بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار - ج ١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٣٢
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

٥١ ـ وقال عليه‌السلام : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله .

٥٢ ـ وقال عليه‌السلام : عجباً للعاقل كيف ينظر إلى شهوة يعقّبه النظر إليها حسرةً .

٥٣ ـ وقال : همّة العقل ترك الذنوب وإصلاح العيوب .

باب ٥

* ( النوادر ) *

١ ـ مع ، ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن عبيد بن هلال قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : إنّي اُحبُّ أن يكون المؤمن محدِّثاً قال : قلت وأيّ شيء المحدَّث قال : المفهّم .

٢ ـ ع : أبي ، عن محمّد العطّار ، عن ابن يزيد ، عن البزنطيّ ، عن ثعلبة ، عن معمّر قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما بال الناس يعقلون ولا يعلمون ؟ قال : إنَّ الله تبارك وتعالى حين خلق آدم جعل أجله بين عينيه ، وأمله خلف ظهره ، فلمّا أصاب الخطيئة جعل أمله بين عينيه ، وأجله خلف ظهره ، فمن ثمّ يعقلون ولا يعلمون .

بيان : لعلّ المراد بكون الأجل بين عينيه كونه دائماً متذكّراً له ، كما يقال : فلان جعل الموت نصب عينيه وبكون الأمل خلف ظهره نسيان الأمل وعدم خطوره بباله فلا يطول أمله ، وهذا شائع في العرف واللّغة ، يقال : نبذه وراء ظهره أي تركه ونسيه فمراد السائل أنَّه ما بال الناس مع كونهم من أهل العقل لا يعلمون ولا يبذلون جهدهم كما ينبغى في تحصيل العلم ، فالجواب أنَّ سبب ذلك ما حصل لآدم عليه‌السلام بعد ارتكاب ترك الأولى ، وسرى في أولاده من نسيان الموت وطول الأمل فإنَّ تذكّر الموت يحثُّ الإنسان على تحصيل ما ينفعه بعد الموت قبل حلوله . وطول الأمل يوجب التسويف في فعل الخيرات وطلب العلم . ويحتمل أن يكون مراد السائل بالعقل عقل المعاش وتدبير اُمور الدنيا ، وبالعلم علم ما ينفع في المعاد ؛ أي ما بال الناس في أمر دنياهم عقلاء لا يفوّتون شيئاً من مصالح دنياهم ، وفي أمر آخرتهم سفهاء كأنَّهم لا يعلمون شيئاً ؟ فالجواب هو أنّ سبب ذلك نسيان الموت ، وطول الأمل فإنَّهما موجبان لترك ما

١٦١
 &

ينفع في المعاد لكونه منسيّاً ، وقصر الهمّة على تحصيل المعاش ومرمَّة اُمور الدنيا لكونها نصب عينه دائماً ويحتمل أيضاً أن يكون المراد بالعقل العلم بما ينفع في المعاد ، والمراد بالعلم العلم الكامل المورث للعمل فالمراد ما بال الناس يعلمون الموت والحساب والعقاب ويؤمنون بها ولا يظهر أثر ذلك العلم في أعمالهم ؟ فهم فيما يعملون من الخطايا كأنّهم لا يعلمون شيئاً من ذلك . والجواب ظاهر . والظاهر أنّ ههنا تصحيفاً من النسّاخ وكان لا يعملون بتقديم الميم على اللّام فيرجع الى ما ذكرنا أخيراً والله يعلم .

( أبواب العلم وآدابه وأنواعه وأحكامه )

باب ١

* ( فرض العلم ، ووجوب طلبه ، والحث عليه ، وثواب العالم والمتعلم ) *

الايات ، البقرة : وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ ٢٤٧

الاعراف : كذلك نفصّل الآيات لقوم يعلمون ٣٠ « وقال تعالى » : وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ١٨٧

التوبة : ونفصّل الآيات لقوم يعلمون ١١ « وقال » : طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٩٤ « وقال » : الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ٩٨ « وقال تعالى » : فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ١٢٣ « وقال » : صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ١٢٨

يونس : يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥

يوسف : نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦

الرعد : أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٩

طه : وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ١١٤

١٦٢
 &

الانبياء : وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ٧٤ « وقال تعالى » : وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ٧٩

الحج : وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ٥٤

النمل : وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ١٥ « وقال تعالى » : إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥٢ « وقال سبحانه » : بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٦١

القصص : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ١٤ « وقال تعالى » : وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ٨٠

العنكبوت : وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ٤٣ « وقال تعالى » بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ٤٩

الروم : إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ٢٢ « وقال سبحانه » وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَٰكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٥٦ « وقال تعالى » كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٥٩

سبا : وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ٦

الزمر : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ٩

الفتح : بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا ١٥

الرحمن : عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ٢ ، ٣ ، ٤

المجادلة : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ١١

الحشر : ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ١٣

المنافقين : وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧ « وقال تعالى » وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨

العلق : وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٣ ، ٤ ، ٥

١ ـ لى : السنانيّ ، عن الأسديّ ، عن النخعيّ ، عن النوفليّ ، عن محمّد بن سنان ،

١٦٣
 &

عن المفضّل ، عن الصادق عليه‌السلام أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه ، وأكثر الناس قيمةً أكثرهم علماً وأقلّ الناس قيمةً أقلّهم علماً . أقول : الخبر بتمامه في باب مواعظ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ لى : المكتب ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن القدّاح ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنّة . وأنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به ، وأنّه ليستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتّى الحوت في البحر ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر ؛ وأنّ العلماء ورثة الأنبياء ، إنّ الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولادرهماً ولكن ورَّثو العلم ، فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر .

ثو : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، مثله .

ير : أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن القدّاح (١) مثله .

