩٠.
(٣) الفقيه ١ : ١٩٤ حديث ٩٠٥.
(٤) المبسوط ١ : ٩٧.
(٥) السرائر : ٤٣.
(٦) سنن البيهقي ١ : ٣٩١ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٥ حديث ٤٩٩ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٤١ حديث ٢٩.
(٧) سنن البيهقي ١ : ٣٩٧ باختلاف يسير ، تلخيص الحبير المطبوع مع المجموع ٣ : ١٩٠ نقلا عن الدار قطني في الأفراد.
(٨) سنن الترمذي ١ : ١٢٩ باب ١٤٧.
وتحرم الأجرة عليه ، ويجوز الرزق من بيت المال مع عدم المتطوع ،
______________________________________________________
ذكر وليس من شرط الذّكر الطّهارة ، ولا يزيد على قراءة القرآن ، ولصحيحة عبد الله ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « لا بأس أن تؤذن وأنت على غير طهور ، ولا تقيم إلا وأنت على وضوء » (١).
وعن علي عليهالسلام قال : « لا بأس أن يؤذن المؤذن وهو جنب ، ولا يقيم حتّى يغتسل » (٢) ، لكن لا يجوز الأذان حينئذ في المسجد ، فلو فعل لم يعتدّ به.
سادسها : أن يكون على مرتفع لأنّه أبلغ في رفع الصّوت ، فيكون النفع به أتم ، ولقول أبي عبد الله عليهالسلام : « كان طول حائط مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قامة ، وكان عليهالسلام يقول لبلال إذا دخل الوقت : أعل فوق الجدار ، وارفع صوتك بالأذان ، فإنّ الله قد وكل بالأذان ريحا ترفعه الى السماء » (٣). وقال الشّيخ في المبسوط : لا فرق بين أن يكون الأذان في المنارة أو على الأرض (٤) ، واستحباب العلو أظهر.
قوله : ( وتحرم الأجرة عليه ، ويجوز الرزق من بيت المال مع عدم المتطوّع ).
تحريم أخذ الأجرة على الأذان مختار أكثر الأصحاب ، لما روي عن علي عليهالسلام انّه قال : « آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال : يا علي ، إذا صلّيت فصل صلاة أضعف من خلفك ، ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على أذانه أجرا » (٥).
ويجوز الرّزق للمؤذن من بيت المال من سهم المصالح ، لا من الصّدقات ولا من الأخماس ، لأن ذلك يختصّ بأقوام معيّنين هذا إذا لم يوجد متطوّع به ، ـ أي : بفعله ، غير مريد به أجرا ولا رزقا ، ـ فان وجد لم يجز تقديم غيره ، وإعطاؤه من بيت المال لحصول الغرض بالأوّل ، إلا أن يكون غير المتطوّع مشتملا على المرجّحات دون الآخر ، فالظاهر
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٥٣ حديث ١٧٩.
(٢) الفقيه ١ : ١٨٨ حديث ٨٩٦ ، التهذيب ٢ : ٥٣ حديث ١٨١.
(٣) المحاسن : ٤٨ حديث ٦٧ ، الكافي ٣ : ٣٠٧ حديث ٣١ ، التهذيب ٢ : ٥٨ حديث ٢٠٦.
(٤) المبسوط ١ : ٩٦.
(٥) الفقيه ١ : ١٨٤ حديث ٨٧٠ ، التهذيب ٢ : ٢٨٣ حديث ١١٢٩.
ولا اعتبار بأذان المجنون والسكران.
ولو تعددوا أذّنوا جميعا ، ولو اتسع الوقت ترتبوا ،
______________________________________________________
الجواز حينئذ.
ولو دعت الحاجة إلى أكثر من مؤذّن فالحكم فيه كالواحد.
فرع : لو أراد الحاكم نصب مؤذّن يرزق من بيت المال ، فهل تشترط عدالته؟ قال في الذّكرى : الأقرب ذلك لأن كمال المصلحة يتوقّف عليه (١).
قوله : ( ولا اعتبار بأذان المجنون والسكران ).
قد علم مما مضى وجهه.
قوله : ( ولو تعدّدوا أذّنوا جميعا ، ولو اتسع الوقت ترتبوا ).
يجوز تعدّد المؤذّنين وإن زادوا على اثنين ، وعن الشّيخ أبي علي في شرح نهاية والده : إن ما زاد على الاثنين بدعة بإجماع أصحابنا ، وقال والده في الخلاف : لا ينبغي الزّيادة على الاثنين ، معللا بأنّ الأذان الثّالث بدعة (٢) ولا دلالة فيه ، لأن هذا لا يعد ثالثا.
وفي المبسوط : إذا كانوا اثنين جاز أن يؤذنوا في موضع واحد فإنّه أذان واحد ، فأمّا إذا أذّن واحد بعد الآخر ، فليس ذلك بمسنون ولا مستحبّ. ولا بأس أن يؤذن جماعة كل واحد منهم في زاوية من المسجد ، لأنّه لا مانع منه (٣).
وفسّر قوله : إذا أذّن واحد بعد الآخر في المنتهى بان يبني كلّ واحد على فصول الآخر (٤) ، وهو التراسل ، والمتبادر من العبارة أنّ مجموع الأذان الثّاني بعد الأوّل كما فهمه في التّذكرة ، وعلّل كراهته بأنّه يتضمّن تأخير الصّلاة عن وقتها ، وجوّزه لو احتيج إليه لانتظار الإمام أو كثرة المأمومين ، ونحو ذلك (٥) ، وهذا هو المناسب إرادته في هذا الكتاب ، لأنّه يبعد أن يراد بسعة الوفت : المتعارف ، فإن تأخير الصّلاة عن أوّل وقتها
__________________
(١) الذكرى : ١٧٢.
