منتهى المقال في أحوال الرّجال - ج ١

الشيخ محمّد بن إسماعيل المازندراني

منتهى المقال في أحوال الرّجال - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد بن إسماعيل المازندراني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-89-2
ISBN الدورة:
964-5503-88-4

الصفحات: ٣٩٣

فقال الشهيد الثاني : إنّه يطلق على غير العربي الخالص ، وعلى المعتق ، وعلى الحليف ، والأكثر في هذا الباب إرادة المعنى الأول ، انتهى (١).

والظاهر أنّه كذلك ، إلاّ أنّه يمكن أن يراد منه النزيل أيضا ، فعلى هذا لا يحمل على معنى إلاّ بالقرينة ، ومع انتفائها فلعلّ الراجح الأول لما ذكر (٢).

فائدة :

الواقفة من وقف على الكاظم عليه‌السلام‌ ، ويقال لهم أيضا : الممطورة ، أي : الكلاب المبتلة من المطر (٣).

وربما يطلق الواقف على غيره عليه‌السلام أيضا (٤). لكن المطلق ينصرف إلى الأول ، ولا ينصرف الى غيره عليه‌السلام إلاّ بقرينة ، ولعلّ من جملتها عدم دركه الكاظم عليه‌السلام ، وموته قبله أو في زمانه عليه‌السلام ، كسماعة بن مهران ، وعلي بن حيان ، ويحيى بن القاسم ، لكن يأتي فيه عن المصنف رحمه‌الله جواز الوقف قبله عليه‌السلام وحصوله في زمانه ، فتأمل (٥).

وقال جدي رحمه‌الله : الواقفة صنفان : صنف منهم وقفوا عليه عليه‌السلام وفي زمانه ، بأن اعتقدوا كونه عليه‌السلام قائم آل محمّد ، لشبهة حصلت لهم مما ورد عنه وعن أبيه عليهما‌السلام أنّه صاحب الأمر ، ولم يفهموا أن كل‌

__________________

العرب : ١٥ / ٤٠٨.

(١) الرعاية في علم الدراية : ٣٩٢.

(٢) التعليقة : ٩.

(٣) فرق الشيعة ـ للنوبختي ـ : ٨١.

(٤) راجع إكمال الدين : ٤٠.

(٥) منهج المقال : ٣٧٢.

٨١

واحد منهم عليهم‌السلام صاحب الأمر ، أي أمر الإمامة ، ومنهم سماعة بن مهران ، لما نقل من أنّه مات في زمانه عليه‌السلام ، وغير معلوم كفر مثل هذا الشخص لأنه عرف إمام زمانه. ولا يجب عليه معرفة من بعده ، نعم إذا سمع أنّه فلان ، ولم يعتقد ، يصير كافرا. انتهى (١).

ويشير الى ما ذكره رحمه‌الله أنّ الشيعة لفرط حبهم وترجّيهم لدولة قائم آل محمّد عليه‌السلام كثيرا ما كانوا يسألون عنه عليه‌السلام ، فربما كانوا يقولون : فلان ـ أي الإمام الآتي ـ وما كانوا عليهم‌السلام يظهرون مرادهم من القائم مصلحة لهم ، وتسلية لخواطرهم ، حتى قالوا عليهم‌السلام : إنّ الشيعة تربّى بالأماني.

وربما كانوا عليهم‌السلام يشيرون الى مرادهم ، وهم لفرط ميلهم وزيادة حرصهم لا يتفطّنون ، ولعلّ عنبسة وأشباهه كانوا كذلك.

وسنذكر في سماعه (٢) ويحيى بن القاسم (٣) وغيرهما أنّهم رووا أنّ الأئمة اثنا عشر ، ولعله لا يلائم ما ذكره رحمه‌الله.

ويمكن أن يكون نسبة الوقف إلى أمثالهم لادّعاء الواقفة كونهم منهم لكثرتهم من الرواية عنهم ، أو لروايتهم عنهم ما يوهم الوقف.

وكيف ما كان ، فالقدح بمجرد رميهم بالوقف ـ بالنسبة إلى الّذين ماتوا في زمان الكاظم عليه‌السلام ، والّذين رووا أنّ الأئمة اثنا عشر ، وكذا من روى عن الرضا عليه‌السلام ـ لا يخلو عن إشكال ، لأنّ الواقفة ما كانوا يروون عنه عليه‌السلام.

__________________

(١) فتشت عليه كثيرا في كتاب روضة المتقين فلم أعثر عليه.

(٢) الكافي ١ : ٤٤٩ / ٢٠.

(٣) رجال الكشي : ٤٧٤ / ٩٠١.

٨٢

وممّا ذكر ظهر حال الناووسية أيضا ، ولعلّ الفطحية أيضا كذلك.

فائدة :

من يذكره النجاشي ـ أو مثله ـ ولم يطعن عليه‌ ، ربما جعله بعض سبب قبول روايته ، منه ما سيجي‌ء في الحكم بن مسكين.

أقول : من يذكره الشيخ في الفهرست من غير قدح وإشارة الى مخالفة في المذهب ، ينبغي القطع بكونه إماميا عنده ، لأنّه فهرست كتب الشّيعة وأصولهم وأسماء المصنّفين منهم ، كما صرّح بذلك نفسه في الفهرست (١).

ومثله القول في النجاشي ، لأنّه رحمه‌الله ألّفه لذكر سلف الإمامية رضوان الله عليهم ، ومصنفاتهم كما صرّح به في أوله (٢) ، فلاحظ.

وصرح السيد الداماد رحمه‌الله في الرواشح : بأنّ عدم ذكر النجاشي كون الرجل عاميا في ترجمته يدل على عدم كونه عاميا عنده (٣) ، ويظهر ذلك من كلام المحقق الشيخ محمّد في ترجمة عبد السلام الهروي ، فلاحظ.

وكذا الكلام في رجال ابن شهرآشوب لأنّه معالم العلماء في فهرست كتب الشّيعة وأسماء المصنّفين منهم قديما وحديثا (٤).

بل يقوى في الظن عدم اختصاص ذلك بمن ذكر ، كما صرّح به في الحاوي حيث قال : اعلم أنّ إطلاق الأصحاب لذكر الرجل يقتضي كونه إماميا ، فلا يحتاج الى التقييد بكونه من أصحابنا وشبهه ، ولو صرّح كان تصريحا بما علم من العادة ، نعم ربما يقع نادرا خلاف ذلك ، والحمل على‌

__________________

(١) الفهرست : ٢.

(٢) رجال النجاشي : ٣.

(٣) الرواشح السماوية : ٦٧ ، الراشحة السابعة عشر.

