بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أفيزني؟ قال نعم ، هو مفتن تواب ، ولكن لا يولد له من تلك النطفة. « ج ١ ص ٦٤ »

١٢ ـ ل : العسكري ، عن بدر بن الهيثم ، عن علي بن منذر ، عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح قال : قال جعفر بن محمد (ع) ، من اعطي أربعا لم يحرم أربعا : من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اعطي الاستغفار لم يحرم التوبة ، ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة ، ومن اعطي الصبر لم يحرم الاجر. « ج ١ ص ٩٤ »

١٣ ـ ل : العطار : عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن يونس ، عن عمرو بن أبى المقدام ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع من كن فيه كان في نور الله الاعظم : من كانت عصمة أمره شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ومن إذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ومن إذا أصاب خيرا قال : الحمد لله رب العالمين ، ومن إذا أصاب خطيئة قال : أستغفر الله و أتوب إليه. « ج ١ ص ١٠٥ ـ ١٠٦ »

١٤ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : توبوا إلى الله عزوجل وادخلوا في محبته ، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، والمؤمن تواب. « ج ٢ ص ١٦٢ »

١٥ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل المؤمن عند الله عزوجل كمثل ملك مقرب ، وإن المؤمن عند الله عزوجل أعظم من ذلك ، وليس شئ أحب إلى الله من مؤمن تائب ، أو مؤمنة تائبة. « ص ١٩٨ »

صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله.

١٦ ـ ن : بالاسناد إلى دارم ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : التائب من الذنب كمن لا ذنب له. « ص ٢٣٠ »

١٧ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن الحسين المقري ، عن عبدالله بن محمد البصري ، عن عبدالعزيز بن يحيى ، عن موسى بن زكريا ، عن أبي خالد ، عن العيني ، عن الشعبي قال

٢١

سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : العجب ممن يقنط ومعه الممحاة! فقيل له : وما الممحاة؟ قال : الاستغفار. « ص ٥٤ »

١٨ ـ ما : بإسناد أخي دعبل ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب. « ص ٢٣٧ »

١٩ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن فضال ، عن ابن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل « تم تاب عليهم » قال : هي الاقالة. (١) « ص ٦٥ »

٢٠ ـ مع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن أحمد بن هلال قال : سألت أبا الحسن الاخير عليه‌السلام عن التوبة النصوح ما هي؟ فكتب عليه‌السلام : أن يكون الباطن كالظاهر وأفضل من ذلك. « ص ٥٤ »

٢١ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن موسى بن القاسم ، عن البطائني ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « توبوا إلى الله توبة نصوحا » قال : هو صوم الاربعاء (٢) والخميس والجمعة. « ص ٥٤ »

قال الصدوق رحمه الله : معناه أن يصوم هذه الايام ثم يتوب.

٢٢ ـ مع : ابن المتوكل ، عن علي بن إبراهيم ، عن اليقطيني ، عن يونس ، عن عبدالله بن سنان وغيره ، عن أبي عبدالله (ع) قال : التوبة النصوح هو أن يكون باطن الرجل كظاهره وأفضل. « ص ٥٤ »

٢٣ ـ وقد روي أن توبة النصوح (٣) هو أن يتوب الرجل من ذنب وينوي أن لا يعود إليه أبدا. « ص ٥٤ »

٢٤ ـ فس : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه

__________________

(١) أي هى الصفح عنه والاعراض عن ذنبه.

(٢) في المصدر : يوم الاربعاء ويوم في الخميس ويوم في الجمعة. م

(٣) في المصدر. ان التوبة النصوح. م

٢٢

ولعنه وأعد له عذابا عظيما » قال : من قتل مؤمنا على دينه لم تقبل توبته ، ومن قتل نبيا أو وصي نبي فلا توبة له لانه لا يكون مثله فيقاد به ، (١) وقد يكون الرجل بين المشركين واليهود والنصارى يقتل رجلا من المسلمين على أنه مسلم فإذا دخل في الاسلام محاه الله عنه لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الاسلام يجب ما كان قبله ـ أي يمحوا ـ لان أعظم الذنوب عند الله هو الشرك بالله (٢) فإذا قبلت توبته في الشرك قبلت فيما سواه ، فأما قول الصادق عليه‌السلام ليست له توبة فإنه عنى من قتل نبيا أو وصيا فليست له توبة لانه لا يقاد أحد بالانبياء وبالاوصياء إلا الاوصياء والانبياء ، والانبياء والاوصياء لا يقتل بعضهم بعضا ، وغير النبي والوصي لا يكون مثل النبي والوصي فيقاد به ، وقاتلهما لا يوفق بالتوبة. « ص ١٣٦ ».

