بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٢
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

له معنىً سوى ما يتعلّمه الإنسان لمعرفة الحساب ، ويدور عليه عقد الأصابع عند ضبط الآحاد والعشرات والمئات والاُلوف ، ولذلك متى أراد مريد أن يخبر غيره عن كمّيّة شيء بعينه سمّاه باسمه الأخصّ ، ثمَّ قرن لفظة الواحد ، به وعلّقه عليه يدلّ به على كمّيّته لا على ما عدا ذلك من أوصافه ، ومن أجله يقول القائل : درهم واحد ، وإنّما يعني به أنّه درهم فقط ، وقد يكون الدرهم درهماً بالوزن ودرهماً بالضرب فإذا أراد المخبر أن يخبر عن وزنه قال : درهم واحد بالوزن ، وإذا أراد أن يخبر عن عدده أو ضربه قال : درهم واحد بالعدد ، ودرهم واحد بالضرب . وعلى هذا الأصل يقول القائل : هو رجل واحد ، وقد يكون الرجل واحداً بمعنى أنّه إنسان وليس بإنسانين ، ورجل ليس برجلين ، وشخص ليس بشخصين ، ويكون واحداً في الفضل ، واحداً في العلم ، واحداً في السخاء ، واحداً في الشجاعة ، فإذا أراد القائل أن يخبر عن كمّيّته قال : هو رجل واحد فدلّ ذلك من قوله على أنّه رجل وليس هو برجلين ، وإذا أراد أن يخبر عن فضله قال : هذا واحد عصره ، فدلّ ذلك على أنّه لا ثاني له في الفضل ، وإذا أراد أن يدلّ على علمه قال : إنّه واحد في علمه ، فلو دلّ قوله : واحد بمجرّده على الفضل والعلم كما دلّ بمجرّده على الكمّيّة لكان كلُّ من اطلق عليه لفظة واحد أراد فاضلاً لا ثاني له في فضله ، وعالماً لا ثاني له في علمه ؛ وجواداً لا ثاني له في جوده ، فلمّا لم يكن كذلك صحّ (١) أنَّه بمجرّده لا يدلّ إلّا على كمّيّة الشيء دون غيره ، وإلّا لم يكن لما اُضيف إليه من قول القائل : واحد عصره ودهره فائدة ، ولا كان لتقييده بالعلم والشجاعة معنىً لأنّه كان يدلّ بغير تلك الزيادة وبغير ذلك التقييد على غاية الفضل وغاية العلم والشجاعة ؛ فلمّا احتيج معه إلى زيادة لفظ واحتيج إلى التقييد بشيء صحّ ما قلناه . فقد تقرّر أنّ لفظة القائل واحد إذا قيل على الشيء دلّ بمجرّده على كمّيّة في اسمه الأخصّ ، ويدلُّ بما يقترن به على فضل المقول عليه وعلى كماله وعلى توحّده بفضله وعلمه وجوده ، وتبيّن أنّ الدرهم الواحد قد يكون درهماً واحداً بالوزن ، ودرهماً واحداً بالعدد ، ودرهماً واحداً بالضرب ، وقد يكون بالوزن درهمين ، وبالضرب درهماً واحداً ، ويكون بالدوانيق ستّة دوانيق ، وبالفلوس

________________________

(١) في نسخة : فلما لم يكن كذلك وضح .

٢٤١
 &

ستّين فلساً ، ويكون بالأجزاء كثيراً ، وكذلك يكون العبد عبداً واحداً ولا يكون عبدين بوجه ، ويكون شخصاً واحداً ولا يكون شخصين بوجه ، ويكون أجزاءاً كثيرة وأبعاضاً كثيرة ، وكلّ بعض من أبعاضه يكون جواهر كثيرة متّحدة اتّحد بعضها ببعض وتركّب بعضها مع بعض ، ولا يكون العبد واحداً وإن كان كلّ واحد منه في نفسه إنّما هو عبد واحد ، وإنّما لم يكن العبد واحداً لأنّه ما من عبد إلّا وله مثل في الوجود أو في المقدور ، وإنّما صحّ أن يكون للعبد مثل لأنّه لم يتوحّد بأوصافه الّتي من أجلها صار عبداً مملوكاً ، ووجب لذلك أن يكون الله عزَّ وجلَّ متوحّداً بأوصافه العلى وأسمائه الحسنى ليكون إلهاً واحداً فلا يكون له مثل ويكون واحداً لا شريك له ولا إله غيره ، فالله تبارك وتعالى إله واحد لا إله إلّا هو ، وقديم واحد لا قديم إلّا هو ، وموجود واحد ليس بحالّ ولا محلّ ، ولا موجود كذلك إلّا هو ، وشيء واحد لا يجانسه ولا يشاكله شيء ولا يشبهه شيء ، ولا شيء كذلك إلّا هو ، فهو كذلك موجود غير منقسم في الوجود ولا في الوهم ، وشيءٌ لا يشبهه شيء بوجه ، وإله لا إله غيره بوجه ، وصار قولنا : يا واحد يا أحد في الشريعة اسماً خاصّاً له دون غيره ، لا يسمّى به إلّا هو عزَّ وجلَّ ، كما أنّ قولنا : الله اسم لا يسمّى به غيره .

