الأمان من أخطار الأسفار والأزمان

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الأمان من أخطار الأسفار والأزمان

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

الفصل التاسع : فيما نذكره مما يقوله ويفعله عند رحيله من المنزل الأول.

قد قدمنا في أوائل هذا الكتاب ، عند وداعه لمنزله وعياله ، من دعائه وابتهاله ، ما يغني عن تكراره. ونحن نذكر ما يحضرنا من غير ذلك اللفظ ، لئلا نحوجه أن يرجع إلى تصفح الكتاب واعتباره ، فنقول :

ذكر الطبرسي فى كتاب (الآداب الدينية) ما رواه عن العترة النبوية ، من العمل عند الرحيل من منازل الأسفار ، فقال ما هذا لفظه : وإذا أردت الرحيل فصل ركعتين ، وادع الله بالحفظ والكلاءة ، وودع الموضع وأهله ، فإن لكل موضع أهلاً من الملائكة ، وقل : السلام على ملائكة الله الحافظين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ورحمة الله وبركاته (١).

الفصل العاشر : فيما نذكره في وداع المنزل الأول من الإنشاء.

السلام على من بهذا المنزل من أهله ، سلاماً يزيدكم الله ـ جل جلاله ـ به من فضله ، ونستودعكم الله ـ جل جلاله ـ والحفظة من ملائكته وخاصته ، ونسألكم أن تستودعونا الله ـ جل جلاله ـ وجميع حفظته ، وأن تذكرونا في خلواتكم ومناجاتكم ، بما يليق بمروءاتكم وعناياتكم ، وتشركونا في دعواتكم ، وأن تسألوا الله ـ جل جلاله ـ لنا تمام السلامة ، ودوام الاستقامة ، وإن كان قد وقع منا في هذا المنزل شيء يقتضي سوء مجاورتكم ، أو إهمال لحق صحبتكم ، أو مخالفة لله ـ جل جلاله ـ في مراعاة أهل المنازل ، أو تضييع لبعض الآداب والفضائل ، فنسألكم العفو عما يخصكم ، وطلب العفو عنا من الله ـ جل جلاله ـ فيما يختصّ ، بإهمال أمره ، وتعظيم قدره ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الفصل الحادي عشر : فيما نذكره من وداع الأرض التي عبدنا الله ـ جل جلاله ـ عند النزول عليها في المنزل الأول.

فنقول : اللهم إنا روينا في الأخبار النبوية ، والآثار المرضية ، أن كل أرض تشهد يوم القيامة لمن قصد إليها وعبدك عليها ، اللهم فاجعل هذه الأرض من جملة شهودنا

__________________

(١) الآداب الدينية : ٥٢ ، البحار ٧٦ : ٢٦١ / ٥٦ عن الإمان.

١٤١

يوم موعودنا ، إنك ارتضيتنا فيها لعبادتك ، وأهلتنا للتشريف بطاعتك ، ووفقتنا للشكر لنعمتك ، واغننا في اليوم الموعود عن شهادة الشهود ، بما أنت أهله من الرحمة والجود ، واجعل العناية التي دلتنا على هذا التعريف والتشريف ، سببا لحفظنا في طريقنا ، وزيادة توفيقنا ، وزوال الأمور المقتضية لتعويقنا ، برحمتك يا أرحم الراحمين. وأشرك في كل ما دعوناه ورجوناه ، من صحبنا من صديقنا ورفيقنا ، ومن كان مسافراً من إخواننا الصالحين ، يا أكرم الأكرمين.

الفصل الثاني عشر : فيما نذكره من القول عند ركوب الدواب من المنزل الثاني ، عوضا عما ذكرناه في أوائل الكتاب.

إذا ركبت الدابة من المنزل الثاني ، فإن شئت فقل ما قدمنا ذكره عند ركوب الدواب ، ففيه كفاية وهداية إلى الصواب ، وإن لم ترد تصفح الأوراق ، وكرهت الرجوع بنظرك له إلى ما قدمناه لسرعة التوجه وعجلة الرفاق ، فقل : اللهم إنك خلقت لنا هذه الدواب ، وسخرتها لنا لنسير عليها إلى طلب المحاب ، والظفر بسعادة يوم الحساب ، ونعيم دار الثواب ، وجعلت ما تحتاج إليه من العلف والماء ناشئاً عن قدرتك وسعة رحمتك ، ولم يكن ذلك عن سؤال منا ، ولا عمل صالح سابق صدرعنا ، فيامن ابتدأنا بالنوال قبل السؤال ، وسخر لنا المطايا قبل أن نتعرض للعطايا ، ولم يعاجلنا بالعقوبة عند الخطايا ، صل على محمد وآل محمد ، وعرفنا قدررحمتك ونعمتك ، وأوزعنا شكرها بعنايتك ، وهبنا قوة ربانية للقيام بحقوق عطيتك ، وذللها لنا تذليل العناية بنا ، والرحمة لنا ، والهمنا أن يكون مسيرنا وتدبيرنا موافقا لإرادتك ، وتابعا لحكمتك في تدبير خليقتك ، وإذا غفلنا عن تصريفها في تسييرها بحسب سلامتنا وسعادتنا ، فألهمها أن تسير كما أنت أهله من حفظنا وحراستنا ، وما يقتضي ظفرنا بسعادة دنيانا وآخرتنا ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا شرعت في المسير فقل : اللهم تسلم منا ما وهبت لنا من الاختيار ، واجعل اختيارنا في مسيرنا وليلنا ونهارنا ، صادراً عن الإلهام الواقي من أخطارنا وأكدارنا ، وحل بيننا وبين من يمكن أن يؤذينا في طريقنا ، بما تمدنا به من حسن توفيقنا وصلاح رقيقنا ، واجعل حولنا حجاباً من أستارك ، وحصنا من كفايتك ومبارك ، وألبسنا دروع حمايتك