٢٥ ـ ع ، ن : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن إبراهيم بن محمد الهمدانى قال : قلت للرضا عليه‌السلام : لاي علة أغرق الله فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال : لانه آمن عند رؤية البأس ، والايمان عند روية البأس غير مقبول ، وذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف والخلف ، قال الله عزوجل : « فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا » وقال عزوجل : « يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا » وهكذا فرعون لما أدركه الغرق قال : « آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين » فقيل له : « الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين » الخبر » ص ٣١ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٣ »

٢٦ ـ لى : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن أحمد بن صالح ، عن موسى بن داود ، عن الوليد بن هشام ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، عن عبدالرحمن بن غنم الدوسي قال : دخل معاذ بن جبل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باكيا فسلم فرد عليه‌السلام ثم قال : ما يبكيك يامعاذ؟ فقال : يا رسول الله إن بالباب شابا

__________________

(١) في النهاية : اى لا يكون مثله فيقتل به بدلا منه. م

(٢) في المصدر : الا ان اعظم الذنوب عند الله هو الشرك بالله. م

٢٣

طري الجسد ، (١) نقي اللون ، حسن الصورة ، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها ، يريد الدخول عليك ، فقال النبي (ص) : ادخل علي الشاب يا معاذ ، فأدخله عليه فسلم فرد عليه‌السلام ، ثم قال : ما يبكيك ياشاب؟ قال : كيف لا أبكي وقد ركبت ذنوبا (٢) إن أخذني الله عزوجل ببعضها أدخلني نار جهنم؟ ولا أراني إلا سيأخذني بها ولا يغفر لي أبدا ، فقال رسول الله (ص) : هل أشركت بالله شيئا : قال : أعوذ بالله أن اشرك بربي شيئا ، قال : أقتلت النفس التي حرم الله؟ قال : لا ، فقال النبي (ص) : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الجبال الرواسي ، (٣) فقال الشاب : فإنها أعظم من الجبال الرواسي ، فقال النبي (ص) : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الارضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق ، قال : فإنها أعظم من الارضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق! فقال النبي (ص) : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل السماوات ونجومها ومثل العرش والكرسي ، قال : فإنها أعظم من ذلك ، قال : فنظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه كهيئة الغضبان ثم قال : ويحك (٤) ياشاب ذنوبك أعظم أم ربك؟ فخر الشاب لوجهه وهو يقول : سبحان ربي ما شئ أعظم من ربي ، ربي أعظم يانبي الله من كل عظيم ، فقال النبي (ص) : فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم؟ قال الشاب : لا والله يا رسول الله ، ثم سكت الشاب فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ويحك ياشاب ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟ قال : بلى اخبرك : إني كنت أنبش القبور سبع سنين ، أخرج الاموات ، وأنزع الاكفان ، فماتت جارية من بعض بنات الانصار فلما حملت إلى قبرها ودفنت وانصرف عنها أهلها وجن عليهم الليل أتيت قبرها فنبشتها ثم استخرجتها ونزعت ما كان عليها من أكفانها وتركتها متجردة على شفير قبرها ، ومضيت منصرفا

__________________

(١) طرى الغصن أو اللحم غضا لينا فهو طرى.

(٢) أى اقترفتها.

(٣) الرواسي : الجبال الثوابت الرواسخ.

(٤) كلمة ترحم وتوجع ، وقد يأتى بمعنى المدح والتعجب ، وقيل : إنها بمعنى الويل ، تقول : ويح لزيد ، وويحا لزيد ، وويحه ، على الابتداء أو باضمار فعل ، كأنك قلت : ألزمه الله ويحا.

٢٤

فأتاني الشيطان فأقبل يزينها لي ، ويقول : أما ترى بطنها وبياضها؟ أما ترى وركيها؟ (١) فلم يزل يقول لي هذا حتى رجعت إليها ، ولم أملك نفسي حتى جامعتها وتركتها مكانها ، فإذا أنا بصوت من ورائي يقول : ياشاب ويل (٢) لك من ديان يوم الدين ، يوم يقفني وإياك كما تركتني عريانة في عساكر الموتى ، ونزعتنى من حفرتي وسلبتنى أكفاني ، وتركتني أقوم جنبة إلى حسابى ، فويل لشبابك من النار!. فما أظن أني أشم ريح الجنة أبدا فما ترى لي يارسول الله؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : تنح عني يافاسق ، إني أخاف أن أحترق بنارك ، فما أقربك من النار! ثم لم يزل عليه‌السلام يقول ويشير إليه حتى امعن من بين يديه ، فذهب فأتى المدينة فتزود منها ثم أتى بعض جبالها فتعبد فيها ، ولبس مسحا (٣) وغل يديه جميعا إلى عنقه ، ونادى : يارب هذا عبدك بهلول ، (٤) بين يديك مغلول ، يارب أنت الذي تعرفني ، وزل مني ما تعلم سيدي! يارب أصبحت (٥) من النادمين ، وأتيت نبيك تائبا فطردني وزادني خوفا ، فأسألك باسمك وجلالك وعظمة سلطانك أن لا تخيب رجائي ، سيدي! ولا تبطل دعائي ولا تقنطنى من رحمتك. فلم يزل يقول ذلك أربعين يوما وليلة ، تبكي له السباع والوحوش ، فلما تمت له أربعون يوما وليلة رفع يديه إلى السماء ، وقال : اللهم ما فعلت في حاجتي؟ إن كنت استجبت دعائي وغفرت خطيئتي فأوح إلى نبيك ، وإن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي وأردت عقوبتي فعجل بنار تحرقني ، أو عقوبة في الدنيا تهلكني ، وخلصني من فضيحة يوم القيامة. فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « والذين إذا فعلوا فاحشة » يعني الزنا « أو ظلموا أنفسهم » يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا ،

__________________

(١) الورك بالفتح والكسر وككتف : ما فوق الفخذ ، والجمع أوراك.

(٢) الويل : حلول الشر. الهلاك. ويدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها ، وكلمة عذاب وواد في جهنم ، أو بئر أو باب لها.

(٣) بكسر الميم وسكون السين ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للجسد.

