بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار - ج ١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٣٢
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

لزم بيته ولم يتعرّف إلى أحد من إخوانه ، قال : فقال : كيف يتفقّه هذا في دينه ؟ .

٦١ ـ وعنه عليه‌السلام : لا يسع الناس حتّى يسألوا ويتفقّهوا ويعرفوا إمامهم ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقيّةً .

٦٢ ـ كتاب الحسين بن عثمان ، عن غير واحد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يصلح المرء إلّا على ثلاث خصال : التفقّه في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة .

باب ٧

* ( آداب طلب العلم واحكامه ) *

الايات ، المائدة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ . قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ١٠٤ ، ١٠٥

طه : وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ١١٤ .

١ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن جعفر بن محمّد بن عبيد الله ، عن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أربعة لا يشبعن من أربعة : الأرض من المطر ، والعين من النظر ، والاُنثى من الذكر ، والعالم من العلم .

سن : أبي رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مثله

ن ، ل : في سؤالات الشاميّ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله إلّا بترك التعريف في الجميع .

٢ ـ شى : عن أحمد بن محمّد قال : كتب إليّ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام وكتب في آخره : أولم تنهوا عن كثرة المسائل ؟ فأبيتم أن تنتهوا ، إيّاكم وذاك ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم فقال الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ « إلى قوله » : كَافِرِينَ .

٢٢١
 &

٣ ـ ن : ابن المغيرة ، بإسناده ، عن السكونيّ ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا سهر (١) إلّا في ثلاث : متهجّد بالقرآن ، أو في طلب العلم ، أو عروس تهدى إلى زوجها .

نوادر الراوندي : بإسناده عن الكاظم ، عن آبائه عليهم‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله .

بيان : التهجّد : مجانبة الهجود وهو النوم ، وقد يطلق على الصلاة باللّيل ، و على الأوّل المراد إمّا قراءة القرآن في الصلاة أو الأعمّ .

٤ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : لا بأس بالسهر في طلب العلم .

بيان : في بعض النسخ : بالتهيّم . وهو التحيّر ، ومشية حسنة . ولعلّ المراد التحيّر في البلاد أي المسافرة أو الإسراع في المشي ، والنسخة الاُولى أظهر .

٥ ـ ختص : قال الباقر عليه‌السلام : إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن القول ، ولا تقطع على أحد حديثه .

٦ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعلّم في شبابه كان بمنزلة الرسم في الحجر ، ومن تعلّم وهو كبير كان بمنزلة الكتاب على وجه الماء (٢) .

٧ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ لسائل سأله عن معضلة (٣) ـ : سل تفقّهاً ، ولا تسأل تعنّتاً (٤) فإنّ الجاهل المتعلّم شبيه بالعالم ، وإنّ العالم المتعسّف (٥) شبيه بالجاهل .

٨ ـ وقال عليه‌السلام في ذمّ قوم : سائلهم متعنّت ومجيبهم متكلّف .

________________________

(١) بفتح السين والهاء المهملتين : عدم النوم في الليل .

(٢) وفي نسخة : في وجه الماء .

(٣) أي المسألة المغلقة المشكلة .

(٤) تعنّت الرجل وعليه في السؤال : سأله على جهة التلبيس .

(٥) تعسف في القول : أخذه على غير هداية ، حمله على معنى لا تكون دلالته عليه ظاهرة .

٢٢٢
 &

٩ ـ وقال عليه‌السلام : إذا ازدحم الجواب خفي الثواب .

بيان : لعلّ فيه دلالة على المنع عن سؤال مسألة واحدة عن جماعة كثيرة .

١٠ ـ نهج : قال عليه‌السلام : يا كميل مر أهلك أن يروحوا (١) في كسب المكارم ، و يدلجوا (٢) في حاجة من هو نائم .

١١ ـ وقال عليه‌السلام : لا تسأل عمّا لم يكن ففي الّذي قد كان لك شغل .

