بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

تفسير : قوله تعالى : «ليقولن الله» إما لكونهم مجبولين مفطورين على الاذعان بذلك إذا رجعوا إلى أنفسهم ولم يتبعوا أسلافهم ، أو الخطاب مع كفار قريش فإنهم كانوا معترفين بأن الخالق هو الله ، وليس له شريك في الخلق لكنهم كانوا يجعلون الاصنام شريكا له في العبادة.

قوله تعالى : «أن هديكم للايمان» أي أراكم السبيل إليه بإرسال الرسل و وإنزال الكتب ، أو وفقكم لقبول ما أتت به الرسل والاذعان بها ، أو ألهمكم المعرفة كما هو ظاهر الاخبار.

١ ـ ب : معاوية بن حكيم ، عن البزنطي قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه‌السلام للناس في المعرفة صنع؟ قال : لا ، قلت : لهم عليها ثواب؟ قال : يتطول عليهم بالثواب كما يتطول عليهم بالمعرفة. «ص ١٥١»

ضا : عن العالم عليه‌السلام مثله.

٢ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن جعفر البغدادي عن أبي عبدالله الاصبهاني ، عن درست ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع : المعرفة ، والجهل ، والرضا ، والغضب ، والنوم ، واليقظة. «ج ١ ص ١٥٧»

سن : أبي رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام مثله. «ص ١٠»

٣ ـ يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن أبي نجران ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحيم القصير قال : كتبت علي يدي عبدالملك بن أعين فسألته عن المعرفة والجحود أهما مخلوقتان؟ فكتب عليه‌السلام : سألت عن المعرفة ما هي فاعلم رحمك الله أن المعرفة من صنع الله عزوجل في القلب مخلوقة ، والجحود صنع الله في القلب مخلوق وليس للعباد فيهما من صنع ولهم فيهما الاختيار من الاكتساب ، فبشهوتهم الايمان اختاروا المعرفة فكانوا بذلك مؤمنين عارفين ، وبشهوتهم الكفر اختاروا الجحود فكانوا بذلك كافرين جاحدين ضلالا وذلك بتوفيق الله لهم ، وخذلان من خذله الله ، فبالاختيار والاكتساب عاقبهم الله وأثابهم. الخبر. «ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨»

٢٢١

٤ ـ سن : أبي ، عن النضر ، عن الحلبي ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : (٢) قال : إني لاعلم أن هذا الحب الذي تحبونا ليس بشئ صنعتموه ولكن الله صنعه. «ص ١٤٩»

٥ ـ سن : ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، وفضل الاسدي ، عن عبدالاعلى مولى آل سام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لم يكلف الله العباد المعرفة ولم يجعل لهم إليها سبيلا. «ص ١٩٨»

٦ ـ سن : الوشاء ، عن أبان الاحمر ، عن عثمان ، عن الفضل أبي العباس بقباق قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «وكتب في قلوبهم الايمان» هل لهم في ذلك صنع؟ قال : لا. «١٩٩»

٧ ـ سن : الوشاء ، عن أبان الاحمر ، عن الحسن بن زياد قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الايمان هل للعباد فيه صنع ، قال : لا ولا كرامة ، بل هو من الله وفضله. «ص ١٩٩»

٨ ـ سن : محمد بن خالد ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن أيوب بن الحر ، عن الحسن بن زياد قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله : «حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم» هل للعباد بما حبب صنع؟ قال : لا ولا كرامة. «ص ١٩٩»

٩ ـ سن : أبي خداش المهدي ، (٣) عن الهيثم بن حفص ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ليس على الناس أن يعلموا حتى يكون الله هو المعلم لهم ، فإذا أعلمهم(٤) فعليهم أن يعلموا. «ص ٢٠٠»

١٠ ـ سن : عدة عن عباس بن عامر ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير قال :

________________

(١) ليس في المصدر «عن ابى بصير» بل روى الحديث ابوالمغرا عن ابى جعفر عليه‌السلام بلا واسطة م

(٢) في المصدر عن ابيجعفر عليه‌السلام قال : انى لاعلم. م

(٣) يحتمل قويا كون لفظة المهدى مصحف « المهرى » ومهرة محلة بالبصرة ، وأبو خداش كنية لعبد الله بن خداش المهرى البصرى ، الذى ضعفه النجاشى وقال : في مذهبه ارتفاع. وحكى الكشى عن الطيالسى توثيقه.

(٤) في المصدر : فاذا علمهم. م

٢٢٢

سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن الله خلق خلقه فخلق قوما لحبنا لو أن أحدهم خرج من هذا الرأي لرده الله إليه وإن رغم أنفه ، وخلق خلقا(١) لبغضنا لا يحبوننا أبدا. «ص ٢٠٠»

١١ ـ ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : فطرة الله التي فطر الناس عليها قال : التوحيد. «ص ٥٩»

١٢ ـ سن : أبي ، عن صفوان قال : قلت لعبد صالح(٢) : هل في الناس استطاعة يتعاطون بها المعرفة؟ قال : لا إنما هو تطول من الله. قلت : أفلهم على المعرفة ثواب إذا كان(٣) ليس فيهم ما يتعاطونه بمنزلة الركوع والسجود الذي امروا به ففعلوه؟ قال لا إنما هو تطول من الله عليهم وتطول بالثواب. «ص ٢٨١»

