الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٣٢
٥١ ـ وقال عليهالسلام : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله .
٥٢ ـ وقال عليهالسلام : عجباً للعاقل كيف ينظر إلى شهوة يعقّبه النظر إليها حسرةً .
٥٣ ـ وقال : همّة العقل ترك الذنوب وإصلاح العيوب .
باب ٥
* ( النوادر ) *
١ ـ مع ، ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن عبيد بن هلال قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يقول : إنّي اُحبُّ أن يكون المؤمن محدِّثاً قال : قلت وأيّ شيء المحدَّث قال : المفهّم .
٢ ـ ع : أبي ، عن محمّد العطّار ، عن ابن يزيد ، عن البزنطيّ ، عن ثعلبة ، عن معمّر قال قلت لأبي جعفر عليهالسلام : ما بال الناس يعقلون ولا يعلمون ؟ قال : إنَّ الله تبارك وتعالى حين خلق آدم جعل أجله بين عينيه ، وأمله خلف ظهره ، فلمّا أصاب الخطيئة جعل أمله بين عينيه ، وأجله خلف ظهره ، فمن ثمّ يعقلون ولا يعلمون .
بيان : لعلّ المراد بكون الأجل بين عينيه كونه
دائماً متذكّراً له ، كما يقال : فلان جعل الموت نصب عينيه وبكون الأمل خلف ظهره نسيان الأمل وعدم خطوره بباله فلا يطول أمله ، وهذا شائع في العرف واللّغة ، يقال : نبذه وراء ظهره أي تركه
ونسيه فمراد السائل أنَّه ما بال الناس مع كونهم من أهل العقل لا يعلمون ولا يبذلون
جهدهم كما ينبغى في تحصيل العلم ، فالجواب أنَّ سبب ذلك ما حصل لآدم عليهالسلام بعد ارتكاب ترك الأولى ، وسرى في أولاده من نسيان الموت وطول الأمل فإنَّ تذكّر الموت يحثُّ الإنسان على تحصيل ما ينفعه بعد الموت قبل حلوله . وطول الأمل يوجب التسويف في فعل الخيرات وطلب العلم . ويحتمل أن يكون مراد السائل بالعقل عقل المعاش وتدبير اُمور الدنيا ، وبالعلم علم ما ينفع في المعاد ؛ أي ما بال الناس في أمر
دنياهم عقلاء لا يفوّتون شيئاً من مصالح دنياهم ، وفي أمر آخرتهم سفهاء كأنَّهم لا يعلمون شيئاً
؟ فالجواب هو أنّ سبب ذلك نسيان الموت ، وطول الأمل فإنَّهما موجبان لترك ما
ينفع في المعاد لكونه منسيّاً ، وقصر الهمّة على تحصيل المعاش ومرمَّة اُمور الدنيا لكونها نصب عينه دائماً ويحتمل أيضاً أن يكون المراد بالعقل العلم بما ينفع في المعاد ، والمراد بالعلم العلم الكامل المورث للعمل فالمراد ما بال الناس يعلمون الموت والحساب والعقاب ويؤمنون بها ولا يظهر أثر ذلك العلم في أعمالهم ؟ فهم فيما يعملون من الخطايا كأنّهم لا يعلمون شيئاً من ذلك . والجواب ظاهر . والظاهر أنّ ههنا تصحيفاً من النسّاخ وكان لا يعملون بتقديم الميم على اللّام فيرجع الى ما ذكرنا أخيراً والله يعلم .
( أبواب العلم وآدابه وأنواعه وأحكامه )
باب ١
* ( فرض العلم ، ووجوب طلبه ، والحث عليه ، وثواب العالم والمتعلم ) *
الايات ، البقرة : وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ ٢٤٧
الاعراف : كذلك نفصّل الآيات لقوم يعلمون ٣٠ « وقال تعالى » : وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ١٨٧
التوبة : ونفصّل الآيات لقوم يعلمون ١١ « وقال » : طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٩٤ « وقال » : الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ٩٨ « وقال تعالى » : فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ١٢٣ « وقال » : صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ١٢٨
يونس : يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥
يوسف : نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦
الرعد : أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٩
طه : وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ١١٤
الانبياء : وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ٧٤ « وقال تعالى » : وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ٧٩
الحج : وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ٥٤
النمل : وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ١٥ « وقال تعالى » : إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥٢ « وقال سبحانه » : بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٦١
القصص : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ١٤ « وقال تعالى » : وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ٨٠
العنكبوت : وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ٤٣ « وقال تعالى » بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ٤٩
الروم : إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ٢٢ « وقال سبحانه » وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَٰكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٥٦ « وقال تعالى » كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٥٩
سبا : وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ٦
الزمر : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ٩
الفتح : بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا ١٥
الرحمن : عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ٢ ، ٣ ، ٤
المجادلة : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ١١
الحشر : ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ١٣
المنافقين : وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧ « وقال تعالى » وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨
العلق : وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٣ ، ٤ ، ٥
١ ـ لى
: السنانيّ ، عن الأسديّ
، عن النخعيّ ، عن النوفليّ ، عن محمّد بن سنان ،
عن المفضّل ، عن الصادق عليهالسلام أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه ، وأكثر الناس قيمةً أكثرهم علماً وأقلّ الناس قيمةً أقلّهم علماً . أقول : الخبر بتمامه في باب مواعظ الرسول صلىاللهعليهوآله .
٢ ـ لى : المكتب ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن القدّاح ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنّة . وأنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به ، وأنّه ليستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتّى الحوت في البحر ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر ؛ وأنّ العلماء ورثة الأنبياء ، إنّ الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولادرهماً ولكن ورَّثو العلم ، فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر .
ثو : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، مثله .
ير : أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن القدّاح (١) مثله .