١٢ ـ وقال عليه‌السلام في وصيّته للحسن عليه‌السلام إنّما قلب الحدث (٣) كالأرض الخالية ما اُلقي فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبّك إلى قوله عليه‌السلام : واعلم يا بنيّ أنّ أحبّ ما أنت آخذ به من وصيّتي تقوى الله ، والاقتصار على ما افترضه الله عليك ، والأخذ بمامضى عليه الأوّلون من آبائك ، والصالحون من أهل بيتك ، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر ، وفكّروا كما أنت مفكّر ، ثمّ ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا ، والإمساك عمّا لم يكلّفوا ، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهّم ، وتعلّم ، لا بتورّط الشبهات ، وعلوّ الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة عليه بإلهك ، والرغبة إليه في توفيقك ، وترك كلّ شائبة أولجتك (٤) في شبهة ، أو أسلمتك إلى ضلالة فإذا أيقنت أن صفا قلبك فخشع ، وتمّ رأيك واجتمع ، وكان همّك في ذلك همّاً واحداً فانظر فيما فسّرت لك ، وإن أنت لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك ، وفراغ نظرك و فكرك فاعلم أنّك إنّما تخبط العشواء (٥) أو تتورّط الظلماء (٦) ، وليس طالب الدين من خبط ولا خلط ، والإمساك عن ذلك أمثل . الى قوله عليه‌السلام : فإن أشكل عليك شيء

________________________

(١) يمكن أن يكون من راح يروح أي جاء ، أو روّح من باب التفعيل ، أو ذهب في الرواح أي العشى ، أو من راح يراح . أي أسرع فرحا .

(٢) أدلج إدلاجا : سار في الليل كله أو في آخره .

(٣) أي الشاب .

(٤) أي ادخلتك .

(٥) العشواء : الناقة الضيقة البصر أو التي لا تبصر في الليل وتطأ كل شيء ، والمعنى : أنك تتصرف فى الامور على غير بصيرة وهو مثل للمتهافت في الشيء ، وللذي يركب رأسه ولا يهتم لعاقبته .

(٦) أي تقع في ورطة لا يسهل التخلص منها . والورطة بفتح الواو وسكون الراء : الهوّة الغامضة و الهلكة .

٢٢٣
 &

من ذلك فاحمله على جهالتك به فإنّك أوّل ما خلقت خلقت جاهلاً ثمّ علّمت وما أكثر ما تجهل من الأمر ، ويتحيّر فيه رأيك ، ويضلّ فيه بصرك ثمّ تبصره بعد ذلك ، فاعتصم بالّذي خلقك ورزقك وسوّاك ، وليكن له تعبّدك ، وإليه رغبتك ، ومنه شفقتك إلى قوله عليه‌السلام : فإذا أنت هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربّك .

١٣ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : العلم من الصغر كالنقش في الحجر .

١٤ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : التودّد إلى الناس نصف العقل ، وحسن السؤال نصف العلم ، والتقدير في النفقة نصف العيش .

١٥ ـ عدة : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أوحى الله إلى بعض أنبيائه قل : للّذين يتفقّهون لغير الدين ، ويتعلّمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا لغير الآخرة ، يلبسون للناس مسوك (١) الكباش وقلوبهم كقلوب الذئاب ، ألسنتهم أحلى من العسل وأعمالهم أمرُّ من الصبر : إيّاي يخادعون ؟ وبي يستهزؤون ؟ لاُتيحنّ لهم فتنةً تذر الحكيم حيراناً .

١٦ ـ كتاب جعفر بن محمّد بن شريح ، عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفيّ قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يا أيّها الناس اتقوا الله ولا تكثروا السؤال ، إنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءهم ، وقد قال الله عزّ وجلّ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ . واسألوا عمّا افترض الله عليكم ، والله إنَّ الرجل يأتيني ويسألني فاُخبره فيكفر ، ولو لم يسألني ما ضرّه ، وقال الله : وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ . إلى قوله : قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ .

١٧ ـ أقول : وجدت بخطّ شيخنا البهائيّ قدّس الله روحه ما هذا لفظه : قال الشيخ شمس الدين محمّد بن مكّيّ : نقلت من خطّ الشيخ أحمد الفراهانيّ رحمه الله ، عن عنوان البصريّ ـ وكان شيخاً كبيراً قد أتى عليه أربع وتسعون سنة ـ قال : كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين ، فلمّا قدم جعفر الصادق عليه‌السلام المدينة اختلفت إليه ، وأحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك ، فقال لي يوماً : إنّي رجل مطلوب ومع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء اللّيل والنهار ، فلا تشغلني عن وردي ، وخذ عن مالك ، واختلف

________________________

(١) أي الجلود .

