الإعتقادات

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

الإعتقادات

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: عصام عبد السيد
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٢٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

[٣٠]

باب الإعتقاد في كيفيّة نزول الوحي من عند الله بالكتب

في الأمر والنهي

قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : اعتقادنا في ذلك أن بين عيني إسرافيل لوحاً ، فإذا أراد الله تعالى أن يتكلّم بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل ، فينظر (١) فيه فيقرأ ما فيه ، فيلقيه إلى ميكائيل ، ويلقيه ميكائيل إلى جبرائيل ، فيلقيه جبرئيل إلى الأنبياء.

وأمّا الغشوة التي كانت تأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنها كانت تكون عند مخاطبة الله إيّاه حتى يثقل ويعرق (٢).

وأمّا جبرئيل فإنّه كان لا يدخل عليه حتى يستأذنه إكراماً له ، وكان يقعد بين يديه قعدة العبد (٣).

__________________

(١) في ق ، س : فنظر.

(٢) في م ، ق ، س : حتى ينقل ويعرف.

(٣) في ر : العبيد.

٨١

[٣١]

باب الإعتقاد في نزول القرآن في ليلة القدر (١)

قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : اعتقادنا في ذلك أنّ القرآن نزل في شهر رمضان في ليلة القدر جملة واحدة إلى البيت المعمور (٢) ثمّ نزل من البيت المعمور في مدّة عشرين سنة (٣) وأنّ الله عزّوجلّ أعطى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العلم جملة (٤).

وقال له : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رَّبِّ زدني علماً ) (٥).

وقال تعالى : ( لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه وقرءانه * فإذا قرأنه فاتّبع قرءانه * ثمَّ إنَّ علينا بيانه ) (٦).

__________________

(١) الباب بأكمله ليس في ق ، س ، إذ عُنون الفصل بهذا العنوان ، ولكنّه تضمن ما يأتي في باب الإعتقاد في القرآن.

(٢) العبارة في م : في ليلة واحدة إلى البيت المعمور.

(٣) عبارة : ثم أنزل من البيت المعمور في مدّة عشرين سنة ، أثبتناها من ج وتصحيح الإعتقاد للشيخ المفيد : ١٠٢ ، وبحار الأنوار ١٨ : ٢٥٠. وراجع أصول الكافي ٢ : ٤٦٠ باب النوادر ح ٦. وبدلها في م : ثم فرق في مدة أربعة وعشرين سنة ، وكذا في متن ر ، ولكن كتب في هامشها ـ بشكل يصعب قراءته ـ ما أثبتناه في المتن.

(٤) في بحار الأنوار زيادة : واحدة.

(٥) طه ٢٠ : ١١٤.

(٦) القيامة ٧٥ : ١٦ ـ ١٩.

٨٢

[٣٢]

باب الإعتقاد في القرآن

قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : اعتقادنا في القرآن أنّه كلام الله ، ووحيه ، وتنزيله ، وقوله ، وكتابه.

وأنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (١).

وأنّه القصص الحق (٢). وأنّه قول فصل ، وما هو بالهزل (٣).

وأنّ الله تعالى محدثه ، ومنزله ، وحافظه ، وربّه (٤).

__________________

(١) في ج ، ر زيادة : تنزيل من حكيم عليم. العبارة إشارة إلى الآية ٤٢ من سورة فصّلت.

(٢) إشارة إلى الآية ٦٢ من سورة آل عمران.

(٣) إشارة إلى الآية ١٣ من سورة الطارق.

(٤) في ج ، ر زيادة : والمتكلم به.

٨٣

[٣٣]

باب الإعتقاد في مبلغ القرآن

قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو ما بين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ، ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.

وعندنا أنّ الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة (١).

ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب.

وما روي من ثواب قراءة كل سورة من القرآن ، وثواب من ختم القرآن كلّه (٢) ، وجواز قراءة سورتين في ركعة نافلة ، والنهي عن القران بين سورتين في ركعة فريضة ، تصديق لما قلناه في أمر القرآن وأن مبلغه ما في أيدي الناس.

