الأمان من أخطار الأسفار والأزمان

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الأمان من أخطار الأسفار والأزمان

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

وكيف شئت وأنّى شئت ، إنك على كل شيء قدير ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين أجمعين ، وسلم تسليماً كثيراً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، والحمدلله رب العالمين.

فأما ما ينقش على هذه القصبة الفضة ـ من فضة غير مغشوشة ـ : يا مشهوراً في السماوات ، يا مشهوراً في الأرضين ، يا مشهوراً في الدنيا والاخرة ، جهدت الجبابرة والملوك على إطفاء نورك وإخماد ذكرك ، فأبى الله إلا أن يتم نورك ، ويبوح بذكرك ، ولو كره المشركون.

أقول : وجدت في الجزء الثالث من كتاب (الواحدة) (١) أن المراد بقوله : يا مشهوراً في السماوات ... إلى آخره ، هو مولانا علي بن أبي طالب عليه‌السلام. ومعنى قوله : فأبى الله إلا أن يتم نورك (٢) ، يعني نورك أيها الاسم الأعظم المكتوب في الحرز.

ورأيت في نسخة خلاف كلمة وهي : وأبيت الا أن تتم نورك. والرواية الاولى أعني : فأبى الله ، اليق بكون علي صلوات الله عليه هو المراد بالدعاء إلى آخره ، والمراد بما قلت ظاهر لكل أحد.

الفصل الثاني : في العوذة المجربة في دفع الأخطار ، ويصلح أن تكون مع الانسان في الأسفار.

هذه العوذة ذكرناها بإسنادها في كتاب (السعادات) بطريقين كما وجدناها في الروايات ، ونذكر الان إحدى الروايتين لأنها أبسط وأحوط في دفع المحذورات.

قال أحمد بن سعيد بن عقدة قال : أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثني الحسن بن إسحاق بن الحسن العلوي قال : كان عبد ربه بن علقمة ، لا يغلق باب داره صيفاً ولا شتاءً ، وكان يصيح الصائح في القبيلة : اللصوص! فيخرج إليهم في إزار قد اتشح به ، فيلطم وجوههم ويأخذ منهم ما قد سرقوه ، فسئل عن ذلك فقال : حدثني موسى ويحيى وإدريس وسليمان بنو عبدالله بن الحسن بن الحسن ، عن آبائهم ، عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام قال :

__________________

(١)تأليف محمد بن الحسن بن جمهور العمي البصري ، راجع معالم العلماء : ١٠٣ رقم ٦٨٩.

(٢) في «ش» زيادة : ولو كره المشركون.

٨١

«أسلم رجل من اليهود ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله برق وعليه مكتوب بالذهب هذه الأسماء ، وقال : هذه من ذخائر موسى وهارون عليهما‌السلام ، لا يخاف صاحبها من سلطان ولا سبع ولا سيف. قال : فدفعها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام وقال : علمها الحسن والحسين عليهما‌السلام ، قال : ففعلت ذلك. قال : فولد إدريس إلى الآن يكتبونها في رق ظبي ، ويجعلونها تحت أسنة الرماح ، فلا ترد لهم راية ، ولا يلقون أحدا من أعدائهم إلا هزموهم ، وهي :

قال أبو العباس بن عقدة : إن القرامطة لما نزلوا الكوفة ، كتبت هذه الأسماء في عدة رقاع ، وبعثت بها إلى أصدقائي فجعلوها في دورهم ، فكانت القرامطه يحبيئون (١) إلى الدار الكبيرة التي فيها ما يرغب فيه ، وفيه هذه الأسماء ، فكأنها مستورة عنهم ، فيجوزونها الى غيرها من الدور الصغار ، مما لم تدخلها هذه الأسماء ، فيأخذون خلقان أهلها وخبزهم.

فإذا أردت كتبتها فاكتبها في رق ظبي بمسك وزعفران وماء ورد ، فيكون في عضدك أوشله (٢) معك.

الفصل الثالث : فيما نذكره من العوذ التي تكون في العمامة لتمام السلامة.

ذكرنا هذه العوذة في كتاب (المنتقى من العوذ والرقى) وهي ما تجعل في مقدم العمامة. يروى أن جبرئيل عليه‌السلام ، نزل بها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له : اتركها في سنان رمح علي عليه‌السلام ، فلم ترد له راية بعد ذلك ، وهي :

__________________

(١) في «ش» : يأتون.

(٢) شال الشيء : حمله «الصحاح ـ شول ـ ٥ : ١٧٤١» ، وفي «د» : شستله

٨٢

ويكتب معها ( وعنت الوجوه للحّي القيّوم وقد خاب من حمل ظلما ) (١).

وذكر في بعض الروايات ان تفسير هذه الكلمات : يا من هو يا من ليس هوإلا هو ، يا حي يا قيوم ، يا حيا لا يموت ، يا حي لا إله إلا أنت ، يا لا إله إلا أنت ، صل على محمد وآل محمد ، وكن لفلان بن فلان درعا حصينا وحصنا منيعاً ، يا رب العالمين (٢).

رقعة اخرى للعمامة ، وهي : ( أقبل ولا تخف انّك من الآمنين ) (٣) ( لاتخف نجوت من القوم الظّالمين ) (٤) ( لا تخافا انّني معكما اسمع وارى ) (٥) (لا تخالف دركا ولا تخشى) (٦) (الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف) (٧) (فسيكفيكهم الله وهو السّميع العليم ) (٨) ( الله خير حافظاً وهو ارحم آلرّاحمين ) (٩) ( آدخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فانكم غالبون وعلى آلله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين ) (١٠).

الفصل الرابع : (١١) فيما نذكره من اتخاذ عوذة للفارس والفرس وللدواب ، بحسب ما وجدناه داخلاً في هذا الباب.

وجدنا هذه العوذة للفارس والفرس ، في كتاب مشتمل على أحراز جليلة ، ومهمات جميلة ، دافعة للأخطار ، وتصلح للأسفار وهي : بسم الله الرحمن الرحيم ، أعوذ واعيذ دابة فلان بن فلان المعروف بكذا وكذا ، وسائر دوابه من الخيل ، من دهمها

____________

(١) طه ٢٠ : ١١١.

