جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

______________________________________________________

لا يقال : الخاص مقدّم ، لأنا نقول : اعتضد عمومه بصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن الرّجل يصلّي في زاوية الحجرة ، وامرأته أو ابنته تصلّي بحذائه في الزّاوية الأخرى قال : « لا ينبغي ذلك ، فان كان بينهما ستر أجزأه » (١).

لا يقال : لا دلالة فيه على أن ما بينهما أقل من عشر أذرع ، لأنا نقول : لو لا ذلك لم تثبت الكراهيّة المستفادة من قوله : « لا ينبغي » فإنّها ظاهرة في الكراهة.

ومع بعد عشر لا كراهة إجماعا ، ويؤيّد ذلك الأصل وإطلاق الأمر بالصّلاة ، مع ما في الرّواية الاولى من المطاعن.

قال الشّارح الفاضل : هذا بالبحث إنّما هو في حال الاختيار ، أمّا في الاضطرار فلا كراهة ولا تحريم (٢). ويشكل بأن التحاذي إن كان مانعا من الصحّة منع مطلقا ، لعدم الدّليل على اختصاص الابطال بموضع دون آخر.

واعلم أن المسألة في كلام الأصحاب مطلقة ، فمقتضى إبطال المحاذاة وتقدم المرأة بطلان الصّلاتين ، سواء تقدّمت إحداهما ، أم اقترنتا بتكبيرة الإحرام ، وسواء علم كلّ منهما بالاخر أم لا.

ويشكل البطلان في ما إذا سبقت إحداهما لسبق انعقاد الاولى ، واختصاص المتأخّر بالنّهي المقتضي للفساد ، ومع عدم انعقاد صلاته فكيف تبطل بها صلاة انعقدت؟ ولا كذلك مع الاقتران لعدم الأولويّة هنا بخلافه ثمّ ، وتردّد في الذّكرى (٣).

ووجه الابطال بتحقق الاجتماع في الموقف المنهي عنه. ولا دلالة فيه ، لأن النّهي مختص بالمتأخّر كما هو ظاهر ، إذ لا تقصير من السّابق.

وكذا لو صليا ولا يعلم أحدهما بالآخر لامتناع تكليف الغافل ، إلا أن يقال : إن التحاذي وتقدّمها مانع الصحّة كالحدث ، فمتى تحقق ولو بعد الصّلاة ثبت البطلان ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٩٨ حديث ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٣٠ حديث ٩٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ حديث ١٥٢٠ ، وفيها : ( شبر ).

(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٨٩.

(٣) الذكرى : ١٥٠.

١٢١

وينتفي التحريم أو الكراهية مع الحائل ، أو بعد عشرة أذرع ، ولو كانت وراءه صح صلاته ، ولو ضاق المكان عنهما صلّى الرجل أولا.

______________________________________________________

وهو بعيد لعدم الدّليل الدال على ذلك.

وفي عبارة المصنّف شي‌ء آخر ، وهو أن ظاهرها اختصاص القول بالجواز ، والتّحريم بالرّجل إذا صلّت المرأة بحذائه أو أمامه ، وقد كان الأولى التّعميم فيهما ، لان الحكم لهما معا ، وليس قصر الحكم في الرّواية (١) عذرا له ، لأنّها وردت على وفق السؤال ، وقد ظهر من الاخبار السّالفة (٢) ما يدلّ على قوله : ( وينتفي التّحريم أو الكراهية ـ اي : على القولين ـ مع الحائل ، أو بعد عشرة أذرع ولو كانت وراءه صحّت صلاته ) فلا حاجة إلى إعادته. والذّراع مؤنثة سماعا ، فالأولى حذف التّاء من عشرة ، ولعلّ المصنّف أثبتها تبعا للحديث.

قوله : ( ولو ضاق المكان عنهما صلّى الرّجل أولا ).

وجوبا على القول بتحريم المحاذاة ، واستحبابا على القول الآخر ، لصحيحة محمّد ابن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام في المرأة تزامل الرّجل في المحمل يصلّيان جميعا؟ فقال : « لا ، ولكن يصلّي الرّجل ، فإذا فرغ صلّت المرأة » (٣).

وقيّد في الذّكرى بسعة الوقت (٤) ، فظاهره أنّه مع الضّيق يصلّيان جميعا للضّرورة ، وهو موافق لما حكيناه عن الشّارح آنفا (٥) ، وقد عرفت أنّ الأخبار لا تساعد عليه إلاّ مع القول بالكراهة.

ولا يخفى أنّ هذه الأولويّة إنّما هي في المكان الّذي لا تختصّ به المرأة لثبوت تسلطها على ملكها ، على أنّ في المكان المشترك بينها وبين الرّجل في ملك العين أو المنفعة تردّد ، إذ الرواية السّابقة موردها المباح أصالة.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٩٨ حديث ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٣٠ حديث ٩٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ حديث ١٥٢٠.

(٢) منها : ما رواه الشيخ في التهذيب ٢ : ٢٣١ حديث ٩١١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ حديث ١٥٢٦.

(٣) الكافي ٣ : ٢٩٨ حديث ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٣١ حديث ٩٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ حديث ١٥٢٢.

(٤) الذكرى : ١٥٠.

(٥) إيضاح الفوائد ١ : ٨٩.

١٢٢

والأقرب اشتراط صحة صلاة المرأة ـ لولاه ـ في بطلان الصلاتين فلو صلّت الحائض أو غير المتطهرة ـ وإن كان نسيانا ـ لم تبطل صلاته

______________________________________________________

قوله : ( والأقرب اشتراط صحّة المرأة ـ لولاه ـ في بطلان الصّلاتين ).

كان الأولى أن يقول : والأقرب اشتراط صحّة كلّ من الصّلاتين لولاه ، أي : لولا ما ذكر من المحاذاة ، وتقدّمها بحيث تكون جميع الأمور المعتبرة في الصّلاة حاصلة سوى ذلك لتكون الصّلاتان معا باطلتين ، حتّى لو كانت إحداهما باطلة بسبب آخر صحّت الأخرى.

ووجه القرب أنّ الفاسدة كلاصلاة ، ولأنّ إطلاق الصّلاة محمول عند الفقهاء على الصّحيحة في غالب أبواب الفقه. ويحتمل عدمه لصدقها على الفاسدة أيضا ، وندور الحمل لا يقتضي المجاز ، والأوّل أصحّ ، لأنّ إطلاق الشّارع لفظ الصّلاة إنّما يراد به الصّحيحة لعدم توجّه الأمر إلى غيرها ، وعدم إجرائه الأحكام على الفاسدة.