وكذلك ما روي من النهي عن قراءة القرآن كلّه في ليلة واحدة ، وأنه لا يجوز أن يختم في أقل من ثلاثة أيام ، تصديق لما قلناه أيضاً (٣).

بل نقول : إنه قد نزل الوحي الذي ليس بقرآن ، ما لو جمع إلى القرآن لكان

__________________

(١) في ر زيادة : والأنفال والتوبة سورة واحدة.

(٢) راجع : ثواب الأعمال : ١٢٥ ـ ١٥٧.

(٣) راجع : عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨١ ، والكافي ٢ : ٤٥١ باب في كم يقرأ القرآن ويختم.

٨٤

مبلغه مقدار سبعة عشر ألف آية.

وذلك مثل قول جبرئيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إن الله تعالى يقول لك : يا محمد ، دار خلقي » (١).

ومثل قوله : « اتّق شحناء الناس وعداوتهم » (٢).

ومثل قوله : « عش ما شئت فإنّك ميّت ، وأحبب ما شئت فإنّك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنّك ملاقيه. وشرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزّه كفّ الأذى عن الناس » (٣).

ومثل قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أدرد وأحفر (٤) ، وما زال يوصيني بالجار حتّى ظننت أنه سيورّثه ، وما زال يوصيني بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها ، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلاً يعتق به » (٥).

ومثل قول جبرئيل عليه‌السلام للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين فرغ من غزوة الخندق : « يا محمد إن الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة ».

ومثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض » (٦).

__________________

(١) رواه مسنداً الكليني في الكافي ٢ : ٩٥ باب المداراة ح ٢. وفي ج ، وهامش م زيادة مثلما اُداري.

(٢) رواه مسنداً الكليني في الكافي ٢ : ٢٢٨ باب المراء والخصومة ح ٩. والحديث بتمامه أثبتناه من ج ، ر.

(٣) رواه مسنداً المصنّف في أماليه : ١٩٤ المجلس الحادي والأربعين ح ٥ ، والخصال : ٧ باب الواحد ح ٢٠ باختلاف يسير.

(٤) في بعض النسخ : ( حتّى ظننت أنه فريضة ) مكان ( حتى خفت ... ).

(٥) روى نحوه مسنداً المصنّف في أماليه : ٣٤٩ ، المجلس السادس والستين ح ١.

(٦) رواه مسنداً الكليني في الكافي ٢ : ٩٦ باب المداراة ح ٤.

٨٥

ومثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّا معاشر الأنبياء اُمرنا أن لا نكلّم الناس إلا بمقدار عقولهم » (١).

ومثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ جبرئيل أتاني من قبل ربّي بأمر قرت به عيني ، وفرح به صدري وقلبي ، يقول : إنّ عليّاً أمير المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجّلين ».

ومثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « نزل عليّ جبرئيل فقال : يا محمد إنّ الله تعالى قد زوّج فاطمة عليّاً من فوق عرشه ، وأشهد على ذلك خيار ملائكته ، فزوّجها منه في الأرض ، وأشهد على ذلك خيار أمّتك ».

ومثل هذا (٢) كثير ، كلّه وحي ليس بقرآن ، ولو كان قرآنا لكان مقرونا به ، وموصلاً إليه غير مفصول عنه (٣) كما كان أمير المؤمنين عليه‌السلام جمعه ، فلمّا جاءهم به قال : « هذا كتاب ربّكم كما أُنزل على نبيّكم ، لم يزد فيه حرف ، ولم ينقص منه حرف ».

فقالوا : لا حاجة لنا فيه ، عندنا مثل الذي عندك. فانصرف وهو يقول : ( فنبذوه ورآء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون ) (٤).

وقال الصادق عليه‌السلام : « القرآن واحد ، نزل من عند واحد على واحد ، وإنّما الاختلاف من جهة الرواة » (٥).

__________________

(١) رواه مسنداً الكليني في الكافي ١ : ١٨ كتاب العقل والجهل ح ١٨ ، والمصنّف في أماليه : ٣٤١ ، المجلس الخامس والستين ح ٦ ، باختلاف يسير في اللفظ.

(٢) في م : ذلك.

(٣) في م ، ق ، س : منه.

(٤) آل عمران ٣ : ١٨٧.