١٤٢

وانتصارك ، واملأ قلوبنا من كنوز التوكل والتقوى الواقية من البلوى ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أشرفت على قرية أو منزل تريد النزول فيه بعد المسير الثاني ، فقل : اللهم قد أريتنا من حفظك وحياطتك ، وعوائد رحمتك ، وظاهر إجابتك ، ما أطمعنا في زيادة الدعاء والابتهال ، والظفر بإجابة السؤال وبلوغ الآمال ، وقد وصلنا إلى المنزل الثالث من حيث خرجنا من منازل العيال ، فاجعله اللهم من منازل البشارات ، ومناهل العنايات ، ، وموارد السعادات ، وضاعف لنا فيه عند نزوله وعند الإقامة به وعند الرحيل منه ، مواهب الكرامات والبركات والخيرات ، واصرف عنا فيه جميع المكروهات والمحذورات ، واحفظ علينا ما صحبناه وما خلفناه ، وما نحتاج إلى حفظه مما ذكرناه أو أهملناه ، وأصلح قلوب أهله لنا ، والهمهم العناية بنا ، واجعل ما ننتفع منه من الغذاء وغيره من الأشياء في مقام الدواء والشفاء ، وطهره من الأدناس والأقذاء ، وسلمنا من كيد الأعداء ، وسائر أنواع البلاء والابتلاء ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا نزلت في المنزل الثالث فقل : اللهم اجعل نزولنا في هذا المنزل الثالث ، محروساً من خطر الحوادث ، ونزهه من الأكدار وأخطار الأسفار ، واملأه من المسار وأنوار الأسرار ، واجعلنا فيه ومن صحبنا ممن يعز علينا ، وجميع ما أحسنت به إلينا ، من المحفوظين بعينك التي لاتنام ، والمحروسين بركنك الذي لا يرام ، والمحميين بدرعك الذي لا يضام ، ووفقنا فيه لما تريد منا وترضى به عنا على الكمال والتمام ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإن شئت فاسجد سجدة الشكرعلى السلامة والعافية وقل فيها : اللهم إنك جعلت السجود محلا للقرب بمنطق قرآنك ، وأنا أسألك دوام ما أعطيتنا (١) من إحسانك وأمانك ، ومكاشفتنا بجلالة سلطانك ، وثبوتنا على مرادك إلى أن تكمل لنا ما أنت أهله من دوام رضوانك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت أكل الطعام في المنزل الثالث فقل : اللهم قد كنت تضيفت على موائد رحمتك ، وتوليت يا رب تسييره في اعضائي على جميل عادتك ، ولم تعاجلني بعقوبة

__________________

(١) في «ش» : اعطيناه.

١٤٣

على إهمال لشكرنعمتك ، ولا تهوين بمراقبتك ، فأنا أحمدك كما تستحقه مني وترضى به عني ، وقد جلست الآن على هذه المائدة الصادرة عن عواطفك وعوارفك ، متضيفاً ومسترحما ومستعطفاً ، فاجعلها ضيافة مقرونة بما أوصيت به من إكرام الضيوف ، والأمان من كل أمر مخوف ، فقد رأينا في مناقب عبيدك الذين تعلموا الفضائل منك ، أن الضيف إذا أكل من طعامهم أمن منهم ، وصدر بالسلامة عنهم ، وأنت أحق بما علمتهم من صفات الكمال ، فنسألك أن تضيفنا بضيافة مائدتك ، أفضل ما بلغ إليه ضيف من الإقبال والآمان ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت النوم في المنزل الثالث فقل : اللهم قد أريتنا من قدرتك وعنايتك ، في هذا السفر المقترن بحفظك وحياطتك (١) ، ما بسط أكف سؤالنا ، ورجونا به بلوغ آمالنا ، اللهم فكما حفظتنا فيما مضى من حركتنا ، في نومنا ويقظتنا ، ولم تكلنا إلى ضعف قوتنا ، ولا عجز حيلتنا ، فصل على محمد وال محمد ، واحفظنا في هذا المنزل الثالث عند المنام واليقظة ، واجعل لنا من لطفك وعطفك حفظة ، وأيقظنا فيه لعبادتك ، وشرفنا باتباع إرادتك وآداب شريعتك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا استيقظت من النوم في هذا المنزل الثالث ، فقل بعد (٢)سجدة الشكر على سلامتك في نومك ويقظتك : اللهم قد حفظت ووقيت ، وعفوت وعافيت ، وأريتنا في هذه المنازل ، من فضلك الكامل وظلك الشامل ، ما يحمدك عليه بيان مقالي ولسان حالي ، ونسألك تمام ماعودتنا من رحمتك ، وجميل عائدتك ، وجليل معونتك ، وحفظك وحياطتك ونصرتك ، وتدبيرنا في مسيرنا ، بأفضل ما دبرت أحداً من أهل الأسفار ، من السلامة والمسار ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت وداع الروحانيين في هذا المنزل الثالث فقل : السلام عليكم أيها الروحانيون ، والحافظون والمجاورون ، قد عزمنا على الرحيل من جهتكم ، ونحن شاكرون لحسن مجاورتكم ، وسائلون الله ـ جل جلاله ـ أن يجازيكم عنا بما يليق بفضله ، وسائلون لكم أن تسألوه أن يشملنا بظله ، وأن يصحبنا منكم فيما بقي من أسفارنا ، من يعيننا على

__________________

(١) في «ش» : وعنايتك.

(٢) في «ش» : في.

١٤٤

السلامة من أخطار ليلنا ونهارنا ، وأن تستودعونا الله ـ جل جلاله ـ حيث حللنا ورحلنا ، ويبلغنا ما أملنا وسألنا ، ونستودعكم الله ـ جل جلاله ـ ونقرأ عليكم تحية البركات ، وسلام أهل المودات ، ورحمة الله وبركاته عليكم.

وإذا أردت وداع الأرض في المنزل الثالث فقل : إنا عارفون أيتها الأرض أن ابتداء خلقنا منك ، وأنا صادرون عنك ، وأنك كالأم والأب لنا ، وقد رجونا أنك تكوني شاهدة بلسان الحال يوم القيامة لنا ، بعناية الله ـ جل جلاله ـ بنا ، وعبادتنا له على ظهرك ، ونحن نقسم على لسان حالك بما لك أمرك ، أن تحسني بلسان الحال الشهادة ، فيما يكون لنا سعادة وزيادة ، وأن تستري ـ بإذن الله جل جلاله ـ حركات النقصان والعصيان ، وأن يجمل الله ـ جل جلاله ـ ذكرنا على كل لسان ، وبمنطق كل بيان ، برحمته إنه أرحم الراحمين.