وفصل آخر في ذلك وهو أنَّ الشيء قد يعدّ مع ما جانسه وشاكله وماثله ، يقال : هذا رجل ، وهذان رجلان ، وثلاثة رجال . وهذا عبد ، وهذا سواد ، وهذا عبدان ، و هذا سوادان . ولا يجوز على هذا الأصل أن يقال : هذان إلهان إذ لا إله إلّا إله واحد ، فالله لا يعدّ على هذا الوجه ، ولا يدخل في العدد من هذا الوجه بوجه . وقد يعدّ الشيء مع ما لا يجانسه ولا يشاكله ، يقال : هذا بياض ، وهذان بياض وسواد ، وهذا محدَث ، و هذان محدَثان ، وهذان ليسا بمحدَثين ولا بمخلوقين . بل أحدهما قديم والآخر محدَث ، وأحدهما ربٌّ والآخر مربوب ، فعلى هذا الوجه يصحّ دخوله في العدد ، وعلى هذا النحو قال الله تبارك وتعالى : « مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا » الاية . وكما أنَّ قولنا : فلان إنّما هو رجل واحد لا يدلُّ على فضله بمجرّده كذلك قولنا : فلان ثاني فلان لا يدلّ بمجرّده إلّا على كونه ، وإنّما يدلُّ على فضله متى قيل : إنّه ثانية في الفضل ، أو في الكمال ، أو العلم .

________________________

(١) المجادلة : ٧ .

٢٤٢
 &

فأمّا توحيد الله تعالى ذكره فهو توحيده بصفاته العلى (١) وأسمائه الحسنى ، و لذلك كان إلهاً واحداً لا شريك له ولا شبيه ، والموحّد هو من أقرَّ به على ما هو عليه عزَّ وجلَّ من أوصافه العلى وأسمائه الحسنى على بصيرة منه ومعرفة وإيقان وإخلاص ، و إذا كان ذلك كذلك فمن لم يعرف الله عزَّ وجلَّ متوحّداً بأوصافه العلى وأسمائه الحسنى ولم يقرَّ بتوحيده بأوصافه العلى فهو غير موحّد ؛ وربّما قال جاهل من الناس : إنَّ من وحّد الله وأقرَّ أنّه واحد فهو موحّد وإن لم يصفه بصفاته الّتي توحّد بها ، لأنَّ من وحّد الشيء فهو موحّد في أصل اللّغة فيقال له : أنكرنا ذلك لأنَّ من زعم أنَّ ربّه إله واحد وشيء واحد ثمَّ أثبت معه موصوفاً آخر بصفاته الّتي توحّد بها فهو عند جميع الاُمّة وسائر أهل الملل ثنويٌّ غير موحّد ، ومشرك مشبّه غير مسلم ، وإن زعم أنَّ ربّه إله واحد ، وشيء واحد ، وموجود واحد ، وإذا كان كذلك وجب أن يكون الله تبارك و تعالى متوحّداً بصفاته الّتي تفرّد بالإلهيّة من أجلها ، وتوحّد بالوحدانيّة لتوحّده بها ليستحيل أن يكون إله آخر ، ويكون الله واحداً والإله واحداً لا شريك له ولا شبيه لأنّه إن لم يتوحّد بها كان له شريك وشبيه كما أنَّ العبد لمّا لم يتوحّد بأوصافه الّتي من أجلها كان عبداً كان له شبيه ، ولم يكن العبد واحداً وإن كان كلّ واحد منّا عبداً واحداً ، وإذا كان كذلك فمن عرفه متوحّداً بصفاته ، وأقرّ بما عرفه ، واعتقد ذلك كان موحّداً وبتوحيد ربّه عارفاً ، والأوصاف الّتي توحّد الله تعالى بها وتوحّد بربوبيّته لتفرُّده بها في الأوصاف الّتي يقتضي كلّ واحد منها أن لا يكون الموصوف بها إلّا واحداً لا يشاركه فيه غيره ولا يوصف به إلّا هو ؛ وتلك الأوصاف هي كوصفنا له بأنّه موجود واحد لا يصحّ أن يكون حالّاً في شيء ، ولا يجوز أن يحلّه شيء ، ولا يجوز عليه العدم والفناء والزوال ؛ مستحقّ للوصف بذلك بأنّه أوَّل الأوَّلين ، وآخر الآخرين ، قادر يفعل ما يشاء ، لا يجوز عليه ضعف ولا عجز ؛ مستحقّ للوصف بذلك بأنّه أقدر القادرين ، وأقهر القاهرين ، عالم لا يخفى عليه شيء ، ولا يعزب عنه شيء ، لا يجوز عليه جهل ولا سهو ، ولا شكّ ولا نسيان ؛ مستحقٌّ للوصف بذلك بأنّه أعلم العالمين ، حيٌّ لا يجوز عليه موت ولا نوم ،

________________________

(١) في نسخة : فهو توحده بصفاته العلى .