واحترز المصنّف بقوله : ( لولاه ) عن لزوم اشتراط البطلان بالصحّة المقتضي لاشتراط الشّي‌ء بنقيضه ، فكأنّه قال : يشترط لإبطال الصّلاتين بهذا انتفاء مبطل آخر في واحدة منهما.

وبه يندفع ما قيل ـ أيضا ـ : من أنّ المانع إمّا صورة الصّلاة وهو باطل ، لعدم اعتبار الشّارع إيّاها ، ولو اعتبرت لأبطلت صلاة الحائض والجنب.

أو الصحة وهو باطل أيضا ، وإلاّ لاجتماع الضّدان ، أو ترجّح أحد طرفي الممكن بلا مرجّح ، إذ ليس المراد اشتراط الصحّة ، بل عدم البطلان بسبب آخر ، ومعناه الصحّة على تقدير عدم المحاذاة والتقدّم.

وقوله : ( فلو صلّت الحائض ، أو غير المتطهرة ـ وإن كان نسيانا ـ لم تبطل صلاته ).

متفرع على اشتراط صحّة الصّلاتين لو لا المحاذاة لبطلانهما ، أي : ـ بناء على الاشتراط المذكور ـ لو صلّت الحائض ورجل بحذائها يصلّي لم تبطل صلاته ، لأن الحيض مانع من صحة صلاتها ، فانتفى شرط بطلان صلاته بالمحاذاة فلا تبطل.

وكذا لو كانت غير متطهرة سواء كانت عالمة أم لا ، أمّا مع العلم فظاهر ، وأمّا‌

١٢٣

وفي الرجوع إليها حينئذ نظر.

______________________________________________________

مع عدمه فلأن فقد الشرط موجب لانتفاء المشروط.

لا يقال : لو نسيت الحدث وظنّت أنّها متطهرة صحّت صلاتها ظاهرا ، لأنّها متعبّدة بظنّها. لأنّها نقول : الصحّة عند الفقهاء إسقاط القضاء ، وهو منتف في هذه الصّورة ، ولا يلزم من عدم العلم بالفساد الحكم بالصحّة ، وكذا لو كان الثّوب نجسا ، ونحو ذلك.

قوله : ( وفي الرّجوع إليها حينئذ نظر ).

كان الأوجه أن يقول : وفي رجوع كلّ منهما إلى الآخر ، لأنّ الحكم عام للرّجل والمرأة.

ومنشأ النّظر من أنّ من أخبر بفساد صلاته قبل منه قطعا ، لأنّ : « إقرار العقلاء والمرأة.

ومنشأ النّظر من أنّ من أخبر بفساد صلاته قبل منه قطعا ، لأن : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (١) ، ولأنّ المفسد من فعله ـ وربّما كان خفيا ـ لا يطلع عليه إلاّ من قبله ، ولأن عدم الرّجوع إليهما ، مع اشتراط صحة الصّلاتين لولا المحاذاة في البطلان بها لا يجتمعان ، والثّاني ثابت ـ لأنّ الكلام على تقديره ـ فينتفي الأوّل.

بيان التّنافي : أن الصحّة لا تعلم إلاّ من قبل المصلّي لتعلّقها بأمور قلبية ، وأفعال خفيّة ، لا يعلمها إلاّ الله والمصلّي ، فلو تعلّق بها تكليف مكلّف ولم يقبل فيها قول المصلّي لزم تكليف ما لا يطاق.

وفيه نظر ، لأنّ الشّرط إن كان هو الصحّة ظاهرا فيكفي فيها الاستناد إلى أصالة صحّة فعل المسلم حتّى يعلم المبطل ، وقد تعلم لا من قبل المصلّي ، فلا يلزم تكليف ما لا يطاق.

وإن كان هو الصحّة بحسب الواقع لم يكف الرّجوع إلى المصلّي لإمكان الفساد بوجه لا يعلمه ، ومن أنّه شهادة على الغير فلا يقبل.

والأوّل أقوى ، لأنّ إخبار المكلّف بصحّة صلاة نفسه وفسادها إخبار عن فعل نفسه ، فإذا حكم بقبوله لزم منه صحّة صلاة الآخر وفسادها ، فلا يكون شهادة على الغير ، ولا إقرار عليه.

__________________

(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٣ حديث ١٠٤ ، و ٢ : ٢٥٧ حديث ٥.

١٢٤

______________________________________________________

إذا عرفت ذلك فهنا أمران :

الأوّل : هل هذا الرّجوع على طريق الوجوب ، أم الجواز؟

ليس في العبارة تصريح بواحد من الأمرين ، والدّليل ينساق إلى الوجوب ، لأنّه متى صحّ الرّجوع إلى المرأة المحاذية في صحّة صلاتها تحتم على الرّجل إعادة صلاته ، وكذا في الطّرف الآخر ، لأنّ شرعية الإعادة حتما موقوف على تحقق الصحة (١) ، فمع تحقق فساد صلاتها لا تشرع الإعادة كذلك.

الثّاني : إذا قلنا برجوع كلّ منهما إلى الآخر في الصحّة والفساد ، فمتى يكون ذلك ، هل هو قبل الصّلاة أم بعدها؟ أم في خلالها ، أم مطلقا؟ ليس في عبارة أحد من الأصحاب الّذين اطّلعت على كلامهم تعرض إلى ذلك.

والّذي يقتضيه النّظر أنّ الإخبار إن كان قبل الصّلاة وجب قبوله ، وإن كان بعدها ، فإن أخبر أحدهما بأنّ صلاته كانت باطلة لم يؤثر ذلك في صلاة الآخر ، الّتي حكم ببطلانها ظاهرا بالمحاذاة بصلاة الأصل فيها الصّحة ، فإن أخبر بأنّها كانت صحيحة فلا أثر له ، لثبوت البطلان قبل ذلك.

هذا إذا شرعا في الصّلاة عالمين بالمحاذاة المفسدة ، ولو شرعا وكلّ منهم غير عالم بالآخر ، كما في الظلمة أو ظنّ الرّجل كون الآخر رجلا ، فلمّا فرغا تبين كونه امرأة ، ففي الإبطال هنا تردّد.

فإن قلنا به ، ففي رجوع أحدهما إلى الآخر في بطلان صلاته لتصحّ الأخرى نظر ، من الحكم ببطلانها ، وكونها سيقت على ظاهر الصحّة فلا يؤثر فيها الحكم بالبطلان الّذي قد علم خلافه ، بخلاف الصّلاة الّتي فعلها المصلّي على اعتقاد فسادها ، فإنّها لا تصير صحيحة بعد فوات النيّة.

وإن كان في خلالها فإن شرعا فيها عالمين ، فلا كلام في الإبطال ، وكذا لو علم أحدهما اختصّ ببطلان صلاته ، وإن لم يعلم كلّ منهما بالآخر ثم علما ففي رجوع أحدهما إلى الآخر في بطلان صلاته لتصحّ صلاة الأوّل تردّد.