وإذا أردت النص النهوض من المنزل الثالث ، فصل ركعتين للوداع ـ كما قدمناه ـ وقل : اللهم إن كل ما وفقتنا له من الطاعات والصلوات والعبادات فلك المنة فيه ، وما حصلنا فيه من الإضاعات والغفلات فأنت المرجو للعفو عن كل ما يقتضيه ، فيامن من علينا بالإيمان من غير سؤال ، لا تمنعنا ما هو دونه من الآمال والإقبال ، في الرحيل والترحال وسائر الاحوال ، مع الابتهال والتعرض للنوال ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت الركوب من المنزل الثالث فقل : اللهم قد سيرتنا بالسلامة من المخاوف ، وشمول العواطف والعوارف ، فنحن نحمدك على إحسانك المتضاعف ، وأمانك المترادف ، ونسألك أن تجعل رحيلنا من هذا المكان ، رحيلاً مقروناً بالامان ، والحماية من أخطار الأزمان ، وأن تحفظنا وتحفظ علينا دوابنا ، وتبلغنا عليها محابنا ، وتنجح طلابنا ، وتلهمنا وإياها في المسير أحسن التدبير ، وتطوي لنا المراحل وتقرب بين أيدينا المنازل ، وتكف عنا يد (١) الأعداء وأهل الإعتداء ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت المسير من المنزل الثالث فقل : اللهم قد أسلمنا نفوسنا ومن صحبناه إليك ، وتوكلنا عليك ، وسلمنا زمام قلوبنا وعقولنا وأعنة دوابنا إلى تدبيرك الحسن الجميل ، فتول تسييرنا وتدبيرنا في الكثير والقليل ، واجعل لنا من رحمتك

____________

(١) في «ش» : أيدي.

١٤٥

وعنايتك قائداً إلى طرق السلامة والكرامة ، وسخر لنا من الروحانيين من يعيننا على الأمان من الندامة ، وأوزعنا شكر ما تنعم به علينا ، وهيء لنا ما نحتاج فيما بين يدينا (١) ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أشرفت على المنزل الرابع فقل : اللهم قد عودتنا من القبول وبلوغ المأمول ، وأريتنا من الرحمة لنا والعناية بنا ما رجونا معه تمام حفظنا وحراستنا ، ودوام سلامتنا ، وحسن خاتمتنا ، وقد كنت ـ يا أرحم الراحمين ، وأكرم الاكرمين ـ سيرتنا في الظهور والبطون ، وفي (٢) طبقات القرون بعد القرون ، وتوليت من امورنا في المنازل والمراحل ، ما لم يكن في سؤال سائل ، ولا أمل امل ، فتول نزولنا في هذا المنزل الرابع بتلك العنايات السالفة ، والرعايات المتضاعفة ، والسعادات المترادفة ، واجعل من لسان حالنا من يحمدك إن غفلنا ، ويشكرك إن جهلنا ، ويثني عليك إن أهملنا ، وطيب لنا هذا المنزل بمواهب الكرم ، وإسباغ النعم ، ودفع النقم ، وفراش العافية ، ومهاد الحماية الكافية ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا نزلت بهذا المنزل الرابع ، فصل فيه الركعتين (٣) ـ كما قدمناه ـ وقل : اللهم قد نزلنا متوكلين عليك ومفوضين إليك ، وإن لم تصدق سرائرنا في إخلاص التوكل والتفويض والاستسلام ، فلسان حالنا وضعف أعمالنا متوكل ومفوض ومستسلم بين يديك ، لفقره وضعفه وضرورته إليك ، ولسان حال رحمتك الواسعة ومكارمك السابغة ، وسيلة لنا وذريعة وشافعة إليك ، في كل ماعرضناه أو سألناه أو نسأله أو نعرضه عليك ، فاجعلنا ممن أغنيته بعلمك عن المقال ، وبكرمك عن السؤال ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت أكل الطعام في المنزل الرابع ، فقل : اللهم إن موائد الكرماء وطعام الحكماء والرحماء ، مصونة عن التكدير والمواقفة والتعيير ، فاعف عما مضى من ذنوبنا ، واستر (٤) ما اطلعت عليه من عيوبنا ، وأزل وحشة المعاصي من قلوبنا ، حتى نتهنأ بمائدتك

__________________

(١) في «ش» : أيدينا.

(٢) في «ش» : في.

(٣) في «ش» : ركعتين.

(٤) في «ش» : زيا دة : اللهم.

١٤٦

وضيافتك ، وطهرنا وطهرها مما يقضي تنغيصنا بشيء من معاقبتك أو معاتبتك ، فقد روينا في الاخبارعن سيد الابرار ، أنه قال : «أطيلوا في الجلوس على الموائد ، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم ، ولا تحاسبون عليها» (١) وقد رجونا دخولنا في هذه الوعود ، وشمولنا بعوائد الجود ، فصدق حسن ظننا بكرمك ، وأجرنا على ما عودتنا من نعمك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت النوم في المنزل الرابع فقل : اللهم إنك عرفتنا أن النائمين كالأموات ، والمستيقظين من النوم كالمبعوثين بعد الممات ، وقد كنا مواتا (٢) في أجزاء التراب ، ومواتا (٣) في النطف في الأصلاب ، وقبل تشريفنا في الحياة ، وتوليت تلك الموتات بالنجاة والعافية في العز والجاه ، نسألك بتلك المراحم والمكارم أن تتولانا في هذا المنام ، وتجرينا على ما عودتنا من الإنعام والاكرام ، والكرامة من الأسقام والآلام ، وأذى الأنام والاثام ، وتوقظنا يقظة الحافظين لآداب الإسلام ، وشكر ما أوليتنا من النعم الجسام ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت الرحيل من المنزل الرابع ، ووداع الروحانيين وحفظ الوداع ، فقل : السلام عليكم من إخوان يرونا ولا نراهم ، وقد عزمنا على مفارقتهم ونحن شاكرون لمسعاهم ، وسالمون من أذاهم ، نستودعكم الله ـ جل جلاله ـ وديعة أمثالكم ، ونسألكم أن تستودعونا الله ـ جل جلاله ـ ببيان مقالكم ولسان حالكم ، وديعة تليق بحسن ظننا في قبول ابتهالكم.

وإذا أردت أن تودع الأرض في المنزل الرابع ، فقل : أيتها الأرض التي كنا فيها وخرجنا عنها ، ونحن صائرون إليها ، وقادمون عليها ، وساكنون في بطنها أحقابا بعد أحقاب ، قد رأيت ما وفقنا له رب الأرباب ، من تعريفنا وتشريفنا بعبادته وطاعته ، وتجملنا لذكرك بخدمته ومحبته كرامته ، والولد إذا جمل ذكر والده بصالح أعماله ، فيليق بالوالد أن يكون عوناً له على بلوغ آماله ، ونحن لك كالأولاد ، فنسألك أن تسألي بلسان الحال سلطان الدنيا والمعاد ، في حملنا على ظهرك أيام حياتنا ، على مطايا سعادتنا

__________________

(١) رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٤١ عن الإمام الصادق عليه‌السلام.

(٢ ، ٣) في «ش» : أمواتاً.

