الإعتقادات

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

الإعتقادات

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: عصام عبد السيد
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٢٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

[١]

باب في صفة اعتقاد الإمامية

في التوحيد (١)

قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ـ الفقيه المصنّف لهذا الكتاب إعلم أنّ اعتقادنا في التوحيد أنّ الله تعالى واحد ، أحد ،

__________________

(١) انفردت ق بذكر سند لرواية الكتاب وهو :

حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي المجاور ، قال : حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه.

وحدثني أبو عبدالله الحسين بن علي بن موسى بن بابويه الفقيه القمي عن أخيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه مصنف هذا الكتاب قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي رضي‌الله‌عنه : اعتقادنا في التوحيد ...

وأبو محمد الحسن بن أحمد العجلي ثقة ، من وجوه الأصحاب ، وأبوه وجدّه ثقتان وهم من أهل الري جاور في آخر عمره بالكوفة وله كتب منها كتاب الجامع وكتاب المثاني. راجع : رجال النجاشي / الترجمة ١٥١ ورجال ابن داود / الترجمة ٣٩٧ ورجال العلامة / الترجمة ٤٦.

وأمّا أبو عبدالله الحسين بن علي بن بابويه فهو ثقة أيضاً كثير الرواية ، روى عن جماعة وأبيه إجازة وأخيه ، له كتب ، منها كتاب التوحيد ونفي التشبيه. راجع : رجال النجاشي / الترجمة ١٦٣.

رجال الطوسي / فيمن لم يرو عن الأئمّة ـ عليهم‌السلام / الترجمة ٢٨ ورجال ابن داود / الترجمة ٤٨٨.

٢١

ليس كمثله شيء ، قديم (١) لم يزال ولا يزال ، سميع بصير ، عليم ، حكيم ، حي ، قيّوم ، عزيز ، قدوس ، قادر ، غني.

لا يوصف بجوهر ، ولا جسم (٢) ولا صورة ، ولا عرض ، ولا خط (٣) ولا سطح ، ولا ثقل (٤) ولا خفة ، ولا سكون ، ولا حركة ، ولا مكان ، ولا زمان.

وأنّه تعالى متعال عن جميع صفات خلقه ، خارج من الحدّين : حدّ الإبطال وحد التشبيه.

وأنّه تعالى شيء لا كالأشياء ، أحد ، صمد لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك ، ولم يكن له كف أحد (٥) ولا ند (٦) ولا ضد (٧) ولا شبه ولا صاحبة ، ولا مثل ، ولا نظير ، ولا شريك. لا تدركه الأبصار والأوهام وهو يدركها ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، وهو اللطيف الخبير (٨) خالق كل شيء ، لا إله إلا هو له الخلق والأمر تبارك الله ربّ العالمين.

ومن قال بالتشبيه فهو مشرك. ومن نسب إلى الإمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب.

وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوع مخترع ، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو باطل وإن وجد في كتاب علمائنا فهو مدلّس.

__________________

(١) ديم ليست في ق س.

(٢) في م ، ق ، س : بجسم.

(٣) في ر زيادة : ولا لون.

(٤) في م زيادة : له.

(٥) أحد ليست في ق ، وعندئذ يكون ما بعدها منصوباً كما في النسخة.

(٦) في ر ، س زيادة : له.

(٧) ولا ضد ، أثبتناها من ج وفي ر : ولا ضد له ، وخلت باقي النسخ منها.

(٨) العبارة : وهو يدركها ... اللطيف الخبير ، ليست في ق ، س.

٢٢

والأخبار التي يتوهّمها الجهّال تشبيهاً لله تعالى بخلقه ، فمعانيها محمولة على ما في القرآن من نظائرها.

لأنّ في القرآن : ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ ) (١) ومعنى الوجه : الدين و [ الدين هو ] الوجه الذي يؤتى الله منه ، ويتوجّه به إليه.

وفي القرآن : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) (٢) والساق : وجه الأمر وشدّته.

وفي القرآن : ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ) (٣) والجنب : الطاعة.