بيان : سلك الله به الباء للتعدية أي أسلكه الله في طريق موصل إلى الجنّة في الآخرة أو في الدنيا بتوفيق عمل من أعمال الخير يوصله إلى الجنّة . وفي طريق العامّة : سهّل الله له طريقاً من طرق الجنّة . قوله عليه‌السلام لتضع أجنحتها . أي لتكون وطأً له إذا مشى ، وقيل : هو بمعنى التواضع تعظيماً لحقِّه ، أو التعطّف لطفاً له إذ الطائر يبسط جناحه على أفراخه . « وقال تعالى » : وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) . « وقال سبحانه » : وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (٣) وقيل : المراد نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران . وقيل : أراد به إظلالهم بها . وقيل : معناه بسط الجناح لتحمله

________________________

(١) هو عبد الله بن ميمون بن الاسود القداح ، مولى بني مخزوم ، يبرى القداح ، عنونه صاحبوا التراجم في كتبهم ، قال النجاشي في رجاله ص ١٤٨ بعد ما عنونه كما عنوناه : روى أبوه عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، ويروى هو عن أبيعبد الله عليه السلام وكان ثقة ، له كتب منها كتاب مبعث النبي صلى الله عليه وآله وأخباره ، كتاب صفة الجنة والنار . وروى الكشي في رجاله ص ١٦٠ باسناده عن أبي خالد ، عنه ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : يا بن ميمون كم أنتم بمكة ؟ قلت : نحن أربعة . قال : إنكم نور في ظلمات الارض . وعده ابن النديم في فهرسه من فقهاء الشيعة .

(٢) الحجر : ٨٨

(٣) اسرى : ٢٤

١٦٤
 &

عليها وتبلغه حيث يريد من البلاد ، ومعناه المعونة في طلب العلم . ويؤيّد الأوّل ما سيأتي من خبر مقداد (١) قوله رضاً به مفعول لأجله ، ويحتمل أن يكون حالاً بتأويل أي راضين غير مكرهين . قوله عليه‌السلام : لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً . أي كان معظم ميراثهم العلم . ويمكن حمله على الحقيقة بأن لم يبق منهم دينار ولادرهم .

٣ ـ لى : في خطبة خطبها أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد فوت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا كنز أنفع من العلم .

٤ ـ لى ، ن : في كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام برواية عبد العظيم الحسنيّ قيمة كلّ امرىء مايحسنه .

ل : برواية اُخرى سيأتي في مواعظه عليه‌السلام

٥ ـ ما : جماعة عن أبي المفضَّل الشيبانيّ عن عبيد الله بن الحسن بن إبراهيم العلويّ عن أبيه ، عن عبد العظيم الحسنيّ الرازيّ (٢) عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عن عليّ

________________________

(١) في الحديث ٤٥

(٢) أورده النجاشي في رجاله ص ١٧٣ قال : عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أبو القاسم ، له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام ، قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله : حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، قال : كان عبد العظيم ورد الري هارباً من السلطان وسكن سرباً في دار رجل من الشيعة في سكة الموالى ، فكان يعبد الله في ذلك السرب ، ويصوم نهاره ، ويقوم ليله ، فكان يخرج مستتراً فيزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق ويقول : هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر عليه السلام فلم يزل يأوى الى ذلك السرب ، ويقع خبره الى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد عليهم السلام حتى عرفه اكثرهم فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله قال له : ان رجلا من ولدي يحمل من سكة الموالي ، ويدفن عند شجرة التفاح في باغ عبد الجبار بن عبد الوهاب ، وأشار الى المكان الذي دفن فيه ، فذهب الرجل ليشتري الشجرة ومكانها من صاحبها ، فقال له : لاي شيء تطلب الشجرة ومكانها ؟ فاخبره بالرؤيا فذكر صاحب الشجرة انه كان رأى مثل هذه الرؤيا وانه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفا على الشريف ، والشيعة يدفنون فيه ، فمرض عبد العظيم ومات رحمة الله عليه ، فلما جرد ليغسّل وجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه . وروى الصدوق في كتاب ثواب الاعمال ص ٥٦ في فضل زيارته رواية باسناده عن علي بن أحمد ، عن حمزة بن القاسم العلوي ، عن محمد بن يحيى العطار ، عمن دخل على أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام من أهل الري ، قل : دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلام فقال : أين كنت ؟ قلت : زرت الحسين عليه السلام قال : أما أنك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي عليهما السلام .

١٦٥
 &

عليهم‌السلام قال قلت أربعاً أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه قلت : المرء مخبوءٌ تحت لسانه فإذا تكلّم ظهر ، فأنزل الله تعالى : ولتعرفنّهم في لحن القول . قلت : فمن جهل شيئاً عاداه ، فأنزل الله : بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه . وقلت : قدر أو قيمة كلّ امرىء ما يحسن ، فأنزل الله في قصّة طالوت : إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم وقلت : القتل يقلّ القتل ، فأنزل الله : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (٤) .

بيان : مخبوءٌ أي مستور تحت لسانه لا يعرف كماله ولا نقصه ولا صدقه ويقينه ولا كذبه ونفاقه إلّا إذا تكلّم . وقوله تعالى : ولتعرفنّهم جواب قسم محذوف . ولحن القول : اُسلوبه وإمالته إلى جهة تعريض وتورية ، ومنه قيل للمخطى : لاحن لأنَّه يعدل بالكلام عن الصواب . والبسطة : السعة .

٦ ـ ما : محمّد بن العبّاس النحوىّ عن عبد الله بن الفرج ، عن سعيد بن الأوس الأنصاريّ قال : سمعت الخليل بن أحمد يقول : أحثُّ كلمة على طلب علم قول عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : قدر كلّ امرىء ما يحسن .

بيان : قال الجوهري هو يحسن الشيء أي يعلمه .