(٤) معالم العلماء : ٢.

٨٣

ما ذكرناه عند الإطلاق مع عدم الصارف متعين (١) ، انتهى ، وهو جيّد.

فائدة :

في أسباب المدح ، والقوة ، وقبول الرواية.

منها : قولهم : مضطلع بالرواية ، أي قوي وعال لها (٢).

ومنها : سليم الجنبة ، قيل : معناه سليم الأحاديث وسليم الطريقة (٣).

ومنها : قولهم : من أولياء أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وربما جعل دليلا على العدالة. وفيه تأمّل ، نعم من الأولياء ظاهر فيها.

ومنها : خاصّي ، عند خالي رحمه‌الله (٤) ، ولعله لا يخلو من التأمل ، لاحتمال إرادة كونه من الشيعة في مقابل قولهم : عامّي لا أنّه من خواصّهم عليهم‌السلام ، وكون المراد من العامّي ما هو في مقابل الخواص لعله بعيد ، فتأمل (٥).

ومنها : قريب الأمر ، عند أهل الدراية ، ولا يخلو من التأمل (٦).

__________________

(١) الحاوي : ٦.

(٢) قال في مقباس الهداية : ٢ / ٢٣٨ : ولا ريب في إفادته المدح لكونه كناية عن قوته وقدرته عليها ، فإنّ اضطلاع الأمر القدرة عليه ، كأنّه قوّيت ضلوعه بحمله ، ولكن في إفادته المدح المعتد به تأمّل ، وأمّا التوثيق فلا ريب في عدم دلالته عليه.

(٣) عدّه في توضيح المقال : ٥٠ ، ضمن الألفاظ التي لا تفيد مدحا ولا قدحا ، وجعله أقوى من سابقه ثم قال : نعم استفادة مطلق المدح من ذلك معلوم.

(٤) حيث عدّ حيدر بن شعيب ـ الذي قال عنه الشيخ في رجاله : ٤٦٧ / ٣١ : خاصي ـ في وجيزته : ٢٠٤ / ٦٤٥ ، ممدوح.

(٥) وقال الشهيد الثاني في الرعاية ٢٠٨ : وأمّا الخاص ، فمرجع وصفه إلى الدخول مع إمام معين ، أو في مذهب معين ، وشدة التزامه به أعم من كونه ثقة في نفسه ، كما يدل عليه العرف.

(٦) قال الشهيد الثاني في الرعاية : ٢٠٨ وأما قريب الأمر ، فليس بواصل الى حدّ المطلوب ، وإلاّ ، لما كان قريبا منه ، بل ربما كان قريبا الى المذهب من غير دخول فيه رأسا.

وقد عدّ المولى علي في توضيح المقال : ٥٠ قريب الأمر من الألفاظ التي لا تفيد مدحا

٨٤

ومنها : كون الرجل من مشايخ الإجازة ، وربما يظهر من جدّي دلالته على الوثاقة (١) ، وكذا المصنف في الحسن بن علي بن زياد (٢).

وقال العلامة البحراني : مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة (٣).

ولا يخلو عن قرب ، لكن قوله : في أعلى درجاتها ، غير ظاهر.

وقال المحقق الشيخ محمّد : عادة المصنفين عدم توثيق الشيوخ.

ويأتي في محمّد بن إسماعيل النيسابوري ، عن الشهيد الثاني أنّ مشايخ الإجازة لا يحتاجون الى التنصيص على تزكيتهم (٤).

__________________

ولا قدحا ، وقال : المراد إمّا أنّه قريب العهد الى التشيع ، أو يقرب أمر قبول روايته ، أو قريب المذهب إلينا ، أو غير ذلك ، ولا يخفى أنّ شيئا ممّا ذكر لا يوجب مدحا معتبرا ، وإن أخذه أهل الدراية مدحا ، فلعلّهم أرادوا مطلقه.

(١) حسب تتبعي لروضة المتقين لم أجد توثيقا من المجلسي لمشايخ الإجازة ، وإنما الموجود فيه عدم ضرر جهالة مشايخ الإجازة ، والظاهر أنّه يعتبر ذكرهم مجردا لأجل التيمن والتبرك وحتى يخرج الحديث عن الإرسال.

فقال في الجزء ١٤ / ٤٣ : عن علي بن الحسين السعدآبادي ، لم يذكر فيه مدح ولا ذم ، وكان من مشايخ الإجازة فلا يضر جهالته.

وقال في : ٣٢٨ : ولكن لمّا أرادوا أن يخرج الخبر بظاهره عن صورة الإرسال ذكروا طريقا إليه تيمنا وتبركا ، وهؤلاء مشايخ الإجازة المحض ، فلهذا ترى العلامة وغيره يصفون الخبر بالصحة ، ولو كان في أوائل السند مجاهيل : كأحمد بن محمّد بن الحسن ، وأحمد بن محمّد بن يحيى ، وماجيلويه ، ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل وغيرهم ، ومن لم يكن له اطلاع على ذلك فتارة يعترض عليه ، وتارة يحكم بثقة هؤلاء ، مع أنّ الظاهر أنّه لو كان لهؤلاء توثيق في الكتب لكنّا نطّلع عليه ، لأنّه لم يكن للعلامة كتاب غير هذه الأصول التي في أيدينا ، ولو كان له غيرها لكان يذكر مرّة أنّه ذكر فلان في الكتاب الفلاني أنّ فلانا ثقة ... إلى آخر كلامه.

(٢) منهج المقال : ١٠٣ قال : وربما استفيد توثيقه من استجازة أحمد بن محمّد بن عيسى.

(٣) معراج الكمال : ٦٤ وفيه : وذكرنا أنّه من مشايخ الإجازات ، والظاهر أنّهم في أعلى طبقات الجلالة والوثاقة.

(٤) الرعاية في علم الدراية : ١٩٢.

٨٥

وعن المعراج : أنّ التزكية بهذه الجهة طريقة كثير من المتأخرين (١). الى غير ذلك.

وإذا كان المستجيز ممن يطعن بالرواية عن الضعفاء ، فالدلالة على الوثاقة في غاية الظهور ، سيّما إذا كان المجيز من المشاهير.

وربما يفرق بينهم وبين غيرهم بكون الأول من الثقات ، ولعله ليس بشي‌ء ، فتأمّل.

ومنها : كونه وكيلا لأحدهم عليهم‌السلام ، ويأتي في الفائدة الرابعة (٢) إن شاء الله.