٢٢٤
 &

إليه كما كنت تختلف إليه ؛ فاغتممت من ذلك ، وخرجت من عنده وقلت في نفسي : لو تفرّس فيَّ خيراً لما زجرني عن الاختلاف إليه والأخذ عنه ، فدخلت مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلّمت عليه ، ثمّ رجعت من الغد إلى الروضة وصلّيت فيها ركعتين ، وقلت اسألك يا الله يا الله أن تعطف عليَّ قلب جعفر وترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم ، ورجعت إلى داري مغتمّاً ولم أختلف إلى مالك بن أنس لما اُشرب قلبي من حبّ جعفر ، فما خرجت من داري إلّا إلى الصلاة المكتوبة حتّى عيل صبري ، (١) فلمّا ضاق صدري تنعّلت وتردّيت وقصدت جعفراً وكان بعد ما صلّيت العصر ، فلمّا حضرت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال : ما حاجتك ؟ فقلت : السلام على الشريف فقال : هو قائم في مصلّاه ، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلّا يسيراً إذ خرج خادم فقال : ادخل على بركة الله ، فدخلت وسلّمت عليه ، فردّ السلام وقال : اجلس غفر الله لك ، فجلست فأطرق مليّاً ، ثمّ رفع رأسه ، وقال : أبو من ؟ قلت أبو عبد الله ، قال : ثبَّت الله كنيتك و وفقك ، يا أبا عبد الله ما مسألتك ؟ فقلت في نفسي : لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيراً ، ثمّ رفع رأسه ، ثمّ قال : ما مسألتك ؟ فقلت : سألت الله أن يعطف قلبك عليَّ ويرزقني من علمك ، وأرجو أنّ الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته ، فقال : يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعلّم ، إنّما هو نورٌ يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه ، فإن أردت العلم فاطلب أوّلاً في نفسك حقيقة العبوديّة ، واطلب العلم باستعماله ، واستفهم الله يفهمك . قلت : يا شريف فقال : قل يا أبا عبد الله ، قلت : يا أبا عبد الله ما حقيقة العبوديّة ؟ قال : ثلاثة أشياء : أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله الله ملكاً ، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به ، ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيراً ، وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه ، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله الله تعالى ملكاً هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه ، وإذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا ، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس ، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان

________________________

(١) في اللغة : عيل صبري أي قلب .

٢٢٥
 &

عليه الدنيا ، وإبليس ، والخلق ، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً ، ولا يطلب ما عند الناس عزًّا وعلوًّا ، ولا يدع أيّامه باطلاً ، فهذا أوّل درجة التقى ، قال الله تبارك وتعالى : تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . قلت : يا أبا عبد الله أوصني ، قال : أُوصيك بتسعة أشياء فإنّها وصيّتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى ، والله أسأل أن يوفّقك لاستعماله ، ثلاثةٌ منها في رياضة النفس ، (١) ، وثلاثةٌ منها في الحلم ، وثلاثةٌ منها في العلم ، فاحفظها وإيّاك والتهاون بها ، قال عنوان : ففرّغت قلبي له .

فقال : أمّا اللّواتي في الرياضة : فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنّه يورث الحماقة والبله ، ولا تأكل إلّا عند الجوع ، وإذا أكلت فكل حلالاً وسمّ الله ، واذكر حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ملأ آدميٌّ وعاءاً شرّاً من بطنه فإن كان ولا بدّ فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه وثلثٌ لنفسه .

وأمّا اللّواتي في الحلم : فمن قال لك : إن قلت واحدةً سمعت عشراً فقل : إن قلت عشراً لم تسمع واحدةً ، ومن شتمك فقل له : إن كنت صادقاً فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي ، وإن كنت كاذباً فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك ، ومن وعدك بالخنى (٢) فعده بالنصيحة والرعاء .

وأمّا اللّواتي في العلم : فاسأل العلماء ما جهلت ، وإيّاك أن تسألهم تعنّتاً و تجربةً وإيّاك أن تعمل برأيك شيئاً ، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلاً ، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد ، ولا تجعل رقبتك للناس جسراً . قم عنّي يا أبا عبد الله فقد نصحت لك ولا تفسد عليَّ وردي ، فإنّي امرءٌ ضنين بنفسي ، والسلام على من اتّبع الهدى .

١٨ ـ منية المريد : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ موسى عليه‌السلام لقى الخضر عليه‌السلام فقال : أوصني ، فقال الخضر : يا طالب العلم إنَّ القائل أقلّ ملالةً من المستمع ، فلا تملّ

________________________

(١) الرياضة : تهذيب الاخلاق النفسية .

(٢) الخنى : الفحش في الكلام .