١٣ ـ سن : أبي ، عن فضالة ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : «وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم» قال : كان ذلك معاينة الله(٤) فأنساهم المعاينة وأثبت الاقرار في صدورهم ، ولولا ذلك ما عرف أحد خالقه ولا رازقه ، وهو قول الله : «ولئن سئلتهم من خلقهم ليقولن الله». «ص ٢٨١»

بيان : المعاينة مجاز عن المواجهة بالخطاب أي خلق الكلام قبالة وجههم فنسوا تلك الحالة ، وثبتت المعرفة في قلوبهم. (٥) ثم اعلم أن أخبار هذا الباب وكثيرا

________________

(١) : في المصدر : قوما. م

(٢) الظاهر : «للعبد الصالح» وهو كناية عن موسى بن جعفر عليه‌السلام. م

(٣) في المصدر : كانوا. م

(٤) في المصدر : معاينة لله. م

(٥) قد تقدم في أخبار الرؤية وجوامع التوحيد من كتاب التوحيد ما يظهر به معنى هذه المعاينة وهو العلم اليقينى بالله سبحانه من غير وساطة تفكر عقلى وتصور خيالى أو وهمى أو اتصال حسى ومن غير لزوم تجسيم أو تحديد فارجع وتأمل. ولا يخلو موجود ذو شعور بل موجود مخلوق عن هذا العلم فلا حجاب بينه وبين خلقه كما في الروايات. ط

٢٢٣

من أخبار الابواب السابقة تدل على أن معرفة الله تعالى بل معرفة الرسول والائمة صلوات الله عليهم وسائر العقائد الدينية موهبية وليست بكسبية ، ويمكن حملها على كمال معرفته ; أو المراد أنه تعالى احتج عليهم بما أعطاهم من العقول ولا يقدر أحد من الخلق حتى الرسل على هداية أحد وتعريفه ; أو المراد أن المفيض للمعارف هو الرب تعالى ، وإنما أمر العباد بالسعي في أن يستعدوا لذلك بالفكر والنظر كما يشير إليه خبر عبد الرحيم ; أو يقال : هي مختصة بمعرفة غير ما يتوقف عليه العلم بصدق الرسل فإن ما سوى ذلك إنما نعرفه بما عرفنا الله على لسان أنبيائه وحججه صلوات الله عليهم ; أو يقال : المراد بها معرفة الاحكام الفرعية لعدم استقلال العقل فيها ; أو المعنى أنها إنما تحصل بتوفيقه تعالى للاكتساب ، هذا ما يمكن أن يقال في تأويلها مع بعد أكثرها. (١) والظاهر منها أن العباد إنما يكلفون بالانقياد للحق وترك الاستكبار عن قبوله ، فأما المعارف فإنها بأسرها مما يلقيه الله تعالى في قلوب عباده بعد اختيارهم للحق ، ثم يكمل ذك يوما فيوما بقدر أعمالهم وطاعاتهم حتى يوصلهم إلى درجة اليقين ، وحسبك في ذلك ما وصل إليك من سيرة النبيين وأئمة الدين في تكميل أممهم وأصحابهم ، فإنهم لم يحيلوهم على الاكتساب والنظر وتتبع كتب الفلاسفة والاقتباس من علوم الزنادقة ، بل إنما دعوهم أولا إلى الاذعان بالتوحيد وسائر العقائد ، ثم دعوهم إلى تكميل النفس بالطاعات والرياضات حتى فازوا بأعلى درجات السعادات.

________________

(١) لا يخفى أن الارادة التي هى مناط الاختيار لا تتعلق بشئ الا عن تصور وتصديق سابق اجمالا أو تفصيلا فمن المحال أن يتعلق الارادة باصل المعرفة والعلم فيكون اختياريا من صنع العبد كافعال الجوارح وهذا هو الذى تذكره الروايات. واما تفاصيل العلم والمعرفة فهى كسبية اختيارية بالواسطة بمعنى أن الفكر في المقدمات يجعل الانسان مستعدا لافاضة النتيجة منه تعالى ، والعلم مع ذلك ليس فعلا من افعال الانسان ، ولتفصيل الكلام محل آخر يرجع إليه. ط

٢٢٤

*«باب ١٠»*

*«الطينة والميثاق»*

الايات ، الاعراف «٧» وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ١٧٢ ـ ١٧٣.

الاحزاب «٣٣» وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم و موسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسئل الصادقين عن صدقهم و أعد للكافرين عذابا أليما ٧ ـ ٨.

١ ـ سن : أبي ، عن صالح بن سهل قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك من أي شئ خلق الله طينة المؤمن؟ قال من طينة الانبياء فلن ينجس أبدا. «ص ١٣٣»

٢ ـ سن : بهذا الاسناد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : المومنؤن من طينة الانبياء؟ قال : نعم. «ص ١٣٣»

٣ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن فضالة ، (١) عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنا وشيعتنا خلقنا من طينة من عليين(٢) وخلق عدونا من طينة خبال من حمأ مسنون. «ص ٩٢»

بيان : قال الجزري : فيه : من شرب الخمر سقاه الله من طينة الخبال يوم القيامة جاء تفسيره في الحديث أن الخبال : عصارة أهل النار ، والخبال في الاصل : الفساد. وقال الفيروز آبادي : الخبال كسحاب : النقصان ، والهلاك ، والعناء ، والكل ، والعيال والسم القاتل ، وصديد أهل النار. وقال : الحمأ محركة : الطين الاسود المنتن. وقال : المسنون : المنتن.