(٢) في «ش» زيادة : رقعة اخرى تكتب وتجعل تحت العمامة ، لمن اراد الدخول على السلطان : بسم الله الرحمن الرحيم ، يا من وضع نير المذلة على رقاب الملوك فهم من سطوته خائفون ، يا من تفرد بالعز والعظمة فجميع خلقه من خيفته وجلون ، يا من يحيي العظام الدارسات وهي رميم يوم يبعثون ، يا من أعز أولياءه بطاعته فهم من الفزع الأكبر يومئذً آمنون ، ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ، وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.

(٣) القصص ٢٨ : ٣١.

(٤) القصص ٢٨ : ٢٥.

(٥) طه ٢٠ : ٤٦.

(٦) طه ٢٠ : ٧٧.

(٧) قريش ١٠٦ : ٤.

(٨) البقرة ١٣٧ : ٢.

(٩) يوسف ١٢ : ٦٤.

(١٠) المائدة ٥ : ٢٣.

(١١) في «د» زيادة : أوله دعاء العلوي للمصري. علماً أنه ليس في الفصل ما يدل على هذه العبارة.

٨٣

وشقرها وكميتهّا (١) وأغرها ومحجلها وحصنها (٢) وحجورها (٣) ، من المشش (٤) والرهش (٥) والرعش (٦) ، والدعص (٧) والرهصة (٨) والرضة (٩) ، وخفقان الفؤاد ، ورعدة الصفاق (١٠) ، والدخس (١١) ، وبلع الريش ، وبلع الخيس (١٢) ، والحران (١٣) والخذلان ، ووجع الجوف ، والربو في الريش (١٤) ، ومن الطرفة (١٥) والصدمة والعثار ، والحمرة في الاماق (١٦) ، والحمر (١٧) والنهر (١٨) ، وسائر الأعلال في البهائم ، دفعت عيون السوء عنها في سائر جسومها (١٩) ولحمها ودمها (ومخها وعظمها وجلدها وجوفها وعرقها وعصبها وشعرها

__________________

(١) الكميت : من الوان الخيل ، حمرة شديدة قانئة «الافصاح ٢ : ٦٧٧».

(٢) الحصن : جمع حصان ، وهو الذكر من الخيل. «الافصاح ٢ : ٦٦٥».

(٣) الحجور : جمع حجر ، وهي الانثى من الخيل. «الافصاح ٢ : ٦٦٥».

(٤) المشش : مرض يصيب الدابة في يدها ، يبرز كأنه عظم وليس بالعظم «الصحاح ـ مشش» ٣ : ١٠٢٠».

(٥) الرعش : اصطكاك يدي الدابة في سيرها. «لسان العرب ـ رهش ـ ٦ : ٣٠٧».

(٦) المرعش : هز الرأس في السير. «لسان العرب ـ رعش ـ ٦ : ٣٠٤».

(٧) الدعص : الطعن. «لسان العرب ـ دعص ـ ٣٦ : ٧».

(٨) الرهصة : أن يصيب الحجر الحافر فيؤذيه. «لسان العرب ٧ : ٤٣».

(٩) في «د» : البرصة.

(١٠) الصفاق : جلد البطن. «لسان العرب ـ صفق ـ ١٠ : ٢٠٣».

(١١) الدخس : ورم في إطار حافر الدابة. «لسان العرب ـ دخس ـ ٦ : ٧٧».

(١٢) الخيس : القصب. «القاموس المحيط ـ خيس ـ ٢ : ٢١٣».

(١٣) الحران : وقوف الدابة وامتناعها من السير. «القاموس المحيط ـ حرن ـ ٤ : ٢١٣».

(١٤) كذا في «د» وفي «ش» : والربق في الرسن. والمراد ان الرسن يلتوي بالدابة في يدها او عنقها فلا تستطيع ان تتخلص منه ، وربما اندقت منه عنقها فماتت. انظر «القاموس المحيط ـ ربق ـ ٣ : ٢٣٤». ويحتمل ان يكون (والربو في النفس) والربو : الداء المعروف الذي يضيق منه النفس. انظر «القاموس المحيط ـ ربوـ ٤ : ٣٣٢».

(١٥) الطرفة : نقطة حمراء من الدم تحدث في العين من ضربة وغيرها. «القاموس المحيط ـ طرف ـ١٦٧ : ٣».

(١٦) الآماق : جمع موق وهو مجرى الدمع من العين مقدمها أو مؤخرها. «القاموس المحيط ـ مأق ـ ٣ : ٢٨٢».

(١٧) الحمر : هو أن يلتوي ولد الدابة في بطنها فلا يخرج حتى تموت. «القاموس المحيط ـ حمر ـ ٢ : ١٤».

ويحتمل : الجهر. كما في «ش» وهو عدم الابصار في الشمس. «القاموس المحيط» جهر ـ ١ : ٣٩٥».

(١٨) النهر : أن لا يرقأ الدم ، أو أن تستطلق البطن فلا تمسك. «القاموس المحيط ـ نهر ـ ٢ : ١٥٠». وفي «ش» البهر : وهو انقطاع النفس من الاعياء. «القاموس المحيط ـ بهر ـ ١ : ٣٧٨».

(١٩) في «ش» زيادة : وبشرها.

٨٤

ووبرها) (١) وظاهرها وباطنها ، بالإحاطة الكبرى ، وبأسماء الله الحسنى ، وبكلماته العظمى ، من الامتناع من الأكل والشرب ، والتغصص والالتواء ، والضربان (٢) والخفقان ومن جرح بالحديد ، ووخزبالشوك ، وحرق بالنار ، أو بخلب (٣) ، ومن وقع نصال السهام وأسنة الرماح ، ومن الغوامر (٤) واللواغ واللواغ واللواسع ، ومن ضربة موهنة ، ودفعة محطمة ، وسقطة موجعة ، وعثرة معرجة ، ووقعة مؤلمة ، أعيذه وراكبه بما استعاذ به جبرئيل ، وعوذ به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله البراق ، وبما عوذ به فرسه السحاب ، وبما عوذ به علي عليه‌السلام فرسه لزاز ، وبما عوذ به شمعون الصفا فرسه الطماح ، وبما عوذ به موسى الكليم فرسه الذي عبر في أثره البحر ، عوذت هذه الدابة وصاحبها وموضعها ومرعاها ، وسائر ماله من الكراع والراتع من الهامة (٥) والسامة والعين اللامة ، من سائر السباع والهوام ، ومن كل أذية وبلية ، ومن الشهور والدهور ، والردة والغرق والحرق ، والوباء (٦) ومدارك الشقاء ، بالعقد العظيمة ، والأسماء الأولية العلية ، من كل عين عيانة (٧) بسوء ، ومن شر العيانين (٨) ومن أعين الجن والإنس أجمعين.