٢٤٣
 &

ولا ترجع إليه منفعة ، ولا تناله مضرّة ؛ مستحقّ للوصف بذلك بأنّه أبقى الباقين ، وأكمل الكاملين ، فاعل لا يشغله شيء عن شيء ، ولا يعجزه شيء ، ولا يفوته شيء ؛ مستحقّ للوصف بذلك بأنّه إله الأوَّلين والآخرين ، وأحسن الخالقين ، وأسرع الحاسبين ، غنيٌّ لا يكون له قلّة ، مستغن لا يكون له حاجة ، عدل لا تلحقه مذمّة ، ولا ترجع إليه منقصة ، حكيم لا يقع منه سفاهة ، رحيم لا يكون له رقّة ويكون في رحمته سعة ، حليم لا يلحقه موجدة ، (١) ولا يقع منه عجلة ؛ مستحقٌّ للوصف بذلك بأنّه أعدل العادلين ، وأحكم الحاكمين ، وأسرع الحاسبين ، وذلك لأنَّ أوَّل الاوَّلين لا يكون إلّا واحداً ، وكذلك أقدر القادرين ، وأعلم العالمين ، وأحكم الحاكمين ، وأحسن الخالقين ، وكلّ ما جاء على هذا الوزن ؛ فصحَّ بذلك ما قلناه ، وبالله التوفيق ومنه العصمة والتسديد .

( باب ٧ )

* ( عبادة الاصنام والكواكب والاشجار والنيرين وعلة حدوثها ) *

* ( وعقاب من عبدها أوقرب اليها قرباناً ) *

الايات ، الانعام : قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا ٧١

الاعراف : أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ * إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّـهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ * وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ١٩١ ـ ١٩٨

يونس : وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّـهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٨

________________________

(١) الموجدة بفتح الميم وسكون الواو : الغضب .

٢٤٤
 &

« وقال تعالى » قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّـهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ * قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّـهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٤ و ٣٥

هود : فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَ إِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ ١٠٩

النحل : أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ١٧ « وقال تعالى » وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ٢٠ ـ ٢٢ « وقال تعالى » : وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّـهِ يَجْحَدُونَ ٧١ « وقال تعالى » : وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ * فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّـهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ٧٣ ـ ٧٦

مريم : يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا ٤٢

الحج : يَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ١٢ ، ١٣ « وقال » : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٧٣ ، ٧٤

الفرقان : وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّـهُ رَسُولًا * إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا *

٢٤٥
 &

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ٤١ ـ ٤٣ « وقال الله تعالى » : وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيرًا ٥٥

الشعراء : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * « إلى قوله تعالى » : وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّـهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّـهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٦٩ – ١٠٢

النمل : وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ٢٤ ، ٢٦

العنكبوت : إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١۷ « إلى قوله تعالى » : وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ١٧ ـ ٢٥

الروم : وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ * وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ « إلى قوله تعالى » : ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٢ ـ ٢٨

يس : أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ٢٣ ، ٢٤

٢٤٦
 &

الصافات : إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ٣٥ ، ٣٦ « وقال تعالى » : أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّـهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ « إلى قوله » : أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٨٦ ـ ٩٦ « وقال تعالى » : أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّـهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ١٢٥ ، ١٢٦

ص : أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ٥ ـ ٧

الزمر : فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ٢ ، ٣ « وقال عزَّ وجلَّ » : وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ٣٨ « وقال تعالى » : أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ * قُل لِّلَّـهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ٤٣ ـ ٤٥

المؤمن : قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ٦٦ « إلى قوله تعالى » إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ اللَّـهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّـهُ الْكَافِرِينَ ٧١ ـ ٧٤

السجدة : لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ٣٧

حمعسق : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّـهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ٦

الزخرف : وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ

٢٤٧
 &

يَعْلَمُونَ * وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ٨٦ ، ٨٧

الجاثية : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ ٢٣

الاحقاف : قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ٤ ـ ٦ « وقال تعالى » : أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ « إلى قوله تعالى » : فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَٰلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٢١ ـ ٢٨

النجم : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّـهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ١٩ ـ ٢٣

الجحد : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ « إلى آخر السورة » .

أقول : سيأتي الآيات الكثيرة في ذلك في كتاب النبوّة وكتاب الاحتجاج وكتاب المعاد .

١ ـ فس : قوله : « وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا » قال : كان قوم مؤمنون قبل نوح عليه‌السلام فماتوا فحزن عليهم الناس فجاء إبليس فاتّخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا بها ، فلمّا جاءهم الشتاء أدخلوهم البيوت فمضى ذلك القرن وجاء القرن الآخر فجائهم إبليس فقال لهم : إنَّ هؤلاء آلهة كانوا آباؤكم يعبدونها فعبدوهم وضلّ منهم بشر كثير ؛ فدعا عليهم نوح فأهلكهم الله .

٢ ـ فس : « وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا » قال : كانت ودّ صنماً لكلب ، (١) وكانت سواع لهذيل ، (٢) ويغوث لمراد ، (٣) وكانت يعوق لهمدان ، وكانت

________________________

(١) بدومة الجندل .

(٢) كانت لهم برهاط من أرض ينبع ـ وينبع عرض من أعراض المدينة ـ وكان سدنتها بنو لحيان .

(٣) ثم لبنى غطيف بالجرف عند سبا .