١٤٧

وسلامتنا ، في سائر حركاتنا وسكناتنا ، وحفظنا مما احتويت عليه ، ومما على ظهرك من المؤذيات ، من سائر الحيوانات والجمادات ، والأمان في الطرقات من المخافات ، وإذا سكنا في بطنك أن تكوني لنا أشفق علينا من سائر الحاملات الوالدات ، وأن يسلمنا فيك من المعاقبات ، وأن يخرجنا منك خروج المسعودين المنصورين ، الظافرين بالمحاب في يوم الحساب ، الذين يسيرون مع المتقين ، إلى جمع شملهم تحت شجرة طوبى لهم وحسن مآب.

وإذا أردت الركوب من المنزل الرابع ، فاركب وقل : اللهم إني أحمدك على نعمك التي لا تحصى بالحساب ، حمداً يزيد على حمد كل حامدين من ذوي الألباب ، وعلى تسخيرك لنا منافع السماوات والأرض وما فيهما من المحاب ، وعلى تسخير هذه الدواب ، اللهم فبالرحمة التي فتحت علينا وبين يدينا طرق المقاصد وفوائد الموارد حتى سرينا في ظلمات الليل وضوء النهار ، متمكنين من الأسفار ، سالمين من الأخطار ، فنسألك تمام هذه المسار والأنوار ، وحفظنا وحفظ ما أنعمت علينا بما حفظت به كنز أصحاب الجدار ، وبما حفظت به قلوب الأبرار من دنس الآصار والإصرار ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت المسير بعد ركوب الدواب من المنزل الرابع ، فقل : اللهم قد توجهنا على نية أننا متوجهون منك ـ جل جلالك ـ بك ـ جل جلالك ـ إليك ـ جل جلالك ـ لك ـ جل جلالك ـ فقونا على تصديق هذا المقال بالفعال ، وسيرنا على مطايا الإقبال والظفر بالآمال ، وقرب لنا من المنازل ما كان بعيداً ، وقونا وقو دوابنا قوة تجعل مسيرنا حميداً ، وتدبيرنا سعيداً ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أشرفت على المنزل الخامس ، فقل : اللهم قد أشرفنا على هذا المنزل وما نعرف مساره فنسألك منها ، ولا أخطاره فنسألك الصيانة عنها ، وأنا كالمحجوب عن صواب تدبيره ، والمستور بينه وبين سروره ، فنسألك أن تنظر إلينا نظر العناية بنا والرحمة لنا والإحسان إلينا ، وتزيل محذورات هذا المنزل عنا وتقرب مساره منا ، وتجعل نزولنا وإقامتنا ورحيلنا ومفارقتنا ، مقرونة بسعادة نظرك الكريم وفضلك الجسيم ، والأمان من كل حال ذميم ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

١٤٨

وإذا نزلت في المنزل الخامس ، فصل فيه ركعتي النزول ـ كما قدمناه في المنقول ـ وقل : اللهم قد نزلنا في أرضك التي خلقتها لسعادتنا ، وجعلتها محلاً لعبادتنا ، وقد شرفتنا بالظفر فيما مضى من العبادة ، فظفرنا في نزولنا بكمال السعادة ، واجر بنا على أحسن عادة ، واختم على جوارح المؤذيات من سائر المخلوقات ، واجعلنا في حصون واقية من المحذورات ، والهمنا حسن مصاحبة من في هذا المنزل من الروحانيين والروحانيات ، والهمهم حسن صحبتنا ومجاورتنا ، ومساعدتنا على صواب الإرادات ، وكمال المسرات ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت الشروع في المأكول في المنزل الخامس ، فتقول : اللهم إنا نحمد (١) حلمك ورحمتك وجودك الذي أخرجنا من العدم إلى الوجود ، وسيرنا إلى كل مقصود ، وهيأ لنا ما نحتاج من المطاعم والمشارب ، وتولى ما نريده من المطالب ، وحفظنا وحفظ ما معنا من المواهب ، اللهم فبتلك المراحم سير طعامنا هذا في أعضائنا ، تسييرا يقتضي طول بقائنا وسداد آرائنا ، بعد تطهيره من الحرامات والشبهات ، والأسقام المؤذيات ، والهمنا زيادة الشكروالثناء ، وتفضل علينا بإنجاز وعدك لمن شكرك ، من زيادة النعماء ، وبلوغ الرجاء.

واذا أردت الشروع بالنوم في المنزل الخامس ، فقل : اللهم إنك توليت حفظ آبائنا والامهات مذ آدم عليه‌السلام وإلى هذه الغايات فيما تجدد لهم من النوم واليقظة والغفلات ، وعند وقوع السيئات ، وفي ظهور وبطون من ولدنا من الكافرين والكافرات ، فبتلك المراحم التي سلمتهم(٢) ، حتى أخرجتنا بالسلامة والعافية التامة ، صل على محمد وآل محمد ، وكن لنا حافظاً في منامنا ويقظتنا ، وحفظ (٣) ما اشتملت عليه يد عنايتنا وجميل عادتنا ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا استيقظت من المنام ، وسجدت سجدة الشكر ـ كما ذكرناه عن النبي عليه أفضل السلام ـ وعزمت على الرحيل من المنزل الخامس ، فسلم على

__________________

(١) في «ش» : نحمدك على.

(٢) في «ش» : شملتهم.

(٣) في «ش» : واحفظ.

١٤٩

الروحانيين وقل : السلام على من بهذه الأرض من أهلها ، المشمولين بعناية الله ـ جل جلاله ـ وفضلها (١) ، قد عزمنا على الرحيل الآن ، ونحن نستودعكم الله ـ جل جلاله ـ الذي هوـ جل جلاله ـ أهل للأمان وتمام الإحسان ، ونسألكم أن تستودعونا الله ـ جل جلاله ـ بلسان الإخلاص والاختصاص ، وتسألوه ما نحتاج إليه في أسفارنا من مسارنا ، والسلامة من أكدارنا وأخطارنا ، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