بسم الله رب العالمين ، بسم الله عالم السرّ وأخفى ، بسم الله الأعلى ، وبأسماء الله الكبرى ، في سرادق علم الله ، وفي حجب ملكوت الله ، الذي يحيا به الأموات ، وبها رفعت السماوات ، وبأسماء الله التي أضاءت بها الشمس ، وارتفع بها العرش ، من سائر ما ذكرت وما لم أذكر ، وما علمت وما لم أعلم ، ورفعت عنها سائرالعيون الناظرة والعادية والخواطر الخاطرة والصدور الواغرة ، بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

__________________

(١) مابين القوسين ليس في «ش».

(٢) الضربان : تحرك الجرح وألمه. «الصحاح ـ ضرب ـ ١ : ١٦٨».

(٣) الخلب : الظفرعامة «لسان العرب ـ خلب ـ ١ : ٣٦٣».

(٤) الغوامر : غمر الرجل فرسه ، سقاه بالقدح لقلة الماء. «القاموس المحيط ـ غمر ـ ٢ : ١٠٤».

(٥) الهامة : جمعها هوام ، وهي حشرات الأرض. «القاموس المحيط ـ همم ـ ٤ : ١٩٢».

(٦) في «ط» الوناء : وهو التعب. «القاموس المحيط ـ وني ـ ٤ : ٤٠٢».

(٧) العين العيانة : التي تصيب عند نظرها الى شيء مستحسن.

(٨) العيانون الذين يصيبون بالعين.

٨٥

عوذة اخرى من الكتاب المذكور للدواب : عن الصادقين عليهم‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم ، أعيذ من علق عليه كتابي هذا من الخيل والدواب : كميتها وشقرها وبلقها (١) ودهمها (٢) وأغرها (٣) وأحواها (٤) وسميدعها (٥) وزرزورها ، وأعسانها (٦) ومحجلها (٧) وأصفرها ، وما اختلف من ألوانها ، أعوذ وأمنع وأزجر وأعقد وأحبس عن من علق عليه كتابي هذا ، من جميع الخيل والبهائم والحيوان ، من الكلام (٨) والصدام ومضغ اللجام ، ومرض الأسنان والأرسان (٩) ، والعثرة والنظرة والشبكرة (١٠) ، والحصاة والبغدلية (١١) ، ووجع الكبد والرئة والطحال ، والانتشار (١٢) والعثار والكبوة والقردة (١٣) والعزيزي (١٤) ، والحكة والجرب ، والجلد (١٥) والقصر (١٦) والجمرة (١٧) ، والهدة (١٨) في الظهر ،

__________________

(١) البلق : جمع أبلق ، وهومن الخيل ما كان لونه سواداً وبياضاً ، أو ارتفع تحجيله إلى الفخذين. «القاموس المحيط ـ بلق ـ٣ : ٢١٤».

(٢) الدهم : جمع أدهم ، وهومن الخيل ما كان لونه أسود. «القاموس المحيط ـ دهم ـ ٤ : ١١٥».

(٣) الأغر : من الخيل ، ما كان في جبهته بياض. «القاموس المحيط ـ غرر ـ ٢ : ١٠١».

(٤) الأحوى : ما كان لونه الحوة ، وهي سواد إلى الخضرة ، أو حمرة إلى السواد. «القاموس المحيط ـ حووـ ٤ : ٣٢١».

(٥) السميدع : الرجل الشجاع والخفيف في حوائجه ، وهي هنا استعارة في الخيل. «القاموس المحيط ـ سميدع ـ ٣ : ٤٠».

(٦) الأعسان : جمع عسن ، وهو السريع السمن ، الذي يكفيه اليسير من المرتع والعلف حتى تحسن حاله. «الافصاح ٢ : ٧٣٣».

(٧) الفرس المحجل : الذي في يديه أو رجليه بياض. «الافصاح ٢ : ٦٨٠».

(٨) الكلام : جمع كلم ، وهو الجرح. «القاموس المحيط ـ كلم ـ ٤ : ١٧٢».

(٩) الأرسان : جمع رسن ، وهو الحبل الذي تقاد به الدابة. «القاموس المحيط ـ رسن ـ ٤ : ٢٢٧».

(١٠) الشبكرة : عدم الرؤية في الليل.«القاموس المحيط ـ شبكر ـ ٢ : ٥٥).

(١١) كذا في «ش» و «د» ، ولم نجد لها معنى مناسباً.

(١٢) الانتشار : إنتفاخ في العصب من التعب «الإفصاح ٢ : ٦٨٤».

(١٣) القرد : تمعط الشعر. «القاموس المحيط ـ قردـ ١ : ٣٢٦».

(١٤) العزيزى : طرف ورك الفرس. «القاموس المحيط ـعززـ ٢ : ١٨٢».

(١٥) المجلد : الفرس البليد الذي لا يجزع من ضرب السوط. «الإفصاح ٦٩٣ : ٢».

(١٦) القصر : يبس في العنق : «الإفصاح ٢ : ٧٠٤».

(١٧) جمرالفرس : وثب في قيوده. «القاموس المحيط ـ جمر ـ ١ : ٣٩٣».

(١٨) الهد : الكسر. «القاموس المحيط ـ هدد ـ ١ : ٣٤٧».

٨٦

والزوائد والنفاخ والعلاق (١) والذباب والزنابير ، والارتعاش والارتهاش ، والظلمة والمغل (٢) والورم والجدري والطبوع (٣) ، ومن الجمح والرمح (٤) ، ومن الفالج والقولنج والخداج (٥) ، وقيام العين والدمعة عند الجري ، ومن التعسر والتبخيل (٦) ، ومن معط شعر الناصية ، ومن الامتناع ، ومن العلف ، ومن البرص ، وبلع الريش ، ومن الذرب (٧) ، ومن قصر الأرساغ ، ومن النكبة (٨) والنملة (٩) ، ومن الامتناع من الآنية والعلف والسرج واللجام ، حصنت جميع ما علق عليه كتابي هذا بالله العلي العظيم ، من كل سبع وضبع وأسد وأسود ، ومن شر كل ذي شر ، ومن شر السراق والطراق إلا طارقاً يطرق بخير ( قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرّحمن بل لهم عن ذكرر بهم معرضون ) (١٠) بل هو الله الواحد القهار ، تحصنت بذي العزة والجبروت ، وتوكلت على الحي الذي لا يموت ، نور النور ، ومقدر النور ، نور الأنوار مقلب القلوب والأبصار ذلك الله الملك القهار فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، وهو بكل شيء محيط.

