الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٣٢
لزم بيته ولم يتعرّف إلى أحد من إخوانه ، قال : فقال : كيف يتفقّه هذا في دينه ؟ .
٦١ ـ وعنه عليهالسلام : لا يسع الناس حتّى يسألوا ويتفقّهوا ويعرفوا إمامهم ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقيّةً .
٦٢ ـ كتاب الحسين بن عثمان ، عن غير واحد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لا يصلح المرء إلّا على ثلاث خصال : التفقّه في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة .
باب ٧
* ( آداب طلب العلم واحكامه ) *
الايات ، المائدة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ . قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ١٠٤ ، ١٠٥
طه : وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ١١٤ .
١ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن جعفر بن محمّد بن عبيد الله ، عن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أربعة لا يشبعن من أربعة : الأرض من المطر ، والعين من النظر ، والاُنثى من الذكر ، والعالم من العلم .
سن : أبي رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام مثله
ن ، ل : في سؤالات الشاميّ عن أمير المؤمنين عليهالسلام مثله إلّا بترك التعريف في الجميع .
٢ ـ شى : عن أحمد بن محمّد قال : كتب إليّ أبو الحسن الرضا عليهالسلام وكتب في آخره : أولم تنهوا عن كثرة المسائل ؟ فأبيتم أن تنتهوا ، إيّاكم وذاك ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم فقال الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ « إلى قوله » : كَافِرِينَ .
٣ ـ ن : ابن المغيرة ، بإسناده ، عن السكونيّ ، عن الصادق ، عن أبيه عليهماالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا سهر (١) إلّا في ثلاث : متهجّد بالقرآن ، أو في طلب العلم ، أو عروس تهدى إلى زوجها .
نوادر الراوندي : بإسناده عن الكاظم ، عن آبائه عليهمالسلام عن النبيّ صلىاللهعليهوآله مثله .
بيان : التهجّد : مجانبة الهجود وهو النوم ، وقد يطلق على الصلاة باللّيل ، و على الأوّل المراد إمّا قراءة القرآن في الصلاة أو الأعمّ .
٤ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن أبيه عليهماالسلام قال : لا بأس بالسهر في طلب العلم .
بيان : في بعض النسخ : بالتهيّم . وهو التحيّر ، ومشية حسنة . ولعلّ المراد التحيّر في البلاد أي المسافرة أو الإسراع في المشي ، والنسخة الاُولى أظهر .
٥ ـ ختص : قال الباقر عليهالسلام : إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن القول ، ولا تقطع على أحد حديثه .
٦ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من تعلّم في شبابه كان بمنزلة الرسم في الحجر ، ومن تعلّم وهو كبير كان بمنزلة الكتاب على وجه الماء (٢) .
٧ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام ـ لسائل سأله عن معضلة (٣) ـ : سل تفقّهاً ، ولا تسأل تعنّتاً (٤) فإنّ الجاهل المتعلّم شبيه بالعالم ، وإنّ العالم المتعسّف (٥) شبيه بالجاهل .
٨ ـ وقال عليهالسلام في ذمّ قوم : سائلهم متعنّت ومجيبهم متكلّف .
________________________
(١) بفتح السين والهاء المهملتين : عدم النوم في الليل .
(٢) وفي نسخة : في وجه الماء .
(٣) أي المسألة المغلقة المشكلة .
(٤) تعنّت الرجل وعليه في السؤال : سأله على جهة التلبيس .
(٥) تعسف في القول : أخذه على غير هداية ، حمله على معنى لا تكون دلالته عليه ظاهرة .
٩ ـ وقال عليهالسلام : إذا ازدحم الجواب خفي الثواب .
بيان : لعلّ فيه دلالة على المنع عن سؤال مسألة واحدة عن جماعة كثيرة .
١٠ ـ نهج : قال عليهالسلام : يا كميل مر أهلك أن يروحوا (١) في كسب المكارم ، و يدلجوا (٢) في حاجة من هو نائم .
١١ ـ وقال عليهالسلام : لا تسأل عمّا لم يكن ففي الّذي قد كان لك شغل .