بيان : سلك الله به الباء للتعدية أي أسلكه الله في طريق موصل إلى الجنّة في الآخرة أو في الدنيا بتوفيق عمل من أعمال الخير يوصله إلى الجنّة . وفي طريق العامّة : سهّل الله له طريقاً من طرق الجنّة . قوله عليهالسلام لتضع أجنحتها . أي لتكون وطأً له إذا مشى ، وقيل : هو بمعنى التواضع تعظيماً لحقِّه ، أو التعطّف لطفاً له إذ الطائر يبسط جناحه على أفراخه . « وقال تعالى » : وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) . « وقال سبحانه » : وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (٣) وقيل : المراد نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران . وقيل : أراد به إظلالهم بها . وقيل : معناه بسط الجناح لتحمله
________________________
(١) هو عبد الله بن ميمون بن الاسود القداح ، مولى بني مخزوم ، يبرى القداح ، عنونه صاحبوا التراجم في كتبهم ، قال النجاشي في رجاله ص ١٤٨ بعد ما عنونه كما عنوناه : روى أبوه عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، ويروى هو عن أبيعبد الله عليه السلام وكان ثقة ، له كتب منها كتاب مبعث النبي صلى الله عليه وآله وأخباره ، كتاب صفة الجنة والنار . وروى الكشي في رجاله ص ١٦٠ باسناده عن أبي خالد ، عنه ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : يا بن ميمون كم أنتم بمكة ؟ قلت : نحن أربعة . قال : إنكم نور في ظلمات الارض . وعده ابن النديم في فهرسه من فقهاء الشيعة .
(٢) الحجر : ٨٨ |
(٣) اسرى : ٢٤ |
عليها وتبلغه حيث يريد من البلاد ، ومعناه المعونة في طلب العلم . ويؤيّد الأوّل ما سيأتي من خبر مقداد (١) قوله رضاً به مفعول لأجله ، ويحتمل أن يكون حالاً بتأويل أي راضين غير مكرهين . قوله عليهالسلام : لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً . أي كان معظم ميراثهم العلم . ويمكن حمله على الحقيقة بأن لم يبق منهم دينار ولادرهم .
٣ ـ لى : في خطبة خطبها أمير المؤمنين عليهالسلام بعد فوت النبيّ صلىاللهعليهوآله : ولا كنز أنفع من العلم .
٤ ـ لى ، ن : في كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام برواية عبد العظيم الحسنيّ قيمة كلّ امرىء مايحسنه .
ل : برواية اُخرى سيأتي في مواعظه عليهالسلام
٥ ـ ما : جماعة عن أبي المفضَّل الشيبانيّ عن عبيد الله بن الحسن بن إبراهيم العلويّ عن أبيه ، عن عبد العظيم الحسنيّ الرازيّ (٢) عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عن عليّ
________________________
(١) في الحديث ٤٥
(٢) أورده النجاشي في رجاله ص ١٧٣ قال : عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أبو القاسم ، له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام ، قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله : حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، قال : كان عبد العظيم ورد الري هارباً من السلطان وسكن سرباً في دار رجل من الشيعة في سكة الموالى ، فكان يعبد الله في ذلك السرب ، ويصوم نهاره ، ويقوم ليله ، فكان يخرج مستتراً فيزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق ويقول : هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر عليه السلام فلم يزل يأوى الى ذلك السرب ، ويقع خبره الى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد عليهم السلام حتى عرفه اكثرهم فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله قال له : ان رجلا من ولدي يحمل من سكة الموالي ، ويدفن عند شجرة التفاح في باغ عبد الجبار بن عبد الوهاب ، وأشار الى المكان الذي دفن فيه ، فذهب الرجل ليشتري الشجرة ومكانها من صاحبها ، فقال له : لاي شيء تطلب الشجرة ومكانها ؟ فاخبره بالرؤيا فذكر صاحب الشجرة انه كان رأى مثل هذه الرؤيا وانه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفا على الشريف ، والشيعة يدفنون فيه ، فمرض عبد العظيم ومات رحمة الله عليه ، فلما جرد ليغسّل وجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه . وروى الصدوق في كتاب ثواب الاعمال ص ٥٦ في فضل زيارته رواية باسناده عن علي بن أحمد ، عن حمزة بن القاسم العلوي ، عن محمد بن يحيى العطار ، عمن دخل على أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام من أهل الري ، قل : دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلام فقال : أين كنت ؟ قلت : زرت الحسين عليه السلام قال : أما أنك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي عليهما السلام .
عليهمالسلام قال قلت أربعاً أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه قلت : المرء مخبوءٌ تحت لسانه فإذا تكلّم ظهر ، فأنزل الله تعالى : ولتعرفنّهم في لحن القول . قلت : فمن جهل شيئاً عاداه ، فأنزل الله : بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه . وقلت : قدر أو قيمة كلّ امرىء ما يحسن ، فأنزل الله في قصّة طالوت : إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم وقلت : القتل يقلّ القتل ، فأنزل الله : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (٤) .
بيان : مخبوءٌ أي مستور تحت لسانه لا يعرف كماله ولا نقصه ولا صدقه ويقينه ولا كذبه ونفاقه إلّا إذا تكلّم . وقوله تعالى : ولتعرفنّهم جواب قسم محذوف . ولحن القول : اُسلوبه وإمالته إلى جهة تعريض وتورية ، ومنه قيل للمخطى : لاحن لأنَّه يعدل بالكلام عن الصواب . والبسطة : السعة .
٦ ـ ما : محمّد بن العبّاس النحوىّ عن عبد الله بن الفرج ، عن سعيد بن الأوس الأنصاريّ قال : سمعت الخليل بن أحمد يقول : أحثُّ كلمة على طلب علم قول عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : قدر كلّ امرىء ما يحسن .
بيان : قال الجوهري هو يحسن الشيء أي يعلمه .