وإذا أردت وداع الأرض من المنزل الخامس ، فقل : اللهم إننا سمعنا في القرآن المبين ، أن الأرض لما دعوتها قالت : ( اتينا طائعين ) (٢) فنحن نخاطبها ببيان المقال ، ونسأل أن تجيبنا بلسان الحال ، وكما جعلت لها من إجابة السؤال ، أن تكون شاهدة لنا برحمتك لنا وعنايتك بنا ، وعبادتنا لك وتعلقنا بك ، وأن تغنينا عن شهادة كل شاهد ، بفضلك وما عودتنا من جميل العوائد ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت الركوب من المنزل الخامس ، فقل : اللهم قد تكرر ركوبنا بين المنازل ، ونحن مشمولون بالفضل الكامل ، ومحفوظون بظلك الشامل ، اللهم وقد ركبنا الآن ، فاجعله ركوباً مقروناً بالأمان ، والحفظ الذي يغني عن تحفظ الإنسان ، واحفظ علينا جميع ما أحسنت به إلينا ، واجعل رحمتك وهدايتك تسير بالدلالة بين يدينا ، بكل ما نحتاج إليه من المهمات ، وسعادة الحركات ، والسكنات ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وإذا أردت المسيرمن المنزل الخامس ، فقل : اللهم هذا آخر المسير الذي قصدناه ، وقد قربنا من المنزل الذي أردناه ، فاجعل لنا من الاقتدار والأنوار وطهارة الأسرار ما نكون من أسعد السائرين ، وأحمد الشاكرين ، وأبلغهم ظفرا بسعادة الدنيا والدين ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد طاووس ـ جامع هذا الكتاب ـ : قد ذكرنا من الآداب في هذه الخمسة المنازل ، ما أنشأناه بحسب ما نعتقد أنه موافق لطاعة الله ـ جل جلاله ـ ورضاه ، ونحن مقيمون الان ببغداد ، وأبعد أسفارنا إلى مشهد

__________________

(١) في «ش» : وفضله.

(٢) فصلت ٤١ : ١١.

١٥٠

مولانا علي ـ صلوات الله عليه ـ وإلى مشهد (سرّمن رأى) سلام الله ـ جل جلاله ـ على من نسبت إليه ، وهي دون خمسة منازل للفارس والراجل ، فلأجل ذلك اقتصرنا على هذا المقدار ، وفيه كفاية لذوي البصائر والأبصار ، إن شاء الله تعالى.

* * *

١٥١

الباب الحادي عشر

فيما نذكره من دواء لبعض جوارح الإنسان ، فيما يعرض في السفر من سقم للأبدان ، وفيه كتاب (برء ساعة) لابن زكريا واضح البيان.

وقد ذكرنا فيما تقدم قبل التوجه للأسفار ، وعند الخروج من الدار ، ما إن عمل به عامل بالإخلاص وطهارة الأسرار ، كفاه في دفع الأخطار ، إن شاء الله تعالى. ولكن لا يبعد أن يقع من بعض المسافرين بعد التوجه في سفره تقصير في طاعة رب العالمين ، فيخاف عليه من تكفير ذلك الذنب الكبير أو الصغير ، بسقم أو ألم ، لقوله جل جلاله : ( وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير ) (١) ولقوله جل جلاله : : ( انّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بانفسهم ) (٢) فرأينا بالله ـ جل جلاله ـ أن نذكر في كتابنا هذا من الأدوية المجربة في الشفاء ، ما يرجى بها مع التوكل على الله ـ جل جلاله ـ زوال ذلك الداء.

وكنا وقفنا على كتاب لابن زكريا قد سماه (برء ساعة) فننقله بألفاظه ، ونضيف ـ بعد تمامه ـ ما جربناه نحن أو جربه غيرنا ، مما يداوي به الإنسان بعض ما يعرض له في السفر من أخطار أسقامه ، وهذا لفظ كتاب ابن زكريا الذي أشرنا إليه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله كما هو أهله ومستحقه ، وصلواته على خير خلقه محمد واله وعترته وسلم تسليماً كثيراً.

هذا كتاب ألفه محمد بن زكريا الرازي في الطب ، وترجمه (٣) (برء ساعة).

قال أبو بكرمحمد بن زكريا الرازي : كنت عند الوزير أبي القاسم عبيدالله ، فجرى بحضرته ذكر شيء في (٤) الطب ، وبحضرته جماعة ممن يدعي ذلك ، فتكلم كل واحد منهم في ذلك بمقدار ما بلغه علمه ، حتى قال بعضهم : إن العلل من مواد تكون قد

__________________

(١) الشورى ٤٢ : ٣٠.

(٢) الرعد ١١ : ١٣.

(٣) في «ش» : وسماه.

(٤) في «ش» : من.

١٥٢

اجتمعت على ممر الأيام والشهور ، وما يكون هذا سبيل كونه لا يكاد يبرأ في ساعة ، بل يكون في مثل ذلك من الأيام والشهور ، حتى يتم برء العليل. فسمع كلامه جماعة ممن حضر المتطببين ، كل ذلك يريدون به كثرة الذهاب والمجيء إلى العليل ، وأخذ الشيء منه بعد الشيء ، فعرفت الوزير أن من العلل ما يجتمع أيام ويبرأ في ساعة واحدة ، وقد يكون في شهر ويبرأ في ساعة ، فتعجبوا من ذلك.

فسألني الوزير أن اؤلف في ذلك كتاباً يشتمل على العلل التي تبرأ في ساعة ، فبادرت إلى منزلي وعملت هذا الكتاب ، واجتهدت فيه ، وسميته كتاب (برء ساعة) وهو مثل ، كتاب (السر في الصنعة) لأن هذا الكتاب هو دستور الطبيب ، والله الموفق للصواب ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

قال أبو بكر : إن من شأن تأليف الكتب ، أن أذكر العلل التي تكون من الفرق إلى القدم ، وليس كل العلل تبرأ في ساعة واحدة ، فلأجل ذلك ذكرنا عضوا وتركنا أعضاء كثيرة ، ثم ذكرنا بعد ، وقدمت ذكر ما يجوز ان يبرأ في ساعة ، إن شاء الله تعالى.

باب الصداع

إذا كان الصداع في مقدم الرأس وما (١) يلي الجبهة ، فإن ذلك يكون من فضل الدم ، يكون علاج ذلك أن يخرج شيئاً من الدم أما بحجامة أو بفصد فإنه يسكن على المكان. أو يشم شيئاً من الأفيون (٢) المصري الجيد ، ويجعل منه في فيه وأعراضه ، أو يأخذ شيئاً من العنآب (٣) (٤) ، أو يأخذ شيئا من مرقة عدس ، أو يتناول شيئاً من الكسفرة (٥) اليابسة ، فإنه يسكن على المكان.

__________________

(١) في «ش» : مما.

(٢) الأفيون : هو لبن الخشخاش الأسود ، ينبت في مصرفي الصعيد منها بموضع يعرف بأسيوط. «الجامع لمفردات الأدوية والأغذية ١ : ٤٥».

(٣) العناب : ثمر الأراك. «القاموس المحيط ـ عنب ـ١ : ١٠٨».

(٤) في «ط» زيادة : أو من شرابه.

(٥) الكزبرة : من الأبازير التي توضع مع الطعام ، وقد ذكر ابن البيطارفي جامعه الكزبرة والكسبرة والكسبرة ، وأطال في شرحها ووصف أنواعها وخواصها الطبية ، انظر«الجامع لمفردات الأدوية ٤ : ٦٦ـ ٧١ ، القاموس المحيط ـ كزبر ـ ٢ : ١٢٦».