وفي القرآن : ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) (٤) والروح هي روح مخلوقة جعل الله منها في آدم وعيسى عليهما‌السلام وإنمّا قال روحي كما قال بيتي وعبدي وجنّتي وناري وسمائي وأرضي.

وفي القرآن ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) (٥) يعني نعمة الدنيا ونعمة الآخرة.

وفي القرآن : ( والسَّماء بنيناها بأييدٍ ) (٦) والأيد : القوة ومنه قوله تعالى : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ) (٧) يعني ذا القوة.

وفي القرآن : ( يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) (٨) يعني

__________________

(١) القصص ٢٨ : ٨٨.

(٢) القلم ٦٨ : ٤٢.

(٣) الزمر ٣٩ : ٥٦.

(٤) الحجر ١٥ : ٢٩.

(٥) المائدة ٥ : ٦٤.

(٦) الذاريات ٥١ : ٤٧.

(٧) ص ٣٨ : ١٧.

(٨) ص ٣٨ : ٧٥.

٢٣

بقدرتي وقوّتي.

وفي القرآن : ( وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (١) يعني ملكه ، لا يملكها معه أحد.

وفي القرآن : ( والسَّموات مطويّت بيمينه ) (٢) يعني بقدرته.

وفي القرآن : ( وجاء ربُّك والملك صفّاً صفّاً ) (٣) يعني وجاء أمر ربّك وفي القرآن : ( كلَّا إنهم عن ربّهم يومئذٍ لمحجوبون ) (٤) يعني عن ثواب ربّهم.

وفي القرآن : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلٍ من الغمام والملائكة ) (٥) أي عذاب الله (٦).

وفي القرآن : ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربّها ناظرة ) (٧) يعني مشرقة تنظر (٨) ثواب ربّها.

وفي القرآن : ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) (٩) وغضب الله عقابه ،

__________________

(١) (٢) الزمر ٣٩ : ٦٧.

(٣) الفجر ٨٩ : ٢٢.

(٤) المطفّفين ٨٣ : ١٥.

(٥) البقرة ٢ : ٢١٠.

(٦) العبارة في ر : أي يأتيهم عذاب الله. وفي ق : ومعناه هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل. من الغمام. وفي س كما في ق بزيادة : والملائكة قد نزلت في قطعة من الغمام كما نزلت لعيسى عليه‌السلام بالمائدة.

(٧) القيامة ٧٥ : ٢٢ ، ٢٣.

(٨) في م ، س : تنظر ، وفي هامش م : منتظرة.

(٩) طه : ٢٠ : ٨١.

٢٤

ورضاه ثوابه.

وفي القرآن : ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) (١) أي تعلم غيبي ولا أعلم غيبك.

وفي القرآن : ( ويحذّركم الله نفسه ) (٢) يعني انتقامه.

وفي القرآن : ( إنّ الله وملئكته يصلّون على النَّبيّ ) (٣).

وفي القرآن : ( هو الّذي يصلّي عليكم وملئكته ) (٤) والصلاة من الله رحمة ، ومن الملائكة (٥) تزكية ، ومن الناس دعاء.

وفي القرآن : ( ومكروا ومكر الله وخير المكرين ) (٦).

وفي القرآن : ( يخدعون الله وهو خدعهم ) (٧).

وفي القرآن : ( الله يستهزئ بهم ) (٨).

وفي القرآن : ( سخر الله منهم ) (٩).

وفي القرآن : ( نسوا الله فنسيهم ) (١٠).

__________________

(١) المائدة ٥ : ١١٦.

(٢) آل عمران ٣ : ٢٨.

(٣) الأحزاب ٣٣ : ٥٦.

(٤) الأحزاب ٣٣ : ٤٣.

(٥) في ر ، ج ، زيادة : استغفار و.

(٦) آل عمران ٣ : ٥٤.

(٧) النساء ٤ : ١٤٢.

(٨) البقرة ٢ : ١٥.

(٩) التوبة ٩ : ٧٩.

(١٠) التوبة ٩ : ٦٧.