٢٤٨
 &

نسر لحصين . (١)

٣ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه أنّ عليّاً صلوات الله عليه سئل عن أساف ونائلة وعبادة قريش لهما ، فقال : نعم كانا شابّين صبيحين ، وكان بأحدهما تأنيث ، وكانا يطوفان بالبيت فصادفا من البيت خلوة فأراد أحدهما صاحبه ففعل فمسخهما الله حجرين فقالت قريش : لولا أنّ الله تبارك وتعالى رضي أن يعبدا معه ما حوّلهما عن حالهما . (٢)

٤ ـ ع : في أسؤلة الشاميّ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه سئل عن أوّل من كفر وأنشأ الكفر فقال عليه‌السلام : إبليس لعنه الله .

٥ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطّاب وابن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، وكرام بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ قابيل لمّا رأى النار قد قبلت قربان هابيل قال له إبليس : إنّ هابيل كان يعبد تلك النار ، فقال قابيل : لا أعبد النار الّتي عبدها هابيل ، ولكن أعبد ناراً اُخرى ، واُقرّب قرباناً لها فتقبّل قرباني ، فبنى بيوت النار فقرّب ؛ ولم يكن علم بربّه عزَّ وجلَّ ، ولم يرث منه ولده إلّا عبادة النيران .

ص : بالإسناد إلى الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن أبي الخطّاب عن ابن سنان مثله .

٦ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن النعمان ، عن بريد العجليّ قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّما سمّي العود خلافاً لانَّ إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ودّ فسمّي العود خلافاً . وهذا في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .

بيان : إنّما سمّي العود أي الشجرة المعهودة خلافاً ؛ لأنَّ إبليس عمل سواعاً منها على خلاف ودّ فلذلك سمّيت بها .

________________________

(١) كذا في النسخ ولكن الصحيح « لحمير » عبدوه بارض يقال لها : بلخع ، وكان لحمير أيضا بيت بصنعاء يقال له : رئام ، يعظمونه ويتقربون عنده بالذبائح . وفي القاموس النسر : صنم كان لذي الكلاع بأرض حمير .

(٢) الحديث موضوع وهو قصة تاريخية خرافية ط .

٢٤٩
 &

٧ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمّد البرقيّ ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، (١) عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام في قول الله عزَّ وجلَّ : وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ، قال : كانوا يعبدون الله عزَّ وجلَّ فماتوا فضجَّ قومهم وشقَّ ذلك عليهم ، فجاءهم إبليس لعنه الله فقال لهم : أتّخذ لكم أصناماً على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله ، فأعدّ لهم أصناماً على مثالهم فكانوا يعبدون الله عزَّ وجلَّ ، وينظرون إلى تلك الأصنام ، فلمّا جاءهم الشتاء والأمطار أدخلوا الأصنام البيوت فلم يزالوا يعبدون الله عزَّ وجلَّ حتّى هلك ذلك القرن ونشأ أولادهم ، فقالوا : إنَّ آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء ، فعبدوهم من دون الله عزَّ وجلَّ ؛ فذلك قول الله تبارك و تعالى : « وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا » الآية .

٨ ـ ص : بالإسناد عن الصدوق رحمه الله ، عن ابن المتوكّل ، عن الحميريّ ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الأحول ، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ إبليس اللّعين هو أوَّل من صوَّر صورة على مثال آدم عليه‌السلام ليفتن به الناس ، ويضلّهم عن عبادة الله تعالى ، وكان ودّ في ولد قابيل وكان خليفة قابيل على ولده وعلى من بحضرتهم في سفح الجبل يعظّمونه ويسوّدونه ، فلمّا أن مات ودّ جزع عليه إخوته وخلف عليهم إبناً يقال له : « سُوَاع » فلم يغن غناء أبيه منهم فأتاهم ابليس في صورة شيخ فقال : قد بلغني ما أصبتم به من موت ودّ عظيمكم ، فهل لكم في أن اُصوِّر لكم على مثال ودّ صورة تستريحون إليها وتأنسون بها ؟ قالوا : افعل . فعمد الخبيث إلى الآنك (٢) فأذابه حتّى صار مثل الماء ، ثمَّ صوَّر لهم صورة مثال ودّ في بيته فتدافعوا على الصورة يلثمونها ويضعون خدودهم عليها ويسجدون لها ، وأحبّ سواع أن يكون التعظيم والسجود له ، فوثب على صورة ودّ فحكّها حتّى لم يدع منها

________________________

(١) لا يخلو الحديث عن احتمال ارسال ، لان الكشي روى عن إبن مسعود : عن محمد ابن نصير ، عن محمد بن قيس ، عن يونس قال : لم يسمع حريز بن عبد الله من أبي عبد الله عليه السلام إلا حديثاً أو حديثين . انتهى . مع أنا نرى عنه أحاديث كثيرة .

(٢) الانك بالمد وضم النون : الاسرب أو أبيضة أو أسوده أو خالصه .