١٥٣

وقد يكون من مادة صفراوية ، ودليل ذلك الحرارة ، ويكون علاج ذلك أن تبل خرقة كتان بدهن ورد وخل خمر وتوضع على الرأس ، أو لبن جارية تبل به الخرقة؟ أو تبل بدهن ورد فإن ذلك يسكن على المكان (١).

أو يشم النيلوفر (٢) ، ويأكل من لب الخيار الذي قد وضع في خل (٣) ، أو يتناول شيئا من الربوب الحامضة التي من شأنها إطفاء الصفراء ، فإنه يسكن في الوقت ، إن شاء الله تعالى.

وإذا كان الصداع في مؤخر الرأس مما يلي القمحدوة (٤) ، فإن ذلك يكون من البلغم ، وعلاج ذلك ان يقيأ العليل بالسكنجبين وبالفجل (٥) ، ويشرب عليه ماء الشبت (٦) حتى يتقيأ كل ما في جوفه من البلغم ، ويجتهد أن يكون ذلك في ماء حار ، فإنه يسكن على المكان. ويتناول شيئا من الإهليلج (٧) (٨) والأملج (٩) (١٠) المربى ، فإنه يسكن في الوقت. وإن تمضمض بأيارج قبقرا يبرأ في الوقت ، إن شاء الله تعالى.

(في هيجان العين).

ويكون هيجان العين من المشي في الشمس ، علاجه أن يشم الأفيون المصري ويطلي العين (١١) به ، ويكون ذلك بعقب الجلوس عند النار ، فإن كان يعقبه الرمد تناول شيئا من الطعام مبلغم ، وليكتحل بشيء من الإهليلج الكابلي ، فإنه يسكن ويبرأ في

__________________

(١) فى نسخة في هامش «د» : أو يدهن أسفل قدمه بدهن البنفسج والملح فإنه يسكن على المكان.

(٢) النيلوفر : نبات يكون بالآجام ومناقع المياه ، له زهر أبيض وسطه زعفراني اللون. «الجامع ٤ : ١٨٦».

(٣) في «ط» زيا دة : عتيق.

(٤) القمحدوة : العظم الصغبر الناشز فوق القفا ، خلف الأذنين. «القاموس المحيط ـ قمحد ـ ١ : ٣٣٠».

(٥) في «ط» : وبماء الفجل.

(٦) الشبت : نوع من البقول. «القاموس المحيط ـ شبت ١ : ١٥١».

(٧) الإهليلج : ذ كره ابن البيطار وذكر أنواعه وعد منها الكابلي ، ووصفه بأنه أسود كبير الحجم وذكر المنافع الطبية لكل نوع منها. «الجامع ٤ : ١٩٦».

(٨) في «ش» و «ط» زيادة : الكابلي المربى.

(٩) الأملج : ثمرة سوداء تشبه عيون البقر لها نوى مدور حاد الطرفين ، وإذا نزعت عنه قشرته تشقق النوى على ثلاث قطع ، والمستعمل منه ثمرته التي على نواه وطعمه مر ، يؤتى به من الهند. «الجامع ١ : ٥٤).

(١٠) في «ط» زيادة : الجسيم.

(١١) في «د» : العنق.

١٥٤

الوقت ، إن شاء الله تعالى.

(في الزكام).

ويكون علاج الزكام الذي هوأصعب العلل في ساعة واحدة ، وذلك بأن تأمر العليل بأن يصب على يافوخه (١) ماء حاراً شديد الحرارة ، فإذا أحس بتلك الحرارة في دماغه برأ في ساعته ووقته. ويكون علاجه بأن تأخذ خرقة كتان فتحمى على النار ويوضع على يافوخه فإذا أحس بتلك الحرارة يسكن في الوقت ، إن شاء الله تعالى(٢).

(في وجع الأسنان).

وعلاجه أن تأمر العليل أن يأخذ حبتين أو ثلاثة من الميويزج (٣) ، ويلفه بقطنة ، ويبله بماء ، ويدقه بين حجرين ، ويضعه على السن العليل ، فإنه يسكن على المكان ، أو يأخذ وزن قيراطين من سكر العشر (٤) ويلفه في قطنة ، ويجعله على الضرس فإنه يسكن وقد يفعل ذلك أشياء كثيرة مثل الغالية (٥) والقطران (٦) وكي النار.

(في قلع الأسنان بغيرحديد).

تأخذ عاقر قرحا (٧) وتضعه في خل خمر شهراً حتى يلين ويصير مثل العجين ، ثم اجعله على أي ضرس شئت ، فإنه يقلعه إن شاء الله تعالى في الوقت. أو تأخذ ماء عروق التوت (٨) الصيفي ، وتجمده في الشمس في جام (٩) ، ويوضع منه على الضرس فإنه يقلعه

__________________

(١) اليافوخ : ملتقى عظم مقدم الرأس بمؤخره. «القاموس المحيط ـ أفخ ـ ١ : ٢٥٦». وفي «ش» رأسه.

(٢) ورد في هامش «د» : ويعرض زكام من الهواء ، فيحرق الكاغد ويشم دخانه ، فإنه يزيله في الحال.

(٣) ميويزج : زبيب الجبل ، ويسمى أيضا حب الرأس. «الجامع ٢ : ١٥٣ و ٤ : ١٧٣».

(٤) العشر : نبت عريض الورق ، ينبت صعداً ، وله سكر يخرج في فصوص شعبه ومواضع زهره ، فيه شيء من المرارة. «الجامع ٣ : ١٢٣».

(٥) الغالية : نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان وعود. «مجمع البحرين ـ غلا ـ ١ : ٣١٩».

(٦) القطران : عصارة شجر. «القاموس المحيط ـ قطر ـ ٢ : ١١٩».

(٧) عاقرقرحا : نبات له ساق وورق وأكليل وزهر شبيه بالشعر وعرق في غلظ الابهام. «الجامع ٣ : ١١٥».

(٨) في هامش «د» : يعني عصارة عروق التوت.

(٩) الجام : إناء من فضة. «القاموس ـ جوم ـ ٤ : ٩٢».

١٥٥

في الوقت.

(في الخوانيق) (١).

علاجه أن يتغرغر برب التوت مع خرء الكلب ، فإنه يسكن في الوقت.

(في البخر) (٢).

يؤخذ زبيب طائفي أو مروزي (٣) جيد ، ويدق معه أطراف الآس الرطب ، ويجعله بنادق ويتناوله ، فإنه يسكن البخر في الوقت.