٢٥

ومعنى ذلك كلّه (١) أنّه عزّوجلّ يجازيهم جزاء المكر ، وجزاء المخادعة ، وجزاء الاستهزاء ، وجزاء السخرية ، وجزاء النسيان ، وهو أن ينسيهم أنفسهم ، كما قال عزّوجلّ : ( ولا تكونوا كالّذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) (٢) لأنه عزّوجلّ في الحقيقة لا يمكر ، ولا يخادع ، ولا يستهزئ ، ولا يسخر ، ولا ينسى (٣) تعالى الله عزّ وجلّ عن ذلك علوّاً كبيراً (٤).

وليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف والالحاد إلا مثل هذه الألفاظ ومعانيها معاني ألفاظ القرآن (٥).

__________________

(١) ليست في ق س.

(٢) الحشر ٥٩ : ٥٩.

(٣) في م : لا يمكر ، أو يخادع ، أو يستهزئ ، أو يسخر ، أو ينسى ، وفي ق : لا يمكر ، ويخادع ، ويستهزئ ، ويسخر وينسى.

(٤) الفقرة في م كما يلي : ومعنى ذلك كلّه أنّه فعل مثل فعلهم من المكر والكيد والاستهزاء ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

(٥) عبارة : وليس يرد ... ألفاظ القرآن ، ليست في ق ، س.

٢٦

[٢]

باب الإعتقاد في صفات الذات وصفات الأفعال

قال الشيخ أبو جعفر رحمه‌الله : كل ما وصفنا الله تعالى به من صفات ذاته ، فإنّما (١) نريد بكل صفة منها نفي ضدّها عنه تعالى.

ونقول : لم يزل الله تعالى سميعاً ، بصيراً ، عليماً ، حكيماً ، قادراً ، عزيزاً ، حياً ، قيّوماً ، واحداً ، قديماً. وهذه صفات ذاته (٢).

ولا نقول : إنّه تعالى لم يزل خلاقاً (٣) فاعلاً ، شائياً ، مريداً ، راضياً ، ساخطاً ، رازقاً ، وهاباً ، متكلماً ، لأنّ هذه صفات أفعاله وهي محدثة لا يجوز أن يقال : لم يزل الله تعالى موصوفاً بها.

__________________

(١) في م فإنّا.

(٢) في م صفات الذات ، وفي ق : الصفات ذاته.

(٣) في هامش م ، ر : خالقاً.

٢٧

[٣]

باب الإعتقاد في التكليف

قال الشيخ ـ أبو جعفر ـ رحمة الله عليه ـ اعتقادنا في التكليف هو أنّ الله تعالى لم يكلّف عباده إلا دون ما يطيقون ، كما قال الله في القرآن ( لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها ) (١) والوسع دون الطاقة.

وقال الصادق عليه‌السلام : « والله تعالى ما كلّف العباد إلا دون ما يطيقون ، لأنّه كلّفهم في كل يوم وليلة خمس صلوات ، وكلّفهم في السنة صيام ثلاثين يوماً ، وكلّفهم في كل مائتي درهم خمسة دراهم ، وكلّفهم حجة واحدة ، وهم يطيقون أكثر من ذلك » (٢) (٣).

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٨٦.

(٢) روى نحوه البرقي في المحاسن : ٢٩٦ باب الاستطاعة والاجبار من كتاب مصابيح الظلم ـ ح ٤٦٥.

(٣) في ر ، س : « ما مكلف الله العباد ». وفي ج : « وكلفهم في العمر حجة واحدة ». وعبارة : من العبادات الشرعية والعقلية ، أثبتت في ر في موضعين : بعد « ما يطيقون » وبعد « وهم يطيقون أكثر من ذلك » ، وفي س أثبتت في الموضع الأول ، وفي م أثبتت في الموضع الثاني ، بينما خلت منها ق ، ج ، وبحار الأنوار ٥ : ٣٠٥. والمحاسن : وآثرنا عدم تثبيتها في المتن ، لأنها تبدو من إضافات المحشين التي تُفحم غفلة في المتون أحياناً.