٢٢٦
 &

جلساءك إذا حدّثتهم ، واعلم أنَّ قلبك وعاءٌ فانظر ماذا تحشو به وعاءك ؟ واعرف الدنيا وانبذها وراءك ، فإنّها ليست لك بدار ، ولا لك فيها محلّ قرار ، وإنّها جعلت بُلغةً للعباد ليتزوّدوا منها للمعاد ، يا موسى وطّن نفسك (١) على الصبر تلقي الحلم ، واشعر قلبك بالتقوى تنل العلم ، ورضّ نفسك على الصبر تخلّص من الإثم . يا موسى تفرّغ للعلم إن كنت تريده فإنّما العلم لمن تفرّغ له ، ولا تكوننّ مكثاراً (٢) بالمنطق مهذاراً (٣) إنّ كثرة المنطق تشين العلماء ، وتبدي مساوي السخفاء ولكن عليك بذي اقتصاد فإنّ ذلك من التوفيق والسداد ، وأعرض عن الجهّال ، واحلم عن السفهاء فإنّ ذلك فضل الحلماء وزين العلماء ، وإذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلماً ، وجانبه حزماً فإنَّ ما بقي من جهله عليك وشتمه إيّاك أكثر . يا ابن عمران لا تفتحنّ باباً لا تدري ما غلقه ، ولا تغلقنّ باباً لا تدري ما فتحه ، يا ابن عمران من لا ينتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي فيها رغبته كيف يكون عابداً ؟ ومن يحقر حاله ويتّهم الله بما قضى له كيف يكون زاهداً ؟ يا موسى تعلّم ما تعلّم لتعمل به ولا تعلّم لتحدّث به فيكون عليك بوره ، ويكون على غيرك نوره .

بيان : قال في الفائق : البور بالضمّ جمع بوار (٤) وبالفتح المصدر ، وقد يكون المصدر بالضمّ أيضاً .

١٩ ـ مع ، ج ، ع : الدقّاق ، عن الأسديّ ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن أحمد ابن هلال ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد المؤمن الأنصاريّ ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنَّ قوماً يروون أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اختلاف أُمّتي رحمةٌ فقال : صدقوا . فقلت : إن كان اختلافهم رحمةً فاجتماعهم عذاب ؟ قال : ليس حيث تذهب وذهبوا ، إنّما أراد قول الله عزّ وجلّ : فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفةٌ ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم

________________________

(١) أي هيأ نفسك واحملها على الصبر .

(٢) المكثار : كثير الكلام .

(٣) رجل مهذار هاذر أي يخلط في منطقه ويتكلم بما لا ينبغي .

(٤) وهو الهلاك والكساد .

٢٢٧
 &

إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون . فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويختلفوا إليه ، فيتعلّموا ثمّ يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم ، إنّما أراد اختلافهم من البلدان اختلافاً في دين الله ، إنّما الدين واحد .



إلى هنا تمِّ الجزء الأوَّل من بحار الأنوار من هذه الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيّمة وفوائد جمّة  ثمينة ؛ ويتضمن كتاب العقل والعلم والجهل في خمسة أبواب المشتملة على ١٢٦ حديثاً ؛ وسبعة أبواب من كتاب العلم المشتملة على ٢٧٠ حديثاً . ويتلوه الجزء الثاني ويبدء من ثامن أبواب كتاب العلم « باب ثواب الهداية والتعليم » والله الموفّق للخير والرشاد . شعبان المعظّم

١٣٧٦ هـ

٢٢٨
 &

الموضوع

الصفحة

خطبة الكتاب

١

مقدّمة المؤلّف

٢

مصادر الكتاب

٦

توثيق المصادر

٢٦

رموز الكتاب

٤٦

تلخيص الأسانيد

٤٨

المفردات المشتركة

٥٧

بعض المطالب المذكورة في مفتتح المصادر

٦٢

فهرست الكتب

٧٩

« كتاب العقل والعلم والجهل »

باب ١ فضل العقل وذمّ الجهل ؛ وفيه ٥٣ حديثاً .

٨١

باب ٢ حقيقة العقل وكيفيّته وبدء خلقه ؛ وفيه ١٤ حديثاً .

٩٦

بيان ماهيّة العقل

٩٩

باب ٣ احتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنّه يحاسبهم على قدر عقولهم ؛ وفيه خمسة أحاديث .

١٠٥

باب ٤ علامات العقل وجنوده ، وفيه ٥٢ حديثاً .