________________

(١) في المصدر : عن فضالة عن على بن ابى طالب ; وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليهما‌السلام.

(٢) اسم لاعلى الجنان. وقيل : بل ذلك في الحقيقة اسم لسكانها.

٢٢٥

٤ ـ ما : شيخ الطائفة ، عن أبي منصور السكري : عن جده علي بن عمر ، عن إسحاق بن مروان القطان ، عن أبيه ، عن عبيد بن مهران العطار ، عن يحيى بن عبدالله ابن الحسن ، عن أبيه ، وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : عن أبيهما ، عن جدهما قالا : قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن في الفردوس لعينا أحلى من الشهد ، وألين من الزبد ، وأبرد من الثلج وأطيب من المسك ، فيها طينة خلقنا الله عزوجل منها وخلق منها شيعتنا ، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا ، وهي الميثاق الذي أخذ الله عزوجل عليه ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام. قال عبيد : فذكرت لمحمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام هذا الحديث فقال : صدقك يحيى بن عبدالله ; هكذا أخبرني أبي ، عن جدي ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . (١) «ص ١٩٤»

٥ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ; وحدثنا أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل لما أخرج ذرية آدم عليه‌السلام من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية وبالنبوة(٢) لكل نبي كان أول من أخذ عليهم الميثاق بالنبوة نبوة محمد بن عبدالله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال الله جل جلاله لآدم عليه‌السلام : انظر ماذا ترى؟ قال : فنظر آدم إلى ذريته وهم ذر قد ملؤوا السماء فقال آدم : يارب ما أكثر ذريتي! ولامر ما خلقتهم؟(٣) فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم؟ فقال الله عزوجل : ليعبدونني ولا يشركون بي شيئا ، ويؤمنون برسلي و يتبعونهم ، قال آدم عليه‌السلام : فمالي(٤) أرى بعض الذر أعظم من بعض ، وبعضهم له نور قليل ، وبعضهم ليس له نور؟ قال الله عزوجل : وكذلك خلقتهم لابلوهم في كل حالاتهم ; قال آدم عليه‌السلام : يا رب فتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قال الله جل جلاله : تكلم فإن روحك من روحي وطبيعتك من خلاف كينونتي. قال آدم : يا رب لو كنت خلقتهم

________________

(١) يأتى الحديث عن أمالى الشيخ بسند آخر تحت رقم ٢٨ وفى ذيله تفسير للخبر.

(٢) في نسخة : وبالنبوية.

(٣) وفى نسخة : ولاى أمر خلقتهم.

(٤) في المصدر : قال آدم عليه‌السلام يا رب فمالى. م

٢٢٦

على مثال واحد ، وقدر واحد ، وطبيعة واحدة ، وجبلة واحدة ، وألوان واحدة ، وأعمار واحدة ، وأرزاق سواء لم يبغ بعضهم على بعض ، ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شئ من الاشياء ، فقال الله جل جلاله : يا آدم بروحي نطقت ، وبضعف طبعك تكلفت مالا علم لك به وأنا الله الخلاق(١) العليم ، بعلمي خالفت بين خلقهم ، وبمشيتي أمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري هم صائرون ، لا تبديل لخلقي وإنما خلقت الجن والانس ليعبدوني ، وخلقت الجنة لمن عبدني وأطاعني منهم واتبع رسلي ولا أبالي ، وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا ابالي ، وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم ، وإنما خلقتك وخلقتهم لابلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم ، وكذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار ، وكذلك أردت في تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم (٢) وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم ; فجعلت منهم السعيد والشقي ، والبصير والاعمى ، والقصير والطويل ، والجميل والذميم ، والعالم والجاهل ، والغني والفقير ، والمطيع والعاصي ، والصحيح والسقيم ، ومن به الزمانة ومن لا عاهة به;(٣) فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته ، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اعافيه ويصبر على بلائه(٤) فأثيبه جزيل عطائي ، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني ، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني ، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته ، فلذلك خلقتهم لابلوهم في السراء والضراء وفيما عافيتهم وفيما ابتليتهم وفيما أعطيتهم وفيما أمنعهم(٥) وأنا الله الملك القادر ، ولي أن امضي جميع ما قدرت على ما دبرت ، وإلي أن اغير عن ذلك ما شئت إلى ما شئت فأقدم من

________________

(١) في نسخة : الخالق.

(٢) في نسخة : وأجسادهم

(٣) الزمانة : عدم بعض الاعضاء ; تعطيل القوى. العاهة : الافة.

(٤) في المصدر : على بلائى فاثيبه على جزيل عطائى. م

(٥) وفى نسخة : وفيما اعافيهم ، وفيما ابتليهم ، وفيما اعطيهم ، وفيما منعتهم.

٢٢٧

ذلك ما اخرت واؤخر من ذلك ما قدمت ، وأنا الله الفعال لما أريد ، لا أسأل عما أفعل ، وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون. «ص ١٥»

ختص : هشام بن سالم مثله.

بيان : قوله تعالى : من روحي أي من الروح الذي اصطفيته وانتجبته ، أي من عالم المجردات أو من عالم القدس ، وطبيعتك من عالم الخلق والجسمانيات ، أو مما هو معدن الشهوات والجهالات فبطبيعتك وبشريتك سألت ما سألت. والذميم : المذموم ، وفي بعض النسخ بالدال المهملة ، يقال : رجل دميم أي قصير قبيح.