(٤) لعله بمعنى المبتهل والمتضرع ، أو بمعنى الملعون ، أو كان الرجل يسمى بذلك. وأما ما في المعاجم وكتب اللغة من أنه بمعنى الضحاك والسيد الجامع لكل خير فلا يناسب المقام.

(٥) في المصدر : انى اصبحت. م

٢٥

ونبش القبور ، وأخذ الاكفان « ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم » يقول : خافوا الله فعجلوا التوبة « ومن يغفر الذنوب إلا الله » يقول عزوجل : أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته ، فأين يذهب؟ وإلى من يقصد؟ ومن يسأل أن يغفر له ذنبا غيري؟ ثم قال عزوجل : « ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون » يقول : لم يقيموا على الزنا ونبش القبور وأخذ الاكفان « اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين » فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج وهو يتلوها ويتبسم ، فقال لاصحابه : من يدلني على ذلك الشاب التائب؟ فقال معاذ : يارسول الله بلغنا أنه في موضع كذا وكذا ، فمضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين ، مغلولة يداه إلى عنقه ، قد اسود وجهه ، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء ، وهو يقول : سيدي : قد أحسنت خلقي وأحسنت صورتي ، فليت شعري ماذا تريد بي؟ أفي النار تحرقني؟ أو في جوارك تسكنني؟ اللهم إنك قد أكثرت الاحسان إلي وأنعمت علي ، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري؟ إلى الجنة تزفني؟ (١) أم إلى النار تسوقني؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والارض ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم ، فليت شعري تغفر خطيئتي أم تفضحنى بها يوم القيامة؟ فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثو التراب على رأسه (٢) وقد أحاطت به السباع! وصفت فوقه الطير! وهم يبكون لبكائه! فدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأطلق يديه من عنقه ، ونفض التراب عن رأسه ، وقال : يا بهلول! أبشر فإنك عتيق الله من النار. ثم قال عليه‌السلام لاصحابه : هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول. ثم تلا عليه ما أنزل الله عزوجل فيه وبشره بالجنة. « ص ٢٦ ـ ٢٩ »

٢٧ ـ ما : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (ع) قال : كان غلام من اليهود يأتي النبي (ص) كثيرا حتى استخفه وربما أرسله في حاجته ، وربما كتب له الكتاب إلى قومه ،

__________________

(١) من زف العروس إلى زوجها أى أهداها.

(٢) أى يصب التراب على رأسه.

٢٦

فافتقده أياما ، فسأل عنه فقال له قائل : تركته في آخر يوم من أيام الدنيا ، فأتاه النبي (ص) في اناس من أصحابه ـ وكان له عليه‌السلام بركة لا يكلم أحدا إلا أجابه ـ فقال : يا فلان (١) ففتح عينه وقال : لبيك يا أبا القاسم! قال : قل : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، فنظر الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا ، ثم ناداه رسول الله (ص) ثانية وقال له مثل قوله الاول ، فالتفت الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا ، ثم ناداه رسول الله (ص) الثالثة فالتفت الغلام إلى أبيه ، فقال : إن شئت فقل وإن شئت فلا ، فقال الغلام : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، ومات مكانه. فقال رسول الله (ص) ابيه : اخرج عنا ، ثم قال عليه‌السلام لاصحابه : اغسلوه وكفنوه ، وآتوني به اصلي عليه ، ثم خرج وهو يقول : الحمد لله الذي أنجى بي اليوم نسمة من النار. « ص ٢٨٠ »

٢٨ ـ ف : عن كميل بن زياد قال : قلت لامير المؤمنين عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حد الاستغفار؟ قال يابن زياد : التوبة ، قلت : بس؟ (٢) قال : لا ، قلت : فكيف؟ قال : إن العبد إذا أصاب ذنبا يقول : استغفر الله بالتحريك ، قلت : وما التحريك؟ قال : الشفتان واللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة ، قلت : وما الحقيقة؟ قال : تصديق في القلب وإضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه ، قال كميل : فإذا فعل ذلك فإنه من المستغفرين؟ (٣) قال : لا ، قال كميل : فكيف ذاك؟ قال : لانك لم تبلغ إلى الاصل بعد ، قال كميل : فأصل الاستغفار ما هو؟ قال : الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه ، وهي أول درجة العابدين ، وترك الذنب ، والاستغفار اسم واقع لمعان ست :

أولها الندم على ما مضى ، والثاني العزم على ترك العود أبدا ، والثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك وبينهم ، والرابع أن تؤدي حق الله في كل فرض ، والخامس أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه ، ثم

__________________

(١) في المصدر : ياغلام. م

(٢) أى حسب وكفاية ، كلمة مأخوذة من الفارسية.

(٣) في المصدر : فاذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين؟. م

٢٧

تنشئ فيما بينهما لحما جديدا ، والسادس أن تذيق البدن ألم الطاعات كما أذقته لذات المعاصي. « ص ١٩٧ »

٢٩ ـ عدة : روي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : والله ما اعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله عزوجل ، ورجائه له ، وحسن خلقه ، والكف عن اغتياب المؤمنين ، والله تعالى لا يعذب عبدا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه ، وتقصيره في رجائه لله عزوجل ، وسوء خلقه ، واغتيابه المؤمنين. الخبر.