عوذة اخرى للدابة وصاحبها ، روي أنها مجربة ، تكتب وتعلق على الدابة : اللهم احفظ علي ما لو حفظه غيرك لضاع ، واستر علي ما لو ستره غيرك لشاع ، واحمل عني مالو حمله غيرك لكاع (١١) ، واجعل علي ظلا ظليلا أتوقى به (١٢) كل من رامني بسوء ، أو نصب لي مكرا ، أو هيأ لي مكروها ، حتى يعود وهو غير ظافر بي ولا قادر علي ، اللهم احفظني بما

__________________

(١) العلاق : لعله يعني تعلق العلقة بفم الدابة ، والعلقة : دودة تكون في المياه تعلق بأفواه شاربها تمص الدم.

(٢) المغل : أن تأكل الدابة التراب مع الحشيش فتشتكي بطنها. «الصحاح ـ مغل ـ ٥ : ١٨١٩».

(٣) الطبع : الكسل. «الصحاح ـ طبع ـ ٣ : ١٢٥٣».

(٤)رمح الفرس : ضرب برجله. «الصحاح ـ رمح ـ ١ : ٣٦٧».

(٥) الخداج : نقص الخلقة. «الصحاح ـ خدج ـ ١ : ٣٠٩».

(٦) التبخيل : لعلها من البخل ، وهو أن لا يبدي الفرس ما عنده من السير.

(٧) الذرب : فساد المعدة. «الصحاح ـ ذرب ـ ١ : ١٢٧».

(٨) النكب : داء في مناكب الدابة تظلع منه وتمشي منحرفة «الصحاح ـ نكب ـ ٢٢٨ : ١».

(٩) النملة : عيب في الخيل ، وهو شق في الحافر. «الصحاح ـ نمل ـ ٥ : ١٨٣٦».

(١٠) الأنبياء ٢١ : ٤٢.

(١١) كاع : عجز. «الصحاح ـ كيع ـ ٣ : ١٢٧٨».

(١٢) في «ش» زيادة : سوء.

٨٧

حفظت به كتابك المنزل على قلب نبيك المرسل ، اللهم إنك قلت وقولك الحق : (انّا نحن نزّلنا الذكر وانّا له لحافظون ) (١).

عوذة أخرى للدابة ، إذا كانت حرونا ، تكتب وتعلق عليها ، وتقرأ في اذنها : بسم الله الرحمن الرحيم (او لم يروا أنّا خلقنا لهم مما عملت ايدينا انعاماً فهم لها مالكون * وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها ياكلون) (٢).

الفصل الخامس : فيما نذكره من دعاء دعا به قائله على فرس قد مات فعاش.

رأيت ذلك في كتاب (المستغيثين) بإسناده أن إنساناً ماتت فرسه فقال : أقسمت عليك أيتها العلة النازلة واللزبة الملمة بعزة عزة الله ، وبجلال جلال الله ، وبقدرة قدرة الله ، وبسلطان سلطان الله ، وبلا إله إلا الله ، وبما جرى به القلم من عندالله ، وبلا حول ولا قوة إلا بالله ، إلا اندفعت وانصرفت عني وعن فرسي ودابتي.

فوثب الفرس سالماً (٣).

* * *

__________________

(١) الحجر : ١٥ : ٩.

(٢) يس ٣٦ : ٧١ ـ ٧٢.

(٣) في «ش» زيادة : بحول الله وقوته ، والحمدلله رب العالمبن.

٨٨

الباب السادس :

فيما نذكره مما يحمله صحبته من الكتب التي تعين على العبادة وزيادة السعادة ، وفيه فصول :

الفصل الأول : في حمل المصحف الشريف ، وبعض مايروى في دفع الأمر المخوف.

روينا في كتاب (السعادات) عن الصادق عليه أفضل الصلوات في سورة المائدة قال : «من كتها وجعلها في ربعة أو صندوق ، أمن من أن يؤخذ قماشه ومتاعه ، وأن يسرق له شيء ، ولو كان قماشه وماله على قارعة الطريق حرس عليه بحول الله وقوته ولطفه وقدرته ، وإذا شربها الجائع أو العطشان شبع وروي ولم يضره عدم الخبز والماء بقدرة الله عز وجل».

ومن ذلك في رواية أخرى عن الصادق عليه‌السلام في سورة المائدة : «من كتبها وجعلها في قماشه أمن عليه من السرقة والتلف ، ولم يعدم شيئا ، وعوفي من الأوجاع والاورام».

ومن ذلك في سورة مريم عليها‌السلام عن الصادق عليه‌السلام : «من كتبها وجعلها في منزله ، ، كثر خيره ورزقه».

ومن ذلك في سورة الزخرف ، عن الصادق عليه‌السلام : «من كتبها وحملها أمن من شركل ملك ، وكان محبوباً عند الناس أجمعين ، وماؤها ينفع شاربه من انفصام البطن (١) ويسهل المخرج».

ومن ذلك في سورة الجاثية ، عن الصادق (ع) : «من كتبها وحملها أمن ، في نومه وفي يقظته كل محذور ، وإذا جعلها الانسان تحت رأسه كفي شرح كل طارق من الجان».

ومن ذلك في سورة محمد صلوات الله عليه وآله عن الصادق عليه‌السلام : «من كتبها وحملها في وقت محاربة أو قتال فيه خوف أمن ذلك ، وفتح عليه باب كل خير ، ومن شرب ماءها سكن عنه الرعب والزحير ، وقراءتها عند ركوب البحر منجاة (٢) من

__________________

(١) إنفصام البطن : الإمساك. انظر«الصحاح ـ فصم ـ ٥ : ٢٠٠٢».

(٢) في «ش» : نجاة.

٨٩

الغرق».

ومن ذلك في سورة عبس ، عن الصادق عليه‌السلام : «من كتبها في رق بياض ، وجعلها معه حيث ما توجه ، لم ير في طريقه إلا خيراً ، وكفي غائلة طريقه تلك بإذن الله تعالى».