ومنها : أن يكون ممن يترك رواية الجليل أو تأول محتجا بروايته ومرجحا لها عليها ، وكذا لو خصص الكتاب ، أو المجمع عليه بها ، وكذا الحال فيما ماثل التخصيص ، أو الكتاب أو الإجماع ، أو غير ذلك من الأدلة ، وقد اتفق كثيرا (٣).

ومنها : أن يؤتى بروايته بإزاء رواية الجليل أو غيرها من الأدلة فتوجّه ، ويجمع بينهما ، وكذا أن تطرح روايته من غير جهته ، وهو كثير (٤).

ومنها : كونه كثير الرواية ، وهو موجب للعمل بروايته مع عدم الطعن‌

__________________

(١) قال في المعراج : ١٢٦ : ذكر متأخرو أصحابنا قدس الله أرواحهم أنّ مشايخ الإجازات من أصحابنا لا يحتاج إلى التنصيص على عدالتهم والتصريح بوثاقتهم وجلالتهم ، قالوا : وذلك لما استفاض من جلالتهم وعدالتهم وورعهم زيادة على ما يعتبر في العدالة. إلى آخر كلامه.

(٢) كذا والصواب الفائدة الثانية من آخر كتاب المنتهى ، وقد اعتبرها المصنف من أمارات الوثاقة والجلالة.

(٣) التعليقة : ٩.

(٤) التعليقة : ٩.

٨٦

عند الشهيد رحمه‌الله (١) ، ونشير إليه في الحكم بن مسكين (٢).

وفي علي بن الحسين السعدآبادي عن جدي : انّ الظاهر أنّه لكثرة الرواية عدّ جماعة روايته من الحسان (٣).

وقريب من ذلك في الحسن بن زياد الصيقل (٤).

وعن خالي في إبراهيم بن هاشم : إنّه من شواهد الوثاقة (٥).

وعن العلاّمة فيه : إنّه من أسباب قبول الرواية (٦).

ويظهر من كثير من التراجم كونه من أسباب المدح والقوة.

وأولى منه كونه كثير السماع ، كما يظهر من التراجم ، ويذكر في أحمد ابن عبد الواحد (٧).

ومنها : أن يروي عنه ـ أو كتابه ـ جماعة من الأصحاب ، ويظهر ذلك‌

__________________

(١) روضة المتقين : ١٤ / ٦٣ ، عن الحكم بن مسكين. وقال الشهيد رحمه‌الله : لمّا كان كثير الرواية ، ولم يرد فيه طعن فأنا أعمل على روايته ، انتهى.

واعترض الشهيد الثاني بأنّه لا يكفي عدم الجرح ، بل لا بدّ من التوثيق.

والظاهر أنّ الشهيد الأول يكتفي في العدالة بحسن الظاهر. إلى آخره.

(٢) التعليقة : ١٢٢.

(٣) روضة المتقين : ١٤ / ٤٣.

(٤) روضة المتقين : ١٤ / ٩٣ ، قال فيه : ويظهر من كثرة الروايات عنه مع سلامة الجميع حسنه ، وتقدم وسيجي‌ء عنهم عليهم‌السلام : اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنا. ويمدحون بأنّه كثير الرواية.

(٥) الأربعين ، للمجلسي : ٥٠٧ ـ ٥٠٨ ، الحديث الخامس والثلاثون.

(٦) الخلاصة : ٤ / ٩.

(٧) التعليقة : ٣٧ ـ ٣٨ قال فيه : وكذا في كونه شيخ الإجازة ، وكذا كونه كثير الرواية ، وأولى منه كونه كثير السماع ، المشير إلى كونه من مشايخ الإجازة ، الظاهر في أخذها عن كثير من المشايخ ، وبالجملة الظاهر جلالته ، بل وثاقته لما ذكر وأشرنا.

٨٧

من عبد الله بن سنان (١) ، ومحمّد بن سنان (٢) ، والفضل بن شاذان ، وغيرهم ، بل بملاحظة اشتراطهم العدالة يقوى كونه من أماراتها ، سيّما وأن يكون من يروي عنه ممن يطعن بالرواية عن المجاهيل والضعفاء ، بل الظاهر من النجاشي في عبد الله أنّه كذلك (٣).

وما في بعض التراجم (٤) من تضعيفه مع ذكره ذلك ، لعلّه ظهر عليه من الخارج ، وإن كانت الجماعة تعتمد عليه ، والتخلف في الأمارات الظنية غير عزيز وغير مضر.

ومنها : رواية الجليل عنه ، سيّما وأن يكون ممّن يطعن بالرواية عن الضعفاء ، بل ربما تشير إلى الوثاقة.

وأولى منها : رواية الأجلاء عنه ، سيّما وأن يكون منهم من يطعن ، ويأتي الكلام بتمامه في محمّد بن إسماعيل البندقي (٥).

ومنها : رواية ابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى عنه ، لقول الشيخ :

__________________

(١) قال النجاشي في ترجمته : ٢١٤ / ٥٥٨ : روى هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا ، لعظمه في الطائفة وثقته وجلالته.

(٢) قال في التعليقة : ٢٩٨ في ترجمته : وممّا يشير الى الاعتماد عليه وقوته كونه كثير الرواية ، ومقبولها ، وسديدها ، وسليمها ، ورواية كثير من الأصحاب عنه سيّما مثل : الحسين بن سعيد ، والحسن بن محبوب ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وغيرهم من الأعاظم ، مع أنّهم قد أكثروا من الرواية عنه. مع أنّ أحمد قد أخرج من قم أحمد البرقي باعتبار رواية المراسيل والرواية عن الضعفاء.

(٣) رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٨.

(٤) في تعليقة الوحيد زيادة : مثل صالح بن الحكم ، حيث قال النجاشي في ترجمته : ٢٠٠ / ٥٣٣ : ضعيف. ثم قال : روى عنه ابن بكير ، وجميل بن دراج.

(٥) قال في التعليقة : ٢٨٤ : وربما يعدّ حديثه من الحسان لعدم التوثيق ، وإكثار الكليني من الرواية عنه ، وكون رواياته متلقاة بالقبول ،. بل ربما يظهر كونه من مشايخ الكليني والكشي ، وتلميذ ابن شاذان ، كما أشير إليه ، حتى أنّ جماعة عدّوا حديثه من الصحاح.

٨٨

إنّهما لا يرويان إلاّ عن ثقة (١).

وصرّح المصنّف في إبراهيم بن عمر بأنّه يؤيّد التوثيق (٢).

والفاضل الخراساني في الذخيرة بني على القبول من هذه الجهة (٣).

ونحوهما : أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، لما سيأتي فيه (٤).

ويقرب منهم : علي بن الحسن الطاطري (٥).

وعلى هذا جرى مسلك الفاضل المذكور.