__________________

(١) في النسخ المعتمدة : ( الإعادة ) ، والصحيح المثبت من هامش نسخة « ح » ، ويؤيده ما بعدها.

١٢٥

ولو لم تتعد نجاسة المكان إلى بدنه أو ثوبه صحت صلاته ، إذا كان موضع الجبهة طاهرا على رأي.

______________________________________________________

قوله : ( ولو لم تتعدّ نجاسة المكان إلى بدنه أو ثوبه صحت صلاته ، إذا كان موضع الجبهة طاهرا ، على رأي ).

اختلف الأصحاب في اشتراط طهارة مكان المصلّي من النّجاسة ، بعد اتّفاقهم على أنّه إذا كان فيه نجاسة متعدّية إلى المصلّي ، أو محمولة ـ لم يعف عنها ـ لا تصحّ الصّلاة ، سواء كانت في مساقط أعضاء السّجود ، أو فيما حاذى بدن المصلّي وثيابه.

وأجمعوا على اشتراط طهارة مسجد الجبهة مطلقا ، سواء كانت متعدّية أم لا.

ولو كانت النّجاسة تتعدى إلاّ أنّها مما عفي عنه في الصّلاة ، فقد نقل الشّارح ـ ولد المصنّف ـ عنه إجماعنا على اشتراط خلو المكان منها (١) ، وإطلاق عبارة المنتهى يوافق ما نقله (٢) ، إلاّ أن ما ذكره دليلا يؤذن بخلافه ، وكذا عبارة التّذكرة تشعر بأن الإجماع مختصّ بالنّجاسة الّتي لم يعف عنها (٣).

وقد صرّح شيخنا الشّهيد في الذّكرى بذلك ، فقال : ولو كان المكان نجسا بما عفي عنه كدون الدرهم دما ويتعدى فالظّاهر أنّه عفو ، لأنّه لا يزيد على ما هو على المصلّي (٤) ، ثم احتمل البطلان معلّلا بعدم ثبوت العفو.

فعلى هذا موضع الخلاف ما إذا كانت النّجاسة غير معفو عنها ولا تتعدّى ، وهي في غير مسجد الجبهة ، فللأصحاب قولان :

أحدهما ـ وبه قال الشّيخان (٥) ، وأكثر الأصحاب ـ : لا تشترط طهارة المكان فيها (٦) ، لما رواه الشّيخ ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن شاذكونة يكون عليها الجنابة ، أيصلّى عليها في المحمل؟ قال : « لا بأس » (٧) ، والشاذكونة :

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٩٠.

(٢) المنتهى ١ : ٢٤٢.

(٣) التذكرة ١ : ٨٧.

(٤) الذكرى : ١٥٠.

(٥) الشيخ المفيد في المقنعة : ١٠ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٢ : ٣٦٩ ذيل حديث ١٥٣٦.

(٦) منهم : العلامة في التذكرة ١ : ٨٧ ، والشهيد في الذكرى : ١٥.

(٧) التهذيب ٢ : ٣٦٩ حديث ١٥٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ حديث ١٤٩٩.

١٢٦

______________________________________________________

حصير صغير. ولا يرد أن الصّلاة في المحمل حال ضرورة ، لأنّه أطلق الجواب ولم يسأل عن إمكان النّزول وعدمه.

ولرواية محمّد بن أبي عمير قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيصلّى على الشّاذكونة وقد أصابتها الجنابة ، فقال : « لا بأس » (١).

والثّاني ـ وبه قال المرتضى (٢) ، وأبو الصّلاح ـ : تشترط (٣) ، وإن اختلفا في تفسير المكان ، لظاهر قوله تعالى ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) (٤) والرّجز : النّجس ، ومعنى هجره : اجتنابه ، فيندرج في إطلاق الأمر باجتنابه حال الصّلاة والأمر للوجوب ، إلاّ فيما دلّ الدّليل على عدم وجوب الاجتناب فيه.

ويرد عليه ، أن المتنازع ممّا دلّ الدّليل على عدم الوجوب فيه ، فان الرّوايتين الدّالتين على ذلك قد سبقتا (٥) ، ولنهي النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصّلاة في المزبلة والمجزرة (٦) ولا علّة سوى النجاسة. وفيه نظر لأن النّهي هنا للكراهة ، كما في الطّريق والمعاطن (٧).

وعلى تقدير إرادة التّحريم لا يتعيّن للعلة النّجاسة ، للقطع بانتفائها في البواقي ، ولموثقة عبد الله بن بكير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الشّاذكونة يصيبها الاحتلام ، أيصلّى عليها؟ قال : « لا » (٨). ويمكن الحمل على الكراهية ، لأن فيه جمعا ظاهرا ، ولأن ابن بكير فطحي فلا تعويل على ما ينفرد به ، فالأصحّ الأوّل.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ مكان المصلّي هو مسقط كلّ البدن عند‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٧٠ حديث ١٥٣٨ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ حديث ١٥٠٠.

(٢) رسائل الشريف المرتضى المجموعة الاولى : ٢٧٥.

(٣) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٤) المدثر : ٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦٩ ، ٣٧٠ حديث ١٥٣٧ ، ١٥٣٨ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ حديث ١٤٩٩ ، ١٥٠٠.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ حديث ٧٤٧.

(٧) المعاطن : جمع معطن وهو مبرك الإبل حول الحوض ، القاموس المحيط ( عطن ) ٤ : ٢٤٨.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٦٩ حديث ١٥٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ حديث ١٥٠١.

١٢٧

______________________________________________________

المرتضى (١) ، ومساقط الأعضاء عند ابي الصّلاح (٢) ، ونسبه الى المصنف هنا بقوله : ( ولا تشترط طهارة مساقط باقي الأعضاء ) ولا دلالة فيه ، لعدم إشعاره بالمكان ، إنّما يدلّ على ردّ قول أبي الصّلاح صريحا ، وعلى ردّ قول المرتضى بطريق أولى ، وما يماس بدن المصلّي أو ثوبه من موضع الصّلاة ، وأسنده الشارح (٣) الى ظاهر كلام الشّيخ (٤).

وحكى قولا رابعا حاصله : إن الصّلاة تشتمل على حركات وسكنات وأوضاع ، ولا بدّ في الجميع من الكون ، فالمكان هو ما تقع فيه هذه الأكوان ، ونسبه الى الجبائيّين (٥) ، والمصنّف في بعض أقواله (٦) ، وهذا التّفسير لا يناسب هذا المبحث ، لأنّه لو كان في الهواء نجاسة جافّة لم يعف عنها تماس بدن المصلّي ، يلزم بطلان الصّلاة بها على القول باشتراط طهارة المكان ، ولا نعلم قائلا بذلك.