٣٠ ـ ثو : ابن المتوكل ، عن محمد بن جعفر ، عن موسى بن عمران ، عن الحسين بن يزيد ، عن البطائني ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى داوود النبي على نبينا وآله وعليه السلام : يا داوود إن عبدي المؤمن إذا أذنب ذنبا ثم رجع وتاب من ذلك الذنب واستحيى مني عند ذكره غفرت له ، وأنسيته الحفظة ، وأبدلته الحسنة ، ولا ابالي وأنا أرحم الراحمين. « ص ١٢٥ »

٣١ ـ ثو : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن معاوية ابن وهب قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إذا تاب العبد المؤمن توبة نصوحا أحبه الله ، فستر عليه في الدنيا والآخرة ، قلت : وكيف يستر عليه؟ قال : ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ، وأوحى إلى جوارحه : اكتمي عليه ذنوبه ، وأوحى إلى بقاع الارض : اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب ، فيلقى الله حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب. (١) « ص ١٦٥ ـ ١٦٦ »

٣٢ ـ ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط ، عن يحيى بن بشير ، عن المسعودي قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من تاب تاب الله عليه ، وامرت جوارحه أن تستر عليه ، وبقاع الارض أن تكتم عليه ، وانسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه. (٢) « ص ١٧٣ »

٣٣ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن سلمة بياع

__________________

(١) في المصدر : عليه بالذنوب. م

(٢) في نسخة : ما كانت كتبت عليه.

٢٨

السابري ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : من تاب في سنة تاب الله عليه ، ثم قال : إن السنة لكثيرة ، ثم قال : من تاب في شهر تاب الله عليه ، ثم قال : إن الشهر لكثير ، ثم قال : من تاب في يومه تاب الله عليه ، ثم قال : إن يوما لكثير ، ثم قال : من تاب إذا بلغت نفسه هذه ـ يعني حلقه ـ تاب الله عليه. « ص ١٧٣ »

ين : ابن أبي عمير ، عن سلمة ، عن جابر ، عنه عليه‌السلام مثله.

٣٤ ـ ثو : ماجيلويه ، عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : إن لله عزوجل فضولا من رزقه ينحله من يشاء من خلقه ، (١) والله باسط يديه عند كل فجر لمذنب الليل هل يتوب فيغفر له؟ ويبسط يديه (٢) عند مغيب الشمس لمذنب النهار هل يتوب فيغفر له؟ « ص ١٧٣ ـ ١٧٤ »

٣٥ ـ سن : أبي رفعه قال : إن أميرالمؤمنين عليه‌السلام صعد المنبر بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس! إن الذنوب ثلاثة ، ثم أمسك ، فقال له حبة العرني : (٣) يا أمير المؤمنين (٤) فسرها لي ، فقال : ما ذكرتها إلا وأنا اريد أن افسرها ، ولكنه عرض لي بهر (٥) حال بيني وبين الكلام ، نعم الذنوب ثلاثة : فذنب مغفور ، وذنب غير مغفور ، وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه. قيل : يا أميرالمؤمنين فبينها لنا ، قال : نعم ، أما الذنب المغفور فعبد عاقبه الله تعالى على ذنبه في الدنيا فالله أحكم وأكرم أن يعاقب عبده مرتين ، وأما الذنب الذي لا يغفر فظلم العباد بعضهم

__________________

(١) أى يعطيه من يشاء.

(٢) بسط اليد هنا كناية عن البذل والاعطاء.

(٣) هو حبة ـ بالحاء المفتوحة والباء المشددة المفتوحة ـ ابن جوين ـ بالنون مصغرا كما في رجال الشيخ وتقريب ابن حجر ، أو بالراء كما في القاموس ـ أبوقدامة العرنى ـ بضم العين المهملة وفتح الراء ، منسوب إلى عرينة كجهينة قبيلة من العرب ـ عده الشيخ والعلامة وغيرهما من أصحاب أميرالمؤمنين عليه‌السلام من اليمن ، وقال ابن حجر في التقريب بعد عنوانه وضبطه : صدوق ، له أغلاط ، وكان غاليا في التشيع ، من الثانية ، مات سنة ست وقيل : تسع وسبعين.

(٤) في المصدر : يا أميرالمؤمنين قلت : الذنوب ثلاثة ثم امسكت ، فقال له : ما ذكرتها اه. م

(٥) البهر بضم الباء وسكون الهاء : انقطاع النفس من الاعياء.

٢٩

لبعض ، إن الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف ، ولو مسحة بكف ، ونطحة (١) ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء ، فيقتص الله للعباد بعضهم من بعض ، حتى لا يبقى لاحد عند أحد مظلمة ، ثم يبعثهم الله إلى الحساب ، وأما الذنب الثالث فذنب ستره الله على عبده و رزقه التوبة فأصبح خاشعا من ذنبه ، راجيا لربه فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرحمة ونخاف عليه العقاب. « ص ٧ »

بيان : لعل المراد بالكف أولا المنع والزجر ، وبالثاني اليد ، ويحتمل أن يكون المراد بهما معا اليد أي تضرر كف إنسان بكف آخر بغمز وشبهه ، أو تلذذ كف بكف ، والمراد بالمسحة بالكف ما يشتمل على إهانة وتحقير أو تلذذ ، ويمكن حمل التلذذ في الموضعين على ما إذا كان من امرأة ذات بعل ، أو قهرا بدون رضي الممسوح ، ليكون من حق الناس ، والجماء : التي لا قرن لها. قال في النهاية : فيه : إن الله ليدين الجماء من ذوات القرن. الجماء التي لا قرن لها. ويدين أي يجزي انتهى.