(٥) رواه الكليني في الكافي ٢ : ٤٦١ باب النوادر ح ١٢ باختلاف يسير. وصيغة الحديث في ر : « أنزل من واحد على واحد ، وإنّما الاختلاف وقع من جهة الرواية ».

٨٦

وكلّ ما كان في القرآن مثل قوله : ( لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين ) (١) ومثل قوله تعالى : ( ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخر ) (٢) ومثل قوله تعالى : ( ولولا أن ثبَّتنك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا * إذاً لأذقنك ضعف الحيوة وضعف الممات ) (٣) وما أشبه ذلك ، فاعتقدنا فيه أنّه نزل على (٤) إيّاك أعني واسمعي يا جارة.

وكلّ ما كان في القرآن « أو » فصاحبه فيه بالخيار.

وكلّ ما كان في القرآن : ( يا أيّها الّذين آمنوا ) فهو في التوراة : يا أيّها المساكين.

وما من آية أولها : ( يا أيها الذين آمنوا ) إلا ابن أبي طالب قائدها ، وأميرها ، وشريفها ، وأوّلها.

وما من آية تسوق (٥) إلى الجنّة إلا وهي في النبي والأئمّة عليهم‌السلام ، وفي أشياعهم وأتباعهم.

وما من آية تسوق (٦) إلى النار إلا وهي في أعدائهم والمخالفين لهم.

وإن كانت الآيات (٧) في ذكر الأوّلين فإنّ كل ما كان فيها (٨) من خير فهو

__________________

(١) الزمر ٣٩ : ٦٥.

(٢) الفتح ٤٨ : ٢.

(٣) الاسراء ١٧ : ٧٤ ، ٧٥.

(٤) ليست في م ، ق.

(٥) في بعض النسخ : تشوّق.

(٦) في بعض النسخ : تخوّف من.

(٧) في م : الآية.

(٨) العبارة في م ، ر : فإن / فما كان فيها.

٨٧

جار في أهل الخير (١) وما كان فيها من شرٍّ فهو جار في أهل الشر (٢).

وليس في الأنبياء خير من النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا في الأوصياء أفضل من أوصيائه ، ولا في الاُمم أفضل من هذه الاُمة الذين هم شيعة أهل بيته في الحقيقة دون غيرهم ، ولا في الأشرار شرّ من أعدائهم والمخالفين لهم (٣).

__________________

(١) في ر : الجنة.

(٢) في ر : النار.

(٣) العبارة في ر : والمخالفين من سائر الناس في الاُمة.

٨٨

[٣٤]

باب الإعتقاد في الأنبياء والرسل والحجج (١) عليهم‌السلام

قال الشيخ رحمه‌الله : اعتقادنا في الأنبياء والرسل والحجج صلوات الله عليهم أنّهم أفضل من الملائكة.

وقول الملائكة لله عزّوجلّ لما قال لهم : ( إنّي جاعل في الأرض خليفةً قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ) (٢) هو التمنّي فيها لمنزلة آدم عليه‌السلام ، ولم يتمنّوا إلا منزلة فوق منزلتهم ، والعلم يوجب فضله (٣).

قال الله تعالى : ( وعلّم آدم الأسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملئكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صدقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) (٤).

فهذا كله يوجب تفضيل آدم على الملائكة ، وهو نبي لهم ، بقول الله تعالى :

__________________

(١) ليست في ق ، س.

(٢) البقرة ٢ : ٣٠ وفي ر وهامش م أكملت الآية بقوله تعالى : ( قال إني أعلم ما لا تعلمون ).

(٣) في ج وهامش م : الفضيلة.

(٤) البقرة ٢ : ٣١ ـ ٣٣.

٨٩

( أنبئهم بأسمائهم ).

ولما ثبت (١) تفضيل آدم على الملائكة (٢) أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم ، لقوله تعالى : ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون ) (٣).

ولم يأمرهم الله بالسجود إلا لمن هو أفضل منهم ، وكان سجودهم لله تعالى عبودية وطاعة لآدم (٤) إكراماً لما أودع الله صلبه من (٥) النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنا أفضل من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، ومن جميع الملائكة المقرّبين ، ومن حملة العرش وأنا خير البريّة ، وأنا سيّد ولد آدم » (٦).