٦ ـ ع : آبي رحمه اله ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن أحمد السياري ، عن محمد بن عبدالله بن مهران الكوفي؟ عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الليثي قال : قلت لابي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام : يابن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيلوط؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيسرق؟ قال : لا ، قلت : فيشرب الخمر؟ قال : لا ; قلت : فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال : لا ; قلت : فيذنب ذنبا؟ قال : نعم وهو مؤمن مذنب مسلم ; قلت : ما معنى مسلم؟ قال : المسلم بالذنب لا يلزمه ولا يصير عليه ، (١) قال فقلت : سبحان الله ما أعجب هذا! لا يزني ولا يلوط ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي كبيرة (٢) من الكبائر ولا فاحشة؟! فقال : لا عجب من أمر الله ، إن الله عزوجل يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ; فمم عجبت ياإبراهيم؟ سل ولا تستنكف ولا تستحسر(٣) فإن هذا العلم لا يتعلمه مستكبر ولا مستحسر ; قلت : يابن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب ، ويقطع الطريق ، ويحيف السبيل ، ويزني ويلوط ، ويأكل الربا ، ويرتكب الفواحش ، ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ، ويقطع الرحم. ويأتي الكبائر ، فكيف هذا؟ ولم ذاك؟ فقال : يا إبراهيم هل يختلج(٤) في صدرك شئ غير هذا؟ قلت : نعم يا بن رسول الله

________________

(١) وفى نسخة : ولا يصر عليه.

(٢) في المصدر : بكبيرة. م

(٣) استحسر : تعب وأعيا. وفى نسخة : ولا تستح. وكذا فيما بعده

(٤) اختلج الشئ في صدره : شغله وتجاذبه.

٢٢٨

اخرى أعظم من ذلك ; فقال : وما هو يا أبا إسحاق قال : فقلت : يابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ، ويخرج الزكاة ، ويتابع بين الحج والعمرة ، ويحض على الجهاد ، ويأثر على البر وعلى صلة الارحام ، ويقضي حقوق إخوانه ، ويواسيهم من ماله ، (١) ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وسائر الفواحش ، فمم ذاك؟ ولم ذاك؟ فسره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي!

قال : فتبسم صلوات الله عليه ثم قال : ياإبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت ، وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره ، أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما؟ قلت : يابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو اعطي أحدهم مما(٢) بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن ولايتكم ومحبتكم إلى موالات غيركم وإلى محبتهم ما زال ، ولو ضربت خياشيمه(٣) بالسيوف فيكم ، ولو قتل فيكم ما ارتدع(٤) ولا رجع عن محبتكم وولايتكم ; وأرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع ، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك(٥) وتغير لونه ، ورئي كراهية ذلك في وجهه ، بغضا لكم ومحبة لهم.

قال : فتبسم الباقر عليه‌السلام ثم قال : يا إبراهيم ههنا(٦) هلكت العاملة الناصبة ، تصلى نارا حامية ، تسقى من عين آنية ، (٧) ومن أجل ذلك قال عزوجل : «وقدمنا إلى

________________

(١) أى يعاونهم من ماله.

(٢) في نسخة : ما.

(٣) جمع الخيشوم : أقصى الانف.

(٤) في نسخة : ما ابتدع.

(٥) أى انقبض ونفر كراهة منه.

(٦) في المصدر : من ههنا. م

(٧) أى بلغ إناه في شدة الحر.

٢٢٩

ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا» (١) ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة في ذلك؟ وما الذي قد خفي على الناس منه؟ قلت : يابن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه.

قال : يا إبراهيم إن الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الاشياء لا من شئ ومن زعم أن الله عزوجل خلق الاشياء من شئ فقد كفر لانه لو كان ذلك الشئ الذي خلق منه الاشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك أزليا ; بل خلق الله عزوجل الاشياء كلها لا من شئ ، فكان مما خلق الله عزوجل أرضا طيبة ، ثم فجر منها ماءا عذبا زلالا ، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها ، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ، ثم نضب ذلك الماء عنها ، (٢) وأخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الائمة عليهم‌السلام ، ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ، ولو ترك طينتكم ياإبراهيم على حاله كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئا واحدا.

قلت : يا بن رسول الله فما فعل بطينتنا؟ قال : أخبرك يا إبراهيم خلق الله عز وجل بعد ذلك أرضا سبخة(٣) خبيثة منتنة ، ثم فجر منها ماءا أجاجا ، آسنا ، مالحا ، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت ولم تقبلها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ، ثم نضب ذلك الماء عنها ، ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأئمتهم ، ثم مزجه بثفل طينتكم ، ولو ترك طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة ولا أشبهوكم في الصور ، وليس شئ أكبر على المؤمن من أن يرى صورة عدوه مثل صورته.

قلت : يابن رسول الله فما صنع بالطينتين؟ قال : مزج بينهما بالماء الاول والماء الثانى ، ثم عركها عرك الاديم ، ثم أخذ من ذلك قبضة فقال : هذه إلى الجنة ولا أبالي وأخذ قبضة أخرى وقال : هذه إلى النار ولا أبالي ; ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن

________________

(١) الهباء : دقاق التراب وما نبت في الهواء ، فلا يبدو إلا في أثناء ضوء الشمس في الكوة.