٢٨

[٤]

باب الإعتقاد في افعال العباد

قال الشيخ أبو جعفر ـ رحمة الله عليه ـ : اعتقادنا في أفعال العباد أنّها مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ، ومعنى ذلك أنّه لم يزل الله عالماً بمقاديرها. (١)

[٥]

باب الإعتقاد في نفي الجبر والتفويض

قال الشيخ أبو جعفر ـ رحمة الله عليه ـ : اعتقادنا في ذلك قول الصادق عليه‌السلام : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين ».

فقيل له : وما أمر بين أمرين ؟

قال : « ذلك مثل رجل رايته على معصية فنهيته ، فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية ، فليس حيث لا يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية » (٢).

__________________

(١) العبارة في م : وذلك أنّه تعالى لم يزل عالماً بمقاديرها.

(٢) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٦٢ باب نفي الجبر والتفويض ح ٨ ، والكليني في الكافي ١ : ١٢٢ باب الجبر والقدر ح ١٣.

٢٩

[٦]

باب الإعتقاد في الإرادة والمشيئة

قال الشيخ أبو جعفر ـ رحمة الله عليه ـ : اعتقادنا في ذلك قول الصادق عليه‌السلام : « شاء الله وأراد ولم يحب ولم يرض ، شاء أن لا يكون شيء إلا بعلمه ، وأراد مثل ذلك ، ولم يحب أن يقال له ثالث ثلاثة ، ولم يرض لعباده الكفر ». (١).

قال الله تعالى : ( إنَّك لا تهدي من أحببت ولكنَّ الله يهدى من يشاء ) (٢).

وقال تعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) (٣).

وقال : ( ولو شاء ربُّك لآمن من في الأرض كلُّهم جميعاً أفأنت تكره النّاس حتَّى يكونوا مؤمنين ) (٤).

وقال عزّوجلّ : ( وما كان لنفسٍ أن تؤمن إلا بإذن الله ) (٥).

كما قال تعالى : ( وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مُؤجَّلاً ) (٦).

__________________

(١) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٣٩ / باب المشيئة والإرادة ح ٩ والكليني في الكافي ١ : ١١٧ / باب المشيئة والإرادة ح ٥. وفي ر ، س : ولم يرض أن يكون شيئاً إلا بعلمه.

(٢) القصص ٢٨ : ٥٦.

(٣) الإنسان : ٧٦ : ٣٠.

(٤) (٥) يونس ١٠ : ٩٩ ، ١٠٠.

(٦) آل عمران ٣ : ١٤٥.

٣٠

وكما قال عزّوجلّ : ( يقولون لو كان لنا من من الأمر شيءٌ ما قتلنا ههنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) (١).

وقال تعالى : ( ولو شاء ربُّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ) (٢).

وقال جلّ جلاله : ( ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً ) (٣).

وقال تعالى : ( ولو شئنا لآتينا كلَّ نفس هداها ) (٤).

وقال عزّوجلّ : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيّقاً حرجاً كأنّما يصَّعَّد في السَّماء ) (٥).

وقال الله تعالى : ( يريد الله ليبيّن لكم ويهديكم سنن الّذين من قبلكم ويتوب عليكم ) (٦).

وقال تعالى : ( يريد الله ألا يجعل لهم حظّاً في الآخرة ) (٧).

وقال : ( يريد الله أن يخفّف عنكم ) (٨).

وقال تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) (٩).

وقال عزّوجلّ : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الّذين يتَّبعون الشَّهوات

__________________

(١) آل عمران ٣ : ١٥٤.

(٢) الأنعام ٦ : ١١٢.

(٣) الأنعام ٦ : ١٠٧.

(٤) السجدة ٣٢ : ١٣.

(٥) الأنعام ٦ : ١٢٥.

(٦) النساء ٤ : ٢٦.

(٧) آل عمران ٣ : ١٧٦.

(٨) النساء ٤ : ٢٨.

(٩) البقرة ٢ : ١٨٥.

٣١

أن تميلوا ميلاً عظيماً ) (١).

وقال : ( وما الله يريد ظلماً للعباد ) (٢).

فهذا اعتقادنا في الإرادة والمشيئة ومخالفونا يشنّعون علينا في ذلك ويقولون :

إنّا نقول إنّ الله تعالى أراد المعاصي وأراد قتل الحسين بن علي عليهما‌السلام وليس هكذا نقول.