٧ ـ لى : أبي عن سعيد ، عن اليقطينيّ ، عن يوسف بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن زياد العطّار ، عن ابن طريف ، عن ابن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام تعلّموا العلم فإنَّ تعلّمه حسنةٌ ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقةٌ ؛ وهو أنيس في الوحشة ، وصاحب في الوحدة ، وسلاح على الأعداء ، و زين الأخلّاء ، يرفع الله به أقواماً يجعلهم في الخير أئمّةً يقتدى بهم ، ترمق أعمالهم ، وتقتبس آثارهم ، ترغب الملائكة في خلّتهم ، يمسحونهم بأجنحتهم في صلاتهم لأنَّ العلم حياة القلوب ، ونور الأبصار من العمى ، وقوّة الأبدان من الضعف ، وينزل الله حامله منازل الأبرار ، ويمنحه مجالسة الأخيار في الدنيا والآخرة . بالعلم يطاع الله ويعبد ، وبالعلم يعرف الله ويُوحَّد ، وبالعلم توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال والحرام ، والعلم إمام العقل والعقل تابعه ، يلهمه الله السعداء ، ويحرّمه الأشقياء .

٨ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن اليقطينيّ ، عن جماعة من أصحابه رفعوه إلى أمير المؤمنين

١٦٦
 &

عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلّموا العلم . الخبر . إلّا أنّ فيه مكان عند الله لأهله : بذله لأهله . وبعد قوله في الوحدة : ودليل على السرّاء والضرّاء . وبعد قوله في صلاتهم : ويستغر لهم كلّ شيء حتّى حيتان البحور وهوامّها وسباع البرّ وأنعامها . ومكان الأبرار : الأخيار . ومكان الأخيار : الأبرار . أقول : روى في ف نحواً من ذلك عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

بيان : يقال : رمقته أي نظرت إليه . أي ينظر الناس إلى أعمالهم ليقتدوا بهم . ونور الأبصار أي أبصار القلوب . وقوّة الأبدان إذ بالعلم واليقين تقوى الجوارح على العمل .

٩ ـ ل : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن ميمون (١) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العلم أحبُّ إلى الله من فضل العبادة ، وأفضل دينكم الورع .

بيان : أي أفضل أعمال دينكم .

١٠ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الأشعريّ ، عن ابن عيسى ، عن عليّ (٢) عن أخيه ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن أعلم الناس ، قال : من جمع علم الناس إلى علمه .

١١ ـ ل : الخليل بن أحمد ، عن ابن منيع عن هارون بن عبد الله ، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقيّ ، عن خالد بن أبي خالد الأرزق ، عن محمّد بن عبد الرحمن ـ وأظنُّه ابن أبي ليلى ـ عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : أفضل العبادة الفقه و أفضل الدين الورع .

١٢ ـ ل : ابن المغيرة بإسناده عن السكونيّ ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه

________________________

(١) هو عبد الله بن ميمون القداح المقدم ترجمته في ذيل الحديث الثاني .

(٢) المراد به على بن سيف بن عميرة وبأخيه هو الحسين بن سيف وبأبيه هو سيف بن عميرة . وعميرة وزان سفينة . أما سيف فهو كوفي ثقة روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام وثقه علماء الرجال ، وأما الحسين فقد أورده الشيخ ولم يذكره بمدح ولا ذم غير أن له كتابين يرويهما عنه الرجال ، وأما عليّ فقد ترجمه النجاشي ووثقه .

١٦٧
 &

عن عليّ عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا خير في العيش إلّا لرجلين : عالم مطاع أو مستمع واع .

١٣ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا خير في العيش إلّا لمستمع واع أو عالم ناطق .

١٤ ـ وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع يلزمن كلّ ذي حجى و عقل من اُمّتي ، قيل : يا رسول الله ما هنّ ؟ قال : استماع العلم ، وحفظه ، ونشره عند أهله ، والعمل به .

١٥ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن البرقيّ ، عن أبيه ، عن عدّة من أصحابه يرفعونه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : منهومان لا يشبعان : منهوم علم ، ومنهوم مال :

بيان : قال الجوهريّ : النهمة ، بلوغ الهمّة في الشيء ، وقد نهم بكذا فهو منهوم أي مولع به . وفي الحديث : منهومان لا يشبعان منهوم بالمال ومنهوم بالعلم .

١٦ ـ ل : سيجيىءُ في مكارم أخلاق عليّ بن الحسين صلوات الله عليه أنّه عليه‌السلام كان إذا جاءه طالب علم قال : مرحباً بوصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ يقول : إنّ طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجله على رطب ولا يابس من الأرض إلّا سبّحت له إلى الأرضين السابعة .

بيان : يمكن أن يكون المراد بتسبيح الأرض تسبيح أهلها من الملائكة والجنّ ويحتمل أن يكون المراد أنّه يكتب له مثل ثواب هذا التسبيح الفرضيّ ، وقيل بشعور ضعيف في الجمادات لكنّ السيّد المرتضى قال : إنّه خلاف ضرورة الدين (١) ويحتمل أن يكون المراد بتسبيح الجمادات والحيوانات مايصل إلى العالم بإزائها من المثوبات إذ للعالم مدخل في بقائها وانتظامها ، وانتفاع سائر الخلق بها ، فيثاب العالم بإزاء كلّ منها فكأنّها تسبّح له والله يعلم .

١٧ ـ ن : بإسناد التميميّ ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام . أنّه قال : العلم ضالّة المؤمن .