(٢) أى نزح ماؤه ونشف.

(٣) أى أرضا ذات نز وملح.

٢٣٠

وطينته على سنخ الكافر وطينته ، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته ، فما رأيته من شيعتنا من زنا ، أو لواط ، أو ترك صلاة ، أو صيام ، أو حج ، أو جهاد ، أو خيانة ، أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المئاثم والفواحش والكبائر ; وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المئاثم ، فإذا عرضت هذه الاعمال كلها على الله عزوجل قال : أنا عدل لا أجور ، ومنصف لا أظلم ، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا أشطط ، (١) الحقوا الاعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته ، وألحقوا الاعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها إلى اصلها ، فإني أنا الله لا إله إلا أنا ، عالم السر وأخفى وأنا المطلع على قلوب عبادي ، لا أحيف ولا أظلم ولا ألزم أحدا إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه. ثم قال الباقر عليه‌السلام : يا إبراهيم أقرأ هذه الآية ، قلت : يابن رسول الله أية آية؟ قال : قوله تعالى : «قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون» هو في الظاهر ما تفهمونه ، وهو والله في الباطن هذا بعينه ، يا إبراهيم إن للقرآن ظاهرا وباطنا ، ومحكما ومتشابها ، وناسخا ومنسوخا.

ثم قال : أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان ، أهو بائن من القرص؟ قلت : في حال طلوعه بائن ; قال : أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه؟ قلت : نعم ، قال : كذلك يعود كل شئ إلى سنخه و جوهره وأصله ، فإذا كان يوم القيامة نزع الله عزوجل سنخ الناصب وطينته مع أثقاله وأوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب ، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته و أبواب بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن. أفترى ههنا(٢) ظلما وعدوانا؟ قلت : لا يابن رسول الله ; قال : هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع والعدل البين ،

________________

(١) الحيف : الجور والظلم. ومال الحاكم في حكمه : جار وظلم. وشطط الرجل : أفرط وتباعد عن الحق.

(٢) في المصدر : افترى هذا. م

٢٣١

لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، هذا ـ يا إبراهيم ـ الحق من ربك فلا تكن من الممترين هذا من حكم الملكوت. (١)

قلت : يابن رسول الله وما حكم الملكوت؟ قال : حكم الله وحكم أنبيائه ، و قصة الخضر وموسى عليهما‌السلام حين استصحبه فقال : «إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا».

افهم يا إبراهيم واعقل ، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله(٢) حتى قال له الخضر يا موسى ما فعلته عن أمري ، إنما فعلته عن أمر الله عزوجل ، من هذا ـ ويحك يا إبراهيم ـ قرآن يتلى ، وأخبار تؤثر عن الله عزوجل ، من رد منها حرفا فقد كفر و أشرك ورد على الله عزوجل.

قال الليثي : فكأني لم أعقل الآيات ـ وأنا أقرؤها أربعين سنة ـ إلا ذلك اليوم ، فقلت : يابن رسول الله ما أعجب هذا! تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم ، وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم؟ قال : إي والله الذي لا إله إلا هو ، فالق الحبة ، وبارئ النسمة ، وفاطر الارض والسماء ، ماأخبرتك إلا بالحق : وما أتيتك إلا بالصدق ، وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد ، وإن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله. قلت : هذا بعينه يوجد في القرآن؟ قال : نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن ، أتحب أن أقرأ ذلك عليك؟ قلت : بلى يابن رسول الله ; فقال : قال الله عزوجل : «وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم» الآية. أزيدك يا إبراهيم؟ قلت : بلى يابن رسول الله قال : ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون «أتحب أن أزيدك؟ قلت : بلى يابن رسول الله ، قال : «فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا

________________

(١) الملكوت : الملك العظيم. العز والسلطان. والملكوت السماوى هو محل القديسين في السماء.

(٢) استفظع الامر أى وجده فظيعا ، والامر الفظيع : الذى اشتدت شناعته وجاوز المقدار في ذلك.

٢٣٢

رحيما« يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات ، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات ; وجلال الله ووجه الله إن هذا لمن عدله وإنصافه لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم.

ألم أبين لك أمرا لمزاج والطينتين من القرآن؟ قلت : بلى يابن رسول الله ; قال : اقرأ يا إبراهيم : «الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم(١) إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذا أنشأكم من الارض» يعنى من الارض الطيبة والارض المنتنة «فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى» يقول : لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه لان الله عزوجل أعلم بمن اتقى منكم ، فإن ذلك من قبل اللمم و هو المزاج. (٢)

أزيدك يا إبراهيم؟ قلت : بلى يابن رسول الله ; قال : «كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله» يعني أئمة الجور دون أئمة الحق «ويحسبون أنهم مهتدون» خذها إليك يا أبا إسحاق ، فوالله إنه لمن غرر أحاديثنا وباطن سرائرنا ومكنون خزائنا وانصرف ولا تطلع على سرنا أحدا إلا مؤمنا مستبصرا فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك. (٣) «ص ٢٠١ ـ ٢٠٣»

بيان : قال الفيروز آبادي : أثر على الامر كفرح : عزم ; وله : تفرق. وقال : الآسن من الماء : الآجن وقال : عركه : دلكه وحكه.