فروع :

أ : لو كبّر في مكان نجس تتعدى نجاسته عند السّجود فانتقل عنه قبله ، فالمتجه عدم بطلان صلاته إن قصد ذلك من أوّل الصّلاة ، أو لم يقصد شيئا ، لا إن قصد السّجود فيه ، ولو لم ينتقل إلى أن تعدت بطلت حينئذ.

ب : لو كان في مسجد الجبهة نجاسة لا تتعدّى ، أو على نفس الجبهة نجاسة معفوّ عنها ، ولم يستوعب المسجد والجبهة ، بل بقي ما يكفي للسّجود بشرطه ، فالمتجه عدم بطلان الصّلاة إذا سجد على الطاهر لعدم تحقق المنافي.

ج : محاذي الصّدر والبطن ونحوهما ـ بين الأعضاء ـ من المكان ، على قول‌

__________________

(١) نقله عنه فخر المحققين في إيضاح الفوائد ١ : ٩٤.

(٢) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٣) إيضاح الفوائد ١ : ٩٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦٩ ذيل حديث ١٥٣٦.

(٥) هما : أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام ، وابنه أبو هاشم عبد السلام ، وكلاهما من رؤساء المعتزلة ، هدية الأحباب : ١١٨ ، الكنى والألقاب ٢ : ١٢٦.

(٦) إيضاح الفوائد ١ : ٩٤.

١٢٨

وتكره الصلاة في الحمام لا المسلخ ، وفي بيوت الغائط ، والنيران ، والخمور مع عدم التعدي ،

______________________________________________________

المرتضى (١) ، بخلاف قول ابي الصّلاح (٢).

قوله : ( وتكره الصّلاة في الحمام ، لا المسلخ )

كراهية الصّلاة في الحمام مذهب أكثر الأصحاب (٣) ، لنفي الصّادق عليه‌السلام البأس عن الصّلاة فيه (٤) ، وقال أبو الصّلاح : لا تجوز (٥) ، وتردّد في الفساد لنهي الصادق عليه‌السلام عن الصّلاة في مواضع منها الحمام (٦) ، وهو محمول على الكراهية مع ضعف السّند.

وهل المسلخ من الحمام؟ احتمله في التّذكرة (٧) ، وبنى الاحتمال على علّة النّهي ، فإن كانت النّجاسة لم يكره ، وإن كانت كشف العورة فيكون مأوى الشّياطين كره ، وجزم هنا وفي المنتهى بعدم الكراهية (٨) وهو الأصحّ ، لأنّ النّهي مختصّ بالحمّام فيتبع الاشتقاق ، ومنه يعلم أنّه لا بأس بالصّلاة على سطح الحمام ، وبه صرّح في المنتهى (٩). وإنّما تصحّ الصّلاة في الحمام إذا كان الموضع طاهرا ، فلو كان نجسا لم تصح قولا واحدا.

قوله : ( وبيوت الغائط والنيران والخمور ، مع عدم التعدّي ).

أمّا الأوّل : فلما رواه الفضيل بن يسار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقوم في الصّلاة فأرى قدامي في القبلة العذرة ، فقال : « تنح عنها ما استطعت » (١٠) ، ولما روي عن الصّادق عليه‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « إن جبرئيل‌

__________________

(١) نقل فخر المحققين قوله في إيضاح الفوائد ١ : ٩٦.

(٢) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٣) منهم : الشيخ في النهاية : ٩٩ ، والشهيد في الدروس : ٢٨.

(٤) الفقيه ١ : ١٥٦ حديث ٧٢٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٤ حديث ١٥٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ حديث ١٥٠٥.

(٥) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٦) التهذيب ٢ : ٢١٩ حديث ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ حديث ١٥٠٤.

(٧) التذكرة ١ : ٨٨.

(٨) المنتهى ١ : ٢٤٤.

(٩) المصدر السابق.

(١٠) المحاسن : ٣٦٥ حديث ١٠٩ ، الكافي ٣ : ٣٩١ حديث ١٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦ حديث ١٥٦٣.

١٢٩

وبيوت المجوس ،

______________________________________________________

أتاني فقال : إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ، ولا تمثال جسد ، ولا إناء يبال فيه » (١) ، ونفور الملائكة يؤذن بكونه ليس موضع رحمة ، فلا يصلح أن يتخذ للعبادة.

وأما بيوت الخمور ـ ومثلها المسكرات ، والظاهر أن الفقاع كذلك ـ فلأنها ليست محلّ إجابة ، ولما رواه عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تصل في بيت فيه خمر ، أو مسكر » (٢) ، وهذا مع عدم تعدّي النّجاسة فيهما ، أما معه فلا يجوز قطعا ، واكتفى المصنّف بالتقييد في الأخير لايذانه باعتبار القيد في الأوّل.

ولا بأس بالصّلاة على سطح الحشّ (٣) ـ صرح به في المنتهى (٤) ـ لانتفاء المقتضي للكراهيّة.

وأمّا كراهة الصّلاة في بيوت النّيران فلئلاّ يتشّبه بعبّادها ، قاله الأصحاب (٥) ، وقال أبو الصّلاح بالتحريم وتردّد في الفساد (٦) وهو ضعيف ، وأكثر الأصحاب على الكراهيّة. والظّاهر أن المراد بـ ( بيوت النّيران ) ما أعدت لاضرامها عادة ، وإن لم يكن موضع عبادتها تمسكا بظاهر تعليلهم ، ووقوفا مع إطلاق اللّفظ ، وعلى هذا ، فلا فرق بين كون النّار موجودة في وقت الصّلاة وعدمه.

ولو صلّى على سطح هذه البيوت فالظاهر أنّه لا بأس.

قوله : ( وبيوت المجوس ).

لعدم انفكاكها من النّجاسة غالبا ، كذا علله الأصحاب ، ويؤيده ما رواه أبو جميلة ، عن الصّادق عليه‌السلام قال : « لا تصلّ في بيت فيه مجوسي ، ولا بأس أن تصلّي في بيت فيه يهودي ، أو نصراني » (٧) ، فان رششت الأرض زالت الكراهة ، لقول‌

__________________

(١) المحاسن : ٦١٥ حديث ٣٩ ، الكافي ٣ : ٣٩٣ حديث ٢٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ حديث ١٥٧٠.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٢ حديث ٢٤ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ حديث ١٥٦٨.

(٣) الحشش : المرحاض ، انظر القاموس المحيط ( حش ) ٢ : ٢٦٩.

(٤) المنتهى ١ : ٢٤٦.

(٥) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٨٦ ، والنهاية : ١٠٠ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ١١٢.