أقول : فإذا كان من فضائل هذه السور المعظمات ، ما تضمنته الرواية من الأمان والسعادات ، فان حمل المصحف الكريم جامع لفوائد حملها وشرف فضلها.

الفصل الثاني : إذا كان سفره مقدار نهار ، وما يحمل معه من الكتب للاستظهار.

ينبغي أن يحمل معه لنهاره في أسفاره ، كتاب (الأسرار المودعه في (١) ساعات الليل والنهار) فإن فيه ما يحتاج إليه لدفع الاخطار.

الفصل الثالث : فيما نذكره إن كان سفره يوماً وليلة ونحو هذا المقدار ، وما يصحبه للعبادة والحفظ والاستظهار.

يصحب معه كتابنا في عمل اليوم والليلة المسمى كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل) وهو مجلدان الأول منهما من حيث تزول الشمس إلى أن ينام بالليل ، والثاني من حيث يستيقظ لصلاة الليل ـ أو لغير الصلاة بالليل ـ إلى أن تزول الشمس ، ففيهما من العبادات والدعوات ما هي كالعوذ الواقية من المحذورات.

الفصل الرابع : فيما نذكره إن كان سفره مقدار أسبوع أو نحو هذا التقدير وما يحتاج أن يصحب معه للمعونة على دفع المحاذير.

ينبغي أن يصحب معه كتابنا الذي صنفناه وسميناه (زهرة الربيع في أدعية الأسابيع) فإن فيه من الدعوات ، ما هي كالعدة الدافعة للمحذورات. ويصحب معه كتابنا المسمى (جمال الاسبوع في كمال العمل المشروع) فإن فيه من المهمات والصلوات والعبادات ، ما هو أمان في الحضر وأوقات الأسفار المخوفات.

الفصل الخامس : فيما نذكره إن كان سفره مقدار شهر على التقريب.

فيصحب معه كتابنا الذي سميناه (الدروع الواقية من الأخطار فيما يعمل في الشهر كل يوم على التكرار) فإنه قد اشتمل على مائة وعشرين فصلاً مما يحتاج الإنسان

__________________

(١) في «ش» زيادة : معرفة.

٩٠

إليه في حضوره وأسفاره ، لدفع أكدار الوقت وأخطاره ، وفيه ضمان عن الصادق صلوات الله عليه لسلامة من عمل به واعتمد عليه.

الفصل السادس : فيما نذكره لمن كان سفره مقدار سنة أو شهور ، وما يصحب معه لزيادة العبادة والسرور ودفع المحذور.

ينبغي أن يصحب معه كتبنا في عمل السنة ، منها كتاب عمل شهر رمضان ، واسمه كتاب (المضمار) ، وكتاب (التمام لمهام شهر الصيام) وكتاب (الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة) وهما مجلدان الأول من شهر شوال وإلى آخر ذي الحجة ، والثاني من شهر محرم والى آخر شهر شعبان ، فإنهما قد تضمنا من مهمات الإنسان ، ما هو كالفتح لأبواب الأمان والإحسان ، ودفع محذورات الأزمان.

الفصل السابع : فيما يصحبه أيضا في أسفاره من الكتب لزيادة مساره ، ودفع أخطاره.

وينبغي أن يصحب معه كتابنا المسمى (المنتقى في العوذ والرقى) فإن فيه ما يمكن أن يحتاج الإنسان إليه عند الأمراض ، والحوادث التي لا يأمن المسافر هجومها عليه.

أقول : وربما ألحقنا في آخر هذا الكتاب كتاب ابن زكريا الذي سماه (برء ساعة) وسماه (الكناش) فهو نحو خمس قوائم (١) ، وذكرنا قبله أو بعده بعض المهمات ، للأمراض الحادثات ، والتداوي بالأمور الإلهيات ، إن شاء الله تعالى.

أقول : ولما احتاج الإنسان في أسفاره ، إلى كتاب مروح لأسراره ، مثل كتاب (الفرج بعد الشدة) وكتاب (المنامات الصادقات) وكتاب (البشارات بقضاء الحاجات على يد الأئمة عليهم‌السلام بعد الممات) ويصحب معه كتاب (الإهليلجة) وهو كتاب مناظرة مولانا الصادق عليه‌السلام للهندي ، في معرفة الله ـ جل جلاله ـ بطرق غريبة عجيبة ضرورية ، حتى أقر الهندي بالإلهية والوحدانية. ويصحب معه كتاب المفضل بن عمر الذي رواه عن الصادق عليه‌السلام ، في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي وإظهار أسراره ، فإنه عجيب في معناه. ويصحب معه كتاب (مصباح

__________________

(١) قوائم : جمع قائمة ، ويعني المؤلف بها الورقة.

٩١

الشريعة ومفتاح الحقيقه) عن الصادق عليه‌السلام ، فإنه كتاب لطيف شريف في التعريف بالتسليك إلى الله ـ جل جلاله ـ والإقبال عليه ، والظفر بالأسرار التي اشتملت عليه. فإن هذه الثلاثة كتب تكون مقدار مجلد واحد ، وهي كثيرة الفوائد ، وإن تعذرت هذه الكتب عليه ، فليصحب معه من أهل العلوم الربانية ، من يسر بمحادثته في الامور الدينية والدنيوية.

الفصل الثامن : فيما نذكره من صلاة المسافرين ، وما يقتضي الاهتمام بها عند العارفين.

نذكرذلك على الجملة دون التفصيل ، لأن شرح ذلك قد ذكرناه في كتاب عمل اليوم والليلة ، المسمى كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل).

فنقول : إن الذي يسافر في طاعة الله ـ جل جلاله ـ والعمل بمقدس إرادته ، قد خفف عنه ـ جل جلاله ـ من الصلاة ، لعلمه ـ جل جلاله ـ بضعف الإنسان وقصور همته ، فيصلي الظهر ركعتين ، والعصر ركعتين ، وصلاة المغرب ثلاث ركعات ـ كما كان يصليها في الحضر ـ وعشاء الآخرة ركعتين ، والصبح ركعتين.

وأما صفة ما يصليه منها ركعتين ، فكما كان يصليها للركعتين الأوليين في الحضر ، ويزيد عليهما أنه يسلم في التشهد الأول ، ويأتي من تعقيب كل صلاة منها بما يتهيأ له ، وقد ذكر في كتاب (فلاح السائل) المهم من تعقيب الصلوات.