ولكنّا نقول : إنّ الله تعالى أراد أن يكون معصية العاصين خلاف طاعة المطيعين.

واردا أن تكون المعاصي غير منسوبة إليه من جهة الفعل ، وأراد أن يكون موصوفاً بالعلم بها قبل كونها.

ونقول : أراد الله أن يكون قتل الحسين معصية خلاف الطاعة (٣).

ونقول : أراد الله أن يكون قتله (٤) منهياً عنه غير مأمور به.

ونقول : أراد الله تعالى أن يكون قتله مستقبحاً غير مستحسن.

ونقول : أراد الله تعالى أن يكون قتله سخطاً لله غير رضىً.

ونقول أراد الله ألا يمنع من قتله بالجبر والقدرة (٥) كما منع منه بالنهي (٦).

__________________

(١) النساء ٤ : ٢٧.

(٢) غافر ٤٠ : ٣١.

(٣) العبارة في ق : على معصية له خلاف الطاعة ، وفي ر : معصية له ...

(٤) في م : القتل.

(٥) في هامش م ، ر : والقهر.

(٦) في ق زيادة : والقول لا ندفع القتل عنه عليه‌السلام كما دفع ... ، والسقط واضح فيها. وفي ج : والقول ، ولو منع منه بالجبر والقدرة كما منع منه بالنهي والقول لا ندفع القتل عنه عليه‌السلام كما اندفع. وكأن الإضافة هنا لتدارك السقط في ق.

٣٢

ونقول : أراد الله أن لا يدفع القتل عنه عليه‌السلام كما دفع الحرق عن إبراهيم ، حين قال تعالى للنار التي أُلقي فيها : ( يا نار كوني برداً وسلماً على إبراهيم ) (١).

ونقول : لم يزل الله تعالى عالماً بأنّ الحسين سيقتل (٢) ويدرك بقتله سعادة الأبد ، ويشقى قاتله شقاوة الأبد.

ونقول : ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن.

هذا اعتقادنا في الإرادة والمشيئة دون ما نسبه (٣) إلينا أهل الخلاف والمشنّعون علينا من أهل الإلحاد.

__________________

(١) الأنبياء ٢١ : ٦٩.

(٢) في هامش ر : بالجبر ، وفي ج زيادة : جبراً.

(٣) في ر ، ج : ينسبه.

٣٣

[٧]

باب الإعتقاد في القضاء والقدر

قال الشيخ أبو جعفر ـ رحمة الله عليه ـ : اعتقادنا في ذلك قول الصادق عليه‌السلام لزرارة حين سأله فقال : ما تقول ـ يا سيدي (١) ـ في القضاء والقدر ؟ قال : « أقول إن الله تعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عمّا قضى عليهم » (٢).

والكلام في القدر منهي عنه ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لرجل قد سأله عن القدر ، فقال : « بحر عميق فلا تلجه ».

ثم سأله ثانية فقال : « طريق مظلم فلا تسلكه » ، ثم سأله ثالثة فقال : « سرّ الله فلا تتكلّفه ) (٣).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام في القدر : « ألا إنّ القدر سرّ من سرّ الله » ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطوي عن خلق الله ، مختوم

__________________

(١) أثبتناها من ر.

(٢) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٦٥ / باب القضاء والقدر ج ٢.

(٣) المصدر السابق ، ح ٣ وفي ق ، س : سر الله فلا تتكلمه ، وفي هامش ر : ... تكشفه ، وفي التوحيد ... تكلفه.

٣٤

بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله عن العباد علمه (١) ورفعه فوق شهاداتهم ، لأنّهم لا ينالونه بحقيقته الربّانية ، ولا بقدرته الصمدانية ولا بعظمته النورانيّة ، ولا بعزته الوحدانية (٢) لأنه بحر زاخر مواج خالص لله تعالى ، عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيات والحيتان ، يعلو مرّة ويسفل أُخرى ، في قعره شمس تضيء لا ينبغي أن يطلّع إليها إلا الواحد الفرد ، فمن تطلّع عليها (٣) فقد ضاد الله في حكمه ، ونازعه في سلطانه ، وكشف عن سره وستره ، وباء بغضب من الله ، ومأواه جهنم وبئس المصير » (٤).