(٦) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٧) الكافي ٣ : ٣٨٩ حديث ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ حديث ١٥٧١.

١٣٠

ولا بأس بالبيع والكنائس.

وتكره في معاطن الإبل ،

______________________________________________________

الصّادق عليه‌السلام وقد سئل عن الصّلاة في بيوت المجوس ، فقال : « رش الأرض وصلّ » (١) [ وقيد في المبسوط والنّهاية (٢) بالجفاف بعد الرّش ، وهو حسن ] (٣).

قوله : ( ولا بأس بالبيع والكنائس ).

ذهب إليه أكثر علمائنا (٤) ، وتدلّ عليه صحيحة العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البيع والكنائس يصلّى فيها؟ فقال : « نعم » (٥).

وروي عنه عليه‌السلام أنّه سئل عن الصّلاة فيها ، فقال : « صلّ فيها ، قد رأيتها ما أنظفها » ، قلت : أيصلّى فيها وإن كانوا يصلّون فيها؟ فقال : « نعم » (٦).

ولو كانت مصورة كرهت الصّلاة لمكان الصّور لا لكونها كنيسة ، وقال ابن البرّاج (٧) ، وابن إدريس : تكره الصّلاة فيها لأنّها لا تنفك من النّجاسة (٨) ، وفيه منع.

ويستحب أن يرش الموضع الّذي يصلّى فيه من البيع والكنائس ، لصحيحة عبد الله بن سنان ، وقد سأله عن الصّلاة في البيع والكنائس وبيوت المجوس فقال : « رش وصل » (٩) ، وهو جواب عن الجميع ، فيشترك في الحكم ، وبه صرّح في المنتهى (١٠).

قوله : ( وتكره معاطن الإبل ).

هي : مباركها حول الماء لتشرب عللا بعد نهل ، قال صاحب الصّحاح :

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٢٢ حديث ٨٧٧ وفيه : « رش وصل ».

(٢) المبسوط ١ : ٨٦ ، النهاية : ١٠٠.

(٣) هذه الزيادة وردت في « ن » و « ح ».

(٤) منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٨٦ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ١١٦.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٢٢ حديث ٨٧٤.

(٦) الفقيه ١ : ١٥٧ حديث ٧٣١ ، التهذيب ٢ : ٢٢٢ حديث ٨٧٦.

(٧) المهذب ١ : ٧٦.

(٨) السرائر : ٥٨.

(٩) التهذيب ٢ : ٢٢٢ حديث ٨٧٥.

(١٠) المنتهى ١ : ٢٤٥.

١٣١

______________________________________________________

والعلل : الشّرب الثّاني ، والنّهل : الشرب الأوّل (١) ، والفقهاء جعلوه أعمّ من ذلك ، وهي مبارك الإبل مطلقا الّتي يأوي إليها ، كذا قال في المنتهى (٢) ، قال : ويدلّ عليه ما فهم من التّعليل بكونها من الشّياطين (٣).

والقول بالكراهية هو مذهب أكثر الأصحاب (٤) ، وأبو الصّلاح على أصله السّابق من التّحريم ، والتردّد في الفساد (٥) ، والمستند ما روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « إذا أدركتم الصّلاة وأنتم في مراح الغنم فصلّوا فيها ، فإنّها سكينة وبركة ، وإذا أدركتم الصّلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلّوا ، فإنّها جن من جن خلقت ، ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها » (٦).

وهو منزل على الاستحباب ، لمقطوعة سماعة ، قال : سألته عن الصّلاة في أعطان الإبل ، وفي مرابض البقر والغنم فقال : « إن نضحته بالماء وقد كان يابسا فلا بأس بالصّلاة فيها » (٧) ، ولو كان الأمر بالخروج منها للوجوب لما جازت بعد النضح لقيام العلّة معه ، ولعموم دلائل الصّلاة في كلّ مكان ، مثل « جعلت لي الأرض مسجدا » (٨) ، ولا يبلغ هذا الحديث مرتبة تخصيص العموم فيحمل على الكراهيّة مصيرا إلى ما عليه الأكثر ، ولأنّه لا يؤمن من نفورها فيشغل المصلّي.

وقد قيل : إن عطنها مواطن الجن (٩) ، وليس المانع فضلاتها لأنّها طاهرة عندنا ، ولا بأس بالمواضع الّتي تثبت فيها الإبل في سيرها ، أو تناخ فيها لعلفها أو وردها ، لأنّها لا تسمّى معاطن ، قاله في المنتهى (١٠).

__________________

(١) الصحاح ( علل ) ٥ : ١٧٧٣.

(٢) المنتهى ١ : ٢٤٥.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٥٣ حديث ٧٦٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٣ حديث ٤٩٣.

(٤) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٨٥ ، والنهاية : ١٠١ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٧٢.

(٥) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٦) سنن البيهقي ٢ : ٤٤٩.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٢٠ حديث ٨٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ حديث ١٥٠٦.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١١٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢٤ ، سنن البيهقي ١ : ٢٢٢ ، مسند أحمد ٢ : ٢٢٢.

(٩) عمدة القارئ ٤ : ١٨١.

(١٠) المنتهى ١ : ٢٤٥.

١٣٢

ومرابط الخيل والبغال والحمير ، وقرى النمل ، ومجرى الماء ، وأرض السبخة ، والثلج ،

______________________________________________________

قوله : ( ومرابط الخيل والبغال والحمير ).

لكراهية فضلاتها وبعد انفكاكها منها ، وفي مقطوع سماعة : النّهي عن مرابط الخيل والبغال ، وأبو الصّلاح على أصله السّابق (١) ، ولم يفرق في المنتهى بين الوحشية والإنسيّة (٢).

قوله : ( وقرى النّمل ).

هي جمع قرية ، قال في القاموس : قرينة النّمل : مجتمع ترابها (٣) ، وتكره الصّلاة فيها لعدم انفكاك المصلّي من أذاها وقتل بعضها ، وفي مرسل عبد الله بن الفضل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « عشرة مواضع لا يصلّى فيها » (٤) وعدّ منها قرى النّمل.

قوله : ( ومجرى الماء ).

ذهب إليه علماؤنا (٥) ، وهو في رواية عبد الله بن الفضل ، ولأنّه لا يؤمن هجوم الماء فيسلب الخشوع ، ومن ثم كرهت الصّلاة في بطن الوادي.

قوله : ( وأرض السّبخة ).

لعدم كمال تمكن الجبهة من الأرض ، فإن حصل التمكن فلا بأس ، روى أبو بصير ، قال : سألت الصّادق عليه‌السلام عن الصّلاة في السبخة لم تكرهه؟ قال : « لأن الجبهة لم تقع مستوية » ، فقلت : إن كان فيها أرض مستوية؟ قال : « لا بأس » (٦) ، ومثله الوحل ، والرمل المنهال.