(٢) الخلاف ١ : ٥٤ مسألة ٣٥ كتاب الصلاة.
(٣) المبسوط ١ : ٩٨.
(٤) المنتهى ١ : ٢٥٩.
(٥) التذكرة ١ : ١٠٨.
ويكره التراسل ، ولو تشاحوا قدم الأعلم ، ومع التساوي القرعة ،
______________________________________________________
اختيارا لأمر غير موظف غير محبوب ، فلا ينبغي فعله.
فلو اقتضى التّأخير انتظار الإمام ، أو حصول السّاتر ، أو تطهير نجاسة ونحو ذلك فلا مانع من ذكر الله ، ولا يرد أن الزائد بدعة لعدم توظيفه ، ولما سيأتي من أن الأذان الثّاني بدعة لأن المقصود بالمجموع أذان واحد ، وإن تعدّد بتعدد محلّه ، وإنّما البدعة ما يكون أذانا ثانيا بحيث يعد موظفا.
قوله : ( ويكره التّراسل ).
هو بناء كل واحد على فصول الآخر ، مأخوذ من التّوافق للنّصال ، وإنّما يكره لأن كلّ واحد منهما لم يؤذن.
قوله : ( ولو تشاحّوا قدم الأعلم ، ومع التّساوي القرعة ).
أي : لو اجتمع اثنان فصاعدا كلّ منهم يريد الأذان قدم الأعلم ، أي : بأحكام الأذان ، وهو المناسب للإطلاق ، وفي الذّكرى : قدم الأعلم بالأوقات (١) ، والأوّل أولى لأنّه يشمله. فان تساووا في العلم فالقرعة ، لقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لو يعلم النّاس ما في الأذان والصّف الأوّل ، ثم لم يجدوا إلاّ أن يستهموا عليه لفعلوا » (٢) ، ولقولهم عليهمالسلام : « كلّ أمر مجهول فيه القرعة » (٣).
والّذي يقتضيه النّظر تقديم من فيه الصّفات المرجحة في الأذان على غيره ، فان اشتركوا قدم جامع الكلّ على فاقد البعض ، وجامع الأكثر على جمع الأقل ، وينبغي تقديم العدل على الفاسق مطلقا ، لأن المؤذّن أمين ولا أمانة للفاسق ، وهي غير موثوق بها فيه.
ومع التّساوي يقدم الأعلم بأحكام الأذان أو الأوقات كما في الذّكرى (٤) ، لأمن الغلط معه ، وتقليد أرباب الأعذار له ، والمبصر على الأعمى لمثل ذلك ، فان
__________________
(١) الذكرى : ١٧٢.
(٢) صحيح البخاري ١ : ١٥٩ باب ٩ ، سنن النسائي ٢ : ٢٣ ، مسند أحمد ٢ : ٥٣٣ ، وفي جميع المصادر : « ما في النداء » و « لاستهموا ».
(٣) الفقيه ٣ : ٥٢ حديث ١٧٤ ، التهذيب ٦ : ٢٤٠ حديث ٥٩٣ ولم ترد كلمة ( أمر ) فيهما.
(٤) الذكرى : ١٧٢.
ويعتد بأذان من ارتد بعده ، وفي الأثناء يستأنف.
ولو نام أو أغمي عليه استحب له الاستئناف ، ويجوز البناء.
______________________________________________________
استووا فالأشدّ محافظة على الأذان في الوقت على من ليس كذلك ، لحصول غرض الأذان به ، ثم الأندى صوتا ، لقوله عليهالسلام : « ألقه على بلال ، فإنّه أندى منك صوتا » (١). ثم الأعف (٢) عن النّظر للأمن من تطلعه على العورات ، ثم من يرتضيه الجيران ، ثم القرعة.
ولم يتعرض الأصحاب لترجيح المعرب على اللاحن ، ولا الراتب في المسجد على غيره ، مع أنّهم قالوا : لا ينبغي أن يسبق الرّاتب غيره بالأذان ، إلا أنّ ذلك يقتضي التّرجيح مع التشاح بطريق أولى ، ولا يترجّح في الأذان نسل أبي محذورة بحاء مهملة ، وذال معجمة ، ولا سعد القرظ ، بفتح القاف والراء ، وبعدهما ظاء معجمة ، ولا نسل الصّحابة بعد نسلهما باتّفاق علمائنا على ما ذكره في المعتبر (٣) ، لإطلاق النّصوص الواردة بالأذان ، والتّقييد يحتاج إلى دليل.
قوله : ( ويعتد بأذان من ارتد بعده ).
إذا كان في وقت الأذان ممن يعتدّ بأذانه ، لأنّ الرّدة لا تبطل ما قبلها من العبادات.
قوله : ( وفي الأثناء يستأنف ).
وفاقا للشّيخ في المبسوط (٤) ، والأصحّ أنّه لا يستأنف إلاّ إذا طال الزّمان بحيث يخرج عن الموالاة عادة ، لأن الرّدة لا تبطل ما مضى من الأذان ، كما لا تبطل الأذان كلّه.
قوله : ( ولو نام أو أغمي عليه استحبّ له الاستئناف ، ويجوز البناء ).
وفاقا للمبسوط (٥) ، والفرق غير ظاهر ، والأصحّ أنّ جواز البناء مشروط بعدم
__________________
(١) سنن أبي داود ١ : ١٣٥ حديث ٤٩٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩١.
(٢) في « ع » : الأعطف.
(٣) المعتبر ٢ : ١٣٣.
(٤) المبسوط ١ : ٩٦.
(٥) المبسوط ١ : ٩٦.