________________________

(١) لم يظهر لقوله رحمه الله وجه ، وظاهر الايات القرآنية خلافه وعليه دلائل من الاخبار

١٦٨
 &

١٨ ـ ما : المفيد ، عن المراغيّ ، عن عليّ بن الحسن ، عن جعفر بن محمّد بن مروان عن أبيه ، عن أحمد بن عيسى ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلّتان (١) لا تجتمعان في المنافق : فقه في الإسلام ، وحسن سمت في الوجه ،

نوادر الراوندي : بإسناده عن الكاظم ، عن آبائه عليهم السلام ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله مثله .

بيان : السمت هيئة أهل الخير .

١٩ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن ابن عامر ، عن الإصفهانيّ ، عن المنقريّ عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان فيما وعظ لقمان ابنه . أنّه قال له : يا بنيّ اجعل في أيّامك ولياليك وساعاتك نصيباً لك في طلب العلم ، فإنَّك لن تجد له تضييعاً مثل تركه .

فس : أبي ، عن الإصفهانيّ مثله .

بيان : معناه الحثُّ على مداومة طلب العلم ومدارسته ، فإنَّ تركه يوجب فوات ما قد حصل وذهابه ونسيانه .

٢٠ ـ ما : المفيد ، عن الجعابيّ ، قال : حدّثني الشيخ الصالح عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن ياسين ، قال : سمعت العبد الصالح عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا عليهم‌السلام بسر من رأى يذكر عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : العلم وراثة كريمة ، والآداب حلل حسان ، والفكرة مرآة صافية ، والاعتذار منذر ناصح ، وكفى بك أدباً لنفسك تركك ما كرهته لغيرك .

جا : الجعابيّ مثله .

بيان : قوله عليه‌السلام : والاعتذار منذر ناصح أي يكفي لترك المعاصي والمساوي ما يترتّب عليه من الاعتذار ، فكيف مع خوف العقاب ، وكأنّه تصحيف ، والاظهر : « الاعتبار » كما في نهج البلاغة وغيره

________________________

(١) بفتح الخاء واللام المشددة : الخصلتان .

١٦٩
 &

٢١ ـ ما : المفيد ، عن محمّد بن الحسين الحلّال ، عن الحسن بن الحسين الأنصاريّ عن زفر بن سليمان ، عن أشرس الخراسانيّ ، عن أيّوب السجستانيّ ، عن أبي قُلابة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من خرج من بيته يطلب علماً شيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون له .

٢٢ ـ ما : بإسناد أبي قتادة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : لست اُحبّ أن أرى الشابّ منكم إلّا غادياً (١) في حالين : إمّا عالماً أو متعلّماً فإن لم يفعل فرّط فإن فرّط ضيّع ، فإن ضيّع أثم ، وإن أثم سكن النار والّذي بعث محمّداً بالحقّ .

٢٣ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضّل الشيبانيّ عن محمّد بن إبراهيم بن المفضّل الدئلي ، عن عبد الحميد بن صبيح عن حمّاد بن زيد ، عن أبي هارون العبدي (٢) قال : كنّا إذا أتينا أبا سعيد الخدريّ (٣) قال : مرحباً بوصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : سيأتيكم قوم من أقطار الأرض يتفقّهون ، وإذا رأيتموهم فاستوصوا بهم خيراً ، قال : ويقول : وأنتم وصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

________________________

(١) أي باكراً .

(٢) أورده صاحب تنقيح المقال في ج ٣ ص ٣٨ من الكنى وقال : لم أقف على إسمه ولاحاله في كتب أصحابنا نعم عن ابن حجر في التقريب أنه عنونه وقال : إسمه عمارة بن جويرة ـ بالجيم مصغرا ـ مشهور بكنيته ، متروك ومتهم من كذبه ، شيعي من الرابعة مات سنة ١٣٤ .

(٣) منسوب إلى خدرة ـ بضم الخاء وسكون الدال وفتح الراء ـ وهو حي من الانصار . إسمه سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة الابجر . والابجر هو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج عنونه الخاصة والعامة في كتبهم عده ابن عبد البر في الاستيعاب « ج ٢ ذيل ص ٤٤ من الاصابة » من الصحابة وقال : أول مشاهده الخندق ، وغزى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثنتا عشرة غزوة ، وكان ممن حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله سننا كثيرة ، وروى عنه علما جما وكان من نجباء الانصار و علمائهم وفضلائهم ، توفى سنة ٧٤ وروى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين . ونقل صاحب الاصابة « ج ٢ ص ٣٣ » في تاريخ وفاته ثلاثة أقوال اخرى سنة ٦٣ و ٦٤ و ٦٥ وقال : استصغر باحد واستشهد أبوه بها . ونقل الكشي في ص ٢٥ من رجاله عن الفضل بن شاذان أنه كان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وأورد في ص ٢٦ روايات تدل على مدحه وانه كان مستقيما . وفي ص ١٣١ من التهذيب رواية تدل على استقامته .

١٧٠
 &

٢٤ ـ ما : جماعة عن أبي المفضّل ، عن جعفر بن محمّد بن جعفر الحسنيّ رحمه الله ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : حدّثني الرضا عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ، فاطلبوا العلم من مظانّه ، واقتبسوه من أهله فإنَّ تعليمه لله حسنةٌ ، وطلبه عبادةٌ ، والمذاكرة به تسبيحٌ ، والعمل به جهادٌ ، وتعليمه من لا يعلمه صدقةٌ ، وبذله لأهله قربةٌ إلى الله تعالى لأنّه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبل الجنّة ، والمونس في الوحشة ، والصاحب في الغربة والوحدة ، والمحدِّث في الخلوة ، والدليل على السرّاء والضرّاء ، والسلاح على الأعداء ، والزين عند الأخلّاء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادةً تقتبس آثارهم ، ويهتدى بفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم ، وترغب الملائكة في خلّتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، وفي صلاتها تبارك عليهم ، يستغفر لهم كلُّ رطب ويابس حتّى حيتان البحر وهوامّه ، وسباع البرّ وأنعامه ، إنّ العلم حياة القلوب من الجهل . وضياء الأبصار من الظلمة ، وقوّة ، الأبدان من الضعف ، يبلغ بالعبد منازل الأخيار ، ومجالس الأبرار ، والدرجات العُلى في الدنيا والآخرة ، الذكر فيه يعدل بالصيام ، ومدارسته بالقيام ، به يطاع الربّ ويعبد ، وبه توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال والحرام ، العلم امام العمل ، والعمل تابعه ، يلهمه السعداء ، ويحرِّمه الأشقياء ، فطوبى لمن لم يحرّمه الله منه حظّه .