وروي أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام عدل من عند حائط مائل إلى مكان آخر ، فقيل له : يا أمير المؤمنين ، تفر من قضاء الله ؟ فقال عليه‌السلام : « أفر من قضاء الله إلى قدر الله » (٥).

وسئل الصادق عليه‌السلام عن الرقى ، هل تدفع من القدر شيئاً ؟ فقال : « هي من القدر » (٦).

__________________

(١) العبارة في ر : « وضع العباد عن علمه » وفي باقي النسخ والتوحيد : « وضع الله العباد عن علمه » ، وفي هامش التوحيد : هكذا في كل النسخ إلا ج ففيها : « ومنع الله العباد عن علمه » وما أثبتناه هي عبارة البحار ٥ : ٩٧ كما أوردها عن كتابنا هذا.

(٢) العبارة في ق ، ر : « لأنّه لا ينالونه بحقيقته الربّانية ، ولا بقدرة / بقدر الصمدانية ، ولا بعظمة / بالعظمة النورانية ، ولا بعزّة الوحدانية ».

(٣) كذا في النسخ ، وفي التوحيد : « إليها » والظاهر أنّها الأنسب.

(٤) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٨٣ باب القضاء والقدر ح ٣٢.

(٥) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٦٩ باب القضاء والقدر ح ٨.

(٦) المصدر السابق ، ص ٣٨٢ ح ٢٩.

٣٥

[٨]

باب الإعتقاد في الفطرة والهداية

قال الشيخ أبو جعفر رحمه‌الله : اعتقادنا في ذلك أنّ الله تعالى فطر جميع الخلق على التوحيد ، وذلك قوله تعالى : ( فطرت الله الَّتي فطر النَّاس عليها ) (١).

وقال الصادق عليه‌السلام في قول الله تعالى : ( وما كان الله ليضلَّ قوماً بعد إذ هديهم حتَّى يبيّن لهم ما يتَّقون ) قال : « حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه ».

وقال في قوله تعالى : ( فألهمها فجورها وتقويها ) قال : « بيّن لها ما تأتي وما تترك ».

وقال في قوله تعالى : ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) قال « عرفناه إمّا آخذاً وإمّا تاركاً ».

وفي قوله تعالى : ( وأمّا ثمود فهدينهم فاستحبُّوا العمى على الهدى ) قال : « وهم يعرفون » (٢).

__________________

(١) الروم ٣٠ : ٣٠.

(٢) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ١١ ٤ باب التعريف والبيان والحجة ح ٤ ، والكليني في الكافي ١ : ١٢٤ باب البيان والتعريف ولزوم الحجة ح ٣.

والآيات الكريمة على التوالي في التوبة ٩ : ١٥ ، الشمس ٩١ : ٨ ، الإنسان ٧٦ : ٣ ، فصلت ٤١ : ١٧.

وصيغة تفسير الآية الثانية في م هي : ( يبيّن لها ما أتى وما ترك ).

وصدر تفسير الآية الأخيرة في المصدرين هو : ( عرفناهم فاستحبّوا العمى على الهدى وهم ... ).

٣٦

وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزّوجلّ : ( وهدينه النَّجدين ) قال : « نجد الخير ونجد الشر » (١).

وقال عليه‌السلام : ( ما حجب الله علمه عن العباد فهو ، موضوع عنهم ) (٢).

وقال عليه‌السلام : « إنّ الله احتجّ على الناس بما آتاهم وعرفهم » (٣).

__________________

(١) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٤١١ باب التعريف والبيان والحجة ح ٥ ، والكليني في الكافي ١ : ١٢٤ باب البيان والتعريف ح ٤.

و الآية الكريمة في سورة البلد ٩٠ : ١٠.

(٢) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٤١٣ باب التعريف والبيان ح ٩ ، والكليني في الكافي ١ : ١٢٥ باب حجج الله على خلقه ح ٣.