وأما الخوف بعد التوبة فلعله لاحتمال التقصير في شرائط التوبة.

٣٦ ـ ف : عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : تأخير التوبة اغترار ، وطول التسويف حيرة ، والاعتلال على الله هلكة ، والاصرار على الذنب أمن لمكر الله ، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون « ص ٤٥٦ »

٣٧ ـ يج : روي أن أبا جعفر (ع) كان في الحج ومعه ابنه جعفر (ع) فأتاه رجل فسلم عليه وجلس بين يديه ثم قال : إنى اريد أن أسألك ، قال : سل ابني جعفرا ، قال : فتحول الرجل فجلس إليه ثم قال : أسألك؟ قال : سل عما بدالك ، قال : أسألك عن رجل أذنب ذنبا عظيما ، قال : أفطر يوما في شهر رمضان متعمدا؟ قال : أعظم من ذلك ، قال : زنى في شهر رمضان؟ قال : أعظم من ذلك ، قال : قتل النفس؟ قال : أعظم من ذلك ، قال : إن كان من شيعة علي عليه‌السلام مشى إلى بيت الله الحرام وحلف أن لا يعود ، و إن لم يكن من شيعته فلا بأس ، فقال له الرجل : رحمكم الله يا ولد فاطمة ـ ثلاثا ـ هكذا

__________________

(١) نطح الثور ونحوه : أصابه بقرنه.

٣٠

سمعته من رسول الله (ص). ثم إن الرجل ذهب فالتفت أبوجعفر فقال : عرفت الرجل؟ قال : لا ، قال : ذلك الخضر إنما أردت أن اعرفكه.

بيان ، لعل في الخبر سقطا وإنما أوردته كما وجدته ، ويحتمل أن يكون السائل غرضه السؤال عن حال من جمع بين تلك الاعمال ، ويكون سؤاله عليه‌السلام على الاعجاز ، لعلمه بالمراد ، ويكون المراد بالجواب أن المقتول إن كان من الشيعة فليمش إلى البيت لكمال قبول التوبة وإلا فلا بأس ، ولو كان الضمير راجعا إلى القاتل فلابد من ارتكاب تكلف في قوله عليه‌السلام : فلا بأس به.

٣٨ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : التوبة حبل الله ومدد عنايته ، ولابد للعبد من مداومة التوبة على كل حال ، وكل فرقة من العباد لهم توبة ، فتوبة الانبياء من اضطراب السر ، وتوبة الاصفياء من التنفس ، وتوبة الاولياء من تلوين الخطرات ، وتوبة الخاص من الاشتغال بغير الله ، وتوبة العام من الذنوب ، ولكل واحد منهم معرفة وعلم في أصل توبته ومنتهى أمره ، وذلك يطول شرحه ههنا ، فأما توبة العام فأن يغسل باطنه بماء الحسرة ، والاعتراف بالجناية دائما ، واعتقاد الندم على ما مضى ، والخوف على ما بقي من عمره ، ولا يستصغر ذنوبه فيحمله ذلك إلى الكسل ، ويديم البكاء والاسف على ما فاته من طاعة الله ، ويحبس نفسه عن الشهوات ، ويستغيث إلى الله تعالى ليحفظه على وفاء توبته ، ويعصمه عن العود إلى ما سلف ويروض نفسه في ميدان الجهد والعبادة ، ويقضي عن الفوائت من الفرائض ، ويرد المظالم ، ويعتزل قرناء السوء ، ويسهر ليله ، و يظمأ نهاره ، ويتفكر دائما في عاقبته ، ويستهين بالله سائلا منه الاستقامة في سرائه و ضرائه ، ويثبت عند المحن والبلاء كيلا يسقط عن درجة التوابين ، فإن في ذلك طهارة من ذنوبه ، وزيادة في عمله ، ورفعة في درجاته ، قال الله عزوجل : « وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ».

بيان : من التنفس أي بغير ذكر الله ، وفي بعض النسخ على بناء التفعيل من تنفيس الهم أي تفريجه أي من الفرح والنشاط ، والظاهر أنه مصحف ، وتلوين الخطرات : إخطار الامور المتفرقة بالبال ، وعدم اطمينان القلب بذكر الله.

٣١

٣٩ ـ شى : عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : رحم الله عبدا لم يرض من نفسه أن يكون إبليس نظيرا له في دينه ، وفي كتاب الله نجاة من الردى ، وبصيرة من العمى ، ودليل إلى الهدى ، وشفاء لما في الصدور ، فيما أمركم الله به من الاستغفار مع التوبة قال الله : « والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون » وقال : « ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما » فهذا ما أمر الله به من الاستغفار ، واشترط معه بالتوبة والاقلاع عما حرم الله ، فإنه يقول : « إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه » وهذه الآية تدل على أن الاستغفار لا يرفعه إلى الله إلا العمل الصالح والتوبة.

٤٠ ـ شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : « ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون » قال : الاصرار أن يذنب العبد ولا يستغفر ولا يحدث نفسه بالتوبة ، فذلك الاصرار.

٤١ ـ شى : عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : « وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى » قال : لهذه الآية تفسير ، يدل ذلك التفسير على أن الله لا يقبل من عمل عملا إلا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير ، وما اشترط فيه على المؤمنين ، وقال : « إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة » يعني كل ذنب عمله العبد وإن كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه ، وقد قال في ذلك تبارك وتعالى ـ يحكي قول يوسف لاخوته ـ : « هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون » فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.