وأما النوافل فيسقط عنه منها نوافل الزوال ، ونوافل العصر ، ولعل ذلك لأنه وقت المسير والسلوك في الطرقات. ويصلي نوافل المغرب ، وما شاء من النوافل المروية بين العشائين وبعدهما ونافلة الليل ، على عادته في الحضر ، ويهتم بخلاص نفسه من كل خطر.

أقول : وإياه أن يأتي بفرائضه في الأسفار على عجلة تقتضي ترك الاستظهار ، فإن الإنسان إذا فعل ذلك ، كان كرجل عليه لسلطان أربعة وعشرون دينارا ، فرحمه فخفف عنه عشرين وقنع منه بأربعة دنانير ، فكيف يحسن في العقل والنقل ومكافأة التخفيف ، أن يأتي بأربعة دنانير ناقصة العيار وقيمتها دون المقدار! وإنما قلنا ذلك ، لأن نوافل الزوال ثمان ركعات ، وكانت الظهر في الحضر أربع ركعات ، ونوافل العصر ثمان

٩٢

ركعات والعصر أربع ركعات ، فهذه أربع وعشرون ركعة ، فقنع الله ـ جل جلاله ـ منها بأربع ركعات : الظهر ركعتان ، والعصر ركعتان ، فكيف يأتي بها على النقصان!

أقول : وإياه أن يشتبه الأمر عليه في القصد بأسفاره ، فيسافر بالطبع والطمع والشهوات والأمور الدنيويه ، فيعتقد أن هذا طاعة الله ـ جل جلاله ـ ويقصر في صلاته وهو بهذه النية. وإياه أن يكون في جملة قصده بسفره الذي ظاهره طاعة مولاه ، وهو عازم أن يعصي الله ـ جل جلاله ـ في شيء آخر بالسفر لفوائد دنياه ، فتصير اطاعة معصية وإضاعة ، ولا يصح له التقصير في صلاته ، فلا يغالط نفسه ، فإن الله ـ جل جلاله ـ مطلع على إرادته.

الفصل التاسع : فيما نذكره مما يحتاج إليه المسافر من معرفة القبلة للصلوات ، نذكر منها ما يختص بأهل العراق فإننا الآن ساكنون بهذه الجهات.

فنقول : ان كان الإنسان يريد معرفة القبلة لصلاة الصبح ، فيجعل مطلع الفجر في الزمان المعتدل عن يساره ، فتكون القبلة بين يديه ، وإن كان يريد القبلة لصلاة الظهر أو صلاة غيرها ، فإذا عرف الافق الذي طلعت منه الشمس فيجعله عن يساره ، ويستقبل وسط السماء ، فإذا رأى عين الشمس على طرف حاجبه الأيمن من جانب أنفه الأيمن ، فقد دخل وقت الصلاة لفريضة الظهر. وإن أراد معرفة القبلة لصلاة العشاء ، فيجعل غروب الشمس عن يمينه في الزمان المعتدل ويصلي ، فأنه يكون متوجهاً إلى القبلة ، وإن كان قد بان له الكوكب المسمى بالجدي فيجعله وراء ظهره من جانبه الأيمن ، ويكون مستقبل القبلة ، وكذا متى أراد معرفة القبلة لصلاة بالليل فيعتبر ذلك بالجدي كما ذكرناه.

الفصل العاشر : فيما نذكر إذا اشتبه مطلع الشمس عليه إن كان غيماً ، أو وجد مانعاً لا يعرف سمت القبلة ليتوجه إليه.

نقول : إذا اشتبه مطلع الشمس عليه ، ولم يكن معه من الآلات التي ذكرها أهل العلم بذلك ما يعتمد عليه ، فيأخذ عوداً مقوماً يقيمه في الأرض المستوية ، فإذا زاد الفيء فهو قبل الزوال ، وإذا شرع الفيء في النقصان فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلاة لفريضة الظهر ، وإن كان الوقت غيماً أو غيره مما يمنع من معرفة القبلة

٩٣

بالكلية ، وكان عنده ظن أو أمارة بجهة القبلة ، فيعمل عليه ، فإن تعذر ذلك فيعمد على القرعة الشرعية ، ولا حاجة أن يصلي إلى أربع جهات ، فإننا وجدنا القرعة أصلاً شرعياً معولاً عليه في الروايات ، فإن لم يحصل له بها علم اليقين ، فلابد أن يحصل له بها ظن ، وهو كاف في معرفة القبلة لمن اشتبهت عليه من المصلين. وإن قدر أن يصحب المسافر معه كتاب (دلائل القبلة) لأحمد بن أبي أحمد الفقيه ، فإنه شامل للتعريف والتنبيه ، ولمعرفة القبلة من سائر الجهات ، وفيه كثير من المهمات.

أقول : وعسى يقول قائل : إذا جاز أن يعمل بالقرعة عند اشتباه القبلة ، فلا يبقى معنى للفتوى بالصلاة عند الاشتباه إلى أربع جهات.

والجواب : لعل الصلاة إلى أربع جهات ، لمن لم يقدر على القرعة الشرعية ، ولا يحفظ كيفيتها ، فيكون حاله كمن عدم الدلالات والأمارات على معرفة القبلة.

ومن الجواب : أنه إذا لم يكن للمفتي بالأربع جهات حجة إلا الحديثين المقطوعين عن الإسناد ، اللذين رواهما جدي الطوسي في (تهذيب الأحكام) فإن أحاديث العمل بالقرعة أرجح منهما وأحق بالتقديم عليهما.

ومن الجواب : أننا اعتبرنا ما حضرنا من الروايات ، فلم نجد في الحال الحاضرة إلا الحديثين المشار إليهما ، وهذا لفظهما :

الحديث الأول : محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن إسماعيل بن عباد ، عن خراش ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك ، إن هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء ، كنا وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال : «ليس كما يقولون ، إذا كان ذلك فليصل للأربع وجوه» (١).

الحديث الثاني : وروى الحسين بن سعيد ، عن إسماعيل بن عباد ، عن خراش ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، مثله (٢).

أقول : فهذان الحديثان كما ترى عن طريق واحدة ، وهي : اسماعيل بن عباد ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٤٥ / ١٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٩٥ / ١٠٨٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٤٥ / ١٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩٥ / ١٠٨٦.