١٢ ـ وقال عليهالسلام في وصيّته للحسن عليهالسلام إنّما قلب الحدث (٣) كالأرض الخالية ما اُلقي فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبّك إلى قوله عليهالسلام : واعلم يا بنيّ أنّ أحبّ ما أنت آخذ به من وصيّتي تقوى الله ، والاقتصار على ما افترضه الله عليك ، والأخذ بمامضى عليه الأوّلون من آبائك ، والصالحون من أهل بيتك ، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر ، وفكّروا كما أنت مفكّر ، ثمّ ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا ، والإمساك عمّا لم يكلّفوا ، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهّم ، وتعلّم ، لا بتورّط الشبهات ، وعلوّ الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة عليه بإلهك ، والرغبة إليه في توفيقك ، وترك كلّ شائبة أولجتك (٤) في شبهة ، أو أسلمتك إلى ضلالة فإذا أيقنت أن صفا قلبك فخشع ، وتمّ رأيك واجتمع ، وكان همّك في ذلك همّاً واحداً فانظر فيما فسّرت لك ، وإن أنت لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك ، وفراغ نظرك و فكرك فاعلم أنّك إنّما تخبط العشواء (٥) أو تتورّط الظلماء (٦) ، وليس طالب الدين من خبط ولا خلط ، والإمساك عن ذلك أمثل . الى قوله عليهالسلام : فإن أشكل عليك شيء
________________________
(١) يمكن أن يكون من راح يروح أي جاء ، أو روّح من باب التفعيل ، أو ذهب في الرواح أي العشى ، أو من راح يراح . أي أسرع فرحا .
(٢) أدلج إدلاجا : سار في الليل كله أو في آخره .
(٣) أي الشاب . |
(٤) أي ادخلتك . |
(٥) العشواء : الناقة الضيقة البصر أو التي لا تبصر في الليل وتطأ كل شيء ، والمعنى : أنك تتصرف فى الامور على غير بصيرة وهو مثل للمتهافت في الشيء ، وللذي يركب رأسه ولا يهتم لعاقبته .
(٦) أي تقع في ورطة لا يسهل التخلص منها . والورطة بفتح الواو وسكون الراء : الهوّة الغامضة و الهلكة .
من ذلك فاحمله على جهالتك به فإنّك أوّل ما خلقت خلقت جاهلاً ثمّ علّمت وما أكثر ما تجهل من الأمر ، ويتحيّر فيه رأيك ، ويضلّ فيه بصرك ثمّ تبصره بعد ذلك ، فاعتصم بالّذي خلقك ورزقك وسوّاك ، وليكن له تعبّدك ، وإليه رغبتك ، ومنه شفقتك إلى قوله عليهالسلام : فإذا أنت هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربّك .
١٣ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : العلم من الصغر كالنقش في الحجر .
١٤ ـ وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : التودّد إلى الناس نصف العقل ، وحسن السؤال نصف العلم ، والتقدير في النفقة نصف العيش .
١٥ ـ عدة : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : أوحى الله إلى بعض أنبيائه قل : للّذين يتفقّهون لغير الدين ، ويتعلّمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا لغير الآخرة ، يلبسون للناس مسوك (١) الكباش وقلوبهم كقلوب الذئاب ، ألسنتهم أحلى من العسل وأعمالهم أمرُّ من الصبر : إيّاي يخادعون ؟ وبي يستهزؤون ؟ لاُتيحنّ لهم فتنةً تذر الحكيم حيراناً .
١٦ ـ كتاب جعفر بن محمّد بن شريح ، عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفيّ قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : يا أيّها الناس اتقوا الله ولا تكثروا السؤال ، إنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءهم ، وقد قال الله عزّ وجلّ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ . واسألوا عمّا افترض الله عليكم ، والله إنَّ الرجل يأتيني ويسألني فاُخبره فيكفر ، ولو لم يسألني ما ضرّه ، وقال الله : وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ . إلى قوله : قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ .
١٧ ـ أقول : وجدت بخطّ شيخنا البهائيّ قدّس الله روحه ما هذا لفظه : قال الشيخ شمس الدين محمّد بن مكّيّ : نقلت من خطّ الشيخ أحمد الفراهانيّ رحمه الله ، عن عنوان البصريّ ـ وكان شيخاً كبيراً قد أتى عليه أربع وتسعون سنة ـ قال : كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين ، فلمّا قدم جعفر الصادق عليهالسلام المدينة اختلفت إليه ، وأحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك ، فقال لي يوماً : إنّي رجل مطلوب ومع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء اللّيل والنهار ، فلا تشغلني عن وردي ، وخذ عن مالك ، واختلف
________________________
(١) أي الجلود .