١٠٦

باب ٥ النوادر ؛ وفيه حديثان .

١٦١

« كتاب العلم »

باب ١ فرض العلم ، ووجوب طلبه ، والحثُّ عليه ، وثواب العالم والمتعلّم ؛ وفيه ١١٢ حديثاً .

١٦٢

باب ٢ أصناف الناس في العلم وفضل حبّ العلماء ؛ وفيه ٢٠ حديثاً

١٨٦

باب ٣ سؤال العالم وتذاكره وإتيان بابه ؛ وفيه سبعة أحاديث .

١٩٦

٢٢٩
 &

الموضوع

الصفحة

باب ٤ مذاكرة العلم ، ومجالسة العلماء ، والحضور في مجالس العلم ، وذمّ مخالطة الجهّال ؛ وفيه ٣٨ حديثاً .

١٩٨

باب ٥ العمل بغير علم ؛ وفيه ١٢ حديثاً .

٢٠٦

باب ٦ العلوم الّتي اُمر الناس بتحصيلها وينفعهم ، وفيه تفسير الحكمة ؛ وفيه ٦٢ حديثاً .

٢٠٩

باب ٧ آداب طلب العلم وأحكامه ؛ وفيه ١٩ حديثاً .

٢٢١



___________________

٢٣٠
 &

* ( رموز الکتاب ) *

ب : لقرب الاسناد .

بشا : لبشارة المصطفى .

تم : لفلاح السائل .

ثو : لثواب الاعمال .

ج : للاحتجاج .

جا : لمجالس المفيد .

جش : لفهرست النجاشي .

جع : لجامع الاخبار .

جم : لجمال الاسبوع .

جنة : للجنة .

حة : لفرحة الغري .

ختص : لكتاب الاختصاص .

خص : لمنتخب البصائر .

د : للعدد .

سر : للسرائر .

سن : للمحاسن .

شا : للارشاد .

شف : لكشف اليقين .

شى : لتفسير العياشي .

ص : لقصص الانبياء .

صا : للاستبصار .

صبا : لمصباح الزائر .

صح : لصحيفة الرضا ( ع ) .

ضا : لفقه الرضا ( ع ) .

ضوء : لضوء الشهاب .

ضه : لروضة الواعظين .

ط : للصراط المستقيم .

طا : لامان الاخطار .

طب : لطب الائمة .

ع : للعلل الشرائع .

عا : لدعائم الاسلام .

عد : للعقائد .

عدة : للعدة .

عم : لاعلام الورى .

عين : للعيون والمحاسن .

غر : للغرر والدرر .

غط : لغيبة الشيخ .

غو : لغوالي اللئالي .

ف : لتحف العقول .

فتح : لفتح الابواب .

فر : لتفسير فرات بن ابراهيم

فس : لتفسير علي بن ابراهيم

فض : لكتاب الروضة .

ق : للكتاب العتيق الغروي .

قب : لمناقب ابن شهر آشوب

قبس : لقبس المصباح .

قضا : لقضاء الحقوق .

قل : لاقبال الاعمال .

قية : للدروع .

ك : لاكمال الدين .

كا : للكافي .

كش : لرجال الكشي .

كشف : لكشف الغمة .

كف : لمصباح الكفعمي .

كنز : لكنز جامع الفوائد و تأويل الايات الظاهرة معاً .

ل : للخصال .

لد : للبلد الامين .

لى : لامالي الصدوق .

م : لتفسير الامام العسكري ( ع )

ما : لامالي الطوسي .

محص : للتمحيص .

مد : للعمدة .

مص : لمصباح الشريعة .

مصبا : للمصباحين .

مع : لمعاني الاخبار .

مكا : لمكارم الاخلاق .

مل : لكامل الزيارة .

منها : للمنهاج .

مهج : لمهج الدعوات .

ن : لعيون اخبار الرضا ( ع ) .

نبه : لتنبيه الخاطر .

نجم : لكتاب النجوم .

نص : للكفاية .

نهج : لنهج البلاغة .

نى : لغيبة النعماني .

هد : للهداية .

يب : للتهذيب .

يج : للخرائج .

يد : للتوحيد .

ير : لبصائر الدرجات .

يف : للطرائف .

يل : للفضائل .

ين : لكتابي الحسين بن سعيد او لكتابه والنوادر .

يه : لمن لا يحضره الفقيه .

٢٣١
 &

بحار الأنوار الجزء الأوّل ـ الشيخ محمّد باقر المجلسي

٢٣٢