٢٥٠
 &

شيئاً ، وهمّوا بقتل سواع فوعظهم وقال : أنا أقوم لكم بما كان يقوم به ودّ ، وأنا ابنه ، فإن قتلتموني لم يكن لكم رئيس ، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم فلم يلبث سواع أن مات ، وخلف إبناً يقال له : « يغوث » فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال : أنا الّذي صوّرت لكم صورة ودّ ، فهل لكم أن أجعل لكم مثال سواع على وجه لا يستطيع أحد أن يغيّره ؟ قالوا : فافعل ، فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع ، وإنّا سمّي ذلك العود خلافاً ، لأنَّ إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ودّ ، قال : فسجدوا له وعظّموه ، وقالوا ليغوث : ما نأمنك على هذا الصنم أن تكيده كما كاد أبوك مثال ودّ ، فوضعوا عى البيت حرّاساً وحجّاباً ، ثمَّ كانوا يأتون الصنم في يوم واحد ، ويعظّمونه أشدّ ما كانوا يعظّمون سواعاً ، فلمّا رأى ذلك يغوث قتل الحرسة والحجّاب ليلاً ، وجعل الصنم رميماً ، فلمّا بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم إلى أن طلبوه ورأّسوه وعظّموه ثمَّ مات وخلف إبناً يقال له : يعوق فأتاهم إبليس فقال : قد بلغني موت يغوث ، وأنا جاعل لكم مثاله في شيء لا يقدر أحد أن يغيّره قالوا : فافعل ، فعمد الخبيث إلى حجر أبيض فنقره بالحديد حتّى صوّر لهم مثال يغوث فعظّموه أشدّ ممّا مضى ، وبنوا عليه بيتاً من حجر ، وتبايعوا أن لا يفتحوا باب ذلك البيت إلّا في رأس كلّ سنة ، وسمّيت البيعة يومئذ لأنّهم تبايعوا وتعاقدوا عليه ؛ فاشتدّ ذلك على يعوق فعمد إلى ريطة وخلق فألقاها في الحائر ، ثمَّ رماها بالنار ليلاً فأصبح القوم وقد احترق البيت والصنم والحرس وأرفض الصنم ملقى فجزعوا وهمّوا بقتل يعوق فقال لهم : إن قتلتم رئيسكم فسدت اُموركم ، فكفّوا فلم يلبث أن مات يعوق وخلف إبناً يقال له : نسر ، فأتاهم إبليس فقال : بلغني موت عظيمكم فأنا جاعل لكم مثال يعوق في شيء لا يبلى فقالوا : افعل فعمد إلى الذهب وأوقد عليه النار حتّى صار كالماء ، وعمل مثالاً من الطين على صورة يعوق ثمّ أفرغ الذهب فيه ، ثمّ نصبه لهم في ديرهم واشتدّ ذلك على نسر ، ولم يقدر على دخول تلك الدير فانحاز عنهم في فرقة قليلة من إخوته يعبدون نسراً ، والآخرون يعبدون الصنم حتّى مات نسر ، وظهرت نبوّة إدريس فبلغه حال القوم وأنّهم يعبدون جسماً على مثال يعوق ، وأنّ نسراً كان يعبد من دون الله ، فسار إليهم بمن معه حتّى نزل مدينة

٢٥١
 &

نسروهم فيها فهزمهم ، (١) وقتل من قتل ، وهرب من هرب فتفرّقوا في البلاد ، وأمر بالصنم فحمل وألقى في البحر ، فاتّخذت كلّ فرقة منهم صنماً ، وسمّوها بأسمائها فلم يزالوا بعد ذلك قرناً بعد قرن لا يعرفون إلّا تلك الأسماء ثمّ ظهرت نبوّة نوح عليه‌السلام (٢) فدعاهم إلى عبادة الله وحده ، وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام ؛ فقال بعضهم : لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا .

بيان : ارفضاض الشيء : تفرّقه ، وترفّض : تكسّر . وانحاز عنه : عدل .

٩ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقيّ ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن منذر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر أنّ سلمان قال : إنَّ رجلاً دخل الجنّة في ذباب وآخر دخل النار في ذباب . فقيل له : وكيف ذلك يا أبا عبد الله ؟ قال : مرّا على قوم في عيد لهم ، وقد وضعوا أصناماً لهم لا يجوز بهم أحد حتّى يقرّب إلى أصنامهم قرباناً قلَّ أم كثر ، فقالوا لهما ، لا تجوزا حتّى تقرِّبا كما يقرِّب كل ُّمن مرَّ ، فقال أحدهما : ما معي شيء اُقرِّبه ، وأخذ أحدهما ذباباً فقرَّبه ، ولم يقرِّب الآخر ، فقال : لا اُقرِّب إلى غير الله جلَّ وعزَّ شيئاً فقتلوه فدخل الجنّة ، ودخل الآخر النار .

١٠ ـ شى : عن الزهريّ قال : أتى رجل أبا عبد الله عليه‌السلام فسأله عن شيء فلم يجبه ، فقال له الرجل : فإن كنت ابن أبيك فإنّك من أبناء عبدة الأصنام ؛ فقال له : كذبت إنَّ الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكّة ففعل ، فقال إبراهيم : رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ . فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنماً قطّ ، ولكنّ العرب عبدة الأصنام ، وقالت بنو إسماعيل : هؤلاء شفعاؤنا عند الله فكفرت ولم تعبد الاصنام .