وأمّا قوله تعالى : ( لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقرّبون ) (٧) فليس ذلك بموجب لتفضيلهم على عيسى. وإنّما قال تعالى ذلك ، لأنّ الناس منهم من كان يعتقد الربوبية لعيسى ويتعبّد له وهم صنف من النصارى ، ومنهم من عبد الملائكة وهم الصابئون وغيرهم ، فقال الله عزّوجلّ لن يستنكف المسيح والمعبودون دوني أن يكونا عباداً لي.

والملائكة روحانيون ، معصومون ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما

__________________

(١) في بعض النسخ : وممّا يثبت.

(٢) العبارة في م ، ج ، ق ، س : ومما / ولما يثبت تفضيل آدم على تفضيل ( ليست في م ، ج ) الملائكة.

(٣) الحجر ١٥ : ٣٠.

(٤) العبارة في م : عبودية ولآدم طاعة ، وفي ر : عبودية وطاعة لآدم ، وفي ق ، س أسقطت كلمة العبودية ، وأثبتت في الاولى : وطاعة ، وفي الثانية : طاعة. وما أثبتناه هو الأنسب.

(٥) في بعض النسخ : في صلبه من أرواح النبي و ...

(٦) راجع : كمال الدين ١ : ٢٦١ ح ٧ ، أمالي الصدوق : ١٥٧ ، المجلس الخامس والثلاثين ح ١. « ومن حملة العرش » أثبتناها من ر.

(٧) النساء ٤ : ١٧٢.

٩٠

يؤمرون. لا يأكلون ، ولا يشربون ، ولا يألمون (١) ، ولا يسقمون ، ولا يشيبون ، ولا يهرمون. طعامهم وشرابهم (٢) التسبيح والتقديس ، وعيشهم من نسيم (٣) العرش ، وتلذذهم بأنواع العلوم. خلقهم الله (٤) أنواراً وأرواحاً كما شاء وأراد ، وكل صنف منهم يحفظ نوعاً ممّا خلق الله تعالى (٥).

وقلنا بتفضيل من فضلناه عليهم ، لأنّ الحال (٦) التي يصيرون إليها (٧) أفضل من حال الملائكة. والله أعلم وأحكم.

__________________

(١) في هامش ر : ينامون.

(٢) ليست في ق ، س.

(٣) في ق : تسنيم.

(٤) في ج ، وهامش ر : زيادة بقدرته.

(٥) الله تعالى ، أثبتناها من ر.

(٦) في هامش ر : العاقبة.

(٧) في م ، ج زيادة : من أنواع ما خلق الله أعظم و...

٩١

[٣٥]

باب الإعتقاد في عدد الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام

قال الشيخ ـ رحمة الله عليه ـ : اعتقادنا في عددهم أنّهم مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ، ومائة ألف وصي وأربعة وعشرون ألف وصي (١) ، لكل نبي منهم وصي أوصى إليه بأمر الله تعالى.

ونعتقد فيهم أنّهم جاءوا بالحق من عند الحق ، وأنّ (٢) قولهم قول الله تعالى ، وأمرهم أمر الله تعالى ، وطاعتهم طاعة الله تعالى ، ومعصيتهم معصية الله تعالى.

وأنّهم عليه‌السلام لم ينطقوا إلا عن الله تعالى وعن وحيه.

وأنّ سادة الأنبياء خمسة الذين عليهم دارت الرحى (٣) وهم أصحاب الشرايع ، وهم أولو العزم : نوح ، إبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلوت الله عليهم أجمعين.

وأنّ محمداً سيدهم وأفضلهم ، وأنّه (٤) جاء بالحق وصدق المرسلين. وأنّ الذين كذبوا لذائقوا العذاب الأليم (٥) ، وأنّ الذين ( آمنوا به وعزَّروه ونصروه

__________________

(١)

(٢) في م ، ق : فإن.

(٣) في م : دار الوحي. وراجع الكافي ١ : ١٣٣ باب طبقات الأنبياء والرسل ح ٣.

(٤) أثبتناها من م ، ج.