ومنها : رواية محمّد بن إسماعيل بن ميمون (٦) ، أو جعفر بن بشير (٧) عنه ، أو روايته عنهما ، لما يأتي فيهما.

ومنها : كونه ممّن يروي عن الثقات (٨).

ومنها : رواية علي بن الحسن بن فضّال (٩) ومن ماثله ، عنه.

__________________

(١) العدة : ٣٨٦.

(٢) منهج المقال : ٢٥.

(٣) قال : إبراهيم بن عمر اليماني ، فظاهر النجاشي توثيقه ، وضعفه ابن الغضائري ، لكن الاعتماد على النجاشي قد يحصل فيه خلاف من الشهيد الثاني.

راجع تكملة الرجال : ١ / ٩٣.

(٤) من أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة ، كما في العدّة : ١ / ٣٨٦.

(٥) لقول الشيخ في الفهرست : ٩٢ / ٣٩٠ : وله كتب في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم ، فلأجل ذلك ذكرناها.

(٦) لما ذكره النجاشي في ترجمته : ٣٤٥ / ٩٣٣ : روى عن الثقات ، ورووا عنه.

(٧) قال النجاشي في ترجمته : ١١٩ / ٣٠٤ : روى عن الثقات ورووا عنه.

(٨) واعترض المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٦٥ بقوله : وأنت خبير بأنّ الرواية عن الثقات لا دلالة فيها على ما رامه ، نعم لو قيل في حقه : لا يروي إلاّ عن الثقات ، دلّ على المدح.

(٩) ذكر النجاشي في ترجمته : ٢٥٧ / ٦٧٦ ، أنّه قلّ ما روى عن ضعيف. ولا يخفى من أنّ هذه العبارة ربما تجتمع مع كون من نريد استعلام حاله ضعيفا ، لأنّهم لم يشهدوا بعدم روايته عن ضعيف ، بل بقلة روايته عن ضعيف.

راجع مقباس الهداية : ٢ / ٢٦٦.

٨٩

ومنها : أخذه معرّفا للجليل ، وفاقا للسيد الداماد ـ على ما هو ببالي (١) ـ.

ومنها : كونه ممّن تكثر الرواية عنه ، ويفتي بها ، وصرّح المحقق به في ترجمة السكوني (٢).

ومنها : كثرة رواية الثّقة عن مشترك مع عدم إتيانه بقرينة معينة (٣).

__________________

(١) ذكر السيد الداماد في تعليقه على رجال الكشي ٢ : ٦٨٤ / ٧٢١ ، في ترجمة يونس بن يعقوب ، عند قوله : ووجّه أبو الحسن علي بن موسى عليهما‌السلام إلى زميله محمّد بن الحباب ، وكان رجلا من أهل الكوفة : صل عليه أنت.

قال : وما رواه أبو عمرو الكشي ، أنّ أبا الحسن الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام ، وجه إلى زميله محمّد بن الحباب ، فأمره بالصلاة على يونس بن يعقوب ، يتضمّن مدحه ، والتنويه بجلالته ، سواء كان ضمير : زميله ، عائدا إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، أو إلى يونس بن يعقوب ، فلا تكن من الغافلين.

(٢) قال الوحيد في التعليقة : ٥٦ في ترجمة إسماعيل بن أبي زياد السكوني : والمحقق ذكر في المسائل العزّية حديثا عن السكوني ، في أن الماء يطهّر ، وذكر أنّهم قدحوا فيه بأنّه عامي ، وأجاب بأنّه وإن كان كذلك ، فهو من ثقات الرواة ، ونقل عن الشيخ في مواضع من كتبه ، أنّ الإمامية مجتمعة على العمل بروايته ورواية عمّار ومن ماثلهما من الثقات ، ولم يقدح بالمذهب في الرواية مع اشتهاره ، وكتب جماعتنا مملوءة من الفتاوى المستندة إلى نقله ، فلتكن هذه كذلك.

ووثقه أيضا في المعتبر : ٦٧ في كتاب النفاس حيث قال : والسكوني عامي لكنّه ثقة.

ولكنّ المحقق في نكت النهاية : ٣ / ٢١ في مسألة انعتاق الحمل بعتق امه ، ضعف الرواية لأن راويها السكوني قال :

الجواب : هذه رواها السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه : في رجل أعتق أمة وهي حبلى ، واستثنى ما في بطنها ، قال : الأمة حرّة وما في بطنها حرّ ، لأنّ ما في بطنها منها.

ولا أعمل بما يختصّ به السكوني ، لكنّ الشيخ رحمه‌الله يستعمل أحاديثه ، وثوقا بما عرف من ثقته.

(٣) قال الداماد في الرواشح : ١٧٨ : قول الثبت الثقة : عن بعض أصحابنا ، أو عن صاحب لي ثقة ، أو أخبرني شيخ ثبت ، أو سمعت صاحبا لي وهو ثقة ثبت ، أو ما يجري مجرى

٩٠

ومنها : اعتماد شيخ عليه ، كما يظهر من النجاشي والخلاصة في علي ابن محمّد بن قتيبة (١) ، فإذا اعتمد جمع فهو في المرتبة القصوى ، وربما يشير إلى الوثاقة ، سيّما إذا كثر منهم الاعتماد.

ومنها : اعتماد القميين أو روايتهم عنه (٢) ، كما يأتي في إبراهيم بن هاشم (٣) ، سيّما أحمد بن محمّد بن عيسى (٤) ، وابن الوليد منهم (٥) ، ويقرب‌

__________________

ذلك ، شهادة منه لا محالة لتلك الطبقة بالثقة ، والجلالة ، وصحة الحديث ، وجهالة الاسم والنسب هنالك ممّا لا يوجب حكم الإرسال ، ولا يثلم في صحة الإسناد أصلا ، والمنازع المشاح في ذلك مكابر لاجّ.

أليس قد صار من الأصول الممهّدة عندهم أنّ رواية الشيخ الثقة الثبت الجليل القدر عن أحد ممّن لا يعلم حاله أمارة صحّة الحديث ، وآية ثقة الرجل وجلالته. ثم ذكر أمثلة لذلك ، ثم قال :

قال الشيخ المعظم نجم أصحابنا المحققين أبو القاسم بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي رضي‌الله‌عنه ، في مختصره المعروف بنهج المعارج في علم الأصول ، في الفصل المعقود في مباحث متعلقة بالمخبر : المسألة الخامسة : إذا قال : أخبرني بعض أصحابنا ، أو عن بعض الإمامية ، يقبل وإن لم يصفه بالعدالة ، إذا لم يصفه بالفسوق ، لأنّ إخباره بمذهبه شهادة بأنّه من أهل الأمانة ، ولم يعلم منه الفسوق المانع من القبول ، فإن قال : عن بعض أصحابه ، لم يقبل ، لا مكان نسبته إلى الرواة ، أو إلى أهل العلم ، فيكون البحث عنه كالمجهول. إلى آخر كلامه رحمه‌الله.