٩٤

عن خراش ، عن بعض أصحابنا ، مقطوعي الإسناد.

أقول : وقد روى جدي الطوسي ـ قدس الله روحه ـ في تحري القبلة عند الاشتباه ، ماهو أرجح من هذين الحديثين ، وعسى أن يكون له عذر في ترجيح حديث الأربع جهات مع ضعفه وانقطاع سنده ، وظهور قوة أخبار القرعة ، من عدة جهات ، ونحن عاملون بما عرفناه ، وما نكلف أحدا أن يقلدنا ، وربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً.

الفصل الحادي عشر : فيما نذكره من الأخبار المروية ، بالعمل على القرعة الشرعية.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الثقة الصالح علي بن إبراهيم بن هاشم القمي رضي‌الله‌عنه في كتابه (كتاب المبعث) من نسخة تاريخها سنة أربعمائة من الهجرة النبوية ، فيما ذكره في سرية عبدالله بن عتيك ، وقد نفذهم النبي ـ صلوات الله عليه وآله ـ لقتل أبي رافع ، فقال في حديثه ما هذا لفظه : وكانوا قبل أن يدخلوا قد تشاوروا فيمن يقتله ، ومن يقوم على أهل الدار بالسيف ، فوقعت القرعة على عبدالله بن أنيس.

أقول : فهذا ما أردنا ذكره من الحديث ، قد تضمن عملهم على القرعة في حياة النبي ـ صلوات الله عليه واله ـ في مثل هذا المهم العظيم ، فلولا علمهم أن القرعة من شريعته ، وأنها تدل على المراد بها على حقيقته ، كيف كانوا يعتمدون عليها ، ويخاطرون بنفوسهم في الرجوع إليها؟

ومن الأحاديث في العمل بالقرعة ، ما رويناه بعدة طرق إلى الحسن بن محبوب ، من كتاب (المشيخة) من مسند جميل ، عن منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول ـ وسأله بعض أصحابنا عن مسألة ـ فقال : «هذه تخرج في القرعة ـ ثم قال ـ وأي قضية أعدل من القرعة! إذا فوض الأمر إلى الله ـ عز وجل ـ اليس الله عز وجل يقول ( فساهم فكان من المدحضين ) (١)».

ومن الأحاديث في العمل بالقرعة ، ما رويته بعدة طرق أيضا إلى جدي أبي جعفر الطوسي ، فيما ذكره في كتاب (النهاية) فقال : روي عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، وعن غيره من ابائه و (ابنائه ـ صلوات الله عليهم ـ من قولهم) (٢) : «كل

__________________

(١) الصافات ٣٧ : ١٤١.

(٢) في «ش» : من مسند جميل عن منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : .....

٩٥

مجهول ففيه القرعة» قلت له : إن القرعة تخطي وتصيب ، فقال : «كل ما حكم الله به فليس بمخطئ» (١).

أقول : فهذا يكشف أن كل مجهول ففيه القرعة ، وإذا اشتبهت جهة القبلة فهو أمر مجهول ، فينبغي أن تكون فيه القرعة ، وسوف نذكر من صفة القرعة بعض ما رويناه.

فصل : وقد رويت أيضاً من حديث القرعة ، ما ذكره أبو نعيم الحافظ في المجلدة الأخيرة من كتاب (حلية الأولياء) ماهذا لفظه : حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الصوفي ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء الخراساني ، عن سعيد بن المسيب وأيوب ، عن محمد بن سيرين ، قال : عمران بن حصين. وقتادة وحميد ، عن الحسن ، عن عمران رضي‌الله‌عنه : أن رجلا أعتق ستة مملوكين (٢) عند موته ، ليس له مال غيرهم ، فأقرع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بينهم ، فأعتق اثنين ورد أربعة في الرق (٣).

أقول : فهذا يقتضي تحقيق العمل بالقرعة في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنه مروي من طريقنا وطريق الجمهور ، فصار كالإجماع فيما أشرنا إليه.

فصل : ورأيت في كتاب عتيق تسميته كتاب (الأبواب الدامغة) تأليف أبي بشر أحمد بن ابراهيم بن أحمد العمي ما هذا لفظه : قالت فاطمة بنت أسد : فلما أملق أبو طالب جاءه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والعباس ، فأخذا من عياله اثنين بالقرعة ، فطار (٤) سهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعلي عليه‌السلام فصار معه وله ، وأنشأه وربّاه ، فأخذ علي عليه‌السلام بخلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهديه وسيرته ، وكان أول من آمن به وصدقه. تم الحديث.

* * *

__________________

(١) النهاية : ٣٤٦.

(٢) في «ش» : مماليك.

(٣) حلية الأولياء ١٠ : ٢١٥.

(٤) في «ش» : فصار.

٩٦

الفصل الثاني عشر : فيما نذكره من روايات في صفة القرعة الشرعية ، كنا ذكرناها في كتاب (فتح الأبواب بين ذوي الألباب ورب الأرباب).

منها ما رويناه بإسنادنا إلى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبدالرحمن بن سيابة قال : خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا ، فقال بعض أصحابنا : أبعث به إلى اليمن ، فذكرت ذلك لأبي عبدالله عليه‌السلام فقال لي : «ساهم بين مصرواليمن ، ثم فوض أمرك إلى الله ، فأي البلدين خرج اسمه في السهم ، فابعث إليه متاعك» فقلت : كيف أساهم؟ فقال : «أكتب في رقعة : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنه لا إله إلآ أنت عالم الغيب والشهادة ، أنت العالم وأنا المتعلم ، فانظر في أي الأمرين خيرا لي ، حتى أتوكل عليك وأعمل به. ثم اكتب : مصر إن شاء الله ، ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ، ثم اكتب : اليمن إن شاء الله ، ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ، ثم اكتب : يحبس إن شاء الله ولا يبعث به إلى بلدة منهما ، ثم اجمع الرقاع فادفعها الى من يسترها عنك ، ثم أدخل يدك فخذ رقعة من الثلاث رقاع ، فأيها وقعت في يدك فتوكل على الله ، واعمل بما فيها إن شاء الله» (١).