(٥) إشارة إلى الآيتين ٣٧ ، ٣٨ من سورة الصافّات.

٩٢

واتَّبعوا النُّور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) (١) الفائزون.

ويجب أن نعتقد أنّ الله تعالى لم يخلق خلقاً أفضل من محمد والأئمّة ، وأنّهم أحبّ الخلق إلى الله ، وأكرمهم عليه (٢) ، وأولهم إقراراً به لما أخذ الله ميثاق النبيين ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى ) (٣).

وأنّ الله تعالى بعث نبيه محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الأنبياء في الذرّ.

وأنّ الله تعالى أعطى ما أعطى كل نبي على قدر معرفته نبيّنا ، وسبقه إلى الاقرار به.

وأنّ (٤) الله تعالى خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته (٥) عليهم‌السلام وأنّه لولاهم لما خلق الله السماء والأرض ، ولا الجنّة ولا النار ، ولا آدم ولا حواء ، ولا الملائكة ولا شيئاً ممّا خلق (٦) ، صلوات الله عليهم أجمعين.

واعتقادنا أنّ حجج الله تعالى على خلقه بعد نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأئمّة الاثنا عشر : أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ علي بن محمد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ محمد بن الحسن الحجة القائم صاحب الزمان خليفة الله في أرضه ، صلوات الله عليهم

__________________

(١) الأعراف ٧ : ١٥٧.

(٢) ليست في م ، ج.

(٣) الأعراف ٧ : ١٧٢.

(٤) في م : فإن ، وفي ر : ونعتقد أنّ.

(٥) في س : نبيّه.

(٦) العبارة في م : ولا الملائكة ولا الأشياء.

٩٣

أجمعين (١).

واعتقادنا فيهم :

أنّهم أولوا الأمر الّذين أمر الله تعالى بطاعتهم.

وأنّهم الشهداء على الناس.

وأنّهم أبواب الله ، والسبيل إليه ، والأدلاء عليه.

وأنّهم عيبة علمه ، وتراجمة وحيه (٢) وأركان توحيده.

وأنّهم معصومون من الخطأ والزلل.

وأنّهم الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وأنّ لهم المعجزات والدلائل.

وأنّهم أمان لأهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء.

وأنّ مثلهم في هذه الأُمة كسفينة نوح أو كباب حطّة.

وأنّهم عباد الله المكرمون الّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

ونعتقد فيهم أنّ حبهم إيمان ، وبغضهم كفر.

وأنّ أمرهم أمر الله تعالى ، ونهيهم نهي الله تعالى ، وطاعتهم طاعة الله تعالى ، ووليهم ولي الله تعالى ، وعدوّهم عدو الله تعالى ، ومعصيتهم معصية الله تعالى.

ونعتقد أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه ، إمّا ظاهر مشهور أو خائف مغمور.

__________________

(١) اختصرت الفقرة في م كما يلي : ثم الحسين ، إلى صاحب الزمان عليهم‌السلام وزيد فيها وهم خلفاء الله في أرضه. وفي ر : ثم محمد بن الحسن الخلف الحجة القائم بأمر الله صاحب الزمان الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار ، خليفة الله ...

(٢) وتراجمة وحيه ، ليست في ق ، س.

٩٤

ونعتقد أنّ حجّة الله في أرضه ، وخليفته على عباده في زماننا هذا ، هو القائم المنتظر محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وأنّه هو الذي أخبر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الله عزّوجلّ باسمه ونسبه.

وأنّه هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً.

وأنّه هو الذي يظهر الله به دينه ، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

وأنّه هو الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، حتى لا يبقى في الأرض مكان إلا نودي فيه بالأذان ، ويكون الدين كلّه لله تعالى.

وأنّه هو المهدي الذي أخبر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه (١) إذا خرج نزل عيسى بن مريم عليه‌السلام فصلّى خلفه ، ويكون المصلّي (٢) إذا صلّى خلفه كمن كان (٣) مصلياً خلف رسول الله ، لأنّه خليفته.

ونعتقد أنّه لا يجوز أن يكون القائم غيره ، بقي في غيبته ما بقي ، ولو بقي في (٤) غيبته عمر الدنيا لم يكن القائم غيره ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام دلوا عليه باسمه نسبه ، وبه نصّوا ، وبه بشّروا (٥) صلوات الله عليهم.