قوله : ( والثّلج ).

لعدم التمكّن أيضا ، ولقول الكاظم عليه‌السلام : « إن أمكنك أن لا تسجد عليه‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٢) المنتهى ١ : ٢٤٦.

(٣) القاموس المحيط ( قري ) ٤ : ٣٧٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٢١٩ حديث ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ حديث ١٥٠٤.

(٥) منهم : المحقق في المعتبر ٢ : ١١٢ ، والشرائع ١ : ٧٢ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٢٤٩ ، والشهيد في اللمعة : ٣١.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٢١ حديث ٨٧٣ ، الاستبصار ١ : ٣٩٦ حديث ١٥٠٩.

١٣٣

وبين المقابر من غير حائل ، ولو عنزة أو بعد عشرة أذرع ،

______________________________________________________

فلا تسجد ، فان لم يمكن فسوه واسجد عليه » (١).

قوله : ( وبين المقابر من غير حائل ، ولو عنزة أو بعد عشر أذرع ).

سواء استقبلها ، أو صلّى بينها في الكراهية والصحّة ، وقال المفيد : لا يجوز إلاّ بحائل ولو عنزة ، أو قدر لبنة ، أو ثوب موضوع ، ولو كان قبر إمام (٢) ، وأبو الصّلاح على أصله السّابق (٣) ، والأصحّ الأوّل.

أمّا الجواز فلعموم : « جعلت لي الأرض مسجدا » (٤) ، وصحيحة معمر بن خلاّد عن الرّضا عليه‌السلام قال : « لا بأس بالصّلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة » (٥) وصحيحة ابن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام وقد سأله عن الصّلاة بين القبور قال : « لا بأس » (٦).

وأمّا الكراهية فلأن القبور من المواضع العشرة الّتي نهى الصّادق عليه‌السلام عن الصّلاة فيها ، في رواية عبد الله بن الفضل (٧) ، ولرواية عمّار عنه عليه‌السلام قال : سألته عن الرّجل يصلّي بين القبور ، قال : « لا يجوز ذلك ، إلاّ أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلّى عشرة أذرع من بين يديه ، وعشرة أذرع من خلفه ، وعشرة أذرع عن يمينه ، وعشرة أذرع عن يساره ، ثم يصلّي إن شاء » (٨) ، والجمع بينها وبين ما تقدّم بالحمل على الكراهية.

ولا فرق بين المقبرة العتيقة والجديدة في ذلك ، ولا فرق بين القبر والقبرين وما زاد في ذلك ، وفي توجيه الكراهية عند القبر الواحد تكلّف.

وتزول الكراهية بالحائل وإلاّ لزم بقاؤها ، ولو كان بينهما جدران متعدّدة ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٠ حديث ١٤.

(٢) المقنعة : ٢٥.

(٣) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١١٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢٤ ، سنن البيهقي ١ : ٢٢٢ ، مسند أحمد ٢ : ٢٢٢.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٢٨ حديث ٨٩٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ حديث ١٥١٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٧٧٤ حديث ١٥٥٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ حديث ١٥١٥.

(٧) التهذيب ٢ : ٢١٩ حديث ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ حديث ١٥٠٤.

(٨) الكافي ٣ : ٣٩٠ حديث ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ حديث ٨٩٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ حديث ٥١٣.

١٣٤

______________________________________________________

والاكتفاء في الحائل بالعنزة مستفاد من كلام الأصحاب ، والعنزة ـ محرمة ـ : رميح بين العصا والرمح في رأسها زج ، ذكر قريبا منه في القاموس (١). وكذا يزول بالبعد المذكور في الرّواية (٢) ، ولا يكفي كونه خلف المصلّي من دون البعد ، خلافا للشّيخ (٣).

ولو بني مسجد في المقبرة لم يخرج عن الكراهية ، بخلاف ما لو نقلت القبور منها ، ذكره في المنتهى (٤). ولو سجد المصلّي على القبر لم يحرم ، إلاّ أن يعلم نجاسة ترابه باختلاطه بصديد الموتى وتكرّر النّبش ، وقال ابن بابويه : يحرم (٥). وأمّا الصّلاة عند قبر الامام عليه‌السلام فقد أطلق المفيد كراهتها (٦) ، وقال الشّيخ : قد رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمة عليهم‌السلام (٧) ، والأصل الكراهية (٨) ، ويظهر من كلام الذّكرى في أحكام الجنائز أن إطباق الإماميّة على خلاف ذلك في الفريضة والنّافلة (٩) ، وهو مستفاد من الرّواية الّتي أشار إليها الشّيخ ، فانّ فيها : أنّ الصّلاة خلف الامام ، ويصلّي عن يمينه وشماله ، ولا يجوز تقدّمه ، وهو يتناول الفريضة والنّافلة.

وقال المصنف في المنتهى : المراد بقوله : ( لا يجوز ) : الكراهية لا التّحريم ثم قال : ويفهم من ذلك كراهية الاستدبار له في غير الصّلاة (١٠) ، وفي حديث عن الباقر عليه‌السلام : « إن الصّلاة الفريضة عند قبر الحسين عليه‌السلام تعدل عمرة » (١١) ، وغير ذلك من الرّوايات (١٢).

__________________

(١) القاموس المحيط ( عنز ) ٢ : ١٨٤.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٠ حديث ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ حديث ٨٩٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ حديث ١٥١٣.

(٣) النهاية : ٩٩.

(٤) المنتهى ١ : ٢٤٥.

(٥) الفقيه ١ : ١٥٦ ذيل حديث ٧٢٧.

(٦) المقنعة : ٢٥.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٢٨ حديث ٨٩٨.

(٨) النهاية : ٩٩.

(٩) الذكرى : ٦٩.

(١٠) المنتهى ١ : ٢٤٥.

(١١) كامل الزيارات : ٢٥١ باب ٨٣ حديث ١ وفيه : « الصلاة الفريضة عند قبر الحسين (ع) تعدل حجة والنافلة تعدل عمرة ».

(١٢) كامل الزيارات : ٢٥١ باب ٨٣ حديث ٢ ـ ٤.

١٣٥

وجوادّ الطرق دون الظواهر ، وجوف الكعبة في الفريضة وسطحها ،

______________________________________________________

قوله : ( وجوادّ الطرق دون الظّواهر ).