(١) رجال النجاشي : ٢٥٩ / ٦٧٨ ، والخلاصة : ٩٤ / ١٦ ، وفيهما : عليه اعتمد أبو عمرو الكشّي في كتاب الرجال.

(٢) لأنّ المعلوم من طريقتهم كثرة طعنهم في الرجال الّذين يروون عن المجاهيل والضعفاء.

(٣) لأنّه أوّل من نشر حديث الكوفيين بقم ، ولم يطعن عليه أحد منهم ، مع ما علم من طريقتهم.

(٤) لأنّه أخرج من قم جمعا ـ كالبرقي أحمد بن محمّد بن خالد ـ لروايتهم عن الضعفاء واعتمادهم المراسيل.

(٥) لقول الشيخ في الفهرست : ١٥٦ / ٧٠٤ : جليل القدر ، عارف بالرجال ، موثوق به.

وكان يستثني من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري ما رواه عن الضعفاء ، أو المراسيل ، كما ذكره النجاشي في رجاله : ٣٤٨ / ٩٣٩.

٩١

من ذلك ابن الغضائري (١).

ومنها : أن تكون رواياته كلّها أو جلها مقبولة أو سديدة (٢).

ومنها : وقوعه في سند حديث اتفق الكل أو الجلّ على صحته ، بل أخذ ذلك دليل الوثاقة ، ويأتي في محمّد بن إسماعيل البندقي (٣) ، وأحمد بن عبد الواحد (٤).

__________________

وقال الصدوق في الفقيه : ٢ / ٥٥ : وأمّا خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه ، فانّ شيخنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه كان لا يصححه ، ويقول : إنّه من طريق محمّد بن موسى الهمداني ، وكان غير ثقة ، وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ قدس الله روحه ، ولم يحكم بصحته من الأخبار ، فهو عندنا متروك غير صحيح.

(١) والمقصود منه : أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري ، مؤلف كتاب الرجال المقصور على ذكر الضعفاء ، وكان يضعف الرجال بأدنى شبهة ، حتى قيل أنّه قلّما يسلم منه أحد.

(٢) قال الكاظمي في عدته : ٢٦ فيما يثبت به التعديل : ومنها أن يكون أكثر ما يرويه متلقّى بالقبول ، أو سديدا.

وقال الوحيد في التعليقة : ١٢٧ ، في ترجمة حنان بن سدير : رواية ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب تشير أيضا إلى وثاقته ، ويؤيدها رواية الجليل مثل إسماعيل وغيره عنه ، وكونه كثير الرواية ، وسديد الرواية ، ومقبول الرواية ، كما هو الظاهر ، إلى غير ذلك من أمارات الاعتداد والقوة.

(٣) قال في الرواشح : ٧٤ : ثمّ ليعلم أنّ طريق الحديث بمحمّد بن إسماعيل النيسابوري ، هذا صحيح لا حسن ، كما قد وقع في بعض الظنون ، ولقد وصف العلامة وغيره من أعاظم الأصحاب أحاديث كثيرة ـ هو في طريقها ـ بالصحة.

وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ٢٧٦ ، بعد كلام طويل في تعيين محمّد بن إسماعيل الذي يروي عنه الكليني من هو : وقد حكم متأخرو علمائنا قدس الله أرواحهم بتصحيح ما يرويه الكليني عن محمّد بن إسماعيل الذي فيه النزاع ، وحكمهم هذا قرينة قويّة على أنّه ليس أحدا من أولئك الّذين لم يوثقهم أحد من علماء الرجال.

(٤) قال البحراني في بلغة المحدثين : ٣٢٨ ، هامش رقم (١) : المعروف بين أصحابنا عدّ حديثه في الصحيح ، ولعله كاف في توثيقه ، مع أنّه من مشايخ الإجازة المشاهير.

٩٢

ومنها : إكثار الكافي أو الفقيه من الرواية عنه ، ويأتي في البندقي (١).

ومنها : قولهم : معتمد الكتاب ويأتي في حفص بن غياث (٢).

ومنها : قولهم : بصير بالحديث والرواية (٣) (٤).

ومنها : قولهم : صاحب فلان ـ أي واحد من الأئمة عليهم‌السلام ـ فإنّه يشعر بالمدح ، كما ذكره المصنف رحمه‌الله في إدريس بن يزيد (٥) ، وغيره ، وغيره أيضا.

__________________

وقال المجلسي في وجيزته ١٥٠ / ١٠١ : أحمد بن عبد الواحد البزاز المعروف بابن عبدون ممدوح ، ويعدّ حديثه صحيحا.

(١) قال في التعليقة : ٢٨٤ : وربما يعدّ حديثه من الحسان لعدم التوثيق ، وإكثار الكليني من الرواية عنه ، وكون رواياته متلقاة بالقبول ، إلى غير ذلك ممّا مرّ في الفوائد وهو فيه ، بل ربما يظهر كونه من مشايخ الكليني والكشي ، وتلميذ ابن شاذان ، كما أشير إليه ، حتى أنّ جماعة عدّوا حديثه من الصحاح ، ومن هذا ظهر ضعف عدّه من المجهول.

(٢) التعليقة : ١٢٠ ، قال : قوله في حفص بن غياث : وله كتاب معتمد ، سيجي‌ء عن المصنف رحمه‌الله في ذكر طريق إليه أنّه ربما جعل ذلك مقام التوثيق من أصحابنا.

(٣) في تعليقة الوحيد : ١٠ : الرواة.

(٤) قال النجاشي في ترجمة : أحمد بن علي بن العباس السيرافي : ٨٦ / ٢٠٩ : كان ثقة في حديثه ، متقنا لما يرويه ، فقيها ، بصيرا بالحديث والرواية.

وقال في ترجمة : أحمد بن محمّد بن الربيع : ٧٩ / ١٨٩ : عالما بالرجال.

(٥) الظاهر أن الصواب في ترجمة إدريس بن زيد ، كما في منهج المقال : ٥٠ ، قال : إدريس ابن زيد ، وصفه الصدوق في الفقيه بصاحب الرضا عليه‌السلام ، وهو يدلّ على مدح ، إلاّ أنّه غير مذكور في كتب الرجال ، ووصف العلامة طريق الصدوق إليه بالحسن ، وربما يشعر بالمدح ، فتأمل.