(في العلق (٤) إذا نشب في الحلق).

علاجه أن يتغرغر بالخل ، أو يأخذ وزن درهم من الذباب الذي يكون في الباقلى ويدق وينخل ، ويحل بخل خمر ويتغرغر به ، فإنه ينحل (٥) في الوقت.

(في الشقيقة).

علاجه أن يبخر بغرطنيثا (٦) فإنه يبرأ في الوقت ، أو يبخر بعظام الكلب ، فإنه يبرأ في الوقت. فإن كان ذلك من لقوة (٧) ، عولج بأن يؤخذ كف من شعير ، ويوضع تحت الحب حتى يقطرعليه الماء ويلين ، ثم يؤخذ ويعصرمن مائه نصف رطل ويفتر ، ثم يؤخذ دانق أشق (٨) ، ودانق جاوشير (٩) ، ويسعط من ذلك أجمع بوزن دانق إلى دانقين ، فإن حدث من ذلك وجع في الرأس صب على رأسه ماء باردا ـ شتاء كان أو صيفا ـ فإنه يذهب في الوقت.

__________________

(١) الخوانيق : التهاب اللوزتين.

(٢) البخر : نتن الفم. «القاموس المحيط ـ بخر ـ ١ : ٣٦٩».

(٣) في «د» : نيروزي.

(٤) العلقة : دودة في الماء تنشب في الحلق عند شرب الماء ، وتمتص الدم ، والجمع علق. «القاموس المحيط ـ علق ـ ٣ : ٢٦٦».

(٥) في «ط» : ينحدر.

(٦) في هامش ط «د» : الغرطنيثا : هو عروق بخور مريم ويسمى كف مريم.

(٧) اللقوة : داء في الوجه يعوج منه شطر الوجه. «القاموس المحيط ـ لقوـ ٤ : ٣٨٦».

(٨) الأشق : صمغ ، نبات يشبه القثاء في شكله ، طعمه مر. «الجامع ١ : ٣٤».

(٩) الجاوشير : صمغ نبات ، لونه قريب من الزعفران وباطنه أبيض ، أجوده أشده مرارة. «الجامع ١ : ١٥٥».

١٥٦

(في الدوي والطنين في الاذن).

علاجه أن يفتق الأفيون الجيد بالماء ويقطر في الأذن ، فإنه يسكن في الوقت إن شاء الله تعالى.

(في الصرع).

علاجه أن يؤخذ أفتيمون (١) وعاقر قرحا واسطوخوذوس (٢) وبسفائج (٣) ، يدق وينخل ويعجن بزبيب طائفي ، ويتناول منه مثل الجوزة قبل النوم ، فإنه يدفع الصرع في ذلك الاسبوع بإذن الله تعالى.

(في الرعاف).

ينفخ في الأنف شب يماني ، أو توضع محجمة بالنارعلى الجانب الذي يرعف منه ، فإنه يسكن بإذن الله تعالى في الوقت ، أو يستعمل قطنة وتجعل قارورة الحجامة على تلك القطنة ويحجم.

(في البواسير).

وعلاجه أن يبخر بوزن دانق (٤) لوف شامي (٥) ، فإنه يسكن في الوقت ، وإن عمل حبا وطرح فيه (وزن دانق) (٦) منه (٧) كان أبلغ وسكن (٨) الوجع (٩).

اللوف : نوع من بزر الشلجم.

__________________

(١) أفتيمون : زهر نجات شبيه بالصعتر. «الجامع ١ : ٤٠».

(٢) اسطوخوذوس : معناه موقف الأرواح ، نبات ورقه أطول من ورق الصعتر ، حريف الطعم مع مرارة يسيرة. «الجامع ١ : ٢٤».

(٣) بسفائج : نبات ينبت في الصخور وفي سوق شجر البلوط العتيقة ، طوله نحو من شبر ، عليه شيء من زغب وله شعب ، غلظه مثل غلظ الخنصر ، طعمه مائل إلى الحلاوة. «الجامع ١ : ٩٢».

(٤) في «ش» : دانقين ، وفي «د» : دلك ، وفي هامش «د» : دانق.

(٥) في «ش» : من النشادر.

(٦) في «ش» : درهم.

(٧) في «ط» : مقل ، المقل : صمغ شجرة تنبت ببلاد العرب ، أجوده ما كان مراً صافي اللون ، له عند التبيخر رائحة طيبة. «الجامع ٤ : ١٦٢».

(٨) في «ط» : في تسكين.

(٩) في «ش» زيادة : أو بخر بوزن ذلك للوف شامي فإنه يسكن في الوقت.

١٥٧

(في النواسير) (١).

علاجه أن يذرعليه التوتياء (٢) الأخضر ، فإنه يقطع المدة على المكان.

(في الجراحات العتيقة التي لم تسكن منذ سنة أوأكثر).

يؤخذ من السمن البقري العتيق ، الذي له ثلاثون سنة أو أكثر ، ويعمل فتيلة من قطن وتغمس فيه (٣) ، ويوضع في العقر (٤) ، فإنه يقطع المدة في الوقت ، إن شاء الله تعالى ، ويكون تمام التحام الجرح (٥) ثلاثة أيام بعد العلاج.

(في الجراحات الطرية).

علاجه أن يوضع فيه صمغ البلوط (٦) أو اهليلج كابلي مسحوقاً مثل الكحل ، أوماء كافور (لم يمسه دهن) (٧) ، أوعسل لبني ، فإنه يسكن في الوقت.

ومما يذهب بالوجع عن الأعضاء من سقطة أو ضربة ، يؤخذ قياقيا (٨) وصبر وماش ومغاث (٩) وطين أرمني ، يدق الجميع ويبل بماء الآس ، ويطليه بريشة ، فإنه يسكن الوجع في الوقت ، ويذهب الخضرة التي تولدت منه.

(حرق النار).

وقد يعرض من حرق النار وجع شديد ، علاجه أن يؤخذ مرداسنج (١٠) أصفهاني ، ونورة مطحونة ، وورد مطحون ، وحنا ، من كل واحد جزء ، وتبل القروح بدهن ورد خالص ، ثم ينثرعليه ، فإنه يسكن الوجع إن شاء الله تعالى ، ويكون تمام البرء في أقل من ثلاثة أيام.

__________________

(١) الناسور : عرق لاينقطع ضرره ، حوالي المقعدة. «القاموس المحيط ـ نسر ـ ٢ : ١٤١».

(٢) التوتيا : عقار معدني ، أجوده الأبيض. «الجامع ١ : ١٤٣».

(٣) في «ش» زيادة : التوتياء.