٤٢ ـ شى : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : « وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن » قال : هو الفرار تاب حين لم ينفعه التوبة ولم يقبل منه.

٤٣ ـ شى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا بلغت النفس هذه ـ وأهوى بيده إلى حنجرته ـ لم يكن للعالم توبة ، وكانت للجاهل توبة.

ين : ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عنه عليه‌السلام مثله.

٣٢

بيان : ظاهره الفرق بين العالم والجاهل في قبول التوبة عند مشاهدة أحوال الآخرة وهو مخالف لما ذهب إليه المتكلمون من عدم قبول التوبة في ذلك الوقت مطلقا ، وعدم الفرق في التوبة مطلقا بين العالم والجاهل ، ويمكن توجيهه بوجهين : الاول أن يكون المراد بالعالم من شاهد أحوال الآخرة ، وبالجاهل من لم يشاهدها لان بلوغ النفس إلى الحنجرة قد ينفك عن المشاهدة.

الثاني أن يكون المراد نفي التوبة الكاملة عن العالم في هذا الوقت دون الجاهل ، مع حمل تلك الحالة على عدم المشاهدة ، إذ العالم غير معذور في تأخيرها إلى هذا الوقت.

٤٤ ـ شى : عن جابر ، عن النبي (ص) قال : كان إبليس أول من ناح ، وأول من من تغنى ، وأول من حدا ، قال : لما أكل آدم من الشجرة تغنى ، قال : فلما اهبط حدا به ، قال : فلما استقر على الارض ناح فأذكره ما في الجنة ، فقال آدم : رب! هذا الذي جعلت بيني وبينه العداوة ، لم أقو عليه وأنا في الجنة ، وإن لم تعني عليه لم أقوا عليه ، فقال الله : السيئة بالسيئة ، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ، قال : رب زدني ، قال : لا يولد لك ولد إلا جعلت معه ملكا أو ملكين يحفظانه ، قال : رب زدني ، قال : التوبة معروضة (١) في الجسد ما دام فيها الروح ، قال : رب! زدني ، قال أغفر الذنوب ولا ابالي ، قال حسبي.

٤٥ ـ شى : عن أبى عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : رحم الله عبدا تاب إلى الله قبل الموت ، فإن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة ، ومنقذة من شفا (٢) الهلكة ، فرض الله بها على نفسه لعباده الصالحين ، فقال : « كتب ربكم على نفسه الرحمة إنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما.

__________________

(١) في نسخة : مفروضة.

(٢) شفا كعصا : طرف كل شئ وجانبه ، ويضرب به المثل في القرب من الهلاك.

٣٣

٤٦ ـ م : أتى أعرابي إلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أخبرني عن التوبة إلى متى تقبل؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن بابها مفتوح لابن آدم لا يسد حتى تطلع الشمس من مغربها ، وذلك قوله : « هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك » وهي طلوع الشمس من مغربها « يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ».

٤٧ ـ شى : عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول ـ في قوله : إنه كان للاوابين غفورا ـ : قال هم التوابون المتعبدون.

٤٨ ـ شى : عن أبى بصير قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فقال له رجل : بأبي و امي إني أدخل كنيفا لي ولي جيران ، وعندهم جوار يتغنين ويضربن بالعود ، فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن ، فقال : لا تفعل ، فقال الرجل : والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه باذني! فقال له » أنت أما سمعت الله : « إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا »؟ قال : بلى والله ، فكأني لم أسمع هذه الآية قط من كتاب الله من عجمي ولا من عربي ، لا جرم (١) إني لا أعود إن شاء الله ، وإني أستغفر الله فقال له : قم فاغتسل وصل ما بدالك ، فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسرأ حالك لو مت على ذلك! احمد الله وسله التوبة من كل ما يكره ، إنه لا يكره إلا القبيح ، (٢) والقبيح دعه لاهله فإن لكل أهلا.

٤٩ ـ ين : بعض أصحابنا ، عن علي بن شجرة ، عن عيسى بن راشد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ما من مؤمن يذنب ذنبا إلا اجل سبع ساعات ، فإن استغفر الله غفر له ، وإنه ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة فيستغفر الله فيغفر له ، وإن الكافر لينسى ذنبه لئلا يستغفر الله.

٥٠ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن الفضل بن إبراهيم

__________________

(١) لا جرم بفتح الجيم والراء ، أو بضم الجيم وسكون الراء ، أو ككرم أى لابد ، أو لا محالة أو حقا ، وقد تحول إلى معنى القسم فيقال : لا جرم لافعلن.

(٢) في نسخة : إلا كل القبيح.

٣٤

الاشعري ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن الصادق ، عن آبائه عن الحسن بن علي عليهم‌السلام في خبر طويل احتج فيه على معاوية قال : فأما القرابة فقد نفعت

المشرك وهي والله للمؤمن أنفع ، قال رسول الله (ص) لعمه أبي طالب ـ وهو في الموت : ـ لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة ، ولم يكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له ويعد إلا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا ـ أعني أبا طالب ـ يقول الله عزوجل : « وليست التوبة للذين يعلمون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك أعتدنا لهم عذابا أليما » الخبر. « ص ١٤ »

بيان : لعل هذا للالزام على العامة لقولهم بكفر أبي طالب عليه‌السلام ، ويحتمل أن يكون المراد أنه لما كان السؤال في ذلك الوقت مع علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله بإيمانه لعلم الناس بإيمانه ، فلو لم يكن للايمان في هذا الوقت فائدة لم يحصل الغرض.