٧ ـ لى : أبي عن سعيد ، عن اليقطينيّ ، عن يوسف بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن زياد العطّار ، عن ابن طريف ، عن ابن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام تعلّموا العلم فإنَّ تعلّمه حسنةٌ ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقةٌ ؛ وهو أنيس في الوحشة ، وصاحب في الوحدة ، وسلاح على الأعداء ، و زين الأخلّاء ، يرفع الله به أقواماً يجعلهم في الخير أئمّةً يقتدى بهم ، ترمق أعمالهم ، وتقتبس آثارهم ، ترغب الملائكة في خلّتهم ، يمسحونهم بأجنحتهم في صلاتهم لأنَّ العلم حياة القلوب ، ونور الأبصار من العمى ، وقوّة الأبدان من الضعف ، وينزل الله حامله منازل الأبرار ، ويمنحه مجالسة الأخيار في الدنيا والآخرة . بالعلم يطاع الله ويعبد ، وبالعلم يعرف الله ويُوحَّد ، وبالعلم توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال والحرام ، والعلم إمام العقل والعقل تابعه ، يلهمه الله السعداء ، ويحرّمه الأشقياء .
٨ ـ ل
: أبي ، عن سعد ، عن
اليقطينيّ ، عن جماعة من أصحابه رفعوه إلى أمير المؤمنين
عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تعلّموا العلم . الخبر . إلّا أنّ فيه مكان عند الله لأهله : بذله لأهله . وبعد قوله في الوحدة : ودليل على السرّاء والضرّاء . وبعد قوله في صلاتهم : ويستغر لهم كلّ شيء حتّى حيتان البحور وهوامّها وسباع البرّ وأنعامها . ومكان الأبرار : الأخيار . ومكان الأخيار : الأبرار . أقول : روى في ف نحواً من ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم .
بيان : يقال : رمقته أي نظرت إليه . أي ينظر الناس إلى أعمالهم ليقتدوا بهم . ونور الأبصار أي أبصار القلوب . وقوّة الأبدان إذ بالعلم واليقين تقوى الجوارح على العمل .
٩ ـ ل : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن ميمون (١) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فضل العلم أحبُّ إلى الله من فضل العبادة ، وأفضل دينكم الورع .
بيان : أي أفضل أعمال دينكم .
١٠ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الأشعريّ ، عن ابن عيسى ، عن عليّ (٢) عن أخيه ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سئل أمير المؤمنين عليهالسلام عن أعلم الناس ، قال : من جمع علم الناس إلى علمه .
١١ ـ ل : الخليل بن أحمد ، عن ابن منيع عن هارون بن عبد الله ، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقيّ ، عن خالد بن أبي خالد الأرزق ، عن محمّد بن عبد الرحمن ـ وأظنُّه ابن أبي ليلى ـ عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : أفضل العبادة الفقه و أفضل الدين الورع .
١٢ ـ ل : ابن المغيرة بإسناده عن السكونيّ ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه
________________________
(١) هو عبد الله بن ميمون القداح المقدم ترجمته في ذيل الحديث الثاني .
(٢) المراد به على بن سيف بن عميرة وبأخيه هو الحسين بن سيف وبأبيه هو سيف بن عميرة . وعميرة وزان سفينة . أما سيف فهو كوفي ثقة روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام وثقه علماء الرجال ، وأما الحسين فقد أورده الشيخ ولم يذكره بمدح ولا ذم غير أن له كتابين يرويهما عنه الرجال ، وأما عليّ فقد ترجمه النجاشي ووثقه .
عن عليّ عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا خير في العيش إلّا لرجلين : عالم مطاع أو مستمع واع .
١٣ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : لا خير في العيش إلّا لمستمع واع أو عالم ناطق .
١٤ ـ وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أربع يلزمن كلّ ذي حجى و عقل من اُمّتي ، قيل : يا رسول الله ما هنّ ؟ قال : استماع العلم ، وحفظه ، ونشره عند أهله ، والعمل به .
١٥ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن البرقيّ ، عن أبيه ، عن عدّة من أصحابه يرفعونه إلى أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : منهومان لا يشبعان : منهوم علم ، ومنهوم مال :
بيان : قال الجوهريّ : النهمة ، بلوغ الهمّة في الشيء ، وقد نهم بكذا فهو منهوم أي مولع به . وفي الحديث : منهومان لا يشبعان منهوم بالمال ومنهوم بالعلم .
١٦ ـ ل : سيجيىءُ في مكارم أخلاق عليّ بن الحسين صلوات الله عليه أنّه عليهالسلام كان إذا جاءه طالب علم قال : مرحباً بوصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمَّ يقول : إنّ طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجله على رطب ولا يابس من الأرض إلّا سبّحت له إلى الأرضين السابعة .
بيان : يمكن أن يكون المراد بتسبيح الأرض تسبيح أهلها من الملائكة والجنّ ويحتمل أن يكون المراد أنّه يكتب له مثل ثواب هذا التسبيح الفرضيّ ، وقيل بشعور ضعيف في الجمادات لكنّ السيّد المرتضى قال : إنّه خلاف ضرورة الدين (١) ويحتمل أن يكون المراد بتسبيح الجمادات والحيوانات مايصل إلى العالم بإزائها من المثوبات إذ للعالم مدخل في بقائها وانتظامها ، وانتفاع سائر الخلق بها ، فيثاب العالم بإزاء كلّ منها فكأنّها تسبّح له والله يعلم .
١٧ ـ ن : بإسناد التميميّ ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام . أنّه قال : العلم ضالّة المؤمن .
________________________
(١) لم يظهر لقوله رحمه الله وجه ، وظاهر الايات القرآنية خلافه وعليه دلائل من الاخبار
١٨ ـ ما : المفيد ، عن المراغيّ ، عن عليّ بن الحسن ، عن جعفر بن محمّد بن مروان عن أبيه ، عن أحمد بن عيسى ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خلّتان (١) لا تجتمعان في المنافق : فقه في الإسلام ، وحسن سمت في الوجه ،
نوادر الراوندي : بإسناده عن الكاظم ، عن آبائه عليهم السلام ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله مثله .