وقد أخرجت هذا الفصل من (٦) كتاب الهداية (٧).

__________________

(١) في م : وأنّه.

(٢) ليست في ق ، س.

(٣) كمن كان ، ليست في م.

(٤) أثبتناها من ر.

(٥) في م الفقرة كما يلي : وباسمه ونسبه نصّوا به وبشّروا.

(٦) في ر ، س : في.

(٧) الهداية : ٧.

٩٥

[٣٦]

باب الإعتقاد في العصمة

قال الشيخ أبو جعفر رضي‌الله‌عنه : اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمّة والملائكة صلوات الله عليهم أنّهم معصومون مطهّرون من كل دنس ، وأنّهم لا يذنبون ذنباً ، لا صغيراً ولا كبيراً ، ولا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون.

ومن نفي عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم (١).

واعتقادنا فيهم أنهم موصوفون بالكمال والتمام (٢) والعلم من أوائل اُمورهم إلى أواخرها ، لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان (٣) ولا جهل.

__________________

(١) في ج ، ر زيادة : ومن جهلهم فهو كافر.

(٢) ليست في م.

(٣) أثبتناها من ج ، ر.

٩٦

[٣٧]

باب الإعتقاد في نفي الغلو والتفويض

قال الشيخ أبو جعفر رضي‌الله‌عنه : اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنّهم كفّار بالله تعالى ، وأنّهم أشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية (١) ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلّة ، وأنّه ما صغّر الله جل جلاله تصغيرهم شيء.

وقال الله تعالى : ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتب والحكم والنُّبوة ثمّ يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربنيين بما كنتم تعلّمون الكتب وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنَّبيّين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مُّسلمون ) (٢).

وقال الله تعالى : ( لا تغلوا في دينكم ) (٣).

واعتقادنا في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه سمُّ في غزوة خيبر (٤) ، فما زالت هذه الأكلة تعاده حتى قطعت أبهره (٥) فمات منها.

__________________

(١) في ق : والحروبية. وفي ر زيادة الحربية / الحروبية والنورية.

(٢) آل عمران ٣ : ٧٩ ، ٨٠.

(٣) النساء ٤ : ١٧١.

(٤) في س : حنين.

(٥) الأبهر : عرق في الظهر ، وقيل في القلب إذا انقطع مات.

٩٧

وأمير المؤمنين عليه‌السلام قتله عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله ، ودفن بالغري.

والحسن بن علي عليهما‌السلام سمته امرأته جعدة بنت الأشعث الكندي ، مات في ذلك.

والحسين بن علي عليهما‌السلام قتل بكربلاء ، وقاتله سنان بن أنس لعنه الله (١).

وعلي بن الحسين سيد العابدين عليه‌السلام سمّه الوليد بن عبد الملك فقتله.

والباقر محمد بن علي عليهما‌السلام سمّه إبراهيم بن وليد فقتله.

والصادق عليه‌السلام سمّه المنصور فقتله (٢).

وموسى بن جعفر عليهما‌السلام سمّه هارون الرشيد فقتله.

والرضا علي بن موسى عليهما‌السلام قتله المأمون بالسم.

وأبو جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام قتله المعتصم بالسم.

وعلي بن محمد عليه‌السلام قتله المعتضد (٣) بالسم.

__________________

(١) في م : قتله بكربلاء سنان لعنه الله.

(٢) في م : والصادق عليه‌السلام قتله المنصور بالسم.

(٣) أثبتناها من م ، وفي النسخ : المتوكل. والظاهر أن أغلب المصادر التاريخية تثبت أنّ وفاته عليه‌السلام كانت سنة ٢٥٤ وهو يوافق ملك المعتز ، بل صرّح بعضهم أنّه عليه‌السلام توفّي في أيامه بينما بويع المعتضد سنة ٢٧٩ وهلك سنة ٢٨٩. راجع تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٠٣ ، الكامل لابن الأثير ٧ : ١٨٩ ، أعلام الورى : ٣٥٥ كشف الغمة ٢ : ٣٧٥.