(٤) العقر : الجرح. «القاموس المحيط ـ عقر ـ ٢ : ٩٢».

(٥) في «ش» : الجراح.

(٦) في «ش» و «د» : البلاط.

(٧) في «ط» : ثم يمسه بدهن.

(٨) في «ش» و «ط» : أقا قيا.

(٩) مخاث : بزر نبات مقوللأعضاء. «الجامع ٤ : ١٦٠».

(١٠) مرد اسنج : عقار معدني. «الجامع ٤ : ١٥٠».

١٥٨

(في خروح المقعدة).

علاج ذلك أن يأخذ ظلف شاة وقرن (١) ، فيحرق ذلك ويدق وينخل ، ويخلط معه جفت بلوط (٢) ، وجلنار (٣) ، وشب ، وعفص ، وورد مطحون ، وقشور رمان ، وآس رطب ، من كل واحد جزء ، ويطبخ بماء قليل حتى تخرج قوته ، ويقعد فيه الصبي فإذا خرجت مقعدته أو ضمد به ثم (يرده فإنه يلبث) (٤) على الوقت ، ولا يخرج منه إن شاء الله تعالى.

(في القولنج) (٥).

علاجه أن يؤخذ من المعجون الملوكي (٦) ، فإنه يسهل في الوقت ، إن شاء الله تعالى ، أو يؤخذ حنظلة ويستخرج شحمها ويعمل منه فتيلة ، هذه الفتيلة تتخذ من سكر وملح وشحم الحنظل ، ويؤمر العليل أن يحتمله ، فإنه يحله في الوقت ، غير أنه يحدث منه كرب عظيم ، ومغص في الجوف ، علاج ذلك المغص أن يؤخذ كف كفرة (٧) ، وقليل كمون وكرويا (٨) ، وكف صعتر (٩) وأنجدان (١٠) ، وكف حب رمان ، ويطبخ جيداً (١١) ، ويؤخذ من مائه نصف رطل ويصب عليه اوقية مري (١٢) ، ويضرب ويشرب ، فإنه يسكن في الوقت ، إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) في «ط» : أو قرنها.

(٢) جفت البلوط : هو الغشاء المستبطن لقشر ثمرته. «الجامع ١ : ١٦٤».

(٣) الجلنار : ورد الرمان ، وهو غير الرمان المعروف. انظر «الجامع ١ : ١٦٤».

(٤) في «ش» : يردها فإنه يثبت.

(٥) القولنج : مرض معوي مؤلم يعسر معه خروج الثفل والريح. «القاموس المحيط ١ : ٢٠٤».

(٦) في «ط» : الكموني.

(٧) في «ش» : كزبرة.

(٨) كرويا : نبات. ذكر ابن البيطارفي جامعه ٤ : ٧ و ٦٥ ، وشبهها في الموضع الأول بالبابونج.

(٩) الصعتر : نبات له أصناف كثيرة : بري وبستاني وجبلي وطويل الورق ومدوره وعريضه ودقيقه ... «الجامع ٣ : ٨٣».

(١٠) الأنجدان : ورق شجر الحلتيت ، منه طيب ومنه منتن ، وصمغه هو الحلتيت. «الجامع ١ : ٨٥».

(١١) في «ط» زيادة : حتى يستوي.

(١٢) المري : غذاء ودواء ، قسم منه يتخذ من السمك المالح واللحوم المالحة. «الجامع ٤ : ١٤٩».

١٥٩

(في الخلفة) (١).

ينفع منه بأن يضمد البطن بصندل (٢) وكافور وماء الشاهسفرم (٣) ـ وهو الريحان ـ ويطلي حواليه ، ويعطى أقراص (٤) الكندري (٥) ، الذي ذكرناه في المنصوري في باب الخلفة ، نافع إن شاء الله تعالى(٦).

(ولزحير الصبيان).

يؤخذ حب الرشاد مثقال ، ويطرح عليه ثلثا مثقال كمون كرماني ، وينخل ويعجن بسمن بقرعتيق ، ويسقى بلبن اُمه ، فإنه يبرأ في الوقت إن شاء الله تعالى.

(في عرق النسا).

هذه علة عظيمة كثيرة الخطر ، يتلف فيها الخلق لقلة معرفتهم بها ، ويكون ذلك في الجانب الوحشي (٧) من طرف العصعص (٨) إلى القدم ، وإن كان الأجود أن نقول قولاً بليغاً ، غير أنا نحب أن لا نجاوز غرض كتابنا هذا ، فقلنا فيه بالإيجاز ، وعلاجه أن يؤخذ درهم صبر أصقوطري (٩) ، ومثله اهليلج أصفر ، ومثله سورنجان (١٠) ، يدق وينخل ويعمل حبا ويتناوله ، فإنه يسهل خمساً أو ستاً ، يبرأ في الوقت إن شاء الله تعالى. ولقد عالجت بهذا الدواء شيخاً بقى بهذه العلة سنة لا يمكنه النهوض بتة ، ولا التقلب من جانب إلى جانب ، فبرأ في الوقت وخرج بإذن الله تعالى ..

__________________

(١) الخلفة : الاسهال. «القاموس المحيط ـ خلف ـ ٣ : ١٣٩».

(٢) الصندل : خشب يؤتى به من الصين وهو ثلاثة أصناف أبيض وأصفر وأحمر وكلها تستعمل ، وهو بارد يابس موافق للمحرورين ، صالح جيد لضعف المعدة. «الجامع ٣ : ٨٩».

(٣) الشاهسفرم : نبات دقيق الورق عطر الرائحة يبقى نواره في الصيف والشتاء. بزره يحبس البطن المستطلقة. «الجامع ٣ : ٥٠».

(٤) في «ش» زيادة : الكافور.

(٥) الكندر : هو اللبان ، وهو علك فيه مرارة «الجامع ٤ : ٨٣».

(٦) في «ط» زيادة : في خلفة الصبيان : يسقي أنفحة الجدي بلبن امه ، فإنه يسكن في الوقت.

(٧) الجانب الوحشي من اليد والرجل ظهرهما. «الصحاح ـ وحش ـ٣ : ١٠٢٤».

(٨) العصعص : آخر العمود الفقري من الأسفل. انظر «مجمع البحرين ٤ : ١٧٥».

(٩) الصبر الصقوطري : صمغ شجرة تعلوه صفرة شديدة كالزعفران وله بريق ، وهو مر جداً. «الجامع ٣ : ٧٨».

(١٠) سورنجان : نبات ثمره أحمرقانئ إلى السواد وله بصل ، وهو نافع لوجع المفاصل. «الجامع ٣ : ٤١».

١٦٠