ولعل المراد بالاديم هنا الطعام المأدوم «ثم» في قوله : «ثم أخذ» للترتيب الذكري ولتفصيل ما أجمل سابقا.

________________

(١) اللمم : مقاربة الذنب من غير أن يقع فيه ، من قولك : ألممت بكذا : أى نزلت به وقاربته من غير مواقعة ، ويعبر به عن الصغيرة ، ويأتى أيضا بمعنى جنون خفيف ، أو طرف من الجنون يلم بالانسان.

(٢) أى الافتخار بكثرة الصلاة وغيرها من العبادات من قبل اللمم وهو المزاج ، والظاهر أنه عليه‌السلام أراد باللمم المعنى الثانى الذى ذكرناه ; أو ما قاربه مما يكون لازما للطبع ومسندا إلى المزاج.

(٣) وختم بهذا الحديث الشريف كتاب علل الشرايع. م

٢٣٣

ثم أعلم أن هذا الخبر وأمثاله مما يصعب على القلوب فهمه وعلى العقول إدراكه ويمكن أن يكون كناية عما علم الله تعالى وقدره من اختلاط المؤمن والكافر في الدنيا واستيلاء أئمة الجور وأتباعهم على أئمة الحق وأتباعهم ، وعلم أن المؤمنين إنما يرتكبون الآثام لاستيلاء أهل الباطل عليهم ، وعدم تولي أئمة الحق بسياستهم فيعذرهم بذلك ويعفو عنهم ، ويعذب أئمة الجور وأتباعهم بتسببهم لجرائم من خالطهم مع ما يستحقون من جرائم أنفسهم ، والله يعلم وحججه صلوات الله عليهم. (١)

٧ ـ فس : علي بن الحسين ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن معمر ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل «هذا نذير من النذر الاولى» قال : إن الله تبارك وتعالى ما ذرأ الخلق في الذر الاول فأقامهم صفوفا قدامه بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فآمن به قوم ، وأنكره قوم ، (٢) فقال الله : «هذا نذير من النذر الاولى» يعني به محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث دعاهم إلى الله عزوجل في الذر الاول. «ص ٦٥٦»

٨ ـ فس : علي بن الحسين ، عن البرقي ، عن ابن محبوب ، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن قوله : «فمنكم كافر ومنكم مؤمن» فقال : عرف الله عزوجل إيمانهم بولايتنا ، وكفرهم بتركها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذر في صلب آدم عليه‌السلام. «ص ٦٨٢»

ير : أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب مثله. (٣) «ص ٢٢»

٩ ـ فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في هذه الآية : «وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا» يعنى من جرى فيه شئ من شرك الشيطان على الطريقة يعني على الولاية في الاصل عند الاظلة حين أخد الله ميثاق بني آدم (٤) «أسقيناهم

________________

(١) استيفاء البحث عن مسألة نقل الاعمال الذى يدل عليه الرواية وما يناظره من النقل والتعويض تعرضنا له في الجزء الثانى من تفسير الميزان وسنستوفى تمام البحث في تفسير سورة الانفال ان شاء الله تعالى. ط

(٢) في المصدر : قوم آخر.

(٣) فيه بادنى تغيير : فمنكم مؤمن ومنكم كافر فقال عرف الله والله ايمانهم بولايتنا وكفرهم بها

يوم اخذ الله عليهم الميثاق في صلب آدم وهم ذر. هذه تمام الحديث في المصدر.

(٤) في المصدر : ذرية آدم. م

٢٣٤

ماء غدقا» يعني لكنا وضعنا أظلتهم في الماء الفرات العذب. «ص ٧٠٠ ـ ٧٠١»

بيان : قوله عليه‌السلام : يعني من جرى أي لما كانت لفظة «لو» دالة على عدم تحقق الاستقامة فالمراد بهم من جرى فيهم شرك الشيطان من المنكرين للولاية ، وحاصل الخبر أن المراد بالآية أنهم لو كانوا أقروا في عالم الظلال والارواح بالولاية لجعلنا أرواحهم في أجساد مخلوقة من الماء العذب. فمنشأ اختلاف الطينة هو التكليف الاول في عالم الارواح عند الميثاق.

١٠ ـ فس : أبي ، عن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله خلقنا من أعلا عليين ، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك ، فقلوبهم تهوي إلينا وأنها خلقت مما خلقنا منه ; ثم تلا قوله : «كلا إن كتاب الابرار لفي عليين وما أدريك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون». «ص ٧١٧»

١١ – ع : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن أبي نهشل عن محمد بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل خلقنا. الخبر «ص ٥٠»

سن : أبي ، عن أبي نهشل ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة مثله. «ص ١٣٢» بيان : قد اختلف في تفسير عليين فقيل : هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة. وقيل : السماء السابعة. وقيل : سدرة المنتهى. وقيل : الجنة. وقيل : لوح من زبرجد أخضر ، معلق تحت العرش ، أعمالهم مكتوبة فيه. وقال الفراء : أي في ارتفاع بعد ارتفاع لا غاية له. والمراد أن كتابة أعمالهم أو ما يكتب من أعمالهم في عليين أي في دفتر(١) أعمالهم أو المراد أن دفتر أعمالهم في تلك الامكنة الشريفة ، وعلى الاخير فيه حذف مضاف أي وما أدريك ما كتاب عليين ; والظاهر أن مفاد الخبر أن دفتر أعمالهم موضوع في مكان أخذت منه طينتهم ، ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب الروح لانه محل للعلوم ترتسم فيها.