وقال المجلسي الأول في روضة المتقين : ١٤ / ٤٨ ، في ترجمته : وصف الصدوق له بأنه صاحب الرضا عليه‌السلام ، وحكمه أولا بأنّ كتابه معتمد ، يجعل الخبر حسنا ، وطريقه إليه حسنا كالصحيح.

وقال السيد الخويي في معجمه : ١ / ٧٧ : وقد جعل بعضهم ان توصيف أحد بمصاحبته لأحد المعصومين عليهم‌السلام من أمارات الوثاقة. ثم قال : وأنت خبير بأنّ المصاحبة لا تدل بوجه لا على الوثاقة ، ولا على الحسن ، كيف وقد صاحب النبي

٩٣

ومنها : ذكر الجليل شخصا مترضّيا أو مترحّما (١).

ومنها : أن يروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى ، ولم يكن مستثنى ، وعليه الفاضل الخراساني وغيره (٢).

ويأتي في ترجمته (٣) وفي محمّد بن عيسى ما له دخل (٤).

__________________

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسائر المعصومين عليهم‌السلام من لا حاجة الى بيان حالهم ، وفساد سيرتهم ، وسوء أفعالهم؟!.

(١) قال الكاظمي في عدته : ٢٣ : ومنها ترضي الأجلاّء عنه ، وترحمهم عليه ، وهذا كما ترى الكليني والصّدوق والشّيخ يترحمون على ناس ويترضون عنهم ، فتعلم أنّهم عندهم بمكانة من الجلالة ، بدليل أنّهم ما زالوا يذكرون الثقات والأجلاء ساكتين ، وربما كان الترحم والترضي بخصوصية اخرى كالمشيخة ونحوها ، وكيف كان فما كان ليكون إلاّ عن ثقة يرجع إليه الأجلاء.

واعترض السيد الخويي في معجمه : ١ / ٧٨ : بأنّ الترحم هو طلب الرحمة من الله تعالى ، فهو دعاء مطلوب ومستحب في حق كل مؤمن ، وقد أمرنا بطلب المغفرة لجميع المؤمنين وللوالدين بخصوصهما ، وقد ترحم الصادق عليه‌السلام لكل من زار الحسين عليه‌السلام ، بل إنّه سلام الله عليه قد ترحم لأشخاص خاصة معروفين بالفسق لما فيهم ما يقتضي ذلك ، كالسيد إسماعيل الحميري وغيره ، فكيف يكون ترحم الشيخ الصدوق أو محمد بن يعقوب وأمثالهم كاشفا عن حسن المترحّم عليه! ) وهذا النجاشي قد ترحم على محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبيد الله بن البهلول ، بعد ما ذكر أنّه رأى شيوخه يضعفونه ، وأنه لأجل ذلك لم يرو عنه شيئا وتجنبه.

(٢) في عدة الكاظمي : ٢٦ قال : ومنها كونه من رجال محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، ولم يستثن عليه ، وذلك إن أقصى ما استثني عليه روايته عن أولئك الثمانية عشر أو العشرين ، فعلم أنّ من عداهم مرضي عنه ، فكان أقل مراتبه المدح ، بل ربما جعل طريقا إلى التوثيق ، وبالجملة فاتخاذ هذا الوجه دليلا على الاعتماد طريقة جماعة من المحققين كصاحب الذخيرة وغيره.

وزاد السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٦٣ : وعندي أنّه لا يفيد شيئا سوى تقوية الحديث في الجملة.

(٣) تعليقة الوحيد : ٢٨١.

(٤) تعليقة الوحيد : ٣١٣.

٩٤

ومنها : قول الثقة : لا أحسبه إلاّ فلانا ، أي ثقة أو ممدوحا ، وظاهرهم العمل به ، والبناء عليه.

وتأمل فيه المحقق الشيخ محمّد لأنّ حجية الظنّ من دليل ، وما يظنّ تحقق مثله في المقام هو الإجماع ، وتحقّقه في غاية البعد ، وفي تأمّله تأمّل ظاهر (١).

ومنها : أن يقول الثّقة : حدثني الثّقة ، وفي إفادته التوثيق المعتبر خلاف معروف ، وحصول الظّن منه ظاهر ، واحتمال كونه في الواقع مقدوحا لا يمنعه ، فضلا عن احتمال كونه ممّن ورد فيه قدح ، كما هو الحال في سائر التوثيقات (٢).

وربما يقال : الأصل تحصيل العلم ، ولمّا تعذّر يكتفى بالظن الأقرب ، وهو الحاصل بعد البحث.

ويمكن أن يقال : مع تعذر البحث ، يكتفى بالظن ، كما هو الحال في التوثيقات ، وسائر الأدلة ، والأمارات الاجتهادية ، وما دلّ على ذلك دلّ على هذا.

ومراتب الظن متفاوتة ، وكون المعتبر أقوى مراتبه لم يقل به أحد ، مع أنّه على هذا لا يكاد يوجد حديث صحيح بل ولا يوجد ، وتخصيص خصوص ما اعتبره من الحدّ أنّى له بإثباته ، مع أنّه ربما يكون الظن الحاصل في بعض‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد : ١١.

(٢) قال الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي في وصول الأخيار : ١٨٩ : ولو قال الراوي الثقة : حدثني الثقة ، أو العدل ، ونحوهما ، لم يكف عند بعضهم ، لجواز كون غيره قد اطلع على جرحه ، وأصالة عدم الجارح غير كاف إذ لا بدّ من البحث. وإضرابه عن تسميته مريب ، والاحتمال آت ، والأصح الاكتفاء ، إذا كان القائل عالما بطرق الجرح والتعديل.

وقال السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٦٢ : ومنها قول الثقة : حدثني الثقة ، وأمّا لو قال : حدثني غير واحد من أصحابنا ، أو جماعة من أصحابنا فلا.

٩٥

التوثيقات بهذا الحد ، بل وأدون ، فتأمّل.

ومنها : أن يكون ممن ادّعي اتفاق الشيعة على العمل بروايته ـ كما في جمع (١) ـ وربما ادعي ثبوت الموثقية من ذلك.

ومنعه المحقق الشيخ محمّد ، ولعله في غير موضعه ، ويكون ما قالوه حقا على قياس ما مرّ في إجماع العصابة ، على أنّا نقول : الظن الحاصل من عمل الطائفة أقوى من الموثقية بمراتب شتّى ، ولا أقل من التساوي ، فتدبر (٢).