ذهب إليه أكثر علمائنا (١) ، وقال المفيد (٢) ، وابن بابويه : لا يجوز (٣) ، والمذهب الأوّل أمّا الجواز فللعموم السّابق ، وأما الكراهية فلحسنة الحلبي ، عن الصّادق عليه‌السلام ، قال سألته : عن الصّلاة في ظهر الطّريق ، فقال : « لا بأس أن يصلّي في الظّواهر الّتي بين الجواد ، فأمّا على الجوادّ فلا يصلّى فيها » (٤) ، وفي معناها صحيحة محمّد بن مسلم ، عنه عليه‌السلام (٥) وغيرها (٦).

ولا فرق في الكراهية بين أن يكون في الطّريق سالك وقت الصّلاة ، أو لم يكن للعموم ، ولا فرق في الطّريق بين أن يكون استطراقها كثيرا أو لا ، لتناول الاسم لها ، ولقول الرّضا عليه‌السلام : « كلّ طريق يوطأ ويتطرق سواء كانت فيه جادة أو لم تكن ، فلا ينبغي الصّلاة فيه » (٧).

قوله : ( وجوف الكعبة في الفريضة وسطحها ).

هذا هو المشهور ، وعليه الفتوى ، وقال الشّيخ (٨) ، وابن البرّاج بتحريم صلاة الفريضة فيها (٩) ، تمسكا بظاهر قوله تعالى ( فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (١٠) أي : نحوه ، وإنّما يصدق ذلك إذا كان خارجا منه ، ولأنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل البيت ودعا ، وخرج فوقف على بابه وصلّى ركعتين ، وقال : « هذه القبلة هذه القبلة » (١١).

فإذا صلّى في جوفها لم يصلّ إلى ما أشار إليه بأنّه هو القبلة ، وروى محمّد بن‌

__________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٨٥ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٢٤٧.

(٢) المقنعة : ٢٥.

(٣) الفقيه ١ : ١٥٦ ذيل حديث ٧٢٧.

(٤) الكافي ٣ : ٣٨٨ حديث ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ حديث ٨٦٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٢١ حديث ٨٦٩.

(٦) الكافي ٣ : ٣٨٩ حديث ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ حديث ١٥٦٠.

(٧) الكافي ٣ : ٣٨٩ حديث ٨ ، الفقيه ١ : ١٥٦ حديث ٧٢٨ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ حديث ٨٦٦.

(٨) التهذيب ٥ : ٢٧٩.

(٩) نقله عنه العلامة في المختلف : ٨٥.

(١٠) البقرة : ١٤٤ ، ١٥٠.

(١١) صحيح مسلم ٢ : ٩٦٨ حديث ١٣٣٠ ، سنن النسائي ٥ : ٢٢٠ ، مسند أحمد ٥ : ٢٠١ ، ٢٠٨.

١٣٦

وفي بيت فيه مجوسي ،

______________________________________________________

مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « لا تصلّ المكتوبة في جوف الكعبة » (١) ، ولاستلزامه استدبار قبلة يجب التوجّه إليها في الصّلاة فيكون حراما.

وجوابه : أن المراد بالنحو الجهة ، وليس المراد جهة جميع البيت قطعا ، بل أي جزء كان منه بحيث يحاذي المصلّي بجملته جهة من جهات البيت ، وهذا المعنى قائم فيمن صلّى داخلا ، وكذا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « هذه القبلة » إنّما يريد به ما قلناه ، والنّهي في الرّواية محمول على الكراهية ، والاستدبار إنّما يحرم إذا اشتمل على ترك الاستقبال ، إذ لا دليل على تحريمه بخصوصه ، وروى يونس بن يعقوب ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : حضرت الصّلاة المكتوبة وأنا في الكعبة فأصلّي فيها؟ قال : « صل » (٢) ، وروى محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام : « لا تصلح المكتوبة جوف الكعبة » (٣) ، فأمّا إذا خاف فوت الصلاة فلا بأس.

والحمل على الكراهية جمعا بين الأدلّة أوجه.

والصّلاة على سطحها كالصّلاة في جوفها ، وفي رواية عن الرّضا عليه‌السلام أنّه : « يستلقي على قفاه ، ويصلّي مومئا بعينه إلى بيت المعمورة » (٤) ، ولا عمل عليها.

أمّا النّافلة فيجوز مطلقا ، وجوازها حجّة على من يقول باشتراطها بالقبلة.

قوله : ( وفي بيت فيه مجوسيّ ).

ولا بأس ببيت فيه يهودي أو نصراني ، لظاهر قول الصّادق عليه‌السلام : « لا تصلّ في بيت فيه مجوسي ، ولا بأس أن تصلي في بيت فيه يهودي أو نصراني » (٥) ، وهذه الرّواية وإن كان ظاهرها مطلق البيت الّذي فيه مجوسي ، إلاّ أنّه يحتمل أن يراد بها بيته ، ولم يتعرض المصنّف الى ما عدا بيته في التّذكرة (٦) ، والنّهاية (٧).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩١ حديث ١٨ ، التهذيب ٥ : ٢٧٩ حديث ٩٥٤ وفيه : « لا تصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة » ، الاستبصار ١ : ٢٩٨ حديث ١١٠٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٧٩ حديث ٩٥٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩٨ حديث ١١٠٣.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩١ حديث ١٨ ، التهذيب ٥ : ٢٧٩ حديث ٩٥٤ ، الاستبصار ١ : ٢٩٨ حديث ١١٠٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٢ حديث ٢١ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦ حديث ١٥٦٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٩ حديث ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ حديث ٥٧١.

(٦) التذكرة ١ : ٨٨.

(٧) نهاية الأحكام ١ : ٣٤٦.

١٣٧

أو بين يديه نار مضرمة ، أو تصاوير ،

______________________________________________________

قوله : ( وبين يديه نار مضرمة ).

أي : تكره الصّلاة وبين يديه نار مضرمة ، أي : موقدة ، وقال أبو الصّلاح : لا يجوز تردّد في الفساد (١). دليل الجواز ـ مع العمومات ـ ما روي عن أبي عبد الله ، عليه‌السلام أنّه قال : « لا بأس أن يصلّي الرّجل والنّار والسّراج والصورة بين يديه ، إنّ الّذي يصلّي إليه أقرب من الّذي بين يديه » (٢).

وعلى الكراهية صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرّجل يصلّي والسّراج موضوع بين يديه في القبلة ، فقال : « لا يصلح له أن يستقبل النّار » (٣) ، وفي رواية عمّار النّهي عن الصّلاة الى النّار ، ولو كانت في مجمرة أو قنديل معلق (٤).

والجمع بالحمل على الكراهية أوجه ، ولا يضر طعن ابن بابويه (٥) ، والشّيخ (٦) ، في الرّواية الأولى بالإرسال والشّذوذ ، مع موافقتها لعمل الأكثر.

قوله : ( أو تصاوير ).