قال أبو المفضّل : وحدّثنا جعفر بن عيسى بن مدرك التمّار ، عن محمّد بن مسلم الرازيّ ، عن هشام بن عبد الله ، عن كنانة بن جبلة ، عن عاصم بن رجاء ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ بن جبل ، قال : تعلّموا العلم فإنّ تعليمه لله حسنةٌ ، وذكر نحوه .

قال : وحدّثنا محمد بن عليّ بن شاذان الأزديّ ، عن كثير بن محمّد الخزاميّ ، عن حسن بن حسين العربيّ ، عن يحيى بن يعلى ، عن أسباط بن نصر ، عن شيخ من أهل

١٧١
 &

البصرة ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلّموا العلم فإنّ تعليمه لله حسنةٌ وذكر نحو حديث الرضا عليه‌السلام .

عدة : روى صاحب كتاب منتقى اليواقيت فيه مرفوعاً إلى محمّد بن عليّ بن الحسين وذكر نحوه .

بيان : يقال : اقتبست منه ناراً ، واقتبست منه علماً ، أي استفدته . والمنار عَلم الطريق . ومسح الملائكة بأجنحتها إمّا لإظهار الخلّة ، أو لإفادة البركة أو لاستفادتها .

٢٥ ـ ما : بإسناد المجاشعيّ ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : العالم بين الجهّال كالحيّ بين الأموات ، وإنّ طالب العلم ليستغفر له كلُّ شيء حتّى حيتان البحر وهوامّه ، وسباع البرّ وأنعامه ، فاطلبوا العلم فإنّه السبب بينكم وبين الله عزّ وجلّ ، وإنّ طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم .

جا : الجعابيّ ، عن ابن عقدة ، عن هارون بن عمرو المجاشعيّ ، عن محمّد بن جعفر ابن محمّد ، عن أبيه عليه‌السلام مثله .

٢٦ ـ ير : ابن هاشم ، عن الحسن بن زيد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ، ألا إنّ الله يحبّ بغاة (١) العلم .

٢٧ ـ ير : محمّد بن حسّان ، عن محمّد بن عليّ ، عن عيسى بن عبد الله العمريّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : طلب العلم فريضة في كلّ حال .

٢٨ ـ ير : بهذا الاسناد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : طلب العلم فريضة من فرائض الله .

ير : محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عبد الله ، عن عيسى بن عبد الله ، عن أحمد بن عمر ابن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام مثله .

٢٩ ـ ير : ابن زيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم .

________________________

(١) بضم الباء جمع باغ ، أي طالب .

١٧٢
 &

بيان : هذه الأخبار تدلُّ على وجوب طلب العلم ، ولا شكّ في وجوب طلب القدر الضروريّ من معرفة الله وصفاته ، وسائر اُصول الدين ، ومعرفة العبادات وشرائطها والمناهي ولو بالأخذ عن عالم عيناً ، والأشهر بين الأصحاب أنّ تحصيل أزيد من ذلك إمّا من الواجبات الكفائيّة أو من المستحبّات .

٣٠ ـ ير : ابن هاشم عن ابن أبي عمير ، عن ابن الحجّاج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : طالب العلم يستغفر له كلّ شيء حتّى الحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء .

٣١ ـ ير : الحسن بن عليّ ، عن العبّاس بن عامر ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة (١) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ جميع دوابّ الأرض لتصلّي على طالب العلم حتّى الحيتان في البحر .

٣٢ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله .

٣٣ ـ ير : ابن هاشم ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه ، عن وهب بن سعيد ، عن حسين بن الصبّاح ، عن جرير بن عبد الله البجليّ ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أوحى الله إليّ أنّه من سلك مسلكاً يطلب فيه العلم سهّلت له طريقاً إلى الجنّة .

٣٤ ـ ير : ابن هاشم ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه ، عن سليمان بن عمرو ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ ، عن أبيه ، عن عليّ عليه‌السلام قال : طالب العلم يشيِّعه سبعون ألف ملك من مفرق السماء ، يقولون : صلّ على محمّد وآل محمّد .

بيان : مفرق الرأس : وسطه ، واُضيف إلى السماء لكونه في جهتها ، أو المراد به وسط السماء . ولعلّ فيه سقطاً وكان من مفرق رأسه إلى السماء .

٣٥ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : العالم والمتعلّم شريكان في الأجر للعالم

________________________

(١) مصغراً هو زياد بن عيسى أو رجاء من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام روى عنهما ، ذكره علماء الرجال ووثقوه وكان زامل ابا جعفر إلى مكة وكان حسن المنزلة عند آل محمد . مات في زمان الصادق عليه السلام ، وله اخت تسمى حمادة تروى عن الصادق عليه السلام .

١٧٣
 &

أجران وللمتعلّم أجر ، ولا خير في سوى ذلك .

٣٦ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، وابن فضّال معاً عن جميل ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ الّذي تعلّم العلم منكم له مثل أجر الّذي يعلّمه ، وله الفضل عليه ، تعلّموا العلم من حملة العلم ، وعلّموه إخوانكم كما علّمكم العلماء .

بيان : ضمير له راجع إلى المعلّم . وقوله : كما علّمكم أي من غير تحريف ، ويحتمل أن يكون الكاف تعليليّةً .