بيان : السمت هيئة أهل الخير .
١٩ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن ابن عامر ، عن الإصفهانيّ ، عن المنقريّ عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان فيما وعظ لقمان ابنه . أنّه قال له : يا بنيّ اجعل في أيّامك ولياليك وساعاتك نصيباً لك في طلب العلم ، فإنَّك لن تجد له تضييعاً مثل تركه .
فس : أبي ، عن الإصفهانيّ مثله .
بيان : معناه الحثُّ على مداومة طلب العلم ومدارسته ، فإنَّ تركه يوجب فوات ما قد حصل وذهابه ونسيانه .
٢٠ ـ ما : المفيد ، عن الجعابيّ ، قال : حدّثني الشيخ الصالح عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن ياسين ، قال : سمعت العبد الصالح عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا عليهمالسلام بسر من رأى يذكر عن آبائه عليهمالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : العلم وراثة كريمة ، والآداب حلل حسان ، والفكرة مرآة صافية ، والاعتذار منذر ناصح ، وكفى بك أدباً لنفسك تركك ما كرهته لغيرك .
جا : الجعابيّ مثله .
بيان : قوله عليهالسلام : والاعتذار منذر ناصح أي يكفي لترك المعاصي والمساوي ما يترتّب عليه من الاعتذار ، فكيف مع خوف العقاب ، وكأنّه تصحيف ، والاظهر : « الاعتبار » كما في نهج البلاغة وغيره
________________________
(١) بفتح الخاء واللام المشددة : الخصلتان .
٢١ ـ ما : المفيد ، عن محمّد بن الحسين الحلّال ، عن الحسن بن الحسين الأنصاريّ عن زفر بن سليمان ، عن أشرس الخراسانيّ ، عن أيّوب السجستانيّ ، عن أبي قُلابة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من خرج من بيته يطلب علماً شيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون له .
٢٢ ـ ما : بإسناد أبي قتادة عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : لست اُحبّ أن أرى الشابّ منكم إلّا غادياً (١) في حالين : إمّا عالماً أو متعلّماً فإن لم يفعل فرّط فإن فرّط ضيّع ، فإن ضيّع أثم ، وإن أثم سكن النار والّذي بعث محمّداً بالحقّ .
٢٣ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضّل الشيبانيّ عن محمّد بن إبراهيم بن المفضّل الدئلي ، عن عبد الحميد بن صبيح عن حمّاد بن زيد ، عن أبي هارون العبدي (٢) قال : كنّا إذا أتينا أبا سعيد الخدريّ (٣) قال : مرحباً بوصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : سيأتيكم قوم من أقطار الأرض يتفقّهون ، وإذا رأيتموهم فاستوصوا بهم خيراً ، قال : ويقول : وأنتم وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله .
________________________
(١) أي باكراً .
(٢) أورده صاحب تنقيح المقال في ج ٣ ص ٣٨ من الكنى وقال : لم أقف على إسمه ولاحاله في كتب أصحابنا نعم عن ابن حجر في التقريب أنه عنونه وقال : إسمه عمارة بن جويرة ـ بالجيم مصغرا ـ مشهور بكنيته ، متروك ومتهم من كذبه ، شيعي من الرابعة مات سنة ١٣٤ .
(٣) منسوب إلى خدرة ـ بضم الخاء وسكون الدال وفتح الراء ـ وهو حي من الانصار . إسمه سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة الابجر . والابجر هو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج عنونه الخاصة والعامة في كتبهم عده ابن عبد البر في الاستيعاب « ج ٢ ذيل ص ٤٤ من الاصابة » من الصحابة وقال : أول مشاهده الخندق ، وغزى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثنتا عشرة غزوة ، وكان ممن حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله سننا كثيرة ، وروى عنه علما جما وكان من نجباء الانصار و علمائهم وفضلائهم ، توفى سنة ٧٤ وروى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين . ونقل صاحب الاصابة « ج ٢ ص ٣٣ » في تاريخ وفاته ثلاثة أقوال اخرى سنة ٦٣ و ٦٤ و ٦٥ وقال : استصغر باحد واستشهد أبوه بها . ونقل الكشي في ص ٢٥ من رجاله عن الفضل بن شاذان أنه كان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وأورد في ص ٢٦ روايات تدل على مدحه وانه كان مستقيما . وفي ص ١٣١ من التهذيب رواية تدل على استقامته .
٢٤ ـ ما : جماعة عن أبي المفضّل ، عن جعفر بن محمّد بن جعفر الحسنيّ رحمه الله ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : حدّثني الرضا عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ، فاطلبوا العلم من مظانّه ، واقتبسوه من أهله فإنَّ تعليمه لله حسنةٌ ، وطلبه عبادةٌ ، والمذاكرة به تسبيحٌ ، والعمل به جهادٌ ، وتعليمه من لا يعلمه صدقةٌ ، وبذله لأهله قربةٌ إلى الله تعالى لأنّه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبل الجنّة ، والمونس في الوحشة ، والصاحب في الغربة والوحدة ، والمحدِّث في الخلوة ، والدليل على السرّاء والضرّاء ، والسلاح على الأعداء ، والزين عند الأخلّاء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادةً تقتبس آثارهم ، ويهتدى بفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم ، وترغب الملائكة في خلّتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، وفي صلاتها تبارك عليهم ، يستغفر لهم كلُّ رطب ويابس حتّى حيتان البحر وهوامّه ، وسباع البرّ وأنعامه ، إنّ العلم حياة القلوب من الجهل . وضياء الأبصار من الظلمة ، وقوّة ، الأبدان من الضعف ، يبلغ بالعبد منازل الأخيار ، ومجالس الأبرار ، والدرجات العُلى في الدنيا والآخرة ، الذكر فيه يعدل بالصيام ، ومدارسته بالقيام ، به يطاع الربّ ويعبد ، وبه توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال والحرام ، العلم امام العمل ، والعمل تابعه ، يلهمه السعداء ، ويحرِّمه الأشقياء ، فطوبى لمن لم يحرّمه الله منه حظّه .