إليه كما كنت تختلف إليه ؛ فاغتممت من ذلك ، وخرجت من عنده وقلت في نفسي : لو تفرّس فيَّ خيراً لما زجرني عن الاختلاف إليه والأخذ عنه ، فدخلت مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله وسلّمت عليه ، ثمّ رجعت من الغد إلى الروضة وصلّيت فيها ركعتين ، وقلت اسألك يا الله يا الله أن تعطف عليَّ قلب جعفر وترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم ، ورجعت إلى داري مغتمّاً ولم أختلف إلى مالك بن أنس لما اُشرب قلبي من حبّ جعفر ، فما خرجت من داري إلّا إلى الصلاة المكتوبة حتّى عيل صبري ، (١) فلمّا ضاق صدري تنعّلت وتردّيت وقصدت جعفراً وكان بعد ما صلّيت العصر ، فلمّا حضرت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال : ما حاجتك ؟ فقلت : السلام على الشريف فقال : هو قائم في مصلّاه ، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلّا يسيراً إذ خرج خادم فقال : ادخل على بركة الله ، فدخلت وسلّمت عليه ، فردّ السلام وقال : اجلس غفر الله لك ، فجلست فأطرق مليّاً ، ثمّ رفع رأسه ، وقال : أبو من ؟ قلت أبو عبد الله ، قال : ثبَّت الله كنيتك و وفقك ، يا أبا عبد الله ما مسألتك ؟ فقلت في نفسي : لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيراً ، ثمّ رفع رأسه ، ثمّ قال : ما مسألتك ؟ فقلت : سألت الله أن يعطف قلبك عليَّ ويرزقني من علمك ، وأرجو أنّ الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته ، فقال : يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعلّم ، إنّما هو نورٌ يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه ، فإن أردت العلم فاطلب أوّلاً في نفسك حقيقة العبوديّة ، واطلب العلم باستعماله ، واستفهم الله يفهمك . قلت : يا شريف فقال : قل يا أبا عبد الله ، قلت : يا أبا عبد الله ما حقيقة العبوديّة ؟ قال : ثلاثة أشياء : أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله الله ملكاً ، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به ، ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيراً ، وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه ، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله الله تعالى ملكاً هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه ، وإذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا ، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس ، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان
________________________
(١) في اللغة : عيل صبري أي قلب .
عليه الدنيا ، وإبليس ، والخلق ، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً ، ولا يطلب ما عند الناس عزًّا وعلوًّا ، ولا يدع أيّامه باطلاً ، فهذا أوّل درجة التقى ، قال الله تبارك وتعالى : تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . قلت : يا أبا عبد الله أوصني ، قال : أُوصيك بتسعة أشياء فإنّها وصيّتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى ، والله أسأل أن يوفّقك لاستعماله ، ثلاثةٌ منها في رياضة النفس ، (١) ، وثلاثةٌ منها في الحلم ، وثلاثةٌ منها في العلم ، فاحفظها وإيّاك والتهاون بها ، قال عنوان : ففرّغت قلبي له .
فقال : أمّا اللّواتي في الرياضة : فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنّه يورث الحماقة والبله ، ولا تأكل إلّا عند الجوع ، وإذا أكلت فكل حلالاً وسمّ الله ، واذكر حديث الرسول صلىاللهعليهوآله : ما ملأ آدميٌّ وعاءاً شرّاً من بطنه فإن كان ولا بدّ فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه وثلثٌ لنفسه .
وأمّا اللّواتي في الحلم : فمن قال لك : إن قلت واحدةً سمعت عشراً فقل : إن قلت عشراً لم تسمع واحدةً ، ومن شتمك فقل له : إن كنت صادقاً فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي ، وإن كنت كاذباً فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك ، ومن وعدك بالخنى (٢) فعده بالنصيحة والرعاء .
وأمّا اللّواتي في العلم : فاسأل العلماء ما جهلت ، وإيّاك أن تسألهم تعنّتاً و تجربةً وإيّاك أن تعمل برأيك شيئاً ، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلاً ، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد ، ولا تجعل رقبتك للناس جسراً . قم عنّي يا أبا عبد الله فقد نصحت لك ولا تفسد عليَّ وردي ، فإنّي امرءٌ ضنين بنفسي ، والسلام على من اتّبع الهدى .
١٨ ـ منية المريد : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أنّ موسى عليهالسلام لقى الخضر عليهالسلام فقال : أوصني ، فقال الخضر : يا طالب العلم إنَّ القائل أقلّ ملالةً من المستمع ، فلا تملّ
________________________
(١) الرياضة : تهذيب الاخلاق النفسية .