________________

(١) : مجموع الصحف المضمومة ، والكلمة من الدخيل.

٢٣٥

١٢ ـ فس : أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن سنان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أول من سبق من الرسل إلى بلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك وتعالى ، وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل : ـ لما اسري به إلى السماء ـ تقدم يا محمد فقد وطأت موطئا لم تطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل. (١) ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه ، فكان من الله عزوجل كما قال الله : «قاب قوسين أو أدنى» أي بل أدنى(٢) فلما خرج الامر من الله وقع إلى أوليائه عليهم‌السلام فقال الصادق عليه‌السلام : كان الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية ، ولرسوله بالنبوة ، ولامير المؤمنين والائمة بالامامة ، فقال : ألست بربكم ، ومحمد نبيكم ، وعلي إمامكم ، والائمة الهادون أئمتكم؟ فقالوا : بلى ، فقال الله : «شهدنا أن تقولوا يوم القيمة» أي لئلا تقولوا يوم القيامة «إنا كنا عن هذا غافلين» فأول ما أخذ الله عزوجل الميثاق على الانبياء بالربوبية ، (١) وهو قوله : «وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم» فذكر جملة الانبياء ، ثم أبرز أفضلهم بالاسامي فقال : «ومنك» يا محمد ، فقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لانه أفضهلم ، «ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم» فهؤلاء الخمسة أفضل الانبياء ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضلهم ، ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله على الانبياء له بالايمان به ، وعلى أن ينصروا أمير المؤمنين ، فقال : «وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جائكم رسول مصدق لما معكم» يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «لتؤمنن به ولتنصرنه» يعني آمير المؤمنين صلوات الله عليه تخبروا اممكم بخبره وخبر وليه من الائمة. «ص ٢٢٩ ـ ٢٣٠»

١٣ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام

________________

(١) في المصدر : لم يطأه احد قبلك ملك ولا نبى مرسل. م

(٢) أراد عليه‌السلام في هذا التفسير القرب المعنوى لا المكانى ، وفسرت الاية بأن الدنو و التدلى كان بينه صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين جبرئيل عليه‌السلام وسياق الايات قبلها وبعدها يؤيده.

(٣) في المصدر : له بالربوبية. م

٢٣٦

وعن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : «لتؤمنن به ولتنصرنه» قال : ما بعث الله نبيا عن آدم (١) فهلم جرا إلا ويرجع إلى الدنيا فيقاتل وينصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين ، ثم أخذ أيضا ميثاق الانبياء على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : قل يا محمد «آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ». «ص ٢٣٠»

١٤ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : «وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا» قلت : معاينة كان هذا؟ قال : نعم ، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقة ، فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه ، فقال الله : «فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل». «ص ٢٣٠»

١٥ ـ أقول : روى الشيخ أحمد بن فهد في المهذب وغيره بإسنادهم عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لي : يا معلى يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله ميثاق العباد أن يعبدوه ، ولا يشركوا به شيئا ، وأن يدينوا برسله وحججه وأوليائه عليهم‌السلام. الخبر.

١٦ ـ فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن ثابت الحداد(٣) عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام في خبر طويل : قال الله تبارك وتعالى للملائكة : «إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين» قال : وكان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم ، قال : فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب

________________

(١) في المصدر : من لدن آدم. م

(٢) قد حكينا سابقا عن الكشى أن عبدالله بن مسكان لم يرو عن أبى عبدالله عليه‌السلام إلا حديث «من أدرك المشعر فقد أدرك الحج » ففى سائر رواياته عنه عليه‌السلام ظن إرسال.

(٣) هو ثابت بن هرمز ، أبوالمقدام العجلى ، والد عمرو بن أبى المقدام ، عدة الكشى في التبرية. ولم يثبت توثيقه ولا توثيق ابنه.

٢٣٧

الفرات ـ وكلتا يديه يمين ـ فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها : منك أخلق النبيين و المرسلين ، وعبادي الصالحين ، والائمة المهتدين ، والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم الدين ولا ابالى ، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون. ثم اغترف غرفة اخرى من الماء المالح الاجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها : منك أخلق الجبارين ، والفراعنة ، والعتاة ، وإخوان الشياطين ، والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة وأشياعهم ولا أبالي ، ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون. قال : وشرط في ذلك البداء فيهم ، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء ، ثم خلط المائين جميعا في كفه فصلصلهما ثم كفأهما قدام عرشه وهما سلالة من طين. الخبر «ص ٣٣ ـ ٣٤»

شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر مثله. «ص ٤٦»

بيان : قال الجزري : فيه : كلتا يديه يمين أي يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما ، لان الشمال ينقص عن اليمين ، وإطلاق هذه الاسماء إنما هو على سبيل المجاز والاستعارة ، والله منزه من التشبيه والتجسيم انتهى.

أقول : لما كانت اليد كناية عن القدرة فيحتمل أن يكون المراد باليمين القدرة على الرحمة والنعمة والفضل ، وبالشمال القدرة على العذاب والقهر والابتلاء ، فالمعنى : أن عذابه وقهره وإمراضه وإماتته وسائر المصائب والعقوبات لطف ورحمة لاشتمالها على الحكم الخفية والمصالح العامة ، وبه يمكن أن يفسر ما ورد في الدعاء : والخير في يديك. والصلصال : الطين الحر خلط بالرمل ، فصار يتصلصل إذا جف. وسلالة الشئ : ما انسل منه واستخرج بجذب ونزع.