٣٧ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عليّ ، عن الحسين بن عليّ بن يوسف ، عن مقاتل ، عن الربيع بن محمّد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما من عبد يغدو في طلب العلم ويروح إلّا خاض الرحمة خوضاً .

بيان : خاض الرحمة أي دخل فيها بحيث أحاطت به .

٣٨ ـ ير : ابن عيسى ، عن محمّد البرقيّ ، عن سليمان الجعفريّ ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : العالم والمتعلّم في الأجر سواء .

بيان : أي في أصل الأجر لا في قدره ، لئلّا ينافي الأخبار الاُخرى .

٣٩ ـ ثو : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن الكوفيّ ، عن الحسن بن عليّ بن يوسف ، عن مقاتل بن مقاتل ، عن الربيع بن محمّد ، عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما من عبد يغدو في طلب العلم ، أو يروح إلّا خاض الرحمة ، وهتفت به الملائكة : مرحباً بزائر الله ، وسلك من الجنّة مثل ذلك المسلك .

بيان : من زار العالم لله ولطلب العلم لوجه الله فكأنّه زار الله .

٤٠ ـ سن : أبي عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبيدة ، عن أبي ـ سخيلة (١) ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : أيّها الناس لا خير في دين لا تفقّه فيه ، ولا خير في دنياً لا تدبّر فيها ، ولا خير في نسك لا ورع فيه .

بيان : لعلّ المراد بالتدبّر في الدنيا التدبير فيها وترك الإسراف والتقتير

________________________

(١) بضم السين المهملة وفتح الخاء المعجمة ، عده الشيخ من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام . واسمه عاصم بن طريف ، وفي ص ١٧ من الكشي رواية تدل على حسن حاله .

١٧٤
 &

أو التفكّر في فنائها وما يدعو إلى تركها . والنسك : العبادة . والورع : اجتناب المحارم ، أو الشبهات أيضاً .

٤١ ـ ف : عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه . قال : أيّها الناس اعلموا أنَّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، وأنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال : إنّ المال مقسوم بينكم مضمون لكم ، قد قسّمه عادل بينكم وضمنه ، سيفي لكم به (١) ، والعلم مخزون عليكم عند أهله قد اُمرتم بطلبه منهم فاطلبوه ؛ واعلموا أنّ كثرة المال مفسدة للدين مقساةٌ للقلوب ، وأنّ كثرة العلم والعمل به مصلحةٌ للدين سبب إلى الجنّة ، والنفقات تنقص المال ، والعلم يزكو على إنفاقه ، وإنفاقه بثّه (٢) إلى حفظته ورواته ؛ واعلموا أنّ صحبة العالم واتّباعه دين يدان الله به ، وطاعته مكسبةٌ للحسنات ممحاةٌ للسيّآت ، وذخيرةٌ للمؤمنين ، ورفعةٌ في حياتهم ، وجميل الاُحدوثة عنهم بعد موتهم ، إنّ العلم ذو فضائل كثيرة : فرأسه التواضع ، وعينه البراءة من الحسد ، واُذُنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه الفحص ، وقلبه حسن النيّة ، وعقله معرفة الأسباب بالاُمور ، ويده الرحمة ، وهمّته السلامة ، ورجله زيارة العلماء ، وحكمته الورع ، ومستقرّه النجاة ، وفائدته العافية ، ومركبه الوفاء ، وسلاحه لين الكلام ، وسيفه الرضاء ، وقوسه المداراة ، وجيشه محاورة العلماء ، وماله الأدب (٣) ، وذخيرته اجتناب الذنوب ، وزاده المعروف ، ومأواه الموادعة ، ودليله الهدى ، ورفيقه صحبة الأخيار .

بيان : مفسدة ومكسبة وأضرابهما كلّ منهما إمّا اسم فاعل أو مصدر ميميّ أو إسم آلة أو اسم مكان ، وفي بعضها لا يحتمل بعض الوجوه كما لا يخفى . والاُحدوثه بالضمّ : ما يتحدّث به . ثم ّ إنّه عليه‌السلام أراد التنبيه على فضائل العلم فشبّهه بشخص كامل روحانيّ له أعضاءٌ وقوى كلّها روحانيّةٌ بعضها ظاهرةٌ ، وبعضها باطنةٌ ، فالظاهرة كالرأس والعين والاُذن واللّسان واليد والرجل ، والباطنة كالحفظ والقلب والعقل والهمّة والحكمة ، وله مستقرّ روحانيّ ، ومركب وسلاح وسيف وقوس وجيش

________________________

(١) وفي نسخة : وسيفي لكم به .

(٢) بث الخبر : اذاعه ونشره .

(٣) ملكة تعصم من كانت فيه عما يشينه .

١٧٥
 &

ومال وذخيرة وزاد ومأوى ودليل ورفيق كلّها معنويّة روحانيّة . ثمّ إنّه عليه‌السلام بيّن انطباق هذا الشخص الروحانيّ بجميع أجزائه على هذا الهيكل الجسمانيّ إكمالاً للتشبيه ، وإفصاحاً بأنّ العلم إذا استقرَّ في قلب إنسان يملك جميع جوارحه ، ويظهر آثاره من كلّ منها ، فرأس العلم وهو التواضع يملك هذا الرأس الجسدانيّ ويخرج منه التكبّر والنخوة الّتي هو مسكنها ، ويستعمله فيما يقتضيه التواضع من الانكسار والتخشّع ، وكما أنَّ الرأس البدنيّ بانتفائه ينتفي حياة البدن ، فكذا بانتفاء التواضع عند الخالق والخلائق تنتفي حياة العلم فهو كجسد بلا روح لا يصير مصدراً لأثر ، وهاتان الجهتان ملحوظتان في جميع الفقرات ، وذكرها يوجب الإطناب وما ذكرناه كاف لاُولي الألباب .