بيان : لعلّ المراد أنّهم أقرُّوا بوحدانيّة الصانع ، وإن أشركوا من جهة العبادة والسجود لها ، فنفى عليه‌السلام عنهم أعظم أنواع الشرك وهو الشرك في الربوبيّة وقد مرَّت الإشارة إلى الفرق بينهما في الباب السابق . (٣)

________________________

(١) وفي نسخة : فهزموهم .

(٢) وفي نسخة : فظهرت نبوة نوح عليه السلام .

(٣) والرواية مع ذلك لا تخلو عن شيء ؛ فان توحيد الصانع بهذا المعنى أساس الثنوية ؛ واتخاذ الاصنام آلهة وعبادتها ليس الا القول بكونهم شفعاء . ط

٢٥٢
 &

١١ ـ كا : محمّد بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن العبّاس بن عامر ، عن أحمد بن رزق الغمشانيّ ، عن عبد الرحمن بن الأشلّ بيّاع الأنماط ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كانت قريش تلطّخ الأصنام الّتي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر ، وكان يغوث قبالة الباب ، وكان يعوق عن يمين الكعبة ، وكان نسراً عن يسارها ، وكانوا إذا دخلوا خرُّوا سجّداً ليغوث ، ولا ينحنون (١) ثمَّ يستديرون بحيالهم إلى يعوق ، ثمَّ يستديرون بحيالهم إلى نسر ، ثمَّ يلبّون فيقولون : لبّيك اللّهم لبّيك ، لبّيك لا شريك لك ، إلّا شريك هو لك ، تملكه وما ملك . قال : فبعث الله ذباباً أخضر له أربعة أجنحة ، فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئاً إلّا أكله ، وأنزل الله عزَّ وجلَّ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ .

١٢ ـ فس : قال عليُّ بن إبراهيم في قوله : « أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ » قال : نزلت في قريش وذلك أنّه ضاق عليهم المعاش فخرجوا من مكّة وتفرقوا ، وكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة ، أو حجراً حسناً هواه فعبده ، وكانوا ينحرون لها النعم ، ويلطّخونها بالدم ويسمّونها سعد صخرة ، وكان إذا أصابهم داء في إبلهم وأغنامهم جاؤوا إلى الصخرة فيتمسّحون بها الغنم والإبل ؛ فجاء رجل من العرب بإبل له يريد أن يتمسّح بالصخرة إبله ويبارك عليها ، فنفرت إبله وتفرّقت ، فقال الرجل شعراً :

أتيت إلى سعد ليجمع شملنا

*

فشتّتنا سعد فما نحن من سعد

وما سعد إلّا صخرة مسوّدة

*

من الأرض لا تهدي لغيّ ولا رشد

ومرَّ به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال شعراً :

أربٌّ يبول الثعلبان برأسه ؟

*

لقد ذلّ من بالت عليه الثالب !

________________________

________________________

(١) وفي نسخة : ولا يحيّون .

٢٥٣
 &

( باب ٨ )

* ( نفي الولد والصاحبة ) *

الايات ، النساء : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّـهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّـهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا * لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّـهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ١٧١ ، ١٧٢

المائدة : لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّـهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ١٧ ، ١٨

أقول : سيأتي كثير من الآيات المتعلّقة بعيسى عليه‌السلام في كتاب النبوّة ، وكثير منها في أبواب الاحتجاجات .

التوبة : وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّـهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّـهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّـهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَـٰهًا وَاحِدًا لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٣٠ ، ٣١

يونس : قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٦٨

الاسرى : أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا ٤٠

الكهف : وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ٤ ، ٥

٢٥٤
 &

مريم : مَا كَانَ لِلَّـهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ٣٥ « وقال تعالى » : وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا * لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ٨٨ ـ ٩٤

الانبياء : وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ٢٦ ـ ٢٩

الصافات : فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّـهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّـهِ الْمُخْلَصِينَ * فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ * وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ١٤٩ ـ ١٦٦

الزمر : لَّوْ أَرَادَ اللَّـهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ٤

الزخرف : وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ * وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ١٥ ـ ٢٢

٢٥٥
 &

« وقال تعالى » : قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ * سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ٨١ ، ٨٢

الطور : أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ٣٩

النجم : أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ٢١ ، ٢٢ « وقال تعالى » : إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَىٰ * وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ٢٧ ، ٢٨

الجن : وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ٣

١ ـ فس : جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله بن موسى ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : قوله تعالى : « وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا » قال : هذا حيث قالت قريش : إنَّ لله ولداً ، وإنَّ الملائكة إناث ، فقال الله تبارك وتعالى ردّاً عليهم : « لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا » أي عظيماً « تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ » ممّا قالوا : أن دعوا للرحمـن ولداً ، فقال الله تبارك وتعالى : « وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا » واحداً واحداً .

٢ ـ يد : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن البرقيّ ، عن اليقطينيّ ، عن سليمان بن رشيد ، عن أبيه ، عن المفضّل قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الحمد لله الّذي لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك .

٣ ـ فس : قوله : قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ، يعني أوَّل الآنفين له أن يكون له ولد . (١)

بيان : هذا أحد الوجوه في تأويل هذه الآية . قال الجوهريّ : قال أبو زيد : العبد بالتحريك : الغضب والأنف ، والاسم العبدة مثل الأنفة ، وقد عبد أي أنف . وقال أبو عمرو : قوله تعالى : فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ من الأنف والغضب انتهى . وثانيها أن يكون من قبيل

________________________

(١) أنف من العار : ترفع وتنزه عنه . كرهه . وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : أنا أول العابدين أي الجاحدين .

٢٥٦
 &

تعليق المحال بالمحال أي ليس له ولد ، إذ لو كان له ولد لكنت أوّل العابدين له ، فإنَّ النبيَّ يكون أعلم بالله وبما يصحّ له وما لا يصحّ ، وأولى بتعظيم ما يجب تعظيمه ، ومن حقّ تعظيم الوالد تعظيم ولده . وثالثها : أنَّ المعنى : إن كان له ولد في زعمكم فأنا أوّل العابدين لله ، الموحّدين له ، المنكرين لقولكم : ورابعها : أنّ « إن » بمعنى « ما » للنفي ؛ والمعنى : ما كان للرحمن ولد ، فأنا أوّل العابدين لله المقرِّين بذلك .

أقول : سيأتي ما يتضمّن نفي الصاحبة والولد في باب جوامع التوحيد ، وسنذكر احتجاج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على القائلين بالولد في المجلّد الرابع .

( باب ٩ )

* ( النهي عن التفكر في ذات الله تعالى ، والخوض في مسائل التوحيد ) *

* ( واطلاق القول بأنه شيء ) *

الايات ، الزمر : وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ٦٧

١ ـ شى : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه أنّ رجلاً قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : هل تصف ربّنا نزداد له حبّاً وبه معرفة ؟ فغضب وخطب الناس ، فقال فيما قال : عليك يا عبد الله بما دلّك عليه القرآن من صفته ، وتقدّسك فيه الرسول من معرفته فائتمَّ به واستضىء بنور هدايته ، فإنّما هي نعمة وحكمة اُوتيتها فخذ ما اُوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلّفك الشيطان علمه ممّا ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في سنّة الرسول وأئمّة الهداة أثره فكل علمه إلى الله ولا تقدر عليه عظمة الله (١) واعلم يا عبد الله أنَّ الراسخين في العلم هم الّذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب ، إقراراً بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا : آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا ، وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً ، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخاً .

________________________

(١) وفي نسخة : ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين .

٢٥٧
 &

بيان : الاقتحام : الهجوم والدخول مغالبة . والسدد جمع السدّة وهي الباب المغلق وفيه إشكال لدلالته على أنَّ الراسخين في العلم في الآية غير معطوف على المستثنى ، كما دلّت عليه الأخبار الكثيرة ، وسيأتي القول في كتاب الإمامة ، (١) إلّا أن يقال : إنّ هذا إلزام على من يفسّر الآية كذلك ، أو يقال : بالجمع بين التفسيرين على وجهين مختلفين ؛ وسيأتي تمام القول في محلّه إن شاء الله تعالى .

٢ ـ ج : روي عن هشام أنّه سأل الزنديق عن الصادق عليه‌السلام : أنَّ الله تعالى ما هو ؟ فقال عليه‌السلام : هو شيء بخلاف الأشياء ، (٢) أرجع بقولي : شيء إلى أنّه شيء بحقيقة الشيئيّة غير أنّه لا جسم ولا صورة ، ولا يحسّ ولا يجسّ ، (٣) ولا يدرك بالحواسّ الخمس ، لا تدركه الأوهام ، ولا تنقصه الدهور ، ولا تغيّره الأزمان . الخبر .

بيان : اعلم أنَّ الشيء مساو للموجود إذا اُخذ الوجود أعمّ من الذهنيّ والخارجيّ ، والمخلوط بالوجود من حيث الخلط شيء ، وشيئيّته كونه ماهيّة قابلة له ؛ وقيل : إنَّ الوجود عين الشيئيّة . فإذا عرفت هذا فالمراد بقوله : بحقيقة الشيئيّة أي بالشيئيّة الحقّة الثابتة له في حدّ ذاته لأنّه تعالى هو الّذي يحقّ أن يقال له : شيء أو موجود ، لكون وجوده بذاته ممتنع الانفكاك عنه ، وغيره تعالى في معرض العدم والفناء ، وليس وجودهم إلّا من غيرهم ، أو المراد أنّه يجب معرفته بمحض أنّه شيء ، لا أن يثبت له حقيقة معلومة مفهومة يتصدّى لمعرفتها فإنّه يمتنع معرفة كنه ذاته وصفاته ؛ وقيل : إنّه إشارة إلى أنَّ الوجود عين ذاته تعالى .

________________________

(١) قد بينا في تفسير « الميزان » انه هو المتيقن في الاية ، وتكلمنا في الاخبار الكثيرة التي يشير إليها . ط

(٢) أي هو موجود يخالف سائر الموجودات ، فان سائر الموجودات لها وجود وماهية زائدة على وجودها ، ولكن الله تعالى حقيقته صرف الوجود ، وعين الوجود ، وله حقيقة الشيئية وهي الوجود . ثم بين عليه السلام وجه اختلافه تعالى مع سائر الاشياء بقوله : غير أنه لا جسم الخ . ولعله عليه السلام أشار بقوله : هو شيء بخلاف الاشياء إلى أنه لا يعرف أحد حقيقة ذاته وصفاته ، وإنما يعرف بمفهوم سلبيّ وهو أنه موجود مغاير لخلقه في الذات والصفات ، مثل الامكان والحدوث والجسمية وغيرها .