٥١ ـ جع : قال النبي (ص) : التائب إذا لم يستبن أثر التوبة فليس بتائب : يرضي الخصماء ، ويعيد الصلوات ، ويتواضع بين الخلق ، ويتقي نفسه عن الشهوات ، ويهزل رقبته بصيام النهار ، ويصفر لونه بقيام الليل ، ويخمص بطنه (١) بقلة الاكل ، ويقوس ظهره من مخافة النار ، ويذيب عظامه شوقا إلى الجنة ، ويرق قلبه من هول ملك الموت ، و يجفف جلده على بدنه بتفكر الاجل ، فهذا أثر التوبة ، وإذا رأيتم العبد على هذه الصورة فهو تائب ناصح لنفسه.

٥٢ ـ وقال رسول الله (ص) : أتدرون من التائب؟ قالوا : اللهم لا ، قال : إذا تاب العبد ولم يرض الخصماء فليس بتائب ، ومن تاب ولم يزد في العبادة فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغير لباسه فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغير رفقاءه فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغير مجلسه (٢) فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغير فراشه ووسادته (٣) فليس بتائب

__________________

(١) خمص بطنه : فرغ وضمر.

(٢) في نسخة : مجلسه وطعامه.

(٣) مثلثة الواو : المخدة أو أعم منها كما في ففه اللغة للثعالبي ، فانه قال : المصدغة والمخدة *

٣٥

ومن تاب ولم يغير خلقه ونيته فليس بتائب ، ومن تاب ولم يفتح قلبه ولم يوسع كفه فليس بتائب ، ومن تاب ولم يقصر أمله ولم يحفظ لسانه فليس بتائب ، ومن تاب ولم يقدم (١) فضل قوته بدنه فليس بتائب ، وإذا استقام على هذه الخصال فذاك التائب.

٥٣ ـ نبه : جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : « ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون » قال : الاصرار أن يذنب ولا يحدث نفسه بتوبة ، فذاك الاصرار.

٥٤ ـ سيف بن يعقوب ، (٢) عن أبي عبدالله (ع) : المقيم على الذنب وهو منه مستغفر كالمستهزئ.

٥٥ ـ ابن فضال عمن ذكره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا والله ما أراد الله من الناس إلا خصلتين : أن يقروا له بالنعم فيزيدهم ، وبالذنوب فيغفرها لهم.

٥٦ ـ وعنه عليه‌السلام قال : والله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به. (٣)

٥٧ ـ وعن جعفر بن محمد (ع) قال : قال رسول الله (ص) : من أذنب ذنبا وهو ضاحك دخل النار وهو باك.

٥٨ ـ نهج : ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة ، ولا ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الاجابة ، ولا ليفتح على عبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة.

٥٩ ـ نهج : قال عليه‌السلام ـ لقائل بحضرته : أستغفر الله ـ : ثكلتك امك ، أتدري ما الاستغفار؟ إن الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان ، أولها الندم

__________________

* للرأس المنبذة التى تنبذ أى تطرح للزائر وغيره. النمرقة واحدة النمارق وهى التى تصف ، ـ وقد نطق بها القرآن ـ المسند : الوسادة التى يستند إليها ، المسورة : التى يتكأ عليها ، الحسبانة ما صغر منها ، الوسادة تجمعها كلها.

(١) في النسخ كلها : « ولم يقدم »بالقاف ، ولعله بالفاء من قولهم : فدم الابريق وعلى الابريق وضع الفدام عليه ، والفدام مصفاة صغيرة أو خرقة تجعل على فم الابريق ليصفى بها ما فيه.

(٢) الظاهر : يوسف بن يعقوب.

(٣) يأتى الحديث مسندا تحت رقم ٦٦ عن الاحمسى عمن ذكره.

٣٦

على ما مضى ، والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا ، والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس (١) ليس عليك تبعة ، والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها ، والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت (٢) فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد ، والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية ، فعند ذلك تقول : أستغفر الله.

بيان : ما سوى الاولين عند جمهور المتكلمين من شرائط كمال التوبة كما ستعرف.

٦٠ ـ نهج : وقال عليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه : لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل ، ويرجئ التوبة (٣) بطول الامل ـ وساق الكلام إلى أن قال عليه‌السلام ـ : إن عرضت له شهوة أسلف المعصية ، وسوف التوبة. (٤)

٦١ ـ نهج : وقال عليه‌السلام من اعطي أربعا لم يحرم أربعا : من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اعطي التوبة لم يحرم القبول ، ومن اعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة ، وتصديق ذلك في كتاب الله سبحانه ، قال الله عز وجل في الدعاء : « ادعوني أستجب الكم » وقال في الاستغفار : « ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما » وقال في الشكر : « إن شكرتم لازيدنكم » وقال في التوبة : « إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ».

ما : الحسين بن إبراهيم ، عن محمد بن وهبان ، عن محمد بن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمش ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله. (٥) « ص ٤٧ »

__________________

(١) الاملس : ضد الخشن ، قال ابن ميثم : استعار لفظ ألاملس لنفاء الصحيحة من الاثام.