ومنها : وقوعه في سند حكم العلاّمة بصحته ، وحكم بعض بالتوثيق لذلك ، كالمصنف في الحسن بن متيل (٣) ، وإبراهيم بن مهزيار (٤) ، وأحمد ابن عبد الواحد (٥) ، وغيرهم.

__________________

(١) مثل : السّكوني ، وحفص بن غياث ، وغياث بن كلوب ، ونوح بن درّاج ، ومن ماثلهم من العامّة مثل : طلحة بن زيد وغيره ، وكذا مثل عبد الله بن بكير ، وسماعة بن مهران ، وبني فضال ، والطاطريّين ، وعمّار السّاباطي ، وعلي بن أبي حمزة ، وعثمان بن عيسى من غير العامة ، فإنّ جميع هؤلاء نقل الشيخ عمل الطائفة بما رووه ، راجع تعليقة الوحيد : ١١ ، وعدة الأصول : ١ / ٣٨٠ ـ ٣٨١.

(٢) قال المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٨٠ : إن لم يكن ذلك توثيقا لهم في أنفسهم ، باعتبار عدم إمكان إجماعهم على العمل برواية غير الثقة ، سيّما مع اختلاف مشاربهم ، واعتبار جمع منهم العدالة ، فلا أقل من كون ذلك توثيقا لهم في خصوص الرواية ، وذلك كاف على الأظهر.

(٣) في منهج المقال : ١٠٦ قال : ويفهم من تصحيح العلامة طريق الصدوق إلى أبي جعفر ابن ناجية توثيقه ، وهو الحق إن شاء الله تعالى.

(٤) منهج المقال : ٢٨ ، وفيه : والعلامة حكم بصحة طريق الصدوق الى بحر السقاء وفيه؟؟؟ إبراهيم وهو يعطي التوثيق.

(٥) منهج المقال : ٣٨ قال : ويستفاد من كلام العلامة في بيان طرق الشيخ في كتابيه توثيقه في مواضع.

٩٦

وفيه : أنّ العلاّمة لم يقصر إطلاق الصحة في الثقات ، إلاّ أن يقال : إطلاقه على غيرها نادر ، وهو لا يضرّ ، لعدم منع ذلك ظهوره فيما ذكره ، سيّما بعد ملاحظة طريقته ، وجعل الصحة اصطلاحا فيها.

لكن لا يخفى أنّ حكمه بصحة حديثه مرة ومرتين مثلا غير ظاهر في توثيقه ، بل ظاهر في خلافه ، بملاحظة عدم توثيقه وعدم قصره.

نعم لو كان ممن أكثر تصحيح حديثه مثل أحمد بن محمّد بن يحيى ، وأحمد بن عبد الواحد ، ونظائرهما ، فلا يبعد ظهوره في التوثيق.

واحتمال تصحيحه إياه لكونهم من مشايخ الإجازة ، فلا يضر مجهوليتهم ، أو لظنه وثاقتهم ، فليس من باب الشهادة.

فيه ما سنشير إليه.

والغفلة ينفيها الإكثار ، مع أنّه في نفسه لا يخلو من البعد (١).

__________________

(١) قال المجلسي الأول في روضة المتقين : ١٤ / ٣٢٨ ، في ترجمة أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي ، عند تكلمه حول طرق كتاب الحسن بن محبوب ، وانّ بعض هذه الطرق فيها جهالة أو ضعف ، وبعضها صحيحة : والظاهر أنّه لا يحتاج إلى الطريق أصلا ، لأنّه لا ريب في أنّه كان أمثال هذه الكتب التي كان مدار الطائفة عليها ، كانت مشتهرة بينهم زائدا على اشتهار الكتب الأربعة عندنا ، ولا ريب في أنّ الطريق لصحة انتساب الكتاب إلى صاحبه ، فإذا كان الكتاب متواترا فالتمسك بأخبار الآحاد الصحيحة كان كتعرف الشمس بالسراج.

ولكن لمّا أرادوا أن يخرج الخبر بظاهره عن صورة الإرسال ، ذكروا طريقا إليه تيمنا وتبركا ، وهؤلاء مشايخ الإجازة المحض ، فلهذا ترى العلامة وغيره يصفون الخبر بالصحة. ولو كان في أوائل السند مجاهيل كأحمد بن محمّد بن الحسن ، وأحمد بن محمّد بن يحيى ، وماجيلويه ، ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل وغيرهم.

ومن لم يكن له اطلاع على ذلك ، فتارة يعترض عليه ، وتارة يحكم بثقة هؤلاء ، مع أنّ الظاهر أنّه لو كان لهؤلاء توثيق في الكتب لكنّا نطّلع عليه ، لأنّه لم يكن للعلامة كتاب غير هذه الأصول التي في أيدينا ، ولو كان له غيرها لكان يذكر مرة أنّه ذكر فلان في الكتاب الفلاني أنّ فلانا ثقة ، لكن الأصحاب نظروا إلى أنّه لو كان لم يعتبر مشايخ الإجازة وضعفهم

٩٧

هذا وإن المشهور يحكمون بصحة حديث أحمد بن محمّد المذكور ، وأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، والحسين بن الحسن بن أبان ، وقيل في وجهه : حكم العلامة بالصحة ، كما مرّ (١).

__________________

لكان يحكم بصحة الجميع لأنّهم جميعا منهم مع أنّه ليس كذلك دأبه.

لكن لم يلاحظوا أنّه فرّق بين مشايخ الإجازة ، فبعضهم لم يكن له كتاب ولا رواية أصلا ، وكان لبعضهم كتاب ورواية ، وإن لم يكن يروي هذا الخبر إلا من صاحب الكتاب ، فإنه يمكن أن يكون روى من غير هذا الكتاب ، ولم يكن ذلك الكتاب معتبرا ولا رواية ثقة ، فكانوا ينظرون إلى هذا المعنى ، ويصفون الخبر بالضعف أو الجهالة لجهالة الطرق ، بخلاف من لم يكن له كتاب ، فإنه ذكر لمجرد اتصال السند.

والظاهر أنّ الباعث للعلامة وأمثاله ذلك. إلى آخره.

(١) قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ٢٧٦ : تبيين : قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح ، غير أنّ أعاظم علمائنا المتقدمين قدس الله أرواحهم قد اعتنوا بشأنه وأكثروا الرواية عنه ، وأعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحة روايات هو في سندها ، والظاهر أنّ هذا القدر كاف في حصول الظن بعدالته.

وذلك مثل : أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، فان المذكور في كتب الرجال توثيق أبيه رحمه‌الله ، وأمّا هو فغير مذكور بجرح ولا تعديل ، وهو من مشايخ المفيد رحمه‌الله ، والواسطة بينه وبين أبيه رحمه‌الله ، والرواية عنه كثيرة.