ويحتمل أن تكون تصحيف المعتمد ، لقرب عهد الإمام بملكه ، ولأنّ هناك قولاً بذلك قد نسب إلى الصدوق بالذات ، راجع المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٠١.

٩٨

والحسن بن علي العسكري عليه‌السلام قتله المعتمد (١) بالسم.

واعتقادنا في ذلك أنّه جرى عليهم على الحقيقة ، وأنّه ما شبه للناس أمرهم كما يزعمه من يتجاوز الحدّ فيهم (٢) ، بل شاهدوا قتلهم على الحقيقة والصحة ، لا على الحسبان والخيلولة ، ولا على الشك والشبهة. فمن زعم أنّهم شبّهوا ، أو واحد منهم ، فليس من ديننا على شيء ، ونحن منه برآء.

وقد أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام أنّهم مقتولون ، فمن قال إنّهم لم يقتلوا فقد كذبّهم ، ومن كذبّهم كذّب الله وكفر به وخرج من الاسلام ، ( ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) (٣).

وكان الرضا عليه‌السلام يقول في دعائه :

« اللّهّم إنّي أبرأ إليك من الحول والقوة ، فلا حول ولا قوة إلا بك (٤).

اللّهّم إنّي أبرأ إليك من الّذين ادّعوا لنا ما ليس لنا بحق.

اللّهّم إنّي أبرأ إليك من الّذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا.

اللّهّم لك الخلق (٥) ومنك الأمر ، وإيّاك نعبد وإيّاك نستعين.

اللّهّم أنت خالقنا وخالق آبائنا الأولين وآبائنا الآخرين.

اللّهّم لا تليق الربوبية إلا بك ، ولا تصلح الإلهية إلا لك ، فالعن النصارى الّذين صغّروا عظمتك ، والعن المضاهين لقولهم من بريّتك.

__________________

(١) في م : المتوكل.

(٢) في ر ، ج زيادة : من الناس.

(٣) آل عمران ٣ : ٨٥.

(٤) صدر الدعاء أثبتناه من ر ، ج ، وبحار الأنوار ٢٥ : ٣٤٣.

(٥) في ر : الحمد ، وفي هامشها : الخلق.

٩٩

اللّهّم إنّا عبيدك وأبناء عبيدك ، لا نملك لأنفسنا ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً.

اللّهّم من زعم أنّنا أرباب فنحن إليك منه براء ، ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن إليك (١) منه براء كبراءة عيسى عليه‌السلام من النصارى.

اللّهّم إنّا لم ندعهم إلى ما يزعمون ، فلا تؤاخذنا بما يقولون واغفر لنا ما يزعمون (٢).

( رَبِّ لا تذرْ على الأرض من الكافرين ديَّاراً * إنَّك إن تذرهم يضلُّوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفّاراً ) (٣).

وروي عن زرارة أنّه قال ، قلت للصادق عليه‌السلام : إنّ رجلاً من ولد عبدالله بن سبأ يقول بالتفويض.

قال عليه‌السلام : « وما التفويض » ؟ قلت : يقول : إنّ الله عزّوجلّ خلق محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلياً عليه‌السلام ثمّ فوض الأمر (٤) إليهما ، فخلقا ، ورزقا ، وأحييا ، وأماتا.

فقال : « كذب عدوّ الله ، إذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد ( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشبه الخلق عليهم قل الله خالق كلّ شيء وهو الواحد القهَّر ) (٥). فانصرفت إلى رجل فأخبرته بما قال الصادق عليه‌السلام (٦) فكأنّما ألقمته حجراً ، أو قال : فكأنّما خرس.

__________________

(١) أثبتناها من ق ، ج.

(٢) « واغفر لنا ما يزعمون » أثبتناها من ر ، ج وفي بحار الأنوار ٢٥ : ٣٤٣ : « واغفر لنا ما يدعون ».

(٣) نوح ٧١ : ٢٦ ، ٢٧.

(٤) أثبتناها من م ، ج.

(٥) الرعد ١٣ : ١٦.

(٦) بما قال الصادق عليه‌السلام ، ليست في ق ، س.

١٠٠