(٢) الخنى : الفحش في الكلام .
جلساءك إذا حدّثتهم ، واعلم أنَّ قلبك وعاءٌ فانظر ماذا تحشو به وعاءك ؟ واعرف الدنيا وانبذها وراءك ، فإنّها ليست لك بدار ، ولا لك فيها محلّ قرار ، وإنّها جعلت بُلغةً للعباد ليتزوّدوا منها للمعاد ، يا موسى وطّن نفسك (١) على الصبر تلقي الحلم ، واشعر قلبك بالتقوى تنل العلم ، ورضّ نفسك على الصبر تخلّص من الإثم . يا موسى تفرّغ للعلم إن كنت تريده فإنّما العلم لمن تفرّغ له ، ولا تكوننّ مكثاراً (٢) بالمنطق مهذاراً (٣) إنّ كثرة المنطق تشين العلماء ، وتبدي مساوي السخفاء ولكن عليك بذي اقتصاد فإنّ ذلك من التوفيق والسداد ، وأعرض عن الجهّال ، واحلم عن السفهاء فإنّ ذلك فضل الحلماء وزين العلماء ، وإذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلماً ، وجانبه حزماً فإنَّ ما بقي من جهله عليك وشتمه إيّاك أكثر . يا ابن عمران لا تفتحنّ باباً لا تدري ما غلقه ، ولا تغلقنّ باباً لا تدري ما فتحه ، يا ابن عمران من لا ينتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي فيها رغبته كيف يكون عابداً ؟ ومن يحقر حاله ويتّهم الله بما قضى له كيف يكون زاهداً ؟ يا موسى تعلّم ما تعلّم لتعمل به ولا تعلّم لتحدّث به فيكون عليك بوره ، ويكون على غيرك نوره .
بيان : قال في الفائق : البور بالضمّ جمع بوار (٤) وبالفتح المصدر ، وقد يكون المصدر بالضمّ أيضاً .
١٩ ـ مع ، ج ، ع : الدقّاق ، عن الأسديّ ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن أحمد ابن هلال ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد المؤمن الأنصاريّ ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنَّ قوماً يروون أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : اختلاف أُمّتي رحمةٌ فقال : صدقوا . فقلت : إن كان اختلافهم رحمةً فاجتماعهم عذاب ؟ قال : ليس حيث تذهب وذهبوا ، إنّما أراد قول الله عزّ وجلّ : فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفةٌ ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم
________________________
(١) أي هيأ نفسك واحملها على الصبر .
(٢) المكثار : كثير الكلام .
(٣) رجل مهذار هاذر أي يخلط في منطقه ويتكلم بما لا ينبغي .
(٤) وهو الهلاك والكساد .
إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون . فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ويختلفوا إليه ، فيتعلّموا ثمّ يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم ، إنّما أراد اختلافهم من البلدان اختلافاً في دين الله ، إنّما الدين واحد .
إلى هنا تمِّ الجزء الأوَّل من بحار الأنوار من هذه الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيّمة وفوائد جمّة ثمينة ؛ ويتضمن كتاب العقل والعلم والجهل في خمسة أبواب المشتملة على ١٢٦ حديثاً ؛ وسبعة أبواب من كتاب العلم المشتملة على ٢٧٠ حديثاً . ويتلوه الجزء الثاني ويبدء من ثامن أبواب كتاب العلم « باب ثواب الهداية والتعليم » والله الموفّق للخير والرشاد . شعبان المعظّم
١٣٧٦ هـ
الموضوع |
الصفحة |
خطبة الكتاب |
١ |
مقدّمة المؤلّف |
٢ |
مصادر الكتاب |
٦ |
توثيق المصادر |
٢٦ |
رموز الكتاب |
٤٦ |
تلخيص الأسانيد |
٤٨ |
المفردات المشتركة |
٥٧ |
بعض المطالب المذكورة في مفتتح المصادر |
٦٢ |