أي : تكره وبين يديه تصاوير وتماثيل ذهب إليه الأصحاب (٧) وأكثر العامة (٨) ، لأنّ الصّورة تعبد من دون الله فكره التّشبه بفاعله ، ولأنها تشغله بالنظر إليها ، ولصحيحة محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام أصلّي والتّماثيل قدّامي ، وأنا أنظر إليها؟ قال : « لا ، إطرح عليها ثوبا ، ولا بأس بها إذا كانت عن يمينك ، أو شمالك ، أو خلفك ، أو تحت رجلك ، أو فوق رأسك ، وإن كانت في القبلة فاطرح‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٢) الفقيه ١ : ١٦٢ حديث ٧٦٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢٦ حديث ٨٩٠ ، الاستبصار ١ : ٣٩٦ حديث ١٥١٢.

(٣) قرب الاسناد : ٨٧ ، الكافي ٣ : ٣٩١ حديث ١٦ ، الفقيه ١ : ١٦٢ حديث ٧٦٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ حديث ٨٨٩.

(٤) الفقيه ١ : ١٦٥ حديث ٧٧٦ ، الكافي ٣ : ٣٩٠ حديث ١٥ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ حديث ٨٨٨.

(٥) الفقيه ١ : ١٦٢ ذيل حديث ٧٦٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٢٦.

(٧) منهم : الشيخ في النهاية : ١٠٠ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ١١٤.

(٨) شرح فتح القدير ١ : ٣٦٢.

١٣٨

أو مصحف أو باب مفتوحان ، أو إنسان مواجه ،

______________________________________________________

عليها ثوبا وصلّ » (١).

قوله : ( أو مصحف ، أو باب مفتوحان ).

وقال أبو الصّلاح : لا يجوز إلى المصحف المفتوح ، وتردّد في الفساد (٢) ، والأصحّ الكراهية ، لحصول التّشاغل عن العبادة بالنظر إليهما ، وفي رواية عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرّجل يصلّي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته ، قال : « لا » (٣) ، وهي محمولة على الكراهية مع ضعفها بعمّار.

وقد روى داود بن فرقد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام جواز السّجود على القراطيس ، والكواغذ المكتوب عليها (٤).

وكذا تكره الصّلاة إلى كل مكتوب في القبلة ، بل المنقوش ، كما صرّح به المصنّف في المنتهى (٥) وغيره (٦) ، لاشتراك الجميع في التّشاغل به عن العبادة.

ولا فرق بين حافظ القرآن وجاهله ، ولا بين القارئ والأمي ، لأنّ التّشاغل يحصل للجميع ، كذا صرّح في المنتهى (٧) ، واشترط الشّيخ كونه قارئا (٨) ، ولا وجه له ، نعم لا بدّ أن لا يكون هناك مانع من البصر.

قوله : ( أو إنسان مواجه ).

ذكر ذلك أبو الصّلاح (٩) ، وبه أفتى المصنّف (١٠) وجماعة (١١) ، لأن فيها تشبها‌

__________________

(١) المحاسن : ٦١٧ حديث ٥٠ ، الكافي ٣ : ٣٩١ حديث ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٢٢٦ حديث ٨٩١.

(٢) نقله عنه العلامة في المختلف : ٨٥ ، ونسخة الكافي في الفقه الموجودة بأيدينا خالية منه ، وأشار محقق الكتاب الى وجود بياض في النسخ ، فلعل هذا الحكم موجود هناك ، انظر : الكافي في الفقه : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٠ حديث ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٥ حديث ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ حديث ٨٨٨.

(٤) الفقيه ١ : ١٧٦ حديث ٨٣٠ ، التهذيب ٢ : ٣٩٠ حديث ١٢٥٠ ، الاستبصار ١ : ٣٣٤ حديث ١٢٥٧.

(٥) المنتهى ١ : ٢٢٩.

(٦) نهاية الأحكام ١ : ٣٤٨.

(٧) المنتهى ١ : ٢٤٩.

(٨) المبسوط ١ : ٩٠.

(٩) الكافي في الفقه : ١٤١.

(١٠) المنتهى ١ : ٢٤٨.

(١١) منهم : سلار في المراسم : ٦٦ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٨٨ ، والشهيد في اللمعة : ٣١.

١٣٩

أو حائط ينزل من بالوعة البول.

المطلب الثاني : في المساجد : يستحب اتخاذ المساجد استحبابا مؤكدا ، قال الصادق عليه‌السلام : « من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في‌

______________________________________________________

بالساجد لذلك الشخص ، وربّما حصل به التّشاغل ، وفي حديث عائشة : إنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي حذاء وسط السرير وأنا مضطجعة بينه وبين القبلة ، يكون لي الحاجة فأكره أن أقوم فاستقبله ، فانسل انسلالا (١).

قوله : ( أو حائط ينزّ من بالوعة البول ).

أي : تكره الصّلاة وبين يديه حائط ينزّ من بالوعة يبال فيها ، لأنّه ينبغي تعظيم القبلة فلا تناسبه النجاسة ، ولقول الصّادق عليه‌السلام وقد سئل عن مسجد ينزّ حائط قبلته من بالوعة يبال فيها ، فقال : « إن كان نزّه من بالوعة فلا تصل فيه ، وإن كان من غير ذلك فلا بأس » (٢).

ولا ريب أن الغائط أفحش فالكراهية فيه بطريق أولى ، وتردّد في التّذكرة فيما ينزّ من الماء النّجس نظرا إلى اطراد العلّة ، والتفاتا الى قوله عليه‌السلام : « وإن كان من غير ذلك فلا بأس » (٣).

وكذا تكره الى سيف مشهور (٤) ، لنهي الصّادق عليه‌السلام عن الصّلاة والحديد في القبلة (٥) ـ وقال أبو الصّلاح : لا تجوز (٦) وهو ضعيف ـ وكذا تكره في أرض الخسف (٧) لأنّها مسخوط عليها ، فليست محلاّ للإجابة والعبادة.

قوله : ( المطلب الثاني : في المساجد ) :

يستحب اتخاذ المساجد استحبابا مؤكدا ، قال الصادق عليه‌السلام :

__________________

(١) سنن النسائي ٢ : ٦٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٨٨ حديث ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢١ حديث ٨٧١.

(٣) التذكرة ١ : ٨٨.

(٤) في « ن » : مشهر.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٠ حديث ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٥ حديث ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ حديث ٨٨٨.

(٦) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٧) وهي : أرض البيداء وضجنان وذات الصلاصل وبابل كما ورد في الكافي ٣ : ١٠٧ حديث ١٠ ، والفقيه ١ : ١٥٦ حديث ٧٢٦ ، والتهذيب ٢ : ٣٧٥ حديث ١٥٦٠ ، وسنن البيهقي ٢ : ٤٥١.

١٤٠