ومثل : أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، فانّ الصّدوق يروي عنه كثيرا ، وهو من مشايخه والواسطة بينه وبين سعد بن عبد الله.

ومثل : الحسين بن الحسن بن أبان ، فإنّ الرواية عنه كثيرة ، وهو من مشايخ محمّد بن الحسن بن الوليد ، والواسطة بينه وبين الحسين بن سعيد ، والشيخ عدّه في كتاب الرجال تارة في أصحاب العسكري عليه‌السلام ، وتارة في من لم يرو ، ولم ينص عليه بشي‌ء ، ولم نقف على توثيقه إلاّ في غير بابه في ترجمة محمّد بن أورمة ، والحق أن عبارة الشيخ هناك ليست صريحة في توثيقه ، كما لا يخفى على المتأمل.

ومثل : أبي الحسين علي بن أبي جيد ، فان الشيخ رحمه‌الله يكثر الرواية عنه ، سيّما في الاستبصار ، وسنده أعلى من سند المفيد ، لأنّه يروي عن محمّد بن الحسن بن الوليد بغير واسطة ، وهو من مشايخ النجاشي أيضا.

٩٨

وفيه : ما مرّ ، إلاّ أن يريدوا إكثاره.

وفيه : انّ الإكثار وقع في مثل إبراهيم بن هاشم ، وأحمد بن عبدون ، وهم يعدون حديثهم من الحسان ، وإن حكم جمع بصحته (١) ، إلاّ أن يقال : إنّ هذا الإكثار ليس بمثابة ذاك ، لكن لا بدّ من ملاحظته ، ومع ذلك كيف يفيد ذلك التوثيق دون هذا ، وكون ذاك أقوى لا يقتضي قصر الحكم فيه.

واعترض أيضا : بأنّ التوثيق من باب الشهادة ، والتصحيح ربما كان مبنيا على الاجتهاد (٢).

__________________

فهؤلاء وأمثالهم من مشايخ الأصحاب ، لنا ظن بحسن حالهم ، وعدالتهم ، وقد عددت حديثهم في الحبل المتين وفي هذا الكتاب في الصحيح ، جريا على منوال مشايخنا المتأخرين ، ونرجو من الله سبحانه أن يكون اعتقادنا فيهم مطابقا للواقع ، وهو ولي الإعانة والتوفيق.

(١) قال المحقق البحراني في المعراج : ٨٨ في ترجمة إبراهيم بن هاشم : لأصحابنا اضطراب كثير حتى من الواحد في الكتاب الواحد في حديث إبراهيم بن هاشم ، فتارة يصفونه بالحسن كما حققناه واعتمدنا عليه ، وهو الصواب.

وتارة يصفونه بالصحة ، كما فعله شيخنا البهائي قدس‌سره في مبحث نوافل الظهرين من مفتاح الفلاح ، حيث وصف حديث محمّد بن عذافر بالصحة ، مع أنّ إبراهيم المذكور في الطريق. وكذا وقع لشيخنا الشهيد الثاني في عدة مواضع ، منها في روض الجنان في مبحث توجيه الميت ، حيث وصف حديث سليمان بن خالد بسلامة السند.

وقد وقع للعلامة رحمه‌الله مثل ذلك في عدة مواضع من المختلف والمنتهى ، والله الهادي.

(٢) قال المجلسي الأول في روضة المتقين : ١٤ / ٣٣٤ ، والباعث لهم على ذلك أن تصحيح الحديث يستلزم توثيق رجاله ، سيّما إذا لم يكونوا من المشتبهين ، ليقال إنّ ذلك من باب الاجتهاد ، لا من باب الشهادة حتى يكون معتبرا ، لأنّه كثير ما يجتهد في مشتبه أنّه فلان ، ويجتهد آخر أنّه غيره ، أما إذا لم يكن مشتبها بغيره. كان من باب الشهادة كما قيل ، لكن الظاهر أنّ العلامة راعى أنّهما ليسا براويين ، بل كانا لمحض اتصال السند ، ولو لم تجزم بأنّ مراده ذلك فلا شك في إمكان أن يكون مراده ذلك ، أو لوجه آخر أدى اجتهاده إليه.

٩٩

وفيه : ما لا يخفى على المطّلع بحال التوثيقات ، مضافا الى الاكتفاء بالظنّ والبناء عليه.

وقال جماعة في وجهه : إنّهم ثقات ولا يحتاجون إلى التنصيص ، لأنّهم من مشايخ الإجازة (١).

وفيه : انّ هذا ليس على قواعد المشهور ، بل الظاهر منهم خلافه ، مع أنّهم كثيرون ، فلا وجه للقصر.

والاعتراض : بأنّ كثيرا من مشايخ الإجازة كانوا فاسدي العقيدة.

مندفع : بأنّ ذلك ينافي العدالة بالمعنى الأخص لا الأعم ، والأخص‌

__________________

(١) قال السيد الداماد في الرواشح : ١٧٩ : وممّا يجب أن يعلم ولا يجوز أن يسهل عنه ، أنّ مشيخة المشايخ الذين هم كالأساطين والأركان أمرهم أجلّ من الاحتياج إلى تزكية مزك وتوثيق موثق ، ولقد كنا أثبتنا ذلك فيما أسلفنا بما لا مزيد عليه.

وقال الميرزا الأسترآبادي في المنهج : ١٠٣ في ترجمة الحسن بن علي بن زياد الوشاء : وربما استفيد توثيقه من استجازة أحمد بن محمّد بن عيسى.

وقال الشهيد الثاني في الرعاية في علم الدراية : ١٩٢ : تعرف العدالة المعتبرة في الراوي : بتنصيص عدلين عليها ، أو بالاستفاضة ، بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل ، أو غيرهم من أهل العلم ، كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني ، وما بعده إلى زماننا هذا.

ثم قال : لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ المشهورين إلى تنصيص على تزكية ، ولا بينة على عدالة ، لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم زيادة على العدالة.

وقال المحقق البحراني في البلغة : ٤٠٤ في ترجمة محمّد بن إسماعيل البندقي : مجهول إلاّ أن الظاهر جلالته ، لكونه من مشايخ الإجازة.

وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ٢٧٦ : قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح ، غير أنّ أعاظم علمائنا المتقدمين قدس الله أرواحهم قد اعتنوا بشأنه ، وأكثروا الرواية عنه ، وأعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحة روايات هو في سندها ، والظاهر أنّ هذا القدر كاف في حصول الظن بعدالته.

١٠٠