(٣) بالجيم إما من جسّة بيده أي مسّه بيده ليتعرفه ، أو بعينه أي أحدّ النظر إليه ليتبينه ، وإما من جسّ الاخبار والامور أي بحث وتفحص عنها .

٢٥٨
 &

٣ ـ لى : أبي ، عن الحميريّ ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد ابن حمران ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا زياد إيّاك والخصومات ، فإنّها تورث الشكّ ، وتحبط العمل ، وتردي صاحبها ، وعسى أن يتكلّم الرجل بالشيء لا يغفر له ؛ يا زياد إنّه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكّلوا به ، (١) وطلبوا علم ما كفوّه ، (٢) حتّى انتهى بهم الكلام إلى الله عزَّ وجلَّ فتحيّروا ، فإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ، أو يدعى من خلفه فيجيب من بين يديه .

سن : أبي ، عن ابن أبي عمير مثله .

٤ ـ لى : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن البرقيّ ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي اليسع ، (٣) عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إيّاكم والتفكّر في الله ، فإنَّ التفكّر في الله لا يزيد إلّا تيهاً (٤) إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار .

٥ ـ ن : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن بندار ، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن محمّد ابن عبد الله الخراسانيّ ـ خادم الرضا عليه‌السلام ـ قال : قال بعض الزنادقة لأبي الحسن عليه‌السلام : هل يقال لله : أنّه شيء ؟ فقال : نعم ، وقد سمّى نفسه بذلك في كتابه فقال : « قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّـهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ » فهو شيء ليس كمثله شيء .

٦ ـ فس : قوله : « وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ » حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا انتهى الكلام إلى الله فامسكوا ، وتكلّموا فيما دون العرش ولا تكلّموا فيما فوق العرش ، فإنّ قوماً تكلّموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم حتّى

________________________

(١) أي علم ما كلفوا به ، وهو العلم بما أمر الله به ونهاه عنه ، والعلم بمحبوباته ومبغوضاته .

(٢) أي علم ما كفاهم الله مؤونته ـ ان كان من الكفاية أو علم ما صرفه الله عنهم ـ ان كان من الكف ـ والمراد التفحص عما كانت أفهام البشر عن دركه قاصرة ، كالكلام في العرش وما فوقه ، والكلام في كنه الذات والصفات .

(٣) الظاهر هو عيسى بن السري أبو اليسع الكرخي البغدادي ، وثقه النجاشي وغيره ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، له كتاب .

(٤) أي تحيراً وضلالا .

٢٥٩
 &

كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه ، وينادى من خلفه فيجيب من بين يديه

بيان : التكلّم فيما فوق العرش كناية عن التفكّر في كنه ذاته وصفاته تعالى ، فالمراد إمّا الفوقيّة المعنويّة ؛ أو بناءاً على زعمهم حيث قالوا : بالجسم والصورة ؛ ويحتمل على بعد أن يكون المراد التفكّر في الخلأ البحت بعد انتهاء الأبعاد .

٧ ـ شى : عن ربعي ، عمّن ذكره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : « وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا » قال : الكلام في الله والجدال في القرآن « فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ » قال : منهم القصّاص .

بيان : القصّاص علماء المخالفين فإنّهم كرواة القصص والأكاذيب فيما يبنون عليه علومهم ، وهم يخوضون في تفاسير الآيات وتحقيق صفات الذات بالظنون والأوهام لانحرافهم عن أهل البيت عليهم‌السلام .

٨ ـ يد ، مع : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن العبّاس بن عمرو الفقيميّ (١) عن هشام ابن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال للزنديق ـ حين سأله عن الله ما هو ؟ ـ : قال هو شيء بخلاف الأشياء ، أرجع بقولي : شيء إلى إثبات معنىً ، وإنّه شيء بحقيقة الشيئيّة ، غير أنّه لا جسم ولا صورة .

٩ ـ يد ، مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقيّ ، عن محمّد بن عيسى ، عمّن ذكره ، رفعه إلى أبي جعفر عليه‌السلام أنّه سئل أيجوز أن يقال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ شيء ؟ قال : نعم تخرجه من الحدّين : حدّ التعطيل ، وحدّ التشبيه .

ج : مرسلاً مثله .

بيان : حدُّ التعطيل هو عدم إثبات الوجود والصفات الكماليّة والفعليّة و الإضافيّة له تعالى ، وحدُّ التشبيه الحكم بالاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات .

١٠ ـ يد : العطّار ، عن أبيه ، عن سهل قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه‌السلام ـ سنة خمس

________________________

(١) نسبة إلى فقيم ـ وزان هذيل ـ بطن من دارم وهم بنو فقيم بن جرير بن دارم ، وأما النسبة إلى فقيم كنانة « فقمى » كعربي ، نص على ذلك في القاموس وغيره .

٢٦٠