١٧ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن فضال ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل خلق ماءا عذبا فخلق منه أهل طاعته ، وجعل ماءا مرا فخلق منه أهل معصيته ، ثم أمرهما فاختلطا ، فلولا ذلك ما ولد المؤمن إلا مؤمنا ، ولا الكافر إلا كافرا. «ص ٣٩»

٢٣٨

١٨ ـ ع : ابن اليد ، عن الصفار ، عن الحسن بن فضال ، عن ابن أبي الخطاب ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن (١) عبدالله بن الجارود ، عمن ذكره ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه قال : إن الله عزوجل خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم وأبدانهم ، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة ، وخلق أبدانهم من دون ذلك ، وخلق الكافرين من طينة سجيل قلوبهم وأبدانهم ، فخلط بين الطينتين فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ، ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة ، ويصيب الكافر الحسنة ، فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه (٢) وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه. «ص ٣٩»

١٩ ـ ع : أحمد بن هارون ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن ابن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي نعيم الهذلي ، عن رجل ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام مثله. وفيه : وخلق أبدان المؤمنين وخلق الكفار. وسجين مكان سجيل. (٣) «ص ٥٠»

ير : ابن معروف ، عن حماد ، عن ربعي ، عنه عليه‌السلام مثله.

سن : أبي ، عن حماد إلى قوله : وخلق أبدانهم من دون ذلك. «ص ١٣٢ ـ ١٣٣»

بيان : سجين : موضع فيه كتاب الفجار ودواوينهم ، قال أبوعبيد : هو فعيل من السجن كالفسيق من الفسق ، وقيل : هو الارض السابعة أو أسفل منها ، أوجب في جهنم. والسجيل كسكيت : حجارة من مدر ، معرب «سنك كل» والجسين أظهر.

٢٠ ـ ع : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن أورمة ، عن عمرو بن عثمان ، عن العبقري ، عن عمر بن ثابت ، عن أبيه ، عن حبة العرني ، عن علي عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل خلق آدم عليه‌السلام من أديم الارض ، فمنه السباخ (٤) ومنه الملح ومنه الطيب ; فكذلك في ذرية الصالح والطالح. «ص ٣٩»

________________

(١) بكسر الراء وسكون الباء ، وكسر العين ، ثم الياء عنونه النجاشى في رجاله «ص ١٢٠» فقال : ربعى ابن عبدالله بن الجارود بن أبى سبرة الهذلى أبونعيم بصرى ثقة ، روى عن أبى عبدالله و أبى الحسن عليهما‌السلام ، وصحب الفضيل بن يسار ، وأكثر الاخذ عنه ، وكان خصيصا به ، له كتاب رواه عدة من أصحابنا إه.

(٢) أى تشتاق إلى ما خلقوا منه.

(٣) في العلل المطبوع : سجين في كلا الروايتين. م

(٤) السباخ من الارض : ما لم يحرث ولم يعمر.

٢٣٩

٢١ ـ ع : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن أورمة ، عن محمد بن سنان ، عن معاوية بن شريح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل أجرى ماءا فقال له : كن عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي ، وإن الله عزوجل أجرى ماءا فقال له : كن بحرا مالحا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ، ثم خلطهما جميعا فمن ثم يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن ، ولو لم يخلطهما لم يخرج من هذا إلا مثله ، ولا من هذا إلا مثله. «ص ٣٩»

٢٢ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن فضال ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ يقول في آخره : مهما رأيت من نزق أصحابك وخرقهم فهو مما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال ، (١) وما رأيت من حسن شيم(٢) من خالفهم ووقارهم فهو من لطخ أصحاب اليمين. «ص ٣٩»

٢٣ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب : عن محمد بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن أول ما خلق الله عزوجل ، قال : إن أول ما خلق الله عزوجل ما خلق منه كل شئ ، قلت : جعلت فداك وما هو؟ قال : الماء ، قال : إن الله تبارك وتعالى خلق الماء بحرين : أحدهما عذب ، الآخر ملح(٣) فلما خلقهما نظر إلى العذب فقال : يا بحر فقال : لبيك وسعديك ، قال : فيك بركتي ورحمتي ، ومنك أخلق أهل طاعتي وجنتي. ثم نظر إلى الآخر فقال : يا بحر فلم يجب فأعاد عليه ثلاث مرات يا بحر فلم يجب! فقال : عليك لعنتي ، ومنك أخلق أهل معصيتي ومن أسكنته ناري ، ثم أمرهما أن يمتزجا فامتزجا ، قال : فمن ثم يخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من

المؤمن. «ص ٣٩»

٢٤ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، وأبي الربيع يرفعانه قال : إن الله عزوجل خلق ماءا فجعله عذبا فجعل منه أهل

________________

(١) النزق : الخفة في كل أمر ; العجلة في جهل وحمق. الخرق : ضعف الرأى ; سوء التصرف ; الجهل والحمق ; ضد الرفق. اللطخ : كل شئ لوث بغير لونه.

(٢) جمع للشيمة : الخلق والطبيعة.

(١) في نسخة : والاخر مالح.

٢٤٠