قال أبو المفضّل : وحدّثنا جعفر بن عيسى بن مدرك التمّار ، عن محمّد بن مسلم الرازيّ ، عن هشام بن عبد الله ، عن كنانة بن جبلة ، عن عاصم بن رجاء ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ بن جبل ، قال : تعلّموا العلم فإنّ تعليمه لله حسنةٌ ، وذكر نحوه .
قال : وحدّثنا محمد
بن عليّ بن شاذان الأزديّ ، عن كثير بن محمّد الخزاميّ ، عن حسن بن حسين العربيّ ، عن يحيى بن يعلى ، عن أسباط بن نصر ، عن شيخ من أهل
البصرة ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تعلّموا العلم فإنّ تعليمه لله حسنةٌ وذكر نحو حديث الرضا عليهالسلام .
عدة : روى صاحب كتاب منتقى اليواقيت فيه مرفوعاً إلى محمّد بن عليّ بن الحسين وذكر نحوه .
بيان : يقال : اقتبست منه ناراً ، واقتبست منه علماً ، أي استفدته . والمنار عَلم الطريق . ومسح الملائكة بأجنحتها إمّا لإظهار الخلّة ، أو لإفادة البركة أو لاستفادتها .
٢٥ ـ ما : بإسناد المجاشعيّ ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : العالم بين الجهّال كالحيّ بين الأموات ، وإنّ طالب العلم ليستغفر له كلُّ شيء حتّى حيتان البحر وهوامّه ، وسباع البرّ وأنعامه ، فاطلبوا العلم فإنّه السبب بينكم وبين الله عزّ وجلّ ، وإنّ طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم .
جا : الجعابيّ ، عن ابن عقدة ، عن هارون بن عمرو المجاشعيّ ، عن محمّد بن جعفر ابن محمّد ، عن أبيه عليهالسلام مثله .
٢٦ ـ ير : ابن هاشم ، عن الحسن بن زيد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ، ألا إنّ الله يحبّ بغاة (١) العلم .
٢٧ ـ ير : محمّد بن حسّان ، عن محمّد بن عليّ ، عن عيسى بن عبد الله العمريّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : طلب العلم فريضة في كلّ حال .
٢٨ ـ ير : بهذا الاسناد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : طلب العلم فريضة من فرائض الله .
ير : محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عبد الله ، عن عيسى بن عبد الله ، عن أحمد بن عمر ابن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام مثله .
٢٩ ـ ير : ابن زيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم .
________________________
(١) بضم الباء جمع باغ ، أي طالب .
بيان : هذه الأخبار تدلُّ على وجوب طلب العلم ، ولا شكّ في وجوب طلب القدر الضروريّ من معرفة الله وصفاته ، وسائر اُصول الدين ، ومعرفة العبادات وشرائطها والمناهي ولو بالأخذ عن عالم عيناً ، والأشهر بين الأصحاب أنّ تحصيل أزيد من ذلك إمّا من الواجبات الكفائيّة أو من المستحبّات .
٣٠ ـ ير : ابن هاشم عن ابن أبي عمير ، عن ابن الحجّاج ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : طالب العلم يستغفر له كلّ شيء حتّى الحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء .
٣١ ـ ير : الحسن بن عليّ ، عن العبّاس بن عامر ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة (١) ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ جميع دوابّ الأرض لتصلّي على طالب العلم حتّى الحيتان في البحر .
٣٢ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله .
٣٣ ـ ير : ابن هاشم ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه ، عن وهب بن سعيد ، عن حسين بن الصبّاح ، عن جرير بن عبد الله البجليّ ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : أوحى الله إليّ أنّه من سلك مسلكاً يطلب فيه العلم سهّلت له طريقاً إلى الجنّة .
٣٤ ـ ير : ابن هاشم ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه ، عن سليمان بن عمرو ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ ، عن أبيه ، عن عليّ عليهالسلام قال : طالب العلم يشيِّعه سبعون ألف ملك من مفرق السماء ، يقولون : صلّ على محمّد وآل محمّد .
بيان : مفرق الرأس : وسطه ، واُضيف إلى السماء لكونه في جهتها ، أو المراد به وسط السماء . ولعلّ فيه سقطاً وكان من مفرق رأسه إلى السماء .
٣٥ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : العالم والمتعلّم شريكان في الأجر للعالم
________________________
(١) مصغراً هو زياد بن عيسى أو رجاء من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام روى عنهما ، ذكره علماء الرجال ووثقوه وكان زامل ابا جعفر إلى مكة وكان حسن المنزلة عند آل محمد . مات في زمان الصادق عليه السلام ، وله اخت تسمى حمادة تروى عن الصادق عليه السلام .
أجران وللمتعلّم أجر ، ولا خير في سوى ذلك .
٣٦ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، وابن فضّال معاً عن جميل ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ الّذي تعلّم العلم منكم له مثل أجر الّذي يعلّمه ، وله الفضل عليه ، تعلّموا العلم من حملة العلم ، وعلّموه إخوانكم كما علّمكم العلماء .
بيان : ضمير له راجع إلى المعلّم . وقوله : كما علّمكم أي من غير تحريف ، ويحتمل أن يكون الكاف تعليليّةً .
٣٧ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عليّ ، عن الحسين بن عليّ بن يوسف ، عن مقاتل ، عن الربيع بن محمّد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ما من عبد يغدو في طلب العلم ويروح إلّا خاض الرحمة خوضاً .