٤٢ ـ سن : أبي ، عن يونس ، عن أبي جعفر الأحول ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يسع الناس حتّى يسألوا أو يتفقّهوا .

٤٣ ـ سن : أبي وموسى بن القاسم ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا قال : سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام هل يسع الناس ترك المسألة عمّا يحتاجون اليه ؟ قال : لا .

٤٤ ـ سن : النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اُفٍّ لكلّ مسلم لا يجعل في كلّ جمعة يوماً يتفقّه فيه أمر دينه ، ويسأل عن دينه . وروى بعض : اُفٍّ لكلِّ رجل مسلم .

بيان : المراد بالجمعة الاُسبوع تسميةً للكلّ باسم الجزء .

٤٥ ـ سن : جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن القدّاح ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهم‌السلام قال : قال عليّ عليه‌السلام في كلام له : لا يستحي الجاهل إذا لم يعلم أن يتعلّم .

٤٦ ـ غو : في حديث أبي أمامة الباهليّ إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبل أن يجمع ، وجمع بين إصبعيه الوسطى والّتي تلي الإبهام ، ثمّ قال : العالم والمتعلّم شريكان في الأجر : ولا خير في سائر الناس بعد .

بيان : لعلّ المراد بالجمع أيضاً القبض وأخذه من مواطنه ليجمع في محلّ واحد

١٧٦
 &

في علمه وعلم مقرّبي جنابه .

٤٧ ـ غو : روي عن المقداد بن الأسود قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنَّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم حتّى يطأ عليها رضاً به .

٤٨ ـ غو : قال النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : فقيه واحد أشدّ على إبليس من ألف عابد .

٤٩ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين .

٥٠ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يصبر على ذلّ التعلّم ساعةً بقي في ذلّ الجهل أبداً .

٥١ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : طالب العلم لا يموت أو يتمتّع جدّه بقدر كدّه .

بيان : « أو » هنا بمعنى « إلى أن » أو « إلّا أن » . والجدّ بالكسر : الاجتهاد في الأمر وإسناد التمتّع إلى الجدّ مجازيّ .

٥٢ ـ غو : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : العلم مخزون عند أهله ، وقد اُمرتم بطلبه منهم .

٥٣ ـ وقال الصادق عليه السلام : لو علم الناس ما في العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللّجج .

بيان : المهجة : الدم أو دم القلب ، والروح . واللّجّة : معظم الماء .

٥٤ ـ غو : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ومسلمة .

٥٥ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اُطلبوا العلم ولو بالصين .

٥٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما على من لا يعلم من حرج أن يسأل عمّا لا يعلم .

٥٧ ـ غو : قال النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من خرج من بيته ليلتمس باباً من العلم لينتفع به ويعلّمه غيره كتب الله له بكلّ خطوة (١) عبادة ألف سنة صيامها وقيامها ، وحفّته الملائكة بأجنحتها ، وصلّى عليه طيور السماء ، وحيتان البحر ، ودوابّ البرّ ، وأنزله الله منزلة سبعين صدّيقاً ، وكان خيراً له من أن كانت الدنيا كلّها له فجعلها في الآخرة .

٥٨ ـ جا : ابن قولويه ، عن محمّد الحميريّ ، عن أبيه ، عن هارون (٢) ، عن

________________________

(١) بضم الخاء وسكون الطاء : ما بين القدمين عند المشي .

(٢) هو هارون بن مسلم ، قال النجاشي في فهرسه ص ٣٠٧ هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب السر من رآئى كان نزلها ، وأصله الانبار يكنى أبا القاسم ، ثقة وجه ، وكان له مذهب في الجبر و التشبيه ، لقى أبا محمد وأبا الحسن عليهما السلام ، له كتاب التوحيد ، وكتاب الفضائل ، وكتاب الخطب وكتاب المغازي ، وكتاب الدعاء ، وله مسائل لأبي الحسن الثالث عليه السلام .

١٧٧
 &

ابن زياد (١) قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام وقد سئل عن قوله تعالى : فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ . فقال : إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : أكنت عالماً ؟ فإن قال : نعم قال له : أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال : كنت جاهلاً قال له : أفلا تعلّمت حتّى تعمل ؟ فيخصمه وذلك الحجّة البالغة .

٥٩ ـ م : قال الإمام عليه‌السلام : دخل جابر بن عبد الله الأنصاريّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا جابر قوام هذه الدنيا بأربعة : عالم يستعمل علمه ، وجاهل لايستنكف أن يتعلّم ، وغنيٌّ جواد بمعروفه ، وفقير لا يبيع آخرته بدنيا غيره ؛ ثمّ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : فإذا كتم العالم العلم أهله وزها الجاهل في تعلّم ما لا بدّ منه ، وبخل الغنيّ بمعروفه ، وباع الفقير دينه بدنيا غيره حلّ البلاءُ وعظم العقاب .

٦٠ ـ جع : عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أباذرّ من خرج من بيته يلتمس باباً من العلم كتب الله عزّ وجلّ له بكلّ قدم ثواب نبيّ من الأنبياء ، وأعطاه الله بكلّ حرف يسمع أو يكتب مدينةً في الجنّة ، وطالب العلم أحبّه الله وأحبّه الملائكة وأحبّه النبيّون ، ولا يحبُّ العلم إلّا السعيد ، فطوبى لطالب العلم يوم القيامة ، ومن خرج من بيته يلتمس باباً من العلم كتب الله له بكلّ قدم ثواب شهيد من شهداء بدر ، و طالب العلم حبيب الله ، ومن أحبّ العلم وجبت له الجنّة ، ويصبح ويمسي في رضا الله ، ولا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر ، ويأكل من ثمرة الجنّة ، ويكون في الجنّة رفيق خضر عليه‌السلام ، وهذا كلّه تحت هذه الآية : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ و الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ .

بيان : المراد بثواب النبي إمّا ثواب عمل من أعماله أو ثوابه الاستحقاقيّ ، فإنّه قليل بالنظر إلى ما يتفضّل الله تعالى عليه من الثواب ، وكذا الشهيد .

________________________

(١) هو مسعدة ، عنونه النجاشي في كتابه ص ٢٩٥ فقال : مسعدة بن زياد الربعي ثقة ، عين ، روى عن أبيعبد الله عليه السلام ، له كتاب في الحلال والحرام مبوب ، أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الزراري ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد بكتابه

١٧٨
 &

٦١ ـ ضه : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قوام الدين بأربعة : بعالم ناطق مستعمل له ، وبغنيّ لا يبخل بفضله على أهل دين الله ، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه ، وبجاهل لا يتكبّر عن طلب العلم ، فإذا اكتتم العالم علمه ، وبخل الغنيُّ ، وباع الفقير آخرته بدنياه ، واستكبر الجاهل عن طلب العلم ، رجعت الدنيا على تراثها قهقرى ولا تغرّنّكم كثرة المساجد ، وأجساد قوم مختلفة . قيل : يا أمير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان ؟ فقال : خالطوهم بالبرّانيّة يعني في الظاهر ، وخالفوهم في الباطن ، للمرء ما اكتسب ، وهو مع من أحبّ ، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله تعالى .

بيان : رجعت الدنيا على تراثها . كذا فيما عندنا من النسخ ولعلّ المراد رجعت مع ما أورثه الناس من الأموال والنعم ، أي يسلب عن الناس نعمهم عقوبةً على هذه الخصال ، والأصوب : على ورائها كما سيأتي . (١) وقال في النهاية : في حديث سلمان : من أصلح جوّانيّه أصلح الله برّانيّه . أراد بالبرّاني : العلانية ، والألف والنون من زيادات النسب ، كما قالوا في صنعاء صنعانيّ ، وأصله من قولهم : خرج فلان برّاً أي خرج إلى البرّ والصحراء . قوله عليه‌السلام : للمرء ما اكتسب بيان لأنّه لايضرّكم الكون معهم ، فإنّ لكم أعمالكم ، وأنتم تحشرون في الآخرة مع الأئمّة الّذين تحبّونهم .

٦٢ ـ ضه : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله ، إنّ طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ، وكم من مؤمن يخرج من منزله في طلب العلم فلا يرجع إلّا مغفوراً .

٦٣ ـ وقال عليه‌السلام : لا علم كالتفكّر ولا شرف كالعلم .

بيان : المراد بالشخوص الخروج من البلد ، أو الأعمّ منه ومن الخروج من البيت . وقوله عليه‌السلام : لاعلم : كالتفكّر أي كالعلم الحاصل بالتفكّر ، أو المراد بالعلم ما يوجبه مجازاً .

________________________

(١) الظاهر أن المراد من رجوع الدنيا إلى تراثها رجوعها إلى الجاهليّة الاولى التي تركتها أهل الجاهلية وقد نسخها الاسلام وبث العلم النافع في الدنيا ، ومع ترك العلم وافساد التربية الدينية يرجع الناس الى تراثهم الاولى وهو الجهل والعمى والفساد . ط

١٧٩
 &

٦٤ ـ ضه : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا مؤمن إنّ هذا العلم والأدب ثمن نفسك فاجتهد في تعلّمهما ، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك ، فإنّ بالعلم تهتدي إلى ربّك ، وبالأدب تحسن خدمة ربّك ، وبأدب الخدمة يستوجب العبد ولايته وقربه ، فاقبل النصيحة كي تنجو من العذاب .

٦٥ ـ ضه : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اطلبوا العلم ولو بالصين ، فإنَّ طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم .

٦٦ ـ وقال صلّى الله عليه وآله : من تعلّم مسألةً واحدةً قلّده الله يوم القيامة ألف قلائد من النور ، وغفر له ألف ذنب ، وبنى له مدينةً من ذهب ، وكتب له بكلّ شعرة على جسده حجّةً .

٦٧ ـ ضه : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعلّم باباً من العلم عمل به أو لم يعمل كان أفضل من أن يصلّي ألف ركعة تطوّعاً .

٦٨ ـ ما : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنَّ العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله عزّ وجلَّ من فوق العرش : مرحباً بك (١) يا عبدي أتدري أي منزلة تطلب ؟ وأي درجة تروم ؟ (٢) تضاهي (٣) ملائكتي المقرَّبين لتكون لهم قريناً لاُبلّغنّك مرادك ولاُوصلنَّك بحاجتك . فقيل لعليّ بن الحسين عليه‌السلام : ما معنى مضاهاة ملائكة الله عزّ وجلّ المقرّبين ليكون لهم قريناً ؟ قال : أما سمعت قول الله عزَّ وجلَّ : شهد الله أنّه لا إله إلّا هو والملائكة واُولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم فبدأ بنفسه ، وثنّى بملائكته ، وثلّث باُولي العلم الّذين هم قرناء ملائكته ، وسيِّدهم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وثانيهم عليٌّ عليه‌السلام وثالثهم أهله ، وأحقّهم بمرتبته بعده ، قال عليُّ بن الحسين عليه‌السلام : ثمّ أنتم معاشر الشيعة العلماء بعلمنا تأولون (٤) مقرونون بنا وبملائكة الله المقرّبين

________________________

(١) أي صادفت سعة ورحباً .

(٢) أي تريد .

(٣) أي تشابه وتشاكل .

(٤) كذا في النسخة ويحتمل ان تكون مصحّف نازلون .

١٨٠