(٢) بالضم : المال من كسب حرام ، وقال الثعالبي في فقه اللغة : كل حرام قبيح الذكر يلزم منه العار كثمن الكلب فهو سحت.

(٣) يرجئ بالتشديد أى يؤخر المعصية.

(٤) أسلف : قدم ، وسوف : أخر. والموعظة بتمامه في ص ١٨١ من ج ٢ ط مصر.

(٥) إلى قوله : وتصديق ذلك اه. م

٣٧

٦٢ ـ نهج : وسئل عليه‌السلام عن الخير ماهو؟ فقال : ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك ولكن الخير أن يكثر علمك ، (١) ويعظم حلمك ، وأن تباهي الناس بعبادة ربك ، فإن أحسنت حمدت الله ، وإن أسأت استغفرت الله ، ولا خير في الدنيا إلا لرجلين : رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة ، ورجل يسارع في الخيرات. (٢) ولا يقل عمل مع التقوى وكيف يقل ما يتقبل؟.

٦٣ ـ ين : النضر ، عن ابن سنان ، عن حفص قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات من النهار ، فإن هو تاب لم يكتب عليه شيئا وإن لم يفعل كتبت عليه سيئة ، فأتاه عباد البصري فقال له : بلغنا أنك قلت : ما من عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات من النهار؟ فقال : ليس هكذا قلت : ولكني قلت : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات من نهاره ، هكذا قلت.

٦٤ ـ ين : فضالة ، عن القاسم بن يزيد ، عن محمد بن مسلم قال : قال أبوجعفر (ع) إن من أحب عباد الله إلى الله المفتن التواب. (٣)

٦٥ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من عمل سيئة اجل فيها سبع ساعات من النهار ، فإن قال : « أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم » ثلاث مرات لم يكتب عليه.

٦٦ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن علي الاحمسي ، عمن ذكره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام إنه قال : والله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به.

٦٧ ـ ين : علي بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام : ألا إن الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب من رجل ضلت راحلته في أرض قفر وعليها طعامه وشرابه ، فبينما هو كذلك لا يدري ما يصنع ولا أين يتوجه حتى وضع رأسه لينام فأتاه آت فقال له : هل لك في راحلتك؟ قال : نعم ، قال : هوذه

__________________

(١) في نسخة : علمك وعملك.

(٢) الظاهر أن ما يأتى بعد كلام آخر له ، وليس ملحقا بما قبله.

(٣) في نسخة : المحسن التواب.

٣٨

فاقبضها ، فقام إليها فقبضها ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام : والله أفرح بتوبة عبده حين يتوب من ذلك الرجل حين وجد راحلته. (١)

٦٨ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن الكناني قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل ، « يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا » قال : يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود فيه. قال محمد بن الفضيل سألت عنها أبا الحسن عليه‌السلام فقال : يتوب من الذنب ثم لا يعود فيه ، وأحب العباد إلى الله المفتنون التوابون. « ج ٢ ص ٤٣٢ »

٦٩ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : « يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا » قال : هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا ، قلت : وأينا لم يعد؟ فقال : يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن (٢) التواب. « ج ٢ ص ٤٣٢ »

ين : ابن أبي عمير مثله.

٧٠ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : إن الله عز وجل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والارض لنجوا بها : قوله عزوجل : « إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين » فمن أحبه الله لم يعذبه ، وقوله : « الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم » وقوله عزوجل « والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب

__________________

(١) يأتى الحديث باسناد آخر عن ابى عبيدة تحت رقم ٧٣.

(٢) قال الجزرى في النهاية : «إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات» قال : فتنوهم بالنار ، أى امتحنوهم وعذبوهم ، ومنه الحديث «المؤمن خلق مفتنا» أى ممتحنا يمتحنه الله بالذنب ثم يتوب ، ثم يعود ثم يتوب ، يقال : فتنته افتنه فتنا وفتونا : إذا امتحنته. ويقال فيها : أفتنته أيضا ، وهو قليل.

٣٩

يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ». « ج ٢ ص ٤٣٢ ـ ٤٣٣ »

٧١ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن سلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له ، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة ، أما والله إنها ليست إلا لاهل الايمان. قلت : فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟ فقال : يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر الله تعالى منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته؟ قلت : فإنه فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب ويستغفر ، فقال : كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله. « ج ٢ ص ٤٣٤ ».

٧٢ ـ كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ابن ميمون ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « وإذا مسهم طائف (١) من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون »قال : هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك فذلك قوله : « تذكروا فإذا هم مبصرون ». ج ٢ ص ٤٣٤ ـ ٤٣٥ »

٧٣ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن أبي عبيدة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن الله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذلك الرجل براحتله حين وجدها. (٢) «ج ٢ ص ٤٣٥ »

٧٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عبدالله ابن عثمان ، عن أبي جميلة قال : قال أبوعبدالله : إن الله يجب المفتن التواب

__________________

(١) الطوف : المشى حول الشئ ، ومنه الطائف : لمن يدور حول البيت حافظا ، ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها ، قال تعالى : «إذا مسهم طائف من الشيطان » وهو الذى يدور على الانسان من الشيطان يريد اقتناصه. قاله الراغب في مفرداته.

(٢) تقدم الحديث باسناد آخر عن أبى عبيدة تحت رقم ٦٧ أبسط من هذا.

(٣) في المصدر : العبد المفتن التواب. م

٤٠