بيان : خاض الرحمة أي دخل فيها بحيث أحاطت به .
٣٨ ـ ير : ابن عيسى ، عن محمّد البرقيّ ، عن سليمان الجعفريّ ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : العالم والمتعلّم في الأجر سواء .
بيان : أي في أصل الأجر لا في قدره ، لئلّا ينافي الأخبار الاُخرى .
٣٩ ـ ثو : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن الكوفيّ ، عن الحسن بن عليّ بن يوسف ، عن مقاتل بن مقاتل ، عن الربيع بن محمّد ، عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ما من عبد يغدو في طلب العلم ، أو يروح إلّا خاض الرحمة ، وهتفت به الملائكة : مرحباً بزائر الله ، وسلك من الجنّة مثل ذلك المسلك .
بيان : من زار العالم لله ولطلب العلم لوجه الله فكأنّه زار الله .
٤٠ ـ سن : أبي عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبيدة ، عن أبي ـ سخيلة (١) ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : أيّها الناس لا خير في دين لا تفقّه فيه ، ولا خير في دنياً لا تدبّر فيها ، ولا خير في نسك لا ورع فيه .
بيان : لعلّ المراد بالتدبّر في الدنيا التدبير فيها وترك الإسراف والتقتير
________________________
(١) بضم السين المهملة وفتح الخاء المعجمة ، عده الشيخ من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام . واسمه عاصم بن طريف ، وفي ص ١٧ من الكشي رواية تدل على حسن حاله .
أو التفكّر في فنائها وما يدعو إلى تركها . والنسك : العبادة . والورع : اجتناب المحارم ، أو الشبهات أيضاً .
٤١ ـ ف : عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه . قال : أيّها الناس اعلموا أنَّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، وأنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال : إنّ المال مقسوم بينكم مضمون لكم ، قد قسّمه عادل بينكم وضمنه ، سيفي لكم به (١) ، والعلم مخزون عليكم عند أهله قد اُمرتم بطلبه منهم فاطلبوه ؛ واعلموا أنّ كثرة المال مفسدة للدين مقساةٌ للقلوب ، وأنّ كثرة العلم والعمل به مصلحةٌ للدين سبب إلى الجنّة ، والنفقات تنقص المال ، والعلم يزكو على إنفاقه ، وإنفاقه بثّه (٢) إلى حفظته ورواته ؛ واعلموا أنّ صحبة العالم واتّباعه دين يدان الله به ، وطاعته مكسبةٌ للحسنات ممحاةٌ للسيّآت ، وذخيرةٌ للمؤمنين ، ورفعةٌ في حياتهم ، وجميل الاُحدوثة عنهم بعد موتهم ، إنّ العلم ذو فضائل كثيرة : فرأسه التواضع ، وعينه البراءة من الحسد ، واُذُنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه الفحص ، وقلبه حسن النيّة ، وعقله معرفة الأسباب بالاُمور ، ويده الرحمة ، وهمّته السلامة ، ورجله زيارة العلماء ، وحكمته الورع ، ومستقرّه النجاة ، وفائدته العافية ، ومركبه الوفاء ، وسلاحه لين الكلام ، وسيفه الرضاء ، وقوسه المداراة ، وجيشه محاورة العلماء ، وماله الأدب (٣) ، وذخيرته اجتناب الذنوب ، وزاده المعروف ، ومأواه الموادعة ، ودليله الهدى ، ورفيقه صحبة الأخيار .
بيان : مفسدة ومكسبة وأضرابهما كلّ منهما إمّا اسم فاعل أو مصدر ميميّ أو إسم آلة أو اسم مكان ، وفي بعضها لا يحتمل بعض الوجوه كما لا يخفى . والاُحدوثه بالضمّ : ما يتحدّث به . ثم ّ إنّه عليهالسلام أراد التنبيه على فضائل العلم فشبّهه بشخص كامل روحانيّ له أعضاءٌ وقوى كلّها روحانيّةٌ بعضها ظاهرةٌ ، وبعضها باطنةٌ ، فالظاهرة كالرأس والعين والاُذن واللّسان واليد والرجل ، والباطنة كالحفظ والقلب والعقل والهمّة والحكمة ، وله مستقرّ روحانيّ ، ومركب وسلاح وسيف وقوس وجيش
________________________
(١) وفي نسخة : وسيفي لكم به .
(٢) بث الخبر : اذاعه ونشره .
(٣) ملكة تعصم من كانت فيه عما يشينه .
ومال وذخيرة وزاد ومأوى ودليل ورفيق كلّها معنويّة روحانيّة . ثمّ إنّه عليهالسلام بيّن انطباق هذا الشخص الروحانيّ بجميع أجزائه على هذا الهيكل الجسمانيّ إكمالاً للتشبيه ، وإفصاحاً بأنّ العلم إذا استقرَّ في قلب إنسان يملك جميع جوارحه ، ويظهر آثاره من كلّ منها ، فرأس العلم وهو التواضع يملك هذا الرأس الجسدانيّ ويخرج منه التكبّر والنخوة الّتي هو مسكنها ، ويستعمله فيما يقتضيه التواضع من الانكسار والتخشّع ، وكما أنَّ الرأس البدنيّ بانتفائه ينتفي حياة البدن ، فكذا بانتفاء التواضع عند الخالق والخلائق تنتفي حياة العلم فهو كجسد بلا روح لا يصير مصدراً لأثر ، وهاتان الجهتان ملحوظتان في جميع الفقرات ، وذكرها يوجب الإطناب وما ذكرناه كاف لاُولي الألباب .
٤٢ ـ سن : أبي ، عن يونس ، عن أبي جعفر الأحول ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لا يسع الناس حتّى يسألوا أو يتفقّهوا .