(٣) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٤١٠ باب التعريف والبيان والحجة ح ٢ ، والكليني في الكافي ١ : ١٢٤ باب البيان والتعريف ولزوم الحجة ح ١.

٣٧

[٩]

باب الإعتقاد في الاستطاعة

قال الشيخ رحمه‌الله : اعتقادنا في ذلك ما قاله موسى بن جعفر عليه‌السلام حين قيل له : أيكون العبد مستطيعا ؟

قال : « نعم ، بعد أربع خصال : أن يكون مخلّى السرب (١) ، صحيح الجسم ، سليم الجوارح ، له سبب وارد من الله تعالى. فإذا تمّت هذه فهو مستطيع ».

فقيل له : مثل أي شيء ؟

قال : « يكون الرجل مخلّى السِّرب صحيح الجسم سليم الجوارح لا يقدر أن يزني إلا أن يرى امرأةً ، فإذا وجد المرأة فأمّا أن يعصم فيمتنع كما امتنع يوسف ، وأمّا أن يخلّى بينه وبينها فيزني فهو زان ، ولم يطع الله باكراه ، ولم يعص بغلبة » (٢).

وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله تعالى : ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) قال عليه‌السلام : « مستطيعون يستطيعون الأخذ بما أُمروا به ،

__________________

(١) السِّرب : الطريق مجمع البحرين ٢ : ٨٢ مادة سرب.

(٢) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٤٨ باب الاستطاعة ح ٧ عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام والكليني في الكافي ١ : ١٢٢ باب الاستطاعة ح ١.

٣٨

والترك لما نهوا عنه ، وبذلك ابتلوا » (١).

قال أبو جعفر عليه‌السلام : « في التوراة مكتوب : يا موسى ، إنّي خلقتك واصطفيتك وقوّيتك ، وأمرتك بطاعتي ، ونهيتك عن معصيتي ، فإن أطعتني أعنتك على طاعتي ، وإن عصيتني لم أعنك على معصيتي ، ولي المنّة عليك في طاعتك لي ، ولي الحجة عليك في معصيتك لي » (٢).

__________________

(١) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٤٩ باب الاستطاعة ح ٩. وتنفرد نسخة م بصيغة للحديث كالتالي : « ... لأخذ ما أُمروا به ، وترك ما نهوا .. ».

والآية الكريمة في سورة القلم ٦٨ : ٤٣.

(٢) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٤٠٦ باب الأمر والنهي ح ٢ ، وفي أماليه : ٢٥٤ المجلس الحادي والخمسون ح ٣. وفي م : ( في التوراة مسطور ).

٣٩

[١٠]

باب الإعتقاد في البداء

قال الشيخ أبو جعفر ـ رحمة الله عليه ـ : إنّ اليهود قالوا إنّ الله قد فرغ من الأمر.

قلنا : بل هو تعالى كل يوم هو في شأن ، لا يشغله شأن عن شأن ، يحيي ويميت (١) ، ويخلق ويرزق ، ويفعل ما يشاء.

وقلنا : يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أُمّ الكتاب ، وإنّه لا يمحوا إلا ما كان ولا يثبت إلا ما لم يكن.

وهذا ليس ببداء ، كما قالت اليهود وأتباعهم (٢) فنسبتنا اليهود في ذلك إلى القول بالبداء ، وتابعهم على ذلك من خالفنا من أهل الأهواء المختلفة (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام : « ما بعث الله نبيّاً قط حتى يأخذ عليه الاقرار بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وإنّ الله تعالى يؤخّر ما يشاء ويقدّم ما يشاء » (٤).

__________________

(١) العبارة : لا يشغله شأن ... ويميت ، ليست في ق ، س. وفي ر : يحيي ويميت.

(٢) السطر بأكمله ليس في ق ، س.

(٣) في م زيادة : من المخالفين.

(٤) رواه مسنداً المصنّف في التوحيد : ٣٣٣ باب البداء ح ٣ ، والكليني في الكافي ١ : ١١٤ باب البداء ح ٣. وفي كلا المصدرين : ( يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ).

٤٠