فهرست الكتب |
٧٩ |
« كتاب العقل والعلم والجهل » |
|
باب ١ فضل العقل وذمّ الجهل ؛ وفيه ٥٣ حديثاً . |
٨١ |
باب ٢ حقيقة العقل وكيفيّته وبدء خلقه ؛ وفيه ١٤ حديثاً . |
٩٦ |
بيان ماهيّة العقل |
٩٩ |
باب ٣ احتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنّه يحاسبهم على قدر عقولهم ؛ وفيه خمسة أحاديث . |
١٠٥ |
باب ٤ علامات العقل وجنوده ، وفيه ٥٢ حديثاً . |
١٠٦ |
باب ٥ النوادر ؛ وفيه حديثان . |
١٦١ |
« كتاب العلم » |
|
باب ١ فرض العلم ، ووجوب طلبه ، والحثُّ عليه ، وثواب العالم والمتعلّم ؛ وفيه ١١٢ حديثاً . |
١٦٢ |
باب ٢ أصناف الناس في العلم وفضل حبّ العلماء ؛ وفيه ٢٠ حديثاً |
١٨٦ |
باب ٣ سؤال العالم وتذاكره وإتيان بابه ؛ وفيه سبعة أحاديث . |
١٩٦ |
الموضوع |
الصفحة |
باب ٤ مذاكرة العلم ، ومجالسة العلماء ، والحضور في مجالس العلم ، وذمّ مخالطة الجهّال ؛ وفيه ٣٨ حديثاً . |
١٩٨ |
باب ٥ العمل بغير علم ؛ وفيه ١٢ حديثاً . |
٢٠٦ |
باب ٦ العلوم الّتي اُمر الناس بتحصيلها وينفعهم ، وفيه تفسير الحكمة ؛ وفيه ٦٢ حديثاً . |
٢٠٩ |
باب ٧ آداب طلب العلم وأحكامه ؛ وفيه ١٩ حديثاً . |
٢٢١ |
___________________
* ( رموز الکتاب ) *
ب : لقرب الاسناد . بشا : لبشارة المصطفى . تم : لفلاح السائل . ثو : لثواب الاعمال . ج : للاحتجاج . جا : لمجالس المفيد . جش : لفهرست النجاشي . جع : لجامع الاخبار . جم : لجمال الاسبوع . جنة : للجنة . حة : لفرحة الغري . ختص : لكتاب الاختصاص . خص : لمنتخب البصائر . د : للعدد . سر : للسرائر . سن : للمحاسن . شا : للارشاد . شف : لكشف اليقين . شى : لتفسير العياشي . ص : لقصص الانبياء . صا : للاستبصار . صبا : لمصباح الزائر . صح : لصحيفة الرضا ( ع ) . ضا : لفقه الرضا ( ع ) . ضوء : لضوء الشهاب . ضه : لروضة الواعظين . ط : للصراط المستقيم . طا : لامان الاخطار . طب : لطب الائمة . |
ع : للعلل الشرائع . عا : لدعائم الاسلام . عد : للعقائد . عدة : للعدة . عم : لاعلام الورى . عين : للعيون والمحاسن . غر : للغرر والدرر . غط : لغيبة الشيخ . غو : لغوالي اللئالي . ف : لتحف العقول . فتح : لفتح الابواب . فر : لتفسير فرات بن ابراهيم فس : لتفسير علي بن ابراهيم فض : لكتاب الروضة . ق : للكتاب العتيق الغروي . قب : لمناقب ابن شهر آشوب قبس : لقبس المصباح . قضا : لقضاء الحقوق . قل : لاقبال الاعمال . قية : للدروع . ك : لاكمال الدين . كا : للكافي . كش : لرجال الكشي . كشف : لكشف الغمة . كف : لمصباح الكفعمي . كنز : لكنز جامع الفوائد و تأويل الايات الظاهرة معاً . ل : للخصال . |
لد : للبلد الامين . لى : لامالي الصدوق . م : لتفسير الامام العسكري ( ع ) ما : لامالي الطوسي . محص : للتمحيص . مد : للعمدة . مص : لمصباح الشريعة . مصبا : للمصباحين . مع : لمعاني الاخبار . مكا : لمكارم الاخلاق . مل : لكامل الزيارة . منها : للمنهاج . مهج : لمهج الدعوات . ن : لعيون اخبار الرضا ( ع ) . نبه : لتنبيه الخاطر . نجم : لكتاب النجوم . نص : للكفاية . نهج : لنهج البلاغة . نى : لغيبة النعماني . هد : للهداية . يب : للتهذيب . يج : للخرائج . يد : للتوحيد . ير : لبصائر الدرجات . يف : للطرائف . يل : للفضائل . ين : لكتابي الحسين بن سعيد او لكتابه والنوادر . يه : لمن لا يحضره الفقيه . |