أقول : ورويت صفة مساهمة برواية أخرى بإسنادنا إلى عمرو بن أبي المقدام ، عن أحدهما عليهما‌السلام في المساهمة تكتب : «بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، أسألك بحق محمد وال محمد ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تخرج لي خير السهمين في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاجله ، إنك على كل شيء قدير ، ما شاء الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، صلى الله على محمد واله وسلم. ثم تكتب ما تريد في رقعتين ، ويكون الثالث غفلا (٢) ، ثم تجيل السهام ، فأيها خرج عملت عليه ، ولا تخالف فمن خالف لم يصنع له ، وإن خرج الغفل رميت به» (٣).

____________

(١) فتح الأبواب : ٥٢.

(٢) الغفل : مالا علامة فيه. «القاموس المحيط ـغفل ـ ٤ : ٢٥».

(٣) فتح الأبواب : ٥٣.

٩٧

أقول : صفة رواية أخرى في القرعة ، عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : «من أراد أن يستخير الله ـ تعالى ـ فليقرأ الحمد ـ عشر مرات ـ وإنا أنزلناه ـ عشر مرات ـ ثم يقول : اللهم إني أستخيرك لعلمك بعواقب الأمور ، وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمون (١) والمحذور ، اللهم إن كان أمري هذا مما قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه ، وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي فيه بخيرة ترد شموسه ذلولا ، وتقعض (٢) ، أيامه سروراً ، يا الله إما أمر فأ أتمر ، وإما نهي فأنتهي ، اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية ـ ثلاث مرات ـ ثم تأخذ كفاً من الحصى أو سبحتك» (٣).

أقول : لعل معناه أن يجعل الكف من الحصى ـ أو السبحة ـ في مقام رجل اخر يقارع معه ، ويعزم على ما وقعت القرعة فيعمل عليه.

وفي رواية اخرى : يقرأ الحمد ـ مرة ـ وإنا أنزلناه ـ إحدى عشرة مرة ـ ، ثم يدعو الدعاء الذي ذكرناه ويقارع هو وآخر ، ويكون قصده أنني متى وقعت القرعة على أحدهما أعمل عليه (٤).

فصل : فيما جربناه وفيه دلالة على القبلة.

كان قد وصف لنا صورة سمكة لطيفة من حديد ، قد عملت في الابتداء على استقبال حجرالمغناطيس ، وهوفي تلك الحال في جهة القبلة ، وكنا إذا جعلنا ماء في طاسة أوآنية ، وجعلنا السمكة الحديد على الماء استقبلت السمكة القبلة ، ولوأدرناها عن القبلة عادت إليها ، وعرفنا ذلك على اليقين ، فيكون صحبة من له اهتمام بمعرفة القبلة في الأسفارمثل هذه السمكة فيستغني بها عن الخيرة ، وعن اختلاف الأخبار.

وعندنا سمكة منها ، وقد أمرنا أن يقال للصانع يعمل عوض صورة السمكة صورة سفينة صغيرة ، لأجل نهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن عمل الصور التي تشبه الحيوان ، وليكون عملها سفينة مأذونا فيه للصانع ولمن يحتاج إليها عند معرفة القبلة ، وما

__________________

(١) ورد في هامش «د» : الأصل المأمول.

(٢) قعضه : عطفه. «الصحاح ـ قعض ـ٣ : ١١٠٣».

(٣) فتح الأبواب : ٥٣.

(٤) فتح الأبواب : ٥٣.

٩٨

عرفنا أنّ أحداً سبقنا إلى التماسها أن يكون صورة سفينة أو ما يجري مجراها من الصور التي ليست محرمة في شريعة الإسلام.

الفصل الثالث عشر : فيما نذكره من آداب الأسفارعن الصادق ابن الصادقين الأبرار عليهم‌السلام ، حدث بها عن لقمان ، نذكر منها ما يحتاج إليه الآن.

روينا من كتاب (المحاسن) بإسناده الى حماد بن عثمان أوابن عيسى(١)عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «قال لقمان لابنه رضي‌الله‌عنه إذا سافرت مع قوم فأ كثر استشارتهم في أمرك وامورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريماً على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واغلبهم بثلاث : طول الصمت ، وكثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معك من دابة أومال أوزاد.

وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تتثبت وتتوطن ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي ، وأنت مستعمل فكرك وحكمتك في مشورتك ، فإن من لم يمحض النصيحة في مشورته ، سلبه الله رأيه ، ونزع عنه الأمانة.

وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، وإذا تصدقوا وأعطوا فاعط معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك (٢) ، وإذا أمروا بأمر وسألوا فتبرع ثم قل : نعم ، ولاتقل : لا ، فإن لاعي ولؤم.

وإذا تحيرتم في الطريق فقفوا وتآمروا ، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب ، لعله أن يكون عينا للصوص ، أوأن يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء ، صلها واسترح منها فإنها

__________________

(١) في «د» : حماد بن عثمان أبي عيسى ، وفي «ش» : حماد بن عثمان عن أبي عيسى ، وما أثبتناه من المصدر ، والظاهر هو الصواب.

(٢) في المصدر زيادة : سناً.

٩٩

دين(١).

ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها (٢) ، وليس ذلك من فعل الحكماء ، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل.

وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدأ بعلفها قبل نفسك ، وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الأرض بأحسنها لونا ، والينها تربة ، وأكثرها عشباً ، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجة فابعد المذهب في الأرض ، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها ، وسلم عليها وعلى أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة.

وإن استطعت ألا تأكل طعاماً حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل.

وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكباً ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً. عملاً ، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً.

وإياك والسير في أول الليل ، وعليك بالتعريس (٣) ، والدلجة (٤) من لدن نصف الليل إلى اخره. وإياك ورفع الصوت في مسيرك» (٥).

هذا آخر لفظها ، نقلناه كما وجدناه.

* * *

__________________

(١) في المصدر زيادة : وصل في جماعة ولوعلى رأس زج.

(٢) الدبرة : قرحة في ظهر الدابة «لسان العرب ـ دبر ـ ٤ : ٢٧٣».

(٣) التعريس : نزول المسافرونومه ليلا. «القاموس المحيط ـ عرس ـ ٢ : ٢٣٠ ،».

(٤) الدلجة : سير المسافر بعد نزوله في الليل. «القاموس المحيط ـ دلج ـ ١ : ١٨٩«.

(٥) المحاسن : ٣٧٥ / ١٤٥ ، الكافي ٨ : ٣٤٨ / ٥٤٧ ، الفقيه ٢ : ١٩٤ / ٨٨٤».

١٠٠