٤٣ ـ سن : أبي وموسى بن القاسم ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا قال : سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام هل يسع الناس ترك المسألة عمّا يحتاجون اليه ؟ قال : لا .
٤٤ ـ سن : النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اُفٍّ لكلّ مسلم لا يجعل في كلّ جمعة يوماً يتفقّه فيه أمر دينه ، ويسأل عن دينه . وروى بعض : اُفٍّ لكلِّ رجل مسلم .
بيان : المراد بالجمعة الاُسبوع تسميةً للكلّ باسم الجزء .
٤٥ ـ سن : جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن القدّاح ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهمالسلام قال : قال عليّ عليهالسلام في كلام له : لا يستحي الجاهل إذا لم يعلم أن يتعلّم .
٤٦ ـ غو : في حديث أبي أمامة الباهليّ إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبل أن يجمع ، وجمع بين إصبعيه الوسطى والّتي تلي الإبهام ، ثمّ قال : العالم والمتعلّم شريكان في الأجر : ولا خير في سائر الناس بعد .
بيان : لعلّ المراد بالجمع أيضاً القبض وأخذه
من مواطنه ليجمع في محلّ واحد
في علمه وعلم مقرّبي جنابه .
٤٧ ـ غو : روي عن المقداد بن الأسود قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنَّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم حتّى يطأ عليها رضاً به .
٤٨ ـ غو : قال النبيُّ صلىاللهعليهوآله : فقيه واحد أشدّ على إبليس من ألف عابد .
٤٩ ـ وقال صلىاللهعليهوآله : من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين .
٥٠ ـ وقال صلىاللهعليهوآله : من لم يصبر على ذلّ التعلّم ساعةً بقي في ذلّ الجهل أبداً .
٥١ ـ وقال صلىاللهعليهوآله : طالب العلم لا يموت أو يتمتّع جدّه بقدر كدّه .
بيان : « أو » هنا بمعنى « إلى أن » أو « إلّا أن » . والجدّ بالكسر : الاجتهاد في الأمر وإسناد التمتّع إلى الجدّ مجازيّ .
٥٢ ـ غو : قال النبي صلىاللهعليهوآله : العلم مخزون عند أهله ، وقد اُمرتم بطلبه منهم .
٥٣ ـ وقال الصادق عليه السلام : لو علم الناس ما في العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللّجج .
بيان : المهجة : الدم أو دم القلب ، والروح . واللّجّة : معظم الماء .
٥٤ ـ غو : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ومسلمة .
٥٥ ـ وقال صلىاللهعليهوآله : اُطلبوا العلم ولو بالصين .
٥٦ ـ وقال صلىاللهعليهوآله : ما على من لا يعلم من حرج أن يسأل عمّا لا يعلم .
٥٧ ـ غو : قال النبيُّ صلىاللهعليهوآله : من خرج من بيته ليلتمس باباً من العلم لينتفع به ويعلّمه غيره كتب الله له بكلّ خطوة (١) عبادة ألف سنة صيامها وقيامها ، وحفّته الملائكة بأجنحتها ، وصلّى عليه طيور السماء ، وحيتان البحر ، ودوابّ البرّ ، وأنزله الله منزلة سبعين صدّيقاً ، وكان خيراً له من أن كانت الدنيا كلّها له فجعلها في الآخرة .
٥٨ ـ جا : ابن قولويه ، عن محمّد الحميريّ ، عن أبيه ، عن هارون (٢) ، عن
________________________
(١) بضم الخاء وسكون الطاء : ما بين القدمين عند المشي .
(٢) هو هارون بن مسلم ، قال النجاشي في فهرسه ص ٣٠٧ هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب السر من رآئى كان نزلها ، وأصله الانبار يكنى أبا القاسم ، ثقة وجه ، وكان له مذهب في الجبر و التشبيه ، لقى أبا محمد وأبا الحسن عليهما السلام ، له كتاب التوحيد ، وكتاب الفضائل ، وكتاب الخطب وكتاب المغازي ، وكتاب الدعاء ، وله مسائل لأبي الحسن الثالث عليه السلام .
ابن زياد (١) قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهماالسلام وقد سئل عن قوله تعالى : فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ . فقال : إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : أكنت عالماً ؟ فإن قال : نعم قال له : أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال : كنت جاهلاً قال له : أفلا تعلّمت حتّى تعمل ؟ فيخصمه وذلك الحجّة البالغة .
٥٩ ـ م : قال الإمام عليهالسلام : دخل جابر بن عبد الله الأنصاريّ على أمير المؤمنين عليهالسلام فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : يا جابر قوام هذه الدنيا بأربعة : عالم يستعمل علمه ، وجاهل لايستنكف أن يتعلّم ، وغنيٌّ جواد بمعروفه ، وفقير لا يبيع آخرته بدنيا غيره ؛ ثمّ قال أمير المؤمنين عليهالسلام : فإذا كتم العالم العلم أهله وزها الجاهل في تعلّم ما لا بدّ منه ، وبخل الغنيّ بمعروفه ، وباع الفقير دينه بدنيا غيره حلّ البلاءُ وعظم العقاب .
٦٠ ـ جع : عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أباذرّ من خرج من بيته يلتمس باباً من العلم كتب الله عزّ وجلّ له بكلّ قدم ثواب نبيّ من الأنبياء ، وأعطاه الله بكلّ حرف يسمع أو يكتب مدينةً في الجنّة ، وطالب العلم أحبّه الله وأحبّه الملائكة وأحبّه النبيّون ، ولا يحبُّ العلم إلّا السعيد ، فطوبى لطالب العلم يوم القيامة ، ومن خرج من بيته يلتمس باباً من العلم كتب الله له بكلّ قدم ثواب شهيد من شهداء بدر ، و طالب العلم حبيب الله ، ومن أحبّ العلم وجبت له الجنّة ، ويصبح ويمسي في رضا الله ، ولا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر ، ويأكل من ثمرة الجنّة ، ويكون في الجنّة رفيق خضر عليهالسلام ، وهذا كلّه تحت هذه الآية : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ و الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ .
بيان : المراد بثواب النبي إمّا ثواب عمل من أعماله أو ثوابه الاستحقاقيّ ، فإنّه قليل بالنظر إلى ما يتفضّل الله تعالى عليه من الثواب ، وكذا الشهيد .
________________________
(١) هو مسعدة ، عنونه النجاشي في كتابه ص ٢٩٥ فقال : مسعدة بن زياد الربعي ثقة ، عين ، روى عن أبيعبد الله عليه السلام ، له كتاب في الحلال والحرام مبوب ، أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الزراري ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد بكتابه
٦١ ـ ضه : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : قوام الدين بأربعة : بعالم ناطق مستعمل له ، وبغنيّ لا يبخل بفضله على أهل دين الله ، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه ، وبجاهل لا يتكبّر عن طلب العلم ، فإذا اكتتم العالم علمه ، وبخل الغنيُّ ، وباع الفقير آخرته بدنياه ، واستكبر الجاهل عن طلب العلم ، رجعت الدنيا على تراثها قهقرى ولا تغرّنّكم كثرة المساجد ، وأجساد قوم مختلفة . قيل : يا أمير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان ؟ فقال : خالطوهم بالبرّانيّة يعني في الظاهر ، وخالفوهم في الباطن ، للمرء ما اكتسب ، وهو مع من أحبّ ، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله تعالى .
بيان : رجعت الدنيا على تراثها . كذا فيما عندنا من النسخ ولعلّ المراد رجعت مع ما أورثه الناس من الأموال والنعم ، أي يسلب عن الناس نعمهم عقوبةً على هذه الخصال ، والأصوب : على ورائها كما سيأتي . (١) وقال في النهاية : في حديث سلمان : من أصلح جوّانيّه أصلح الله برّانيّه . أراد بالبرّاني : العلانية ، والألف والنون من زيادات النسب ، كما قالوا في صنعاء صنعانيّ ، وأصله من قولهم : خرج فلان برّاً أي خرج إلى البرّ والصحراء . قوله عليهالسلام : للمرء ما اكتسب بيان لأنّه لايضرّكم الكون معهم ، فإنّ لكم أعمالكم ، وأنتم تحشرون في الآخرة مع الأئمّة الّذين تحبّونهم .
٦٢ ـ ضه : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله ، إنّ طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ، وكم من مؤمن يخرج من منزله في طلب العلم فلا يرجع إلّا مغفوراً .
٦٣ ـ وقال عليهالسلام : لا علم كالتفكّر ولا شرف كالعلم .
بيان : المراد بالشخوص الخروج من البلد ، أو الأعمّ منه ومن الخروج من البيت . وقوله عليهالسلام : لاعلم : كالتفكّر أي كالعلم الحاصل بالتفكّر ، أو المراد بالعلم ما يوجبه مجازاً .
________________________
(١) الظاهر أن المراد من رجوع الدنيا إلى تراثها رجوعها إلى الجاهليّة الاولى التي تركتها أهل الجاهلية وقد نسخها الاسلام وبث العلم النافع في الدنيا ، ومع ترك العلم وافساد التربية الدينية يرجع الناس الى تراثهم الاولى وهو الجهل والعمى والفساد . ط
٦٤ ـ ضه : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : يا مؤمن إنّ هذا العلم والأدب ثمن نفسك فاجتهد في تعلّمهما ، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك ، فإنّ بالعلم تهتدي إلى ربّك ، وبالأدب تحسن خدمة ربّك ، وبأدب الخدمة يستوجب العبد ولايته وقربه ، فاقبل النصيحة كي تنجو من العذاب .
٦٥ ـ ضه : قال النبي صلىاللهعليهوآله : اطلبوا العلم ولو بالصين ، فإنَّ طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم .
٦٦ ـ وقال صلّى الله عليه وآله : من تعلّم مسألةً واحدةً قلّده الله يوم القيامة ألف قلائد من النور ، وغفر له ألف ذنب ، وبنى له مدينةً من ذهب ، وكتب له بكلّ شعرة على جسده حجّةً .
٦٧ ـ ضه : قال النبي صلىاللهعليهوآله : من تعلّم باباً من العلم عمل به أو لم يعمل كان أفضل من أن يصلّي ألف ركعة تطوّعاً .
٦٨ ـ ما : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنَّ العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله عزّ وجلَّ من فوق العرش : مرحباً بك (١) يا عبدي أتدري أي منزلة تطلب ؟ وأي درجة تروم ؟ (٢) تضاهي (٣) ملائكتي المقرَّبين لتكون لهم قريناً لاُبلّغنّك مرادك ولاُوصلنَّك بحاجتك . فقيل لعليّ بن الحسين عليهالسلام : ما معنى مضاهاة ملائكة الله عزّ وجلّ المقرّبين ليكون لهم قريناً ؟ قال : أما سمعت قول الله عزَّ وجلَّ : شهد الله أنّه لا إله إلّا هو والملائكة واُولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم فبدأ بنفسه ، وثنّى بملائكته ، وثلّث باُولي العلم الّذين هم قرناء ملائكته ، وسيِّدهم محمّد صلىاللهعليهوآله وثانيهم عليٌّ عليهالسلام وثالثهم أهله ، وأحقّهم بمرتبته بعده ، قال عليُّ بن الحسين عليهالسلام : ثمّ أنتم معاشر الشيعة العلماء بعلمنا تأولون (٤) مقرونون بنا وبملائكة الله المقرّبين
________________________
(١) أي صادفت سعة ورحباً .
(٢) أي تريد .
(٣) أي تشابه وتشاكل .
(٤) كذا في النسخة ويحتمل ان تكون مصحّف نازلون .